المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاولات شاه إيران الهيمنة على الخليج أثارت الشكوك من إمبراطورية فارسية



سلسبيل
08-09-2005, 04:30 PM
أفرجت الحكومة البريطانية عن ملف وثائقي جديد يتناول تقييم وزارة الخارجية البريطانية للتعاون بين دول الخليج العربية، وتطور العلاقات البينية في المنطقة والتداعيات التي قد تنجم عنها على المملكة المتحدة، كما تناولت الوثائق المخاوف البريطانية من القمة العربية التي كانت وشيكة في المرحلة التي أعدت فيها التقارير وكذلك خطط ايران للهيمنة على الخليج وتنافسها مع العراق.


وقد وجهت السياسة البريطانية انتقادًا لاذعًا لشاه ايران، يعكس احساسًا عامًا بالتوجس تجاه الخطط العربية، كما تعبر هذه الانتقادات عن «الغيرة» التي يكنها الشاه تجاه السعودية، وخططه للهيمنة على دول المنطقة، وكل هذا أثار التكهنات بشأن رد فعل خليجي تمثل في قمة خليجية شعر البعض في وزارة الخارجية البريطانية بأنها محفوفة بالسرية بشكل مبالغ فيه، ويمكن أن تتسبب في أضرار للمصالح البريطانية، ويبدو أن وزارة الخارجية البريطانية كانت تحاول بطريقة سرية التحقق من نوايا دول الخليج في أعقاب قيامها بتعزيز العلاقات بشكل أكبر بينها، وقلق السياسة البريطانية ترتب عليه أن الأحداث العادية مثل «رحلة صيد» للشيخ خليفة بن حمد آل ثاني حاكم قطر يتم النظر اليها على أن وراءها أهدافًا أبعد من ذلك، حيث تظهر الوثائق أن المخطط كان التوجه الى مكان لم يتم تحديده في السعودية في الأول من ديسمبر عام 1974، وزاد من هذه التوجسات ما وصفته الخارجية البريطانية بـ «فترة النشاط السياسي المكثف في الخليج بهدف توحيد الصفوف العربية وتنسيق السياسات»,
ويتضح أن الذي كان يمثل الهاجس الأكبر لوزارة الخارجية محاولات شاه ايران الهيمنة على المنطقة وعواقب ذلك على المكانة الاستراتيجية البريطانية في منطقة الخليج، والمثير للقلق بالشكل الأكبر التصريحات الغامضة التي كانت تخرج من ايران والتي قيل انها تدعو الى ابعاد «القوى الكبرى» خارج الخليج، وتعكس الوثائق القلق البريطاني بشأن المناورات في الخليج، كما تعكس بوضوح الآراء في وزارة الخارجية البريطانية تجاه الشخصيات الخليجية وتجاه المنطقة والنظم الحاكمة فيها عموما.


قمة الظهران
وتشير وثائق السفارة البريطانية في البحرين المرسلة الى قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية الى تفاصيل زيارة من جانب مسؤولين بحرينيين، ومنهم الأمير ورئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير التنمية ووزير المالية، الى السعودية، وهذا الاجتماع الذي انعقد يفترض أنه تم بهدف الاعداد لاستعراض القوات الجوية السعودية، عرف بـ «قمة الظهران»، واعتبر أن له أهدافًا أبعد ستكون سيئة في الغالب، وهو ما يتضح من لهجة التقرير الذي جاء فيه أنه لم يكن هناك اجتماعات رسمية، لكن من الواضح أن قدرًا كبيرًا من المحادثات قد أجري، وشمل الحضور في الاجتماع المسؤولين البحرينيين سالفي الذكر، ويفترض أن الشيخ خليفة حاكم قطر كان ضمن الحضور رغم القول بأنه كان في السعودية في رحلة صيد، وهناك مؤشرات على حضور الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان حاكم دولة الامارات العربية المتحدة للاجتماع الذي غاب عنه أمير الكويت واعتذر ديبلوماسيًا وارجع عدم حضوره لأسباب مرضية، ولم يتم تقديم أي تفسير في الوثائق لعدم حضور أي ممثل للكويت، ويصف الخطاب أيضًا العرض الجوي السعودي بأنه «نوع من استعراض العضلات من جانب السعودية».

وتتكهن بقية الوثيقة في ما يتصل بطبيعة الاجتماع وما اذا كان بمثابة مقدمة لقمة رسمية خليجية أم لا، وتمضي بناء على استنتاجات بأن السعوديين يختارون قريبًا قائمة قصيرة من المستشارين وبأن البحرين سوف ترحب بالمشروع، كما توقعت أن تكون بعض المحادثات تمت بشأن خطط التوسع في «طيران الخليج»، وهذا الافتراض يقوم على التطورات الجارية في البحرين، وليس على أي معلومات مباشرة تم العثور عليها من خلال قمة الظهران، كما أشارت الوثيقة الى مدى التوجس الذي يرجح أنه قائم من جانب دول الخليج تجاه ايران والذي لا شك أنه ظهر بوضوح في القمة,

والأمر المثير هو أن الهامش الخاص بالحديث عن رفض قطر والبحرين ودولة الامارات العربية المتحدة لاجتماع مع وزير خارجية عدن (اليمن الديموقراطي آنذاك) عبر عن ارتياح الخارجية البريطانية لهذا الاتجاه، كما تناول تقرير للبعثة الديبلوماسية البريطانية فى عمان أيضا نقطة الاجتماعات السرية و«القمة الخليجية»، حيث عبر هذا التقرير عن درجة عالية من القلق بسبب عدم معرفة المسؤولين البريطانيين ما اذا كان هناك اجتماع قمة خليجية وماذا دار فيها.

وقد تقرر التعبير عن هذا القلق فى تقرير البعثة الديبلوماسية البريطانية في جدة بالدرجة نفسها من التوجس، فقد انعكس موقفه من المزاعم بأن الاجتماعات في السعودية كانت من أجل العرض العسكري للقوات الملكية الجوية السعودية وليس لمناقشة قضايا سياسية حيث ذهب التقرير الى انه يجب النظر الى هذا الأمر بدرجة معينة من التحفظ، حيث انه لا يجتمع أي عربيين في أي مكان دون أن يتناقشا في السياسة، وهذا الرأي يعكس انطباعات الخداع والمكر التي كانت لدى صناع السياسات البريطانيين تجاه الزعماء الخليجيين، وكان هناك قلق واضح في وزارة الخارجية تجاه ما يمكن أن يكون مخططًا قام ملوك وسلاطين وأمراء الخليج «بتدبيره» حسب ما جاء في التقرير.

ومن الشائعات التي ظهرت القول بأن الملك فيصل سوف يستغل لقاءات «العرض الجوي» ليتوسط بين البحرين وقطر بشأن نزاعاتهما الحدودية، وطبقًا لتقرير من مصدر لم يقم أحد بالتوقيع عليه في الدوحة، كان هناك افتراض بأن «رحلة صيد» للشيخ خليفة حاكم قطر تهدف في الواقع الى لمناقشة الأمور الحدودية مع البحرين، وكان المخطط له مغادرة الشيخ خليفة الدوحة في الأول من ديسمبر متوجهًا الى مكان غير محدد في السعودية، مرة أخرى فإن وضع رحلة الصيد أمام علامات شك يوحي بالتوجس الذي كان لدى مسؤولي وزارة الخارجية البريطانية المعنيين بشؤون الشرق الأوسط تجاه الزعماء الخليجيين.

وعكست وثائق السفارة البريطانية في بيروت الى وزارة الخارجية التكهنات البريطانية، حيث قامت بسرد القضايا التي تمثل عوامل اهتمام شديد للزعماء الخليجيين وما قد تكون قد أسفرت عنه محادثاتهم، وتشمل هذه القضايا مناقشة الأسعار الجديدة للنفط وحل نزاع أوسع بين الكويت والعراق، وذكرت أيضًا قلق دول الخليج تجاه ايران، وعبرت الوثيقة عن قلق ازاء تنامي احساس في الدوائر الخليجية بأن التضامن الذي ظهر في قمة الرباط يجب توسيعه ليغطي الجبهة الخليجية والنفطية التي لا يوجد فيها حاليًا (وقتذاك) أي استراتيجية عربية موحدة والمعرضة للتهديدات الايرانية والاميركية».

(عقدت قمة الرباط في أكتوبر عام 1974 في أعقاب النزاع العربي-الاسرائيلي وهدفت الى اظهار التضامن مع الفلسطينيين)، وقد نظرت الوثيقة بقلق شديد الى تكوين استراتيجية عربية موحدة، خصوصا اذا غطت »الجبهة النفطية»، وذلك رغم أن مثل هذه الاستراتيجية الموحدة لم يكن لها وجود، ومن المثير تعبير الوثيقة عن أن ايران تمارس تهديدًا على الدول الخليجية يشابه التهديد الأميركي,
ايران


اتجهت وثائق قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الى شرح علاقات دول الخليج في ما يتعلق بايران، حيث تمضى الى القول: «في أعقاب سحب القوات البريطانية من الخليج، ناقش الشاه فكرة صياغة اتفاقية مساعدة متبادلة بين دول الخليج، وقد تم التخلي عن هذه الفكرة عندما بات واضحًا أن السعوديين غير متحمسين لها ومن بين مصادر القلق الرئيسية التي أوضحتها العديد من الوثائق كانت خطط شاه ايران الخاصة بمنطقة الخليج ولاسيما في ما يتعلق بالتخلص من بقايا النفوذ البريطاني في المنطقة، وقد تضمنت الوثائق ملاحظة مكتوبة بخط اليد تشير الى انه سوف يكون هناك علاقة عسكرية مستمرة بين ايران وعُمان، وتعتبر هذه الحقيقة ذات أهمية نظرًا للمساعدة البريطانية لعمان وخصوصا فى ضوء ما أشار اليه الشاه الى أن دول الخليج لابد أن تصدر اعلانًا تؤكد فيه أن تنافسات القوى العظمى لابد أن تكون بمنأى عن منطقة الخليج», وأضاف التقرير: «ويبدو أن هذا سوف يعمل فقط على احراج الحكومتين البريطانية والأميركية بسبب المساعدات البريطانية لعُمان»، وتوضح الوثائق بشكل أكبر خطة شاه ايران ومجهوداته لتقوية الوجود العسكري في الخليج بينما أوضحت أن الملك فيصل لم يظهر أي اهتمام بالأفكار الايرانية الخاصة بالتعاون في مجال الدفاع، وقد أسقط الايرانيون، تدريجيًا هذه الأفكار، ومنذ ذلك الحين ركز الشاه أنظاره على عمان، وعليه فقد ذهبت الوثيقة الى ان «على الرغم من أن السعوديين خيبوا أمل الشاه، الا أنه مازال يحتفظ بخططه لهيكلة منطقة الخليج من خلال التركيز على قوة أقل»، وكما توضح العديد من الوثائق الأخرى فإن مثل هذا الاصرار يتم التعامل معه بعدم ارتياح من جانب مصادر في وزارة الخارجية.


ويتطرق وزير الخارجية البريطانى سير اليك دوغلاس ـ هيوم الى قضية التعاون في مجال الدفاع في منطقة الخليج في برقية بعث بها الى العديد من السفارات في الشرق الأوسط، حيث ذهب أنه لايرى أهمية كبيرة «لتطور الفكرة الايرانية الخاصة بالاعلان كي نغير فكرتنا الأولى المعارضة له»، مشيرًا بذلك الى اقتراح ايران اعلان عدم الرغبة في وجود «تنافسات للقوى العظمى» في منطقة الخليج وبالنسبة لـ دوغلاس ـ هيوم فان هذا الاعلان يكتنفه الغموض، حيث ذهب الى أنه بالرغم من أن هذا الاقتراح يمكن تعديله، وبالتأكيد فان العبارة الأخيرة» في حاجة الى تغيير لتوضيح أن المقصود فقط هو التواجدات الجديدة والكبرى، الا أن بريطانيا مازالت تشك في ما اذا كان أي اعلان حول هذه الأمور قد يكون له أثر كبير عند الروس»، وتتوقع أن يتم استخدامه ضد الولايات المتحدة وضدها، ويبدو أنه لا يأخذ بمحمل الجدية معاداة الشاه المعلنة للشيوعية، وبدلاً من ذلك فهو يعتقد أنه عندما يتحدث الشاه عن «تنافسات القوى العظمى» فهو يتحدث عن الولايات المتحدة وبريطانيا أكثر من أي دولة أخرى».


ويناقش أيضًا دوغلاس ـ هيوم رد الفعل المحتمل للدول الخليجية الأخرى تجاه مقترحات ايران، فيذهب الى القول : «لن تقبل قطر والكويت والامارات هذا الاقتراح، وسوف يعتمد رد البحرينيين على السعودية»، وقد أعرب عن قلقه حين عبر عن ترحيبه بأي خطوة للتعاون بشكل أكبر بين ايران وجيرانها في الخليج، «لكننا لدينا شكوك حقيقية حول فاعلية هذا الاقتراح، ونشعر بالقلق من امكانية استخدامه ضدنا بشكل أكثر من الروس».


وكان الخطاب المرسل من السفارة البريطانية في طهران الى مساعد نائب وزير الخارجية أكثر صراحة حيث ذهب الى أن القضية الرئيسية هي ما اذا كان الشاه يهدف بشكل من الأشكال الى توسيع «امبراطوريته»، ومن الواضح أن لهجته مثيرة للقلق، فاستخدامه لفظ «امبراطورية» يوحي باتهامات عدوانية لنوايا الشاه في الخليج، ومع ذلك فان هذا ليس هو الادعاء المعلن للشاه في وقت من الأوقات فقد سئل الشاه عما اذا كانت هذه المسؤوليات ( الخاصة بتوفير الأمن لمنطقة الخليج ) تستلزم تدخلاً في الجانب العربي من الخليج في حال تولي نظام راديكالي السلطة، فرد : «من الصعب تخيل ذلك اذا لم تطلب هذه الدول التدخل»، ومع ذلك يكذب الخطاب موقف الشاه فيقول: «انه في مناسبة أخرى تحدث الشاه عن شعوره بالاحراج اذا لم يطلب منه التدخل»، بمعنى آخر يشير الخطاب الى أن الشاه غير جدير بالثقة، ولذلك فمن الواضح أن هناك حاجة للشك في شخص من المحتمل أن يتدخل عسكريًا في أي دولة خليجية مجاورة.

ويعبر الخطاب بالقدر نفسه عن الشك والريبة تجاه الشاه حيث يتساءل : «هل كشفت القرارات الأخيرة التي اتخذها الشاه في ما يتصل بالسياسة التي ينتهجها عن أي دوافع شريرة يعمد لإخفائها عن أعين العرب؟ بمعنى آخر فانه يعتقد أن هناك الكثير من الأمور التي تخفيها ايران عن العرب وبريطانيا ولكن من غير الواضح ماهية تلك الدوافع الشريرة, الا ان هناك بعض النقاط الايجابية التي يذكرها الخطاب بشأن الشاه حيث يشير الى: «ان الشاه لم يبد أي مؤشر علني لرغبته في أي شيء سوى التعاون، واتضح هذا الأمر بشدة عندما استقبل السفير العراقي الجديد لتقديم أوراق اعتماده بينما كانت أخطر صدامات على الحدود تشهدها الفترة الأخيرة قد انتهت لتوها, لابد أن ذلك قد كلفه بعضًا من كبريائه ولا يعتبر هذا تصرفًا يصدر عن رجل يئس من محاولة التوصل الى تسوية».

ويعلق الخطاب على العلاقة القائمة بين ايران والسعودية والتي يدعي أن الشاه يعتبرها جامدة وغير فعالة ولكنها تقف على الجانب الصحيح في مواجهة الشيوعية, تعد تلك نقطة مثيرة للاهتمام نظرًا الى أنه رغم وجود «تاريخ طويل من مشاعر الغيرة» فإن الدولتين متحدتان ضد الشيوعية بل والعراق الذي يخضع بصورة بالغة لنفوذ موسكو وأن «كلتا العائلتين الملكيتين لا ترغبان في سقوط الأخرى أو في انتشار المد العراقي ـ السوفياتي الى منطقة الخليج».

ويعبر الخطاب عن شكوك بشأن العلاقة العسكرية الوثيقة الآخذة في التنامي بين ايران وعُمان, ومن الناحية الظاهرية يبدو أنه يتفق على أن ايران تساعد في تحقيق الاستقرار داخل دولة خليجية أخرى تواجهها تهديدات تخريبية، ولكنه يشير الى واقعة تشعر بالقلق وهى اخفاء طهران مسألة تمركز طائرات فانتوم في عُمان عن البريطانيين.

ويمضي الخطاب أنه بالطبع من الممكن أن يكون الشاه قد اختار عدم اخبار بريطانيا بذلك لأنه يشعر بأنه قادر على التعامل بالسلطان من دون مساعدة بريطانية، لكنه يشك في امكان أن يكون هناك أسباب أخرى وراء ذلك.

ويثير الخطاب التساؤلات حول نوايا الشاه فيتساءل «هل سيتمكن النظام العماني - من وجهة نظر الشاه - من الوقوف على قدميه؟» ثم يتهم ايران بالسعي علانية وراء اخضاع عمان لها ويتساءل ثانية : «ألا ينبغي أن يفكر الشاه اذن في اقرار وضع تصبح فيه عُمان ايرانية في كل شيء ما عدا الاسم وهو نمط العلاقة الذي أعتقد أنه قائم بين السوفيات ومنغوليا بحيث يتمكن من حماية مصالحه الأساسية دون أن يعبأ كثيرًا بالدول العربية الأخرى في الخليج المثيرة للضجر».


وتكشف عبارته «الدول العربية المثيرة للضجر» بوضوح عن شعوره بالاحباط تجاه دول الخليج، ويبدو أن الخطاب يلمح الى أن خطة الشاه الخاصة بالتعاون الدفاعي في منطقة الخليج ما هي الا أسلوب يسعى من ورائه الى تحويل الدول المجاورة له لدول تابعة لإيران بدرجة كبيرة، وهو ما يعتبر اتهامًا لطهران بالعمل على تكوين امبراطورية فارسية لكن الخطاب يرى أن السعودية «تشكل عاملاً فعالاً لكبح جماح أي طموحات تدور في عقل الشاه».

هذه اللهجة تعتبر مختلفة تمامًا عما سبق استخدامه في بداية العام عندما وصف خطاب قسم شؤون الشرق الأوسط داخل وزارة الخارجية الخطوات التي يتخذها الشاه نحو التعاون الدفاعي في الشرق الأوسط بأنها «مترددة», فنجده يستخدم كلمات مثل «تدريجيًا» و«من الناحية العملية» بهدف وصف تطور التعاون في منطقة الخليج بقيادة ايران وذلك بنبرة غير مثيرة للقلق وهو ما يبدو أنه تغير خلال اشهر قليلة.


ان الوثائق التي نتناولها هنا تنطوي على بعض الأفكار والتوجهات المتباينة ازاء التعاون في منطقة الخليج في اطار ذلك تقدم تلك الوثائق صورة واسعة صادرة عن وزارة الخارجية والكومنولث والوزارات الحكومية في الشرق الأوسط، فمن ناحية يبدو أن التعاون في منطقة الخليج أمر مرحب به باعتباره عاملاً يسهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة، ومن ناحية أخرى هناك شعور بالقلق الحقيقي ازاء طبيعة هذا التعاون.


ويتضح أن أكثر ما يثير القلق هو أن دول منطقة الخليج التي خضعت على مدار فترة طويلة للهيمنة البريطانية باتت تبدي قدرًا من الاستقلالية, وتأتي عبارة «ليس هناك اثنان من العرب يلتقيان قط في أي مكان دون أن يتبادلا الحديث حول الأوضاع السياسية» لتلخص توجه وزارة الخارجية البريطانية في ذلك الوقت, والواقع أن دول الخليج لم تجعل من بريطانيا شريكًا في المحادثات وهي حقيقة تثير قدرًا كبير من القلق, وتتمثل النتيجة النهائية التي تم التوصل اليها في الغالب في أن ذلك سيضر بالمصالح البريطانية.


يعتبر هذا نتاجًا للسياسات والممارسات الايرانية في ذلك الوقت، حيث بات شاه ايران يمثل مصدر قلق كبير لوزارة الخارجية البريطانية وتم اتهامه بالسعي الى تكوين امبراطورية في منطقة الخليج, وتم النظر لدعوته المتكررة الى استثناء «القوى العظمى» من المنطقة بعين من الشك.
ترسم الوثائق صورة الشاه باعتباره شخصًا يقوم بتدبير الخطط وله نوايا غير واضحة، ومن الممكن أن تضر دوافعه بالمصالح البريطانية, ويأمل البريطانيون في كبح جماح طموحات الشاه وهي آمال تنعقد على بعض دول الخليج التي أحبطت محاولات ايران في اتجاه التعاون الدفاعي الخليجي.


وإجمالاً، فان هذه الوثائق تتخذ موقفًا معاديًا من فكرة اقرار تعاون أوثق بين دول الخليج بل وتشجع على تفرقة صفوف تلك الدول، وهو ما يتضح من استحسان الخارجية البريطانية لقرار قطر والامارات والبحرين بعدم عقد محادثات مع عدن.