مسافر
07-12-2021, 10:54 PM
عربي بوست
تم النشر: 2021/07/12
https://media.istockphoto.com/photos/street-performer-dressed-as-a-jester-picture-id1033669552?k=6&m=1033669552&s=170667a&w=0&h=ITXBUXbMgmhcRXVQtj-yXutHuo6DOkzTFmE8iT4ZXJ4=
istock - صورة تعبيرية - تريبوليه
ربما كان تريبوليه المهرج الوحيد الذي استطاع أن يجعل من نفسه أسطورة خلَّدتها أشهر الأعمال الأدبية والأوبرالية، ليس فقط بسبب حس الدعابة الذي يمتلكه وإنما بسبب سرعة بديهته وذكائه كذلك.
عمل تريبوليه كمهرج لسنوات في البلاط الملكي الفرنسي، وقد أخذ مهنته على محمل الجد، وحاول إيجاد الدعابة في أي موقف كان، لكنه كثيراً ما كان يتمادى مستغلاً الحرية المتاحة للمهرجين في ذاك الوقت، وفي مرة من المرات تجاوز حدوده؛ لدرجة أنه لطم فرانسوا الأول على مؤخرته؛ الأمر الذي جعل الملك يستشيط غضباً ويأمر بإعدام المهرج الذي استطاع التنصل من العقاب بذكائه وسرعة بديهته.
تعالوا نتعرف على قصة مهرج البلاط الملكي الفرنسي الذي كان مصدر إلهام لأعمال فيكتور هوغو وفيردي وغيرهما:
قصة تريبوليه مهرج البلاط الملكي
وُلِدَ بطل قصتنا في مدينة بلوا الفرنسية عام 1479 باسم نيكولاس فريال، وكان فريال الذي أصبح مشهوراً لاحقاً باسم " تريبوليه" يملك رأساً صغيراً مقارنة بالآخرين؛ إذ كان يعاني من اضطراب في النمو العصبي يؤدي إلى إعاقات خلقية، وفقاً لكتاب "The History of Court Fools" (تاريخ مُهرِّجي البلاطات الملكية).
ووفقاً لموقع All That's Interesting الأمريكي، فقد وصفه الصحفي الفرنسي بول لاكروا في القرن التاسع عشر، قائلاً: "كان مظهره يشكل مصدر تسلية السيدات، اللاتي كُنَّ يفكَّرن فيه كما لو كان قرداً أو ببغاءً، بظهره الأحدب، وساقيه القصيرتين الملتويتين، وذراعيه الطويلتين المتدليتين".
في بداياته، كان تريبوليه مجرد مهرج بسيط يجول المدينة، وقد جعله الملك المستقبلي فرانسوا الأول مهرجاً مسجلاً في البلاط الملكي وهو بعمر 24 عاماً تقريباً. ويقول لاكروا إنَّ تريبوليه بمجرد أن أصبح في خدمة فرانسوا، "توقف فجأة عن كونه أحمق وأبله وأصبح مهرجاً ذكياً ومسلياً وبارعاً، وقبل كل ذلك، تابعاً مثالياً في البلاط الملكي".
كانت إحدى مهام المهرج هي كشف نفاق السلطة، بدءاً من الدين والقانون وحتى الغرور الشخصي والتجاوزات الملكية. وقد مُنِحوا حرية مثيرة للإعجاب للقيام بذلك، على الرغم من الورع المزعوم للملوك.
وقد استغل تريبوليه هذه الحرية غير المعلنة خلال عهدي الملكين لويس الثاني عشر وفرانسوا الأول. إلى أن تمادى ذات يوم أكثر من اللازم.
https://media.gettyimages.com/photos/man-dressed-as-jester-peering-around-corner-of-stone-wall-picture-id162270118?b=1&k=6&m=162270118&s=170667a&w=0&h=G-kGgrh2_rZMJqgjwpR6EBYPQ8zJ-bb1AQ6IKXxbG1w=
كيف أنقذ تريبوليه نفسه بسرعة البديهة؟
اشتهر تريبوليه بكونه جريئاً للغاية، فقد كان يشكو السادة والنبلاء إلى الملك متأملاً بنصره عليهم، وفي إحدى المرات هدده أحد النبلاء بضربه حتى الموت، فذهب المهرج غضبان إلى الملك يشكو هذا الرجل النبيل، فأخبره فرانسوا الأول بألا يقلق، وأنَّه سيشنق الرجل في غضون 15 دقيقة إن تجرأ على فعل ذلك.
فلم يجد تريبوليه حرجاً من الرد على الملك بقوله: "سيدي، ألا يمكن أن تتدبَّر شنقه قبل ذلك بربع ساعة؟".
وقد روى موقع Commonplace Fun Facts، أجرأ تصرف قام به تريبوليه والذي كاد أن يودي بحياته.
إذ ضرب تريبوليه ذات مرة الملك على مؤخرته، مُتوقِّعاً أن ينال تصفيق البلاط الملكي. لكنَّ فرانسوا الأول غضب بشدة من هذا التصرف وكان على وشك إعدام المهرج، بيد أنَّه عرض عليه العفو إن جاء تريبوليه باعتذار أكثر قوة من الفعل نفسه.
إلا أن المهرج زاد الطين بلة، ورد قائلاً: "أنا آسف جداً جلالتك أنَّي لم أستطع تمييزك. لقد اعتقدتُ أنك الملكة!".
ولسوء الحظ، كانت زوجة الملك هي الشخص الوحيد في البلاط الملكي التي يُحظَر التعرُّض لها تماماً.
فغضب الملك بشدة؛ لدرجة أنَّه تراجع في كلامه وأَمَرَ بقتل تريبوليه. لكن كمكافأة نظير السنوات الطويلة من استعباد المهرج، سمح الملك بأن يختار المهرج طريقة موته.
فكان رد تريبوليه الذكي الذي أنقذ حياته: "حسناً سيدي، كرمى للقديس نيتوش والقديس بانسارد، راعيي الجنون، اخترتُ الموت بالشيخوخة".
واللافت أنَّ الملك وجد الأمر مضحكاً جداً؛ لدرجة أنَّه نفى تريبوليه بدلاً من قتله.
مصدر إلهام لأعمال فيردي وفيكتور هوغو
مات تريبوليه بالفعل من جرَّاء الشيخوخة في الريف الفرنسي عام 1536. لكن كان فيكتور هوغو هو مَن رسَّخ إرثه بمسرحية "Le Roi S'Amuse" (الملك يمرح) عام 1832.
وقد صوَّرت المسرحية المهرج باعتباره شخصية قاسية وغاصبة، تتعرَّض لانتهاك وسخط العالم بانتظام.
واستوحى المؤلف الموسيقي جيوزيبي فيردي أوبرا "Rigoletto" (ريغوليتو) من هذه المسرحية، بعدما استبعد عملاً مقتبساً من مسرحية الملك لير لشكسبير واعتبر تريبوليه شخصية أكثر إثارةً للاهتمام. وكانت الشخصية الناتجة هي مزيجاً بين المهرج الحقيقي، وشخصية هوغو، وأحدب نوتردام، والملك لير.
ومع أنَّ السجل التاريخي يحفل بالكثير من مهرجي البلاطات الملكية، كان تريبوليه وحده هو مَن أصبح اسمه بمثابة تعبير عن صورة مهرجي عصر النهضة الذين يرتدون ملابس حمراء بالكامل.
تم النشر: 2021/07/12
https://media.istockphoto.com/photos/street-performer-dressed-as-a-jester-picture-id1033669552?k=6&m=1033669552&s=170667a&w=0&h=ITXBUXbMgmhcRXVQtj-yXutHuo6DOkzTFmE8iT4ZXJ4=
istock - صورة تعبيرية - تريبوليه
ربما كان تريبوليه المهرج الوحيد الذي استطاع أن يجعل من نفسه أسطورة خلَّدتها أشهر الأعمال الأدبية والأوبرالية، ليس فقط بسبب حس الدعابة الذي يمتلكه وإنما بسبب سرعة بديهته وذكائه كذلك.
عمل تريبوليه كمهرج لسنوات في البلاط الملكي الفرنسي، وقد أخذ مهنته على محمل الجد، وحاول إيجاد الدعابة في أي موقف كان، لكنه كثيراً ما كان يتمادى مستغلاً الحرية المتاحة للمهرجين في ذاك الوقت، وفي مرة من المرات تجاوز حدوده؛ لدرجة أنه لطم فرانسوا الأول على مؤخرته؛ الأمر الذي جعل الملك يستشيط غضباً ويأمر بإعدام المهرج الذي استطاع التنصل من العقاب بذكائه وسرعة بديهته.
تعالوا نتعرف على قصة مهرج البلاط الملكي الفرنسي الذي كان مصدر إلهام لأعمال فيكتور هوغو وفيردي وغيرهما:
قصة تريبوليه مهرج البلاط الملكي
وُلِدَ بطل قصتنا في مدينة بلوا الفرنسية عام 1479 باسم نيكولاس فريال، وكان فريال الذي أصبح مشهوراً لاحقاً باسم " تريبوليه" يملك رأساً صغيراً مقارنة بالآخرين؛ إذ كان يعاني من اضطراب في النمو العصبي يؤدي إلى إعاقات خلقية، وفقاً لكتاب "The History of Court Fools" (تاريخ مُهرِّجي البلاطات الملكية).
ووفقاً لموقع All That's Interesting الأمريكي، فقد وصفه الصحفي الفرنسي بول لاكروا في القرن التاسع عشر، قائلاً: "كان مظهره يشكل مصدر تسلية السيدات، اللاتي كُنَّ يفكَّرن فيه كما لو كان قرداً أو ببغاءً، بظهره الأحدب، وساقيه القصيرتين الملتويتين، وذراعيه الطويلتين المتدليتين".
في بداياته، كان تريبوليه مجرد مهرج بسيط يجول المدينة، وقد جعله الملك المستقبلي فرانسوا الأول مهرجاً مسجلاً في البلاط الملكي وهو بعمر 24 عاماً تقريباً. ويقول لاكروا إنَّ تريبوليه بمجرد أن أصبح في خدمة فرانسوا، "توقف فجأة عن كونه أحمق وأبله وأصبح مهرجاً ذكياً ومسلياً وبارعاً، وقبل كل ذلك، تابعاً مثالياً في البلاط الملكي".
كانت إحدى مهام المهرج هي كشف نفاق السلطة، بدءاً من الدين والقانون وحتى الغرور الشخصي والتجاوزات الملكية. وقد مُنِحوا حرية مثيرة للإعجاب للقيام بذلك، على الرغم من الورع المزعوم للملوك.
وقد استغل تريبوليه هذه الحرية غير المعلنة خلال عهدي الملكين لويس الثاني عشر وفرانسوا الأول. إلى أن تمادى ذات يوم أكثر من اللازم.
https://media.gettyimages.com/photos/man-dressed-as-jester-peering-around-corner-of-stone-wall-picture-id162270118?b=1&k=6&m=162270118&s=170667a&w=0&h=G-kGgrh2_rZMJqgjwpR6EBYPQ8zJ-bb1AQ6IKXxbG1w=
كيف أنقذ تريبوليه نفسه بسرعة البديهة؟
اشتهر تريبوليه بكونه جريئاً للغاية، فقد كان يشكو السادة والنبلاء إلى الملك متأملاً بنصره عليهم، وفي إحدى المرات هدده أحد النبلاء بضربه حتى الموت، فذهب المهرج غضبان إلى الملك يشكو هذا الرجل النبيل، فأخبره فرانسوا الأول بألا يقلق، وأنَّه سيشنق الرجل في غضون 15 دقيقة إن تجرأ على فعل ذلك.
فلم يجد تريبوليه حرجاً من الرد على الملك بقوله: "سيدي، ألا يمكن أن تتدبَّر شنقه قبل ذلك بربع ساعة؟".
وقد روى موقع Commonplace Fun Facts، أجرأ تصرف قام به تريبوليه والذي كاد أن يودي بحياته.
إذ ضرب تريبوليه ذات مرة الملك على مؤخرته، مُتوقِّعاً أن ينال تصفيق البلاط الملكي. لكنَّ فرانسوا الأول غضب بشدة من هذا التصرف وكان على وشك إعدام المهرج، بيد أنَّه عرض عليه العفو إن جاء تريبوليه باعتذار أكثر قوة من الفعل نفسه.
إلا أن المهرج زاد الطين بلة، ورد قائلاً: "أنا آسف جداً جلالتك أنَّي لم أستطع تمييزك. لقد اعتقدتُ أنك الملكة!".
ولسوء الحظ، كانت زوجة الملك هي الشخص الوحيد في البلاط الملكي التي يُحظَر التعرُّض لها تماماً.
فغضب الملك بشدة؛ لدرجة أنَّه تراجع في كلامه وأَمَرَ بقتل تريبوليه. لكن كمكافأة نظير السنوات الطويلة من استعباد المهرج، سمح الملك بأن يختار المهرج طريقة موته.
فكان رد تريبوليه الذكي الذي أنقذ حياته: "حسناً سيدي، كرمى للقديس نيتوش والقديس بانسارد، راعيي الجنون، اخترتُ الموت بالشيخوخة".
واللافت أنَّ الملك وجد الأمر مضحكاً جداً؛ لدرجة أنَّه نفى تريبوليه بدلاً من قتله.
مصدر إلهام لأعمال فيردي وفيكتور هوغو
مات تريبوليه بالفعل من جرَّاء الشيخوخة في الريف الفرنسي عام 1536. لكن كان فيكتور هوغو هو مَن رسَّخ إرثه بمسرحية "Le Roi S'Amuse" (الملك يمرح) عام 1832.
وقد صوَّرت المسرحية المهرج باعتباره شخصية قاسية وغاصبة، تتعرَّض لانتهاك وسخط العالم بانتظام.
واستوحى المؤلف الموسيقي جيوزيبي فيردي أوبرا "Rigoletto" (ريغوليتو) من هذه المسرحية، بعدما استبعد عملاً مقتبساً من مسرحية الملك لير لشكسبير واعتبر تريبوليه شخصية أكثر إثارةً للاهتمام. وكانت الشخصية الناتجة هي مزيجاً بين المهرج الحقيقي، وشخصية هوغو، وأحدب نوتردام، والملك لير.
ومع أنَّ السجل التاريخي يحفل بالكثير من مهرجي البلاطات الملكية، كان تريبوليه وحده هو مَن أصبح اسمه بمثابة تعبير عن صورة مهرجي عصر النهضة الذين يرتدون ملابس حمراء بالكامل.