سلسبيل
08-05-2005, 09:58 AM
صدام حسين: الشيخ سعد هو الأخطر لأنه مرجع للإنكليز والشيخ صباح "عنده شوية عروبة"!
جريدة السياسة الكويتية
سقوط الدولة لحساب وطنية السلطة وسقوط سيادة التراب لحساب الإنسان وبقائه
أهم ما في العراق الاميركي انه جريء ويتحدى كل الموروثات القيمية والتعريفية وينجح في تبريرها, وبهذا الجهد يمكن القول ان كتاب حسن العلوي يعيد الكائن العراقي والعربي الى ماهية نفسه. وفي هذا السياق الجريء يصبح العربي في التعريف عروبياً ام وطنياً ام قومياً, ويصبح المذهبي في الضفتين الشيعية والسنية في حالة تخلصه من الالتباس حيث يتم التأكيد على ان المتمذهب خضع للاستخدامات السياسية, منذ نشأته, وليس ناتجاً من نواتج الاختلاف العقيدي, اي عقيدة الاسلام بحد ذاتها. والمهم الملفت ان حسن علوي يواجه العراقي بماهية نفسه لافتاً الى ان خصوصية المكونات البشرية العراقية لا تمنع وحدتها, مظهراً ان »الكردية« تؤشر الى سمة اجتماعية يحاول المواطن الكردي تبريرها, وليس الى اصل عرقي مقصود بحد ذاته, وكذلك الحال بالنسبة للسرياني والاشوري والتركماني.
»العراق الاميركي« في فحواه كتاب يصدم الراكدين على التعريفات الديموغرافية والجغرافية المتصلة بكيان العراق, اذ يثبت ان العراق كان كياناً مصنوعاً من تعاقب الأمم منذ الاشوريين الى الامويين والعباسيين, الى العثمانيين والانكليز الى ان انتهى الان الى الحقبة الاميركية التي اسهم العراقيون انفسهم بالتمهيد لها منذ ثورة العشرين, وقرروا ان العراق الانكليزي لم يكن هو المطلوب لهم, وباللجوء الى ادوات السياسة السلمية, والى ادوات الحرب في وقت واحد, وبهذا المعنى فان عراق حسن العلوي الاميركي هو عراق عراقي تمت ترسيته على ركائز واقعية جديدة لا يجب ان تبعث على الشعور بالهزيمة, لا عند العربي أو الكردي, الشيعي أو السني ذلك ان المكونات العرقية للبلد لم تعد تتداول ادوار الغلبة والهيمنة على بعضها البعض, ولم تعد تلجأ الى ثقافة التلفيق والمجاملة التي لم يعد لها وجود الآن.
»السياسة« تنشر كتاب »العراق الاميركي« باتفاق خاص مع صاحبه, والذي جاء في سياق حواري مباشر غير مألوف يقربه من لغة الاستماع ويبعده كثيراً عن استعلاء المتفلسف او المتثقف, او هواة التنظير, ويقول بصراحة ان منطقة الشرق الاوسط دخلت الزمن الاميركي كلها, وليس العراق لوحده, وان هذا الزمن هو آخر الازمنة ريثما تقوم حضارة جديدة وارثة اقوى بكثير من الحضارة الاميركية.
أشعر انك لم تتوقف عند شخصية مثلما توقفت عند الجلبي.
هو قريب احمد الجلبي, يتحدر عن عائلة وزارية شيعية في العراق الملكي وهو مثله يحمل لقب دكتور ومثله رجل اعمال ومثله منسجم مع السياسة الاميركية, وكل منهما في الابجدية ينتمي الى حرف واحد , فهذا اياد وهذا احمد.
اياد علاوي وجه طفولي, يضفي على مشاهديه شعورا بالطمأنينة والارتياح والثقة وكان هو كذلك طيلة تسلمه المسؤولية, فلم يعد كثيرا ولم يتحجج وكان متوازنا بين فعله وكلامه, وقد غلبه التواضع, فلا تشعر وانت معه بانك تتحدث مع رجل العراق الاول ورئيس الوزراء الذي يحمل مفاتيح قضاياه الاساسية.
لا يحب حضور الاجتماعات, فكان ينيب عنه دائما من يمثله ليس استنكافا بل ضجرا من المناقشات العقيمة. ولم يسجل عليه في تاريخه الحزبي مثلبة مشينة او فعلا او تصرفا انفعاليا ضد الاخرين وهذا يعود الى تربيته العائلية, وانحداره من طبقة برجوازية شبعانة ومالا وحالا ووسامة.
لكن السؤال الذي يدور هو عن اشخاص في الحكومة الكويتية يمتلكون قدرا معينا من المناورة بتحويل الكويت الى معسكر اميركي.
في السنوات التي كان الوضع الصحي للشيخ سعد العبدالله مريحا, كان القرار الاهم يصدر عن مكتبه باعتباره اكثر رجال العائلة اصرارا على معاقبة الاجتياحيين الذين اخترقوا حرمة الكويت يوم 2 اغسطس 1990 ومن وقف معهم من دول سميت دول الضد, وكان نائبه الشيخ صباح الاحمد يميل الى مواقف اكثر مرونة بحكم التأثيرات الديبلوماسية عليه كوزير عتيد للخارجية, لكن ذلك لا يعني ان الشيخ صباح المتساهل مع دول الضد سيكون متساهلا مع دولة الاجتياح ورئيسها وحزبها.
واذا كان الشيخ سعد رجلا على الطبيعة سريع التأثر بالمشاهد المزعجة, فان الشيخ صباح يمتلك سيكولوجية كاظمية (اي له قدرة على كظم الغيظ) وهذا جانب مطلوب في الشخصيات التي تحمل مشروعات خطيرة.
كان صدام حسين لا يحب الكويتيين شعبا وحكومة ومعارضة وعائلة, ولا يفضل واحدا منهم على اخر, لكنه كان يعتقد ان اخطر شيخ عليه هو سعد العبدالله, ويعتبره مرجع الانكليز, ويحسب لقدرته الامنية اكثر من حساب, وحين سألته عن الشيخ صباح قال: هذا عنده شوية عروبة. اخذها من الجامعة العربية.
وعندما كنت في الكويت استدعاني الشيخ سعد العبدالله, وكانت الحرب العراقية - الايرانية في ايامها الاولى فاستعرضت وجهة نظري في ان الحرب »اعتماداً على ما هو معروف من تاريخ الايرانيين ستطول« وأسررته بأني قد اختطف او أقتل غداً وأنا في وضع حرج فاذا قتلت فاعلم ايها الشيخ اني لم امت على دين صدام حسين, وانما اسعى لطمأنه الحكومة العراقية حتى يكتب الفرج وتصل عائلتي الى الكويت, عندها ستسمعني في احدى الاذاعات السرية متحدثاً عن مشروع صدام حسين لاحتلال الكويت, وهو ما فعلته حال وصولي الى دمشق.
فقال: استر على نفسك ايفجروننه تره بعض ذوي النفوس المريضة يفجرونه قنبلة هناك في الكويت بخمسين ديناراً وحثني على الاستعجال بحفظ حياتي.
فضائيات سنية في مواجهة الشيعة العرب
الإعلام ساحتك ومسبحتك تصول فيه وتجول لماذا لم يظهر في العراق إعلام علمي او اعلام يتأثر بالاعلام الاميركي لماذا لم تقم اميركا اعلاماً اميركياً في العراق?
طبيعي انك لا تقصد المحاولة المتواضعة المتمثلة بالشبكة العراقية او شبكة الاعلام العراقي وانما تريد ان تسأل عن فلسفة الاعلام وادائه وتجهيزاته ومؤسساته.
كتبت في جريدة المؤتمر قبل سقوط النظام بعام, مقالاً عن الاحزاب والاعلام في عراق المستقبل قلت فيه ان الطابع العام للاحزاب وللصحف والمؤسسات الاعلامية انها ستكون كثيرة جداً وصغيرة جداً بعد ان اخرجت من الاحزاب من الاحزاب التيارات التقليدية المتجذرة من القوميين والشيوعيين والاسلاميين ان الاعلام العراقي مرعوب ولم يعبر حتى الآن عن ارادته الديمقراطية الحرة, بسبب التهديد المباشر من الارهابيين ولان تجربتنا الليبرالية بالأساس تجربة ناشئة.
ولهذا فلم يستطع الاعلام العراقي ان يشكل قوة ضغط او قوة تعريف لمواجهة الارهابيين ولا ضير عندي ان اعتبر الاعلام العربي قد انتصر لاول مرة في العصر الحديث على الاعلام الاميركي.
كيف?
بإحصائية اوعزت لمكتبي اعدادها تبين لي ان هناك 700 ساعة بث تلفزيون يومياً, لاسناد منظمات الذبح, او تقديم التبرير لها, او ملاطفتها بايجاد تحوير لغوي ليصبح فيه الاعتداء على طلاب كلية الهندسة بقذيفة هاون هو هجوم, وهذه المفردة لمنح المهاجم حقاً لانه يهاجم معسكراً آخر وليس حرما جامعياً فيما المعسكر هو
صف دراسي, لابناء العراق الذين يشتركون في اعمار العراق في المستقبل لقطع دابر الكفاءات العراقية التي قد تساهم في اعمار البلاد, ومنهم المهندسون, وهم طلاب على مقاعد الدرس.
وتسمي الفضائيات العربية, ذبح صحافيين في قناة الراي بأنه- كما تقرأ امامك على شاشة العربية والجزيرة و»ال بي سي« اللبنانية- مفردة (مقتل صحافيين جنوب العراق) والقتل قد يكون في حادث سير, فيما هو في الواقع اكبر من القتل.. لانه الذبح.
فقد وجد رأس في الجانب الايمن على الطريق والجثة على الجانب الايسر.
في »700« ساعة بث, هناك تحريض على الولايات المتحدة الأميركية, وعلى الشيعة, وعلى السلطة ايا كانت, وتشهير شخصي ضد رئيس الوزراء, عبر صحف ممولة من الجوار العربي.
ما الذي يقابل هذه الحملة الشاملة الكاملة? ان الفضائيات العراقية اما ان يكون بعضها جزء من الاعلام العربي, لانها ممولة من ذات المصادر, او انها شبه بدائية وشبه عاجزة عن اداء وظيفتها, حتى تلك التي تدافع عن -حق الحياة للعراقيين وتدين الارهابيين بأسمائهم.
لكن ظهرت من ناحية اخرى فضائيات عراقية عن أحزاب وجماعات اسلامية.
مع تقديري للدوافع النبيلة وراء تأسيس هذه الفضائيا, لكنها لا تقوم بدور يذكر في الصراع الاعلامي, لاسيما ان هذه الفضائيات ذات طابع ديني وهو طابع شيعي ايضا, بقواعد وتقاليد الاعلام الاسلامي, وكان ممكنا ان يخصص بث مستقل من زمن الفضائية الطويل, لما هو اعلامي محض, مثلما تفعل الفضائيات العربية الفاعلة والمؤثرة.
لكن هناك فضائيات اخرى مثر سحر (1) وسحر (2) والمنار والعالم وهي وان لم تكن عراقية لكنها معروفة بتشيعها وتمويلها الايراني الواضح?
ما دمت تفترض ان تمويلها ايراني اوافقك فيما يتعلق بسحر (1) وسحر (2) فهي تخدم سياسة الممول, وما دام الممول ايرانيا فالايرانيون يعملون لحساب دولتهم وأمتهم وشعبهم وهم مخلصون ونزهاء وهم في معركة مع أميركا, ومصالحهم مهددة, بالاحتلال الاميركي للعراق, فلماذا تتوقع ان ينتصروا للعراق الأميركي, رغم انه شيعي, انهم يحاولون ان يدقوا اسفينا ما بين شيعة العراق والعراق الأميركي, حتى لو تحول هؤلاء الشيعة الى مطاردين, منزوعي الهوية, كما كانوا في عهد النظام السابق.
انها فضائيات ايرانية قبل ان تكون شيعية, الا ترون بعض الفضائيات المسيحية تدافع عن طالبان وعن الملا عمر والزرقاوي, فيما هي ليبرالية من المفترض ان تكون مفتوحة على العصر, وان يكون لها موقف ليبرالي واضح من التجربة المتخلفة للطالبان في
أفغانستان
هل تعتبر من واضعي اسس الاعلام العراقي المعارض?
الاصح ان نقول من الاعلاميين الذين واجهوا نظام صدام حسين منذ عام .1980
لكني اعرف ان الطابع العام آنذاك كان اسلاميا وانت تصر على اعلام ليبرالي?
عندما كنت اتهيا لمغادرة السلطة نهائيا بعد مغادرتي العراق الى الكويت كنت حسمت امري واضعا امامي شطرا من بيت لشاعر الصعاليك عروة بن الورد: اوزع جسمي في جسوم كثيرة.
ولم اخرج عن هذه القاعدة وانا اوزع جهدي الاعلامي على جميع صحف ومؤسسات الاعلام الذي يتسع لمعارضة صدام حسين فساهمت في اعمال تحرير وتطوير صحف معارضة اسلامية وديمقراطية وليبرالية مثل:
1 ¯ جريدة الغد الديمقراطي.
2 ¯ الجهاد الناطقة بلسان حزب الدعوة وكانت ايامها الذهبية مرتبطة بتلك الامسيات التي اقضيها مع الدكتور علي التميمي في سورية ونحن نصمم للجريدة عناوينها الرئيسية ومقالاتي الاساسية فيها وقد نشرت كتابي (قتلى في طور الانتظار) و(قتلى في طور التنفيذ) مسلسلا على احدى صفحاتها.
3 ¯ التيار الجديد التي اصدرها السياسي العراقي سعد صالح جبر, وزميله المرحوم صادق العطية وكنت اكتب في بعض اعدادها اكثر من عشرين عمودا وخبرا وتقريرا.
4 ¯ لواء الصدر التي يصدرها مكتب السيد محمد باقر الحكيم.
5 ¯ نداء الرافدين التي وضعنا مع الصديق بيان جبر لبناتها الاولى وقد اصبحت جريدة المعارضة بلا منافس.
6 ¯ تشرين السورية: نشرت فيها كتابي ديمقراطية الموت.
ثم انفتحت ابواب النشر بعد غزو الكويت في المناطق المحرمة سابقا على المعارضة العراقية. فنشرت على فصول في مجلة المجلة اللندنية كتابي العراق دولة المنظمة السرية.
وكتبت في السياسة الكويتية والرياض السعودية والراية القطرية ومجلة اليمامة السعودية ثم عمودا يوميا في جريدة الشرق الاوسط قبل ان استلم مهمة الاشراف على جريدة المؤتمر في لندن والتي اترك امر تقييمها للقراء.
ان القاسم المشترك للنشاط الاعلامي الموزع على ما يقرب من ثلاثين جريدة ومجلة كان يعتمد الطريقة الليبرالية التي اوصل فيها افكاري الى القراء وهي هذه التي تدون اجاباتي على اسئلتك فيها.
الليبرالية الطائفية
أنت تعرف أستاذ حسن أن لا مجال للمقاربة بين الليبرالية والطائفية..إننا نشهد اليوم اقتراباً قد لا يكون بالضرورة منهجيا بين الليبرالية والطائفية بصور ومظاهر مختلفة في المجتمع العراقي..هل تشاركني توصيفا كهذا?
الطائفية هي القانون الذي يحكم العراق والمنطقة منذ العهد العثماني, وهي التي جعلت من المحرم على العربي إذا كان شيعيا أن يكون وزيراً أو رئيسياً للوزراء أو سفيرا بنسبة تزيد على ال¯ 5 في المئة في الفترة ما بين عامي 1921 إلى ,2003 وهنا أدعوك إلى مراجعة جداول كتابنا (الشيعة والدولة القومية).
لكن بعض العمل الطائفي كان في باطن الأرض, فخرج إلى ظهر الأرض مستفيدا من الجو الجديد الذي وفره العراق الأميركي فاعتقد بعض الناس ان الطائفية دخلت العراق مع دخول قوات الجنرال فرانكس الطائفية في العراق أقدم نظام سياسي في المنطقة. وليس بامكان الاميركان ان يغيروا من اتجاهاتها بسهولة.
والطائفية ليست خطرا بل الخطر في التمييز الطائفي, الذي يوزع الامتيازات على فئة وحرمها على الأخرى. والتمييز الطائفي, يرتبط دائما بامتلاك قوة السلطة, ومن هنا فقد لا يجوز أن يسمى أبناء المذهب المحكوم من الشيعة بأنهم طائفيون, لكنهم في العراق الأميركي وقد أتيحت للشيعة فرص السيادة فقد يصلح أن يكون الشيعي طائفيا لأنه يمتلك السلطة وأدواتها وامتيازاتها. ولم يعد الشيعة مذهبا محكوما في العراق الأميركي. ولا أتمنى أن يصبح السنة هم أبناء المذهب المحكوم, بعد تلك المعاناة الطويلة للشيعة عندما كانون محكومين حتى في كمية الدم النازل من عيون الثكالي!!
إنني كإسلامي أشعر بخدش حين تتحدث عن الليبرالية في الإعلام بإعجاب واضح وانسجام?
الليبرالية ليست عقيدة أو أفكار, وإنما منهج يعترف بالآخر, فهي ليست كالماركسية ومشتقاتها بل حتى الماركسي يمكن ان يكون ليبراليا, وكنت ترى أن الحزب الشيوعي العراقي وكثيرا من الأحزاب العربية ذات منهج ليبرالي, وكان الإسلاميون في عصر النهضة, هم الذين وضعوا لنا أسس الليبرالية الحديثة, قبل ظهور الأحزاب الثورية, والأنظمة الشمولية, التي صادرت الآخرين.
وكان الكواكبي ليبراليا وجمال الدين الأفغاني زعيم الليبراليين, وكان محمد سعيد الحبوبي والشيخ النائيني وهم فقهاء كبار ليبراليين .
أما السيستاني فهو يختزن جميع هؤلاء الفقهاء , الذين تحدثوا عن الليبرالية, ولم يكونوا يمتلكون قدرا من السلطة والحكم, بينما السيستاني أثبت ليبرالية في الدعوة لمشاركة الجميع في الانتخابات, وفي صياغة الدستور, وفي إدارة الدولة.
يتحدث مشاهدو الفضائيات ذات الطابع الإسلامي الشيعي أنها أقرب إلى الحسينيات منها الى المؤسسات الاعلامية والثقافية?
كانت الحسينية مدرستنا الاولى. تعرفنا من خلالها على تاريخ مدرسة أهل البيت, وزودتنا بحس نقدي يتعامل مع التاريخ بمنهج غير مقدس, وقد اصدم القارئ إذا اشرت الى ان بعض كتابات في مثالب حدثت في التاريخ الاسلامي وانتبه اليها كتاب علمانيون في السنوات الاخيرة لم تكن تساوي أكثر من اسبوع من الأمسيات نقضيها في الحسينية للاستماع الى قارئ مطلع على التاريخ.
ان الشيخ الوائلي هو ابن الحسينية وابن المنبر فأية فضائية يمكن لها ان تنجب وائليا آخر? وتذكر كاظم نوح ومسلم الحلي وحميد المهاجر وهادي العلوي نفسه خرج من الحسينية, وأنا من هذه المدرسة.
إن الحسينية أدت دورا في تشكيل وعينا الأول وصورة وجدان نقي خالص يترسم نقاء الدم في بطاح كربلاء.
إنني يا أبا أكثم لم أكن سوى ناقل وجهة نظر لي تحفظات عليها لكنها وجهة نظر كثير من الاسلاميين على اداء تلك الفضائيات.
\ قل انها تشبه أي شيء, لكنها لن تشبه الحسينية. لأن الحسينية والمشرفين عليها كانوا يتحركون بالدور المخصص لهذا المكان, وهم يحاسبون على ما أنجزوه أو ما لم ينجزوه داخل هذه المساحة وإمكاناتها وتجهيزاتها يوم لم يكن هناك ما يكرفون.
إن الفضائية شيء آخر, وعليها ان تلتحق او تؤدي دورها التكنولوجي على الاقل.
الحسينية تقاس بمعيار الحسينية والفضائية تقاس بمعيار فضائي .
الفردي والديكتاتور
كيف ترى الفرق الجوهري بين الفردي والديكتاتور
إن الديكتاتور العربي , هو وطني وبطل قومي عند فريق, وهو عميل عند فريق آخر, سواء كان صدام حسين أم غيره.
أعتقد ان هذا الالتباس يعكس مسالك الديكتاتور الذي قد لا يكون عميلا لكنه ليس وطنيا وهذه مفارقة.
ان الزعيم الوطني يعمل لحساب وطنه وشعبه ناذرا حياته وجهده لهذا الهدف كما هو معروف, وان العميل يشقى لحساب غيره دولة ثانية أو جهة
اما الديكتاتور فانه يعمل لحسابه الشخصي ولتكريس سلطته وسطوته وقد يحتاج في مرحلة من مراحله الى اصدار قرارات واجراءات وربما الدخول في مواجهات مع الدول العظمى وتحالفات مع القوى الشعبية والاشتراكية لكسب مشاعر الناس ونيل ثقتهم.
انه يفعل كل ما يفعله البطل الوطني والقومي لكنه فعل مرضي فقد يرى الديكتاتور ان حماية سلطته واستمرار حكمه يرتبط برضا قوة خارجية حتى ولو كانت استعمارية فيسعى لخطب ودها ونيل ثقتها.
الحق انه عندما يتحالف مع القوى الوطنية فقد لايكون مقتنعا بمشروعها والا لسار معها الى النهاية وانه وبالقدر ذاته فقد لا يكون عميلا خالصا مع القوى الاجنبية ما دام مؤمنا ان التحالف مع هذا المعسكر أو ذاك سيعود بالفائدة عليه وعلى سلطته.
\ اطمح بمواصلة هذا التوصيف للديكتاتور قبل ان اعرض سؤالا اخر عليك.
بلغة تراثية اقول: ان الديكتاتور لا يرضى بالقليل ان سمعه ثقيل ولسانه طويل مقتحم غير متردد ونسيجه محبوك غير قابل للاختراق وهو دائما ضحية قراره فهو ان قرر لاينثني وقراراته تتصاعد بوتائر عالية انه لايعود الى نقاط البداية والمرحلة التي يغادرها تصبح رخوة امام المرحلة التي هو عليها انه لا يخدع نفسه ولعله مثال للانسجام مع الذات المنفصلة عن المحيط حيث الاتصال هنا يضعف فرديته ومن هنا يصدر عن الديكتاتور قرار بغلق الابواب.
هذه الصفات قد تكون اقرب لديكتاتورية صدام لكن صدام ليس وحده من تميز بهذه الخصائص ألم يكن السعيد ديكتاتورا يعمل بلا برلمان ألم يكن ياسين الهاشمي كذلك ألا يدخل عبدالسلام عارف بنفس هذا السياق?
حتى الان لا اعرف ماذا تريد
ما اريده بالتحديد هو احراجك او اخراجك من التناقض فأنت في هذا المقام دافعت عن قاسم مثلما جرى ذلك في محاضراتك وكتاب خاص عنه وكأنه لم يكن ديكتاتوريا او كأنك تتستر على دكتاتوريته التي كنت تتحدث عنها عندما كنت حزبيا يوما ما مثلما تتحدث عن ديكتاتورية صدام حسين .
التناقض الذي تعتقد انني وقعت فيه سبق لي ان فككته عن عبد الكريم قاسم, وانت اسلامي لا تميل كثيرا الى عبدالكريم قاسم, ولهذا لا اظن انك قرأت كتابي عنه, ولو كنت قرأته لوجدت فيه مقارنة تسبق كلامي هذا في 22 عاما عند اجريت مقارنة بين الديكتاتور والفردي, وهي مقارنة بين صدام وعبدالكريم قاسم.
والفردي قد لا يكون ديكتاتورا, وان كان لابد للديكتاتور ان يكون فرديا.
ان الفردي نرجسي بسيط يعتقد ان جميع الناس يحبونه, وهذا ما لا يعتقد به الديكتاتور الذي يشك في ولاء من هم حوله, ولهذا يفتك بالحاشية دائماً.
وان الفردي نسيج مهلهل قابل للاختراق من اي السواحل جئته, فيما الدكتاتور كما اسلفت نسيج واحد متماسك.
ان الفردي ربما يقدم وينثني ويقرر ويلغي القرار, وهو مطمئن النفس والبال ان ثناء الآخرين عليه يصدر من قلوبهم وانه سيستميل قلوب خصومه بالعفو, فيما الديكتاتور يرى في العفو في الخصوم فرصة لهم لترتيب اوضاعهم ومعاودة الكر عليه.
والديكتاتور رهين قصره إلا في سيناريوهات سينمائية معقدة ومفبركة, فيما يحاول الفردي ان يفهم الناس انه جزء منهم يحبهم كما يحبونه.
وقلت مرة عن صدام حسين ان الالف اغنية التي اعدت للثناء عليه لم تحرك نبضاً في قلبه ولم يخدع بها, فهو يعرف انها لم تصدر عن قناعة, ولهذا ترى الديكتاتور دائماً يضرب صانع الاناشيد وصانع مجده وان كان صادقاً.
اذا ما تذكرت مصطلح التخادم السياسي الذي استخدمته اول مرة في كتابي اسوار الطين, وهو جزء من نظرية العمل لنظام صدام حسين, فربما ستشكل انطباعاً اولياً او ربما تتراءى لك ملامح لهذا المشروع. كنت في ذلك الكتاب أجيب على سؤال فيما اذا كان صدام حسين عميلاً للمخابرات الاميركية وهي جملة قرأتها قبل أيام منقولة على لسان صهره المغدور حسين كامل يخاطب ابن عمه علي المجيد في آخر لحظات من حياته وهو يقول:»لا ينبغي ان تدافعوا عن صدام حسين لانه عميل اميركي«.
واذا كان حسين كامل قد صرح بهذا الاتهام فمن المتوقع ان يكون كثيرون قد وصفوا صدام حسين بالعميل الاميركي.
قلت في اسوار الطين: ان بامكان اتباع صدام حسين ان يشيروا الى الكثير من مواصفاته كزعيم وطني مثلما يمكن لفريق اخر ان يصفه بغير ذلك. معنى هذا ان شخصية صدام حسين قابلة لان تكون في هذا الموضع او ذاك. وقد يكون فيه كل ما في الزعيم الوطني من سمات. وقد يكون فيه كل ما في العميل من تلك السمات.
جريدة السياسة الكويتية
سقوط الدولة لحساب وطنية السلطة وسقوط سيادة التراب لحساب الإنسان وبقائه
أهم ما في العراق الاميركي انه جريء ويتحدى كل الموروثات القيمية والتعريفية وينجح في تبريرها, وبهذا الجهد يمكن القول ان كتاب حسن العلوي يعيد الكائن العراقي والعربي الى ماهية نفسه. وفي هذا السياق الجريء يصبح العربي في التعريف عروبياً ام وطنياً ام قومياً, ويصبح المذهبي في الضفتين الشيعية والسنية في حالة تخلصه من الالتباس حيث يتم التأكيد على ان المتمذهب خضع للاستخدامات السياسية, منذ نشأته, وليس ناتجاً من نواتج الاختلاف العقيدي, اي عقيدة الاسلام بحد ذاتها. والمهم الملفت ان حسن علوي يواجه العراقي بماهية نفسه لافتاً الى ان خصوصية المكونات البشرية العراقية لا تمنع وحدتها, مظهراً ان »الكردية« تؤشر الى سمة اجتماعية يحاول المواطن الكردي تبريرها, وليس الى اصل عرقي مقصود بحد ذاته, وكذلك الحال بالنسبة للسرياني والاشوري والتركماني.
»العراق الاميركي« في فحواه كتاب يصدم الراكدين على التعريفات الديموغرافية والجغرافية المتصلة بكيان العراق, اذ يثبت ان العراق كان كياناً مصنوعاً من تعاقب الأمم منذ الاشوريين الى الامويين والعباسيين, الى العثمانيين والانكليز الى ان انتهى الان الى الحقبة الاميركية التي اسهم العراقيون انفسهم بالتمهيد لها منذ ثورة العشرين, وقرروا ان العراق الانكليزي لم يكن هو المطلوب لهم, وباللجوء الى ادوات السياسة السلمية, والى ادوات الحرب في وقت واحد, وبهذا المعنى فان عراق حسن العلوي الاميركي هو عراق عراقي تمت ترسيته على ركائز واقعية جديدة لا يجب ان تبعث على الشعور بالهزيمة, لا عند العربي أو الكردي, الشيعي أو السني ذلك ان المكونات العرقية للبلد لم تعد تتداول ادوار الغلبة والهيمنة على بعضها البعض, ولم تعد تلجأ الى ثقافة التلفيق والمجاملة التي لم يعد لها وجود الآن.
»السياسة« تنشر كتاب »العراق الاميركي« باتفاق خاص مع صاحبه, والذي جاء في سياق حواري مباشر غير مألوف يقربه من لغة الاستماع ويبعده كثيراً عن استعلاء المتفلسف او المتثقف, او هواة التنظير, ويقول بصراحة ان منطقة الشرق الاوسط دخلت الزمن الاميركي كلها, وليس العراق لوحده, وان هذا الزمن هو آخر الازمنة ريثما تقوم حضارة جديدة وارثة اقوى بكثير من الحضارة الاميركية.
أشعر انك لم تتوقف عند شخصية مثلما توقفت عند الجلبي.
هو قريب احمد الجلبي, يتحدر عن عائلة وزارية شيعية في العراق الملكي وهو مثله يحمل لقب دكتور ومثله رجل اعمال ومثله منسجم مع السياسة الاميركية, وكل منهما في الابجدية ينتمي الى حرف واحد , فهذا اياد وهذا احمد.
اياد علاوي وجه طفولي, يضفي على مشاهديه شعورا بالطمأنينة والارتياح والثقة وكان هو كذلك طيلة تسلمه المسؤولية, فلم يعد كثيرا ولم يتحجج وكان متوازنا بين فعله وكلامه, وقد غلبه التواضع, فلا تشعر وانت معه بانك تتحدث مع رجل العراق الاول ورئيس الوزراء الذي يحمل مفاتيح قضاياه الاساسية.
لا يحب حضور الاجتماعات, فكان ينيب عنه دائما من يمثله ليس استنكافا بل ضجرا من المناقشات العقيمة. ولم يسجل عليه في تاريخه الحزبي مثلبة مشينة او فعلا او تصرفا انفعاليا ضد الاخرين وهذا يعود الى تربيته العائلية, وانحداره من طبقة برجوازية شبعانة ومالا وحالا ووسامة.
لكن السؤال الذي يدور هو عن اشخاص في الحكومة الكويتية يمتلكون قدرا معينا من المناورة بتحويل الكويت الى معسكر اميركي.
في السنوات التي كان الوضع الصحي للشيخ سعد العبدالله مريحا, كان القرار الاهم يصدر عن مكتبه باعتباره اكثر رجال العائلة اصرارا على معاقبة الاجتياحيين الذين اخترقوا حرمة الكويت يوم 2 اغسطس 1990 ومن وقف معهم من دول سميت دول الضد, وكان نائبه الشيخ صباح الاحمد يميل الى مواقف اكثر مرونة بحكم التأثيرات الديبلوماسية عليه كوزير عتيد للخارجية, لكن ذلك لا يعني ان الشيخ صباح المتساهل مع دول الضد سيكون متساهلا مع دولة الاجتياح ورئيسها وحزبها.
واذا كان الشيخ سعد رجلا على الطبيعة سريع التأثر بالمشاهد المزعجة, فان الشيخ صباح يمتلك سيكولوجية كاظمية (اي له قدرة على كظم الغيظ) وهذا جانب مطلوب في الشخصيات التي تحمل مشروعات خطيرة.
كان صدام حسين لا يحب الكويتيين شعبا وحكومة ومعارضة وعائلة, ولا يفضل واحدا منهم على اخر, لكنه كان يعتقد ان اخطر شيخ عليه هو سعد العبدالله, ويعتبره مرجع الانكليز, ويحسب لقدرته الامنية اكثر من حساب, وحين سألته عن الشيخ صباح قال: هذا عنده شوية عروبة. اخذها من الجامعة العربية.
وعندما كنت في الكويت استدعاني الشيخ سعد العبدالله, وكانت الحرب العراقية - الايرانية في ايامها الاولى فاستعرضت وجهة نظري في ان الحرب »اعتماداً على ما هو معروف من تاريخ الايرانيين ستطول« وأسررته بأني قد اختطف او أقتل غداً وأنا في وضع حرج فاذا قتلت فاعلم ايها الشيخ اني لم امت على دين صدام حسين, وانما اسعى لطمأنه الحكومة العراقية حتى يكتب الفرج وتصل عائلتي الى الكويت, عندها ستسمعني في احدى الاذاعات السرية متحدثاً عن مشروع صدام حسين لاحتلال الكويت, وهو ما فعلته حال وصولي الى دمشق.
فقال: استر على نفسك ايفجروننه تره بعض ذوي النفوس المريضة يفجرونه قنبلة هناك في الكويت بخمسين ديناراً وحثني على الاستعجال بحفظ حياتي.
فضائيات سنية في مواجهة الشيعة العرب
الإعلام ساحتك ومسبحتك تصول فيه وتجول لماذا لم يظهر في العراق إعلام علمي او اعلام يتأثر بالاعلام الاميركي لماذا لم تقم اميركا اعلاماً اميركياً في العراق?
طبيعي انك لا تقصد المحاولة المتواضعة المتمثلة بالشبكة العراقية او شبكة الاعلام العراقي وانما تريد ان تسأل عن فلسفة الاعلام وادائه وتجهيزاته ومؤسساته.
كتبت في جريدة المؤتمر قبل سقوط النظام بعام, مقالاً عن الاحزاب والاعلام في عراق المستقبل قلت فيه ان الطابع العام للاحزاب وللصحف والمؤسسات الاعلامية انها ستكون كثيرة جداً وصغيرة جداً بعد ان اخرجت من الاحزاب من الاحزاب التيارات التقليدية المتجذرة من القوميين والشيوعيين والاسلاميين ان الاعلام العراقي مرعوب ولم يعبر حتى الآن عن ارادته الديمقراطية الحرة, بسبب التهديد المباشر من الارهابيين ولان تجربتنا الليبرالية بالأساس تجربة ناشئة.
ولهذا فلم يستطع الاعلام العراقي ان يشكل قوة ضغط او قوة تعريف لمواجهة الارهابيين ولا ضير عندي ان اعتبر الاعلام العربي قد انتصر لاول مرة في العصر الحديث على الاعلام الاميركي.
كيف?
بإحصائية اوعزت لمكتبي اعدادها تبين لي ان هناك 700 ساعة بث تلفزيون يومياً, لاسناد منظمات الذبح, او تقديم التبرير لها, او ملاطفتها بايجاد تحوير لغوي ليصبح فيه الاعتداء على طلاب كلية الهندسة بقذيفة هاون هو هجوم, وهذه المفردة لمنح المهاجم حقاً لانه يهاجم معسكراً آخر وليس حرما جامعياً فيما المعسكر هو
صف دراسي, لابناء العراق الذين يشتركون في اعمار العراق في المستقبل لقطع دابر الكفاءات العراقية التي قد تساهم في اعمار البلاد, ومنهم المهندسون, وهم طلاب على مقاعد الدرس.
وتسمي الفضائيات العربية, ذبح صحافيين في قناة الراي بأنه- كما تقرأ امامك على شاشة العربية والجزيرة و»ال بي سي« اللبنانية- مفردة (مقتل صحافيين جنوب العراق) والقتل قد يكون في حادث سير, فيما هو في الواقع اكبر من القتل.. لانه الذبح.
فقد وجد رأس في الجانب الايمن على الطريق والجثة على الجانب الايسر.
في »700« ساعة بث, هناك تحريض على الولايات المتحدة الأميركية, وعلى الشيعة, وعلى السلطة ايا كانت, وتشهير شخصي ضد رئيس الوزراء, عبر صحف ممولة من الجوار العربي.
ما الذي يقابل هذه الحملة الشاملة الكاملة? ان الفضائيات العراقية اما ان يكون بعضها جزء من الاعلام العربي, لانها ممولة من ذات المصادر, او انها شبه بدائية وشبه عاجزة عن اداء وظيفتها, حتى تلك التي تدافع عن -حق الحياة للعراقيين وتدين الارهابيين بأسمائهم.
لكن ظهرت من ناحية اخرى فضائيات عراقية عن أحزاب وجماعات اسلامية.
مع تقديري للدوافع النبيلة وراء تأسيس هذه الفضائيا, لكنها لا تقوم بدور يذكر في الصراع الاعلامي, لاسيما ان هذه الفضائيات ذات طابع ديني وهو طابع شيعي ايضا, بقواعد وتقاليد الاعلام الاسلامي, وكان ممكنا ان يخصص بث مستقل من زمن الفضائية الطويل, لما هو اعلامي محض, مثلما تفعل الفضائيات العربية الفاعلة والمؤثرة.
لكن هناك فضائيات اخرى مثر سحر (1) وسحر (2) والمنار والعالم وهي وان لم تكن عراقية لكنها معروفة بتشيعها وتمويلها الايراني الواضح?
ما دمت تفترض ان تمويلها ايراني اوافقك فيما يتعلق بسحر (1) وسحر (2) فهي تخدم سياسة الممول, وما دام الممول ايرانيا فالايرانيون يعملون لحساب دولتهم وأمتهم وشعبهم وهم مخلصون ونزهاء وهم في معركة مع أميركا, ومصالحهم مهددة, بالاحتلال الاميركي للعراق, فلماذا تتوقع ان ينتصروا للعراق الأميركي, رغم انه شيعي, انهم يحاولون ان يدقوا اسفينا ما بين شيعة العراق والعراق الأميركي, حتى لو تحول هؤلاء الشيعة الى مطاردين, منزوعي الهوية, كما كانوا في عهد النظام السابق.
انها فضائيات ايرانية قبل ان تكون شيعية, الا ترون بعض الفضائيات المسيحية تدافع عن طالبان وعن الملا عمر والزرقاوي, فيما هي ليبرالية من المفترض ان تكون مفتوحة على العصر, وان يكون لها موقف ليبرالي واضح من التجربة المتخلفة للطالبان في
أفغانستان
هل تعتبر من واضعي اسس الاعلام العراقي المعارض?
الاصح ان نقول من الاعلاميين الذين واجهوا نظام صدام حسين منذ عام .1980
لكني اعرف ان الطابع العام آنذاك كان اسلاميا وانت تصر على اعلام ليبرالي?
عندما كنت اتهيا لمغادرة السلطة نهائيا بعد مغادرتي العراق الى الكويت كنت حسمت امري واضعا امامي شطرا من بيت لشاعر الصعاليك عروة بن الورد: اوزع جسمي في جسوم كثيرة.
ولم اخرج عن هذه القاعدة وانا اوزع جهدي الاعلامي على جميع صحف ومؤسسات الاعلام الذي يتسع لمعارضة صدام حسين فساهمت في اعمال تحرير وتطوير صحف معارضة اسلامية وديمقراطية وليبرالية مثل:
1 ¯ جريدة الغد الديمقراطي.
2 ¯ الجهاد الناطقة بلسان حزب الدعوة وكانت ايامها الذهبية مرتبطة بتلك الامسيات التي اقضيها مع الدكتور علي التميمي في سورية ونحن نصمم للجريدة عناوينها الرئيسية ومقالاتي الاساسية فيها وقد نشرت كتابي (قتلى في طور الانتظار) و(قتلى في طور التنفيذ) مسلسلا على احدى صفحاتها.
3 ¯ التيار الجديد التي اصدرها السياسي العراقي سعد صالح جبر, وزميله المرحوم صادق العطية وكنت اكتب في بعض اعدادها اكثر من عشرين عمودا وخبرا وتقريرا.
4 ¯ لواء الصدر التي يصدرها مكتب السيد محمد باقر الحكيم.
5 ¯ نداء الرافدين التي وضعنا مع الصديق بيان جبر لبناتها الاولى وقد اصبحت جريدة المعارضة بلا منافس.
6 ¯ تشرين السورية: نشرت فيها كتابي ديمقراطية الموت.
ثم انفتحت ابواب النشر بعد غزو الكويت في المناطق المحرمة سابقا على المعارضة العراقية. فنشرت على فصول في مجلة المجلة اللندنية كتابي العراق دولة المنظمة السرية.
وكتبت في السياسة الكويتية والرياض السعودية والراية القطرية ومجلة اليمامة السعودية ثم عمودا يوميا في جريدة الشرق الاوسط قبل ان استلم مهمة الاشراف على جريدة المؤتمر في لندن والتي اترك امر تقييمها للقراء.
ان القاسم المشترك للنشاط الاعلامي الموزع على ما يقرب من ثلاثين جريدة ومجلة كان يعتمد الطريقة الليبرالية التي اوصل فيها افكاري الى القراء وهي هذه التي تدون اجاباتي على اسئلتك فيها.
الليبرالية الطائفية
أنت تعرف أستاذ حسن أن لا مجال للمقاربة بين الليبرالية والطائفية..إننا نشهد اليوم اقتراباً قد لا يكون بالضرورة منهجيا بين الليبرالية والطائفية بصور ومظاهر مختلفة في المجتمع العراقي..هل تشاركني توصيفا كهذا?
الطائفية هي القانون الذي يحكم العراق والمنطقة منذ العهد العثماني, وهي التي جعلت من المحرم على العربي إذا كان شيعيا أن يكون وزيراً أو رئيسياً للوزراء أو سفيرا بنسبة تزيد على ال¯ 5 في المئة في الفترة ما بين عامي 1921 إلى ,2003 وهنا أدعوك إلى مراجعة جداول كتابنا (الشيعة والدولة القومية).
لكن بعض العمل الطائفي كان في باطن الأرض, فخرج إلى ظهر الأرض مستفيدا من الجو الجديد الذي وفره العراق الأميركي فاعتقد بعض الناس ان الطائفية دخلت العراق مع دخول قوات الجنرال فرانكس الطائفية في العراق أقدم نظام سياسي في المنطقة. وليس بامكان الاميركان ان يغيروا من اتجاهاتها بسهولة.
والطائفية ليست خطرا بل الخطر في التمييز الطائفي, الذي يوزع الامتيازات على فئة وحرمها على الأخرى. والتمييز الطائفي, يرتبط دائما بامتلاك قوة السلطة, ومن هنا فقد لا يجوز أن يسمى أبناء المذهب المحكوم من الشيعة بأنهم طائفيون, لكنهم في العراق الأميركي وقد أتيحت للشيعة فرص السيادة فقد يصلح أن يكون الشيعي طائفيا لأنه يمتلك السلطة وأدواتها وامتيازاتها. ولم يعد الشيعة مذهبا محكوما في العراق الأميركي. ولا أتمنى أن يصبح السنة هم أبناء المذهب المحكوم, بعد تلك المعاناة الطويلة للشيعة عندما كانون محكومين حتى في كمية الدم النازل من عيون الثكالي!!
إنني كإسلامي أشعر بخدش حين تتحدث عن الليبرالية في الإعلام بإعجاب واضح وانسجام?
الليبرالية ليست عقيدة أو أفكار, وإنما منهج يعترف بالآخر, فهي ليست كالماركسية ومشتقاتها بل حتى الماركسي يمكن ان يكون ليبراليا, وكنت ترى أن الحزب الشيوعي العراقي وكثيرا من الأحزاب العربية ذات منهج ليبرالي, وكان الإسلاميون في عصر النهضة, هم الذين وضعوا لنا أسس الليبرالية الحديثة, قبل ظهور الأحزاب الثورية, والأنظمة الشمولية, التي صادرت الآخرين.
وكان الكواكبي ليبراليا وجمال الدين الأفغاني زعيم الليبراليين, وكان محمد سعيد الحبوبي والشيخ النائيني وهم فقهاء كبار ليبراليين .
أما السيستاني فهو يختزن جميع هؤلاء الفقهاء , الذين تحدثوا عن الليبرالية, ولم يكونوا يمتلكون قدرا من السلطة والحكم, بينما السيستاني أثبت ليبرالية في الدعوة لمشاركة الجميع في الانتخابات, وفي صياغة الدستور, وفي إدارة الدولة.
يتحدث مشاهدو الفضائيات ذات الطابع الإسلامي الشيعي أنها أقرب إلى الحسينيات منها الى المؤسسات الاعلامية والثقافية?
كانت الحسينية مدرستنا الاولى. تعرفنا من خلالها على تاريخ مدرسة أهل البيت, وزودتنا بحس نقدي يتعامل مع التاريخ بمنهج غير مقدس, وقد اصدم القارئ إذا اشرت الى ان بعض كتابات في مثالب حدثت في التاريخ الاسلامي وانتبه اليها كتاب علمانيون في السنوات الاخيرة لم تكن تساوي أكثر من اسبوع من الأمسيات نقضيها في الحسينية للاستماع الى قارئ مطلع على التاريخ.
ان الشيخ الوائلي هو ابن الحسينية وابن المنبر فأية فضائية يمكن لها ان تنجب وائليا آخر? وتذكر كاظم نوح ومسلم الحلي وحميد المهاجر وهادي العلوي نفسه خرج من الحسينية, وأنا من هذه المدرسة.
إن الحسينية أدت دورا في تشكيل وعينا الأول وصورة وجدان نقي خالص يترسم نقاء الدم في بطاح كربلاء.
إنني يا أبا أكثم لم أكن سوى ناقل وجهة نظر لي تحفظات عليها لكنها وجهة نظر كثير من الاسلاميين على اداء تلك الفضائيات.
\ قل انها تشبه أي شيء, لكنها لن تشبه الحسينية. لأن الحسينية والمشرفين عليها كانوا يتحركون بالدور المخصص لهذا المكان, وهم يحاسبون على ما أنجزوه أو ما لم ينجزوه داخل هذه المساحة وإمكاناتها وتجهيزاتها يوم لم يكن هناك ما يكرفون.
إن الفضائية شيء آخر, وعليها ان تلتحق او تؤدي دورها التكنولوجي على الاقل.
الحسينية تقاس بمعيار الحسينية والفضائية تقاس بمعيار فضائي .
الفردي والديكتاتور
كيف ترى الفرق الجوهري بين الفردي والديكتاتور
إن الديكتاتور العربي , هو وطني وبطل قومي عند فريق, وهو عميل عند فريق آخر, سواء كان صدام حسين أم غيره.
أعتقد ان هذا الالتباس يعكس مسالك الديكتاتور الذي قد لا يكون عميلا لكنه ليس وطنيا وهذه مفارقة.
ان الزعيم الوطني يعمل لحساب وطنه وشعبه ناذرا حياته وجهده لهذا الهدف كما هو معروف, وان العميل يشقى لحساب غيره دولة ثانية أو جهة
اما الديكتاتور فانه يعمل لحسابه الشخصي ولتكريس سلطته وسطوته وقد يحتاج في مرحلة من مراحله الى اصدار قرارات واجراءات وربما الدخول في مواجهات مع الدول العظمى وتحالفات مع القوى الشعبية والاشتراكية لكسب مشاعر الناس ونيل ثقتهم.
انه يفعل كل ما يفعله البطل الوطني والقومي لكنه فعل مرضي فقد يرى الديكتاتور ان حماية سلطته واستمرار حكمه يرتبط برضا قوة خارجية حتى ولو كانت استعمارية فيسعى لخطب ودها ونيل ثقتها.
الحق انه عندما يتحالف مع القوى الوطنية فقد لايكون مقتنعا بمشروعها والا لسار معها الى النهاية وانه وبالقدر ذاته فقد لا يكون عميلا خالصا مع القوى الاجنبية ما دام مؤمنا ان التحالف مع هذا المعسكر أو ذاك سيعود بالفائدة عليه وعلى سلطته.
\ اطمح بمواصلة هذا التوصيف للديكتاتور قبل ان اعرض سؤالا اخر عليك.
بلغة تراثية اقول: ان الديكتاتور لا يرضى بالقليل ان سمعه ثقيل ولسانه طويل مقتحم غير متردد ونسيجه محبوك غير قابل للاختراق وهو دائما ضحية قراره فهو ان قرر لاينثني وقراراته تتصاعد بوتائر عالية انه لايعود الى نقاط البداية والمرحلة التي يغادرها تصبح رخوة امام المرحلة التي هو عليها انه لا يخدع نفسه ولعله مثال للانسجام مع الذات المنفصلة عن المحيط حيث الاتصال هنا يضعف فرديته ومن هنا يصدر عن الديكتاتور قرار بغلق الابواب.
هذه الصفات قد تكون اقرب لديكتاتورية صدام لكن صدام ليس وحده من تميز بهذه الخصائص ألم يكن السعيد ديكتاتورا يعمل بلا برلمان ألم يكن ياسين الهاشمي كذلك ألا يدخل عبدالسلام عارف بنفس هذا السياق?
حتى الان لا اعرف ماذا تريد
ما اريده بالتحديد هو احراجك او اخراجك من التناقض فأنت في هذا المقام دافعت عن قاسم مثلما جرى ذلك في محاضراتك وكتاب خاص عنه وكأنه لم يكن ديكتاتوريا او كأنك تتستر على دكتاتوريته التي كنت تتحدث عنها عندما كنت حزبيا يوما ما مثلما تتحدث عن ديكتاتورية صدام حسين .
التناقض الذي تعتقد انني وقعت فيه سبق لي ان فككته عن عبد الكريم قاسم, وانت اسلامي لا تميل كثيرا الى عبدالكريم قاسم, ولهذا لا اظن انك قرأت كتابي عنه, ولو كنت قرأته لوجدت فيه مقارنة تسبق كلامي هذا في 22 عاما عند اجريت مقارنة بين الديكتاتور والفردي, وهي مقارنة بين صدام وعبدالكريم قاسم.
والفردي قد لا يكون ديكتاتورا, وان كان لابد للديكتاتور ان يكون فرديا.
ان الفردي نرجسي بسيط يعتقد ان جميع الناس يحبونه, وهذا ما لا يعتقد به الديكتاتور الذي يشك في ولاء من هم حوله, ولهذا يفتك بالحاشية دائماً.
وان الفردي نسيج مهلهل قابل للاختراق من اي السواحل جئته, فيما الدكتاتور كما اسلفت نسيج واحد متماسك.
ان الفردي ربما يقدم وينثني ويقرر ويلغي القرار, وهو مطمئن النفس والبال ان ثناء الآخرين عليه يصدر من قلوبهم وانه سيستميل قلوب خصومه بالعفو, فيما الديكتاتور يرى في العفو في الخصوم فرصة لهم لترتيب اوضاعهم ومعاودة الكر عليه.
والديكتاتور رهين قصره إلا في سيناريوهات سينمائية معقدة ومفبركة, فيما يحاول الفردي ان يفهم الناس انه جزء منهم يحبهم كما يحبونه.
وقلت مرة عن صدام حسين ان الالف اغنية التي اعدت للثناء عليه لم تحرك نبضاً في قلبه ولم يخدع بها, فهو يعرف انها لم تصدر عن قناعة, ولهذا ترى الديكتاتور دائماً يضرب صانع الاناشيد وصانع مجده وان كان صادقاً.
اذا ما تذكرت مصطلح التخادم السياسي الذي استخدمته اول مرة في كتابي اسوار الطين, وهو جزء من نظرية العمل لنظام صدام حسين, فربما ستشكل انطباعاً اولياً او ربما تتراءى لك ملامح لهذا المشروع. كنت في ذلك الكتاب أجيب على سؤال فيما اذا كان صدام حسين عميلاً للمخابرات الاميركية وهي جملة قرأتها قبل أيام منقولة على لسان صهره المغدور حسين كامل يخاطب ابن عمه علي المجيد في آخر لحظات من حياته وهو يقول:»لا ينبغي ان تدافعوا عن صدام حسين لانه عميل اميركي«.
واذا كان حسين كامل قد صرح بهذا الاتهام فمن المتوقع ان يكون كثيرون قد وصفوا صدام حسين بالعميل الاميركي.
قلت في اسوار الطين: ان بامكان اتباع صدام حسين ان يشيروا الى الكثير من مواصفاته كزعيم وطني مثلما يمكن لفريق اخر ان يصفه بغير ذلك. معنى هذا ان شخصية صدام حسين قابلة لان تكون في هذا الموضع او ذاك. وقد يكون فيه كل ما في الزعيم الوطني من سمات. وقد يكون فيه كل ما في العميل من تلك السمات.