زهير
08-16-2005, 11:24 AM
د. طارق العلوي
tariqmailbox@hotmial.com
في ذكرى مرور خمسة عشر عاما على الغزو العراقي للكويت، وضعت قناة الـ «بي بي سي» على موقعها على الانترنت صفحة ليشارك القراء بتجاربهم وذكرياتهم حول الغزو, في هذه الصفحة آراء عراقية صريحة لا تجامل الكويتيين وتعكس أمورا تستحق ان نعلمها لأبنائنا حتى نكون منصفين للتاريخ.
ففي أيام الغزو، كان البعض من أفراد الجيش العراقي غير مقتنع بغزو الكويت، بل ان بعضهم كان يقف في صف الكويتيين ما أمكنه ذلك, يقول محمد احمد علي (بغداد - العراق): «كنت من المشاركين في الغزو, حينها كنت ضابطا في الحرس الجمهوري وفي ساعة الصفر لم أكن أصدق أو أتوقع ان يكون الأمر حقيقيا وغالبية رفاقي كانوا على التفكير والعقيدة انفسهما، ولكن نحن عسكر وعلينا تنفيذ الأوامر مهما كانت، هكذا تعلمنا منذ دخلنا الجيش ولكني كنت أقدم المساعدة للمواطنين الكويتيين بدافع العروبة وبغض النظر عن الأوامر الصادرة الينا».
خلال فترة الغزو كان التلفزيون العراقي يبث فرح العراقيين و«هوساتهم»، فهل كان ذلك يعكس حقيقة رد فعل أهل العراق لما حدث من غزو للكويت؟ يقول محمد ابراهيم الذي كان عمره آنذاك 11 سنة:
«أكد لي هذا الحدث ان هذا البطل الورقي (صدام) خال من كل معاني الأخلاق والانسانية بل انه يعاني من انفصام الشخصية والعراقيون منه براء, أنا أتكلم كشخص عاش الواقع ولا يهمني سوى قول الحق», وقد كان العراقيون الذين رفضوا الغزو يخفون معارضتهم خوفا من التعذيب والتنكيل بهم وبأهلهم، وبعضهم كان يخفي معارضته لصدام ونظامه حتى قبل غزو الكويت بفترة طويلة، من هؤلاء حسين الميالي الذي لم يفاجأ بغدر صدام وخيانته: «هذا ما كان متوقعا من قائد أرعن ولكن مع كل الأسف لا نستطيع كشف حقائق من نعاشرهم حتى نواجههم، ولعل هذه هي حقيقة العرب! طالما اشتكى العراقيون ممن سمى نفسه قائدا للعرب ولهم، ونادوا بأعلى صوتهم: يا عرب زماننا قد جار بنا الظلم,,, أغيثونا» بينما كانت تصل الإغاثة الى غير مستحقيها, في الحقيقة عندما تضع السكين في يد مجنون فلا تتصور الا الخطر على من هم حوله كما حدث من قبل صدام في الكويت وايران والعراق نفسه».
وهؤلاء المعارضون في السر كثيرون، الا ان بعض العراقيين لم يطيقوا ايذاء اخوانهم في الكويت ولم يستطيعوا ان يكتموا معارضتهم لغزو الكويت، كما حدث لسركان من محافظة اربيل: «أنا كنت في العراق, الحمد لله لم أشارك في أي شيء، بل شاركت في مناهضة واحتجاج ضد الغزو الصدامي لشقيقتنا دولة الكويت, فقد أعدم عمي رميا بالرصاص لأنه قال: أنا لا أشارك كجندي في غزو دولة الكويت، فأعدمه صدام».
وقد كان التأثير على بعض العراقيين كبيرا لدرجة انهم غيروا فكرتهم عن الوحدة العربية بعد أحداث الغزو من أمثال طالب اليساري من بغداد: «كنت حينها في سجن أبو غريب ـ قسم الأحكام الخاصة، وفي الليلة الثانية أو الثالثة للغزو وفي وقت متأخر ليلا سمعت صراخ أسرى كويتيين في قطاع المخابرات كانوا يعذبون، وميزت هتافات بعضهم وهم يصرخون «عاش الأمير»، أما عن رأيي فإني لا أشفق على دعاة الوحدة العربية اذا كان هذا طريقها».
هذا لا ينفي بأي حال أن من العراقيين من وقفوا وما زالوا يقفون مع صدام قلبا وقالبا سواء لمصالح شخصية أو لسوء نية أو لفهم خاطئ كما هي الحال مع سلام منعثر سلطان الذي ما زال مؤمنا بأن «الكويت هي جزء من العراق العظيم سرقه الاستعمار»، إلا ان هذا التفكير بدأ يتغير تدريجيا، وبدأ بعض العراقيين يدرك الأمور بصورة أفضل مثل عبدالحسين الكلابي الذي يقول: «الى سلام منعثر من العراق أقول: الى متى تبقى هذه العقلية، التي تقول ان الكويت جزء من العراق؟ اذا كنت تبحث عن العراق التاريخي فيتعين عليك المطالبة بدير الزور في سورية وديار بكر في تركيا والرويشد في الأردن والمحمرة في ايران، وهذه كلها ذهبت من العراق بعد الاستقلال الفعلي للكويت! اتقوا الله يا ناس، الكويت بلد مستقل وشعبها أقرب العرب الينا، وبلدنا الآن يحترق وأنت تبحث عن ادعاءات صدام الشيطانية، فمثل هذا الكلام يبدو مضحكا حتى لو كان العراق مستقرا، فكيف به وقد أحرقه أزلام صدام بنار لا تنطفئ الا بأن نعيد طريقتنا في التفكير!».
أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت
tariqmailbox@hotmial.com
في ذكرى مرور خمسة عشر عاما على الغزو العراقي للكويت، وضعت قناة الـ «بي بي سي» على موقعها على الانترنت صفحة ليشارك القراء بتجاربهم وذكرياتهم حول الغزو, في هذه الصفحة آراء عراقية صريحة لا تجامل الكويتيين وتعكس أمورا تستحق ان نعلمها لأبنائنا حتى نكون منصفين للتاريخ.
ففي أيام الغزو، كان البعض من أفراد الجيش العراقي غير مقتنع بغزو الكويت، بل ان بعضهم كان يقف في صف الكويتيين ما أمكنه ذلك, يقول محمد احمد علي (بغداد - العراق): «كنت من المشاركين في الغزو, حينها كنت ضابطا في الحرس الجمهوري وفي ساعة الصفر لم أكن أصدق أو أتوقع ان يكون الأمر حقيقيا وغالبية رفاقي كانوا على التفكير والعقيدة انفسهما، ولكن نحن عسكر وعلينا تنفيذ الأوامر مهما كانت، هكذا تعلمنا منذ دخلنا الجيش ولكني كنت أقدم المساعدة للمواطنين الكويتيين بدافع العروبة وبغض النظر عن الأوامر الصادرة الينا».
خلال فترة الغزو كان التلفزيون العراقي يبث فرح العراقيين و«هوساتهم»، فهل كان ذلك يعكس حقيقة رد فعل أهل العراق لما حدث من غزو للكويت؟ يقول محمد ابراهيم الذي كان عمره آنذاك 11 سنة:
«أكد لي هذا الحدث ان هذا البطل الورقي (صدام) خال من كل معاني الأخلاق والانسانية بل انه يعاني من انفصام الشخصية والعراقيون منه براء, أنا أتكلم كشخص عاش الواقع ولا يهمني سوى قول الحق», وقد كان العراقيون الذين رفضوا الغزو يخفون معارضتهم خوفا من التعذيب والتنكيل بهم وبأهلهم، وبعضهم كان يخفي معارضته لصدام ونظامه حتى قبل غزو الكويت بفترة طويلة، من هؤلاء حسين الميالي الذي لم يفاجأ بغدر صدام وخيانته: «هذا ما كان متوقعا من قائد أرعن ولكن مع كل الأسف لا نستطيع كشف حقائق من نعاشرهم حتى نواجههم، ولعل هذه هي حقيقة العرب! طالما اشتكى العراقيون ممن سمى نفسه قائدا للعرب ولهم، ونادوا بأعلى صوتهم: يا عرب زماننا قد جار بنا الظلم,,, أغيثونا» بينما كانت تصل الإغاثة الى غير مستحقيها, في الحقيقة عندما تضع السكين في يد مجنون فلا تتصور الا الخطر على من هم حوله كما حدث من قبل صدام في الكويت وايران والعراق نفسه».
وهؤلاء المعارضون في السر كثيرون، الا ان بعض العراقيين لم يطيقوا ايذاء اخوانهم في الكويت ولم يستطيعوا ان يكتموا معارضتهم لغزو الكويت، كما حدث لسركان من محافظة اربيل: «أنا كنت في العراق, الحمد لله لم أشارك في أي شيء، بل شاركت في مناهضة واحتجاج ضد الغزو الصدامي لشقيقتنا دولة الكويت, فقد أعدم عمي رميا بالرصاص لأنه قال: أنا لا أشارك كجندي في غزو دولة الكويت، فأعدمه صدام».
وقد كان التأثير على بعض العراقيين كبيرا لدرجة انهم غيروا فكرتهم عن الوحدة العربية بعد أحداث الغزو من أمثال طالب اليساري من بغداد: «كنت حينها في سجن أبو غريب ـ قسم الأحكام الخاصة، وفي الليلة الثانية أو الثالثة للغزو وفي وقت متأخر ليلا سمعت صراخ أسرى كويتيين في قطاع المخابرات كانوا يعذبون، وميزت هتافات بعضهم وهم يصرخون «عاش الأمير»، أما عن رأيي فإني لا أشفق على دعاة الوحدة العربية اذا كان هذا طريقها».
هذا لا ينفي بأي حال أن من العراقيين من وقفوا وما زالوا يقفون مع صدام قلبا وقالبا سواء لمصالح شخصية أو لسوء نية أو لفهم خاطئ كما هي الحال مع سلام منعثر سلطان الذي ما زال مؤمنا بأن «الكويت هي جزء من العراق العظيم سرقه الاستعمار»، إلا ان هذا التفكير بدأ يتغير تدريجيا، وبدأ بعض العراقيين يدرك الأمور بصورة أفضل مثل عبدالحسين الكلابي الذي يقول: «الى سلام منعثر من العراق أقول: الى متى تبقى هذه العقلية، التي تقول ان الكويت جزء من العراق؟ اذا كنت تبحث عن العراق التاريخي فيتعين عليك المطالبة بدير الزور في سورية وديار بكر في تركيا والرويشد في الأردن والمحمرة في ايران، وهذه كلها ذهبت من العراق بعد الاستقلال الفعلي للكويت! اتقوا الله يا ناس، الكويت بلد مستقل وشعبها أقرب العرب الينا، وبلدنا الآن يحترق وأنت تبحث عن ادعاءات صدام الشيطانية، فمثل هذا الكلام يبدو مضحكا حتى لو كان العراق مستقرا، فكيف به وقد أحرقه أزلام صدام بنار لا تنطفئ الا بأن نعيد طريقتنا في التفكير!».
أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت