المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فرنسا .... ذاكرة العبودية : "ضرورة محاربة الكليشيهات التاريخية التي لا تزال سائدة في المجتمع"



البحر
05-12-2021, 11:17 AM
نشرت في: 10/05/2021

https://s.yimg.com/uu/api/res/1.2/PvdiPjehat8E947ZBo7DKw--~B/Zmk9c3RyaW07aD0yODg7dz01MTQ7YXBwaWQ9eXRhY2h5b24-/https://s.yimg.com/uu/api/res/1.2/TrqMUp09C5kp6zNVpOe9dA--~B/aD01NzY7dz0xMDI0O2FwcGlkPXl0YWNoeW9u/https://media.zenfs.com/fr/france_24_french_articles_972/4d3c553f33e0b2418f76c7a6f5fca035

الصحفية والمؤلفة والناشطة رقية ديالو في باريس ، 28 نيسان/أبريل 2021.


العاشر من أيار/مايو يوافق سنويا في فرنسا اليوم الوطني لذاكرة العبودية وتجارة الرقيق، وإلغائهما. وهي فترة لا تزال غير معروفة بدقة وتحيط بها الكثير من الكليشيهات، وفقا للمفكرة والناشطة رقية ديالو، التي تستعرض ثلاثة أمثلة من هذه الكليشيهات.

يوافق العاشر من أيار/مايو في فرنسا "اليوم الوطني لذاكرة العبودية وتجارة الرقيق وإلغائهما". حدث ينظم سنويا منذ عام 2006 لتكريم ضحايا تجارة الرقيق والتذكير بتاريخ العبودية في فرنسا.

بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، قامت فرنسا بترحيل أكثر من 3 ملايين أفريقي إلى مستعمرات الهند الغربية، بما في ذلك 900 ألف إلى سانت دومينغو، التي أصبحت اليوم هايتي.

تحتفل فرنسا هذا العام بالذكرى العشرين لإصدار قانون توبيرا، قانون يعتبر تجارة الرقيق والعبودية "جريمة ضد الإنسانية"، إلا أن هذا الفصل المهم في تاريخ البلاد يحاط بجهل كبير داخل المجتمع إذ لا يزال قدر كبير من الكليشيهات سائدا، وفقا للمفكرة والناشطة المناهضة للعنصرية رقية ديالو التي تقدم لنا ثلاثة أمثلة عن هذه الأفكار النمطية والأحكام المسبقة.

صورة "العبد المطيع"

رقية ديالو: في فرنسا، غالبا ما تقدم العبودية بطريقة توحي بأن الناس كانوا مطيعين. حيث تُظهر الصور المتداولة في الكتب المدرسية أناسا ذوي وجوه وأجساد متشابهة، ورؤوسا منحنية، أو مصطفة في طوابير على متن قوارب. هذه الصورة يمكن وصفها بأنها "مفرغة من الإنسانية"، تركز بشكل كبير على "التجارة" المثلثية أوما يعرف أيضا بمثلث التجارة، ولا تسلط الضوء بشكل كاف على الانتفاضات العديدة التي وقعت خلال هذه الرحلات على الرغم من أن العديد من المؤرخين وثقوها.

فخلال هذه الرحلات الصعبة للغاية، كثيرا ما كانت تندلع معارك إذ فضل العديد من الركاب إلقاء أنفسهم في الماء مفضلين الموت على أن يكونوا ضحية للاستعباد وكثيرا ما تمردوا ضد الطواقم.

لفظ "العبد" وحده يضفي على هؤلاء الأشخاص صورة مبنية سلبيا. في الولايات المتحدة، تم التطرق إلى هذا الموضوع وتم الاتفاق على استخدام عبارة "الأشخاص الذين تم استعبادهم" للتأكيد على الظروف بدل طبيعة الأشخاص.

كليشيهات "العبد المطيع" فضلا عن أنها تشكل نظرة تاريخية متحيزة، فإنها تواصل تغدية الأفكار النمطية حول الأشخاص من أصول أفريقية في فرنسا. يمكن أن نذكر مثلا كيف ينظر إلى الشخص من أصل أفريقي، فإن شخصيته يفترض أنها تمثل تهديدا يجب أن يُسيطَر عليه، إذ يجب أن تكون لطيفة، مبتسمة أو مسلية. لا تزال هذه الكليشيهات المرتبطة بالرضوخ موجودة حتى اليوم، كتلك المتعلقة بالقوة البدنية أو القدرة على تحمل الألم، كما تكثفها أيضا صور المجاعة والحرب في أفريقيا.

حقول القطن

رقية ديالو: في فرنسا، يوجد تمثيل ضئيل لما جسدته تجربة العبودية في البلاد، حيث غالبا ما تتبادر إلى الأذهان صور العبودية الأمريكية، فالثقافة الشعبية في الولايات المتحدة تناوت هذه المسألة منذ فترة طويلة من خلال أفلام ومسلسلات على غرار "جذور" (Roots) التي حققت نجاحا منقطع النظير عندما بثت في عام 1978 أو حتى مؤخرا من خلال فيلم "عبد لاثني عشر عاما "Twelve Years a Slave".

لكن لا علاقة لحقول القطن بالتاريخ الفرنسي. فتجربتنا مع العبودية ترتبط بزراعة قصب السكر ، بشكل رئيسي في الجزر، باستثناء غويانا، حيث كان التنظيم مختلفا وحيث إمكانية الهروب متدنية جدا. غياب تمثيل "العبودية الفرنسية" في الواقع يبعدنا عن هذا الموضوع في بلادنا، مما يجعل منه مسألة خارجية في المخيلة الجماعية. ومع ذلك، فإن هذه الحلقة من التاريخ تهم جميع الفرنسيين وقد أحدثت تحولات كبيرة. السكر والكاكاو والشاي والقهوة... كل هذه المواد تكوِّن حتى اليوم فطورنا الصباحي وموجودة على طاولاتنا بسبب هذا التاريخ العنيف. مع ذلك يقلل كثيرا من شان تأثير هذا التاريخ على المجتمع الفرنسي.

"زنجي البيت"

رقية ديالو: انتشرت هذه العبارة في السنوات الأخيرة في فرنسا خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي إذ يستخدمه الأشخاص من أصول أفريقية لوصف أمثالهم ممن يعتبرونهم متضامنين مع "المستبدين". هذه الصورة مقتبسة من خطاب استفزازي متعمد للزعيم الأمريكي من أصول أفريقية مالكولم إكس، انتقدت وفككت على نطاق واسع في الولايات المتحدة. لكن للأسف عادت مجددا إلى المخيلة الجماعية، لا سيما مع عرض فيلم "دجانغو" للمخرج كوينتين تارانتينو، من خلال الدور الذي لعبه صامويل إل جاكسون، "لمستعبد" مستعد لجميع أنواع الخيانات في سبيل الدفاع عن "سيده".

يطرح هذا التعبير مشكلتين: الأولى تتمثل في أنه يسيئ ويهين الأشخاص من سلالة "العبيد"، وكان أسلافهم يؤدون الأعمال المنزلية لدى"السادة"، لأنهم عانوا أيضا بشدة من قساوة هذه الظروف.

من جهة أخرى لأنه تعبير يحيل على نظرة فانتازيا تاريخية إذ إنه في الواقع لم يكن هناك خط فاصل وواضح بين العبيد الذين يؤدون الأعمال المنزلية وأولئك الذين يعملون في الحقول.

من بين الذين عملوا في منازل الأسياد، استغل البعض هذا القرب لتأجيج انتفاضات، خصوصا على مستوى المعلومات. يشير هذا التعبير إلى رؤية مانوية للعبودية لا تتوافق مع الواقع التاريخي، فهو أشد تعقيدا، كما تشهد على ذلك شخصية توسان لوفرتور، سليل "عبيد" تحرر، وكان قد لعب دورا رئيسيا في الثورة الهايتية، لكن نسب إليه أيضا دور في استغلال المزارع. في فرنسا، انتقد العديد من المثقفين مثل كلودي سيار استخدام هذا التعبير غير الإنساني، الذي يجرح ذاكرة العديد من مواطنينا.



فرانس24