المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وضحك طه حسين فأحزنني أكثر!



جبار
08-05-2005, 08:55 AM
أنيس منصور

عدد كبير من المشاهير قرأوا نعيهم في الصحف، وكان ذلك على سبيل الخطأ، فألفرد نوبل صاحب الجائزة الشهيرة قرأ نعيه، وأزعجه ذلك، مع أن الذي توفي كان أخاه، وكذلك الأديب الأميركي مارك توين والفيلسوف الإنجليزي برتراند رسل.. وطه حسين ـ وأنا كتبت النعي مع الأسف الشديد.

ففي إحدى الليالي وفي ساعة متأخرة اتصل بي نائب رئيس تحرير «الأخبار» المصرية وقال لي: البقية في حياتك طه حسين مات، وأرجو أن تكتب لنا فوراً أو تقول في التليفون شيئاً عن الفقيد، وسألني: متى ولد؟ قلت: سنة 1889 مع العقاد والمازني وعبد الرحمن الرافعي وهتلر ونهرو وشارلي شابلن وثلاثة فلاسفة وجوديين: هيدجر الألماني ومارسل الفرنسي وفنجنتشين النمساوي.

ـ ما الذي يبقى منه؟

ـ لا أعرف بالضبط، ولكن أعماله الأدبية سوف تبقى، كم من الزمن؟ لا أعرف.

ـ أهم صفاته الأدبية؟

ـ انه ناقد جريء، وعباراته جميلة، فالثلاثة الكبار كل واحد له صفة، فالعقاد هو المفكر وطه حسين هو الأديب وتوفيق الحكيم هو الفنان، وثلاثتهم كتبوا عن (محمد) صلى الله عليه وسلم، فالعقاد وضع خريطة للسيرة النبوية يتحرك في داخلها، وطه حسين استمع واستمتع ونسج الحكيم ثوباً من الأحاديث النبوية، أو بعبارة أخرى العقاد يقف أمام التاريخ ويشده وراءه وطه حسين يمشي إلى جواره ويساره وتوفيق الحكيم يمشي وراءه.

ـ سوف يدخلون الجنة؟

ـ الله أعلم.

ـ البقية في حياتك.

ـ حياتك الباقية!

ولم يمت طه حسين، وفي ساعة مبكرة اتصلت بالسيد فريد شحاتة سكرتير طه حسين، أرجوك وأتوسل إليك ألا تقرأ هذا المقال لأستاذنا الكبير، إنها غلطة فمن عادة الصحف أن تسبق الأحداث خشية أن تسبقها صحف أخرى، أرجوك.

وبعد ساعة كلمني فريد شحاتة وهو يضحك، قال لي: الدكتور قرأ مقالك وضحك.

وأحزنني ذلك طويلاً!