خديجة
08-05-2005, 02:42 PM
القضاة العراقيون ضائعون بين الارهاب والمقاومة وتهديدات المسلحين وضغوط الاحزاب
بغداد - مشرق عباس
من بين آلاف القضايا المعروضة أمامها في شأن متهمين بالمشاركة في عمليات مسلحة منذ نيسان (أبريل) 2003 لم تصدر المحاكم العراقية المختصة سوى ما يقارب 100 حكم راوحت بين احكام بالسجن من عامين الى 10 اعوام لحيازة أسلحة او مساعدة مسلحين وأخرى بالسجن المؤبد او الاعدام لاعضاء في تنظيمات مسلحة.
ويؤكد قاض في المحكمة الخاصة في بغداد تحفظ عن نشر اسمه لـ «الحياة» ان القضاة العراقيين المكلفين النظر في مثل هذه القضايا يواجهون ازمات قانونية بسبب الارتباك بين النص القانوني والواقع التطبيقي للجرائم المستحدثة في العراق التي تسمى في الغالب «جرائم الارهاب». ويضيف ان عدم وجود تعريف محدد للارهاب والافتقار الى نصوص قانونية للتفريق بين المقاومة المسلحة في بلد تحت الاحتلال كالعراق واستهداف المدنيين يضع القاضي العراقي امام مأزق التعامل مع النصوص القانونية الدولية التي تتعرض لواقع العلاقة بين دولة الاحتلال والشعب الذي تحتله او الاكتفاء بالنصوص القانونية المحلية التي تفترض بلداً ذا سيادة كاملة ويستند بعضها الى أوامر سبق وأصدرها الحاكم المدني الاميركي السابق للعراق بول بريمر.
ولا تنحصر أزمة القضاة العراقيين فقط في طريقة تعاملهم مع النصوص القانونية في ظل الاحتلال وتداخل مفاهيم مثل المقاومة او الارهاب بل تتعدى ذلك الى الضغوط التي يتعرض لها القضاة من قبل السلطات التنفيذية او الاحزاب السياسية او المهتمين انفسهم، كما يؤكد القاضي عدنان الشمري الذي يرى ان التهديدات التي يتعرض لها هؤلاء القضاة تؤثر في الغالب على حيادية القضاء لأن القاضي يضع في حسبانه الخلفيات السياسية او الاجتماعية او الدينية للمتهم قبل اصدار احكامه، ويشمل الامر أيضاً القضايا الخاصة بالسرقة او الاختلاس او التزوير ناهيك عن قضايا القتل او العمل المسلح ضد الشرطة او قوات الاحتلال.
ويضيف القاضي الشمري القول ان القضاة العراقيين يواجهون، اضافة الى التهديدات بالقتل التي نفذ العديد منها أخيراً ضد قضاة، وضعاً نفسياً صعباً يعكس غياب سلطة القانون في البلاد وضغف الحماية المتوافرة لهذه الشريحة اضافة الى زيادة اعداد القضايا مقارنة بعدد القضاة بعد فصل العديد منهم في قرار اصدره بريمر عام 2003.
من جهته، يعلق القاضي صلاح الاوسي أمين سر رابطة القضاء العراقي وأحد القضاة المفصولين ضمن قرار سلطة الاحتلال المرقم 15في 23 حزيران (يونيو) 2003 قائلاً: «ان فصل 186 قاضياً ونائب مدع عام من دون تسبيب هذا القرار كان من بين أكبر الجرائم التي ارتكبت في العراق».
ويضيف: «القرار باطل شكلاً ومضموناً لأنه صدر عن قوة احتلال، وهو بالتالي مخالف للقانون الدولي ولاتفاقية جنيف الرابعة خصوصاً المادة 54 منها التي تحظر على قوة الاحتلال تغيير وضع الموظفين او القضاة في البلد المحتل». ويرى ان تشكيل لجنة قضائية لمراجعة شؤون القضاة ضمن القرار المذكور اتاح فصل خيرة القضاة العراقيين من دون توجيه تهم لهم ناهيك ان اللجان القضائية ليس لها قانوناً ان تسلب حق الولاية القضائية للقضاة.
ويرى رئيس رابطة القضاء العراقي عباس العنبكي وهو قاضٍ سابق فصل ضمن القرار المذكور، ان الاجراءات التي اتخذها الحاكم المدني بريمر بحق القضاة العراقيين ولم يتم تعديلها في ولاية الحكومات اللاحقة انما تمثل خرقاً لمبدأ المحاكمات العادلة التي تقضي باعطاء فسحة زمنية للمتهم بالدفاع عن نفسه، وان محاولة سد الثغرات التي خلفها القضاة المفصولون من خلال تعيين عشرات القضاة الجدد الذين يفتقرون الى الخبرات ولم يتخرجوا في المعهد القضائي الخاص باخراج القضاة كان من أهم الاسباب التي قادت الى تعثرات يشهدها القضاء العراقي. ويضيف ان عشرات المحامين تم تعيينهم حتى من دون ان يخضعوا لدورات تدريبية، وهو أمر مشابه لما حدث خلال تأسيس الشرطة او الجيش وقاد البلاد الى هذه النتيجة الكارثية.
القضاة العراقيون الذين أحالهم قرار الفصل يتحركون هذه الايام من أجل رفع دعاوى قضائية في بريطانيا وأميركا ضد الرئيس الاميركي ورئيس الوزراء البريطاني، كما يؤكد القاضي محمد الجميلي مضيفاً ان الاتصالات في هذا الشأن قد اكتملت وأجريت اتصالات مع شخصيات قانونية عربية وأجنبية من اجل رفع الدعوى تحت بند تعارض اجراءات فصل القضاة العراقيين مع القانون الدولي الذي يحكم الدول المحتلة.
القضاة الذين تعرضوا للاضطهاد تحت الاحتلال، بحسب قولهم، لا يفرقون بين هذه المرحلة والمرحلة التي حكم فيها نظام صدام حسين الذي اضطهد العديد من القضاة تماشياً مع اهوائه. ويسرد القاضي صلاح الاوسي بعض الروايات عن معاناة القضاة في ظل النظام السابق، ومنها تلك التي فصل فيها تسعة من اعضاء محكمة التمييز بأمر من صدام حسين لرفضهم تصديق قرار أصدرته احدى محاكم الجنايات في أواسط التسعينات في قضية تبرئة احد اعضاء الحماية الخاصة للرئيس السابق وفصل عشرة قضاة آخرين وسجنهم في الاستخبارات لمجالستهم التاجر العراقي المعروف علاء القاضي الذي اغتيل قبيل الحرب الاخيرة وصمتهم (بحسب قرار الفصل) عن تجاوزات في الجلسة على شخص صدام حسين.
لكن القاضي الاوسي يستدرك بالقول ان معظم قرارات الفصل او الإحالة على التقاعد ما عدا هذه القضايا، كانت تتم عبر لجنة شؤون القضاة بتهم الرشوة او مخالفة السلوك القضائي. ويضيف ان صدام حسين لم يكن في السابق بحاجة للقضاء العادي لتثبيت اركان حكمه كونه حمى نفسه من خلال القضاء الاستثنائي في محاكم الاستخبارات العامة وجهاز الامن الخاص.
وبين العوز والرغبة باستعادة الاعتبار يحاول بعض القضاة المفصولين او المستقيلين، تجنباً لتهديدات بالقتل جاءتهم من مسلحين او احزاب سياسية تعمـــل حالياً، كسب عيشهم عبر العمل كمستشارين قانونيين في الشركات الخاصة. وبعضهم لجأ الى مهن بعيدة كل البعد عن اختصاصهم، ومنهم من يعمل اليوم كسائق سيارة اجرة، كما يؤكد القاضي هداية السوداني الذي يضيف ان من الصعوبة ممارسة مهنة المحاماة بعد فصله باعتبار ان مركزه القانوني ما زال قائماً على رغم القرارات التي صدرت بأمر من الحاكم الاميركي بريمر والتي تعد قرارات باطلة. ويرى ان تحويل القاضي الى موظف صغير في المحاكم بدرجة «معاون قضائي»، كما حصل مع العديد من الزملاء يشبه تحويل الطبيب الى مضمد، الامر الذي يضطر القاضي الى الاستقالة حفظاً لكرامته.
قضية القضاة العراقيين لا تقف عند هذا الحد، فهذا قاض يناصر قضية زملائه المفصولين يؤكد لـ «الحياة» ان من الغريب ان يفصل عشرات من خيرة قضاة العراق في وقت لم يشمل قرار الفصل قضاة ديوان الرئاسة في ظل النظام السابق. ويعلق ان السبب يعود الى ان رئيس مجلس القضاء الحالي وهو على علاقة وثيقة بالأميركيين كان يعمل في السابق مستشاراً قانونياً لصدام حسين ورئيساً لقضاة ديوان الرئاسة.
آخر الاحكام التي أصدرها القضاء العراقي كانت الاعدام بحق ثلاثة من المتهمين بالانتماء الى «جيش انصار السنّة»، وهم صادق مجيد الدليمي ومحمد عويد الشمري وماجد حميد الحلبوصي، لكن محاكم التمييز في العراق ما زالت ترفض التصديق على عدد من هذه الاحكام، وخصوصاً تلك المتعلقة بقضية مقاومة الاحتلال الامر الذي عرضها لسخط السلطة التنفيذية التي أعلنت على لسان رئيس الوزراء امتعاضها من رفض محكمة التمييز المصادقة على احكام المحاكم الخاصة في شأن قضايا الارهاب، وركزت خطبة الجمعة لرجل الدين الشيعي صدر الدين القبنجي أحد قادة المجلس الاعلى للثورة الاسلامية على هذا الموضوع أيضاً.
رابطة القضاء العراقي التي تشكلت في غالبيتها من القضاة المفصولين تؤكد ان الكثير من الاحكام الصادرة منذ نيسان (ابريل) 2003 تحت بند قضايا الارهاب تفتقر الى الشرعية القانونية كون مزاج الاحتلال وليس النصوص القانونية هو الحد الفاصل في تعريف الارهاب الذي تندرج تحته كل العمليات المسلحة في العراق سواء كانت ضد مدنيين او جنود في قوات الاحتلال بحسب الاوراق التحقيقية للمتهمين التي تجلب غالباً على يد معتمد من الجيش الاميركي الى القاضي العراقي من دون توفير مجال مناسب للاطلاع على تحقيقيات موسعة تعد أساسية لاصدار احكام كهذه ناهيك عن ضغوط سياسية يتعرض لها القاضي من أجل اصدار اقسى الاحكام في ما يسمى «قضايا الارهاب»، بالاستناد الى تحقيقات شكلية غالباً واعترافات جاء بعضها تحت التعذيب، بحسب تقارير معلنة لمنظمات دولية ومحلية ومنها تقارير وزارة حقوق الانسان العراقية نفسها.
بغداد - مشرق عباس
من بين آلاف القضايا المعروضة أمامها في شأن متهمين بالمشاركة في عمليات مسلحة منذ نيسان (أبريل) 2003 لم تصدر المحاكم العراقية المختصة سوى ما يقارب 100 حكم راوحت بين احكام بالسجن من عامين الى 10 اعوام لحيازة أسلحة او مساعدة مسلحين وأخرى بالسجن المؤبد او الاعدام لاعضاء في تنظيمات مسلحة.
ويؤكد قاض في المحكمة الخاصة في بغداد تحفظ عن نشر اسمه لـ «الحياة» ان القضاة العراقيين المكلفين النظر في مثل هذه القضايا يواجهون ازمات قانونية بسبب الارتباك بين النص القانوني والواقع التطبيقي للجرائم المستحدثة في العراق التي تسمى في الغالب «جرائم الارهاب». ويضيف ان عدم وجود تعريف محدد للارهاب والافتقار الى نصوص قانونية للتفريق بين المقاومة المسلحة في بلد تحت الاحتلال كالعراق واستهداف المدنيين يضع القاضي العراقي امام مأزق التعامل مع النصوص القانونية الدولية التي تتعرض لواقع العلاقة بين دولة الاحتلال والشعب الذي تحتله او الاكتفاء بالنصوص القانونية المحلية التي تفترض بلداً ذا سيادة كاملة ويستند بعضها الى أوامر سبق وأصدرها الحاكم المدني الاميركي السابق للعراق بول بريمر.
ولا تنحصر أزمة القضاة العراقيين فقط في طريقة تعاملهم مع النصوص القانونية في ظل الاحتلال وتداخل مفاهيم مثل المقاومة او الارهاب بل تتعدى ذلك الى الضغوط التي يتعرض لها القضاة من قبل السلطات التنفيذية او الاحزاب السياسية او المهتمين انفسهم، كما يؤكد القاضي عدنان الشمري الذي يرى ان التهديدات التي يتعرض لها هؤلاء القضاة تؤثر في الغالب على حيادية القضاء لأن القاضي يضع في حسبانه الخلفيات السياسية او الاجتماعية او الدينية للمتهم قبل اصدار احكامه، ويشمل الامر أيضاً القضايا الخاصة بالسرقة او الاختلاس او التزوير ناهيك عن قضايا القتل او العمل المسلح ضد الشرطة او قوات الاحتلال.
ويضيف القاضي الشمري القول ان القضاة العراقيين يواجهون، اضافة الى التهديدات بالقتل التي نفذ العديد منها أخيراً ضد قضاة، وضعاً نفسياً صعباً يعكس غياب سلطة القانون في البلاد وضغف الحماية المتوافرة لهذه الشريحة اضافة الى زيادة اعداد القضايا مقارنة بعدد القضاة بعد فصل العديد منهم في قرار اصدره بريمر عام 2003.
من جهته، يعلق القاضي صلاح الاوسي أمين سر رابطة القضاء العراقي وأحد القضاة المفصولين ضمن قرار سلطة الاحتلال المرقم 15في 23 حزيران (يونيو) 2003 قائلاً: «ان فصل 186 قاضياً ونائب مدع عام من دون تسبيب هذا القرار كان من بين أكبر الجرائم التي ارتكبت في العراق».
ويضيف: «القرار باطل شكلاً ومضموناً لأنه صدر عن قوة احتلال، وهو بالتالي مخالف للقانون الدولي ولاتفاقية جنيف الرابعة خصوصاً المادة 54 منها التي تحظر على قوة الاحتلال تغيير وضع الموظفين او القضاة في البلد المحتل». ويرى ان تشكيل لجنة قضائية لمراجعة شؤون القضاة ضمن القرار المذكور اتاح فصل خيرة القضاة العراقيين من دون توجيه تهم لهم ناهيك ان اللجان القضائية ليس لها قانوناً ان تسلب حق الولاية القضائية للقضاة.
ويرى رئيس رابطة القضاء العراقي عباس العنبكي وهو قاضٍ سابق فصل ضمن القرار المذكور، ان الاجراءات التي اتخذها الحاكم المدني بريمر بحق القضاة العراقيين ولم يتم تعديلها في ولاية الحكومات اللاحقة انما تمثل خرقاً لمبدأ المحاكمات العادلة التي تقضي باعطاء فسحة زمنية للمتهم بالدفاع عن نفسه، وان محاولة سد الثغرات التي خلفها القضاة المفصولون من خلال تعيين عشرات القضاة الجدد الذين يفتقرون الى الخبرات ولم يتخرجوا في المعهد القضائي الخاص باخراج القضاة كان من أهم الاسباب التي قادت الى تعثرات يشهدها القضاء العراقي. ويضيف ان عشرات المحامين تم تعيينهم حتى من دون ان يخضعوا لدورات تدريبية، وهو أمر مشابه لما حدث خلال تأسيس الشرطة او الجيش وقاد البلاد الى هذه النتيجة الكارثية.
القضاة العراقيون الذين أحالهم قرار الفصل يتحركون هذه الايام من أجل رفع دعاوى قضائية في بريطانيا وأميركا ضد الرئيس الاميركي ورئيس الوزراء البريطاني، كما يؤكد القاضي محمد الجميلي مضيفاً ان الاتصالات في هذا الشأن قد اكتملت وأجريت اتصالات مع شخصيات قانونية عربية وأجنبية من اجل رفع الدعوى تحت بند تعارض اجراءات فصل القضاة العراقيين مع القانون الدولي الذي يحكم الدول المحتلة.
القضاة الذين تعرضوا للاضطهاد تحت الاحتلال، بحسب قولهم، لا يفرقون بين هذه المرحلة والمرحلة التي حكم فيها نظام صدام حسين الذي اضطهد العديد من القضاة تماشياً مع اهوائه. ويسرد القاضي صلاح الاوسي بعض الروايات عن معاناة القضاة في ظل النظام السابق، ومنها تلك التي فصل فيها تسعة من اعضاء محكمة التمييز بأمر من صدام حسين لرفضهم تصديق قرار أصدرته احدى محاكم الجنايات في أواسط التسعينات في قضية تبرئة احد اعضاء الحماية الخاصة للرئيس السابق وفصل عشرة قضاة آخرين وسجنهم في الاستخبارات لمجالستهم التاجر العراقي المعروف علاء القاضي الذي اغتيل قبيل الحرب الاخيرة وصمتهم (بحسب قرار الفصل) عن تجاوزات في الجلسة على شخص صدام حسين.
لكن القاضي الاوسي يستدرك بالقول ان معظم قرارات الفصل او الإحالة على التقاعد ما عدا هذه القضايا، كانت تتم عبر لجنة شؤون القضاة بتهم الرشوة او مخالفة السلوك القضائي. ويضيف ان صدام حسين لم يكن في السابق بحاجة للقضاء العادي لتثبيت اركان حكمه كونه حمى نفسه من خلال القضاء الاستثنائي في محاكم الاستخبارات العامة وجهاز الامن الخاص.
وبين العوز والرغبة باستعادة الاعتبار يحاول بعض القضاة المفصولين او المستقيلين، تجنباً لتهديدات بالقتل جاءتهم من مسلحين او احزاب سياسية تعمـــل حالياً، كسب عيشهم عبر العمل كمستشارين قانونيين في الشركات الخاصة. وبعضهم لجأ الى مهن بعيدة كل البعد عن اختصاصهم، ومنهم من يعمل اليوم كسائق سيارة اجرة، كما يؤكد القاضي هداية السوداني الذي يضيف ان من الصعوبة ممارسة مهنة المحاماة بعد فصله باعتبار ان مركزه القانوني ما زال قائماً على رغم القرارات التي صدرت بأمر من الحاكم الاميركي بريمر والتي تعد قرارات باطلة. ويرى ان تحويل القاضي الى موظف صغير في المحاكم بدرجة «معاون قضائي»، كما حصل مع العديد من الزملاء يشبه تحويل الطبيب الى مضمد، الامر الذي يضطر القاضي الى الاستقالة حفظاً لكرامته.
قضية القضاة العراقيين لا تقف عند هذا الحد، فهذا قاض يناصر قضية زملائه المفصولين يؤكد لـ «الحياة» ان من الغريب ان يفصل عشرات من خيرة قضاة العراق في وقت لم يشمل قرار الفصل قضاة ديوان الرئاسة في ظل النظام السابق. ويعلق ان السبب يعود الى ان رئيس مجلس القضاء الحالي وهو على علاقة وثيقة بالأميركيين كان يعمل في السابق مستشاراً قانونياً لصدام حسين ورئيساً لقضاة ديوان الرئاسة.
آخر الاحكام التي أصدرها القضاء العراقي كانت الاعدام بحق ثلاثة من المتهمين بالانتماء الى «جيش انصار السنّة»، وهم صادق مجيد الدليمي ومحمد عويد الشمري وماجد حميد الحلبوصي، لكن محاكم التمييز في العراق ما زالت ترفض التصديق على عدد من هذه الاحكام، وخصوصاً تلك المتعلقة بقضية مقاومة الاحتلال الامر الذي عرضها لسخط السلطة التنفيذية التي أعلنت على لسان رئيس الوزراء امتعاضها من رفض محكمة التمييز المصادقة على احكام المحاكم الخاصة في شأن قضايا الارهاب، وركزت خطبة الجمعة لرجل الدين الشيعي صدر الدين القبنجي أحد قادة المجلس الاعلى للثورة الاسلامية على هذا الموضوع أيضاً.
رابطة القضاء العراقي التي تشكلت في غالبيتها من القضاة المفصولين تؤكد ان الكثير من الاحكام الصادرة منذ نيسان (ابريل) 2003 تحت بند قضايا الارهاب تفتقر الى الشرعية القانونية كون مزاج الاحتلال وليس النصوص القانونية هو الحد الفاصل في تعريف الارهاب الذي تندرج تحته كل العمليات المسلحة في العراق سواء كانت ضد مدنيين او جنود في قوات الاحتلال بحسب الاوراق التحقيقية للمتهمين التي تجلب غالباً على يد معتمد من الجيش الاميركي الى القاضي العراقي من دون توفير مجال مناسب للاطلاع على تحقيقيات موسعة تعد أساسية لاصدار احكام كهذه ناهيك عن ضغوط سياسية يتعرض لها القاضي من أجل اصدار اقسى الاحكام في ما يسمى «قضايا الارهاب»، بالاستناد الى تحقيقات شكلية غالباً واعترافات جاء بعضها تحت التعذيب، بحسب تقارير معلنة لمنظمات دولية ومحلية ومنها تقارير وزارة حقوق الانسان العراقية نفسها.