المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رجال الدين الشيعة وتأثيرهم في ايران



على
08-16-2005, 12:00 AM
محمد الأمين / طهران


http://elaph.com/elaphweb/Resources/Images/Reports/2005/8/Thumbnails/T_086d53a6-0ea2-42d1-850b-7dca932de7ff.jpg

ربما يساهم هذا التحقيق المخصص عن رجال الدين الشيعة الذين يصطلح الشارع الايراني عليهم بالروحانيت اوالروحانيين او (الآخوندية) في تقديم فكرة مختصرة عن نشوء التيار الديني في ايران كما قد يسلط بعض الضوء على النقاط المشتركة التي تجمع بين هذا التيار والحركات الاسلامية في الوطن العربي.اذ أعتقد ان الهجوم العنيف الذي يشنه بعض الليبراليين العرب من الماركسين القدامى، المفتقر للخطاب الرصين والمتسم بالشعارات الهجائية الواردة من قاموس الاحزاب الشيوعية ذات الباع الطويل في مجالي التسقيط والتشهير، لايمكن لها ان تكون مؤثرة في تقويض مكانة التيار السلفي بقدر ماتضيف لرصيده الجماهيري وكان من الجدير بهذا الصنف من المتلبرلين الجدد عدم القفز على حقيقة ان اساسيات الفكر الليبرالي في ايران وضع لبنتها رجال الدين المتنورين حالها حال التجربة العربية التي تشترك معها بالانتساب الى المؤسس الاول السيد جمال الدين الأسدآبادي(الأفغاني). وتفترق معها بسبب تمايز التجربة الايرانية بانفتاحها على الحداثة الاوربية بفعل الهزيمة العسكرية وليس نتيجة الغزو الاستعماري كما هو الحال بالنسبة للبلدان العربية وعلى هذا يمكن فهم الحوارات التي أقامها الاسدابادي مع المفكر الفرنسيين ارنست رينان اذ ينطلق الاسد ابادي من ارث عريق في التواصل مع الثقافة الاوربية يمتد من العهد الصفوي.

مثّلت شريحة الروحانيين وعلى مدار عدة قرون المصدر والمنبع الاول للثقافة والعلوم ن في ايران.ولايستقيم اي رصد للتغيير الذي طرأ على المجتمع الايراني ومارافقه من تجدد وتحولات عميقة في الحياة الاجتماعية إن لم يشمل هذه الشريحة. وتشكّل الحرب الايرانية الروسية في النصف الأول من القرن التاسع عشر الحدث المؤسس الذي دفع المجتمع الايراني الى ضرورة اخذ العلوم والمعارف الجديدة.

الحرب الايرانية الروسية وبداية الحداثة

لقد شجع الروحانيون الشيعة رجال الحكم على خوض هذه الحرب الا ان الخسارة الفادحة التي مُني بها الايرانيون بسبب التفوق العسكري الروسي وما ترتب عليها من موافقة ايران على معاهدة تركمان شاي المُذلة 1828، شكّلت تحولا في فكر رجال الدين الشيعة، في هذا الصدد يقول عالم الاجتماع الايراني الدكتور أحسان نراقي:

"استولى علماءالشيعة في العهدين الصفوي والقاجاري على أهم المفاصل الفكرية والتعليمية والفنية.لم يكن هناك من امر خارج سلطتهم.لكن مع الحرب الايرانية الروسية التي اندلعت بتحريض من رجال الدين واعلان الجهاد من قبل آية الله سيد محمد مجاهد ومع موافقة ايران على اتفافية تركمان شاي تغييرت الاوضاع في ايران وحينما أدرك الساسة الايرانيون حجم الهزيمة الكبرى التي لحقت بهم وانطلاقا من حرصهم على تحويل بلادهم الى قوة ذات شأن في الوسط الدولي لم يكن امامهم من خيار سوى تأسيس جيش مجهّز بالعلوم والفنون المعاصرة.ان الخطوة الاولى التي أقدم عليها عباس ميرزا بعد الحرب مباشرة تمثلت باستدعاء خبراء عسكريين من النمسا وبريطانيا وفرنسا لتدريب وحدات مدفعية وتنظيم صفوف الجيش الايراني.وهي الخطوة التي لم يعترض عليها الروحانيون الشيعة".

ويمكن اعتبار عملية التأثير على الرأي العام الايراني أثناء الحرب وبعدها من الأسباب التي دفعت رجال الدين للاهتمام بالعلوم العصرية، في هذا الصدد يكتب نراقي:

" حينما مر سيد محمد مجاهد أثناء توجهه نحو جبهة الحرب بمدينة قزوين توقف في مسجد المدينة لأداء الصلاة، وقد توضأ من حوض الماء الذي يتوسط باحة المسجد، لقد أعتبر الناس هذا الماء ماْءا مباركا وقد نقلوا كل الماء الموجود في الحوض بالدلاء الى بيوتهم ليتباركوا به.لكن بعد عام من هذه الحادثة حيث انتصارالروس على ايران تم تمرير جنازة السيد محمد مجاهد الذي توفي في احدى الجبهات متاثرا بمرض القولنج سرا في مدينة قزوين كي لايتعرض جثمانه الى هجوم الناس الذين اعتبروا رجال الدين سبب الهزيمة فهم من أضفى طابع الجهاد على الحرب.من جهة اخرى اعتبر رجال الدين ان عليهم ان يكونوا أكثر حيطة في تعاملهم مع القضايا المرتبطة بالحرب لأن العلم والتكنيك هما السلاح الحاسم في المعركة.الأمر الذي دعاهم للموافقة على تهيئة الارضية للعلوم والمعارف المستوردة.

بعد ثلاثين عاما من الانفتاح الكبير على الحداثة الغربية الذي أسس له الولي عهد المتنور عباس ميرزا وبجهود الصدر الأعظم لناصر الدين شاه، قائم مقام فراهاني الملقب بامير كبير تم تأسيس مدرسة دار الفنون وهي المدرسة التي خرجت الرعيل الاول من المثقفين الايرانيين المهتمين بالانفتاح على العلوم الغربية،منها برز رجال دين ايرانيون فتحوا آفاقا جديدة في الفكر الاسلامي وكان في طليعتهم السيد جمال الدين الأسدآبادي (الأفغاني) يقول الباحث ورجل الدين الايراني محمد اسفندياري :

لاشك أن السيد جمال الدين الأسدآبادي هو أب التحديث الفكري في العالم الأسلامي، أن مشروعه يتلخص بأحياء الاسلام والمسلمين.

وفي سياق ثورة الدستور عام 1906 ابدا علماء الدين استعدادهم لقبول ومسايرة التحولات الكبرى التي عصفت بالمجتمع الايراني وأقروا بعدم امكانية اهمالها، يقول آية الله بجنوردي:
ان آية الله آخوند خراساني هو واحد من مؤسسي ثورة الدستور، من المدارس الدينية في مدينتي مشهد والنجف برز هذا العالم الفاضل وقد كان مؤثرا في احداث ثورة الدستور ورافقه في خوض المباحث الفكرية علماء آخرون نشأوا بدورهم في الحوزات العلمية الدينية كالمرحوم ميرزا النائيني صاحب كتاب تنبيه الأمة. وبرهنوا ان الحوزات العلمية لاتقتصر على المباحث الفقهية المرتبطة ببحث العبادات والمعاملات، اذ يخصص الفقه الكثير من بحوثه لفرع السياسة والمسائل المتعلقة بالحكم.

رفض المدارس الحديثة

ان التقاليد الثقافية والاجتماعية كانت من القوة انها لم تنسجم بشكل تام مع التحولات الجديدة، ان التحدي الاكبر الذي شغل الايرانيون آنذاك كان بخصوص المدارس الحديثة التي تعتمد المناهج الغربية وانتشارها الى جنب المدارس الدينية في المدن الايرانية.فقد أثارت حفيظة رجال الدين السلفيين وقللت من شأن العلوم المتداولة في مدارسهم المصطلح عليها بالحوزات العلمية.احسان نراقي:

نقل لي أبي أن رجل دين قال من على منبر المسجد أن علم الكيمياء كفر.لقد أشاع رجال الدين السلفيون بين الناس أن العلوم الجديدة تتضمن الالحاد بالله.في المقابل كانت هناك فئة من علماء الدين واصلت مسيرة السيد جمال الدين واولوا اهمية فائقة للعلوم.كان السيد يعتقد بانسجام الاسلام مع العلم والتجدد وكانت له مناظرات ومساجلات في باريس مع ارنست رينان أكد فيها ان لاتنافر بين الاسلام والعلوم العصرية.

ان الصلة بين العلوم الحديثة والدين كانت بمثابة المشروع الرئيس لخط الاصلاح الديني في ايران على مدار عدة عقود.الخط الذي ناضل من اجل اثبات توافق الدين مع العلم.مع ثورة الدستور المعروفة بالمشروطة اخذت الحوزات الدينية باجراء تعديلات غير شكلية في برامجها.يقول ابراهيم يزدي أحد أبرز مفكري التيار الوطني – الديني في هذا الشأن:

علماء كثيرون من داخل الحوزات العلمية كانوا يؤمنون بضرورة اجراء تغيير جذري في مناهج الحوزات الدينية لكنهم لم يمتلكوا الجرأة يكتب السيد نجفي قوجاني في كتابه سياحة الشرق وهو من السير الذاتية لاحد رجال الدين في الفترة المتزامنة مع ثورة الدستور : ذات مرة كنت اصغي لدرس أحد كبار العلماء وخطر في ذهني هذا السؤال :
ماذا ينفع كلامه لدنيانا و آخرتنا؟".

جسر بين رجال الدين والحداثة

بعد عشرات السنوات من ثورة الدستور لم توافق الحوزات الدينية على المشروع التحديثي وبالرغم من ان مجئ ايت الله السيد حائري يزدي الى مدينة قم منح هذه المدينة اعتبارا كبيرا وثقلا علميا بين المراكز الدينية الاخرى.الا ان المساعي الرامية الى تجديد الخطاب الديني كانت تصدرفي اغلب الاحيان ان لم يكن في جميعها من خارج الحوزات الدينية.

وعلاوة على جهود التيار الاصلاحي لابد من الاشارة الى الدور الكبير الذي اضطلعت به الدولة الايرانية لتجديد الفكر الديني ومن هذه النقطة المشتركة انبثقت بوادر التعاون والتنسيق بين الحكومة الايرانية ورجال الدين المجددين الذين كان لهم دور لايستهان به في تأسيس بنى الدولة الايرانية الحديثة ودعم المشاريع العمرانية الكبرى.احسان نراقي:

لقد تم تأسيس مدرسة العدلية من قبل جمع من رجال الدين المتنورين ممن أوجدوا مقاربات بين القوانين الغربية والاحكام الدينية.الحقلان الرئيسيان اللذان وقعا في صلب اهتمام رجال الدين هما حقل القضاء وحقل التربية والتعليم. وكلاهما كانا تحت اختيار رجال الدين.ونظرا لموافقة علماء الدين على استيراد العلوم من الغرب بعد الحرب الايرانية الروسية وبعد ان ثبت للروحانية ان حوزاتها العلمية غير قادرة على صناعة المدافع.لقد قال رضا شاه لرجال الدين بالحرف ان كنتم تريدون مني ان اناضل ضد الكابيتولاسيون بغية الغائه فان ذلك يستدعي تحديث العدلية كي لايقول لي الاوربيون انهم غير قادرين على الدخول اليها والتشاور معها لكونها مبنية على الشريعة فقط.لذا وافق رجال الدين على تاسيس جديد للعدلية يكون لرضاشاه فيها الكلمة النهائية.لقد تأسست العدلية في بدايات المشروطة. ومع التاسيس الجديد لها وبفضل جهود اسماء لامعة مثل معتمد الدولة ومشير الدولة والدكتور مصدق وايت الله حسن مدرس استطاعت لجنة تدوين القوانين تدوين عشرات القوانين استنادا الى القوانين المدنية الاوربية من جهة والشرع والفقه الاسلامي من ناحية اخرى.

رضا شاه وتربية رجال الدين

لقد حاول رضا شاه من خلال تاسيس كلية المعقول والمنقول تربية جيل جديد من رجال الدين يمتاز بالمعاصرة والانفتاح على القضايا الراهنة ورغم اخفاقه في انجاز هذا المشروع لكن يمكن القول ان تأثيراته شملت الكثير من رجال الدين الذين انتسبوا الى كلية المعقول والمنقول. احسان نراقي
لقد هيأت كلية المعقول والمنقول الأرضية الملائمة لانفتاح رجال الدين المتنورين على العلوم الجديدة. الدكتور بهشتي والدكتور مفتّح والسيد محمد جواد باهنر هم من أكبر رجال الثورة الاسلامية وكانوا من خريجي هذه الكلية.لذا قلت ذات مرة ان الثورة الاسلامية هي ثمرة جهود الدكاترة الدينيين.وقد نقل لي الدكتور بهشتي انه درس لمدة عامين متتاليين تاريخ الفلسفة الجديدة على يد الاستاذ صدّيقي.
لقد انصب اهتمام أغلب خريجي كلية المعقول والمنقول بالجانب القضائي خلافا لاهداف رضا شاه الذي أراد من هذه الكلية ان تكون مركزا لتربية جيل جديد وعصري من رجال الدين.

بدايات ظهور التنوير الديني

كان للمراكز العلمية التي أشرف على إدارتها في أربعينيات القرن الماضي شخصيات تحمل ثقافة دينية متنورة دور بالغ الأثر في الترويج لطرائق مغايرة في الفكر الديني.ويمكن اعتبار رجل الدين المتنور السيد محمود طالقاني والمهندس مهدي بازرگان استاذ المعهد التكنولوجي أهم رموز الفكر الديني المتنور في ايران.ابراهيم يزدي:

ان التحول الكبير في الفكر الديني كان ثمرة جهود المرحوم السيد طالقاني الذي دعا الى العودة للقران والمرحوم المهندس بازرگان والدكتور سحابي في الوسط الجامعي بالاضافة الى جهود الدكتور شهاب پور في كلية الحقوق.وكان لكل منهم اسلوبه الخاص في تحديث الفكر الديني وتاسيس مراكز ومنابر ناشطة في اشاعة لفكر الديني المتنور كالمركز الاسلامي (طالقاني وبازركان) واصدار مجلات دانش اموز وايمان وتاسيس معهد تبليغات اسلامي(شهاب پور).

ولابد من الاشارة الى تيارين مؤثرين في الوسط الجامعي يتمثل الأول بالمجمع الاسلامي للطلبة الجامعيين(انجمن اسلامي دانشجويان)والذي تاسس في بدايات العقد الرابع من القرن المنصرم وقد ساهم كل من ايت الله طالقاني والمهندس بازركان في تأسيسه والتنظير له.اما التيار الثاني فهو تيار الالهيون الاشتراكيون وقد وضع أسسه النظرية كل من المهندس جلال الدين آشتياني والدكتور شكيب نيا ومحمد نخشب وسيد جواد رضوي والدكتور كاظم يزدي.وهو التيار الذي يمكن اعتباره الجناح اليساري المتنور ورغم مسيرته المتعرجة لكنه ساهم في خلق تيار ديني متنور يمكن اعتبار الدكتور علي شريعتي من بين رموزه.

المهندس بازرگان

لاشك ان المهندس بازركان هو المصلح الديني الاكثر حضورا في التاريخ الايراني المعاصر.تنبع أهميته من كونه جدد الفكر الديني من خارج الحوزات الدينية.كان من ضمن البعثات الدراسية الاولى الى اوربا في عهد رضاشاه وحسب سيرته الذاتية فقد استفاد من الفرص الموآتية في رحلته الى اوربا لدراسة دور الدين في المجتمعات الاوربية.ويذكر له احاطته العميقة بالعلوم الدينية والعلوم الحديثة.ان دفاعه عن انسجام الدين مع العلم في ستينات القرن العشرين دفع بالباحث الايراني محمد اسفندياري اطلاق صفة مؤسس التنوير الديني في ايران عليه:

انه اول الشارحين للمباحث الدينية من خارج صفوف رجال الدين.لا احد ينافسه بالشهرة التي حُظي بها في مجال البحث بذهنية معاصرة ومتفتحة للقضايا الدينية في عقد الستينات.
وبما ان الدفاع عن لدين كان من القضايا المشتركة بين رجال الدين والمفكرين المتنورين لذا لابد من التذكير بالتاثيرات التي بازركان على الحوزات الدينية اذ ان معالجاته العلمية الحديثة للشؤون الدينية رسّخت مكانة الفكر الديني وقد اعتمد رجال الدين على مؤلفاته ومن بينها كتاب الطريق السالكة في محاججاتهم وسجالاتهم.

المواجهة بين رجال الدين والمفكر علي شريعتي

يحتل المفكر علي شريعتي مكانة مرموقة لاينافسه عليها مفكر آخر في تاريخ التنوير الديني في ايران في النصف الثاني من القرن العشرين بوجه عام وفي العقد الذي شهد انتصار الثورة الايرانية تحديدا. وفيما اتخذت افكار المهندس بازركان منحى كلاميا حاول من خلاله ازالة الالتباس الظاهري الحاصل بين العلوم العقلية والعلوم النقلية وقد لاقى استقبالا

من قبل الاوساط الحوزوية فقد انتظمت افكار الدكتور علي شريعتي في منظومة اديولوجية سعت الى خلخلة البنى الاجتماعية واعادة صوغها مما دفعها الى اتخاذ مواقف راديكالية من الاصول الفكرية السائدة والتقاليد الاجتماعية الرائجة في المجتمع الايراني ومن البديهي اتن تؤدي عملية أدلجة الدين الى مواجهة عنيفة بين شريعتي والوسط الحوزوي.وبالرغم من ذلك كان هناك اهتمام ملحوظ بافكار شريعتي من قبل بعض رجال الدين المتنورين الذين واظبوا على دراسة افكار شريعتي وحضور محاضراته المبنية على تحليل اجتماعي عميق من جهة وبلاغة ادبية بديعة ربما يمكن اعتبارها الألمع في تاريخ الأدب السياسي االفارسي.،يسجّل المحافظ السابق لمدينة طهران غلام حسين كرباسچي الذي درس العلوم الدينية في مدينة قم في عقدي الستينات والسبعينات الاستذكار التالي:

علاوة على اقتباسهما بعض الرؤى والافكار من الوسط الحوزوي فقد ترك كل من المهندس بازركان والدكتور علي شريعتي اثرا عميقا في الحوزات الدينية واذكر مجئ كبار اساتذة الحوزات الدينية بمن فيهم ايت الله مشكيني من مدينة قم الى مدينة طهران للاستماع الى محاضرات الكتور علي شريعتي التي كان يلقيها ايام الجمع في حسينية الارشاد وذلك في ستينات القرن الماضي.

لقد أبدى التيار الرئيسي في الحوزات الدينية ممثلا بكبار مراجع الشيعة مواقف متزمتة من اجل الحفاظ على البرامج التعليمية المعتمدة في الحوزات والمباحث الفكرية ومع عقد الستينات وتبؤ ايت الله بروجردي مرجعا اكبر للشيعة في ايران لاحت في الافق بوادر التحديث والاهتمام بالقضايا المستحدثة.

تغييرالمقرر الدراسي في الحوزات الدينية من البروجردي الى شريعتمداري

اذا كان ايت الله عبد الكريم حائري يزدي هو المؤسس للحوزة العلمية في مدينة قم فان ايت الله بروجردي هو مؤسس التجدد في النظام التعليمي والتبليغي. لم يكن للبروجردي منافس في زعامته للشيعة ومن هنا نلحظ ان افكاره العصرية انتشرت بين الشيعة في مختلف ارجاء العالم.يقول ايت الله بجنوردي:
لم ينحصر اهتمامه بالساحة الايرانية فقد امر ببناء مسجد في مدينة هامبورغ الالمانية ويعد الى الان من المراكز الاسلامية المهمة.كما اقدم على ارسال المبلغين الى بلدان مختلفة في مقدمتها الهند وباكستان.كما حفّز على الخوض في المسائل العصرية في المباحث الفقهية.

برعاية من ايت الله بروجردي نشأ جيل جديد من طلبة العلوم الدينية كان لهم دور مؤثر في ايجاد تحولات كبرى على صعيد الفقه والمقرر الدراسي في الحوزات الدينية.عن ارسال الدكتور مهدي حائري الى الولايات المتحدة ودور مسجد هامبورغ في تربية اسماء لامعة كالدكتور بهشتي والرئيس الايراني السابف محمد خاتمي يقول ابراهيم يزدي:

في عام 1956 عين البروجردي الدكتور مهدي حائري نجل الشيخ عبد الكريم حائري ممثلا له في واشنطن.وكان الدكتور مهدي حائري من الشخصيات العلمية والثقافية البارزة في ايران وهي خطوة ذات مغزى عميق في مواجهة التيار السلفي الذي استغرب من ارسال رجل دين شاب بعنوان وكيل شرعي الى الولايات المتحدة التي كان السلفيون ينظرون اليها اباعتبارها مركز الكفر والالحاد في العالم. وفي خطوة مماثلة اسس البروجردي مركزا مهما في اوربا وهو مركز هامبورغ.

رفض الخرافات ومشروع التقريب بين المذاهب

يعتقد الصحفي محمد مشكل كشا ان من من الخطوات الشجاعة التي انفرد البروجردي بها من بين اقرانه من مراجع الشيعة هو وقوفه بوجه الخرافات والبدع التي شوهت القضية الحسينية فقد احتمع البروجردي برؤساء الهيئات والمواكب الحسينية ونهاهمم عن ممارسة الكثير من المراسيم الباطلة التي لاعلاقة لها بقضية الامام الحسين بن علي واعتبرها من البدع التي تشوه هذه الحادثة التاريخية. ففي الوقت الذي غض الكثير من مراجع الشيعة النظر عن هذه البدع من اجل كسب اكبر عدد من المقلدين، كان البروجردي جادا في تشذيب المذهب الشيعي من الخرافات التي لحقت به.

يقول الباحث والمترجم محمد مهدي خلجي :

انه المرجع الديني الاول الذي اقام علاقات متينة مع أهل السنة وروّج لمشروع التقريب بين المذاهب الاسلامية كما كان الرائد في دعم البحوث الفقهية بمصادر اهل السنة في مجال رواية الحديث.

فدائيان اسلام والاسلام السياسي

في عقد الخمسينات عصفت الكثير من التحولات الكبرى بالمجتمع الايراني ومن التحديات الاساسية التي واجهت الحوزة العلمية هو ظهور تشكيل سياسي متطرف من داخل الحوزة الدينية حمل اسم فدائيان اسلام وكان مؤشرا على اقتحام الشأن السياسي حجرات الفقه الديني، وهو الأمر الذي لم يحظ بموافقة البروجردي. لقد وجه هذا المرجع الديني برقية لمحمد رضا شاه بعد الاطاحة به من قبل حكومة مصدق عام 1953 يطلب منه العودة الى ايران. لكن هذا الموقف سرعان ماشهد تغيرا كبيرا لصالح فدائيان اسلام وذلك بعد المحاكمة التي شملت رموزهم وما تمخض عنها من احكام قاسية.

يقول ابراهيم يزدي:

لقد كان لرمز الحوزة الدينية ايت الله بروجردي موقفا معينا من الشاه والقصر بعد الانقلاب الذي اطاح بمحمد رضا شاه.لكن هذا الموقف سيأخذ منحى مخالفا بعد قمع واعدام اعضاء حركة فدائيان اسلام.لذا حينما تم ابلاغ البروجردي ان الشاه سيقصد مدينة قم لملاقاته رفض ان يستقبل الشاه.

حلقة مكتب اسلام

لم ينهج جميع الروحانيين السياسيين اسلوب تنظيم فدائيان اسلام فمنهم من شق طريقة اخرى في النضال السياسي ومنهم من آثر النشاط الثقافي وكان من ضمنهم حلقة مكتب اسلام الذي أصدروا مجلة ثقافية بدعم من المرجع الديني ايت الله كاظم شريعتمداري خليفة البروجردي.وكانت هيئة التحرير تضم نخبة من رجال الدين المتنورين منهم الامام موسى الصدر السيد موسوي اردبيلي اية الله ناصر مكارم شيرازي السيد محمد جعفر سبحاني. وكان بعضهم حائز على شهادات عليا في التعليم الحديث من كلية "معقول ومنقول".وقد جددت هذه المجلة الفكر الديني في ايران سواء قبل الثورة الايرانية او بعدها.

اخفاق تجربة الامام موسى الصدر

في نهاية عقد الخمسينات تبنّى الامام موسى الصدراول المشاريع التي هدفت الى اصلاح نظام التعليم في الحوزات الدينية، ولكنه واجه رفضا شديدا من المناخ السائد في مدينة قم.ويمكن اعتبار اخفاق مساعيه الاصلاحية من الاسباب التي دفعته لمغادرة ايران والتوجه الى لبنان التي رأى فيها المناخ الملائم والارضية المساعدة لتحقيق مشروعه الاصلاحي في مجال الفكر الديني.ان المكانة المعتبرة التي حظي بها الامام الصدر في المجتمع اللبناني بشكل عام وفي الوسط الشيعي حصرا كانت لافتة للانتباه. ان رحلاته المتواصلة الى ايران وتوعية الوسط الحوزوي بالعالم الخارجي فتحت منافذ لطلبة العلوم الدينية على العالم المعاصر والاطلاع على المدارس الفكرية الحديثة وبعبارة اخرى فرضت على الحوزة الانخراط في معترك الحياة بكل أبعادها السياسية والثقافية والاجتماعية.

هاشم
08-16-2005, 12:45 AM
بالنسبة للدكتور شريعتى فقد كان سابقا لعصره وزمانه ، ولو كان هذا المفكر فى بلد مسيحى لاستفاد منه اهل ذلك البلد اضعافا مضاعفة على بلد مثل ايران يعاني من انغلاق الفكر الدينى ويحارب العلماء الحقيقيين .

وما جهود العلماء فى تغيير أسلوب تدريس المواد أو اصلاح الحوزة العلمية فى ايران كما هو حال السيد موسى الصدر الا دليل على تأخر الفكر فى الحوزات عن ملاحقة الفكر العالمى فى تطوره ونضوجه

jameela
05-03-2009, 07:15 AM
ثورة الامام الخميني قامت بمساعدة بعض رجال الدين المخلصين
اما الباقين فكانوا عوامل احباط للإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه وثورته المباركة
واولهم السيد شريعتمداري

كاشف الغمة
05-19-2009, 11:05 PM
كان الامام الخميني من البارزين في الحوزة العلمية في قم ومشاهيرها........
وقد ازدانت قم جلالا وعضمة بعد اقامة اية اللة بروجردي فيها
اثر اصرار الامام ,,
لقد عرف الامام بدريسة للفقة والاصول والفلسفة والعرفان والاخلاق ...
وقد تلمذ على يدة جاهبذة العلم في حوزة قم المقدسة...