المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حذائي البالي



طائر
06-25-2021, 11:12 PM
https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/section/1624207915267_nGJIQ_large.jpeg

٢٠ يونيو ٢٠٢١

عبد الله العنزي *

​محلات بالي للأحذية ليست مقصدي عندما أفكر بشراء حذاء لأسعارها العالية، لكن منذ أسبوع شاهدت إعلانا بخصومات على هذه الأحذية، فتوجهت إلى مجمع الحمراء في الكويت لأنجز استثناءً مهما في تاريخي الحذائي.

ولم تسنح لي الفرصة أن أشرب قهوة في هذا المجمع الجميل، فبعد أن حققت إنجازي العظيم الثامنة مساء كانت المقاهي قد اغلقت التزاما بتعليمات وزارة الصحة.

https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/section/1624207885696_qlkzk_large.jpeg
*
​في اليوم التالي، قررت أن أقوم بترويض break in هذا الحذاء، وأن يكون ذلك في مجمع الحمراء نفسه. ليس هذا فقط، وإنما أن أدخل السينما في المجمع نفسه.

بل رأيت ذلك واجبا لا بد من تحقيقه لإكمال استعادة ذكرياتي عن شراء الأحذية التي كانت في طفولتي مرتبطة بالذهاب إلى السينما والى سينما الحمراء بالذات، وإن كان ذلك في العشار في البصرة، التي كنت قد شاهدت فيها فيلم «ثورة على السفينة بونتي» عام 1962، الذي لعب دور البطولة فيه مارلون براندو.

https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/section/1624207902417_NvMNT_large.jpeg

ففي أول الستينيات، كانت والدتي – رحمها الله – تأخذني إلى محلات باتا في سوق الهنود في العشار لتشتري لي حذاء. وكثيرا ما أتساءل: لماذا كانت تأخذني والدتي إلى العشار لشراء حذاء مع أنه كان هناك محلات باتا في الزبير؟ لكن الجواب ليس بصعب، فمع أن الذهاب إلى البصرة كان في الباص الذي كنا نسميه الأمانة ثم نأخذ تاكسي إلى العشار، إلا أن ذلك كان يخدم أكثر من غرض. فوالدتي – رحمها الله – كانت عالية الكفاءة بتنفيذ المهام. فلقد كان ذهابنا إلى البصرة والعشار يخدم أكثر من غرض. فبعد شراء الحذاء من محلات باتا في سوق الهنود، كنا نتوجه إلى البصرة لجمع ايجار البيتين اللذين كنا نملكهما في البصرة. إضافة إلى ذلك كنا نتوجه بعد ذلك إلى سوق الخضار والفواكه في البصرة لنشتري ما يكفينا لأكثر من أسبوعين. فسوق الخضار والفواكه في الزبير كان فقيرا في أنواعه وجودة ما فيه، حيث كانت المنتجات المعروضة متواضعة النوعية.

https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/section/1624207915267_nGJIQ_large.jpeg

​وفي اليوم الأول للعيد، وبعد جمع العيادي، والتي كانت المرحومة –أختي نورية – أهم مصدر لها، كنت أتوجه إلى البصرة بالأمانة (الباص) لأشاهد أكثر من فيلم في سينما الحمراء في العشار. وكانت الرحلة من الزبير الى البصرة تستغرق حوالي الساعة مع ان المسافة بين هاتين المدينتين لا تزيد على 15 كيلو مترا. وكانت «الأمانة» شفر من شركة جنرال موتورز. ومازال الباص يصنع بنفس التصميم لكونه يستخدم في نقل الطلاب الى المدارس في الولايات المتحدة.



وكنت في بداية استخدامي للحذاء حريصا عليه حتى من الغبار، لكن اهتمامي بنظافته يأخذ تدريجيا بالانحدار بمرور الأيام إلى أن تصل إلى مرحلة استخدامه كحذاء للرياضة. فعندما كنت أنتهي من الدوام في مدرسة طلحة التي كانت تبعد حوالي 2 كم عن بيتنا، كنت أركل بحذائي صخرة صغيرة، أو علبة معدنية صغيرة من المدرسة إلى البيت. فبعد أيام قليلة تفقد مقدمة الحذاء لونها الأسود، مظهرة لون الجلد الأصلي. لكن كنت أصبغه أحيانا تجنبا لتوبيخ أو أكثر من أستاذ أو مدير المدرسة.

​وبعد أكثر من نصف قرن، وجدت متوجها بحذائي البالي الجديد إلى سينما الحمراء في مجمع الحمراء في الكويت لمشاهدة فيلم Cruella. وكنت حريصا على مشاهدة الفيلم، فقد حجزت تذكرة أونلاين، وأخذت صورة من شهادة تطعيمي معي. لكني فوجئت أنه يشترط لدخولي أن أكون محملا تطبيق مناعة. فاضطربت قليلا، وحاولت أن أقنع الرجل الواقف عند بوابة الدخول بأني مطعم، وعرضت عليه صورة من التطعيم، لكنه أصر على تطبيق مناعة، وفكرت أن أقول له على الأقل اسمح لي احتراما لحذائي الجديد من بالي. ولحسن الحظ تمكنت من تنزيل تطبيق مناعة خلال دقيقة أو دقيقتين، فدخلت قاعة العرض.

​كان الفيلم ممتعا جدا للأطفال وكبار السن. فيمكن أن يشد انتباه طفل، وأن يمتع كبار السن أمثالي. والحقيقة أنه يستحق أن يشاهد بحذاء جديد. وقد أبدعت فيه إيما ستون، ولم تقل إيما تومسون إبداعا عنها.

​لا أدري أين سيأخذني حذائي البالي الجديد في الأيام القادمة، ولحسن الحظ أني وفقت في قياسه، وهو الأمر الأهم عند شراء حذاء. وبالتأكيد لن أستخدمه لركل حجر أو علبه معدنية.

https://www.alqabas.com/article/5853633 :إقرأ المزيد