المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة «بياح... كاكه حسن»



هاشم
08-18-2005, 12:05 PM
فرح الهاجري


كان من المعتاد لرؤساء الحكومة ووزرائها في العهد الملكي القيام بجولات تفقدية في مناطق العراق للاستماع لشكاوى الناس وكان رئيس الوزراء آنذاك ياسين الهاشمي يقوم برحلة تفتيشية الى شمال العراق يتفقد مدن كردستان وقراها، ثم انحدر عائدا بسيارته الى بغداد بلواء ديالى وخطر له عندئذ ان يمر في احد مراكز المتصرفية ويقوم بزيارة مدير الناحية كاكه حسن كما كان يعرف بين موظفي الادارة، ولم يكن في ذلك الزمن ان ينتقل المسؤول وامامه وخلفه وحوله ثلة من الحرس على الدراجات النارية والسيارات المسلحة

كما لم يكن من المعتاد ان تجرى مكالمات وبرقيات من مدينة الى مدينة تخبر المسؤولين بخروجهم ومرورهم او حتى وصولهم اذ كانوا يتنقلون كأي مواطن عادي، لا سيما وان سياراتهم متواضعة جدا، المهم وصل الهاشمي الى لواء ديالى، ولم يكن السائق يعرف مكانها فتوقف لدى اول نقطة شرطة تصادف وجودها في طريقه وسأل رجالها عن مكان كاكه حسن ويظهر ان الشرطي الذي سأله السائق قد قضى ساعات دون شيء يفعله في هذه المدينة النائمة، وكانت هذه فرصته للقيام بشيء ما، ولم يشأ ان يتنازل، ويكلم السائق فتوجه نحو ياسين الهاشمي واومأ له لينزل زجاج الشباك وبعد ان فعل الهاشمي قال له الشرطي:

«تريد تزور مدير الناحية، شوف عيني الزيارات الخاصة ممنوعة,,, عندك شغل رسمي؟» فأجابه: «نعم»! فرد الشرطي «تريد سلفة اغاتي لو قاطعين الماي عنك» فهز الهاشمي رأسه بالإيجاب فرد الشرطي حانقا «يوم انك حافي مثل حالي وما عندك شربة بطنك ماي لويش راكب السيارة، مسوي روحك افندي وسايقك شبيه اعمى ما يشوف علم الحكومة فوق البناية اللي قبالك تقول لك هايتني؟

توجهت سيارة الهاشمي الى مكان علم الحكومة، ونزل يتفقد كاكه حسن وكان في هذا اليوم كاكه حسن مهموما بعيد كتابة ابيات شعر للمطربة العراقية وحيدة خليل، وهي تئن وتتوجع على مصيرها وتقول: «بيدك لاحظت صورة غريبة ـ وسمعتك قلت هي الحبيبة ـ باي نار حرقت يا ولفي تصويري» اضطر الهاشمي ان يتنحنح ولكنه لم يتلق من كاكه حسن غير رد فاتر خامد «وعليكم السلام» واستمر في دندنة «اي وله بأي نار حرقت يا ولفي تصويري» مرت لحظات اخرى لم يخطر له ان يسأل المراجع دون ان ينظر اليه «منو انت» فرد:

«انا ياسين الهاشمي» ثم رد كاكه حسن: «شتريد؟» فرد ياسين الهاشمي مكررا اسمه ثم فطن كاكه حسن الى الاسم ورفع عينيه وادرك انه اما رئيس الحكومة العراقية والقى القلم من يده ونفض اوراق وحيدة خليل وصرخ صرخة كردية «بياح,,, بياح» واخذ يلف حول المكتب ويصرخ «بياح، بياح» ولما لم يجد ما يفعله رقص لرئيس الوزراء اسفا دبكة كردية وانضم اليه باقي الموظفين في هوسة كردية (بياح,,, نداء استغاثة كردي بمعنى رديف للعراقي يما سودا عليه).