المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرضا عن النفس.. كيف نستعيده؟



سلسبيل
08-15-2005, 08:31 AM
ليس هدية أو مصادفة سعيدة

كلنا نمر بفترات نشعر فيها بهبوط في المعنويات وتراجع في الثقة بالنفس عنها من دون مبرر واضح او مفهوم، ومن دون وجود لمشكلة حقيقية تواجهنا لتكون سببا منطقيا لهذه المشاعر السلبية، وليس من تغير مزعج في حياتنا لنحمله المسؤولية، كما ان الطقس ليس رماديا مكفهرا لنلقي عليه اللوم، بل الشمس مشرقة في الخارج والصيف يدعو الى الانطلاق. واذا كان للمظهر الجيد اثر على تدعيم الثقة بالنفس، فهو لم يتغير، ومع هذا فالمرآة لا تبدو صديقة في هذه الايام. اما اجتماعات الاصدقاء، فلا تشكل أي اغراء. ما العمل اذن للخروج من هذا المأزق؟

كلنا يعلم ان ايجاد الحل يبدأ بالبحث عن السبب، ورغم بساطة هذه القاعدة التي تكررت على مسامعنا مئات المرات، فما ان يكون الموضوع يمسنا شخصيا حتى ننساها، ولعل احد اهم الاسباب لهذا المزاج السوداوي وهبوط المعنويات، هو فقدان الرضا عن النفس، كما يقول الخبراء، ومن هنا فإن التغلب على هذه الحالة يكون باستعادة حب الذات وتعزيز الرضا عنها، وهذا ليس هدفا مستحيلا او صعب المنال كما قد يتراءى في الوهلة الاولى، وقد تكفي استراتيجية عملية بسيطة تعتمد على البرهان لانفسنا بأننا كنا، سابقا، ولا نزال قادرين اليوم، على التفاعل الايجابي مع الحياة وتحقيق ما نصبو اليه او جزء منه على الاقل.

فإذا كنت تعبة من شعورك بعدم الرضا عن نفسك، او تحتاجين لما يرفع معنوياتك في الايام المزعجة، إليك هذه الاقتراحات العملية السبعة التي ينصح بها خبير السلوكيات وتعزيز الثقة بالنفس، روجير أليوت، لتكون سلاحك في قيادة انقلاب على المشاعر السلبية المحبطة، فلم لا تجربينها؟..

1 ـ ابدئي بواجباتك المؤجلة او المهملة العناية بالحديقة التي اهملتها، ترتيب الفواتير والاوراق، او حتى الاتصال بصديقة تشعرين انك مقصرة في حقها، أو اعداد وجبة شهية وصحية لعائلتك، او تنظيم خزانة ملابسك، فحسب أليوت ان مجرد اتخاذ قرار وتنفيذه، بغض النظر عن اهميته، سيعزز شعورك بأنك ايجابية، ويزيح عن كاهلك الاحساس المزعج بالتقصير الذي يقف وراء الاحساس بعدم الرضا عن الذات.

2 ـ قومي بالأشياء التي تستمتعين بها وتجيدينها السباحة اذا كنت تحبينها، أو الرسم، أو الطبخ، أو الرقص، أو أية هواية أخرى تحمل إليك المتعة وتستأثر باهتمامك وتظهر مهاراتك، فهذا سيجعلك تستعيدين نظرتك الايجابية وإيمانك بقدراتك، وحاولي ان تقومي بأحد هذه الاشياء مرة في الاسبوع على الاقل. وقد اثبتت التجارب ان الاشخاص الذين يمارسون هوايات تستغرق انتباههم، يتمتعون عادة بالصحة النفسية ويكونون اكثر سعادة.

3 ـ لا تكثري من الاهتمام والتركيز على نفسك قد تبدو هذه الفكرة غريبة بعض الشيء، لكن أثبتت التجارب ان المراقبة الشديدة للذات والتركيز على النفس قد يقودا الى مطب عدم الشعور بالرضا وفقدان الثقة بالنفس، والاشخاص شديدو التمحور حول ذواتهم ليسوا في الغالب راضين عنها، لذلك فإن الانفتاح نحو الخارج والقيام بأشياء تتطلب منك انتباها وتركيزا يجعلك وبسرعة تشعرين ان معنوياتك افضل.

4 ـ الاسترخاء.. ثم الاسترخاء.. ثم الاسترخاء العميق ليس مثل الاسترخاء العميق يساعد على التخلص من القلق او قلة الثقة بالنفس. اعطي نفسك اجازة من التفكير، واغمضي عينيك واسترخي بعمق، سواء بمساعدة مغطس ساخن في الحمام، او موسيقى هادئة أو شموع معطرة. أفرغي ذهنك مما تراكم فيه، وحاولي تعلم تقنيات الاسترخاء والايحاء للنفس، التي يزخر بها التراث الآسيوي (الهندي والصيني) مثل تقنية «تاي شي كان».

5 ـ استعيدي ذكرى إنجازاتك قبل ان تردي بأن لا انجازات حقيقية لديك، تذكري اننا هنا لا نتحدث عن تسلق قمة افريست، وكل من لديه قائمة طويلة بالانجازات التي حققها في حياته، اشياء بسيطة مثل اجتياز امتحان قيادة السيارة رغم توترك، او انقاص الوزن بضعة كيلوجرامات (حتى لو استعدتها في ما بعد)، التوقف عن التدخين (حتى لو عدت اليه)، طلاء جدران غرفة في منزلك رغم غياب اية خبرة سابقة، أو محاولة تقديم المساعدة لشخص ما (حتى وان لم يستفد منها)، وغيرها.. المهم تعلم استحضار هذه الانجازات وتطوير آلية لتكون هذه القائمة حاضرة عند الحاجة، فإذا كنت استطعت تحقيق ذلك سابقا، فلا شيء يمنعك من تحقيق مثله واكثر اليوم وفي المستقبل.

6 ـ تذكري انك من الممكن ان تكوني على خطأ قد تكونين مجحفة بحق نفسك في هذا التقييم السلبي، وقد يكون رأي الآخرين بك مختلفا تماما، وتأكدي ان مشاعرك السلبية هذه تؤثر على ذاكرتك وسلوكك، وبالتالي لا تتذكرين الا الاوقات السيئة والتجارب الفاشلة، وهذا سيعزز احساسك بالتشاؤم. تعلمي الشك في مشاعرك السلبية، وتذكري ان الاسترخاء العميق يريح عقلك ويجعلك تفكرين بطريقة اكثر منطقية وموضوعية.

7 ـ أنت تتعلمين! التوتر والعصبية وانتقاص الشعور بالثقة بالنفس هي مشاعر طبيعية، ومن المعروف ان الناس حين يتعلمون شيئا جديدا يعانون من مثل هذه المشاعر، التي هي جزء طبيعي من تطور العملية التعليمية، تذكري كيف كان شعورك في الايام الاولى لتعلمك موضوعا جديدا تماما بالنسبة لك، كلغة جديدة مثلا، ألم تشعري بداية بهذا التوتر وتزعزع الثقة؟، حسنا وانت اليوم تعانين من نفس الشعور، فلم لا يخطر في ذهنك انك تتعلمين، نعم تتعلمين شيئا جديدا، تجربة جديدة في مدرسة الحياة.

أخيرا.. اذا جربت بعض هذه الاقتراحات وشعرت انها مفيدة، فلمَ لا تتبنيها وتجعلينها جزءا من اسلوب حياتك؟، ولا تنسي ان الثقة العالية بالنفس والرضا العميق عنها ليسا دائما هبة من الله، او وليدا مصادفات سعيدة، بل نتيجة لجهد شخصي مستمر ولأسلوب ايجابي في التعامل مع الحياة واكتساب نمط تفكير مرن يقودنا طلوعا من العثرات.