فصيح
10-16-2021, 02:08 PM
https://beirut-today.com/wp-content/uploads/2019/11/67c9de246ed046b084fae23d1f8c911b_18.jpg
16/10/2021
كلوي كورنيش (فايننشيل تايمز) *
كان رجل الأعمال الذي يدعى جمال، يائسًا للغاية من أجل استرجاع أمواله المودعة في حساب مصرفي في لبنان لدرجة أنه وافق على صفقة لا معنى لها في أي مكان آخر في العالم.
فقد باع شيكًا بنصف قيمته الاسمية. يقول جمال الذي رفض الإفصاح عن كامل اسمه: «صحيح أن أحدهم أخذ 50 في المائة من أموالي، لكنني كنت سعيدًا جدًا بإخراجها من البنك. كان بيع الشيك جزءًا من ترتيب لشراء عقار في دبي. ويرى جمال أنها صفقة جيدة».
فقد دفع الشلل السياسي في لبنان نحو انهيار اقتصادي كامل -يوم السبت قالت الشركة المزودة للكهرباء التابعة للدولة إن الوقود نفد من محطتي الكهرباء الرئيسيتين، مما تسبب في انقطاع الكهرباء مؤقتًا في جميع أنحاء البلاد.
وكانت البنوك اللبنانية فرضت منذ عامين، قيوداً صارمة على عمليات السحب والتحويلات الأجنبية، مما أدى إلى ازدهار السوق السوداء للشيكات لمليارات الدولارات العالقة داخل النظام المصرفي اللبناني والتي يطلق عليها «الدولارات المحلية» أو «اللولارات».
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد، هبطت أسعار الشيكات المحجوزة أصولها (اللولارات) إلى 15 في المائة من قيمتها الاسمية، مما يعكس انهيار الثقة في بنوك الدولة. ويقوم رجال الأعمال في الغالب بشراء الشيكات وإيداعها في البنوك لسداد القروض. يقول سامي عطا الله، المدير المؤسس لمعهد أبحاث «المبادرة السياسة» في بيروت، أن «المودعين الأكثر اطلاعا يعتقدون أن المال ذهب من النظام المصرفي. فهم «لا يثقون في النظام المصرفي أو أن الحكومة ستعوضهم أو أنها ستعيد لهم أموالهم».
أصول مكشوفة
تؤكد هذه السوق السوداء غير العادية على التحدي الذي يواجه الحكومة الجديدة بقيادة رئيس الوزراء الملياردير نجيب ميقاتي. ومع دخولها في محادثات مع صندوق النقد الدولي، يجب عليها معرفة كيفية إنقاذ قطاع مصرفي خدم المنطقة ذات يوم كمركز مالي وإنقاذ ما تبقى من مدخرات المواطنين.
تنبع المشكلة جزئيًا، من التشابك العميق للمقرضين اللبنانيين مع كل من البنك المركزي والدولة -حوالي 70 في المائة من الأصول المصرفية كانت مكشوفة لصناديق سيادة مثقلة بالديون، وفقًا للبنك الدولي، بما في ذلك جزء كبير من سندات الحكومة الأوروبية المتعثرة. قدرت الحكومة السابقة في عام 2020 أن مصرف لبنان وحده تكبد خسائر بقيمة 50 مليار دولار.
وقالت ديانا منعم، العضو المنتدب لمجموعة الضغط المطالبة بالإصلاح «كلنا إرادة»، إن الحكومة والبنوك والبنك المركزي بحاجة للبدء بالاتفاق على حجم الخسائر وتحديد كيفية إعادة هيكلة النظام المصرفي لاستعادة قدرة البنوك على السداد.
وأضافت إن «هذه ليست سوى الخطوة الأولى المتمثلة في وقف النزيف وتنظيف النظام. أما الخطوة الثانية فهي إعادة إطلاق الاقتصاد مرة أخرى».
الخبير الاقتصادي أندي خليل، يرى أن «السلطات بحاجة إلى حل شامل لمسألة اللولار. لا يمكنك الحصول على عملة تسميها الدولار الأميركي، تم تسعيرها بالفعل من قبل السوق كشيء أقل بكثير من الدولار».
أكثر من 80 في المائة من الأموال المودعة في حسابات مصرفية لبنانية مقومة بالدولار. لكن الدولارات التي كانت محتجزة قبل الأزمة لا يمكن سحبها إلا نقدًا بالليرة اللبنانية، وبسعر رسمي يبلغ 3900 ليرة للدولار الواحد -وهو جزء بسيط من السعر الحقيقي، مما يعني أن المودعين يخسرون ما يقرب من 80 في المائة من أموالهم في كل مرة يسحبون النقود. وتحظر جميع التحويلات الخارجية تقريبًا.
حتى عمليات السحب بالليرة اللبنانية محددة بسقف، كما يتم شراء وبيع الشيكات بالعملة المحلية بسعر مخفض.
قفز بلا مظلة
يجادل الممولون الحاليون والسابقون بأن معظم المودعين لا يملكون رفاهية انتظار حل الأزمة. قال مصرفي كبير سابق: «الأمر أشبه بالقول لشخص ما يمكنك القفز من الطائرة بدون مظلة».
تساعد تجارة الشيكات في تفسير سبب تقلص الودائع والقروض في النظام المصرفي -فقد انخفضت ودائع العملاء المقيمين وغير المقيمين في القطاع المصرفي، بالدولار والجنيه الاسترليني، من 170 مليار دولار في بداية عام 2019 إلى 131 مليار دولار في شهر يوليو الماضي، كما تظهر الإحصاءات المصرفية. وفي الوقت نفسه، انخفضت قروض المقيمين وغير المقيمين إلى النصف في نفس الفترة -من 59 مليار دولار إلى 31 مليار دولار.
يقول شخص مطلع على السوق إن الصفقات ذات القيمة التي تصل من مئات الآلاف إلى ملايين الدولارات، يتم التوسط فيها بين رجال الأعمال المرتبطين جيدًا.
وقالت منعم إن تجارة الشيكات في نهاية المطاف هي أحد أعراض فشل الدولة في إدارة الأزمة من خلال سن قانون مراقبة رأس المال وتوحيد أسعار الصرف.
ولكن «التقاعس الدولي المتعمد في التعاطي مع الحكومة والبرلمان تسبب في أكبر الخسائر للمودعين الصغار».
ويبدو أن المودعين من أمثال جمال، الذين باعوا شيكاتهم في وقت مبكر، كانوا أقل الخاسرين، حتى الآن. وقال أحد المتداولين في سوق شيكات المصرفيين: «نصحت أخي في بداية الأزمة أن عليه أن يقبل بخسارة جزئية، أفضل من خسارة كل شيء، لكنه لم يستمع لي».
https://alqabas.com/article/5865981 :إقرأ المزيد
16/10/2021
كلوي كورنيش (فايننشيل تايمز) *
كان رجل الأعمال الذي يدعى جمال، يائسًا للغاية من أجل استرجاع أمواله المودعة في حساب مصرفي في لبنان لدرجة أنه وافق على صفقة لا معنى لها في أي مكان آخر في العالم.
فقد باع شيكًا بنصف قيمته الاسمية. يقول جمال الذي رفض الإفصاح عن كامل اسمه: «صحيح أن أحدهم أخذ 50 في المائة من أموالي، لكنني كنت سعيدًا جدًا بإخراجها من البنك. كان بيع الشيك جزءًا من ترتيب لشراء عقار في دبي. ويرى جمال أنها صفقة جيدة».
فقد دفع الشلل السياسي في لبنان نحو انهيار اقتصادي كامل -يوم السبت قالت الشركة المزودة للكهرباء التابعة للدولة إن الوقود نفد من محطتي الكهرباء الرئيسيتين، مما تسبب في انقطاع الكهرباء مؤقتًا في جميع أنحاء البلاد.
وكانت البنوك اللبنانية فرضت منذ عامين، قيوداً صارمة على عمليات السحب والتحويلات الأجنبية، مما أدى إلى ازدهار السوق السوداء للشيكات لمليارات الدولارات العالقة داخل النظام المصرفي اللبناني والتي يطلق عليها «الدولارات المحلية» أو «اللولارات».
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد، هبطت أسعار الشيكات المحجوزة أصولها (اللولارات) إلى 15 في المائة من قيمتها الاسمية، مما يعكس انهيار الثقة في بنوك الدولة. ويقوم رجال الأعمال في الغالب بشراء الشيكات وإيداعها في البنوك لسداد القروض. يقول سامي عطا الله، المدير المؤسس لمعهد أبحاث «المبادرة السياسة» في بيروت، أن «المودعين الأكثر اطلاعا يعتقدون أن المال ذهب من النظام المصرفي. فهم «لا يثقون في النظام المصرفي أو أن الحكومة ستعوضهم أو أنها ستعيد لهم أموالهم».
أصول مكشوفة
تؤكد هذه السوق السوداء غير العادية على التحدي الذي يواجه الحكومة الجديدة بقيادة رئيس الوزراء الملياردير نجيب ميقاتي. ومع دخولها في محادثات مع صندوق النقد الدولي، يجب عليها معرفة كيفية إنقاذ قطاع مصرفي خدم المنطقة ذات يوم كمركز مالي وإنقاذ ما تبقى من مدخرات المواطنين.
تنبع المشكلة جزئيًا، من التشابك العميق للمقرضين اللبنانيين مع كل من البنك المركزي والدولة -حوالي 70 في المائة من الأصول المصرفية كانت مكشوفة لصناديق سيادة مثقلة بالديون، وفقًا للبنك الدولي، بما في ذلك جزء كبير من سندات الحكومة الأوروبية المتعثرة. قدرت الحكومة السابقة في عام 2020 أن مصرف لبنان وحده تكبد خسائر بقيمة 50 مليار دولار.
وقالت ديانا منعم، العضو المنتدب لمجموعة الضغط المطالبة بالإصلاح «كلنا إرادة»، إن الحكومة والبنوك والبنك المركزي بحاجة للبدء بالاتفاق على حجم الخسائر وتحديد كيفية إعادة هيكلة النظام المصرفي لاستعادة قدرة البنوك على السداد.
وأضافت إن «هذه ليست سوى الخطوة الأولى المتمثلة في وقف النزيف وتنظيف النظام. أما الخطوة الثانية فهي إعادة إطلاق الاقتصاد مرة أخرى».
الخبير الاقتصادي أندي خليل، يرى أن «السلطات بحاجة إلى حل شامل لمسألة اللولار. لا يمكنك الحصول على عملة تسميها الدولار الأميركي، تم تسعيرها بالفعل من قبل السوق كشيء أقل بكثير من الدولار».
أكثر من 80 في المائة من الأموال المودعة في حسابات مصرفية لبنانية مقومة بالدولار. لكن الدولارات التي كانت محتجزة قبل الأزمة لا يمكن سحبها إلا نقدًا بالليرة اللبنانية، وبسعر رسمي يبلغ 3900 ليرة للدولار الواحد -وهو جزء بسيط من السعر الحقيقي، مما يعني أن المودعين يخسرون ما يقرب من 80 في المائة من أموالهم في كل مرة يسحبون النقود. وتحظر جميع التحويلات الخارجية تقريبًا.
حتى عمليات السحب بالليرة اللبنانية محددة بسقف، كما يتم شراء وبيع الشيكات بالعملة المحلية بسعر مخفض.
قفز بلا مظلة
يجادل الممولون الحاليون والسابقون بأن معظم المودعين لا يملكون رفاهية انتظار حل الأزمة. قال مصرفي كبير سابق: «الأمر أشبه بالقول لشخص ما يمكنك القفز من الطائرة بدون مظلة».
تساعد تجارة الشيكات في تفسير سبب تقلص الودائع والقروض في النظام المصرفي -فقد انخفضت ودائع العملاء المقيمين وغير المقيمين في القطاع المصرفي، بالدولار والجنيه الاسترليني، من 170 مليار دولار في بداية عام 2019 إلى 131 مليار دولار في شهر يوليو الماضي، كما تظهر الإحصاءات المصرفية. وفي الوقت نفسه، انخفضت قروض المقيمين وغير المقيمين إلى النصف في نفس الفترة -من 59 مليار دولار إلى 31 مليار دولار.
يقول شخص مطلع على السوق إن الصفقات ذات القيمة التي تصل من مئات الآلاف إلى ملايين الدولارات، يتم التوسط فيها بين رجال الأعمال المرتبطين جيدًا.
وقالت منعم إن تجارة الشيكات في نهاية المطاف هي أحد أعراض فشل الدولة في إدارة الأزمة من خلال سن قانون مراقبة رأس المال وتوحيد أسعار الصرف.
ولكن «التقاعس الدولي المتعمد في التعاطي مع الحكومة والبرلمان تسبب في أكبر الخسائر للمودعين الصغار».
ويبدو أن المودعين من أمثال جمال، الذين باعوا شيكاتهم في وقت مبكر، كانوا أقل الخاسرين، حتى الآن. وقال أحد المتداولين في سوق شيكات المصرفيين: «نصحت أخي في بداية الأزمة أن عليه أن يقبل بخسارة جزئية، أفضل من خسارة كل شيء، لكنه لم يستمع لي».
https://alqabas.com/article/5865981 :إقرأ المزيد