المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في أول حديث لمراسل الـ«بي بي سي» مع صحيفة عربية منذ تعرضه لمحاولة اغتيال في السعودية



زهير
08-10-2005, 08:58 AM
مراسل الـ«بي بي سي» فرانك غاردنر: هناك الكثير الذي يمكن لبريطانيا تعلمه من السعوديين

في أول مقابلة له مع صحيفة عربية منذ تعرضه لمحاولة اغتيال تركته مشلولا، تحدث فرانك غاردنر، مراسل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لشؤون الأمن، لصحيفة «الشرق الأوسط» حول الهجمات الإرهابية الأخيرة التي جرت في لندن، والوضع في العراق.. وكشف تفاصيل محاولة القتل التي تعرض لها عندما كان يقوم بمهمة صحافية في السعودية العام الماضي.

وفي ما يلي نص الحديث:

* باعتبارك واحدا من أبرز الصحافيين البريطانيين في القضايا الأمنية، ما هو الاتجاه الذي يسير به التحقيق حاليا بخصوص هجمات لندن؟

ـ منذ لحظة وقوع التفجيرات يوم 7 يوليو (تموز) أصبح التحقيق عالميا، ولم يكن ممكنا بأي حال من الأحوال ان يكون تحقيقا بريطانيا صرفا، وفكرة أن هناك إرهاب داخلي هى تسمية مغلوطة. فهناك دائما آصرة او رابطة دولية به. وحينما تنفجر قنبلة لها علاقة بـ«القاعدة»، سواء كانت في الدار البيضاء أو اسطنبول أو الرياض أو لندن، فستكون لها ابعاد دولية، لذلك فإن التحقيق سيكون دوليا. التفت التحقيق في البدء إلى باكستان، وهناك عدة خيوط تم تعقبها وتؤول إلى باكستان، وتم القبض على الأربعة المشتبه في مشاركتهم في تفجيرات 21 يوليو. والآن أصبح لدى المحققين فرصة مهمة لجمع المعلومات حول كيف وضعت الأشياء مع بعضها البعض، وبالتأكيد اتضح أن اعتقال شخص في روما أمر مثير جدا. نحن نعلم أنه عمل مكالمة إلى السعودية، ونحن نعلم بوجود شبكة دعم لهم في بريطانيا. نحن نعلم أنه لم يكن جزءا من خلية في إيطاليا لكنه حاول أولا الحصول على لجوء سياسي هناك فقط. أظن أن المحققين يعملون حاليا تحت افتراض يقول إن هناك خليتين منفصلتين قد لا تعرف إحداهما الأخرى على الرغم من وجود قدر من التنسيق بينهما. ومن المحتمل أنهما تشتركان بنفس صانع القنابل ونفس المجند ونفس الشخص الذي زرع الأفكار الإرهابية في رؤوس أعضائها. وإذا وجدت شخصا مستعدا لتنفيذ عملية تفجير انتحارية فإن عليك أن تبقيه دائما تحت المراقبة. وعليك أن تقنعه بأن ما سيقوم به صحيح، وعليك أن تسعى إلى منعه من التراجع أو الذهاب إلى مركز الشرطة. أظن أن حقيقة وجود أول خيط تمكن المحققون من الحصول عليه جاء من مواطنين مسلمين في برمنغهام من خلال إخبارية تخص ياسين حسن عمر هو أمر يحسب لصالح الجالية المسلمة في بريطانيا، وأنا أفهم أن ذلك هو الذي وفر المعلومات التي آلت إلى الاعتقالات الأخرى.

* في مقالة نشرت قبل اسبوع في صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية جاء ما يلي: «تعقب المحققون السعوديون اتصالات مشتبه فيهه ثم أخبروا نظراءهم البريطانيين لكنهم لم يسمعوا عن أي إجراء (إذا كان هناك إجراء ما قد اتخذ) اتخذه المسؤولون البريطانيون. قال مسؤول سعودي: قلنا لهم تفحصوا هذه الأرقام». وإذا كان مسؤولو مكافحة الإرهاب البريطانيون لديهم معلومات عن الخلية التي نفذت هجمات 7 يوليو منذ فبراير (شباط) الماضي، ما هو تحليلك لعدم قيامهم بأي إجراء تجاهها؟ ـ إذا لم تقم السلطات البريطانية بكل شيء للتحقق من الأرقام التي أعطيت لها فذلك أمر معيب. التأويل الوحيد الذي يمكنني أن أفكر به هو ربما أنها كانت غارقة في حجم المعلومات مما جعلها عاجزة عن إيجاد المصادر التي تستطيع تعقب تلك الأرقام. فعند وقوع تفجيرات 7 يوليو كانت الحكومة للتو قد قللت من درجة التهديد الإرهابي من «حاد» إلى «أساسي» والذي يعني أنها ما زالت على علم بوجود مؤامرة ما. وتم إجراء اعتقالات في الصيف الماضي لأشخاص يشتبه في أنهم يخططون للقيام بهجوم كبير.

* هل تظن أن تحذيرات من هذا النوع ستؤخذ بشكل جدي مستقبلا؟

ـ أنا آمل بذلك. وعلى أي حال فأسئلة من هذا النوع يجب أن توجه لمسؤول حكومي بريطاني، لأنني صحافي وعلى قناعة بأن الحصول على معلومات من مسؤولين حكوميين أمر صعب جدا مثلما هو الحال مع أي صحافي آخر. لا تمتلك الـ«بي بي سي» أي امتياز يمكنها من الحصول على معلومات تمتلكها السلطات. والحصول على معلومات من هذا النوع من الشرطة أو مصادر أمنية هناك هو مثل سعيك للحصول على دم من الصخر. فهم لا يريدون أن يخبروك بالكثير، لكنني أظن أن التعاون الأمني بين بريطانيا والسعودية قد زاد بشكل درامي خلال الاثني عشر شهرا الأخيرة. وأنا آمل أن يعي المسؤولون البريطانيون المعنيون بأن هناك أشياء كثيرة يمكن تعلمها من نظرائهم السعوديين. يقدم البريطانيون والأميركيون دعما تقنيا للسعودية لكن السعوديين خبراء في ظاهرة القاعدة بشكل عام. وهناك الكثير مما تستطيع السلطات البريطانية تعلمه من السلطات السعودية، وأنا آمل أن تستفيد من هذه الفرصة.

* حسب دراسة نشرت من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية في هذا الصيف، وردت اشارة واضحة الى ان كثيرين قد تحمسوا للذهاب إلى العراق بسبب الصور التي شاهدوها عبر الفضائيات العربية. هل تعتقد أن الانحياز المتعاطف مع المتمردين في العراق والذي تظهره بعض الفضائيات العربية في تغطيتها الإخبارية يشكل خطرا ما في موضوع تسهيل تجنيد المتطرفين والارهابيين؟

ـ أظن أنه مفهوم، لكن التأثيرات خطيرة لكل شخص. وبالتأكيد إذا كان كل الناس العاديين في العالم العربي يتابعون هذه القنوات من بيوتهم ويشاهدون الفلسطينيين وهم يُقتلون خلال الانتفاضة أو أن العراقيين يتعرضون للقتل بسبب هجوم قوات الحلفاء فإن هذه القنوات ستجعل الكثير من الناس غاضبين. أنا أظن أنها رفعت من درجة الخطر في الشرق الأوسط لأن بعض الناس يشعرون أن عليهم تفريغ غضبهم بطريقة ما. مع ذلك فأنا أعتقد أن كل ذلك بدأ تحت دافع «إثارة الانتباه». حينما كانت القنوات الفضائية في بداية عملها كانت بحاجة إلى جمهور وجعل اسمها معروفا. فمن أكثر الممارسات التي قامت بها قناة «الجزيرة» (القطرية) على سبيل المثال لكسب انتباه الجمهور هو بثها لتسجيلات أسامة بن لادن في أواخر 2001. في البدء قامت القناة ببثها بدون إجراء أي تحرير لها. ولم تهتم بما كان يقوله، وهذا ما آل إلى ضغط ونقد كبيرين جدا من الولايات المتحدة. قاومت «الجزيرة» كما أفهم ذلك الضغط، لكن ما فعلته لاحقا هو جلب فريق من الخبراء لمناقشة المحتوى والبدء بتقنين ما يمكن بثه. أنا أفهم أن ما نراه مما تبثه «الجزيرة» هو قدر قليل فقط مما أرسلته «القاعدة» لها وكل ذلك بسبب طبيعة ما ترسله من حيث كونها شديدة التهييج. لذلك فأنا أظن أنها تطورت بشكل سريع، وأنا لا أعني بطريقة فوقية. لكن تأثير جزء مما قد نشرته كان له تأثير سلبي في العالم العربي. فخلال حرب العراق كان معظم تغطيات «الجزيرة» يبدأ بإظهار معاناة المدنيين العراقيين. وأفلامها تظهر أطفالا ينزفون في سوق، وكان في الحقيقة ناجما عن سقوط صاروخ عراقي مضاد للطائرات في السوق. أنا لا أعلم حتى الآن إن كان ذلك صحيحا أم لا، لكن الجميع في العالم العربي توصلوا إلى استنتاج سريع بأن ذلك كان ناجما عن هجوم صاروخ أميركي. أنا أعلم أن الأميركيين يرتكبون الكثير من الأخطاء وأنهم عملوا أخطاء في العراق آلت بدون قصد إلى قتل المدنيين، لكنهم حسب معرفتي لم يقوموا بذلك بشكل متعمد. أنا أظن أن كلا الطرفين مذنب بما يخص العراق. فمن الواضح أن الولايات المتحدة وبريطانيا قامتا بغزوهما للعراق بحجة البحث عن أسلحة الدمار الشامل التي لم يتم العثور على أي منها لاحقا. وكلا البلدين فشلا في التخطيط لما بعد الغزو وعملا أخطاء استراتيجية رهيبة في العراق مثل حل الجيش وحزب البعث والسماح بوقوع أعمال النهب والفشل في حماية الحدود. كل هذه أخطاء رهيبة نجمت عنها خسائر هائلة. مع ذلك فإنه بعد الوقوع في هذه الأخطاء أظن أن علينا أن نتذكر بأن الأشخاص الذين يقومون بالقتل والتفجيرات والمذابح هم ليسوا بريطانيين أو أميركيين أو أيا من قوات التحالف، لكن من يقوم بكل ذلك يفعله باسم المقاومة. هذه التفجيرات الرهيبة تتم بواسطة أشخاص قادمين من الخارج وهم الذين يلحقون القتل والدمار بالعراقيين.

* بما يخص الإرهاب عبر الانترنت، يقول بعض المحللين إن زعيم «القاعدة» حاليا ليس أسامة بن لادن بل «مواقع الإنترنت» التابعة لـ«القاعدة». كيف ترى ذلك؟

ـ أظن أن ذلك الرأي صحيح تماما. إنه من الصعب السيطرة على الكيفية التي يصبح بها الأفراد متطرفين عبر الانترنت. أنا قرأت تقارير تقول إن هناك مساعي لوكالات استخبارات غربية تسعى لعرقلة عمل مواقع الإنترنت هذه. لكن ذلك يثير هذا السؤال: لماذا انتظرت حتى الآن للقيام بذلك. أظن أن هناك معايير مزدوجة هنا، وأنه بعد وقوع تفجيرات لندن ابتدأ المسؤولون باتخاذ إجراء ما أو قد يكون هناك سبب آخر لذلك. كنت في عمان أغطي حدثا لـ«بي بي سي» في نوفمبر ( تشرين الثاني) 2001، وقمت ببعض التحقيقات حول مواقع توظيف الويب للتطرف. ووصلت إلى بعض المنابر المتطرفة ووجدت أن ما يقوله بعض الناس شديد الغرابة. يقول البعض إن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) قام بها إسرائيليون، وآخرون يقولون إن ذلك بالضبط هو الشيء الصحيح، وإن علينا أن نرحب به ونمتدحه. وأعتقد انه لا يجب امتداح العنف لأن العنف يولد العنف، حتى ولو كان على بعد خمسة آلاف ميل، لأنه سيؤدي دائما الى عواقب. ولكي أكون منصفا لا بد من القول بوجود درس للمملكة ايضا. فحتى مايو (أيار) 2003، كانت هناك أطراف في المملكة لا تنظر لـ«القاعدة) نظرة جدية، الى ان وقعت العمليات الانتحارية الثلاث في الرياض. وفي ما يتعلق بالارهاب عبر الانترنت، يصعب السيطرة تماما عليه. وهناك معركة جارية في الفضاء الالكتروني. ويوجد نظام انتقائي في الانترنت تستخدمه الاجهزة الاستخبارية التي تراقب بعض العبارات، ثم تصدر تحذيرات. إن «القاعدة» تشن معركة ضد الاستخبارات بدفع عدد من الكوادر التحتية لاجراء محادثات عبر الانترنت لإضاعة وقت المحللين بذكر عبارات مثل الشهادة او عملية انتحارية.

* كيف ترى ما قامت به السعودية في مكافحة الإرهاب حتى الآن؟

ـ حققت وزارة الداخلية السعودية، في العامين الماضيين، نجاحا مميزا في مكافحة الإرهاب، وإن كانت لم تهزمه تماما، وربما لن تهزمه تماما. ولدينا في بريطانيا خبرة تمتد 30 سنة في مواجهة الجيش الجمهوري الايرلندي، وبالرغم من ذلك تقع انفجارات في قلب لندن. لا يوجد بلد آمن من الارهاب، ولكن لا يعني ذلك القول بعدم بذل الناس لأقصى جهودهم لوقفه. وفي ما يتعلق بمواجهة العنف بالعنف، فإن المملكة تقوم بعمل في غاية الجودة. فقد نجحت في تحطيم العديد من الخلايا وقتل او القبض على العديد من القادة. كما قامت بعدد من النشاطات، في ما يتعلق بمحاولة تغيير بعض المناهج التعليمية في المدارس التي ربما تشجع الناس على مهاجمة غير المسلمين. كما بذلوا جهدا كبيرا لإقناع الأئمة بتخفيف خطابهم المعادي للغرب. وأعتقد ان هناك الكثير الذي يجب عمله. فلا تزال توجد عناصر في السعودية تقول «لدينا مشاكلنا الخاصة، ولكن تعاملنا معها، والمشكلة انتهت». وهو، ليس بالصحيح. فقائمة المشتبه فيهم وعددهم 26 متطرفا انتهت، ثم ظهرت قائمة جديدة تضم 36 شخصا. هذه مشكلة ستستمر، ومن الخطر القول إنها انتهت. إن قواعد «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية ترجع لفترة طويلة، وهي ليست ظاهرة جديدة، وموجودة منذ بعض الوقت، ولكنها أخذت بعض الوقت لتركيز انتباهها على المملكة. وبصفة عامة، أعتقد أن وزارة الداخلية السعودية قامت بعمل جيد.

* هل أنت راض عن جهود التحقيقات في ما يتعلق بمحاولة اغتيالك؟

ـ أنا في غاية الرضى عن الجهود التي قامت بها وزارة الداخلية لحل هذه الجريمة الرهيبة. فقد بذلوا جهدا كبيرا لمعرفة من قام بها وكيف تمت. بل بعثوا بفريق الى لندن لشرح ما حدث لي ولأرملة المصور التلفزيوني سيمون كامبرز، الذي مات في الهجوم. ولا يزال هناك شيء او شيئان لم يتضحا في روايتهم، ولكن بصفة عامة، أمر منطقي القول إنها كانت عملية انتهازية. فلأول مرة أبلغت كيف وقعت، لأن واحدا من الناس الذين شاركوا في الهجوم لا يزال على قيد الحياة ومقبوضا عليه، وذكر للشرطة ما حدث من وجهة نظره. ما قيل لي هو ان مجموعة من اعضاء «القاعدة» كانت في طريقها من شمال الرياض الى جنوبها للقاء مع عبد العزيز عيسى المقرن. وقد التقوه وكانوا في طريقهم الى ملجأ آمن عندما شاهدونا نصور في الشارع. وقرروا قتلنا. وأعطي رجل يدعى فيصل الدخيل الأوامر لقتلنا. وأول شخص شاهدته يهبط من السيارة رجل اسمه عبد الله السبيعي، الذي قتل في شهر ديسمبر من العام الماضي في الهجوم على وزارة الداخلية. وأتذكر بوضوح انه هبط من السيارة واتجه نحوي مبتسما وقال «السلام عليكم»، وقلت له «عليكم السلام ورحمة الله وبركاته». ثم اخرج مسدسا وأطلق النار علي. وكان الأمر بالنسبة لي أنا الذي احمل درجة جامعية في الدراسات الاسلامية، ويحترم الإسلام ويحب حبا كبيرا العالم العربي، واحدة من أسوأ اللحظات في حياتي. ان يقول لك شخص «السلام عليكم» ثم يطلق النار عليك، هذا شيء رهيب. لقد قضيت الكثير من حياتي أقول للناس ان المسلمين شعوب جيدة، وهناك مظالم حقيقية في العالم العربي، وانه يمكنك فهم لماذا يشعر الناس بالغضب عندما ينظرون الي الوضع في العراق وفي فلسطين، ولكن ذلك لا يعني ان المسلمين يتسمون بالعنف، ثم يحدث شيء مثل ذلك فهذا امر رهيب. انا مدين بالعرفان الكبير للشرطة السعودية لإنقاذي، وللأمير سلمان بن عبد العزيز للتأكد من حصولي على أفضل علاج طبي ممكن في مستشفى الملك فيصل التخصصي، ولوزارة الداخلية بصفة عامة للتحقيق في ذلك. واشعر بالاحباط لأنه بعد مرور اكثر من سنة على ما حدث، لم احصل على رسالة مواساة من وزارة الاعلام. لقد وضعنا ثقتنا في وزارة الاعلام ولم نذهب في رحلة مجنونة وحدنا. لقد وضعنا ثقتنا في وزارة الإعلام لرعايتنا، وأخذونا في جولات حول الرياض. نعم لقد طلبنا الذهاب الى حي السويدي، ولكن لم نرغب في التغلغل في الحي. ولم اسمع في حياتي بمنزل محمد الريس أو إبراهيم الريس قبل ان نذهب الى هناك. وعندما وصلنا للسويدي تحدثنا الى شخص أشار الى وقوع معركة بالأسلحة قبل 6 اشهر. وانه يمكننا مشاهدة الآثار، وأخذنا المرافقون التابعون لوزارة الإعلام الى هناك. ولم تجر اية مكالمات هاتفية مثيرة للشك الى لندن من جانبي او من جانب أي شخص آخر. وفي ذلك الوقت في صيف 2004 كان من الواضح ان المكان في غاية الخطورة، لقد وثقنا ثقة كبيرة بوزارة الإعلام لرعايتنا، وقد أطلقت علينا النار، وفر مرافقونا ولم نتلق أية تعزية أو اعتذار ناهيك من التعويضات. أنا سأستخدم الكرسي المتحرك لبقية عمري، أصحبت عاجزا، ولن أسير مرة أخرى، ولن اجري نحو البحر مع أولادي مرة أخرى، ولن ارقص ولن اصعد السلالم، ولن أتسلق الجبال، ولن افعل الأشياء التي أحبها. وفي الـ44 من عمري انتهت حياتي الجسدية، وبالرغم من ذلك لم احصل على تعويض من المملكة. هذا الأمر مفهوم إذا كنت هناك بنفسي كما كنت افعل في الماضي، ولكن لم يكن هذا هو الامر. فمن ناحية، اشعر بالامتنان للغاية لوزارة الداخلية والأمير سلمان، ولكني غاضب للغاية من وزارة الإعلام. وآمل ان يعالج الوزير الجديد ذلك.

* هل ستذهب الى السعودية مرة أخرى؟

ـ أعتقد انه ما دام والداي على قيد الحياة، فالإجابة لا. أنا ازور الشرق الأوسط منذ 25 سنة. لقد قلت لوالديَّ وأصدقائي إنني اشعر بأمان أكثر في الشرق الأوسط، مما أنا عليه في شوارع لندن. إن نوعية الجرائم التي تسمع عنها في لندن غير موجودة في الشرق الأوسط، ولذا عندما ذهبت الى السعودية كنت أقول دائما «لا تقلقوا، هو شعب مضياف وفي غاية الكرم،» وهو أمر صحيح. لقد كان حظا سيئا، ولكني لا اعتقد أن الأمر منصف بالنسبة لوالديّ بعد كل ما عانياه. انا ابن وحيد وكادا يفقدانني، وعاشا تلك اللحظة يوميا بعدما تلقيا تلك المكالمة الهاتفية التي تقول انه أطلق علي 6 طلقات، ومن المحتمل أن أموت، ولذا ليس من الإنصاف بالنسبة لهم العودة الى هناك. انا اذهب للملكة منذ عام 1989، في البداية كمصرفي ثم كصحافي. وأنا من اشد المعجبين بالمملكة باعتبارها واحدة من اكثر البلاد التي يساء فهمها في العالم وتحصل على تغطية إعلامية غير عادلة. واعتقد انها مكان رائع، ومتنوع ومتعدد الثقافات. وعندما وقع ما حدث لي في الرياض في العام الماضي كان الأمر صعبا بطريقة مضاعفة لأنني اذهب الى هناك لسنوات وأشعر أنني اعرفها.

* كيف ترى صورة السعودية في بريطانيا اليوم؟

ـ اعتقد أن الأمير تركي الفيصل بذل جهدا كبيرا في تحسين صورة المملكة في الغرب. فقد جعل من السهل على الصحافيين ورجال الأعمال زيارة المملكة. وهو شخصية تتسلط عليها الأضواء، فهو لا يختفي عن وسائل الإعلام عندما يحدث شيء سيئ في المملكة. فعلى سبيل المثيل خلال الهجوم على الخبر في مايو من العام الماضي، دافع عن صورة المملكة وجعلنا نفهمها من وجهة النظر السعودية، وهو أمر في غاية الأهمية. إن الخطأ الذي ارتكبته المملكة في الماضي هو عدم وجود أي شخص للحديث رسميا مع وسائل الإعلام الغربية، وسمح ذلك للنقاد، كل هؤلاء الذين ينتقدون المملكة، بأن يقولوا إنهم الوحيدون على الساحة. يستحق التهنئة ليس فقط لتحسينه العلاقات الانجلو ـ سعودية، ولكن أيضا لتحسينه صورة السعودية. وأتمنى له المزيد من النجاح في واشنطن.