المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فی ذکر رحیلها…کل ما ترید ان تعرفه عن أم المؤمنين السيدة خديجة الكبرى(ع)



غفوري
04-29-2021, 05:06 PM
https://ar.shafaqna.com/wp-content/uploads/2021/04/593483eeaa0d41.jpg


فی ذکر رحیلها…کل ما ترید ان تعرفه عن أم المؤمنين السيدة خديجة الكبرى(ع)

تقریر خاص- یصادف اليوم 10 رمضان الكريم ذكري وفاة أم المؤمنين السيدة خديجة الكبري (عليها السلام) زوجة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأم الزهراء البتول (سلام الله عليها).

ومَن هي خديجة (عليها السلام)؟قال تعالى (يا أيُّها النبيُّ قُلْ لأزواجِكَ إنْ كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحياةَ الدنيا وزينتَها فتعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنّ وأُسرِّحْكُنّ سَراحاً جميلا * وإنْ كنتُنّ تُرِدْنَ اللهَ ورسولَهُ والدّارَ الآخِرةَ فإنّ اللهَ أعدَّ للمُحسِناتِ مِنكُنّ أجراً عظيما).

وقد كانت خديجةُ بنت خُوَيلد بن أسد (عليها السلام) من المحسنات اللّواتي ظهرتْ نجابتُهن منذ عهدٍ بعيد، فهي شريفة قريش والملقَّبة في الجاهليّة بـ «الطاهرة»، والمعروفة بسيرتها الكريمة، وفي بعض الآثار أنّ أهل الخير في الجاهليّة هم أهل الخير في الإسلام.خديجة بنت خُويلِد، المشهورة بخديجة الكبرى وأم المؤمنين هي زوجة النبي صلی الله عليه وآله وسلم وأم السيدة فاطمةعليها السلام، وهي أول امرأة تزوجها – في الجاهلية- وأول الخلق إسلاماً بإجماع المسلمين لم يتقدمها رجل ولا امرأة غير علي بن أبي طالب عليه السلام، وكانت من سادات قريش وأشرافها وتُدعى في الجاهلية الطاهرة ولقّبها النبي بالكبرى، وذكر التاريخ أنها ولدت حوالي عام 68 قبل الهجرة.

تزوجها النبي صلی الله عليه وآله وسلم وهو في الخامسة والعشرين من عمره، فولدت له القاسم (وكان يكنّى به) وعبد الله (وهو الطاهر والطيب) وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، ویرى بعض الباحثين أن فاطمة هي البنت الوحيدة للنبی صلی الله عليه وآله وسلم، وسائر البنات ربائبه.

وقفت إلى جانب النبي صلی الله عليه وآله وسلم مساعدةً ومعاضدةً حتى أنفقت ثروتها الطائلة في نجاح الرسالة وتحقيق الأهداف التي كان يرومها، وكان رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم شديد الحب لها، ولم يفتأ يذكرها، ويثني عليها. وكان يردّ على من كانت تقول له إنّ الله أبدلك بخير منها: «لا واللّه ما أبدلني اللّه خيراً منها، آمنت بي؛ إذ كفر الناسُ، وصدّقتني، وكذّبني الناسُ، وواستني في مالها؛ إذ حرمني الناسُ، ورزقني اللّه منها أولاداً؛ إذ حرمني أولاد النساء».

توفيت خديجة في مكة قبل الهجرة بثلاث سنين عن سن ناهز الخامسة والستين على القول المشهور، فكانت وفاتها أحزنت رسول اللّه صلی الله عليه وآله وسلم، ودفعته إلى أن يسمّي ذلك العام الذي توفي فيه ناصراه وحامياه (زوجته خديجة وعمّه أبو طالب) بعام الحزن، وأن ينزل عند دفنها في حفرتها، ويدخلها القبر بيده، في الحجون، وكان قد كفّنها برداء له، ثم برداء من الجنة.

سيرتها قبل الإسلام

ولدت خديجة بنت خويلد في مكة قبل ولادة الرسول محمد بخمسة عشر عامًا، أي على وجه التقريب ولدت في عام 556م، نشأت وترعرعت في بيت جَاهٍ ووجاهة وإيمان وطهارة سلوك، حتى سميت بالطاهرة وعرفت بهذا اللقب قبل الإسلام، وكانت كثيرًا ما تتردد على ابن عمها ورقة بن نوفل تعرض عليه مناماتها، وكل ما يمر بها من إحساس ورؤيا تراها، أو هاجس تحس به.

عند السنة

ما أن بلغت خديجة سن الزواج حتى أصبحت محط أنظار شباب قريش وأشراف العرب، فقد كانت فتاة راجحة العقل كريمة الأصل ومن أعرق بيوت قريش نسبًا، فتزوجها أبو هالة بن زرارة بن النباش التميمي، وعاشت معه مدة ليست بالطويلة، ورزقت منه بولدين هما: هند وهالة، ثم تُوفي تاركًا لها ثروة ضخمة، ثم تزوجت من بعده بعتيق بن عائذ المخزومي، ثم طلقها وقيل: بل تُوفِّي عنها بعد أن رزقت منه ببنت اسمها هند،قال الإمام الذهبي: «كانت خديجة أولًا تحت أبي هالة بن زُرارة التميمي، ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم، ثم بعده النبي، فبنى بها وله خمس وعشرون سنة، وكانت أسنّ منه بخمس عشرة سنة»،[7] وقال البلاذري: «وكانت خديجة قبل رسول الله عند أبي هالة هند بن النباش بن زُرارة الأسيدي من تميم، فولدت له هند بن أبي هالة سمي باسم أبيه، ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فطلقها فتزوّجها النبي، وكانت مسماة لورقة بن نوفل، فآثر الله عز وجل بها نبيه»..

عند الشيعة

يعتقد الشيعة من خلال التحقيق في الكتب التأريخية “أنّ « هالة » أُخت أمّ المؤمنين خديجة، كان تزوّجها رجلٌ مخزوميّ فوَلَدت منه بنتاً اسمها « هالة » أيضاً، ثمّ لمّا تُوفّي المخزوميّ خلَفَ عليها رجلٌ تميميّ يُقال له أبو هند، فأولدها ولداً اسمه « هند »، وكان لهذا التميميّ امرأةٌ أخرى قد ولدت له ابنتينِ هما: زينب ورقيّة، فماتت زوجة التميميّ، ومات التميميُّ أيضاً، فلَحِق « هند » ابن أبي هند بقومه من أبيه، فيما بقيت هالة ابنة التميميّ عند هالة أخت خديجة، وكذا زينب ورقيّة، فكَفَلَتْهم خديجةُ جميعاً إذ كانت ميسورةَ الحال، وضَمَّتْهم إليها بعد أن تزوّجت بالنبيّ .. ولمّا ماتت هالة أخت خديجة، بقيَ الأطفال ثلاثتهم: زينب ورقيّة وهالة في حِجْر خديجة يرعاهنّ رسولُ الله ، فأصبحنَ رَبائبه” .

تجارتها

كانت خديجة ترسل الرجال في تجارتها إلى الشام واليمن، وكانت دائمَة التدقيق والتمحيص فيمن تختاره حتى تضمن سلامة أموالها وعظيم ربحها، فلما بلغها عن محمد ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه، تذكرت عندما كانت تجلس مع نساء أهل مكة يوم اجتمعن في عيد لهنَّ في الجاهلية، فتمثل لهن رجل فلما قرب نادى بأعلى صوته: يا نساء تيماء إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد يبعث برسالة الله فأيما امرأة استطاعت أن تكون زوجًا له فلتفعل، فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له وأغضت خديجة على قوله ولم تعرض له فيما عرض له النساء، فبعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجرًا إلى الشام، وقيل بل إن أبا طالب بن عبد المطلب عم الرسول هو من أشار إليه بالعمل في تجارة خديجة وقال له: «أنا رجل لا مال لي، وقد اشتد الزمان علينا، وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام، وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيراتها، فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك». وبلغ خديجة ما كان من محاورة الرسول وعمه، فأرسلت إليه في ذلك، وقالت: أنا أعطيك ضعف ما أعطي رجلا من قومك، فقال أبو طالب: هذا رزق قد ساقه الله إليك، فخرج مع غلام خديجة ميسرة، وأوصته أن يقوم على خدمته وألا يخالف له أمرًا وأن يرصد لها أحواله، وجعل عمومة الرسول يوصون به أهل العير، فلما قدما بصرى من الشام، نزلا في ظل شجرة، فقال نسطور الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، ثم قال لميسرة: أفي عينيه حمرة قال ميسرة: نعم لا تفارقه، قال: هو نبي، وهو آخر الأنبياء، ثم باع سلعته، فوقع بينه وبين رجل تلاح، فقال رجل احلف باللات والعزى، فقال الرسول: ما أحلف بهما قط وإني لامرؤ، فأعرض عنهما، فقال الرجل: القول قولك، ثم قال لميسرة: هذا والله نبي تجده أحبارنا منعوتًا في كتبهم، وكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلان الرسول من الشمس، فوعى ذلك كله ميسرة، وكان الله قد ألقى عليه المحبة من ميسرة، فكان كأنه عبد له، وباعوا تجارتهم وربحوا ضعف ما كانوا يربحون، فلما رجعوا كانوا بمر الظهران وقال ميسرة: يا محمد انطلق إلى خديجة، فأخبرها بما صنع الله لها على وجهك فإنها تعرف لك ذلك، فتقدم محمد حتى دخل مكة في ساعة الظهيرة، وخديجة في عليةٍ لها فرأته وهو على بعيره، ودخل عليها فأخبرها بما ربحوا في تجارتهم، فسرت بذلك، فلما دخل عليها ميسرة أخبرها بما قال الراهب نسطور، وبما قال الآخر الذي خالفه في البيع، وكانت قد ربحت ضعف ما كانت تربح، وأضعفت لمحمد ضعف ما سمت له.

زواجها

وقعت مسألة زواجها (عليها السلام) قبل النبي الأكرم (ص) موضع نقاش وجدال بين الباحثين الاسلاميين فذهب أكثر المؤرخين والباحثين من العامّة إلى القول بأنها تزوجت قبل زواجها بالنبي (ص) مرتين وأنها انجبت من ذانّك الزوجين، وهذا ما ينفيه فريق من الباحثين الشيعة، ومن تلك المصادر التاريخية التي تشير إلى زواجها السابق:

ذكر البلاذري في أنساب الأشراف أنّ خديجة (عليها السلام) كانت قبل رسول الله (ص) عند أبي هالة هند بن النباش بن زُرارة الأسيدي، من تميم، ولدت له هند بن أبي هالة، سمّي باسم أبيه.

وقال البلاذري أيضا: ثم خلف عليها بعده – أي بعد أبي هالة- عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فطلقها، فتزوّجها النبي (ص)، وكانت خديجة عليه السلام ولدت لعتيق جارية، يقال لها هند تزوجها صيفي بن أمية بن عابد.

وقال ابن حبيب صاحب كتاب المنمّق في معرض حديثه عن النباش: النباش أبو هالة زوج خديحة بنت خويلد (عليها السلام) قبل رسول الله (ص) فولدت له هالة وهنداً وهما رجلان.

وقال ابن حبيب أيضا في كتابه المحبّر الذي ألفه بعد المنمّق في من تزوج ثلاث مرّات: كانت خديجة (عليها السلام) قبله (ص) عند أبي هالة هند بن النباش؛ ثم عند عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.

في المقابل نجد الباحثين والمؤرخين الشيعة – وبعد دراسات معمقة لزوايا الموضوع- يشككون في ذانّك الزوجين السابقين على النبي (ص) ويؤكدون أنها (سلام الله عليها) لم تتزوج قبل رسول (ص) من أحد قط. ومن القرائن والأدلة التي تدعم ذلك:

قال ابن شهر آشوب : وروى أحمد البلاذري، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما، والمرتضى في الشافي، وأبو جعفر الطوسي في التلخيص: إن النبي (ص) تزوج بها وكانت عذراء. يؤكد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة (عليها السلام). ومن الواضح أن ذيل كلامه لا يخلو من اشكال فإنّ المصادر التأريخية تؤكد بأنّ رقية وزينب هن بنات الرسول (ص) من خديجة.قال أبو القاسم الكوفي: إن الإجماع من الخاص والعام، من أهل الآثار ونقلة الأخبار، على أنّه لم يبق من أشراف قريش، ومن ساداتهم وذوي النجدة منهم، إلا من خطب خديجة، ورام تزويجها، فامتنعت على جميعهم من ذلك، فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة، يتزوجها أعرابي من تميم، وتمتنع من سادات قريش، وأشرافها على ما وصفناه؟! ألا يعلم ذوو التمييز والنظر: أنّه من أبين المحال، وافظع المقال.

زواجها من النبي (ص)

زوجات النبي (ص)

امهات المؤمنین.png

خديجة بنت خويلد (الزواج: 15 قبل البعثة)

سودة بنت زمعة (الزواج: قبل الهجرة)

عائشة بنت أبي بكر (الزواج: 1 أو 2 أو 4 هـ)

حفصة بنت عمر (الزواج: 3 هـ)

زينب بنت خزيمة (الزواج: 3 هـ)

أم سلمة (الزواج: 4 هـ)

زينب بنت جحش (الزواج: 5 هـ)

جويرية بنت الحارث (الزواج: 5 أو 6 هـ)

أم حبيبة (الزواج: 6 أو 7 هـ)

مارية القبطية (الزواج: 7 هـ)

صفية بنت حيي (الزواج: 7 هـ)

ميمونة بنت الحارث (الزواج: 7 هـ)

ع · ن · ت

أجمعت المصادر التأريخية على أنّ السيدة خديجة (عليها السلام) هي أُولى زوجات النبي (ص) تزوجها وهو في الخامسة والعشرين من عمره، هذا ما ذهب إليه ابن عبد البر في الاستيعاب، قائلا: وتزوج رسول الله (ص) خديجة بنت خويلد بن أسد بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يوماً في عقب صفر سنة ست وعشرين وذلك بعد خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام من يوم الفيل. ولكنه نقل عن الزهري قوله: كانت سن رسول الله (ص) يوم تزوّج خديجة (ع) إحدى وعشرين سنة.وذهب المسعودي أيضا إلى كون السيدة خديجة (عليها السلام) هي أولى زوجات النبي (ص). وهذا ما أكده البسوي وغيره من المصادر.وقال ابن الأثير في معرض تأكيده لذلك: وأوّل امرأة تزوجها (ص) خديجة بنت خويلد قبل البعثة. ونقل ابن الأثير الأقوال المختلفة في سنّه (ص) حين تزوجها والتي ترددت بين 21، 22، 25، 28، 30، 37.

كذلك اختلفت كلمة الباحثين والمؤرخين في سن خديجة (عليها السلام) حينما تزوجها الرسول (ص) والتي ترددت بين الخامسة والعشرين والسادسة والأربعين إلا أّن الأكثرية ذكروا أنّها كانا في سن الأربعين. ونقل المسعودي غير تلك التحديدات. ومنهم من حدد ذلك بالخامسة والعشرين ومنهم من قال عمرها ثمانية وعشرين عاما و30 عاما و35 عاما و 44 و45 عاما. و 46 عاما.

ويلاحظ هنا: مدى الاختلاف والتفاوت في عمر السيدة خديجة (عليها السلام) حين اقترانها بالرسول الأكرم (ص).

ومن الصعب الخروج بنتيجة جازمة في تحديد سنّها عند زواجها من النّبي (ص)، ولكن لو أخذنا بعين الاعتبار مدة معايشتها للنبي (ص) والتي بلغت خمساً وعشرين سنة، خمس عشرة سنة منها قبل البعثة والعشر الأخرى بعد البعثة هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنّ سن خديجة حين وفاتها كان 63 سنة أو 50 كما رجح ذلك البيهقي، حينئذ يتردد سن خديجة وفقا للقولين بين الأربعين والخامسة والعشرين. فإذا ذهبنا إلى ما رجّحه البيهقي وأنها توفيت في الخمسين من العمر يكون عمرها حين الزواج 25 سنة، وهذا ما رجحّه بعض الباحثين. إلا أنّ المشكلة التي تواجه هذا الاحتمال هي خلو المصادر المعتبرة منه. من هنا من الصعب الجزم به. لكن يمكن الاستناد إلى قرينة أخرى وهي وفاة القاسم بن الرسول (ص) فإنه لما توفي بعد البعثة كشف ذلك عن كون ولادته كانت وعمر خديجة (عليها السلام) 55 سنة وهذا أمر بعيد جداً، فإذا ضممنا ذلك إلى ما ذهب إليه بعض أعلام الشيعة من أنّ النّبي تزوجها (س) وهي باكر من جهة ومن المستبعد أنّ امراة كخديجة عليه السلام تبقى بلا زواج إلى سن الأربعين، فمن ضم هذه القرائن نخرج بنتيجة مؤداها أنّ عمرها عند زواجها مردد بين الخامسة والعشرين والثامنة والعشرين.

والجدير بالذكر هنا أنّ المعيار في الزواج الصحيح هو وحدة الفكر والهدف وسمو الأخلاق والعلاقات الزوجية الحميمة، لا العمر فإنّه يأتي بدرجة لاحقة لما مر، ولاريب أنّ هذا الزواج المقدس كان الغرض منه أمراً مقدسا وكانت المثل الإلهية العليا هي التي تدفع لتحقيق ذلك الزواج، يقول ابن اسحاق: لما بلغ خديجة عن رسول الله (ص) ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى الشام و تعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار. مع غلام لها يقال له ميسرة، فقبله رسول الله (ص) فخرج بذلك المال ثم أقبل قافلا إلى مكة و معه ميسرة، فكان ميسرة يحدثها عما شاهده من كرامات النبي (ص) وأخلاقه في تلك الرحلة، وكانت خديجة (عليها السلام) امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامتها. فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها بعثت إلى رسول الله (ص) وعرضت عليه الزواج.‏‏ وقال ابن سيد الناس: إن خديجة (عليها السلام) لما رأت من كرامات الرسول (ص) قالت له: يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك، ووسطتك في قومك وأمانتك، وحسن خلقك وصدق حديثك‏. وقد أشار إلى هذه المثل العليا التي جرّت إلى الزواج المبارك ابن الاثير في أسد الغابة.

أبناؤها

أولاد النبي محمد (ص)

القاسم: (وفاة: قبل البعثة)

عبدالله: (وفاة: قبل الهجرة)

رقية: (20 ق هـ – 2 هـ)

زینب: (23 ق هـ – 8 هـ)

أم کلثوم: (19 ق هـ – 9 هـ)

إبراهیم: (8 هـ – 10هـ)

فاطمة: (5 للبعثة – 11 هـ)

ع · ن · ت

نقل ابن كثير عن ابن إسحاق وابن هشام أسماء سبعة من أولاده من خديجة (عليها السلام) وأنّ جميع ولده (ص) هم من خديجة إلا إبراهيم.

ونقل عن يونس بن بكير أسماء ستة من أبناء خديجة،وذكر الزبير بن بكار أنه ولد له (ص) الطيب وفاطمة بعد البعثة. وقد أكدت سائر المصادر التأريخية أنّه لم ينجب له (ص) إلا من خديجة ومن مارية ولده إبراهيم.

ولعل اختلاف كلمة المؤرخين في عدد الأولاد يرجع إلى الخلط بين أسمائهم وألقابهم، ومن هنا قيل أن خديجة أنجبت ستة أولاد: اثنين من الذكور وأربعة من الإناث هما القاسم وعبد الله (والطيب والطاهر من ألقاب عبد الله) ومن الإناث زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة (عليها السلام).

ویرى السيد جعفر مرتضى الباحث في التاریخ الإسلامي أن فاطمة هي البنت الوحيدة لخديجة، حيث أنّه كانت لخديجة (ع) أخت اسمها هالة، تزوجها رجل مخزومي، فولدت له بنتاً اسمها هالة، ثم خلف عليها- أي على هالة الأولى- رجل تميمي يقال له: أبو هند، فأولدها ولدا اسمه هند، وكان لهذا التميمي امرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقية، فماتت، ومات التميمي، فلحق ولده هند بقومه، وبقيت هالة أخت خديجة والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الأخرى؟ فضمتهم خديجة إليها، وبعد أن تزوجت بالرسول (ص) ماتت هالة، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول (ص)، وكان العرب يزعمون: أن الربيبة بنت، ولأجل ذلك نسبتا إليه (ص)، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أخت خديجة (عليها السلام).

فضائلها وسماتها

أجمعت المصادر التأريخية على التسليم بكونها (عليها السلام) أول الناس إسلاما بين النساء بل هناك من ادعى الإجماع على ذلك. وقد أكد ابن عبد البر هذه الحقيقة بقوله: أوّل من آمن بالنبي (ص) بعد خديجة علي بن أبي طالب عليه السلام. وهكذا سائر المصادر التي تعرض للحديث عن السابقين إلى الإسلام. وكذلك المصادر التي أكدت على كونها وأمير المؤمنين عليه السلام أوّل من صلى مع النبي (ص).

روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سمع رسول الله (ص) يقول: سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران، وفاطمة بنت رسول اللّه (ص)، وخديجة وآسية. وهن أفضل النساءوقد لقبت بالطاهرة والزكية والمرضية والصديقة وسيدة نساء قريش وخير النساءوالشريفة في قومها،

مكانتها عند النبي

حظيت السيدة خديجة (عليها السلام) من بين زوجات النبي (ص) بمكانة خاصة ومنزلة رفيعة لديه (ص) وقد أكّدت الوثائق التأريخية هذه الحقيقة، بل بقي (ص) طيلة حياته يذكرها بخير ويؤكد على مكانتها في قلبه الشريف وكان يثني عليها ولايرى من يوازيها في تلك المنزلة الرفعية، فعن عائشة قالت: كان رسول الله (ص) إذا ذكر خديجة (عليها السلام) لم يسأم من ثناء عليها والإستغفار لها، فذكرها ذات يوم فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوّضك الله من كبيرة السنّ، قالت: فرأيت رسول الله (ص) غضب غضباً شديداً، ثم قال: والله لقد آمنت بي إذ كفر النّاس، وآوتني إذ رفضني النّاس وصدقتني إذ كذبني النّاس، ورزقت منّي حيث حرمتموه.

لقد كانت خديجة شريكة النبيِّ (ص) في كلّ آلامه وآماله، والمسلّية له بما أصابه من أذىِ، بل كانت المعينة له على مكاره قريش؛ ومن هنا لم يتزوج (ص) في حياتها غيرها. بل وصفت بعض الوثائق تلك العلاقة الحميمة بين الرسول (ص) وبينها بالقول: وكانت خديجة (عليها السلام) له (ص) وزير صدق بنفسها ومالها (رضى الله عنها وأرضاها).

دورها في نجاح الدعوة الاسلامية

مزجت السيدة خديجة (عليها السلام) بين الإيمان والعمل فكانت المصداق البارز للحديث الشريف “الايمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالاركان”ومن هنا تراها قد امتثلت الأمر الالهي وآيات الذكر الحكيم بكل رحابة صدر باذلة الغالي والنفيس في طريق الرسالة فلم يبق من مالها شيء إلا وقد وضعته تحت تصرف الرسول (ص) وما كانت تشعر- كما يقول سليمان كتاني- بأنها بذلت للنبي بل كانت تشعر بربحها لكنز وفير لا يدانيه كنز من كنوز الدنيا، والمتمثل بكنز الهداية المحمدية، وكانت تشعر بأنها تهدي حبّاً وحناناً لمحمد (ص) في مقابل السعادة العظمى التي تغمرها وهي في طريق البذل والعطاء.

وكان لدعمها المادي الدور الكبير في غنى الرسول (ص) والرسالة عمّا في أيدي الآخرين حتى عُدّ ذلك من النعم التي أنعمها الله تعالى عليه (ص): ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ وكان (ص) يثمّن ذلك العطاء الوفير ويشيد بصاحبته قائلا: «ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة». وكان (ص) يعتق بمالها الرقيق ويؤدي الديون عن الغارمين ويساعد الفقراء ويمدّ يد العون إلى المحتاجين وكان مصدر انفاقه في شعب أبي طالب وعند المحاصرة مال خديجة (عليها السلام) ومال أبي طالب حتى سجلت ذلك لنا المصادر التاريخية قائلة «فأنفق أبوطالب و خديجة جميع مالهما» ومن الشواهد على ذلك أن أبا جهل بن هشام كان- فيما يذكرون- لقي حكيم بن حزام بن خويلد ابن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله (ص) ، ومعه في الشّعب، فتعلّق به وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد، فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمّته – أي خديجة- عنده بعثت إليه فيه، أ فتمنعه أن يأتيها بطعامها!.

لقد امتازت سيدة الحجاز بالعطاء والسخاء وسائر الأخلاق الحميدة. فقد وضعت ثروتها الطائلة تحت متناول الرسول (ص) ليبذلها في سبيل إنقاذ البشرية والمحرومين من الظلم والتعسّف فشمل عطاؤها اليتامى والجياع و… ويكفي في قيمة هذا العطاء والبذل أن الباري تعالى امتدحه وعدّه من النعم التي أنعم به عبده الكريم محمد بن عبد الله (ص). وكان الرسول (ص) لايفتأ يذكر ذلك السخاء والبذل باجلال كبير.

لقد عاضدت السيدة خديجة (عليها السلام) رسول الإنسانية في حركته منذ الساعات الأولى للبعثة وحتى رحيلها عن هذه الدنيا، وكان لمساندتها الدور البارز في تقوية واستحكام الجبهة الداخلية للجماعة المؤمنة فكانت المثل الأعلى للمؤمن الرسالي الثابت القدم الراسخ العقيدة، ومن هنا نالت وبجدارة كبيرة لقب الطاهرة والصديقة وسيدة نساء قريش وخير النساء وأمّ المؤمنين، وغير ذلك من الألقاب الكبيرة.

وفاتها

ذكرت المصادر أن السيدة خديجة توفيت في السنة العاشرة للبعثة وقبل الهجرة من مكة إلى المدينة بثلاث سنين. عن عمر – حسب أكثر المصادر- ناهز الخامسة والستين. وقال ابن عبد البر: إنها ماتت وعمرها 64 سنة وستة أشهر. وبعضهم قال: إنها توفيّت بعد أبي طالب بعدّة شهور. وعن ابن سعد أنها توفيت بعد أبي طالب بخمسة وثلاثين يوما.وقال ابن سعد نفسه وغيره من الباحثين: إنها توفيت في شهر رمضان من السنة العاشرة. فنزل (ص) عند دفنها في حفرتها، وأدخلها القبر بيده، في مقبرة المعلى من جبل الحجون، و كان قد كفنها برداء له ثم برداء من الجنة.

و مدفنها الآن في مقبرة بني هاشم في مكة المكرمة.