yasmeen
08-06-2005, 10:58 AM
رواء الجصاني
رئيس مركز الجواهري الثقافي / براغ
www.jawahiri.com
تحترم الأمم حين تحترم رموزها
قبل عشرين سنة تماماً، كتب الجواهري في حالة استهجان وشموخ:
وسائلـةٍ أأنت تُسـبُّ جهـراً، ألست محج شبانٍ وشيبِ
ألست خليفةَ الأدب المصفى، ألسـتَ منـارة البلد المهيبِ
أيسرح شاتموك بلا حسيبٍ، وتسـمع من هناك بلا نسيبِ
وما برح السؤال بلا مجيبٍ، ولم تزل الرؤوس على الكعوب
* * *
تذكرت ذلك، وأمامي " نص " ترددت كثيراً في الرد عليه، كما في مرات أخرى عديدة، وخاصة حول ما نشر عن الجواهري بعد رحيله الذي مرت قبل أيام ذكراه السنوية الثامنة وقد تم احياؤها هذا العام بشكل مكثف، مما استفز البعض – كما يبدو – ليدلي بدلوه المعاكس، وإن كان خاوياً.
وذلك " النص " الذي نتوقف عنده اضطراراً يحمل اسم كاتب طاريء تدرّع باسم خفي على الأغلب، وأجيز نشره على موقع "ايلاف" بتاريخ أمس الخميس 4/8/2005، ( لماذا تكريم الشاعر الانتهازي الجواهري؟ ) وفيه من الخلط المريب ما يثير التساؤل تلو الآخر، ليس عن الكاتب أو المكتوب، فهما فقاعتان طارئتان. ولكن حول مكان وأسباب النشر وتوقيته، والموافقة على تمرير ذلك النص المليء بالشتم الرخيص البعيد عن نبل اليراع. وهنا أيضاً تقفز للذهن بضعة أبيات قالها الجواهري مشمئزاً من حالة مشابهة.
تقحمت الوغى وتقحمتني، وخضت عجاجها حرباً سجالا
وكان اجل من قارعت خصماً، بنبل يراعه ربــح القتالا
ولعل ما دفعني للرد هذه المرة على مثل تلك "النصوص" سبب رئيس، بعيداً عن الكاتب والمكتوب. فهما ليسا ببيت قصيد، أو مربط فرس. فلا هما قصيدٌ أولاً، ولا بمربط تالياً. ولكن أن ينشر ذلك على موقع "ايلاف"، ويمرر من المسؤولين عنه، فهو الغريب العجيب الذي لم يعد لا عجيباً ولا غريباً في راهننا العربي "الأبيّ".
واستباقاً لمن قد يشهر سيف "حرية التعبير" و"حق إبداء الرأي" و"النقاشات الثقافية" وما إلى ذلك من تقولات ومزاعم يساء علناً ومع سبق الاصرار لحرمتها، ومضامينها، أقول إن تلك "الحرية" وذلك "الحق" و"النقاش" لا يتيح لأي كان – في المجتمعات المتحضرة طبعاً – نشر الأكاذيب والأحقاد، فضلاً عن التجاوز والشتم، ولمن؟ لأبرز أعلام الأمة ورموز العراق في القرن العشرين على الأقل، باعتراف الأعداء، قبل الأصدقاء، والأجانب قبل العرب. وبهذا الخصوص يبرز تساؤل آخر، ترى هل كان سيسمح المسؤولون على "ايلاف" بنقد، لا شتم، الاستاذ عثمان العمير أو الدكتور اسامة مهدي، أو الاستاذ عبد القادر الجنابي، وهم المعنيـون الرئيسيون – حسب علمي – في الإشراف على الموقع الناشر لشتم الجواهري؟
وإذا ما تركنا جانباً الأعراف والتقاليد الصحفية، وقانونيتها، فلابد أن تتبقى لدينا على الأقل الروادع الأسمى، وأعني بذلك وازع الضمير، ومسؤولية المهنة، وشرف المصداقية. أقول ذلك وأمامي – كما أسلفت – نص لا يحمل من الأسلوب، والمعلوماتية والثقافة، إلا ما ينتهك أبسط قواعدها ومقوماتها. وممن؟ وتلك هي المأساة الأكبر.
لقد ردّ الجواهري على "شتمٍ ثقافي" ذات مرة، قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، وعلى "صاحب له لم يبخسه موهبة" بأن هناك أجيالاً وأحقبة يعتمد ويستند على حكمها، وهي الفاصل بينهما:
يا شـاتمي وفي كفّي غلاصمـهم، كموسع الليث شتماً وهو يزدردُ
ما ضرّ من آمنت دنيا بفكرته، إن ضيفَ صفرٌ إلى أصفار من جحدوا
فهل تصح هذه الاستعارة يا ترى للردّ على "الشتم" الجديد للجواهري على موقع "ايلاف". ثم، وآمل أن لا يأخذنا الاستطراد بعيداً، هل تصلح استعارة أخرى كتبها الجواهري ذاته قبل نحو نصف قرن، وفي حالة استهجان أخرى، لواقع مشابه لما نحن بصدده:
سيسـب الدهـر والتـاريخ من أغـرى بسـبي
لا أولى ســبّوا فهــم عبـدان عبـدان لربّ
يا لويـل المشـتلي كلبـاً لســبّ المتـنـبي
عــرضُ كـافور تهـرى، ولـه مليـون كلبِ
وأخيراً، وليس آخراً، وحسبي أن يجد موقع "ايلاف" شجاعة في نشر هذه السطور، أقول، إن إحدى أهم مقاييس تقدم الأمم – والعربية واحدة منها كما نعتقد – اهتمامها وتكريمها لرموزها وشواهدها، وإلا فنحن أمة تضحك من جهالتها الأمم حقاً، ولن ينفع اللطم والبكاء على الأطلال للسير – دع عنك اللحاق - بركب الحضارة الانسانية المتسارع ما دمنا على هذه الحال، وأية حال... وصدق من قال، وهو المشتوم على موقع "ايلاف":
يرون الحق مهتضماً، وقول الحق مضطهدا
وام "الضاد" قد هُتكت، وربّ "الضاد" قد جُلدا
ولا يُعنــون، ما سـلموا، بأية طعنة نُفدا
بهم عـوزٌ إلى مـددٍ وأنت تريدهـم مددا
رئيس مركز الجواهري الثقافي / براغ
www.jawahiri.com
تحترم الأمم حين تحترم رموزها
قبل عشرين سنة تماماً، كتب الجواهري في حالة استهجان وشموخ:
وسائلـةٍ أأنت تُسـبُّ جهـراً، ألست محج شبانٍ وشيبِ
ألست خليفةَ الأدب المصفى، ألسـتَ منـارة البلد المهيبِ
أيسرح شاتموك بلا حسيبٍ، وتسـمع من هناك بلا نسيبِ
وما برح السؤال بلا مجيبٍ، ولم تزل الرؤوس على الكعوب
* * *
تذكرت ذلك، وأمامي " نص " ترددت كثيراً في الرد عليه، كما في مرات أخرى عديدة، وخاصة حول ما نشر عن الجواهري بعد رحيله الذي مرت قبل أيام ذكراه السنوية الثامنة وقد تم احياؤها هذا العام بشكل مكثف، مما استفز البعض – كما يبدو – ليدلي بدلوه المعاكس، وإن كان خاوياً.
وذلك " النص " الذي نتوقف عنده اضطراراً يحمل اسم كاتب طاريء تدرّع باسم خفي على الأغلب، وأجيز نشره على موقع "ايلاف" بتاريخ أمس الخميس 4/8/2005، ( لماذا تكريم الشاعر الانتهازي الجواهري؟ ) وفيه من الخلط المريب ما يثير التساؤل تلو الآخر، ليس عن الكاتب أو المكتوب، فهما فقاعتان طارئتان. ولكن حول مكان وأسباب النشر وتوقيته، والموافقة على تمرير ذلك النص المليء بالشتم الرخيص البعيد عن نبل اليراع. وهنا أيضاً تقفز للذهن بضعة أبيات قالها الجواهري مشمئزاً من حالة مشابهة.
تقحمت الوغى وتقحمتني، وخضت عجاجها حرباً سجالا
وكان اجل من قارعت خصماً، بنبل يراعه ربــح القتالا
ولعل ما دفعني للرد هذه المرة على مثل تلك "النصوص" سبب رئيس، بعيداً عن الكاتب والمكتوب. فهما ليسا ببيت قصيد، أو مربط فرس. فلا هما قصيدٌ أولاً، ولا بمربط تالياً. ولكن أن ينشر ذلك على موقع "ايلاف"، ويمرر من المسؤولين عنه، فهو الغريب العجيب الذي لم يعد لا عجيباً ولا غريباً في راهننا العربي "الأبيّ".
واستباقاً لمن قد يشهر سيف "حرية التعبير" و"حق إبداء الرأي" و"النقاشات الثقافية" وما إلى ذلك من تقولات ومزاعم يساء علناً ومع سبق الاصرار لحرمتها، ومضامينها، أقول إن تلك "الحرية" وذلك "الحق" و"النقاش" لا يتيح لأي كان – في المجتمعات المتحضرة طبعاً – نشر الأكاذيب والأحقاد، فضلاً عن التجاوز والشتم، ولمن؟ لأبرز أعلام الأمة ورموز العراق في القرن العشرين على الأقل، باعتراف الأعداء، قبل الأصدقاء، والأجانب قبل العرب. وبهذا الخصوص يبرز تساؤل آخر، ترى هل كان سيسمح المسؤولون على "ايلاف" بنقد، لا شتم، الاستاذ عثمان العمير أو الدكتور اسامة مهدي، أو الاستاذ عبد القادر الجنابي، وهم المعنيـون الرئيسيون – حسب علمي – في الإشراف على الموقع الناشر لشتم الجواهري؟
وإذا ما تركنا جانباً الأعراف والتقاليد الصحفية، وقانونيتها، فلابد أن تتبقى لدينا على الأقل الروادع الأسمى، وأعني بذلك وازع الضمير، ومسؤولية المهنة، وشرف المصداقية. أقول ذلك وأمامي – كما أسلفت – نص لا يحمل من الأسلوب، والمعلوماتية والثقافة، إلا ما ينتهك أبسط قواعدها ومقوماتها. وممن؟ وتلك هي المأساة الأكبر.
لقد ردّ الجواهري على "شتمٍ ثقافي" ذات مرة، قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، وعلى "صاحب له لم يبخسه موهبة" بأن هناك أجيالاً وأحقبة يعتمد ويستند على حكمها، وهي الفاصل بينهما:
يا شـاتمي وفي كفّي غلاصمـهم، كموسع الليث شتماً وهو يزدردُ
ما ضرّ من آمنت دنيا بفكرته، إن ضيفَ صفرٌ إلى أصفار من جحدوا
فهل تصح هذه الاستعارة يا ترى للردّ على "الشتم" الجديد للجواهري على موقع "ايلاف". ثم، وآمل أن لا يأخذنا الاستطراد بعيداً، هل تصلح استعارة أخرى كتبها الجواهري ذاته قبل نحو نصف قرن، وفي حالة استهجان أخرى، لواقع مشابه لما نحن بصدده:
سيسـب الدهـر والتـاريخ من أغـرى بسـبي
لا أولى ســبّوا فهــم عبـدان عبـدان لربّ
يا لويـل المشـتلي كلبـاً لســبّ المتـنـبي
عــرضُ كـافور تهـرى، ولـه مليـون كلبِ
وأخيراً، وليس آخراً، وحسبي أن يجد موقع "ايلاف" شجاعة في نشر هذه السطور، أقول، إن إحدى أهم مقاييس تقدم الأمم – والعربية واحدة منها كما نعتقد – اهتمامها وتكريمها لرموزها وشواهدها، وإلا فنحن أمة تضحك من جهالتها الأمم حقاً، ولن ينفع اللطم والبكاء على الأطلال للسير – دع عنك اللحاق - بركب الحضارة الانسانية المتسارع ما دمنا على هذه الحال، وأية حال... وصدق من قال، وهو المشتوم على موقع "ايلاف":
يرون الحق مهتضماً، وقول الحق مضطهدا
وام "الضاد" قد هُتكت، وربّ "الضاد" قد جُلدا
ولا يُعنــون، ما سـلموا، بأية طعنة نُفدا
بهم عـوزٌ إلى مـددٍ وأنت تريدهـم مددا