المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شتائم فاخرة



yasmeen
08-15-2005, 07:29 AM
بدرية البشر


تحدث المصطلحات الجديدة على السامع أثرا جديدا، وخاصة تلك التي تتميز بالحذلقة والفذلكة والتنطع، وكل منا يحب ان يتنطع حسب مزاجه ومقاسه، فالادباء يكثرون من كلمات كالنجوم والشمس وسيزيف وفينوس والنستالوجيا، والسياسيون يحبون الديماغوجية والبراجماتية والديمقراطية والتيار الحر، والمفكرون يحبون أن يستخدموا الديالكتيك والبيروقراطية والشيزوفرينيا، وغيرها من المصطلحات التي تتسرب قهرا لوعينا أو لاوعينا، وتصبح لازمة لمهن معينة.

بعضنا تضطره الحاجة للتعبير لاستخدامها، وبعضنا يقحمها ليتمظهر بها، مثلما فعلت مرة وأنا صغيرة، عند أول مرة وقعت عيناي على كلمة (ساذج) في أحد الكتب المترجمة، اعجبتني الكلمة، خاصة حرف الذال الغريب فيها، فذهبت في الغد إلى المدرسة، وليس على لساني شتيمة غير: وخري عن الطريق يا ساذجة أو اسكتي يا ساذجة.

بعد سنوات اكتشفت أنني لست وحدي من يتعلق بالكلمات ويستخدمها جزافا، وجدت قريبتي، التي تدمن مشاهدة المسلسلات المصرية ـ قبل عصر الفضائيات ـ مرة تشتم متصلا يزعجها على الهاتف، وهي تشاهد المسلسل ليلا، تقول له: يا وحش!

فوزية في المسلسل المصري، شتمتها جارتها قائلة: يا برجوازية!

فسألت جارتها الأخرى عن معنى برجوازية، فأوضحت لها أنها تعني: يا قليلة الأدب! فاشتاطت غضبا وقررت أن تؤدبها.

أما وصف نزار قباني الجميل لحبيبته في أغنية كاظم الساهر «حافية القدمين» ترقص على شرايين قلبي! فقد تحولت على لسان الممثل الكوميدي في أحد الأفلام إلى شتيمة، قالها لخطيبته: روحي من هنا، يا حافية القدمين!

وتظل قصة لطفي السيد أشهر القصص الطريفة للمصطلحات الجديدة، اوردها طه حسين في كتابه «كلمات». تقول القصة، إن لطفي السيد رشح نفسه للانتخابات ضد منافس أمي لا يرقى الى ثقافة وعلم لطفي السيد، أستاذ الجامعة ورئيس تحرير صحيفة، لكنه ثري وعريض الجاه، فانتصر على لطفي السيد في الانتخابات، أما السبب فهو أنه زعم للناخبين أن لطفي السيد رجل ديمقراطي لا يصلح لتمثيل المدينة، فسأله الناخبون وماذا يعني رجل ديمقراطي، قال: إنه الذي يبيح أن تعدد المرأة أزواجها، كما يباح للرجل أن يعدد زوجاته، وأنكر الناخبون هذه الديمقراطية التي لم يسمعوا بها من قبل، فذهب فريق من الناخبين للتأكد بأنفسهم من صحة ما قيل فسألوه: في الحق أنك ديمقراطي، كما يزعم منافسك في الانتخاب؟! فابتسم لطفي السيد مغتبطا بهذه الصفة وقال: نعم أنا ديمقراطي وأفخر بديمقراطيتي! فخرج الناخبون وهم متأكدون أن ما قيل عنه صحيح، وأنه يبيح للمرأة أن تعدد الأزواج، وصوتوا للمنافس الأمي، وصار حتى أصدقاء لطفي السيد كلما مروا به قالوا له «روح يا ديمقراطي!».


badreiah@asharqalawsat.com