تركي
10-29-2020, 07:53 PM
https://yemnews.net/images/2020/10/29/YNP0081_medium.jpg
أكتوبر 29, 2020
ربما يكون من غير المألوف القول بان جهود المنصفين في تصحيح المفاهيم الغربية الخاطئة حول نبي الإسلام لم تكن حصيلة او ثمرة التنوير الغربية ذات النزوع إلى التسامح وإزالة أحكام الماضي ورواسبه الكريهة فحسب
منقذ البشرية
بل كانت حصيلة الميل الشخصي إلى النبي صلى الله عليه وسلم نتيجة للدراسات التي أجراها أولئك المنصفون فحصلوا بها على معارف صائبة وتجلت لهم حقائق راسخة حول نبي الإسلام ورسالته فقادهم ذلك إلى الصدع بما استبان لهم من دلائل وبراهين حول عظمة رسول الإسلام وحول خطأ ما أثاره إخوانهم من ادعاء ومفاهيم مغلوطة حول نبوته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم . حيث يقول فولتير(1694- 1776م ) الكاتب والفيلسوف الفرنسي ( لقد كان بالتأكيد رجلا عظيما جدا … مشرع وفاتح وحكيم وإمام لقد قام بأعظم دور يمكن أن يقوم به إنسان على ظهر الأرض ) . فيما يؤكد جورج برناردشو (1856- 1950 م ) كاتب ايرلندي ( لقد درست الرجل الفذ – يقصد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم – وفي رأيي انه يجب ان يُدعى منقذ البشرية فهو بعيد كل البعد من أن يدعى ضد المسيح )
النبي العظيم
وللإنصاف عند الإشارة بالأسبقية المطلقة في ذلك للشاعر الألماني جوته ( 1749- 1832م ) وليس للكاتب البريطاني توماس كارليل لأن كارليل وإن كان الأشهر بمحاضرته عن النبي الأكرم التي القاها عام 1840م في لندن . رغم انه اول من صنف النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مرتبه النبي العظيم فقد كان يخوض معركة في مواجهه التراث والتقاليد الغربية التي كانت مستقرة على تصنيفه نبيا كاذبا فلذلك استحوذت قضية أثبات صدقه وإخلاصه في دعوته على عنايه كارليل لينتهى منها إي إنه صلى الله عليه وسلم نبي صادق عظيم القدر مثل غيره من الأنبياء التي عرفتهم البشرية . فيقول كارليل ( لقد اخرج الله به العرب من الظلمات إلى النور واحيا به من العرب أمة هامدة خاملة فقيرة تجوب الفلاة منذ بدأ العالم لا يسمع لها صوت ولا تحس منها حركة … ولطالما قلت إن الرجل العظيم كالشهاب من السماء وسائر الناس في انتظاره كالحطب , فما هو إلا أن يسقط حتى يتأججوا أو يلتهبوا … وما الرسالة التي أداها إلا حق صراح وما كلمته إلا صوت صادق صادر من العالم المجهول . كلا ما محمد بالكاذب ولا الملفق ) .
الدراسات العلمية
لكن الشاعر جوته كان الأسبق مرحليا والأثقل في جهده التصحيحي لمفاهيم الغرب الخاطئة حول نبي الإسلام – والتي نجد تلك المفاهيم الخاطئة تظهر جليا من خلال الحملة الشرسة التي تقوم بها صحف فرنسية بدعم من رأس السلطة الفرنسية – لان جوته جمع بين الدراسة العلمية للإسلام ونبيه وكتابه وبين الدفاع النظري وبين التوجيه العملي . فموقف جوته من نبي الإسلام بُني بناء محكما على أساس راسخ من الدراسة العلمية الجادة والمتأنية للإسلام , دراسة امتدت نصف قرن من الزمان يقول جوته : ( إذا أردتم ان تفهموا هذا كله في سياقه العام فعليكم ان تدرسوا تاريخ الأديان كما درسته انا على مدى خمسين عاما … إن العقائد التي يربي عليها المسلمون لتدعو لأعظم دهشة . فالعقيدة الدينية التي تقوى بها عزائم شبابهم تقوم في أساسها على الإيمان بانه لن يصيب الإنسان إلا ما كتبه له الله الذي يدبر كل شيء وبهذا الإيمان يتسلحون طوال حياتهم ويعيشون مطمئنين لا يكادون يحتاجون لشيء آخر .ان علاقه جوته بالإسلام وبنبيه محد الأكرم ظاهرة من أكثر الظواهر مدعاة للدهشة في حياة الشاعر . فكل الشواهد تدل على انه كان في أعماق وجدانه شديد الاهتمام بالإسلام , وان معرفته بأي كتاب من كتب الديانات الأخرى .
الليلة المقدسة
ولم يقتصر اهتمامه بالإسلام وتعاطفه معه على مرحلة معينة من حياته بل كان ظاهرة تميزت بها كل مراحل عمره الطويل . فقد نظم وهو في سن الثالثة والعشرين قصيدة رائعة أشاد فيها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم , وحينما بلغ السبعين من عمره أعلن على الملأ ( انه يعتزم أن يحتفل في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي أنزل فيها القرآن على النبي محمد ). وطيلة حياته أعرب الشاعر خلالها بشتى الطرق عن احترامه وإجلاله للإسلام . ويظهر ذلك في كتابه ( الديوان الشرقي للمؤلف الغربي ) . وما يدهش له القارئ العبارة التي كتبها في إعلانه عن صدور هذا الديوان وقال فيها ( لا يكره ان يقال عنه إنه مسلم ) .
نحيا بالإسلام
ويستمر جوته في توجيهاته العملية نحو الإسلام ونبيه إلى ان يبلغ الذروة ان غاية ما يفعله بفكره وعمله هو محاولة اللجوء للإسلام ( لا يسعني ان أقول أكثر من أني أحاول هنا أيضا ان ألوذ بالإسلام ) . وان أفضل نصيحة تقدم لأي إنسان ان يختار الإسلام الذي يحيا فيه البشر مهما اختلفت الصور التي تقوي عزائمهم . حيث يقول جوته ( ليس بوسع امرئ أن يقدم النصح لامرىء آخر في هذا الشأن فليتخذ كل إنسان القرار الذي يناسبه .إننا جميعا نحيا في الإسلام مهما اختلفت الصور التي تقوي بها عزائمنا ) . ثم يرتقى جوته بخطابه التوجيهي ليصوبه إلى البشرية عامة منبها إياها إلى أن الإسلام هو قدرها الحتمي الذي سيؤول إليه اختيارها غن حاضرا وإن مستقبلا . ( يحفز على التفكير في كل الآراء الدينية الحكيمة وهذا الإسلام هو الذي سنفر إليه جميعا إن عاجلا أو آجلا ). ولم يكن موقف جوته في جانبيه النظري أو العملى من نبي الإسلام مسألة إعجاب أو قناعة فكرية أو تأثيرات ثقافية بل إنه كان موقفا امتاز به عمن سواه في منطلقاته والأسس التي شيد عليها .
أنشودة محمد
وهنا تتجلى شهادات غربية من علماء ومفكرو وشعراء وادباء اوروبية في انصافهم ومدحهم لرسول الأكرم فمما جاء به كتاب (الرسول الأعظم في مرآه الغرب ) لدكتور عبد الرضي المحسن كشهادة من هؤلاء الغربيون على مكانه وعظمة ورفعه واخلاق الرسول العظيم . قصيدة المديح الشهيرة المسماة ( نشيد محمد صلى الله عليه وسلم ) لشاعر الألماني (جوته ) رابع أعظم شعراء أوروبا بعد هوميروس ودانتي وشكسبير عبرت تلك القصيدة عن مدى الولاء الذي كان الشاعر يكنه لشخصية النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم وكان قد نظمها في ربيع عام 1773م بعد ان قام بدراسة كل ما في متناول يده من مؤلفات عن الرسول الكريم .
وتصور القصيدة النبي بصفته هاديا للبشرية في صورة نهر يبدأ بالتدفق رفيقا هادئا ثم لا يلبث ان يجيش بشكل مطرد ويتحول في عنفوانه إلى سيل عارم . والقصيدة تصور اتساع هذا النهر وتعاظم قوته الروحية في زحفها الظافر الرائع لتصب اخيرا في المحيط (رمز الالوهية ) . وتقوم هذه الصورة التي رسمها الشاعر على فكرة مفادها ان العبقري الرباني ( يقصد الرسول الأكرم ) يرى الأخرين إخوة له يأخذ بأيدهم ويشدهم معه منطلقا بهم كالسيل العارم الذي يجرف كل ما يصادفه في طريقه من جداول وانهار ليصل بهم إلى البحر المحيط . فالقصيدة تجعل المصطفي قدوة ملهمة ونموذجا هاديا لحياة اخلاقية وروحية وفكرية اسمى . فمضمون القصيدة في هيئة حوار يدور بين السيدة فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وبين زوجها أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ( كرم الله وجه) . نقتطف منها :
علي : انظروا إلى السيل العارم القوي , قد انحدر من الجبل الشامخ العلي , أبلج متألقا كانه الكوكب الدري .
فاطمة : لقد أرضعته من وراء السحاب ملائكة الخير في مهده بين الصخور والأدغال .
علي : وإنه لينهمر من السحاب مندفعا في عنفوان الشباب , ولا يزال في انحداره على جلاميد الصخر يتنزى فائرا, متوثبا نحو السماء مهللا تهليل الفرح .
فاطمة : جارفا في طريقه الحصى المجزع والغثاء الأحوى .
علي : وكالقائد المقدام الجريء الجنان , الثابت الخطى , يجر في أثره جداول الربى والنجاد .
فاطمة : ويبلغ الوادي فتتفتح الأزهار تحت أقدامه وتحيا المروج من انفاسه .
علي : وعلى متن عبابه الجبار تجري منشآت السفن كالأعلام شارعة أشرعتها أشرعتها الخافقة إلى السماء شاهدة على قوته وعظمته وهكذا يمضي السيل العظيم إلى الأمام بأبنائه .
فاطمة : ويمضي إلى الأمام ببناته .
YNP – علي الشراعي
http://www.motabaat.com/2020/10/29/%d9%87%d9%83%d8%b0%d8%a7-%d8%aa%d8%ba%d9%86%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a7%d8%b9%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d8%ac%d9%88%d8%aa%d9%87-%d8%a8%d9%85%d9%88%d9%84%d8%af/
أكتوبر 29, 2020
ربما يكون من غير المألوف القول بان جهود المنصفين في تصحيح المفاهيم الغربية الخاطئة حول نبي الإسلام لم تكن حصيلة او ثمرة التنوير الغربية ذات النزوع إلى التسامح وإزالة أحكام الماضي ورواسبه الكريهة فحسب
منقذ البشرية
بل كانت حصيلة الميل الشخصي إلى النبي صلى الله عليه وسلم نتيجة للدراسات التي أجراها أولئك المنصفون فحصلوا بها على معارف صائبة وتجلت لهم حقائق راسخة حول نبي الإسلام ورسالته فقادهم ذلك إلى الصدع بما استبان لهم من دلائل وبراهين حول عظمة رسول الإسلام وحول خطأ ما أثاره إخوانهم من ادعاء ومفاهيم مغلوطة حول نبوته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم . حيث يقول فولتير(1694- 1776م ) الكاتب والفيلسوف الفرنسي ( لقد كان بالتأكيد رجلا عظيما جدا … مشرع وفاتح وحكيم وإمام لقد قام بأعظم دور يمكن أن يقوم به إنسان على ظهر الأرض ) . فيما يؤكد جورج برناردشو (1856- 1950 م ) كاتب ايرلندي ( لقد درست الرجل الفذ – يقصد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم – وفي رأيي انه يجب ان يُدعى منقذ البشرية فهو بعيد كل البعد من أن يدعى ضد المسيح )
النبي العظيم
وللإنصاف عند الإشارة بالأسبقية المطلقة في ذلك للشاعر الألماني جوته ( 1749- 1832م ) وليس للكاتب البريطاني توماس كارليل لأن كارليل وإن كان الأشهر بمحاضرته عن النبي الأكرم التي القاها عام 1840م في لندن . رغم انه اول من صنف النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مرتبه النبي العظيم فقد كان يخوض معركة في مواجهه التراث والتقاليد الغربية التي كانت مستقرة على تصنيفه نبيا كاذبا فلذلك استحوذت قضية أثبات صدقه وإخلاصه في دعوته على عنايه كارليل لينتهى منها إي إنه صلى الله عليه وسلم نبي صادق عظيم القدر مثل غيره من الأنبياء التي عرفتهم البشرية . فيقول كارليل ( لقد اخرج الله به العرب من الظلمات إلى النور واحيا به من العرب أمة هامدة خاملة فقيرة تجوب الفلاة منذ بدأ العالم لا يسمع لها صوت ولا تحس منها حركة … ولطالما قلت إن الرجل العظيم كالشهاب من السماء وسائر الناس في انتظاره كالحطب , فما هو إلا أن يسقط حتى يتأججوا أو يلتهبوا … وما الرسالة التي أداها إلا حق صراح وما كلمته إلا صوت صادق صادر من العالم المجهول . كلا ما محمد بالكاذب ولا الملفق ) .
الدراسات العلمية
لكن الشاعر جوته كان الأسبق مرحليا والأثقل في جهده التصحيحي لمفاهيم الغرب الخاطئة حول نبي الإسلام – والتي نجد تلك المفاهيم الخاطئة تظهر جليا من خلال الحملة الشرسة التي تقوم بها صحف فرنسية بدعم من رأس السلطة الفرنسية – لان جوته جمع بين الدراسة العلمية للإسلام ونبيه وكتابه وبين الدفاع النظري وبين التوجيه العملي . فموقف جوته من نبي الإسلام بُني بناء محكما على أساس راسخ من الدراسة العلمية الجادة والمتأنية للإسلام , دراسة امتدت نصف قرن من الزمان يقول جوته : ( إذا أردتم ان تفهموا هذا كله في سياقه العام فعليكم ان تدرسوا تاريخ الأديان كما درسته انا على مدى خمسين عاما … إن العقائد التي يربي عليها المسلمون لتدعو لأعظم دهشة . فالعقيدة الدينية التي تقوى بها عزائم شبابهم تقوم في أساسها على الإيمان بانه لن يصيب الإنسان إلا ما كتبه له الله الذي يدبر كل شيء وبهذا الإيمان يتسلحون طوال حياتهم ويعيشون مطمئنين لا يكادون يحتاجون لشيء آخر .ان علاقه جوته بالإسلام وبنبيه محد الأكرم ظاهرة من أكثر الظواهر مدعاة للدهشة في حياة الشاعر . فكل الشواهد تدل على انه كان في أعماق وجدانه شديد الاهتمام بالإسلام , وان معرفته بأي كتاب من كتب الديانات الأخرى .
الليلة المقدسة
ولم يقتصر اهتمامه بالإسلام وتعاطفه معه على مرحلة معينة من حياته بل كان ظاهرة تميزت بها كل مراحل عمره الطويل . فقد نظم وهو في سن الثالثة والعشرين قصيدة رائعة أشاد فيها بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم , وحينما بلغ السبعين من عمره أعلن على الملأ ( انه يعتزم أن يحتفل في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي أنزل فيها القرآن على النبي محمد ). وطيلة حياته أعرب الشاعر خلالها بشتى الطرق عن احترامه وإجلاله للإسلام . ويظهر ذلك في كتابه ( الديوان الشرقي للمؤلف الغربي ) . وما يدهش له القارئ العبارة التي كتبها في إعلانه عن صدور هذا الديوان وقال فيها ( لا يكره ان يقال عنه إنه مسلم ) .
نحيا بالإسلام
ويستمر جوته في توجيهاته العملية نحو الإسلام ونبيه إلى ان يبلغ الذروة ان غاية ما يفعله بفكره وعمله هو محاولة اللجوء للإسلام ( لا يسعني ان أقول أكثر من أني أحاول هنا أيضا ان ألوذ بالإسلام ) . وان أفضل نصيحة تقدم لأي إنسان ان يختار الإسلام الذي يحيا فيه البشر مهما اختلفت الصور التي تقوي عزائمهم . حيث يقول جوته ( ليس بوسع امرئ أن يقدم النصح لامرىء آخر في هذا الشأن فليتخذ كل إنسان القرار الذي يناسبه .إننا جميعا نحيا في الإسلام مهما اختلفت الصور التي تقوي بها عزائمنا ) . ثم يرتقى جوته بخطابه التوجيهي ليصوبه إلى البشرية عامة منبها إياها إلى أن الإسلام هو قدرها الحتمي الذي سيؤول إليه اختيارها غن حاضرا وإن مستقبلا . ( يحفز على التفكير في كل الآراء الدينية الحكيمة وهذا الإسلام هو الذي سنفر إليه جميعا إن عاجلا أو آجلا ). ولم يكن موقف جوته في جانبيه النظري أو العملى من نبي الإسلام مسألة إعجاب أو قناعة فكرية أو تأثيرات ثقافية بل إنه كان موقفا امتاز به عمن سواه في منطلقاته والأسس التي شيد عليها .
أنشودة محمد
وهنا تتجلى شهادات غربية من علماء ومفكرو وشعراء وادباء اوروبية في انصافهم ومدحهم لرسول الأكرم فمما جاء به كتاب (الرسول الأعظم في مرآه الغرب ) لدكتور عبد الرضي المحسن كشهادة من هؤلاء الغربيون على مكانه وعظمة ورفعه واخلاق الرسول العظيم . قصيدة المديح الشهيرة المسماة ( نشيد محمد صلى الله عليه وسلم ) لشاعر الألماني (جوته ) رابع أعظم شعراء أوروبا بعد هوميروس ودانتي وشكسبير عبرت تلك القصيدة عن مدى الولاء الذي كان الشاعر يكنه لشخصية النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم وكان قد نظمها في ربيع عام 1773م بعد ان قام بدراسة كل ما في متناول يده من مؤلفات عن الرسول الكريم .
وتصور القصيدة النبي بصفته هاديا للبشرية في صورة نهر يبدأ بالتدفق رفيقا هادئا ثم لا يلبث ان يجيش بشكل مطرد ويتحول في عنفوانه إلى سيل عارم . والقصيدة تصور اتساع هذا النهر وتعاظم قوته الروحية في زحفها الظافر الرائع لتصب اخيرا في المحيط (رمز الالوهية ) . وتقوم هذه الصورة التي رسمها الشاعر على فكرة مفادها ان العبقري الرباني ( يقصد الرسول الأكرم ) يرى الأخرين إخوة له يأخذ بأيدهم ويشدهم معه منطلقا بهم كالسيل العارم الذي يجرف كل ما يصادفه في طريقه من جداول وانهار ليصل بهم إلى البحر المحيط . فالقصيدة تجعل المصطفي قدوة ملهمة ونموذجا هاديا لحياة اخلاقية وروحية وفكرية اسمى . فمضمون القصيدة في هيئة حوار يدور بين السيدة فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وبين زوجها أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ( كرم الله وجه) . نقتطف منها :
علي : انظروا إلى السيل العارم القوي , قد انحدر من الجبل الشامخ العلي , أبلج متألقا كانه الكوكب الدري .
فاطمة : لقد أرضعته من وراء السحاب ملائكة الخير في مهده بين الصخور والأدغال .
علي : وإنه لينهمر من السحاب مندفعا في عنفوان الشباب , ولا يزال في انحداره على جلاميد الصخر يتنزى فائرا, متوثبا نحو السماء مهللا تهليل الفرح .
فاطمة : جارفا في طريقه الحصى المجزع والغثاء الأحوى .
علي : وكالقائد المقدام الجريء الجنان , الثابت الخطى , يجر في أثره جداول الربى والنجاد .
فاطمة : ويبلغ الوادي فتتفتح الأزهار تحت أقدامه وتحيا المروج من انفاسه .
علي : وعلى متن عبابه الجبار تجري منشآت السفن كالأعلام شارعة أشرعتها أشرعتها الخافقة إلى السماء شاهدة على قوته وعظمته وهكذا يمضي السيل العظيم إلى الأمام بأبنائه .
فاطمة : ويمضي إلى الأمام ببناته .
YNP – علي الشراعي
http://www.motabaat.com/2020/10/29/%d9%87%d9%83%d8%b0%d8%a7-%d8%aa%d8%ba%d9%86%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a7%d8%b9%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%84%d9%85%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d8%ac%d9%88%d8%aa%d9%87-%d8%a8%d9%85%d9%88%d9%84%d8%af/