المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إفلاس طائفة ... تلك هي مأساة السنة العراقيون



فاطمي
08-20-2005, 01:44 AM
كامل السعدون - أوسلو



من يظن أن السنة العرب العراقيون رغم جعجعة البعض منهم ، من يظنهم معافون أقوياء قادرون على اللعب السياسي المتقن الحسن الإداء ، فهو واهمٌ غاية الوهم ، فقد خرجوا من عباءة صدام حسين وهم لا يملكون شيئا على الإطلاق .

* مجرد فشلهم في تقبل التغيير والتعامل معه بذكاء ، يدل على إفلاسهم المؤسف الذي أضر بالعراق كله قبل أن يضر بهم .

* مجرد إعتمادهم على الزرقاوي والمقاتلين الإرهابيين العرب وبعثيو الأردن وسوريا ولبنان ، وفشلهم في أن يرفعوا إسم رجل واحد حقيقي جميل مقنع معارض لنهج التغيير أو يملك رؤية ما للعراق القادم ، دليل على إفلاسهم المؤسف الموجع للعراق كله .
* فشلهم المؤسف في طرح أجندة متوازنة عقلانية منسجمة وموحدة ، سواء مع التغيير أو ضده ، دليل على إفلاسهم السياسي الكبير والذي أدى إلى فجوة في الإداء السياسي العراقي عامة ، وفي التعامل مع الأمريكان والأطراف الأخرى .

لقد خرج السنة من تحت اللحاف الصدامي وهم الأكثر إفلاسا من كل فئات العراق الأخرى .
الكرد خرجوا بقيادات متوازنة مسموعة الصوت لها تاريخ ولها رصيد جماهيري .
التركمان خرجوا من الإرث الصدامي بقيادات وأسماء وقامات مرتفعة .

الشيعة ... الكلدان ... الآشوريين ... الأيزديين ... الصابئة ... الفيليين ... الأرمن ... الجميع خرجوا من تحت المطرقة الصدامية وهم يملكون رموزا وعناوين وأسماء ومنظمات وهامات عالية واثقة ... إلا السنة ... وتلك مصيبتهم وهذا مصدر تعنتهم وإحباطهم .

العجز الداخلي ( العنة السياسية ) التي يخجلون أن يعلنون عنها ، فتجدهم يماطلون ويغامرون بحاضرهم ومستقبلهم ومستقبل العراق كله ، في صراع مأجور لمرتزقة متوحشين مفلسين لا يملكون إلا أجسادهم يفجرونها في طرقات بلدنا وأسواقه بعبثية غريبة غير معقولة ولا مبررة .
ليتكم يا سادة كنتم بمنزلة الثوار النيكاراغويين أو السودانيين الزنج أو حتى ثوار التاميل السيرلانكيين الذين يقاتلون ويفاوضون منذ قرابة العشرون عاما وهم يعرفون ما يريدون ولديهم أجندة واضحة شجاعة ، وما سمعنا عنهم أنهم أستعانوا بهندي أو أجنبي ليقاتل نيابة عنهم وينتحر نيابة عن بناتهم اللواتي ينتحرن في معسكرات جيش العاصمة كولومبو .

لو إنكم فعلتموها في معسكرات الأمريكان ، وبأجساد أبنائكم ، لا المرتزقة السعوديون والسوريون واليمنيون ، لأمكن أن يتفهم العراقيون الآخرون قضيتكم ويحترمونكم وربما يقفون معكم ، أما أن تلجأوا إلى الحثالات الأجيرة فهذا هو الطيش والإفلاس بعينه .

غريب أمر هذه الأمة ... غريب أمر هؤلاء القوم ... !
كنا نتوهمهم سعداء مترفون مشبعون في ظل صدام حسين ، ولكن هذا الإفلاس الكبير ، هذا العجز الرهيب عن بسط اليد إلى الآخر ، يدل على أنهم ليسوا أسعد حالا من ضحاياهم ... !
لقد خرجوا من عباءة صدام وهم الأكثر إفلاسا منّا جميعا ... !

لا أظن أن هناك أحدا سعيد بهذا الحال أبدا ، لا الشيعة ولا الكرد ولا أقوام العراقية الأخرى ، لأن غياب أي وجه من الوجوه العراقية ، يؤثر بالكامل على كامل النسيج العراقي ، ويدفع بالنتيجة إلى سيادة لون واحد أو تهتك النسيج كله .
في عام 1916 وإبان الرحيل العثماني الكبير عقب هزيمتهم ، أطل الوجه السني بقيادات جميلة قوية مؤثرة تقبلت التحرير الإنجليزي للعراق وتحولت رموزها من تحت العباءة التركية إلى العباءة الوطنية العراقية تحت زعامة فيصل الأول .
عبد الرحمن النقيب وطالب النقيب وعبد المحسن السعدون ونوري السعيد وبكر صدقي وطه الهاشمي وجودت الأيوبي و...و...و... الخ .

لم يخرج السنة عُراة من تحت العباءة التركية ، بل خرجوا مثقلين بالفكر والرؤية السياسية والفهم والذكاء ، وتقبلوا اللعبة الديموقراطية وأتقنوها إلى حد كبير ، ولكنهم وللأسف عادوا بعد ربع قرن آخر ، ليتنكروا للشقيق العراقي المغاير لنهجهم ، فقمعوا الشيعة والكرد والأرمن والآشوريين ، وفعلوا ذات ما يفعلون الآن باللجوء إلى الخارج العروبي بديلا عن الداخل العراقي المتنوع ، وكانت تلك مأساتهم ومأساتنا جميعا التي إنتهت بصعود صدام حسين إلى العرش ليدمر العراق كله ويفتح الباب على تحرير يأتي بيد الغريب البعيد لا بأيدينا ... !

مأساة الأخوة أهل الوسط السني ، هو هذا الوهم الديني القومي المتطرف الذي لا يتسع للآخر ، شريك البيت والوطن والفضاء العراقي الجميل .
مأساتهم ، ومأساتنا جميعا كعراقيين ، هو في أنهم عاجزون عن الإبداع .
عن إبداع رؤية جديدة واقعية عقلانية رحبة ، تعيد لهم الشعور بالأمان الذي أفتقدوه حتى وهم في قمة السلطة وحتى وهم تحت مظلة الآخر المدجج بالسلاح .

الآخر العثماني أو البريطاني أو الصدامي أو الأمريكي في يومنا هذا .
مأساتهم أنهم خائفون من شبح الآخر ، أي كان هذا الآخر ، شيعي أو كردي أو يهودي أو مسيحي .
السنة ليسوا مفلسون حسب بل ومرعوبون ، والسبب هو شعورهم بأنهم الأفضل والأكثر عروبية والأكثر تقوى وبذات الآن الأقل عددا وسط التنوع العراقي الجميل .

ولهذا يهربون إلى الخارج ، فيتباسطون مع السوداني والمصري واليمني والسعودي بل والبنغلادشي ، إلا العراقي الآخر .... !
نعمة العلمانية أننا لا نعاني من هذا الذي يعانونه ( حسرتي عليهم ) ... !
نحن قادرين على أن نحب الآخر كيفما كان ، بل ونحب قناعاته ونتفهمها ، لكنهم.... اولئك الذين عزلوا أنفسهم في جحر الدين والرؤية الواحدة الوحيدة للدين ، لا يستطيعون .
ولن يستطيعوا ... !


يقول الأستاذ الجميل المناضل جرجيس فتح الله في كتابه ( آراء محضورة ) :

في مؤتمر بيروت ، كنا نتطلع إلى الأبواب باحثين عن البطل السني المنقذ الذي يمكن أن يرفع لواء تلك الطائفة التي أفتقدنا حضورها في المعارضة منذ عشرات السنين ... كانت خيبة كبيرة للغاية ... !
هذا صوت مناضل كردي عراقي نبيل ، كان يتمنى أن يكون هناك حضورا سنيا يمكن أن يؤكد للعالم أن العراقيين كلهم مجمعين على الخلاص من الفاشية .
واليوم ... اليوم أيضا لا زلنا نعاني من غياب هذا البطل السني الشريف الذي يمكن أن يكون له جمهوره وسط تلك الأقلية التي لا نشك في أن حضورها في العراق الجديد هو ضرورة لحماية وحدة هذا البلد .
ونتطلع ولا نرى ... ولا أظن أننا سنرى في القريب ... !
المأساة ليست في غياب أفراد ، إنما أفراد يمكن أن يكونوا مؤثرين في تلك الطائفة التي ضمت يدها منذ ثمانين عاما عن أن تمتد لتصافح الآخر .


أنا واثق أن عراقا قويا موحدا سيلد من تحت رماد هذا الذي نراه الآن ، بغثه وسمينه .
قدر العراق أن يكون موحدا ، وقدره أن يبقى كما تركه لنا الأجداد العظام قبل خمسة آلاف عام .
الإرهاب سينقشع بلا شك ، وشمس الديموقراطية ستسطع على هذا البلد كما سطعت على تركيا وإسرائيل وأوربا الشرقية ، وتلك الأحتقانات التي أرتفعت ألويتها عقب التحرير ستزول وسيعود الناس إلى ضمائرهم وعقولهم وقلوبهم ، وستنتصر الهوية الوطنية العراقية ، بمجرد أن ينهض العمران المادي في البلد .
حتى إخواننا الكرد ، أنا لا أخشى على العراق من فيدراليتهم ، فهم عائدون إلى العراق بشكل أقوى ولو بعد حين ، فعملية تكوين دويلات ، ليست بالعملية السهلة الممتعة .

15 من آب 2005

الدكتور شحرور
08-20-2005, 12:36 PM
مأساة الاخوة السنة تتلخص بانهيار النظام البعثي الذي يرتكزون عليه فى تحصيل مكتسباتهم وامتيازاتهم ، وهي اشياء يعتقدون انهم فقدوها بعد انهيار النظام البعثي.

حبذا لو صبروا قليلا حتى تتشكل مؤسسات الدولة العراقية الجديدة حتى ينالهم من الخير ما ينال غيرهم .