رستم باشا
04-26-2021, 08:10 AM
https://img-s-msn-com.akamaized.net/tenant/amp/entityid/BB1g1YA1.img?h=0&w=600&m=6&q=60&u=t&o=f&l=f
زهرة النارنج
https://i0.wp.com/alhadafnews.com/wp-content/uploads/2021/04/1-1432512.png?fit=696%2C392&ssl=1
لجين الحسيني - تونس - سكاي نيوز عربية
في فصل الربيع تتعطر محافظة نابل شمال شرقي تونس بزهور النارنج، وهي واحدة من أشجار القوارص العريقة، التي تنتج زهور فواحة يتم تقطيرها واستخراج زيوتها للحصول على أغلى العطور.
وتم جلب شجرة النارنج من بلاد الأندلس، حيث كانت تزين منازل الأندلسيين كما تزين اليوم جل البيوت في مدينة نابل التونسية.
والنارنج هي شجرة معمرة تنتج ثمرا شبيها بالبرتقال وزهور بيضاء يتم تقطيرها للحصول على ماء الزهر، الذي يُطلق عليه "الذهب الأبيض"، بالإضافة إلى زيوت "روح الزهر" الثمينة.
وفي موسم جني زهرات النارنج في الربيع، يزور مدينة نابل وأريافها كبار صناع العطور في العالم لاقتناء الزهرات البيضاء العطرة، ولمواكبة عمليات تقطريها واستخراج زيوتها من الألف إلى الياء، لأنها ستكون فيما بعد مركبات ثمينة لأجود عطورهم، فضلا عن استعمالها في تركيبة بعض مواد التجميل.
وفي إشارة إلى أهميتها، قال عنها أحد مصنعي عطر "غيرلان" إنها مكون أساسي لعطورهم منذ عام 1955.
أما في تونس، فيستعمل ماء الزهر في المطبخ لتعطير الأكلات التقليدية أو لصنع المرطبات، ويعطي للقهوة نكهة خاصة. أما زيت "النيرولي" المتحصل عليه من زهرات النارنج البيضاء، فيوجه كليا للتصدير بعد تقطيره.
ويوفر تقطير طن واحد من أزهار النارنج صناعيا 600 لتر من ماء الزهر للاستهلاك المحلي، أما أثمن ما يستخرج من الزهرات البيضاء وهو الزيت الروحي الذي يسمى "النيرولي"، فيصدر كليا خارج تونس لاستعماله في تركيبة عطور شهيرة.
وللحصول على زيت "النيرولي" من أجل صناعة العطور، يشترط أن تُقطف الزهور من الأشجار في الصباح الباكر ثم تنشر على الأرض، وبعدها تسكب سريعا في الخزانات ليتم تقطيرها بشكل فوري، حتى يبقى عطرها ثابتا وبأفضل حالاته.
وتبدأ العملية الدقيقة التي يحرص كبار صناع العطور على مواكبتها بوضع الأزهار داخل الخزان، وإضافة المياه لطهيها بطريقة مضغوطة، وعندما يخرج البخار محملا بالعطر يتم جمعه داخل أنبوب يمر عبر مياه باردة تحوله إلى خلاصة "النيرولي".
وقال عضو الهيئة المديرة لجمعية صيانة مدينة نابل، أحمد بوحنك، إن زهر النارنج "حساس ولا يتحمل النقل لمسافات بعيدة، كما تقتضي قواعد عملية التقطير أن يتم في نفس يوم جمع الزهرات، حتى لا تفقد الزهرة روحها".
وأضاف لموقع "سكاي نيوز عربية": "أكبر الكميات توجه إلى المعامل ليتم استخراج عن كل لتر من ماء الزهر، 2 أو 3 مللتر من زيت النيرولي، مما يعني أن كيلوغراما من الزيت الثمين يتطلب 1000 كلغ من زهر النارنج".
وأوضح بوحنك أنه "لم يتم بعد تثمين زيت النيرولي في تونس، ويوجه كليا للتصدير، خاصة إلى مدينة غراس الفرنسية"، مؤكدا أن مبتكري عطور "شانيل" و"غيرلان" يفضلون المشاركة في عملية استخراج الزيوت الروحية، لأنهم يريدونها أن تتم بدقة حتى تحفظ الجودة الرفيعة للمادة.
واعتبر أن النيرولي التونسي هو "الأكثر جودة، لأن مصانع العطور في إيطاليا تقوم بإدخال عدد من المواد الكيمياوية لتفصل الماء عن الزيت، وتتحصل على إثرها على زيت ذو جودة أقل لصنع العطور".
واستطرد قائلا: "هذا العام وعلى غير العادة وبسبب وباء كورونا، واجهت سوق العطور صعوبات جراء إغلاق المطارات والمحلات في كبرى العواصم السياحية، مما أثر على حركة التصدير لزيت النيرولي وماء الزهر التونسي".
وتعتبر مدينة نابل من أهم منتجي زيت النيرولي ومصدريه في العالم، ليستعمل في صناعة الماركات العالمية لمواد التجميل والعطور.
وتصدّر المصانع التونسية النيرولي بأسعار تتجاوز العشرة آلاف يورو للكيلوغرام الواحد، للمصانع الفرنسية العاملة في عاصمة العطور الفاخرة.
وقال صاحب أحد مصانع التقطير في تونس، يدعى الشاذلي بالخوجة، إنه انطلق في العمل في هذا المجال منذ الثمانينيات، بوحدة صناعية صغيرة تمتلك قطار بسعة 1500 لتر.
وفي البداية كان أغلب الإنتاج يقتصر على ماء الزهر المطلوب جدا، ثم اشتهرت مادة النيرولي وأصبحت مطلوبة في العطور ذات الجودة العالية من شركات "غيرلان" و"ألزارو" و"كريستيان ديور" وغيرها.
وأكد المنتج أن تونس "تمتاز بجودة خاصة لزيت النيرولي، رغم أن زهرة النارنج موجودة في المغرب ومصر وهم من أكبر المنتجين للزيت، لكن المناخ المتوسطي في تونس فيه رطوبة أقل ويعطي جودة خاصة للزهر".
وأشار بالخوحة إلى أن "الأسعار هذا العام تراجعت من جراء انتشار فيروس كورونا وتوقف الأنشطة الاقتصادية والتجارية في العالم، وبالتالي تضرر الفلاح وتضررت معامل التقطير في تونس، وبقي قرابة نصف المنتوج من الزيت مخزنا".
ويمكن حفظ الزيوت لمدة عامين على أقصى تقدير، لكن لونه يتغير فيميل أكثر ليكون داكنا، مما يؤثر في لون العطر. لكن في المقابل، فإن الرائحة تتحسن.
وتابع: "لكن مصنعي العطور أصبحوا متطلبين أكثر للجودة العالية، حتى أنهم يشاركوننا موسم القطف وكل مراحل التقطير.. بالنسبة إليهم العملية تمنحهم الإلهام والأفكار الجديدة لخلق وابتكار المزيد من العطور".
واعتبر المندوب الجهوي للفلاحة بنابل، حمزة البحري، أن موسم الزهر في المحافظة "من أهم المواسم الفلاحية، رغم أنه لا يمتد سوى لشهر واحد.. لكنه يخلق حركة كبيرة في البيوت وينشط المحافظة اقتصاديا".
وأوضح أن المساحات المزروعة بأشجار النارنج في نابل، تبلغ 475 هكتارا، فيما يبلغ معدل إنتاجها سنويا 1810 أطنان من الزهر.
وفي عام 2021، قدر الإنتاج بـ2350 طنا يوجه أغلبها للتحويل الصناعي عبر معامل تقطير الزهر واستخراج زيت نيرولي.
أما النسوة في المدينة، فيقمن بتقطير الزهرات بطرق تقليدية متوارثة، مما يسمح بإنتاج 1330 كلغ من الزيت العطري، منها 1030 عن طريق المصانع و300 كلغ تقليديا.
زهرة النارنج
https://i0.wp.com/alhadafnews.com/wp-content/uploads/2021/04/1-1432512.png?fit=696%2C392&ssl=1
لجين الحسيني - تونس - سكاي نيوز عربية
في فصل الربيع تتعطر محافظة نابل شمال شرقي تونس بزهور النارنج، وهي واحدة من أشجار القوارص العريقة، التي تنتج زهور فواحة يتم تقطيرها واستخراج زيوتها للحصول على أغلى العطور.
وتم جلب شجرة النارنج من بلاد الأندلس، حيث كانت تزين منازل الأندلسيين كما تزين اليوم جل البيوت في مدينة نابل التونسية.
والنارنج هي شجرة معمرة تنتج ثمرا شبيها بالبرتقال وزهور بيضاء يتم تقطيرها للحصول على ماء الزهر، الذي يُطلق عليه "الذهب الأبيض"، بالإضافة إلى زيوت "روح الزهر" الثمينة.
وفي موسم جني زهرات النارنج في الربيع، يزور مدينة نابل وأريافها كبار صناع العطور في العالم لاقتناء الزهرات البيضاء العطرة، ولمواكبة عمليات تقطريها واستخراج زيوتها من الألف إلى الياء، لأنها ستكون فيما بعد مركبات ثمينة لأجود عطورهم، فضلا عن استعمالها في تركيبة بعض مواد التجميل.
وفي إشارة إلى أهميتها، قال عنها أحد مصنعي عطر "غيرلان" إنها مكون أساسي لعطورهم منذ عام 1955.
أما في تونس، فيستعمل ماء الزهر في المطبخ لتعطير الأكلات التقليدية أو لصنع المرطبات، ويعطي للقهوة نكهة خاصة. أما زيت "النيرولي" المتحصل عليه من زهرات النارنج البيضاء، فيوجه كليا للتصدير بعد تقطيره.
ويوفر تقطير طن واحد من أزهار النارنج صناعيا 600 لتر من ماء الزهر للاستهلاك المحلي، أما أثمن ما يستخرج من الزهرات البيضاء وهو الزيت الروحي الذي يسمى "النيرولي"، فيصدر كليا خارج تونس لاستعماله في تركيبة عطور شهيرة.
وللحصول على زيت "النيرولي" من أجل صناعة العطور، يشترط أن تُقطف الزهور من الأشجار في الصباح الباكر ثم تنشر على الأرض، وبعدها تسكب سريعا في الخزانات ليتم تقطيرها بشكل فوري، حتى يبقى عطرها ثابتا وبأفضل حالاته.
وتبدأ العملية الدقيقة التي يحرص كبار صناع العطور على مواكبتها بوضع الأزهار داخل الخزان، وإضافة المياه لطهيها بطريقة مضغوطة، وعندما يخرج البخار محملا بالعطر يتم جمعه داخل أنبوب يمر عبر مياه باردة تحوله إلى خلاصة "النيرولي".
وقال عضو الهيئة المديرة لجمعية صيانة مدينة نابل، أحمد بوحنك، إن زهر النارنج "حساس ولا يتحمل النقل لمسافات بعيدة، كما تقتضي قواعد عملية التقطير أن يتم في نفس يوم جمع الزهرات، حتى لا تفقد الزهرة روحها".
وأضاف لموقع "سكاي نيوز عربية": "أكبر الكميات توجه إلى المعامل ليتم استخراج عن كل لتر من ماء الزهر، 2 أو 3 مللتر من زيت النيرولي، مما يعني أن كيلوغراما من الزيت الثمين يتطلب 1000 كلغ من زهر النارنج".
وأوضح بوحنك أنه "لم يتم بعد تثمين زيت النيرولي في تونس، ويوجه كليا للتصدير، خاصة إلى مدينة غراس الفرنسية"، مؤكدا أن مبتكري عطور "شانيل" و"غيرلان" يفضلون المشاركة في عملية استخراج الزيوت الروحية، لأنهم يريدونها أن تتم بدقة حتى تحفظ الجودة الرفيعة للمادة.
واعتبر أن النيرولي التونسي هو "الأكثر جودة، لأن مصانع العطور في إيطاليا تقوم بإدخال عدد من المواد الكيمياوية لتفصل الماء عن الزيت، وتتحصل على إثرها على زيت ذو جودة أقل لصنع العطور".
واستطرد قائلا: "هذا العام وعلى غير العادة وبسبب وباء كورونا، واجهت سوق العطور صعوبات جراء إغلاق المطارات والمحلات في كبرى العواصم السياحية، مما أثر على حركة التصدير لزيت النيرولي وماء الزهر التونسي".
وتعتبر مدينة نابل من أهم منتجي زيت النيرولي ومصدريه في العالم، ليستعمل في صناعة الماركات العالمية لمواد التجميل والعطور.
وتصدّر المصانع التونسية النيرولي بأسعار تتجاوز العشرة آلاف يورو للكيلوغرام الواحد، للمصانع الفرنسية العاملة في عاصمة العطور الفاخرة.
وقال صاحب أحد مصانع التقطير في تونس، يدعى الشاذلي بالخوجة، إنه انطلق في العمل في هذا المجال منذ الثمانينيات، بوحدة صناعية صغيرة تمتلك قطار بسعة 1500 لتر.
وفي البداية كان أغلب الإنتاج يقتصر على ماء الزهر المطلوب جدا، ثم اشتهرت مادة النيرولي وأصبحت مطلوبة في العطور ذات الجودة العالية من شركات "غيرلان" و"ألزارو" و"كريستيان ديور" وغيرها.
وأكد المنتج أن تونس "تمتاز بجودة خاصة لزيت النيرولي، رغم أن زهرة النارنج موجودة في المغرب ومصر وهم من أكبر المنتجين للزيت، لكن المناخ المتوسطي في تونس فيه رطوبة أقل ويعطي جودة خاصة للزهر".
وأشار بالخوحة إلى أن "الأسعار هذا العام تراجعت من جراء انتشار فيروس كورونا وتوقف الأنشطة الاقتصادية والتجارية في العالم، وبالتالي تضرر الفلاح وتضررت معامل التقطير في تونس، وبقي قرابة نصف المنتوج من الزيت مخزنا".
ويمكن حفظ الزيوت لمدة عامين على أقصى تقدير، لكن لونه يتغير فيميل أكثر ليكون داكنا، مما يؤثر في لون العطر. لكن في المقابل، فإن الرائحة تتحسن.
وتابع: "لكن مصنعي العطور أصبحوا متطلبين أكثر للجودة العالية، حتى أنهم يشاركوننا موسم القطف وكل مراحل التقطير.. بالنسبة إليهم العملية تمنحهم الإلهام والأفكار الجديدة لخلق وابتكار المزيد من العطور".
واعتبر المندوب الجهوي للفلاحة بنابل، حمزة البحري، أن موسم الزهر في المحافظة "من أهم المواسم الفلاحية، رغم أنه لا يمتد سوى لشهر واحد.. لكنه يخلق حركة كبيرة في البيوت وينشط المحافظة اقتصاديا".
وأوضح أن المساحات المزروعة بأشجار النارنج في نابل، تبلغ 475 هكتارا، فيما يبلغ معدل إنتاجها سنويا 1810 أطنان من الزهر.
وفي عام 2021، قدر الإنتاج بـ2350 طنا يوجه أغلبها للتحويل الصناعي عبر معامل تقطير الزهر واستخراج زيت نيرولي.
أما النسوة في المدينة، فيقمن بتقطير الزهرات بطرق تقليدية متوارثة، مما يسمح بإنتاج 1330 كلغ من الزيت العطري، منها 1030 عن طريق المصانع و300 كلغ تقليديا.