فصيح
09-01-2021, 11:33 PM
https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/section/1620656896669_hhbQf_large.jpeg
1988| صدام: الكويت شقيقة ومتميزة.. ونقدر صلابتها وتميزها
حوارات محمد الصقر
٣١ أغسطس ٢٠٢١
نشرت القبس، في عدد 24 فبراير 1988، حوار رئيس تحرير القبس محمد جاسم الصقر مع صدام حسين حول المواقف والأحداث والظروف التي تمر بالمنطقة معلنا أنه يسابق الزمن لاختصار ألف سنة من التخلف، وبهذه الوتيرة السريعة يعمل العراقيون، من مدنيين وعسكريين، قادة ومسؤولين أو موظفين عاديين. كما أكد صدام أن الكويت «شقيقة من القلة المتميزة» وإنه يقدر صلابتها وتميزها. كما وضع الانتفاضة الفلسطينية في الإطار التاريخي للرفض العربي المستمر والمتواصل، سلماً أو حرباً، للاحتلال. وأكد أن الانتفاضة هزت المحتلين من الداخل، كما هزت داخل المجتمعات الغربية، لكنه نبه من خطر الاستعجال في قطف ثمار الانتفاضة، لأن ذلك قد يضر بالنضال الفلسطيني.
وفيما يلي نص الحوار:
كتب محمد جاسم الصقر:
لثالث مرة أقابل الرئيس صدام حسين، لكنني في هذه المرة اكتشفت عنده تحليلاً أكثر تجريداً وعمقاً للمواقف والأحداث والظروف، يضعها في حركة تاريخية واحدة السياق موظفة لمصلحة الأهداف العليا، ليس للعراق وحسب، بل للأمة العربية جمعاء.
وانطلاقاً من هذا التجريد للأمور، سرى الهدوء والاطمئنان والثقة بالنفس وبالشعب وبالنصر وبالتقدم من الرئيس صدام إلى محدثيه خلال اللقاء مع رؤساء التحرير الذي استغرق حوالي 140 دقيقة يوم السبت الماضي.
فالعراق اليوم، كما قال الرئيس صدام، يسابق الزمن لاختصار ألف سنة من التخلف، وبهذه الوتيرة السريعة يعمل العراقيون، من مدنيين وعسكريين، قادة ومسؤولين أو موظفين عاديين.
ولذلك أيضاً، اطمأن العراق إلى وضع جبهته، حيث يقول الرئيس صدام إن الجيش بات أقوى وإن إيران عجزت عن حشد المتطوعين لشن الهجوم الكبير الذي تحدثت عنه كثيراً.
وعلى الصعيد السياسي قال الرئيس صدام إن السوفيت أصدقاء ولا يريدون تغيير القرار 598، لكنهم يبحثون أفكاراً لإحلال بدائل للأساطيل الأجنبية في المنطقة.
وحول الكويت يقول إنها «شقيقة من القلة المتميزة» وإنه يقدر صلابتها وتميزها.
ووضع الانتفاضة الفلسطينية في الإطار التاريخي للرفض العربي المستمر والمتواصل، سلماً أو حرباً، للاحتلال. وأكد أن الانتفاضة هزت المحتلين من الداخل، كما هزت داخل المجتمعات الغربية، لكنه نبه من خطر الاستعجال في قطف ثمار الانتفاضة، لأن ذلك قد يضر بالنضال الفلسطيني.
* * * * * * *
تفاصيل الحوار
* * * * * * *
في حوار الثقة والطمأنينة على مدى 140 دقيقة
صدام حسين: العراق أقوى وإيران غير قادرة على الهجوم
** الشعب الفلسطيني أفقد الصهاينة الثقة بقدرتهم على الاحتفاظ باحتلالهم
** الكويت شقيقة متميزة.. ونقدر صلابتها وتميزها
** هناك من يدعم التعنت الإيراني في رفض القرار 598
** موسكو لا تريد قراراً بديلاً ولديها أفكار حول بدائل للأساطيل الأجنبية
** المطلوب أن يظل اقتصادنا قوياً مثل الإنسان العراقي
** إيران لم تهاجم لأن قواتنا ازدادت.. ولأن طهران عجزت عن جمع العدد المطلوب من المتطوعين
** نعمل على تنشيط ميادين الحياة دون أن ينخفض اهتمامنا بالجبهة
** العراق خطر على إسرائيل إذا توقفت الحرب
** أخطاء في تطبيق النظام الاشتراكي وهناك نشاطات يجب أن تذهب للقطاع الخاص
** الأمة العربية تمتلك عوامل حياة.. وليست مستعدة للتنازل عن شخصيتها
** الاستعجال في قطف ثمار الانتفاضة قد يضر النضال الفلسطيني
** الانتفاضة الفلسطينية هزت المحتلين من الداخل ووصلت الهزة إلى داخل المجتمعات الغربية
https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/section/1620656987760_WTXmQ_large.jpeg
كتب محمد جاسم الصقر:
بغداد مدينة تحارب منذ أكثر من ثماني سنوات، إذاً هي في الخيال مدينة ترتدي الخوذة وتسهر على السلاح.. لكن ما إن تهبط الطائرة في مطارها الرحب، حتى يتبادر إلى الذهن، إما أن الطائرة أخطأت وجهتها، أو أن عاصمة الرشيد لا تخوض إحدى أشرس الحروب في التاريخ المعاصر.
فبغداد، مدينة سلام تنعم بالسلام وبرفاهية السلام تجمع الأقوال على أنها عروس بثوب متجدد، لا تتوقف فيها حركة العمران وحركة الفكر والثقافة، حية في الليل وحية في النهار.
وبغداد، تلك العاصمة المحاربة، حيث يفترض أنها تعيش حياة التقشف تحت شعار تخصيص كل الجهود للمعركة، على عكس ذلك تنعم بالرفاهية، فجميع المواد الغذائية والاستهلاكية متوافرة بغزارة في محالها.
وإن دل ذلك على شيء، فإنما يؤكد على قدرة الإدارة في توجيه دفة الحرب ودفة النمو والتطور في وقت واحد، بحيث لا تثقل كفة عن أخرى.. وهذه هي المعجزة العراقية الحديثة، فمع استمرار الحرب التي تتعامل معها القيادة باقتدار، تنصرف الإدارة إلى اختصار زمن التخلف العربي، كما ورد على لسان الرئيس صدام حسين، للوصول بأسرع وقت ممكن.
وفي اللقاء الذي استمر حوالي 140 دقيقة، بدأ الرئيس صدام مرتاحاً ومتفائلاً وواثقاً من موقف العراق المقتدر، ثقة القائد الذي يعرف تماماً قدراته كما يعرف تماماً قدرات خصمه. وإضافة إلى ذلك فهو يشعر مع مواطنيه بما يريدون فتأتي قراراته متجاوبة مع هذه الرغبات.
وعندما يقول إن الجيش العراقي صار أكثر اقتداراً وعدة وعديداً منه في العام الماضي عندما حقق ملحمة شرق البصرة، فإنه يعني ما يقوله ويترجم الأرقام إلى كلمات.. ولذلك فهو متأكد أن إيران باتت عاجزة عن شن الهجوم الكبير الذي تحدثت عنه كثيراً.
ورغم أن موضوع اللقاء كان في العراق، فإنه لم يبخس الشعب الفلسطيني، وانتفاضته، حقهما، فخصص جزءاً كبيراً من وقت المقابلة للحديث عن الانتفاضة كحالة عربية تترجم الرفض العربي التاريخي للاحتلال.
وعلى الرغم من أن هذه ثالث مرة أقابل فيها الرئيس صدام إلا أنني في كل مرة كنت أحس أنه أكثر تفاؤلاً من المرة السابقة، وأخرج من اللقاء أكثر طمأنينة إلى المصير العربي والمستقبل العربي.
ولا شك أن الإعلام العراقي قد ساهم كثيراً في تكوين مثل هذه الصورة الصادقة عن العراق. فوزير الإعلام لطيف نصيف جاسم يتفهم متطلبات الإعلام الحديث، ويتعامل معه بواقعية وصراحة، بحيث استطاع الإعلام العراقي أن يعكس صورة مشرقة للعراق في الخارج.. وإذا كان مستقبِل الإعلام العراقي في الخارج قد يتوهم أن هناك بعض المبالغة، نظراً لظروف الحرب، إلا أن الزائر لبغداد، كما قلت في البداية، يتأكد بشكل مباشر أن هذا الإعلام يعكس صورة بغداد الحقيقية.
وفي ما يلي نص اللقاء:
- الرئيس صدام: أهلاً وسهلاً.
• إن شاء الله تكون في أتم صحة.
- الرئيس صدام: الحمد لله، فنحن الآن بدأنا، ولا نحسب الذي مضى.
• إن صحتنا من صحتك.
- الرئيس صدام: الله يسلمك ويبارك بكم.. ولقد قلت لإخواني في القيادة، إنه ما دامت الحرب مستمرة فعلينا ألا نمرض ولانتعب ولا نكبر في العمر، لكن بعدما تنتهي الحرب فكل واحد حر في أن يمرض، أو يتعب، أو يكبر، ولقد خفضت وزني لأشجع من لديه زيادة في الوزن على تخفيض وزنه لأننا عندما نطلب شيئاً من العراقيين لا بد أن نبدأ بأنفسنا، لكنني وجدت العراقيين أخذوا يشعرون بالقلق أني خفضت وزني إلى حد ما، فزدنا وزننا بعض الشيء من أجل خاطرهم.
وأنتم شاهدتم منظر بعض العراقيين في بعض المناسبات قبل الترشيق، إذ صار غير معقول في البداية، بينما بعضهم ما زالوا شباباً، فقلنا لا بد أن نخفض قليلاً من أوزاننا.
• بعد هذا ترشق أغلبهم سيادة الرئيس.
- تقريباً، فقسم منهم خفض وزنه بمقدار ثلاثين كيلواً، فاستعاد صحته ونشاطه، إن البدانة لا تليق، خاصة مع اللباس العسكري.
- الرئيس صدام: كيف هي الكويت؟
• مليئة بالمحبة للعراق، وللسيد الرئيس. ولا أعتقد أن هناك نساء ورجالاً إلا وكلهم يلهجون بالثناء لموقف العراق وصلابة موقف العراق وحنكة القياد العسكرية وحكمتها، وهم يشعرون بالاطمئنان لأن ثمة درعاً في الشمال يحميهم.
تقدير للكويت
- إن كل العراقيين ومن كل المستويات والأعمار يقدرون صلابة الكويت والموقف العميق لشعب الكويت، ويقدرون بشكل متميز ضمن التميز موقف رجال الإعلام والصحافة في الكويت، وهذا لا أقوله أنا، إذ بمقدوركم أن تلمسوه بأنفسكم، سواء في المدينة، أو في الريف، أو في أي مكان.
• نحن في الكويت نشعر أن العراق ينظر إلينا نظرة متميزة؟
- الكويتيون أشقاؤنا، المتميزون ضمن المتميزين، إذ ليس كثر لدينا المتميزون، فأشقاؤنا كلهم خيرون في كل مكان، لكن المتميزين قلة، إذ لا يمكننا أن نعتبر كل الموقف العربي متميزاً أو كل الأشقاء متميزين، لكنها الكويت من ضمن المتميزين القلة.
• إن خوف الكويت سيدي الرئيس هو من الدساسين من بعض العرب الذين يشوهون موقف الكويت.
- بالنسبة لنا لا ينفع معنا هذا الأسلوب أو غيره، فلقد ذهب زمن الدس الذي يأتي بالنتيجة التي يتوخاها الدساسون، فهذه حالة باتت قديمة وفي الخلف.
• أطال الله عمرك نريدك دائماً مبتسماً في التلفزيون لأنك لو ابتسمت نشعر أن الجبهة بخير.
- كونوا مطمئنين على الجبهة في كل الظروف والأحوال، وقد كان لدينا اليوم اجتماع لمجلس الوزراء، وصرت بحالة حدة شديدة مع نفسي، وليس مع أحد، لأننا طلبنا إنشاء بيوت للمشلولين بتصميم خاص ويوجد أناس يدعونهم، سواء منهم الذي أصيب في الحرب، أو الذين أصيبوا بحوادث، فجاءني أحد الإخوان من المسؤولين بمعاملة عن طريق الرئاسة يقول فيها إننا ضغطنا على الجهة الفلانية لكي تنفذ هذه البيوت خلال سنتين، كما تعلمون أن السنتين تعني سنتين، فتصورت أنه يوجد شيء فني معقد يحتاج إلى مثل هذا الزمن، ولكنني لم أجد ذلك عند الاطلاع على التفاصيل، ولذلك لم أكن مرتاحاً لهذه الحالة، لأن هذا لو كان كلام أناس قطعوا شوطاً واسعاً من التطور، قالوا نبني مثل هذه الدور بمدة سنتين لما كان هناك مشكلة، لكن نحن في حالة حرب وتساوي الدقيقة لدينا ساعة، وتعني أشياء كثيرة، فاستدعيت المعنيين وطلبت أن يجلبوا التصاميم معهم، فحضروا، وتفحصت التصاميم، فوجدت أنها بيوت عادية وليست فيها مشكلة، فقلت لهم، هل هناك مشلول ينتظركم سنتين لكي تبنوا له بيتاً؟ خذوا تصاميمكم وأريد إنجازها خلال ستة أشهر.
واليوم عندما حكيت هذه المسألة في مجلس الوزراء أحسست أنني متحمس جداً، فلو أن إخواننا الكويتيين شاهدوا هذه اللقطة مثلاً لقالوا لا بد أن هناك شيئاً كبيراً يحدث في الجبهة، بينما أنا اعتبر هذا الموضوع مهماً، أهميته بمستوى حصول خلل في الجبهة، لأننا أناس، جميعنا نحن العرب، فاتتنا فرص كبيرة في التطور، فالبلدان الأخرى، والأمم الأخرى لأسباب تاريخية أخذت فرصة، بعضها ضمن استحقاقها وبعضها الآخر خارج استحقاقها وعلى حساب الآخرين، ومنهم على حسابنا نحن، سواء كان في الكويت، أو في العراق، أو في مصر، أو في الجزائر، فأخذت البلدان المتقدمة فرصة على حسابنا، وعلى حساب شعوبنا، وبعضها، ومنها العراق غابت عنه الشمس لمدة ألف سنة، ألف سنة غادر الشعب فيها ممارسة دوره الوطني والإنساني الصحيح، أي ممارسة دوره بمسؤولية تجاه حالة أمته، وليس بمسؤوليته تجاه الذات فقط، فعندما يغيب دور شعب أو أمة ألف سنة، فبإمكان الإنسان أن يتصور ما هي الفرص التي ضاعت على هذا الشعب، وهذه الأمة خلال ألف سنة، ولو تركنا هذا وأخذنا المقارنات النسبية، وتقارن الآن العراق مع السويد، أو العراق مع فرنسا، أو العراق مع إيطاليا كدول متقدمة مثلما نقيس الكويت بنفس الطريقة ومصر كذلك، إذ لا يجب أن تكون قياساتنا على حالة أقل تطوراً من حالتنا، فعند ذلك سيطول وصولنا إلى الحالة المعقولة، وقد لا نصل إليها، إذا كان فعلنا إلى أمام فعل من يعقب الحالة التي أمامه بخطوات بمستواها أو أقل منها.
إذن فعندما يأتي عراقي ويقول لي إن اليونانيين أنجزوا هذا المشروع خلال ستة أشهر وأنا أنجزته بستة أشهر فأنا اعتبر هذا العراقي فاشلاً، ولو قال لي الشيء نفسه بأن الألمان الغربيين أنجزوه وأنا أنجزته بنفس الزمن فسأعتبره فاشلاً، لأننا عندما نخطو نفس الخطوة التي تخطوها ألمانيا الغربية مع بقاء فاصلة التطور بينهم وبيننا قائمة، فسنظل في الموقع نفسه متخلفين قياساً إلى ألمانيا الغربية، وهذا غير جائز، وإذا ما أضفنا عامل الحرب الذي هو قانون طوارئ، أي ظرف استثنائي بكل معناه وفي إطار هذه النظرة بإمكاننا أن نتصور مقدار دقة الأداء المطلوب من الفرد العراقي، وفي مقدمتهم الوزراء، فاليوم مثلاً في الاجتماع قلت لهم، عيب بعد الآن أن تسألوا كم ساعة علينا أن نداوم؟
أو الموظف الذي يعمل معكم يسأل كم ساعة يداوم، وإنما نداوم لأقصى طاقة مشحونة وليس أقصى طاقة اعتيادية.
تكملة اللقاء المطول على هذا الرابط
https://www.alqabas.com/article/5848638 :إقرأ المزيد
1988| صدام: الكويت شقيقة ومتميزة.. ونقدر صلابتها وتميزها
حوارات محمد الصقر
٣١ أغسطس ٢٠٢١
نشرت القبس، في عدد 24 فبراير 1988، حوار رئيس تحرير القبس محمد جاسم الصقر مع صدام حسين حول المواقف والأحداث والظروف التي تمر بالمنطقة معلنا أنه يسابق الزمن لاختصار ألف سنة من التخلف، وبهذه الوتيرة السريعة يعمل العراقيون، من مدنيين وعسكريين، قادة ومسؤولين أو موظفين عاديين. كما أكد صدام أن الكويت «شقيقة من القلة المتميزة» وإنه يقدر صلابتها وتميزها. كما وضع الانتفاضة الفلسطينية في الإطار التاريخي للرفض العربي المستمر والمتواصل، سلماً أو حرباً، للاحتلال. وأكد أن الانتفاضة هزت المحتلين من الداخل، كما هزت داخل المجتمعات الغربية، لكنه نبه من خطر الاستعجال في قطف ثمار الانتفاضة، لأن ذلك قد يضر بالنضال الفلسطيني.
وفيما يلي نص الحوار:
كتب محمد جاسم الصقر:
لثالث مرة أقابل الرئيس صدام حسين، لكنني في هذه المرة اكتشفت عنده تحليلاً أكثر تجريداً وعمقاً للمواقف والأحداث والظروف، يضعها في حركة تاريخية واحدة السياق موظفة لمصلحة الأهداف العليا، ليس للعراق وحسب، بل للأمة العربية جمعاء.
وانطلاقاً من هذا التجريد للأمور، سرى الهدوء والاطمئنان والثقة بالنفس وبالشعب وبالنصر وبالتقدم من الرئيس صدام إلى محدثيه خلال اللقاء مع رؤساء التحرير الذي استغرق حوالي 140 دقيقة يوم السبت الماضي.
فالعراق اليوم، كما قال الرئيس صدام، يسابق الزمن لاختصار ألف سنة من التخلف، وبهذه الوتيرة السريعة يعمل العراقيون، من مدنيين وعسكريين، قادة ومسؤولين أو موظفين عاديين.
ولذلك أيضاً، اطمأن العراق إلى وضع جبهته، حيث يقول الرئيس صدام إن الجيش بات أقوى وإن إيران عجزت عن حشد المتطوعين لشن الهجوم الكبير الذي تحدثت عنه كثيراً.
وعلى الصعيد السياسي قال الرئيس صدام إن السوفيت أصدقاء ولا يريدون تغيير القرار 598، لكنهم يبحثون أفكاراً لإحلال بدائل للأساطيل الأجنبية في المنطقة.
وحول الكويت يقول إنها «شقيقة من القلة المتميزة» وإنه يقدر صلابتها وتميزها.
ووضع الانتفاضة الفلسطينية في الإطار التاريخي للرفض العربي المستمر والمتواصل، سلماً أو حرباً، للاحتلال. وأكد أن الانتفاضة هزت المحتلين من الداخل، كما هزت داخل المجتمعات الغربية، لكنه نبه من خطر الاستعجال في قطف ثمار الانتفاضة، لأن ذلك قد يضر بالنضال الفلسطيني.
* * * * * * *
تفاصيل الحوار
* * * * * * *
في حوار الثقة والطمأنينة على مدى 140 دقيقة
صدام حسين: العراق أقوى وإيران غير قادرة على الهجوم
** الشعب الفلسطيني أفقد الصهاينة الثقة بقدرتهم على الاحتفاظ باحتلالهم
** الكويت شقيقة متميزة.. ونقدر صلابتها وتميزها
** هناك من يدعم التعنت الإيراني في رفض القرار 598
** موسكو لا تريد قراراً بديلاً ولديها أفكار حول بدائل للأساطيل الأجنبية
** المطلوب أن يظل اقتصادنا قوياً مثل الإنسان العراقي
** إيران لم تهاجم لأن قواتنا ازدادت.. ولأن طهران عجزت عن جمع العدد المطلوب من المتطوعين
** نعمل على تنشيط ميادين الحياة دون أن ينخفض اهتمامنا بالجبهة
** العراق خطر على إسرائيل إذا توقفت الحرب
** أخطاء في تطبيق النظام الاشتراكي وهناك نشاطات يجب أن تذهب للقطاع الخاص
** الأمة العربية تمتلك عوامل حياة.. وليست مستعدة للتنازل عن شخصيتها
** الاستعجال في قطف ثمار الانتفاضة قد يضر النضال الفلسطيني
** الانتفاضة الفلسطينية هزت المحتلين من الداخل ووصلت الهزة إلى داخل المجتمعات الغربية
https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/section/1620656987760_WTXmQ_large.jpeg
كتب محمد جاسم الصقر:
بغداد مدينة تحارب منذ أكثر من ثماني سنوات، إذاً هي في الخيال مدينة ترتدي الخوذة وتسهر على السلاح.. لكن ما إن تهبط الطائرة في مطارها الرحب، حتى يتبادر إلى الذهن، إما أن الطائرة أخطأت وجهتها، أو أن عاصمة الرشيد لا تخوض إحدى أشرس الحروب في التاريخ المعاصر.
فبغداد، مدينة سلام تنعم بالسلام وبرفاهية السلام تجمع الأقوال على أنها عروس بثوب متجدد، لا تتوقف فيها حركة العمران وحركة الفكر والثقافة، حية في الليل وحية في النهار.
وبغداد، تلك العاصمة المحاربة، حيث يفترض أنها تعيش حياة التقشف تحت شعار تخصيص كل الجهود للمعركة، على عكس ذلك تنعم بالرفاهية، فجميع المواد الغذائية والاستهلاكية متوافرة بغزارة في محالها.
وإن دل ذلك على شيء، فإنما يؤكد على قدرة الإدارة في توجيه دفة الحرب ودفة النمو والتطور في وقت واحد، بحيث لا تثقل كفة عن أخرى.. وهذه هي المعجزة العراقية الحديثة، فمع استمرار الحرب التي تتعامل معها القيادة باقتدار، تنصرف الإدارة إلى اختصار زمن التخلف العربي، كما ورد على لسان الرئيس صدام حسين، للوصول بأسرع وقت ممكن.
وفي اللقاء الذي استمر حوالي 140 دقيقة، بدأ الرئيس صدام مرتاحاً ومتفائلاً وواثقاً من موقف العراق المقتدر، ثقة القائد الذي يعرف تماماً قدراته كما يعرف تماماً قدرات خصمه. وإضافة إلى ذلك فهو يشعر مع مواطنيه بما يريدون فتأتي قراراته متجاوبة مع هذه الرغبات.
وعندما يقول إن الجيش العراقي صار أكثر اقتداراً وعدة وعديداً منه في العام الماضي عندما حقق ملحمة شرق البصرة، فإنه يعني ما يقوله ويترجم الأرقام إلى كلمات.. ولذلك فهو متأكد أن إيران باتت عاجزة عن شن الهجوم الكبير الذي تحدثت عنه كثيراً.
ورغم أن موضوع اللقاء كان في العراق، فإنه لم يبخس الشعب الفلسطيني، وانتفاضته، حقهما، فخصص جزءاً كبيراً من وقت المقابلة للحديث عن الانتفاضة كحالة عربية تترجم الرفض العربي التاريخي للاحتلال.
وعلى الرغم من أن هذه ثالث مرة أقابل فيها الرئيس صدام إلا أنني في كل مرة كنت أحس أنه أكثر تفاؤلاً من المرة السابقة، وأخرج من اللقاء أكثر طمأنينة إلى المصير العربي والمستقبل العربي.
ولا شك أن الإعلام العراقي قد ساهم كثيراً في تكوين مثل هذه الصورة الصادقة عن العراق. فوزير الإعلام لطيف نصيف جاسم يتفهم متطلبات الإعلام الحديث، ويتعامل معه بواقعية وصراحة، بحيث استطاع الإعلام العراقي أن يعكس صورة مشرقة للعراق في الخارج.. وإذا كان مستقبِل الإعلام العراقي في الخارج قد يتوهم أن هناك بعض المبالغة، نظراً لظروف الحرب، إلا أن الزائر لبغداد، كما قلت في البداية، يتأكد بشكل مباشر أن هذا الإعلام يعكس صورة بغداد الحقيقية.
وفي ما يلي نص اللقاء:
- الرئيس صدام: أهلاً وسهلاً.
• إن شاء الله تكون في أتم صحة.
- الرئيس صدام: الحمد لله، فنحن الآن بدأنا، ولا نحسب الذي مضى.
• إن صحتنا من صحتك.
- الرئيس صدام: الله يسلمك ويبارك بكم.. ولقد قلت لإخواني في القيادة، إنه ما دامت الحرب مستمرة فعلينا ألا نمرض ولانتعب ولا نكبر في العمر، لكن بعدما تنتهي الحرب فكل واحد حر في أن يمرض، أو يتعب، أو يكبر، ولقد خفضت وزني لأشجع من لديه زيادة في الوزن على تخفيض وزنه لأننا عندما نطلب شيئاً من العراقيين لا بد أن نبدأ بأنفسنا، لكنني وجدت العراقيين أخذوا يشعرون بالقلق أني خفضت وزني إلى حد ما، فزدنا وزننا بعض الشيء من أجل خاطرهم.
وأنتم شاهدتم منظر بعض العراقيين في بعض المناسبات قبل الترشيق، إذ صار غير معقول في البداية، بينما بعضهم ما زالوا شباباً، فقلنا لا بد أن نخفض قليلاً من أوزاننا.
• بعد هذا ترشق أغلبهم سيادة الرئيس.
- تقريباً، فقسم منهم خفض وزنه بمقدار ثلاثين كيلواً، فاستعاد صحته ونشاطه، إن البدانة لا تليق، خاصة مع اللباس العسكري.
- الرئيس صدام: كيف هي الكويت؟
• مليئة بالمحبة للعراق، وللسيد الرئيس. ولا أعتقد أن هناك نساء ورجالاً إلا وكلهم يلهجون بالثناء لموقف العراق وصلابة موقف العراق وحنكة القياد العسكرية وحكمتها، وهم يشعرون بالاطمئنان لأن ثمة درعاً في الشمال يحميهم.
تقدير للكويت
- إن كل العراقيين ومن كل المستويات والأعمار يقدرون صلابة الكويت والموقف العميق لشعب الكويت، ويقدرون بشكل متميز ضمن التميز موقف رجال الإعلام والصحافة في الكويت، وهذا لا أقوله أنا، إذ بمقدوركم أن تلمسوه بأنفسكم، سواء في المدينة، أو في الريف، أو في أي مكان.
• نحن في الكويت نشعر أن العراق ينظر إلينا نظرة متميزة؟
- الكويتيون أشقاؤنا، المتميزون ضمن المتميزين، إذ ليس كثر لدينا المتميزون، فأشقاؤنا كلهم خيرون في كل مكان، لكن المتميزين قلة، إذ لا يمكننا أن نعتبر كل الموقف العربي متميزاً أو كل الأشقاء متميزين، لكنها الكويت من ضمن المتميزين القلة.
• إن خوف الكويت سيدي الرئيس هو من الدساسين من بعض العرب الذين يشوهون موقف الكويت.
- بالنسبة لنا لا ينفع معنا هذا الأسلوب أو غيره، فلقد ذهب زمن الدس الذي يأتي بالنتيجة التي يتوخاها الدساسون، فهذه حالة باتت قديمة وفي الخلف.
• أطال الله عمرك نريدك دائماً مبتسماً في التلفزيون لأنك لو ابتسمت نشعر أن الجبهة بخير.
- كونوا مطمئنين على الجبهة في كل الظروف والأحوال، وقد كان لدينا اليوم اجتماع لمجلس الوزراء، وصرت بحالة حدة شديدة مع نفسي، وليس مع أحد، لأننا طلبنا إنشاء بيوت للمشلولين بتصميم خاص ويوجد أناس يدعونهم، سواء منهم الذي أصيب في الحرب، أو الذين أصيبوا بحوادث، فجاءني أحد الإخوان من المسؤولين بمعاملة عن طريق الرئاسة يقول فيها إننا ضغطنا على الجهة الفلانية لكي تنفذ هذه البيوت خلال سنتين، كما تعلمون أن السنتين تعني سنتين، فتصورت أنه يوجد شيء فني معقد يحتاج إلى مثل هذا الزمن، ولكنني لم أجد ذلك عند الاطلاع على التفاصيل، ولذلك لم أكن مرتاحاً لهذه الحالة، لأن هذا لو كان كلام أناس قطعوا شوطاً واسعاً من التطور، قالوا نبني مثل هذه الدور بمدة سنتين لما كان هناك مشكلة، لكن نحن في حالة حرب وتساوي الدقيقة لدينا ساعة، وتعني أشياء كثيرة، فاستدعيت المعنيين وطلبت أن يجلبوا التصاميم معهم، فحضروا، وتفحصت التصاميم، فوجدت أنها بيوت عادية وليست فيها مشكلة، فقلت لهم، هل هناك مشلول ينتظركم سنتين لكي تبنوا له بيتاً؟ خذوا تصاميمكم وأريد إنجازها خلال ستة أشهر.
واليوم عندما حكيت هذه المسألة في مجلس الوزراء أحسست أنني متحمس جداً، فلو أن إخواننا الكويتيين شاهدوا هذه اللقطة مثلاً لقالوا لا بد أن هناك شيئاً كبيراً يحدث في الجبهة، بينما أنا اعتبر هذا الموضوع مهماً، أهميته بمستوى حصول خلل في الجبهة، لأننا أناس، جميعنا نحن العرب، فاتتنا فرص كبيرة في التطور، فالبلدان الأخرى، والأمم الأخرى لأسباب تاريخية أخذت فرصة، بعضها ضمن استحقاقها وبعضها الآخر خارج استحقاقها وعلى حساب الآخرين، ومنهم على حسابنا نحن، سواء كان في الكويت، أو في العراق، أو في مصر، أو في الجزائر، فأخذت البلدان المتقدمة فرصة على حسابنا، وعلى حساب شعوبنا، وبعضها، ومنها العراق غابت عنه الشمس لمدة ألف سنة، ألف سنة غادر الشعب فيها ممارسة دوره الوطني والإنساني الصحيح، أي ممارسة دوره بمسؤولية تجاه حالة أمته، وليس بمسؤوليته تجاه الذات فقط، فعندما يغيب دور شعب أو أمة ألف سنة، فبإمكان الإنسان أن يتصور ما هي الفرص التي ضاعت على هذا الشعب، وهذه الأمة خلال ألف سنة، ولو تركنا هذا وأخذنا المقارنات النسبية، وتقارن الآن العراق مع السويد، أو العراق مع فرنسا، أو العراق مع إيطاليا كدول متقدمة مثلما نقيس الكويت بنفس الطريقة ومصر كذلك، إذ لا يجب أن تكون قياساتنا على حالة أقل تطوراً من حالتنا، فعند ذلك سيطول وصولنا إلى الحالة المعقولة، وقد لا نصل إليها، إذا كان فعلنا إلى أمام فعل من يعقب الحالة التي أمامه بخطوات بمستواها أو أقل منها.
إذن فعندما يأتي عراقي ويقول لي إن اليونانيين أنجزوا هذا المشروع خلال ستة أشهر وأنا أنجزته بستة أشهر فأنا اعتبر هذا العراقي فاشلاً، ولو قال لي الشيء نفسه بأن الألمان الغربيين أنجزوه وأنا أنجزته بنفس الزمن فسأعتبره فاشلاً، لأننا عندما نخطو نفس الخطوة التي تخطوها ألمانيا الغربية مع بقاء فاصلة التطور بينهم وبيننا قائمة، فسنظل في الموقع نفسه متخلفين قياساً إلى ألمانيا الغربية، وهذا غير جائز، وإذا ما أضفنا عامل الحرب الذي هو قانون طوارئ، أي ظرف استثنائي بكل معناه وفي إطار هذه النظرة بإمكاننا أن نتصور مقدار دقة الأداء المطلوب من الفرد العراقي، وفي مقدمتهم الوزراء، فاليوم مثلاً في الاجتماع قلت لهم، عيب بعد الآن أن تسألوا كم ساعة علينا أن نداوم؟
أو الموظف الذي يعمل معكم يسأل كم ساعة يداوم، وإنما نداوم لأقصى طاقة مشحونة وليس أقصى طاقة اعتيادية.
تكملة اللقاء المطول على هذا الرابط
https://www.alqabas.com/article/5848638 :إقرأ المزيد