المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مراجعة طبية للمفاهيم الخاطئة السائدة : إعادة نظر في حالات الإمساك المزمن



زهير
08-11-2005, 10:17 AM
كمبردج (ولاية ماساتشوسيتس الاميركية)

هل يعتبر تناول الألياف خطوة سليمة؟، لا، بل هي خطوة خاطئة. وحسب ما يقول الخبراء فإن كثيراً من معتقدات الناس حول الإمساك هي على غير أساس. يتسبب الإمساك في حوالي 2.5 مليون مراجعة طبيب في الولايات المتحدة سنوياً، فهو أكبر سبب للشكوى من بين جميع أعراض أمراض الجهاز الهضمي، ومع ذلك فهو من أكثر الحالات التي لا يعرفون عنها كثيرا. ويعتقد الكثير منهم مثلاً أن عدم التبرز و لو مرة يومياً يعني أن المرء يعاني من إمساك برغم أن عدد مرات التبرز تختلف بشكل كبير بين الناس، فتجد بعضا ممن جهازه الهضمي يعمل بكفاءة عالية يتبرز عدة مرات في اليوم والبعض الآخر عدة مرات في الأسبوع فقط. إن التعريف الصحيح للإمساك ليس مرتبطاً بعدد مرات التبرز اليومية، بل بخروج البراز على هيئة صلبة وجافة ومصحوب بألم، وبذل قدر ملاحظ من الجهد في إتمام إخراجه.
في أوائل هذا العام قامت مجموعة من الخبراء بمراجعة مفاهيم الناس الخاطئة حول الإمساك ثم نشرت مقالة تتضمناقشة ذلك في المجلة الأميركية للجهاز الهضمي، ومما عرضته المقالة:

ـ الإمساك ليس نتيجة لطول غير طبيعي في القولون: هناك من الناس من تم علاج إمساكهم في السابق باستئصال جزء من القولون بناء على فرضية قالت إن زيادة طول القولون تؤدي إلى طول بقاء محتوياته فيه وبالتالي تطول مدة امتصاص السوائل منه مما يجعله أكثر جفافاً ويظهر حينها الإمساك. هذا الأمر ثبت خطؤه. وبرغم توقف الجراحين منذ عدة عقود عن عمل هذه العملية فإن الناس ما زالوا يربطون بينهما.

ـ زيادة الألياف لا يخفف من الإمساك، بل ربما يجعل الأمر اسوء.

إن وجبة الطعام عالية المحتوى من الألياف تجعل البراز أكثر ليونة وأكبر كمية لدى الناس الطبيعيين، ولذا لو أن حالة الإمساك شيء طارئ ومؤقت فحينها ربما تكون النصيحة بالإكثار من تناول الألياف معقولة؟ لكن الدراسات حينما تعمقت في فهم الإمساك المزمن لم تجد ما يدل على حصول هذا الأثر الإيجابي لدى كل الناس بتناول الألياف، بل الحقيقة ان قلة منهم من يستفيد منها وتخف لديه مشكلة الإمساك.

ـ الإكثار من شرب السوائل كالماء، لا يفيد في الغالب لتخفيف الإمساك: الدراسات في هذا الجانب تقول ان هناك فائدة طفيفة له لا تحصل في كل الناس وان الإمساك الناجم عن الجفاف لا يخفف منه الإكثار من شرب السوائل.

ـ ممارسة الرياضة: يبدو أنها مفيدة لكن الأدلة العلمية غير صريحة وواضحة الدلالة ولذا فالنصيحة حول هذا الأمر مختلطة. مما لا شك فيه أن ممارسي الرياضة من الناس بشكل عام لديهم نشاط جيد لحركة الأمعاء والعديد من الدراسات لاحظت قلة معاناتهم من الإمساك لكننا لا نعلم حتى اليوم هل السبب في ذلك هو مجرد ممارسة الرياضة أم هناك عوامل أخرى؟ لأنه لا يوجد ما يدل بصفة علمية أن حالات الإمساك الشديد يمكن تخفيف حدتها بممارسة الرياضة.

ـ الأدلة ضعيفة على ضرر تناول العلاجات الملينة لفترات طويلة. وتنصح معظم المصادر الطبية بعدم تناول علاجات الإمساك التي يعتمد عملها على إثارة الأمعاء إما من خلال إثارتها لإفراز سوائل تزيد من ليونة محتويات الأمعاء أو الإثارة المباشرة للأعصاب فيها فتزيد حركتها، وكلاهما يؤدي إلى تخفيف الإمساك. السبب في هذه النصيحة الطبية هو الظن أن تكرار هذا التأثير على الأمعاء يؤدي إلى تلف أعصابها، لكن هذا التعليل مبني على أسس غير ثابتة دلت عليها التجارب في الحيوانات ودراسات غير دقيقة في الإنسان، ولذا فمن الممكن أن يكون لوم الملينات بشكل خاطئ في التسبب بتلف أعصاب الأمعاء الذي هو موجود لدى من لديهم إمساك مزمن بالأصل.

تحفظات ومناقشات

* يتحفظ البعض على مثل هذه المقالات التي تراجع مواضيع طبية معينة، فيقولون مما هو ملاحظ أنه لا توجد دراسات طبية جيدة تمت وفق المعايير الطبية للعديد من المشاكل الصحية ومنها الإمساك، وأن عدم وجود إثبات لا يعني نفي الأمر الذي حوله النقاش. لكننا كلنا متفقون أن أساس علم الطب والرعاية الصحية هو أن تكون النصيحة بناء على أساس علمي ثابت، إضافة إلى أن الدارسين حللوا التحقيق العلمي ولم يجدوا ما يدعم العديد من النصائح وبالرغم من هذا فإن تناول الألياف أو شرب السوائل و ممارسة الرياضة على العموم مفيدة للصحة.

وهناك أمران تجدر الإشارة إليهما:

ـ لا تمنع نفسك من الذهاب إلى الحمام متى ما احتجت ذلك لأن تأخير التبرز حينها يضيف عبئاً على المستقيم فيتوسع حجمه وبالتالي تقل كفاءة الأعصاب والعضلات فيه مما يؤدي إلى الإمساك.

ـ راجع دائماً أدويتك فالعديد منها ربما يسبب الإمساك كحبوب الحديد ومضادات حموضة المعدة المحتوية على عنصر الألمونيوم والأدوية المحتوية على مواد مخدرة كالكوديين والمورفين، لكن لا توقف تناولها دون استشارة طبيبك الذي يستطيع استبدال الجيد بها.

*خدمة هارفارد الطبية ـ الحقوق: 2005 بريزيدانت آند فيلوز ـ كلية هارفارد