رستم باشا
11-20-2020, 10:03 PM
صفاء الصالح
بي بي سي ـ لندن
20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
https://ichef.bbci.co.uk/news/800/cpsprodpb/7C71/production/_115575813_fr.jpg
فيلم موت صداقة
يهبط كائن فضائي، يتزيّا في ملابس وصورة امرأة في العاصمة الأردنية عمان وسط القتال المحتدم بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية في ما عُرف بـ "أيلول الأسود" في عام 1970، حاملا رسالة تحذير من الفضاء الخارجي عن اقتراب البشرية من إفناء نفسها. هذه هي صورة الشخصية الرئيسية في فيلم "موت صداقة" للكاتب والمنظر والمخرج السينمائي بيتر ووَلن، الذي يعد أحد الرموز الطليعية في الثقافة البريطانية، والذي كان هو شخصيا قد عاش تجربة مباشرة وسط هذه الأحداث في الأردن.
فبعد نحو 17 عاما من التجربة عاشها ووَلن في عمان إبّان اندلاع أحداث أيلول الأسود، عاد إلى هذه التجربة ولكن هذه المرة من منظور أوسع يتجاوز آثار التجربة المباشرة ويربطها بخلاصات رؤيته للعالم والوجود وانشغالاته النظرية والجمالية في الحقول المتعددة التي عرف ببحثه فيها كالسيمياء والنظرية الأدبية ونظرية السينما، ويجعل منها وسيلة لإعادة النظر والتمحيص في كثير من مفاهيمنا السائدة عن الوجود والحياة والكون ومستقبل النوع الإنساني وقضايا الهوية والجندر (النوع الاجتماعي) والجسد الإنساني.
واليوم بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود، يعاد بعث هذا الفيلم وتقديمه بوصفه واحدا من تحف وكلاسيكيات السينما الطليعية البريطانية، بعد أن قام معهد (مؤسسة) الفيلم البريطاني بتبني عملية ترميمه وإعداده بنسخة رقمية بالغة الوضوح تصلح للعرض على شاشات 4 كي الحديثة، واحتفي به في هذه المناسبة بعرضه في مهرجان لندن السينمائي رفقة عدد من الندوات والفعاليات التي تسلط الضوء عليه وتحتفي به.
وفيلم "موت صداقة" فيلم طليعي بكل ما تعنيه هذه الكلمة، يتحدى الكثير من المفاهيم الجاهزة والراسخة في أذهاننا عن الجسد والهوية، كما يتحدى القوالب والأشكال الفنية والجنرات السائدة في العمل السينمائي، فالفيلم يحتفي بالهجنة في الأساليب الفنية، ولا يعدم استخدام أي مفردة ودمجها في العمل الفني (المفردة اللغوية المنطوقة والمكتوبة، الصورة، الرسم، الخطوط، الرموز الرياضية، التصميمات الغرافيكية، الصوت بكل تمظهراته : موسيقى، صوت بشري، صوت آلي، ضوضاء وتشويش).
ويستند ذلك إلى انشغال نظري ثري في مفهوم العلامة (في السيمياء) وهجنتها قدمه ووَلن، الذي كان من أبرز من قدم تطبيقات هذا الحقل المعرفي في السينما للثقافة الإنجليزية في كتابه الرائد :"علامات ومعاني في السينما".
كائن بايولوجي أم محاكاة رقمية؟
يمزج ووَلن لصنع سيناريو فيلمه بين قصة قصيرة نشرها عام 1967، ويمكن إدراجها ضمن أدب الخيال العلمي، والتجربة المباشرة التي عاشها في أيلول/سبتمبر في الأردن عام 1970، ويبني مقدمته المنطقية على هذه المزاوجة بين التجربة المباشرة وظلالها السياسية والخيال العلمي وآفاقه التأملية الرحبة، ليعيد النظر في كثير من بديهياتنا ومفاهيمنا السائدة.
بي بي سي ـ لندن
20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020
https://ichef.bbci.co.uk/news/800/cpsprodpb/7C71/production/_115575813_fr.jpg
فيلم موت صداقة
يهبط كائن فضائي، يتزيّا في ملابس وصورة امرأة في العاصمة الأردنية عمان وسط القتال المحتدم بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية في ما عُرف بـ "أيلول الأسود" في عام 1970، حاملا رسالة تحذير من الفضاء الخارجي عن اقتراب البشرية من إفناء نفسها. هذه هي صورة الشخصية الرئيسية في فيلم "موت صداقة" للكاتب والمنظر والمخرج السينمائي بيتر ووَلن، الذي يعد أحد الرموز الطليعية في الثقافة البريطانية، والذي كان هو شخصيا قد عاش تجربة مباشرة وسط هذه الأحداث في الأردن.
فبعد نحو 17 عاما من التجربة عاشها ووَلن في عمان إبّان اندلاع أحداث أيلول الأسود، عاد إلى هذه التجربة ولكن هذه المرة من منظور أوسع يتجاوز آثار التجربة المباشرة ويربطها بخلاصات رؤيته للعالم والوجود وانشغالاته النظرية والجمالية في الحقول المتعددة التي عرف ببحثه فيها كالسيمياء والنظرية الأدبية ونظرية السينما، ويجعل منها وسيلة لإعادة النظر والتمحيص في كثير من مفاهيمنا السائدة عن الوجود والحياة والكون ومستقبل النوع الإنساني وقضايا الهوية والجندر (النوع الاجتماعي) والجسد الإنساني.
واليوم بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود، يعاد بعث هذا الفيلم وتقديمه بوصفه واحدا من تحف وكلاسيكيات السينما الطليعية البريطانية، بعد أن قام معهد (مؤسسة) الفيلم البريطاني بتبني عملية ترميمه وإعداده بنسخة رقمية بالغة الوضوح تصلح للعرض على شاشات 4 كي الحديثة، واحتفي به في هذه المناسبة بعرضه في مهرجان لندن السينمائي رفقة عدد من الندوات والفعاليات التي تسلط الضوء عليه وتحتفي به.
وفيلم "موت صداقة" فيلم طليعي بكل ما تعنيه هذه الكلمة، يتحدى الكثير من المفاهيم الجاهزة والراسخة في أذهاننا عن الجسد والهوية، كما يتحدى القوالب والأشكال الفنية والجنرات السائدة في العمل السينمائي، فالفيلم يحتفي بالهجنة في الأساليب الفنية، ولا يعدم استخدام أي مفردة ودمجها في العمل الفني (المفردة اللغوية المنطوقة والمكتوبة، الصورة، الرسم، الخطوط، الرموز الرياضية، التصميمات الغرافيكية، الصوت بكل تمظهراته : موسيقى، صوت بشري، صوت آلي، ضوضاء وتشويش).
ويستند ذلك إلى انشغال نظري ثري في مفهوم العلامة (في السيمياء) وهجنتها قدمه ووَلن، الذي كان من أبرز من قدم تطبيقات هذا الحقل المعرفي في السينما للثقافة الإنجليزية في كتابه الرائد :"علامات ومعاني في السينما".
كائن بايولوجي أم محاكاة رقمية؟
يمزج ووَلن لصنع سيناريو فيلمه بين قصة قصيرة نشرها عام 1967، ويمكن إدراجها ضمن أدب الخيال العلمي، والتجربة المباشرة التي عاشها في أيلول/سبتمبر في الأردن عام 1970، ويبني مقدمته المنطقية على هذه المزاوجة بين التجربة المباشرة وظلالها السياسية والخيال العلمي وآفاقه التأملية الرحبة، ليعيد النظر في كثير من بديهياتنا ومفاهيمنا السائدة.