المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شاعر جزائري يعرض كليته للبيع ليدفع ايجار منزله وينقذ عائلته



على
08-15-2005, 11:32 PM
أكد لـ"العربية.نت" ندمه لاختياره حرفة الشعر..


دبي- حيان نيوف

هل وصلت حال بعض الكتاب والشعراء في العالم العربي إلى مأساة كبيرة بحيث صار بعضهم يتمنى أن يكون صانع أحذية أو سباكا بدلا من أن يكون مثقفا؟. هذا السؤال أجاب عليه الشاعر والكاتب الجزائري أبوبكر زمال بـ"نعم" داعما إجابته هذه بقراره الأخير وهو عرضه "إحدى كليتيه" للبيع حتى يتمكن من دفع آجار منزله.

عمل أبوبكر زمال في صحف جزائرية محلية وراسل صحف عربية مثل "الحياة" ومجلة "الرافد" الإماراتية وكان من مؤسسي رابطة كتاب الاختلاف، وأصدر العديد من المؤلفات والدواوين الشعرية؛ إلا أن إنجازات زمال على الصعيد الثقافي الجزائري لم تفده في شئ حتى صار يكره الكتابة كما أسرّ لـ"العربية.نت".

أصدر أبوبكر زمال بيانا منذ يومين يعرض فيه بيع إحدى كليتيه، وقال: "اليوم أجدني مضطر بعد أن وصلت الحالة إلى أقصاها وفاضت العلة – بعد اتفاق مع العائلة-، أن نوجه هذا النداء لمن يهمه الأمر بعرض كـِـلــيــتــنــا للبيع من أجل الخروج نهائيا من الأزمة التي نتخبط فيها". وتابع "أعرف أن الكثير سيستغرب هذا الأمر وربما سيضرب يديه، ولكن أعرف أيضا أن لا مجال لنا بعد لاستعطاف أي كان أو أن نطرق باب أي كان وهو ينظر إلي بازدراء وتشفي.. ولا مجال لنا أمام الشارع الذي ينتظرنا بعد شهر من الآن سوى هذه الوسيلة الأخيرة بعد أن استنفذنا كل ما نملك من حلول وطاقة وجهد".

"تكتمت على حالتي أكثر من 10 سنوات ولكن لم أعد أحتمل ذلك وسط صمت الجهات الرسمية"، قال أبوبكر زمال لـ"العربية.نت"، موضحا أن وضعه "قطرة من فيض في الوضع الثقافي الجزائري .. وأنا منذ سنة أحاول التريث بلا جدوى حتى وصلت إلى وضع صعب صار فيه بيع عضو من جسدي هو الحل".

والدة أبوبكر العجوز، والتي تمكث معه في نفس الدار المستأجرة مع أربع أشقاء آخرين، اقترحت عليه أن تبيع كليتها "لأنها كبيرة في السن بينما هو ما يزال في ربيع حياته حيث يبلغ 36 عاما" . ورفض أبوبكر اقتراح والدته.

وأما الموقف الرسمي تجاه وضعه، استقبلت وزارة الثقافة الجزائرية الشاعر زمال ووعدته "بمحاولة إيجاد حل لوضعه ووضع مثقفين آخرين في الجزائر" كما أخبرته مديرة ديوان الوزارة- لكن حتى ميعاد إشراقة شمس هذه الحلول قد يغيب جسد الشاعر زمال من جراء بيع أعضائه واحدا تلو الآخر من أجل دفع آجار السكن والحصول على لقمة العيش كما يظهر من تشاؤم الشاعر زمال.

من جانب آخر، حذرت موظفة وزارة الثقافة الشاعر الجزائري أن عرضه كليته للبيع يعاقب عليه القانون. وهنا يقول زمال "لا أفكر بالسجن أبدا والمهم بالنسبة لي هو عائلتي".

وكشف زمال لـ"العربية.نت" عن تحضيره لإصدار بيان إعلامي- ثقافي حول المشهد الثقافي في الجزائر، مذكرا بأن هناك بعض الناس "الذين تطرقوا لأزمتي في جلساتهم الخاصة دون التوصل إلى حل ليظهروا أنهم مهتمون بمشكلتي ولكن أصدقائي خارج الوطن هم الذين اتصلوا بي للمساعدة".

وبعد أن كان حلم هذا المثقف الجزائري أن يصبح شاعرا مشهورا، بات كل همه اليوم أن يأتي شخص ويشتري كليته "ليوقف نظرات الإشفاق ونظرات التشفي أيضا" كما قال لـ"العربية.نت".

وعن شعوره في لحظة مسائية عندما يرى عضوا في جسده معروضا للبيع والفقر يلاحقه وهو المثقف المعروف، قال زمال: "الآن كرهت الكتابة. كنت أغطي أزمتي بالكتابة لأنني اعتقدت أنها تؤدي للهروب من قسوة الحياة.. ماذا تبقى من الإنسان كشاعر حيث الكتابة لم تؤد لشئ، وربما لو اخترت مهنة أخرى ما كنت وصلت إلى هذه المأساة".

ويختم أبوبكر زمال حديثه بالقول "أنا مثقف عاطل عن العمل ولم يتوفر عندي سوى هذا الحل وإلا سأكون في الشارع مع أسرتي بعد أسبوع في وقت يملك الكثيرون الملايين في البنوك ولم يتحركوا لنجدتي".