الحاجه
10-31-2020, 09:48 AM
https://www.alahednews.com.lb/uploaded/videos/2020/10/30/sayed-complet-30102020.mp4
30 اكتوبر 2020 الجمعه
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الانبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
قال الله تعالى في كتابه المجيد، بسم الله الرحمن الرحيم " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً" صدق الله العلي العظيم.
أتوجه في البداية بهذه المناسبة العظيمة بالتبريك إلى جميع المسلمين في العالم، وإلى جميع اللبنانيين كشعبٍ لبنانيٍ واحد، شريكٍ في المناسبات والأفراح والأتراح.
أبارك للمسلمين وللجميع ولادة الرسول الأعظم سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك ذكرى ولادة حفيده الجليل والعظيم الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام).
أود في البداية أن أتحدث عن المناسبة قليلاً وأدخل منها إلى بعض الملفات والموضوعات ذات الإهتمام في المرحلة الحالية.
وُلد سيدنا محمد بن عبدالله(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل ألف وأربعمائة وخمسة وتسعين سنة تقريباً، فيما يُعرف بعام الفيل، في شهر ربيع الأول، هذا الشهر، الآن في 12 ربيع الأول أو في 17 ربيع الأول على إختلاف الأقوال.
هذه الولادة المُباركة كانت المقدمة الطبيعية لولادة وإعلان الرسالة الإلهية الخاتمة، والتي لا نسخ بعدها ولا تَعديل ولا تبديل، " فَحلالُ محمدٍ حلالٌ إلى يوم القيامة، وحرامُ محمدٍ حرامٌ إلى يوم القيامة"، وكانت المقدمة الطبيعية لولادة جديدة لحياةٍ إنسانيةٍ حقيقية، لأجيالٍ ستخرج من الظلمات إلى النور، من خلال هذا المولود الجديد، وأيضاً لولادة أمةٍ باقيةٍ خالدةٍ إلى يوم القيامة.
كُلنا يَعرف بِأن للأنبياء والرُسل مُعجزاتهم وإنجازاتهم، خصوصاً عندما نَتحدث عن الأنبياء العظام، كإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام)، كانت لهم مُعجزاتهم التي شَهدتها عُصورهم والأجيال التي عاصرتهم، شَهدتها بأُم العين، ثُم نُقلت إلينا، حفظتها الكتب المقدسة، وخصوصاً القرآن الكريم، وكتب التاريخ والروايات التي وصلت إلى جميع الناس مسلمين ومسيحيين ويهود، وعلى إختلاف أديانهم.
كان لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) معجزاتٌ متنوعةٌ أيضاً، شاهدها الناس في زمنه، وانقضت في زمانه، وإنما نقلتها إلينا الروايات وكتب التاريخ، ولم نَشهدها نحن بأعيننا، كما هو حال معجزات الأنبياء السابقين، ولكن لرسول الله محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) معجزةٌ خالدةٌ مستمرةٌ حيّةٌ باقيةٌ إلى يوم القيامة، تَشهدها كل الأجيال في كل الأزمنة وفي كل الأمكنة، هذه المعجزة هي كتابه المقدس الذي أنزل الله على قلبه القرآن الكريم، هذا الكتاب العظيم الذي بعض وُجوه المعجزة، الذي ما زال محفوظاً بكلماته وآياته وسوره دون أي تحريفٍ أو تزويرٍ أو تعديلٍ منذ أكثر من ألف وأربعمائة وخمسين سنة، يعني كتاب ديني آياته وكلماته وسوره ومضامينه في الشكل والمضمون، يَبقى مَحفوظاً دون أن يُمس بأي تزوير أو تحريف، ألف وأربعمائة وخمسين سنة حتى الآن، وبالرغم من وجود الدواعي والعوامل والدوافع لتزويره وتحريفه وتغييره وتبديله، سواءً من داخل المسلمين أو من خارج المسلمين، من داخل الدائرة الإسلامية أو من خارج الدائرة الإسلامية.
إن بقاء هذا الكتاب المقدس محفوظاً بهذا الشكل الدقيق والعجيب هو بحد ذاته معجزة، وهو تحقيقٌ ومصداقٌ للوعد الإلهي " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، لا يٌمكن أن يُحفظ كتابٌ دينيٌ مهمٌ في حياة ملايين ومئات الملايين، والآن ما يُقارب ملياري إنسان، أن يُحفظ بهذا الشكل دون أن يُمس، كما قُلت بالرغم من وجود كل الدواعي، الدواعي العقائدية والدواعي المذهبية والدواعي السياسية لتحريف أو تزوير أو تعديل في هذا الكتاب، وهذا دليل على الصيانة الإلهية والحفظ الإلهي لكتاب هذا النبي، وهذا القرآن أيضاً هو الذي ما زال يَتحدى البشرية منذ ألف وأربعمائة وخمسين سنة وإلى اليوم، وسوف يبقى هذا التحدي قائماً إلى قِيام الساعة، أن يأتوا بمثله ولو إجتمعوا جميعاً، أن يأتوا بعشر سورٍ من مثله، أن يأتوا بسورةٍ واحدةٍ من مثله، وهذا القرآن الذي ما زال يَنبض بالحياة ويَبعث الحياة ويُخرج الناس من الظلمات إلى النور، هذه معجزته الخالدة، أيضاً للأنبياء والرسل إنجازاتهم، وأعظم إنجازٍ لصاحب الذكرى نبينا وسيدنا رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو، وهو بحد هذا الإنجاز الإنساني الذي تَحقق على يديه، وهو بحد ذاته أيضاً أقرب ما يكون إلى المعجزة، هذا التحول العميق والهائل الذي تَحقق في مجتمع شبه الجزيرة العربية على يديه وبِفضل دعوته وجهوده وجهاده، لو نَظرنا إلى ذلك المجتمع، لو عُدنا إلى التاريخ، هذه شبه الجزيرة العربية لدينا مكة ولدينا يثرب لم يَكن اسمها بعد المدينة، لدينا مدينة الطائف ولدينا مجموعة كبيرة من البلدات، ولدينا قبائل وعشائر، وصولاً إلى اليمن وما فيها من مدن ومن حضارة ومن ملوك سابقين، كل هذه المنطقة التي نُسميها الآن شبه الجزيرة العربية، وهي كانت المساحة الأساسية لحركة هذا النبي ودعوة هذا النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، لو نَظرنا إلى الناس في ذلك المجتمع، إلى أحوالهم قبل ولادة النبي وقبل بعثة النبي، إلى أوضاعهم الدينبية، ماذا كانوا يعبدون؟ وبماذا كانوا يُؤمنون؟ إلى أحوالهم العملية ومستوياتهم العلمية، القراءة والكتابة ومستوى المعرفة، إلى ثقافتهم وإلى قيمهم وإلى منظومة القيم الحاكمة في ذلك المجتمع، إلى عاداتهم وإلى تقاليدهم وإلى أحوالهم الإجتماعية والمعيشية، مستويات الفقر والحرمان والطبقية، إلى أوضاعهم الأمنية والحروب وصراعات القبائل والعشائر والزعامات، إلى تشتتهم وتمزقهم، إلى كل جوانب حياتهم المتنوعة والمختلفة، يعني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأتِ لِيعالج جانباً من جوانب حياة هؤلاء الناس، وإنما لِيعالج كل و الجوانب، وفي مقدمها البعد العقائدي والإيماني والمعرفي والثقافي والأخلاقي والسلوكي، ثم لو دَرسنا بعد ذلك، بعد بعثة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرته ودعوته وجهوده وجهاده، أين أصبح سكان وأهل شبه الجزيرة العربية؟ ما هي التحولات الخطيرة والعميقة والمهمة جداً التي تَحققت هنا، وخصوصاً في الجانب الإنساني؟ في إيمانهم وفي عقيدتهم، والذي نَقلهم من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد، في علومهم وفي ثقافتهم وفي منظومة القيم، وفي النظرة إلى الإنسان وإلى المرأة وإلى الإنسان الآخر وإلى أتباع الديانات الأخرى، وفي قيم وموازين التفاضل بين الناس، وفي العادات وفي التقاليد وفي الإنضباط وفي السلوك، وفي الأخلاق وفي القيم الأخلاقية، هذا التحول الإنساني الهائل الذي حصل في شبه الجزيرة العربية، وشكّل القاعدة الرئيسية لإنطلاقة هذه الأمة ووصول صوتها ورسالتها إلى كل العالم، لِتكون قاعدة التغيير العالمي، هذا أنجزه رسول الله محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب الذكرى، والجانب الأهم جداً والملفت جداً هو أن هذا الإنجاز تَحقق خلال ثلاثة وعشرين سنة فقط، نحن نعرف في حياة الشعوب وفي أعمار الشعوب عشر سنوات وعشرين سنة وثلاثين سنة وأربعين سنة من الصعب أن تُحدث تغيرات أوتغييرات هائلة، خصوصاً على المستوى العقائدي والثقافي والسلوكي والقيمي وما شاكل..، ولكن هذا صَنعه وأوجده رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأَسس كما قُلنا لهذه القاعدة الإيمانية الإنسانية إلى قيام الساعة.
هذا النبي العظيم أحببت أن أعرض هذه المقدمة كي أدخل منها إلى الموضوعات التي أُريد أن أتكلم فيها، هذا النبي العظيم يَحمل له جميع المسلمين طوال التاريخ وإلى يومنا وإلى يوم قيام الساعة، سوف يظلوا هكذا، يَحمل له جميع المسلمين من الحب والعشق والتقدير والإحترام والتقديس ما لا يَملكونه أو يَحملونه لِبشريٍ آخر، مع محبتهم وتقديرهم وتقديسهم لكل الأنبياء والرسل والأولياء والأئمة والصالحين والأخيار طوال التاريخ.
للمسلمين جميعاً نظرة مميزة، إيمان خاص وحب خاص، لهذا الرجل ولهذا الإنسان ولهذه الشخصية، قد يَختلف المسلمون فيما بينهم طوال التاريخ، هذا حصل في قضايا مختلفة، قضايا فكرية ذات أحياناً طابع عقائدي أو تفاصيل وفروع عقائدية، في الأحكام الشرعية، في قضايا الحلال والحرام، في تقييم أحداث التاريخ الإسلامي، وفي تقييم الأشخاص، الآن في الواقع المعاصر قد يَختلفون حول قضايا إجتماعية سياسية كبيرة ومهمة وصراعات وحروب والخ...، ولكن هناك نقاط ومسائل إجماعية، لم يَخرج عنها المسلمون طوال التاريخ، ولا يمكن أن يخرجوا عنها إلى قيام الساعة، من أهم هذه النقاط الإجماعية عند المسلمين هي إيمانهم بمحمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم)، برسالته وبنبوته، بعظمته ومكانته ومقامه، وهم يَنظرون إليه أنه خاتم النبيين، فلا نبي بعده، وأنه سيد المرسلين، وأنه أفضل الخلق، وسيد الكائنات، والإنسان الأكمل والإنسان الأعظم، وأقرب المخلوقات إلى الله سبحانه وتعالى، وأحبهم إليه وأعزهم عنده، هذه نظرة المسلمين إلى هذا الرسول وإلى هذا النبي.
مع هذا الإيمان، يُخالط حُبه دماؤهم ولحمهم وكيانهم وأجسادهم وأرواحهم وعقولهم وقلوبهم، لأن هذا الإيمان ليس فقط إيماناً معرفياً أو إيماناً فلسفياً أو إيماناً ثقافياً أو فكرياً، كلا، يوجد نوع من العلاقة العاطفية والروحية والنفسية المميزة، طبعاً كان مطلوباً ويظل مطلوباً مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم يُعظمونه في الدنيا ويَرون عظمته ومكانته المميزة في الآخرة.
هنا سنبني على نقطة لندخل الى موضوعاتنا، ولذلك لا يمكن للمسلمين ان يتحملوا اي اساءة او اهانة تتوجه الى هذا الرسول العظيم، ويعتبرون ان الدفاع عن كرامة نبيّهم في اعلى الاولويات التي تتقدم عندهم على كل المصالح والحسابات الاخرى، سياسية واقتصادية وحياتية واي شيء، هذا الامر يعتبرونه في رأس الاولويات، لا يتحملونه ولا يتسامحون فيه ولا يسعهم السكوت عنه وبالتالي يتعاطون او يتصرفون مع اي سلوك او ممارسة فيها اهانة او هتك او اساءة لرسول الله الاعظم صلى الله عليه واله وسلم بطريقة مختلفة.
من هنا ادخل الى الملف الاول في حديث الليلة وهي المشكلة القائمة الان وهي ليست مشكلة تخص بلد او مسلمين في بلد وانما هي تخص اليوم كل المسلمين في العالم، المشكلة القائمة الان بين السلطات الفرنسية من اعلى الهرم مع الاسلام والمسلمين واود ان اتحدث بشكل هادئ وموضوعي وعلمي لنفكك هذه المسألة ونبحث لها عن حلول، اي على قاعدة ان نصل الى حل وليس على قاعدة تكريس عداوات او البحث عن عداوات جديدة.
اولا نبدأ من الحادثة الاخيرة حتى لا يختلط الباطل بالحق والحق بالباطل و يضيع الحق، نبدأ من حادثة مدينة نيس الفرنسية، والتي قام فيها رجل مسلم بقتل 3 اشخاص وجرح اخرين، هذه الحادثة – سنبدأ من الاخر ونعود للبداية – ندينها بشدة وادانها المسلمون من مواقعهم المختلفة العلمائية والدينية والسياسية والعالم الاسلامي وجالياتهم في فرنسا واوروبا وفي كل مكان، وهذه الحادثة ايضا يرفضها الاسلام ولا يجوز ان يحسبها احد على الاسلام، يرفضها الاسلام والدين الاسلامي الذي يحرّم قتل الابرياء او الاعتداء عليهم او ايذائهم حتى لمجرد الاختلاف في الانتماء العقائدي، وكل حادثة مشابهة سبقت او تأتي، دائماً بالنسبة الينا كمسلمين وبالدرجة الاولى من موقع الاسلام هي مرفوضة ومدانة، في اي مكان وقعت هذه الحادثة واياً كان المستهدف في فرنسا او اي مكان في العالم، هذه النقطة فلنثبّتها كأساس حتى يكون هناك وضوح لاحقاً، ثانياً في سياق هذه القضية وفي هذا المف، لا يجوز للسلطات الفرنسية او غيرها ان تحمل مسؤولية جريمة ارتكبها شخص محدد ان يحمّلوها لدين هذا الشخص، او لأتباع الدين الذي ينتمي اليه هذا الشخص، بتعبير اوضح اذا كان مرتكب الجريمة مسلماً فلا يجوز لأحد ان يحمّل الاسلام مسؤولية هذه الجريمة ولا يجوز لأحد أن يحمل المسلمين لا في فرنسا ولا في كل العالم مسؤولية هذه الجريمة، وهذا في الأصل تصوّر غير صحيح وغير واقعي وغير قانوني وغير اخلاقي، عندما يرتكب انسان ما جريمة يجب ان يُحمَّل هو مسؤولية هذه الجريمة اياً تكن دوافعه حتى ولو كانت دوافعه باعتقاده هو دينية، وهذا حصل في فرنسا وفي اوروبا ويحصل في اماكن اخرى في العالم، - الان سنضطر ان نتكلم مسلم ومسيحي لن نقترب من اليهود – انه لو قام رجل مسيحي بارتكاب جريمة من هذا النوع وهذا حصل في فرنسا واغلب الجرائم التي تُرتكب في فرنسا لا يقوم بها مسلمون وكذلك في اروروبا، عادةً لا يُسلّط الاعلام الضوء عليها لكن من يتابع يعلم بالاحصاءات والارقام، هل يصحّ ان يخرج احد ويقول الذي يحمل مسؤولية هذه الجريمة هو السيد المسيح عليه السلام والعياذ بالله؟ او الدين المسيحي؟ او يحمل المسؤولية المسيحيون في العالم؟ او المسيحيون في البلد الذي ارتُكبت فيه الجريمة؟ لا احد يقبل هذا التصرف، لكن للاسف الشديد السلطات الفرنسية تتصرف هكذا. عندما يتحدث الرئيس ماكرون وبقية المسؤوليين الفرنسيين عن "الارهاب الاسلامي"، الان احدهم ترجم "الارهاب الاسلاموي" - قلّة فرق – او "الفاشية الاسلامية"، ليس هناك ما يسمى الارهاب الاسلامي او الفاشية الاسلامية، اذا ما كان هناك أحد يقوم بالارهاب هو إرهابي، واذا كان يرتكب جريمة فهو مجرم، اما ان نأتي ونقول ارهاب اسلامي و فاشية اسلامية، حسناً اليوم الولايات المتحدة الامريكية ترتكب مجازر في كل انحاء العالم منذ الـ 2000 وما بعدها، من بعد 11 ايلول الحروب التي قاموا فيها بأفغانستان والعراق وفي المنطقة، دعونا من الحرب العالمية الاولى والثانية وهيروشيما وما شاكل، فقط نتكلم عن الاجيال الحاضرة والتي عايشت، ملايين من الناس قُتلوا والامريكان يعترفون بقتل مئات الالاف في هذه الحروب، ان كان بعنوان الخطأ كالاعراس التي كانت تُقصف في افغانستان واحياناً بالعمد، حسناً هل يخرج احد ويقول لأن الولايات المتحدة الامريكية رئيسها مسيحي وحكومتها ينتمون الى المسيحيين وجيشها بالأعم الاغلب مسيحي فنقول هذا الارهاب الامريكي ارهاب مسيحي؟؟ او الذي يتحمل مسؤولية هذا الارهاب والعياذ بالله السيد المسيح او الدين المسيحي الذي تتناقض قيمه وتعاليمه مع هذه الاعمال الارهابية؟ او ما قامت به الجيوش الاوروبية ومنها الجيش الفرنسي التي جاءت الى الجزائر وما فعلته في الجزائر وما فعله الاخرون في ليبيا وفي اماكن اخرى وفي منطقتنا، لم يخرج احد من المسلمين ليقول "الإرهاب المسيحي"، وان الدين المسيحي هو الذي يتحمل هذه المسؤولية، على الاطلاق، واذا احد قال هكذا هو مخطئ، هذه الظاهرة غير موجودة بالحد الادنى. اذاً لا يجوز على الاطلاق عندما يرتكب مسلم او مسيحي او يهودي او اي انسان ينتمي الى اي فكر او دين ان نحمّل الدين او نبي هذا الدين او الامّة التي تؤمن بهذا الدين مسؤولية الجريمة ونعمّم التسمية، هذا خطأ وهذا يجب ان يتوقّف، الفرنسيون والمسؤولون الفرنسيون يفعلون ذلك كل يوم، الان هناك من يتدارك ويقول لا، نحن نحترم الاسلام كديانة، اذا كنت تحترم الاسلام كديانة عليك ان تغير مصطلح الارهاب الاسلامي والفاشية الاسلامية وليس عليك ان تتبع ترامب الذي يستخدم هذا النوع من المصطلحات.
ثالثاً، سمعنا في الايام القليلة الماضية انكم تعترضون بأن احد في فرنسا اساء لنبيّكم، الأهم هو بعض المسلمين الذين يسيئون لنبيكم ولإسلامكم، اودّ ان اقول هنا انّ بعض المسلمين بالتأكيد يسيئون للإسلام وانّ بعض المسلمين يسيئون لنبيّ الاسلام صلى الله عليه واله وسلم وان بعضهم يرتكبون اساءات خطيرة جدا جدا جدا، وان ما شهدناه في السنوات القليلة الماضية من اعمال ارهابية وجرائم وهدم للمساجد وللكنائس وللاثار التاريخية والقتل للناس وقطع للرؤوس وشق الصدور والذبح لانواع مختلفة من الناس بحسب انتماءاتها كالنعاج وقامت وسائل الاعلام الاجنبية ايضا بترويجها وتصويرها في العالم، هذه اساءات كبيرة لديننا ونبينا ونحن كنا نهاجم هذا ونعترض على هذا بشدة ولكن لنفترض وهذا صحيح وليس فرضية، اذا كان بعض المسلمين يسيء لنبينا هذا لا يبرر لكم ان تسيئوا لنبيّنا، اذا كان بعضكم يسيء لمقدساتكم هل يسمح لنا ان نسيء لمقدساتكم؟ هذا ليس منطق على الاطلاق، الانبياء، الرسل، الديانات، الرموز الدينية، مقدسات الامم يجب ان تُحترم، حتى ولو خرج من داخل الاتباع او الامة او الجماعة من لا يقوم بهذا الاحترام ويتجاوز هذا الاحترام.
رابعاً، هنا اكمل خطابي للمسؤولين الفرنسيين وايضاً تكوين الرأي العام، بدل ان تحمّلوا الاسلام والامة الاسلامية مسؤولية هذه الاعمال الارهابية التي تحصل في فرنسا واوروبا واماكن اخرى، تعالوا لنبحث سوياً عن مسؤوليتكم انتم عن هذه الأعمال وعن هذه الجماعات، نعود قليلاً الى 10 سنوات من 2011 وما بعد – لن نقول قبل 50 سنة – هناك فكر تكفيري ارهابي يتبنى القتل لمجرد الاختلاف العقائدي بل الاختلاف الفكري بل الاختلاف المذهبي بل الاختلاف السياسي بل الاختلاف في اي تفصيل من التفاصيل ويرتكب جرائم وحشية، هذا الفكر انتم قمتم بحمايته، الامريكيون، الادارة الامريكية، الحكومات الفرنسية، الحكومات الاوروبية، قمتم بحمايته، قدمتم له كل التسهيلات في العالم، اصحاب الفكر الاخر اذا اراد تحصيل فيزا صعب، اذا اراد ممارسة نشاط في بلادكم صعب، ولكن اصحاب هذا الفكر كانت كل الابواب مفتوحة لهم وتقدم لهم الحماية، هذه الجماعات التي تشكلت والتي تحمل هذا الفكر انتم سهّلتم مجيئها الى سوريا والى العراق، انتم ساعدتم على دعمها وتسليحها وتمويلها، حتى اصبح لهؤلاء تجربة وخبرة وروح قتالية الى اخره، والا اريد ان اسألكم الان انتم تُفاجئون ان هناك عملية ذبح او عملية قطع رأس؟ هذا اين بدأ، هذا بدأ في مناطقنا في بلادنا، من فعل ذلك؟ الذين دعمتموهم انتم، دعم سياسي واعلامي ومالي وتبليغي وحماية دولية ومؤتمرات دولية وفتحتم لهم الحدود واعطيتموهم جوازات سفر وسهلتم مجيئهم الى المنطقة، ابحثوا اولا عن مسؤوليتكم، كم تتحملوا انتم مسؤولية في هذا الموضوع، انا ادعوكم ان تعودوا الى ارشيف 2011- 2012 سواءً كنت انا اتكلم هذا الكلام او كثيرون غيري قالوا لكم هذا الكلام خصوصا للاوروبيين، لا تكونوا جزءاً من هذه الحرب الكونية على سوريا والعراق وعلى المنطقة، الان لبنان لم يستطيعوا ان يتوغّلوا فيه، لا تتبنّوا هؤلاء، لا تدافعوا عن هؤلاء، لا تسهلوا مجيء هؤلاء وتقويتهم، لأن هذه المعركة ستخسرونها وهؤلاء سيرتدون عليكم، هذا الفكر سيرتد عليكم، هذه الجماعات وهؤلاء الاشخاص سيعودون الى بلادكم، وسيملأون بلادكم ارهابا وخرابا، وما نفذوه في سوريا والعراق ولبنان وفي بلدان اخرى سيعودون وينفّذوه عندكم، ويومها بالتحديد قلنا لكم، امريكا بعيدة كثيرا والاقرب لمنطقتنا هي اوروبا والتهديد الاخطر هو للاوروبا وعليكم ان تُحاذروا، ولكن اخذتكم العزة بالإثم ولم تقبلوا، واعتبرتم انكم ستنتصرون بهذه الحرب ومعلوم بعدها اين ستصلوا، اليوم يجب ان تبحثوا ايضا عن مسؤوليتكم انتم، لا تحمّلوا المسؤولية لمن ليس له مسؤولية، ما علاقة رسول الاسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم بهذه الجرائم؟ ما علاقة دينه وإسلامه وقرآنه بهذه الجرائم؟ ما علاقة أمة الملياري مسلم بهذه الجرائم؟ الذين لهم علاقة هم أشخاص أنتم إحتضنتموهم وحميتموهم وربيتموهم وسهلتم لهم وأتيتم بهم، وهذا ما يجب أن تعيدوا النظر فيه، لأنكم ما زلتم مستمرين بهذا النوع من السياسات وإلا أعيد وأقول بنفس الأدبيات التي تكلمنا فيها سابقا عندما كنا نختار موقفنا، نحن لا نستطيع أن نكون في جبهة فيها قاطعوا رؤوس وشاقوا صدور وآكلوا أكباد وذباحون، هؤلاء كانوا حلفاءكم وكانوا جماعتكم وكانوا محميين منكم، ولذلك أنتم الفرنسيون والأوروبيون والأميركيون وأيضا حلفاؤهم بالمنطقة هم يجب أن يعيدوا النظر بسلوكهم وبأساليبهم، وبإستخدامهم لهذه الجماعات الإرهابية التكفيرية، لإستخدامهم كأدوات في المشاريع السياسية ومشاريع الحروب، ولا تتعلمون، في أفغانستان فعلتم هذا ودفعتم ثمنه في 11 أيلول، إرتكبتم وتعيدون وتتركبون الأخطاء نفسها، إستخدام هذا النوع من الجماعات كأدوات يجب أن يتوقف وإلا أنتم أيضا ستشاركون في دفع أثمان هذه الاخطاء.
ثانيا، السلطات الفرنسية أقحمت نفسها ومعها فرنسا وتريد أيضا أن تقحم كل أورويا والإتحاد الاوروبي في معركة مع الإسلام ومع المسلمين لأسباب واهية وأحيانا غير مفهومة، أنا سأتكلم من موقع الحرص، وأنا لست هنا لأسجل نقاط، المشكلة الأخيرة، ما هو أساسها؟ يعني هذه التطورات التي حصلت في الاسابيع الماضية وظهر في الإعلام بشكل واضح انه فرنسا من الرئيس الى الحكومة الى الوزراء الى البرلمان ومن ثم وسائل الاعلام إلى الشارع نعم، الحرب مفتوحة وواضحة جدا، حسنا ما السبب؟ ما الذي بدأ هذه المشكلة؟ من الذي إعتدى على الأخر؟ من الذي أساء للآخر؟ هذه المسألة بدأت عندما أقدمت تلك المجلة الفرنسية المشؤومة والخبيثة بنشر رسوم مسيئة لنبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم، وقام المسلمون ليعترضوا في أكثر من مكان من العالم، ثم تطور هذا الأمر إلى مجموعة أحداث ومنها حادثة أستاذ التاريخ الذي قُتل وقُطع رأسه، حسناً، بدل أن تبادر السلطات الفرنسية لمعالجة هذا الأمر ولإستيعابه ويكون لها تقدير موقف حقيقي وصحيح أنه يا جماعة فلتنتظروا، لا تخلطوا الحق بالباطل، ولا تدخلوا الامور ببعضها، هناك سبب رئيسي أدى إلى هذه التداعيات، بدل أن تعالجوا التداعيات، وأعود لها في آخر الكلام، فلتعالجوا أساس الموضوع، الذي حصل للأسف أن السلطات الفرنسية بدل أن تعالج الموضوع دخلت او أعلنت حربا من هذا النوع وأخذها العناد أنه هذه حرية التعبير ونحن نريد أن نستمر بحرية التعبير وبالرسوم الساخرة، هذا من رأس الهرم، يعني ما هي الرسالة التي تقدمونها لملياري مسلم في العالم؟
30 اكتوبر 2020 الجمعه
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الانبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
قال الله تعالى في كتابه المجيد، بسم الله الرحمن الرحيم " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً" صدق الله العلي العظيم.
أتوجه في البداية بهذه المناسبة العظيمة بالتبريك إلى جميع المسلمين في العالم، وإلى جميع اللبنانيين كشعبٍ لبنانيٍ واحد، شريكٍ في المناسبات والأفراح والأتراح.
أبارك للمسلمين وللجميع ولادة الرسول الأعظم سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك ذكرى ولادة حفيده الجليل والعظيم الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام).
أود في البداية أن أتحدث عن المناسبة قليلاً وأدخل منها إلى بعض الملفات والموضوعات ذات الإهتمام في المرحلة الحالية.
وُلد سيدنا محمد بن عبدالله(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل ألف وأربعمائة وخمسة وتسعين سنة تقريباً، فيما يُعرف بعام الفيل، في شهر ربيع الأول، هذا الشهر، الآن في 12 ربيع الأول أو في 17 ربيع الأول على إختلاف الأقوال.
هذه الولادة المُباركة كانت المقدمة الطبيعية لولادة وإعلان الرسالة الإلهية الخاتمة، والتي لا نسخ بعدها ولا تَعديل ولا تبديل، " فَحلالُ محمدٍ حلالٌ إلى يوم القيامة، وحرامُ محمدٍ حرامٌ إلى يوم القيامة"، وكانت المقدمة الطبيعية لولادة جديدة لحياةٍ إنسانيةٍ حقيقية، لأجيالٍ ستخرج من الظلمات إلى النور، من خلال هذا المولود الجديد، وأيضاً لولادة أمةٍ باقيةٍ خالدةٍ إلى يوم القيامة.
كُلنا يَعرف بِأن للأنبياء والرُسل مُعجزاتهم وإنجازاتهم، خصوصاً عندما نَتحدث عن الأنبياء العظام، كإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام)، كانت لهم مُعجزاتهم التي شَهدتها عُصورهم والأجيال التي عاصرتهم، شَهدتها بأُم العين، ثُم نُقلت إلينا، حفظتها الكتب المقدسة، وخصوصاً القرآن الكريم، وكتب التاريخ والروايات التي وصلت إلى جميع الناس مسلمين ومسيحيين ويهود، وعلى إختلاف أديانهم.
كان لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) معجزاتٌ متنوعةٌ أيضاً، شاهدها الناس في زمنه، وانقضت في زمانه، وإنما نقلتها إلينا الروايات وكتب التاريخ، ولم نَشهدها نحن بأعيننا، كما هو حال معجزات الأنبياء السابقين، ولكن لرسول الله محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) معجزةٌ خالدةٌ مستمرةٌ حيّةٌ باقيةٌ إلى يوم القيامة، تَشهدها كل الأجيال في كل الأزمنة وفي كل الأمكنة، هذه المعجزة هي كتابه المقدس الذي أنزل الله على قلبه القرآن الكريم، هذا الكتاب العظيم الذي بعض وُجوه المعجزة، الذي ما زال محفوظاً بكلماته وآياته وسوره دون أي تحريفٍ أو تزويرٍ أو تعديلٍ منذ أكثر من ألف وأربعمائة وخمسين سنة، يعني كتاب ديني آياته وكلماته وسوره ومضامينه في الشكل والمضمون، يَبقى مَحفوظاً دون أن يُمس بأي تزوير أو تحريف، ألف وأربعمائة وخمسين سنة حتى الآن، وبالرغم من وجود الدواعي والعوامل والدوافع لتزويره وتحريفه وتغييره وتبديله، سواءً من داخل المسلمين أو من خارج المسلمين، من داخل الدائرة الإسلامية أو من خارج الدائرة الإسلامية.
إن بقاء هذا الكتاب المقدس محفوظاً بهذا الشكل الدقيق والعجيب هو بحد ذاته معجزة، وهو تحقيقٌ ومصداقٌ للوعد الإلهي " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، لا يٌمكن أن يُحفظ كتابٌ دينيٌ مهمٌ في حياة ملايين ومئات الملايين، والآن ما يُقارب ملياري إنسان، أن يُحفظ بهذا الشكل دون أن يُمس، كما قُلت بالرغم من وجود كل الدواعي، الدواعي العقائدية والدواعي المذهبية والدواعي السياسية لتحريف أو تزوير أو تعديل في هذا الكتاب، وهذا دليل على الصيانة الإلهية والحفظ الإلهي لكتاب هذا النبي، وهذا القرآن أيضاً هو الذي ما زال يَتحدى البشرية منذ ألف وأربعمائة وخمسين سنة وإلى اليوم، وسوف يبقى هذا التحدي قائماً إلى قِيام الساعة، أن يأتوا بمثله ولو إجتمعوا جميعاً، أن يأتوا بعشر سورٍ من مثله، أن يأتوا بسورةٍ واحدةٍ من مثله، وهذا القرآن الذي ما زال يَنبض بالحياة ويَبعث الحياة ويُخرج الناس من الظلمات إلى النور، هذه معجزته الخالدة، أيضاً للأنبياء والرسل إنجازاتهم، وأعظم إنجازٍ لصاحب الذكرى نبينا وسيدنا رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو، وهو بحد هذا الإنجاز الإنساني الذي تَحقق على يديه، وهو بحد ذاته أيضاً أقرب ما يكون إلى المعجزة، هذا التحول العميق والهائل الذي تَحقق في مجتمع شبه الجزيرة العربية على يديه وبِفضل دعوته وجهوده وجهاده، لو نَظرنا إلى ذلك المجتمع، لو عُدنا إلى التاريخ، هذه شبه الجزيرة العربية لدينا مكة ولدينا يثرب لم يَكن اسمها بعد المدينة، لدينا مدينة الطائف ولدينا مجموعة كبيرة من البلدات، ولدينا قبائل وعشائر، وصولاً إلى اليمن وما فيها من مدن ومن حضارة ومن ملوك سابقين، كل هذه المنطقة التي نُسميها الآن شبه الجزيرة العربية، وهي كانت المساحة الأساسية لحركة هذا النبي ودعوة هذا النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، لو نَظرنا إلى الناس في ذلك المجتمع، إلى أحوالهم قبل ولادة النبي وقبل بعثة النبي، إلى أوضاعهم الدينبية، ماذا كانوا يعبدون؟ وبماذا كانوا يُؤمنون؟ إلى أحوالهم العملية ومستوياتهم العلمية، القراءة والكتابة ومستوى المعرفة، إلى ثقافتهم وإلى قيمهم وإلى منظومة القيم الحاكمة في ذلك المجتمع، إلى عاداتهم وإلى تقاليدهم وإلى أحوالهم الإجتماعية والمعيشية، مستويات الفقر والحرمان والطبقية، إلى أوضاعهم الأمنية والحروب وصراعات القبائل والعشائر والزعامات، إلى تشتتهم وتمزقهم، إلى كل جوانب حياتهم المتنوعة والمختلفة، يعني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأتِ لِيعالج جانباً من جوانب حياة هؤلاء الناس، وإنما لِيعالج كل و الجوانب، وفي مقدمها البعد العقائدي والإيماني والمعرفي والثقافي والأخلاقي والسلوكي، ثم لو دَرسنا بعد ذلك، بعد بعثة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرته ودعوته وجهوده وجهاده، أين أصبح سكان وأهل شبه الجزيرة العربية؟ ما هي التحولات الخطيرة والعميقة والمهمة جداً التي تَحققت هنا، وخصوصاً في الجانب الإنساني؟ في إيمانهم وفي عقيدتهم، والذي نَقلهم من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد، في علومهم وفي ثقافتهم وفي منظومة القيم، وفي النظرة إلى الإنسان وإلى المرأة وإلى الإنسان الآخر وإلى أتباع الديانات الأخرى، وفي قيم وموازين التفاضل بين الناس، وفي العادات وفي التقاليد وفي الإنضباط وفي السلوك، وفي الأخلاق وفي القيم الأخلاقية، هذا التحول الإنساني الهائل الذي حصل في شبه الجزيرة العربية، وشكّل القاعدة الرئيسية لإنطلاقة هذه الأمة ووصول صوتها ورسالتها إلى كل العالم، لِتكون قاعدة التغيير العالمي، هذا أنجزه رسول الله محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) صاحب الذكرى، والجانب الأهم جداً والملفت جداً هو أن هذا الإنجاز تَحقق خلال ثلاثة وعشرين سنة فقط، نحن نعرف في حياة الشعوب وفي أعمار الشعوب عشر سنوات وعشرين سنة وثلاثين سنة وأربعين سنة من الصعب أن تُحدث تغيرات أوتغييرات هائلة، خصوصاً على المستوى العقائدي والثقافي والسلوكي والقيمي وما شاكل..، ولكن هذا صَنعه وأوجده رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأَسس كما قُلنا لهذه القاعدة الإيمانية الإنسانية إلى قيام الساعة.
هذا النبي العظيم أحببت أن أعرض هذه المقدمة كي أدخل منها إلى الموضوعات التي أُريد أن أتكلم فيها، هذا النبي العظيم يَحمل له جميع المسلمين طوال التاريخ وإلى يومنا وإلى يوم قيام الساعة، سوف يظلوا هكذا، يَحمل له جميع المسلمين من الحب والعشق والتقدير والإحترام والتقديس ما لا يَملكونه أو يَحملونه لِبشريٍ آخر، مع محبتهم وتقديرهم وتقديسهم لكل الأنبياء والرسل والأولياء والأئمة والصالحين والأخيار طوال التاريخ.
للمسلمين جميعاً نظرة مميزة، إيمان خاص وحب خاص، لهذا الرجل ولهذا الإنسان ولهذه الشخصية، قد يَختلف المسلمون فيما بينهم طوال التاريخ، هذا حصل في قضايا مختلفة، قضايا فكرية ذات أحياناً طابع عقائدي أو تفاصيل وفروع عقائدية، في الأحكام الشرعية، في قضايا الحلال والحرام، في تقييم أحداث التاريخ الإسلامي، وفي تقييم الأشخاص، الآن في الواقع المعاصر قد يَختلفون حول قضايا إجتماعية سياسية كبيرة ومهمة وصراعات وحروب والخ...، ولكن هناك نقاط ومسائل إجماعية، لم يَخرج عنها المسلمون طوال التاريخ، ولا يمكن أن يخرجوا عنها إلى قيام الساعة، من أهم هذه النقاط الإجماعية عند المسلمين هي إيمانهم بمحمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم)، برسالته وبنبوته، بعظمته ومكانته ومقامه، وهم يَنظرون إليه أنه خاتم النبيين، فلا نبي بعده، وأنه سيد المرسلين، وأنه أفضل الخلق، وسيد الكائنات، والإنسان الأكمل والإنسان الأعظم، وأقرب المخلوقات إلى الله سبحانه وتعالى، وأحبهم إليه وأعزهم عنده، هذه نظرة المسلمين إلى هذا الرسول وإلى هذا النبي.
مع هذا الإيمان، يُخالط حُبه دماؤهم ولحمهم وكيانهم وأجسادهم وأرواحهم وعقولهم وقلوبهم، لأن هذا الإيمان ليس فقط إيماناً معرفياً أو إيماناً فلسفياً أو إيماناً ثقافياً أو فكرياً، كلا، يوجد نوع من العلاقة العاطفية والروحية والنفسية المميزة، طبعاً كان مطلوباً ويظل مطلوباً مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم يُعظمونه في الدنيا ويَرون عظمته ومكانته المميزة في الآخرة.
هنا سنبني على نقطة لندخل الى موضوعاتنا، ولذلك لا يمكن للمسلمين ان يتحملوا اي اساءة او اهانة تتوجه الى هذا الرسول العظيم، ويعتبرون ان الدفاع عن كرامة نبيّهم في اعلى الاولويات التي تتقدم عندهم على كل المصالح والحسابات الاخرى، سياسية واقتصادية وحياتية واي شيء، هذا الامر يعتبرونه في رأس الاولويات، لا يتحملونه ولا يتسامحون فيه ولا يسعهم السكوت عنه وبالتالي يتعاطون او يتصرفون مع اي سلوك او ممارسة فيها اهانة او هتك او اساءة لرسول الله الاعظم صلى الله عليه واله وسلم بطريقة مختلفة.
من هنا ادخل الى الملف الاول في حديث الليلة وهي المشكلة القائمة الان وهي ليست مشكلة تخص بلد او مسلمين في بلد وانما هي تخص اليوم كل المسلمين في العالم، المشكلة القائمة الان بين السلطات الفرنسية من اعلى الهرم مع الاسلام والمسلمين واود ان اتحدث بشكل هادئ وموضوعي وعلمي لنفكك هذه المسألة ونبحث لها عن حلول، اي على قاعدة ان نصل الى حل وليس على قاعدة تكريس عداوات او البحث عن عداوات جديدة.
اولا نبدأ من الحادثة الاخيرة حتى لا يختلط الباطل بالحق والحق بالباطل و يضيع الحق، نبدأ من حادثة مدينة نيس الفرنسية، والتي قام فيها رجل مسلم بقتل 3 اشخاص وجرح اخرين، هذه الحادثة – سنبدأ من الاخر ونعود للبداية – ندينها بشدة وادانها المسلمون من مواقعهم المختلفة العلمائية والدينية والسياسية والعالم الاسلامي وجالياتهم في فرنسا واوروبا وفي كل مكان، وهذه الحادثة ايضا يرفضها الاسلام ولا يجوز ان يحسبها احد على الاسلام، يرفضها الاسلام والدين الاسلامي الذي يحرّم قتل الابرياء او الاعتداء عليهم او ايذائهم حتى لمجرد الاختلاف في الانتماء العقائدي، وكل حادثة مشابهة سبقت او تأتي، دائماً بالنسبة الينا كمسلمين وبالدرجة الاولى من موقع الاسلام هي مرفوضة ومدانة، في اي مكان وقعت هذه الحادثة واياً كان المستهدف في فرنسا او اي مكان في العالم، هذه النقطة فلنثبّتها كأساس حتى يكون هناك وضوح لاحقاً، ثانياً في سياق هذه القضية وفي هذا المف، لا يجوز للسلطات الفرنسية او غيرها ان تحمل مسؤولية جريمة ارتكبها شخص محدد ان يحمّلوها لدين هذا الشخص، او لأتباع الدين الذي ينتمي اليه هذا الشخص، بتعبير اوضح اذا كان مرتكب الجريمة مسلماً فلا يجوز لأحد ان يحمّل الاسلام مسؤولية هذه الجريمة ولا يجوز لأحد أن يحمل المسلمين لا في فرنسا ولا في كل العالم مسؤولية هذه الجريمة، وهذا في الأصل تصوّر غير صحيح وغير واقعي وغير قانوني وغير اخلاقي، عندما يرتكب انسان ما جريمة يجب ان يُحمَّل هو مسؤولية هذه الجريمة اياً تكن دوافعه حتى ولو كانت دوافعه باعتقاده هو دينية، وهذا حصل في فرنسا وفي اوروبا ويحصل في اماكن اخرى في العالم، - الان سنضطر ان نتكلم مسلم ومسيحي لن نقترب من اليهود – انه لو قام رجل مسيحي بارتكاب جريمة من هذا النوع وهذا حصل في فرنسا واغلب الجرائم التي تُرتكب في فرنسا لا يقوم بها مسلمون وكذلك في اروروبا، عادةً لا يُسلّط الاعلام الضوء عليها لكن من يتابع يعلم بالاحصاءات والارقام، هل يصحّ ان يخرج احد ويقول الذي يحمل مسؤولية هذه الجريمة هو السيد المسيح عليه السلام والعياذ بالله؟ او الدين المسيحي؟ او يحمل المسؤولية المسيحيون في العالم؟ او المسيحيون في البلد الذي ارتُكبت فيه الجريمة؟ لا احد يقبل هذا التصرف، لكن للاسف الشديد السلطات الفرنسية تتصرف هكذا. عندما يتحدث الرئيس ماكرون وبقية المسؤوليين الفرنسيين عن "الارهاب الاسلامي"، الان احدهم ترجم "الارهاب الاسلاموي" - قلّة فرق – او "الفاشية الاسلامية"، ليس هناك ما يسمى الارهاب الاسلامي او الفاشية الاسلامية، اذا ما كان هناك أحد يقوم بالارهاب هو إرهابي، واذا كان يرتكب جريمة فهو مجرم، اما ان نأتي ونقول ارهاب اسلامي و فاشية اسلامية، حسناً اليوم الولايات المتحدة الامريكية ترتكب مجازر في كل انحاء العالم منذ الـ 2000 وما بعدها، من بعد 11 ايلول الحروب التي قاموا فيها بأفغانستان والعراق وفي المنطقة، دعونا من الحرب العالمية الاولى والثانية وهيروشيما وما شاكل، فقط نتكلم عن الاجيال الحاضرة والتي عايشت، ملايين من الناس قُتلوا والامريكان يعترفون بقتل مئات الالاف في هذه الحروب، ان كان بعنوان الخطأ كالاعراس التي كانت تُقصف في افغانستان واحياناً بالعمد، حسناً هل يخرج احد ويقول لأن الولايات المتحدة الامريكية رئيسها مسيحي وحكومتها ينتمون الى المسيحيين وجيشها بالأعم الاغلب مسيحي فنقول هذا الارهاب الامريكي ارهاب مسيحي؟؟ او الذي يتحمل مسؤولية هذا الارهاب والعياذ بالله السيد المسيح او الدين المسيحي الذي تتناقض قيمه وتعاليمه مع هذه الاعمال الارهابية؟ او ما قامت به الجيوش الاوروبية ومنها الجيش الفرنسي التي جاءت الى الجزائر وما فعلته في الجزائر وما فعله الاخرون في ليبيا وفي اماكن اخرى وفي منطقتنا، لم يخرج احد من المسلمين ليقول "الإرهاب المسيحي"، وان الدين المسيحي هو الذي يتحمل هذه المسؤولية، على الاطلاق، واذا احد قال هكذا هو مخطئ، هذه الظاهرة غير موجودة بالحد الادنى. اذاً لا يجوز على الاطلاق عندما يرتكب مسلم او مسيحي او يهودي او اي انسان ينتمي الى اي فكر او دين ان نحمّل الدين او نبي هذا الدين او الامّة التي تؤمن بهذا الدين مسؤولية الجريمة ونعمّم التسمية، هذا خطأ وهذا يجب ان يتوقّف، الفرنسيون والمسؤولون الفرنسيون يفعلون ذلك كل يوم، الان هناك من يتدارك ويقول لا، نحن نحترم الاسلام كديانة، اذا كنت تحترم الاسلام كديانة عليك ان تغير مصطلح الارهاب الاسلامي والفاشية الاسلامية وليس عليك ان تتبع ترامب الذي يستخدم هذا النوع من المصطلحات.
ثالثاً، سمعنا في الايام القليلة الماضية انكم تعترضون بأن احد في فرنسا اساء لنبيّكم، الأهم هو بعض المسلمين الذين يسيئون لنبيكم ولإسلامكم، اودّ ان اقول هنا انّ بعض المسلمين بالتأكيد يسيئون للإسلام وانّ بعض المسلمين يسيئون لنبيّ الاسلام صلى الله عليه واله وسلم وان بعضهم يرتكبون اساءات خطيرة جدا جدا جدا، وان ما شهدناه في السنوات القليلة الماضية من اعمال ارهابية وجرائم وهدم للمساجد وللكنائس وللاثار التاريخية والقتل للناس وقطع للرؤوس وشق الصدور والذبح لانواع مختلفة من الناس بحسب انتماءاتها كالنعاج وقامت وسائل الاعلام الاجنبية ايضا بترويجها وتصويرها في العالم، هذه اساءات كبيرة لديننا ونبينا ونحن كنا نهاجم هذا ونعترض على هذا بشدة ولكن لنفترض وهذا صحيح وليس فرضية، اذا كان بعض المسلمين يسيء لنبينا هذا لا يبرر لكم ان تسيئوا لنبيّنا، اذا كان بعضكم يسيء لمقدساتكم هل يسمح لنا ان نسيء لمقدساتكم؟ هذا ليس منطق على الاطلاق، الانبياء، الرسل، الديانات، الرموز الدينية، مقدسات الامم يجب ان تُحترم، حتى ولو خرج من داخل الاتباع او الامة او الجماعة من لا يقوم بهذا الاحترام ويتجاوز هذا الاحترام.
رابعاً، هنا اكمل خطابي للمسؤولين الفرنسيين وايضاً تكوين الرأي العام، بدل ان تحمّلوا الاسلام والامة الاسلامية مسؤولية هذه الاعمال الارهابية التي تحصل في فرنسا واوروبا واماكن اخرى، تعالوا لنبحث سوياً عن مسؤوليتكم انتم عن هذه الأعمال وعن هذه الجماعات، نعود قليلاً الى 10 سنوات من 2011 وما بعد – لن نقول قبل 50 سنة – هناك فكر تكفيري ارهابي يتبنى القتل لمجرد الاختلاف العقائدي بل الاختلاف الفكري بل الاختلاف المذهبي بل الاختلاف السياسي بل الاختلاف في اي تفصيل من التفاصيل ويرتكب جرائم وحشية، هذا الفكر انتم قمتم بحمايته، الامريكيون، الادارة الامريكية، الحكومات الفرنسية، الحكومات الاوروبية، قمتم بحمايته، قدمتم له كل التسهيلات في العالم، اصحاب الفكر الاخر اذا اراد تحصيل فيزا صعب، اذا اراد ممارسة نشاط في بلادكم صعب، ولكن اصحاب هذا الفكر كانت كل الابواب مفتوحة لهم وتقدم لهم الحماية، هذه الجماعات التي تشكلت والتي تحمل هذا الفكر انتم سهّلتم مجيئها الى سوريا والى العراق، انتم ساعدتم على دعمها وتسليحها وتمويلها، حتى اصبح لهؤلاء تجربة وخبرة وروح قتالية الى اخره، والا اريد ان اسألكم الان انتم تُفاجئون ان هناك عملية ذبح او عملية قطع رأس؟ هذا اين بدأ، هذا بدأ في مناطقنا في بلادنا، من فعل ذلك؟ الذين دعمتموهم انتم، دعم سياسي واعلامي ومالي وتبليغي وحماية دولية ومؤتمرات دولية وفتحتم لهم الحدود واعطيتموهم جوازات سفر وسهلتم مجيئهم الى المنطقة، ابحثوا اولا عن مسؤوليتكم، كم تتحملوا انتم مسؤولية في هذا الموضوع، انا ادعوكم ان تعودوا الى ارشيف 2011- 2012 سواءً كنت انا اتكلم هذا الكلام او كثيرون غيري قالوا لكم هذا الكلام خصوصا للاوروبيين، لا تكونوا جزءاً من هذه الحرب الكونية على سوريا والعراق وعلى المنطقة، الان لبنان لم يستطيعوا ان يتوغّلوا فيه، لا تتبنّوا هؤلاء، لا تدافعوا عن هؤلاء، لا تسهلوا مجيء هؤلاء وتقويتهم، لأن هذه المعركة ستخسرونها وهؤلاء سيرتدون عليكم، هذا الفكر سيرتد عليكم، هذه الجماعات وهؤلاء الاشخاص سيعودون الى بلادكم، وسيملأون بلادكم ارهابا وخرابا، وما نفذوه في سوريا والعراق ولبنان وفي بلدان اخرى سيعودون وينفّذوه عندكم، ويومها بالتحديد قلنا لكم، امريكا بعيدة كثيرا والاقرب لمنطقتنا هي اوروبا والتهديد الاخطر هو للاوروبا وعليكم ان تُحاذروا، ولكن اخذتكم العزة بالإثم ولم تقبلوا، واعتبرتم انكم ستنتصرون بهذه الحرب ومعلوم بعدها اين ستصلوا، اليوم يجب ان تبحثوا ايضا عن مسؤوليتكم انتم، لا تحمّلوا المسؤولية لمن ليس له مسؤولية، ما علاقة رسول الاسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم بهذه الجرائم؟ ما علاقة دينه وإسلامه وقرآنه بهذه الجرائم؟ ما علاقة أمة الملياري مسلم بهذه الجرائم؟ الذين لهم علاقة هم أشخاص أنتم إحتضنتموهم وحميتموهم وربيتموهم وسهلتم لهم وأتيتم بهم، وهذا ما يجب أن تعيدوا النظر فيه، لأنكم ما زلتم مستمرين بهذا النوع من السياسات وإلا أعيد وأقول بنفس الأدبيات التي تكلمنا فيها سابقا عندما كنا نختار موقفنا، نحن لا نستطيع أن نكون في جبهة فيها قاطعوا رؤوس وشاقوا صدور وآكلوا أكباد وذباحون، هؤلاء كانوا حلفاءكم وكانوا جماعتكم وكانوا محميين منكم، ولذلك أنتم الفرنسيون والأوروبيون والأميركيون وأيضا حلفاؤهم بالمنطقة هم يجب أن يعيدوا النظر بسلوكهم وبأساليبهم، وبإستخدامهم لهذه الجماعات الإرهابية التكفيرية، لإستخدامهم كأدوات في المشاريع السياسية ومشاريع الحروب، ولا تتعلمون، في أفغانستان فعلتم هذا ودفعتم ثمنه في 11 أيلول، إرتكبتم وتعيدون وتتركبون الأخطاء نفسها، إستخدام هذا النوع من الجماعات كأدوات يجب أن يتوقف وإلا أنتم أيضا ستشاركون في دفع أثمان هذه الاخطاء.
ثانيا، السلطات الفرنسية أقحمت نفسها ومعها فرنسا وتريد أيضا أن تقحم كل أورويا والإتحاد الاوروبي في معركة مع الإسلام ومع المسلمين لأسباب واهية وأحيانا غير مفهومة، أنا سأتكلم من موقع الحرص، وأنا لست هنا لأسجل نقاط، المشكلة الأخيرة، ما هو أساسها؟ يعني هذه التطورات التي حصلت في الاسابيع الماضية وظهر في الإعلام بشكل واضح انه فرنسا من الرئيس الى الحكومة الى الوزراء الى البرلمان ومن ثم وسائل الاعلام إلى الشارع نعم، الحرب مفتوحة وواضحة جدا، حسنا ما السبب؟ ما الذي بدأ هذه المشكلة؟ من الذي إعتدى على الأخر؟ من الذي أساء للآخر؟ هذه المسألة بدأت عندما أقدمت تلك المجلة الفرنسية المشؤومة والخبيثة بنشر رسوم مسيئة لنبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم، وقام المسلمون ليعترضوا في أكثر من مكان من العالم، ثم تطور هذا الأمر إلى مجموعة أحداث ومنها حادثة أستاذ التاريخ الذي قُتل وقُطع رأسه، حسناً، بدل أن تبادر السلطات الفرنسية لمعالجة هذا الأمر ولإستيعابه ويكون لها تقدير موقف حقيقي وصحيح أنه يا جماعة فلتنتظروا، لا تخلطوا الحق بالباطل، ولا تدخلوا الامور ببعضها، هناك سبب رئيسي أدى إلى هذه التداعيات، بدل أن تعالجوا التداعيات، وأعود لها في آخر الكلام، فلتعالجوا أساس الموضوع، الذي حصل للأسف أن السلطات الفرنسية بدل أن تعالج الموضوع دخلت او أعلنت حربا من هذا النوع وأخذها العناد أنه هذه حرية التعبير ونحن نريد أن نستمر بحرية التعبير وبالرسوم الساخرة، هذا من رأس الهرم، يعني ما هي الرسالة التي تقدمونها لملياري مسلم في العالم؟