المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أزواج مصابون بالحنين إلى أيام العزوبية!



مجاهدون
08-14-2005, 04:13 PM
شعور مفاجئ يهاجم القدامى والجدد

تحقيق: محمد حنفي


في فترة العزوبية يصبو العازب إلى وداع هذه الفترة، والارتباط بنصفه الآخر، ولكن بعد سنوات من الزواج وربما شهور يهاجم البعض شعور بالحنين إلى العزوبية، وهو شعور لا يهاجم المتزوجين القدامى وحسب ولكن يعرفه المتزوجون الجدد أيضا، وهذا الشعور ليس حكرا على الرجال فهناك من الزوجات من يشعرن بهذا الحنين، فما الأسباب التي تجعل من المتزوجين عرضة لهذا الحنين؟



تقول نرجس الخالد وهي متزوجة منذ 11 عاما:

ـ أعذر بعض الزوجات اللواتي يشعرن بالحنين إلى أيام العزوبية، فبعض الأزواج لا يتحملون المسؤولية تجاه زوجاتهم، فهم يريدون أن يعيشوا كما لو كانوا في فترة العزوبية، كأنهم لم يتزوجوا بعد، وبعضهم لا يعرفون ولا يقدرون معنى الحياة الزوجية، فهم يخرجون ويدخلون ويسهرون خارج البيت من دون حتى أن يكلفوا أنفسهم الاتصال بالزوجات اللواتي ينتظرنهم في البيت، بل إن هناك أزواجا يسافرون إلى الخارج مع أصدقائهم من دون أدنى اعتبار للزوجات، كأنهن غير موجودات، أليس من حق الزوجة إذا كان زوجها بهذا الشكل، أن تحن إلى أيام العزوبية؟ ألا يجب أن نعذر الفتيات اللاتي يفضلن العزوبية على الزواج لكي لا يعايشن مشاكل الزواج التي لا تنتهي.

بينما يحمل عبد الوهاب الراشد، وهو مطلق الزوجة، مسؤولية شعور الزوج بالحنين إلى العزوبية قائلا:

عندما يحن الزوج إلى أيام العزوبية فإن الزوجة وحدها تكون السبب، فلا شك في أن ما دفع هذا الزوج إلى هذا الشعور هو أنه يعيش حالة من الملل والروتين في حياته الزوجية، وربما كان سبب هذا الحنين خلافات زوجية حولت حياته إلى جحيم، وجعلته يود لو رجع إلى حياة العزوبية الجميلة، أو أنه لم يقدم على الزواج أصلا، فالحنين إلى العزوبية يعني أن هناك شيئا خاطئا في علاقة الزوجين.


القيود الحديدية
من جهته يرى حسام محمد، وهو متزوج منذ 6 سنوات، أن السبب وراء هذا الحنين هو القيود التي تريد بعض الزوجات فرضها على أزواجهن، ويوضح بقوله:

بعد الزواج تعتقد الزوجة أنها امتلكت زوجها، وتريده أن ينسى أصدقاءه، بل إن بعض الزوجات يفرضن على الأزواج قيودا حديدية. أما الزوجة الذكية فهي التي تمنح زوجها بعض الحرية بعد الزواج وتشعره بأن الحياة الزوجية أكثر جمالا من حياة العزوبية.

غير أن أم عمر المتزوجة منذ 8 سنوات تذهب إلى أن بعض الأزواج يتركون كل المسؤولية على زوجاتهم، فهن اللواتي يرعين شؤون البيت ويربين الأولاد ويشرفن على دراستهم، ولا يجدن وقتا لأنفسهن، وهو ما يجعل بعضهن يضقن ذرعا بالزواج، ويشعرن بالحنين إلى العزوبية، أيام لم تكن هناك مسؤوليات، ولو أن الأزواج شاركوا زوجاتهم في هذه المسؤولية ما شعرن بهذا الحنين.

وحسب ريم مناع المتزوجة منذ عامين فإن هناك أزواجا يحولون حياة زوجاتهم إلى جحيم لا يطاق، سواء بالغيرة أو بفرض القيود، وتضيف قائلة:

بعض الأزواج يريدون سجن الزوجة في البيت، ولا يمنحونها الحرية الكافية، لتتصرف كامرأة ناضجة وموثوق بها، فهي يجب ألا تخرج أو تقابل صديقاتها. وهذه التصرفات تضايق الزوجة وتجعلها تشعر بالحنين إلى أيام العزوبية، حيث كانت تتمتع بالحرية الكافية التي حرمت منها بعد الزواج، بل إن هذه التصرفات تجعل بعض الزوجات يندمن على التفكير في الزواج أصلا.


العازب في الأفلام
يرى الاستشاري النفسي والاجتماعي عدنان الشطي أن الحنين إلى حياة العزوبية تجربة يمر بها الجنسان، نساء ورجالا على السواء، خلال فترات متقطعة من عمر الحياة الزوجية. ويتابع قائلا:

الأسباب وراء هذا الحنين كثيرة ومتعددة، ففي عالمنا العربي شعور سائد وصورة نمطية ساهمت وسائل الإعلام ممثلة في المسلسلات والأفلام في ترويجها، وهي أن العزوبية تعني الحرية والانطلاق وعدم وجود المسؤوليات، وعلى النقيض يصور الإعلام الحياة الزوجية كأنها حياة روتينية مليئة بالمشكلات والخلافات التي لا تنتهي، وربما كان هذا من بين أسباب عزوف الشباب عن الزواج والتمسك بالعزوبية أيضا.

ولأن من الطبيعي أن تتغير الحياة بعد الزواج عن الحياة في فترة العزوبية، فإن هذه الحياة الجديدة إن لم تسر على ما يرام، يعقد الطرفان مقارنة صامتة بين الحياتين، ومن المشاهد المألوفة مثلا للزوجة التي تشعر بالحنين إلى العزوبية، أنها تسمع وترى صديقاتها غير المتزوجات أو المطلقات يشعرن بالحرية في التنقل والسفر، بينما هي مكبلة بقيود الحياة الجديدة في ظل وجود زوج يحاسبها على كل كبيرة وصغيرة، وهو ما يولد الحنين إلى العزوبية، والرجل قد يمر أيضا بهذه التجربة.

هذه التجربة يمر بها الجميع، ولا مشاكل عندما ينتاب المتزوجين من فترة إلى أخرى شعور الحنين إلى العزوبية، لكن الخطورة أن يسيطر هذا الحنين على البعض طوال الوقت، فهذا يعني وجود مشكلة في الحياة الزوجية لا بد من البحث عن أسبابها وحلها، لأن هذا الحنين المستمر قد يكون معناه عدم الرضا عن تجربة الزواج، وأن العقل الباطن يلح على المتزوج بأن يتخلص من هذه الزيجة التي أخذت منه حرية أيام العزوبية في أقرب وقت.


حنين القدامى والجدد
ويرى د. الشطي أن الحنين إلى العزوبية يهاجم جميع المتزوجين، ولا فرق بين القدامى منهم والجدد، فيقول:

قد يتصور البعض أن هذا الشعور أو الحنين حكر على المتزوجين القدامى الذين مضى على زواجهم سنوات طويلة، وهذا غير صحيح، لأن الحنين إلى العزوبية يهاجم المتزوجين الجدد أيضا، ولا نتعجب إذن من ارتفاع حالات الطلاق بين المتزوجين الذين لم يمر على زواجهم سوى سنوات قليلة، وربما شهور، فالحياة التي كان يعيشها الزوج أو تعيشها الزوجة قبل الزواج، وتقوم على الحرية وعدم تحمل المسؤولية، تصطدم مع الحياة الجديدة التي يجب أن تكون بحساب، وفيها مسؤولية أكبر. وهنا يتولد الحنين إلى العزوبية، وإذا لم تفلح العلاقة الزوجية في اجتياز هذا الحنين، قد يصل الأمر إلى الطلاق من أجل العودة إلى الحياة السابقة حياة العزوبية.


العزوبية أخطر من مشاكل الزواج
أما د. يعقوب الكندري أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت الذي قام بالعديد من الأبحاث عن الزواج فيقول:

العزوبية ترتبط بالتغيير الاجتماعي الذي يحدث في المجتمع، وقد ساهمت عوامل عديدة مثل التعليم والعمل واستقلال المرأة ماديا في تأخر سن الزواج، وهو نوع من التمسك بالعزوبية إلى آخر مدى، فإن حدث الزواج يصطدم هؤلاء بالمسؤوليات والالتزامات التي تفرضها الحياة الجديدة، وإما أن يكون المرء مهيأ للتعامل مع أعباء هذه الحياة الجديدة وإما ينتابه الندم والحنين إلى حياة العزوبية الخالية من الالتزامات والمسؤوليات.

المشكلة أن بعض شبابنا يدخلون تجربة الزواج وهم غير مهيئين لها ولا يدرون شيئا عن مسؤوليات الزواج والخلافات التي قد تنتج بعده بل إن البعض يعزف عن الزواج تفاديا لهذه الخلافات التي يسمعون عنها من الأصدقاء والصديقات، وأول شيء يجب أن يعرفه هؤلاء الشباب أن وجود خلافات بعض الزواج لا يعني أن يفضلوا حياة العزوبية أو يتمنوا لو أنهم لم يتزوجوا وبقوا عزابا، فهذا تفكير سطحي وغير ناضج.

فكل الدراسات والأبحاث التي درست موضوع العزوبية تؤكد أن مشاكل العزوبية أكبر وأخطر من مشاكل وخلافات الحياة الزوجية، فليست العزوبية ولا الحنين إليها إلا وهما، ويمكن النظر إلى ذلك على أنه نوع من الهروب وعدم تحمل المسؤولية.


عليكم بدقة الاختيار
ويرى د. الكندري أن الحل يكمن في التغلب على هذا الشعور، ويضيف قوله:

يجب أن يبدأ ذلك قبل الزواج من خلال دقة اختيار الطرف الآخر، فالحنين إلى العزوبية يمكن أن يرد إلى الصورة الوردية التي لا تتفق مع الواقع ويرسمها كل طرف للآخر قبل الزواج، فإن جرى الزواج اكتشفنا زيف هذه الصورة، وهذا ناتج عن سوء الاختيار وعدم التوافق. يجب أن نضع الأسس التي تجعل حياتنا الزوجية تسير بلا منعطفات خطيرة، وأن يعرف كل من الزوج والزوجة الجزء الخاص المتعلق به من المسؤولية، والأهم وجود الثقة المتبادلة وأن يمنح كل طرف الآخر فترة للاختلاء بالنفس ولا يكبله بالقيود غير المنطقية التي تعتبر أول إشارة لتذكر العزوبية والحنين إليها.