yasmeen
08-17-2005, 07:42 AM
.. زوجها يقف معها ويزورها في السجن .. واختها تقول انها دافعت عن نفسها وقتلته في بيته
أكدت لـ«الشرق الأوسط»، الأخت الكبرى لسجينة خميس مشيط ـ فضلت عدم ذكر اسمها لموانع اجتماعية ـ بأنه لم يكن هناك أي تهديد أو ابتزاز كان يمارسه المقتول على أختها المسجونة، وأنه لا أحد يعلم بما حدث بينهما سوى الله ثم هما ـ أي المقتول والسجينة ـ مضيفة أنها عندما تقرأ «كل ما يتعلق بقضية أختي في بعض الصحف المحلية والتي تورد بعض المعلومات المغلوطة وكثيرا من الإشاعات غير الصحيحة، فإن ذلك يتعب أعصابنا ويؤثر في أسرتنا، وقمنا بالرد على ذلك في بعض الصحف المحلية وفي الموقع الرسمي الإلكتروني المخصص لها».
وذكرت أخت السجينة بأن أختها ليس لديها أولاد، وبأنها كانت متزوجة قبل حدوث القضية بثلاثة أعوام، وكانت سعيدة مع زوجها، غير أن الشيطان لم يتركها في حال سبيلها.
وقالت أخت السجينة بأن زوج أختها نعم الرجل، فهو ينحدر من قبيلة شهران التي تنتمي إليها زوجته، وبأن مهنته رجل أعمال، مشيرة إلى أنه «مؤمن بأنها دافعت عن نفسها، وما زال متمسكا بها، وما زال يزورها في السجن حتى الآن، وبأن أهل الدم كانوا يريدونه مكان زوجته، غير أنه بريء بشهادة المحكمة، ونحن أهلها تمنينا أنها ما تكون هي، لكنها اعترفت بذلك، وأختي ليست لها أي خادمة عند وقوع الحادثة».
وأشارت أخت السجينة الى أن موضوع أختها لم يتحرك إلا بعد صدور الحكم، في 28 يونيو (حزيران) 2004، أي قبل أكثر من 14 شهرا، بحكم أن العادة جرت بألا يكون هناك أي تحرك للصلح والسعي للعفو إلا بعد صدور الحكم، وكان أول من أثار القضية إعلاميا، صحافية سعودية زارتها في السجن منذ 6 أشهر تقريبا.
واستغربت أخت السجينة من حجم التعاطف المحلي والإقليمي والعالمي ـ عبر الانترنت ـ مع أختها، مضيفة أنه «ليست لدينا أي واسطة، وأعتقد أن اجتماع هؤلاء الناس رحمة لأختي، ولأن الناس تريد عمل الخير، فوالدنا توفي، ولدينا فقط أخوان، والبقية بنات، وقد يكون لأن المحكوم عليها.. امرأة».
وقالت انها مداومة على زيارة أختها منذ ستة أعوام تقريبا، وكذلك زوج أختها، من خلال زيارات عادية وخاصة، فالزيارات النسائية يومي الخميس والأحد، بينما الرجال يسمح لهم بالزيارة كل يوم ثلاثاء وجمعة، والزيارات الخاصة تمتد من نصف ساعة إلى ساعة ونصف الساعة، فيما تمتد الزيارة العامة بين 10 دقائق وربع الساعة، وتكون الزيارة عبر فاصل حديدي.
وأضافت أخت السجينة بأنه لم يجد أي جديد في الموضوع، على حد علمها ـ حتى عصر الثلاثاء الماضي ـ مضيفة أنها تتوقع «حصول شيء ما مستقبلا، خاصة بعد أن عرفت بتدخل شخصيات اعتبارية في الموضوع للتوسط».
وأكدت الشقيقة بأنه ليس هناك أي اتصال بين أهل السجينة وأهل القتيل، ولكن هناك اتصال مع شيخ قبائل شهران، معتبرة أنه «صحيح أن الولد المقتول ولدهم ـ أي أصحاب الدم ـ لكن البنت بنتنا أيضا، ودافعت عن نفسها وقتلته في بيتها، وبحسب ما أعلم فإن والدي المقتول متوفيان، ولم يبق سوى إخوانه».
وذكرت بأنه منذ عام وشهرين وأسرة سجينة خميس مشيط بأكملها تعيش على أعصابها، وتعيش على نار، مضيفة أنه «صحيح أن كل تأخير فيه خير، لكن الانتظار صعب ومقلق بالنسبة لأختي السجينة ولوالدتنا ولي شخصيا ولجميع أفراد أسرتي».
وسردت أخت سجينة خميس مشيط بان أختها تحمل شهادة الثانوية ولم تكن موظفة أثناء حدوث القضية، وان عمرها ثلاثون عاما تقريبا، في حين كان عمرها عندما حدثت القضية بين 24 و25 عاما، وبأنها ستكمل ستة أعوام في شهر ديسمبر (كانون أول) المقبل، مؤكدة أن أختها دائما تردد كلاما واحدا في نهاية كل زيارة، وهي «خلصوني بأي شيء من السجن، أنا تعبت، خلاص أنا ميتة ميتة، سواء بالحد أو بغيره في حال خرجت بعفو». واختتمت شقيقة السجينة حديثها بأنها غضبت من أختها وعاتبتها كثيرا، لأنها لم تشتك إليها من أي شيء، ولم تبح لها بأي شيء كان يضايقها أو يكدرها، مضيفة بأنه «عسى الله أن يهدي نفوس أهل الدم، وعندما سيتنازلون إن شاء الله فإن كل الناس ستدعو لهم، مثل ما دعينا بالخير لمن عفى في القريات عن قاتل ولده ونحن لا نعرفه».
من جهة أخرى، أكد مصدر أمني أن الفتاة أصرت أثناء التحقيق على ابتزاز الرجل لها، وأنه تم التكتم على الموضوع سترا للعرض. مضيفا، أن سبب إصرار أصحاب الدم في عدم التنازل عن قاتل ابنهم، هو تأكدهم من أن الفتاة لم تقم بقتله وحدها، وأن هناك شخصا آخر ساعدها في ذلك، حيث أنه ـ بحسب زعمهم ـ لا يمكن لها أن تقوم وحدها بقتل رجل وتقطيعه ووضعه في أكياس للقمامة ورميه.
وسائل الابتزاز والتهديد
* على الرغم من نفي شقيقة سجينة خميس مشيط، إلا أن قضايا الابتزاز والتهديد بين الشباب والفتيات في السعودية موجودة، وتطورت أساليبها، فما ان تبدأ بعض الفتيات في حياة زوجية جديدة، حتى يظهر على السطح، ومن خلال التهديد والابتزاز، ملامح لعلاقات سابقة، لتواجه خطر التهديد بالأدلة التي تدينها لدى أسرتها والتي تختلف تبعا للرجل ذاته.
وتبدأ أساليب ابتزاز الشباب للفتيات في المجتمع السعودي في المرحلة الأولى بفضح الرسائل المرسلة بخط اليد، ما ان تعلن الفتاة رفضها ومعارضتها لمطالب الشاب في استكمال العلاقة والانصياع لكافة شروطه حتى وإن كانت متزوجة، ويتطور الابتزاز بمكالمات غرامية مسجلة قد يرافقها دليل قطعي آخر كصور شخصية لذات الفتاة، ليأخذ التهديد منحى آخر وأكثر قسوة، عقب التطور التكنولوجي الحديث ليصبح الابتزاز بشرائط فيديو أو من خلال صور الهاتف المحمول.
وفي حال عدم رضوخ الفتاة للتهديدات، فإن المبتز لن يقتصر على إفشاء العلاقة للأب أو للأخ أو حتى للزوج، وإنما يتعدى إلى نشرها على ساحات الانترنت، وتوزيعها عبر خدمات البلوتوث بالجوال لتصل كافة أنحاء الوطن العربي.
وتخصص بعض المواقع الالكترونية خدمة لعرض صور الفتيات الخليجيات والعربيات لتندرج بذلك ضمن أكثر المواقع شعبية مسجلة أعدادا كبيرة من الزائرين سواء من الشباب أو البالغين. وقد برز أخيرا جراء الافتقار للثقافة القانونية الكافية أو تحسبا من عواقب التهديد بالشرف والتي قد تصل في بعض الحالات لتبرأ الأسرة من الفتاة أو الشروع في قتلها وفق ما يسمى «بجرائم الشرف» إلى استجابة الفتاة لجل التهديدات بإقامة علاقة غير شرعية.
إلا أن الإكراه بالتخويف والتهديد مما يوقع بدوره في نفس المرأة الرهبة والتخويف، ما يحملها على إقامة علاقة غير شرعية والتي تسمى وفق المذهب الحنبلي بالإكراه المعنوي، لينقل الجريمة من الزنا إلى الاغتصاب، والذي يشترط فيه أن يكون على قدر من الجدية والخطورة، بحيث يحدث أثره في نفسية المرأة، بما يحملها على مواقعة الرجل. وعلى ضوء القانون المصري والذي يستند في تشريعاته على المذهب الحنفي فقد عرف الإكراه الأدبي (المعنوي) تمييزا بينه وبين الإكراه المادي، في أنه لا يتم باتخاذ وسائل قسرية أو مباشرة عنف على المجني عليها، وإنما يساهم في الحد من حرية الاختيار وإجبار المجني عليها الالتزام برغبات الجاني.
ولأن الإكراه يؤثر على الإرادة ويشل من فعاليتها من خلال التهديد في المساس بالحرية والعرض والشرف والاعتبار، ولما يوقعه التهديد من أثر في شل إرادة المجني عليها بحيث تخضع لرغبات الجاني وتمتنع عن المقاومة، يعاقب الجاني ويجرم بالسجن لمدة تصل إلى سبعة أعوام مع الأشغال الشاقة.
من جهة أخرى، أفتى الشيخ محمد بن عثيمين بسقوط حكم القصاص في حال قتل الجاني لمن لا يدفع شره سوى بالقتل مستندا على ما ذكره ابن تيمية، وهو «ان من صال على نفسه أو حرمته أو مال له آدمي أو بهيمة فلهو الدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به». وسواء كان يريد القتل أو الفاحشة أو انتهاك العرض أو يريد الأذية التي دون القتل أو دون انتهاك العرض.
والسؤال الذي يفرض نفسه، أليس قتل أي فتاة لمن هددها بشرفها هو دفع الصائل الذي لا يدفع شره سوى بالقتل؟! يجيب على ذلك المستشار الشرعي خالد المهيدب الذي أكد كثرة قضايا وقائع الابتزاز التي تمارس على الفتيات لإقامة علاقات جنسية غير شرعية استنادا إلى المكالمات المسجلة والرسائل إلى جانب الصور. موضحا انه غالبا ما يتم اللجوء إلى ذلك في حال إنهاء الفتاة للعلاقة نتيجة لارتباطها بالزواج من رجل آخر، وتخوفا من الفضيحة وأمام الضغط النفسي الذي يمارس عليها.
وأكد أن السواد الأعظم من الفتيات ينصعن ويستجبن للتهديدات وتمكين أنفسهن للشباب خوفا من الفضيحة والعار. مرجعا ذلك إلى عدم وجود أي جهة رسمية معلنة تتولى معالجة وإنهاء الابتزاز والتهديد الممارس على الفتيات.
من جهة أخرى، ذكرت لـ«الشرق الأوسط» (ن. س) إحدى الفتيات اللاتي لجأن إلى مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عقب أن ابتزت وهددت بوثائق احتفظ بها من كانت على علاقة به، أنه تفاديا لانفضاح أمرها لدى والدها وأشقائها بالإضافة إلى تخوفها من كشف أمرها لخطيبها، أجبرت على الانصياع له بادئ الأمر، لتمكنه من نفسها في إحدى الشاليهات بمدينة الرياض، ليزيد ذلك من الأمر سوءا باحتفاظه بتسجيل مصور.
وأوضحت أن عدم مجاراتها له بعد ذلك كان سببا في إفشاء الأمر لوالدها ولإخوتها إلى جانب خطيبها الذي قرر الانفصال عنها، مضيفة أن لجوءها إلى مركز الهيئة كان لإنهاء التهديدات التي لم تنفك حتى عقب اضطلاع أسرتها التي لم تكن لتعلم جل التفاصيل حتى الساعة، لينتهي الأمر بنصب كمين للجاني.
من ناحية أخرى أكد المستشار المهيدب في واقعة أخرى وبعد نصب كمين لأحد الشباب ممن عمد على ابتزاز إحدى الفتيات واستدراجها بالتهديد في نشر صورها على الانترنت، والتي اضطرها الأمر إلى تمكين نفسها له، احتفاظه لتوثيق تهديداته بمجموعة من الأشرطة المصورة والأقراص المدمجة لمجموعة من الفتيات في صور مخلة كان قد أقام علاقات غير شرعية معهن.
ولا يقتصر التهديد والابتزاز على الرجل وإنما قد تعمد إليه بعض النساء، كما جرى منذ ثمانية أعوام من ابتزاز وتهديد امرأة لرجل متزوج بإفشاء أمر حملها منه لأسرته مقابل مبلغ من المال، ليلجأ إلى قتلها ووضعها في كيس للقمامة وذلك من أجل إسكاتها.
من جانب آخر اشترطت الشريعة الإسلامية لقيام المسؤولية الجنائية وإيقاع عقوبة القصاص في القاتل أن يكون القتل عمدا وعدوانا خاليا من شبهة عدم القصد، لا أن يكون دفاعا عن حق، وجعلت عفو أولياء الدم مسقطا للعقوبة.
وكما أوضح المحامي خالد المطيري أنه لم يتوسع الفقهاء القدماء كثيرا في مسألة الدفاع عن الحق مستندين في ذلك إلى الآية الكريمة «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين»، وخلصوا إلى أن الدفاع عن الحق يشترط له اللزوم والتناسب وهو لزوم القتال لدفع الضرر عن الحق، وفي الحالات التي لا يلزم فيها القتال بوجود حلول أخرى فإنه لا يعد دفاعا عن النفس، ولم يعرفوا تطبيقا لمبدأ الدفاع عن الحق المسقط للقصاص باستثناء (دفع الصائل).
وأشار المطيري إلى أنه لم تخرج الكثير من التشريعات عما هو موجود في الشريعة الإسلامية في تقرير حق الدفاع الشرعي باستثناء نظرتها الواسعة للضرر بشقيه المادي والمعنوي الذي عرف معه ما يعرف بالأذى النفسي الذي يتعرض له الجاني من المجني عليه الذي قد يكون شديدا ودافعا لارتكابه جريمة القتل، مضيفا أنه من غير المنطقي أن لا يعتد بهذا الأذى وأخذه بعين الاعتبار وجعله سببا مخففا للعقوبة.
ونوه المطيري إلا انه مع تطور العلوم الإنسانية وبالأخص النظريات الاجتماعية وعلم العقاب والجريمة أظهرت الكثير من الدراسات ما يعرف ببواعث ودوافع الجريمة وأمدت القوانين المختلفة بما يعرف بالأسباب المخففة للعقوبة تبعا لحالة الجاني النفسية وتاريخه العائلي والمرضي والضغوط التي تعرض لها قبل ارتكابه للجريمة، كما أظهرت أن الأذى النفسي الذي يتعرض له الإنسان أو يكون مهددا بالتعرض له قد يكون أقوى وأشد تأثيرا من الاعتداء المادي.
وبالرغم من ثراء وسعة الشريعة الإسلامية كمصدر تشريعي، يرى المحامي أنها لم تحظ بالدراسات المتخصصة والمتعمقة في هذا الجانب إضافة إلى نقص تأهيل بعض القضاة وقلة اطلاعهم على ما استجد في الحقل القانوني والاجتماعي في هذا المجال.
وأكد على أن الكثير من التشريعات وجدت في التقنين طريقة مثلى لتجاوز هذا النقص المعرفي وطورت تشريعاتها وفقا لآلية لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية وتتماشى مع روح العدالة كما المشرع السوداني.
من جانبه، أكد الدكتور أسعد صبر، استشاري الطب النفسي، ضرورة تكوين لجان مختصة تشمل أخصائيين نفسيين واجتماعيين وتحت مظلة وزارة الداخلية لتقييم حالة مرتكبي جرائم القتل ومدى استقرارهم النفسي، مشددا على ضرورة اعتماد الطب النفسي الجنائي (الشرعي) كما هو متبع في سائر الدول العربية والغربية، أثناء مجريات التحقيق وعقب صدور الحكم.
وأوضح المستشار النفسي أن ارتكاب جرائم القتل وبالأخص من قبل الأحداث أو من هم في مقتبل العشرينات يكون عائدا إلى انعدام الاستقرار النفسي جراء ضغوط لمشكلة ما، أو معاناتهم من اضطرابات الشخصية التي تجعلهم غير قادرين على التفكير في عواقب الأمور، وغالبا ما تتسم شخصياتهم بالاندفاع والتهور، إلى جانب احتمالية معاناة الجاني من مرض نفسي أو اضطراب في الشخصية والذي يتميز بتلذذه في تعذيب الآخرين وعدم شعوره بالندم، موضحا أن لجوء الجاني إلى تشويه الجثة عقب قتلها يعود إلى اضطراب أو اكتئاب ذهاني أو انفصام بالشخصية.
وأكد الدكتور أسعد صبر على مدى شدة الضغط النفسي الذي يتسبب به التهديد والابتزاز جراء عدم التمكن من التحكم بمجريات الحياة، مضيفا إلى ذلك تفاقم الضغوط النفسية في حال تهديد المرء بشرفه وعرضه. عفا عن قاتل ولده..
* ذكر الشيخ فهد بن أحمد الراشد السهر، سعودي يسكن مدينة القريات في منطقة الجوف شمال السعودية، أنه عفى عن قاتل ولده في ساحة القصاص الأسبوع الأول من شهر أغسطس الجاري، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» بأن شعوره يوم تلقى خبر مقتل ولده كان ثابتا، مضيفا أنه قال في تلك اللحظة «لا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبي الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون».. «وجميع أهلي وأقربائي تركوا قتل ولدي واهتموا بي، لأنهم كانوا يجهلون ردة فعلي، وكانوا يخشون أن أحمل سلاحي وأتجه لأهل القاتل للأخذ بالثأر».
وقال السهر بأنه «بعد اليوم الثالث من دفن ولدي المقتول، جاءني إمام وخطيب مسجد في الحي الذي أسكن فيه، يتشفع لدي من أجل السماح لأهل القاتل بتعزيتي في ولدي، وسمحت لهم بدخول بيتي وتقديم واجب العزاء».
وأشار الشيخ فهد أنه بعد مضي أكثر من شهر على مقتل ولده، بدأت الوساطات من جميع أنحاء المملكة سواء من الأفراد العاديين أو الأعيان أو مشايخ القبائل أو مندوبي بعض الأمراء وبعض الجهات، مضيفا أنه استقبل «وساطة من المملكة الأردنية الهاشمية، واستمرت هذه الوساطات فترة خمسة أعوام، وهي المساحة الزمنية الفاصلة بين قتل ولدي وصدور حكم القتل قصاصا ضد القاتل، وجميعهم يطلبون العفو والصفح عن القاتل لوجه الله تعالى، ورفضت جميع هذه الوساطات لأمر في نفسي، يتمثل في أنني لو أردت العفو فإنني أرغب في ربط العفو بيني وبين الله سبحانه وتعالى مباشرة، وليس بيني وبين مخلوقين، وليس في هذا أي انتقاص لكل من سعى في سبيل العفو عن القاتل، وكنت أتكدّر وأتأثر نفسيا عندما أرد أي شخص جاء للتوسط، خاصة وأنه يخرج من بيتي متأثرا وخائب الأمل، وكان ردي لهم جميعا واحدا، وهو أن موعدنا ساحة القصاص، وإن شاء الله يصير خير».
واعترف السهر بأنه كان طيلة الفترة التي تلت مقتل ولده، تحت صراعات داخلية في نفسه عنيفة ومؤلمة، معتبرا أن «أمر المطالبة بتنفيذ القصاص أو العفو ليس بالأمر السهل، خاصة وأن القاتل قتل ولدي فلذة كبدي وزينة حياتي وأغلى ما أملك في هذه الدنيا، وقبل تنفيذ حكم القصاص بشهر قررت العفو عن القاتل لوجه الله في ساحة القصاص، واحتفظت بهذا الأمر في نفسي، ثم بحت به لزوجتي أم ولدي المقتول».
أكدت لـ«الشرق الأوسط»، الأخت الكبرى لسجينة خميس مشيط ـ فضلت عدم ذكر اسمها لموانع اجتماعية ـ بأنه لم يكن هناك أي تهديد أو ابتزاز كان يمارسه المقتول على أختها المسجونة، وأنه لا أحد يعلم بما حدث بينهما سوى الله ثم هما ـ أي المقتول والسجينة ـ مضيفة أنها عندما تقرأ «كل ما يتعلق بقضية أختي في بعض الصحف المحلية والتي تورد بعض المعلومات المغلوطة وكثيرا من الإشاعات غير الصحيحة، فإن ذلك يتعب أعصابنا ويؤثر في أسرتنا، وقمنا بالرد على ذلك في بعض الصحف المحلية وفي الموقع الرسمي الإلكتروني المخصص لها».
وذكرت أخت السجينة بأن أختها ليس لديها أولاد، وبأنها كانت متزوجة قبل حدوث القضية بثلاثة أعوام، وكانت سعيدة مع زوجها، غير أن الشيطان لم يتركها في حال سبيلها.
وقالت أخت السجينة بأن زوج أختها نعم الرجل، فهو ينحدر من قبيلة شهران التي تنتمي إليها زوجته، وبأن مهنته رجل أعمال، مشيرة إلى أنه «مؤمن بأنها دافعت عن نفسها، وما زال متمسكا بها، وما زال يزورها في السجن حتى الآن، وبأن أهل الدم كانوا يريدونه مكان زوجته، غير أنه بريء بشهادة المحكمة، ونحن أهلها تمنينا أنها ما تكون هي، لكنها اعترفت بذلك، وأختي ليست لها أي خادمة عند وقوع الحادثة».
وأشارت أخت السجينة الى أن موضوع أختها لم يتحرك إلا بعد صدور الحكم، في 28 يونيو (حزيران) 2004، أي قبل أكثر من 14 شهرا، بحكم أن العادة جرت بألا يكون هناك أي تحرك للصلح والسعي للعفو إلا بعد صدور الحكم، وكان أول من أثار القضية إعلاميا، صحافية سعودية زارتها في السجن منذ 6 أشهر تقريبا.
واستغربت أخت السجينة من حجم التعاطف المحلي والإقليمي والعالمي ـ عبر الانترنت ـ مع أختها، مضيفة أنه «ليست لدينا أي واسطة، وأعتقد أن اجتماع هؤلاء الناس رحمة لأختي، ولأن الناس تريد عمل الخير، فوالدنا توفي، ولدينا فقط أخوان، والبقية بنات، وقد يكون لأن المحكوم عليها.. امرأة».
وقالت انها مداومة على زيارة أختها منذ ستة أعوام تقريبا، وكذلك زوج أختها، من خلال زيارات عادية وخاصة، فالزيارات النسائية يومي الخميس والأحد، بينما الرجال يسمح لهم بالزيارة كل يوم ثلاثاء وجمعة، والزيارات الخاصة تمتد من نصف ساعة إلى ساعة ونصف الساعة، فيما تمتد الزيارة العامة بين 10 دقائق وربع الساعة، وتكون الزيارة عبر فاصل حديدي.
وأضافت أخت السجينة بأنه لم يجد أي جديد في الموضوع، على حد علمها ـ حتى عصر الثلاثاء الماضي ـ مضيفة أنها تتوقع «حصول شيء ما مستقبلا، خاصة بعد أن عرفت بتدخل شخصيات اعتبارية في الموضوع للتوسط».
وأكدت الشقيقة بأنه ليس هناك أي اتصال بين أهل السجينة وأهل القتيل، ولكن هناك اتصال مع شيخ قبائل شهران، معتبرة أنه «صحيح أن الولد المقتول ولدهم ـ أي أصحاب الدم ـ لكن البنت بنتنا أيضا، ودافعت عن نفسها وقتلته في بيتها، وبحسب ما أعلم فإن والدي المقتول متوفيان، ولم يبق سوى إخوانه».
وذكرت بأنه منذ عام وشهرين وأسرة سجينة خميس مشيط بأكملها تعيش على أعصابها، وتعيش على نار، مضيفة أنه «صحيح أن كل تأخير فيه خير، لكن الانتظار صعب ومقلق بالنسبة لأختي السجينة ولوالدتنا ولي شخصيا ولجميع أفراد أسرتي».
وسردت أخت سجينة خميس مشيط بان أختها تحمل شهادة الثانوية ولم تكن موظفة أثناء حدوث القضية، وان عمرها ثلاثون عاما تقريبا، في حين كان عمرها عندما حدثت القضية بين 24 و25 عاما، وبأنها ستكمل ستة أعوام في شهر ديسمبر (كانون أول) المقبل، مؤكدة أن أختها دائما تردد كلاما واحدا في نهاية كل زيارة، وهي «خلصوني بأي شيء من السجن، أنا تعبت، خلاص أنا ميتة ميتة، سواء بالحد أو بغيره في حال خرجت بعفو». واختتمت شقيقة السجينة حديثها بأنها غضبت من أختها وعاتبتها كثيرا، لأنها لم تشتك إليها من أي شيء، ولم تبح لها بأي شيء كان يضايقها أو يكدرها، مضيفة بأنه «عسى الله أن يهدي نفوس أهل الدم، وعندما سيتنازلون إن شاء الله فإن كل الناس ستدعو لهم، مثل ما دعينا بالخير لمن عفى في القريات عن قاتل ولده ونحن لا نعرفه».
من جهة أخرى، أكد مصدر أمني أن الفتاة أصرت أثناء التحقيق على ابتزاز الرجل لها، وأنه تم التكتم على الموضوع سترا للعرض. مضيفا، أن سبب إصرار أصحاب الدم في عدم التنازل عن قاتل ابنهم، هو تأكدهم من أن الفتاة لم تقم بقتله وحدها، وأن هناك شخصا آخر ساعدها في ذلك، حيث أنه ـ بحسب زعمهم ـ لا يمكن لها أن تقوم وحدها بقتل رجل وتقطيعه ووضعه في أكياس للقمامة ورميه.
وسائل الابتزاز والتهديد
* على الرغم من نفي شقيقة سجينة خميس مشيط، إلا أن قضايا الابتزاز والتهديد بين الشباب والفتيات في السعودية موجودة، وتطورت أساليبها، فما ان تبدأ بعض الفتيات في حياة زوجية جديدة، حتى يظهر على السطح، ومن خلال التهديد والابتزاز، ملامح لعلاقات سابقة، لتواجه خطر التهديد بالأدلة التي تدينها لدى أسرتها والتي تختلف تبعا للرجل ذاته.
وتبدأ أساليب ابتزاز الشباب للفتيات في المجتمع السعودي في المرحلة الأولى بفضح الرسائل المرسلة بخط اليد، ما ان تعلن الفتاة رفضها ومعارضتها لمطالب الشاب في استكمال العلاقة والانصياع لكافة شروطه حتى وإن كانت متزوجة، ويتطور الابتزاز بمكالمات غرامية مسجلة قد يرافقها دليل قطعي آخر كصور شخصية لذات الفتاة، ليأخذ التهديد منحى آخر وأكثر قسوة، عقب التطور التكنولوجي الحديث ليصبح الابتزاز بشرائط فيديو أو من خلال صور الهاتف المحمول.
وفي حال عدم رضوخ الفتاة للتهديدات، فإن المبتز لن يقتصر على إفشاء العلاقة للأب أو للأخ أو حتى للزوج، وإنما يتعدى إلى نشرها على ساحات الانترنت، وتوزيعها عبر خدمات البلوتوث بالجوال لتصل كافة أنحاء الوطن العربي.
وتخصص بعض المواقع الالكترونية خدمة لعرض صور الفتيات الخليجيات والعربيات لتندرج بذلك ضمن أكثر المواقع شعبية مسجلة أعدادا كبيرة من الزائرين سواء من الشباب أو البالغين. وقد برز أخيرا جراء الافتقار للثقافة القانونية الكافية أو تحسبا من عواقب التهديد بالشرف والتي قد تصل في بعض الحالات لتبرأ الأسرة من الفتاة أو الشروع في قتلها وفق ما يسمى «بجرائم الشرف» إلى استجابة الفتاة لجل التهديدات بإقامة علاقة غير شرعية.
إلا أن الإكراه بالتخويف والتهديد مما يوقع بدوره في نفس المرأة الرهبة والتخويف، ما يحملها على إقامة علاقة غير شرعية والتي تسمى وفق المذهب الحنبلي بالإكراه المعنوي، لينقل الجريمة من الزنا إلى الاغتصاب، والذي يشترط فيه أن يكون على قدر من الجدية والخطورة، بحيث يحدث أثره في نفسية المرأة، بما يحملها على مواقعة الرجل. وعلى ضوء القانون المصري والذي يستند في تشريعاته على المذهب الحنفي فقد عرف الإكراه الأدبي (المعنوي) تمييزا بينه وبين الإكراه المادي، في أنه لا يتم باتخاذ وسائل قسرية أو مباشرة عنف على المجني عليها، وإنما يساهم في الحد من حرية الاختيار وإجبار المجني عليها الالتزام برغبات الجاني.
ولأن الإكراه يؤثر على الإرادة ويشل من فعاليتها من خلال التهديد في المساس بالحرية والعرض والشرف والاعتبار، ولما يوقعه التهديد من أثر في شل إرادة المجني عليها بحيث تخضع لرغبات الجاني وتمتنع عن المقاومة، يعاقب الجاني ويجرم بالسجن لمدة تصل إلى سبعة أعوام مع الأشغال الشاقة.
من جهة أخرى، أفتى الشيخ محمد بن عثيمين بسقوط حكم القصاص في حال قتل الجاني لمن لا يدفع شره سوى بالقتل مستندا على ما ذكره ابن تيمية، وهو «ان من صال على نفسه أو حرمته أو مال له آدمي أو بهيمة فلهو الدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به». وسواء كان يريد القتل أو الفاحشة أو انتهاك العرض أو يريد الأذية التي دون القتل أو دون انتهاك العرض.
والسؤال الذي يفرض نفسه، أليس قتل أي فتاة لمن هددها بشرفها هو دفع الصائل الذي لا يدفع شره سوى بالقتل؟! يجيب على ذلك المستشار الشرعي خالد المهيدب الذي أكد كثرة قضايا وقائع الابتزاز التي تمارس على الفتيات لإقامة علاقات جنسية غير شرعية استنادا إلى المكالمات المسجلة والرسائل إلى جانب الصور. موضحا انه غالبا ما يتم اللجوء إلى ذلك في حال إنهاء الفتاة للعلاقة نتيجة لارتباطها بالزواج من رجل آخر، وتخوفا من الفضيحة وأمام الضغط النفسي الذي يمارس عليها.
وأكد أن السواد الأعظم من الفتيات ينصعن ويستجبن للتهديدات وتمكين أنفسهن للشباب خوفا من الفضيحة والعار. مرجعا ذلك إلى عدم وجود أي جهة رسمية معلنة تتولى معالجة وإنهاء الابتزاز والتهديد الممارس على الفتيات.
من جهة أخرى، ذكرت لـ«الشرق الأوسط» (ن. س) إحدى الفتيات اللاتي لجأن إلى مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عقب أن ابتزت وهددت بوثائق احتفظ بها من كانت على علاقة به، أنه تفاديا لانفضاح أمرها لدى والدها وأشقائها بالإضافة إلى تخوفها من كشف أمرها لخطيبها، أجبرت على الانصياع له بادئ الأمر، لتمكنه من نفسها في إحدى الشاليهات بمدينة الرياض، ليزيد ذلك من الأمر سوءا باحتفاظه بتسجيل مصور.
وأوضحت أن عدم مجاراتها له بعد ذلك كان سببا في إفشاء الأمر لوالدها ولإخوتها إلى جانب خطيبها الذي قرر الانفصال عنها، مضيفة أن لجوءها إلى مركز الهيئة كان لإنهاء التهديدات التي لم تنفك حتى عقب اضطلاع أسرتها التي لم تكن لتعلم جل التفاصيل حتى الساعة، لينتهي الأمر بنصب كمين للجاني.
من ناحية أخرى أكد المستشار المهيدب في واقعة أخرى وبعد نصب كمين لأحد الشباب ممن عمد على ابتزاز إحدى الفتيات واستدراجها بالتهديد في نشر صورها على الانترنت، والتي اضطرها الأمر إلى تمكين نفسها له، احتفاظه لتوثيق تهديداته بمجموعة من الأشرطة المصورة والأقراص المدمجة لمجموعة من الفتيات في صور مخلة كان قد أقام علاقات غير شرعية معهن.
ولا يقتصر التهديد والابتزاز على الرجل وإنما قد تعمد إليه بعض النساء، كما جرى منذ ثمانية أعوام من ابتزاز وتهديد امرأة لرجل متزوج بإفشاء أمر حملها منه لأسرته مقابل مبلغ من المال، ليلجأ إلى قتلها ووضعها في كيس للقمامة وذلك من أجل إسكاتها.
من جانب آخر اشترطت الشريعة الإسلامية لقيام المسؤولية الجنائية وإيقاع عقوبة القصاص في القاتل أن يكون القتل عمدا وعدوانا خاليا من شبهة عدم القصد، لا أن يكون دفاعا عن حق، وجعلت عفو أولياء الدم مسقطا للعقوبة.
وكما أوضح المحامي خالد المطيري أنه لم يتوسع الفقهاء القدماء كثيرا في مسألة الدفاع عن الحق مستندين في ذلك إلى الآية الكريمة «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين»، وخلصوا إلى أن الدفاع عن الحق يشترط له اللزوم والتناسب وهو لزوم القتال لدفع الضرر عن الحق، وفي الحالات التي لا يلزم فيها القتال بوجود حلول أخرى فإنه لا يعد دفاعا عن النفس، ولم يعرفوا تطبيقا لمبدأ الدفاع عن الحق المسقط للقصاص باستثناء (دفع الصائل).
وأشار المطيري إلى أنه لم تخرج الكثير من التشريعات عما هو موجود في الشريعة الإسلامية في تقرير حق الدفاع الشرعي باستثناء نظرتها الواسعة للضرر بشقيه المادي والمعنوي الذي عرف معه ما يعرف بالأذى النفسي الذي يتعرض له الجاني من المجني عليه الذي قد يكون شديدا ودافعا لارتكابه جريمة القتل، مضيفا أنه من غير المنطقي أن لا يعتد بهذا الأذى وأخذه بعين الاعتبار وجعله سببا مخففا للعقوبة.
ونوه المطيري إلا انه مع تطور العلوم الإنسانية وبالأخص النظريات الاجتماعية وعلم العقاب والجريمة أظهرت الكثير من الدراسات ما يعرف ببواعث ودوافع الجريمة وأمدت القوانين المختلفة بما يعرف بالأسباب المخففة للعقوبة تبعا لحالة الجاني النفسية وتاريخه العائلي والمرضي والضغوط التي تعرض لها قبل ارتكابه للجريمة، كما أظهرت أن الأذى النفسي الذي يتعرض له الإنسان أو يكون مهددا بالتعرض له قد يكون أقوى وأشد تأثيرا من الاعتداء المادي.
وبالرغم من ثراء وسعة الشريعة الإسلامية كمصدر تشريعي، يرى المحامي أنها لم تحظ بالدراسات المتخصصة والمتعمقة في هذا الجانب إضافة إلى نقص تأهيل بعض القضاة وقلة اطلاعهم على ما استجد في الحقل القانوني والاجتماعي في هذا المجال.
وأكد على أن الكثير من التشريعات وجدت في التقنين طريقة مثلى لتجاوز هذا النقص المعرفي وطورت تشريعاتها وفقا لآلية لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية وتتماشى مع روح العدالة كما المشرع السوداني.
من جانبه، أكد الدكتور أسعد صبر، استشاري الطب النفسي، ضرورة تكوين لجان مختصة تشمل أخصائيين نفسيين واجتماعيين وتحت مظلة وزارة الداخلية لتقييم حالة مرتكبي جرائم القتل ومدى استقرارهم النفسي، مشددا على ضرورة اعتماد الطب النفسي الجنائي (الشرعي) كما هو متبع في سائر الدول العربية والغربية، أثناء مجريات التحقيق وعقب صدور الحكم.
وأوضح المستشار النفسي أن ارتكاب جرائم القتل وبالأخص من قبل الأحداث أو من هم في مقتبل العشرينات يكون عائدا إلى انعدام الاستقرار النفسي جراء ضغوط لمشكلة ما، أو معاناتهم من اضطرابات الشخصية التي تجعلهم غير قادرين على التفكير في عواقب الأمور، وغالبا ما تتسم شخصياتهم بالاندفاع والتهور، إلى جانب احتمالية معاناة الجاني من مرض نفسي أو اضطراب في الشخصية والذي يتميز بتلذذه في تعذيب الآخرين وعدم شعوره بالندم، موضحا أن لجوء الجاني إلى تشويه الجثة عقب قتلها يعود إلى اضطراب أو اكتئاب ذهاني أو انفصام بالشخصية.
وأكد الدكتور أسعد صبر على مدى شدة الضغط النفسي الذي يتسبب به التهديد والابتزاز جراء عدم التمكن من التحكم بمجريات الحياة، مضيفا إلى ذلك تفاقم الضغوط النفسية في حال تهديد المرء بشرفه وعرضه. عفا عن قاتل ولده..
* ذكر الشيخ فهد بن أحمد الراشد السهر، سعودي يسكن مدينة القريات في منطقة الجوف شمال السعودية، أنه عفى عن قاتل ولده في ساحة القصاص الأسبوع الأول من شهر أغسطس الجاري، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» بأن شعوره يوم تلقى خبر مقتل ولده كان ثابتا، مضيفا أنه قال في تلك اللحظة «لا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبي الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون».. «وجميع أهلي وأقربائي تركوا قتل ولدي واهتموا بي، لأنهم كانوا يجهلون ردة فعلي، وكانوا يخشون أن أحمل سلاحي وأتجه لأهل القاتل للأخذ بالثأر».
وقال السهر بأنه «بعد اليوم الثالث من دفن ولدي المقتول، جاءني إمام وخطيب مسجد في الحي الذي أسكن فيه، يتشفع لدي من أجل السماح لأهل القاتل بتعزيتي في ولدي، وسمحت لهم بدخول بيتي وتقديم واجب العزاء».
وأشار الشيخ فهد أنه بعد مضي أكثر من شهر على مقتل ولده، بدأت الوساطات من جميع أنحاء المملكة سواء من الأفراد العاديين أو الأعيان أو مشايخ القبائل أو مندوبي بعض الأمراء وبعض الجهات، مضيفا أنه استقبل «وساطة من المملكة الأردنية الهاشمية، واستمرت هذه الوساطات فترة خمسة أعوام، وهي المساحة الزمنية الفاصلة بين قتل ولدي وصدور حكم القتل قصاصا ضد القاتل، وجميعهم يطلبون العفو والصفح عن القاتل لوجه الله تعالى، ورفضت جميع هذه الوساطات لأمر في نفسي، يتمثل في أنني لو أردت العفو فإنني أرغب في ربط العفو بيني وبين الله سبحانه وتعالى مباشرة، وليس بيني وبين مخلوقين، وليس في هذا أي انتقاص لكل من سعى في سبيل العفو عن القاتل، وكنت أتكدّر وأتأثر نفسيا عندما أرد أي شخص جاء للتوسط، خاصة وأنه يخرج من بيتي متأثرا وخائب الأمل، وكان ردي لهم جميعا واحدا، وهو أن موعدنا ساحة القصاص، وإن شاء الله يصير خير».
واعترف السهر بأنه كان طيلة الفترة التي تلت مقتل ولده، تحت صراعات داخلية في نفسه عنيفة ومؤلمة، معتبرا أن «أمر المطالبة بتنفيذ القصاص أو العفو ليس بالأمر السهل، خاصة وأن القاتل قتل ولدي فلذة كبدي وزينة حياتي وأغلى ما أملك في هذه الدنيا، وقبل تنفيذ حكم القصاص بشهر قررت العفو عن القاتل لوجه الله في ساحة القصاص، واحتفظت بهذا الأمر في نفسي، ثم بحت به لزوجتي أم ولدي المقتول».