الخط السريع
09-24-2020, 11:41 AM
https://www.raialyoum.com/wp-content/uploads/2020/09/bouchra-knooz.jpg
بشرى كنوز
أصبحت ظاهرة التنمّر اليوم قضية عامة تشكل محط أنظار جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية ،بحيث كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ فهي ظاهرة منتشرة و متفشية على نطاق واسع في شتى مجالات الحياة، في المدارس والبيوت والعمل والمجال الإلكتروني وحتى بين الدول، مع إختلاف آثارها وصورها المتباينة إلا أنها واحدة في جوهرها، وفي التطبيق الصحيح لمعناها بأنها أقبح معاني قانون الغاب بحيث يبتلع الكبير الصغير ويفتك الوحش الضاري بالضعيف الصاغر مما أوجد ظاهرة التنمر والفهم الخاطئ للقوة.
عرّفها الطبيب النفسي والباحث النرويجي في مجال التنمر المدرسي دان ألويس على أنها تعرض شخص بشكل متكرر وعلى مدار الوقت إلى الأفعال السلبية من جانب واحد أو أكثر من الأشخاص الآخرين.”
ويرى ألويس أن التنمر لا يكون إلا في حالة عدم التوازن في القوة، وأن التنمر حتى يأخذ معناه يجب أن يكون متعمدا ومتكررا، مع وجود فرق بالقوة بين الطرفين سواء جسديا أو نفسيا أو اجتماعيا وهذا ما يميزه عن المزاح.
إن مصطلح التنمّر يعني استخدام التهديد لإلحاق الأذى والضرر على فرد أو أكثر نفسيًا أورمزيًا أوبدنيًا أولفظيًا أو عاطفيًأ ، والتخويف والقوة والسخرية من أجل فرض السيطرة والهيمنة على الآخر والتقليل من شأنه بطرق شرسة وعدوانية، فهو أشرس أشكال السلوك العدواني ومايكسبه صفة (التنمر) هو تحول هذا السلوك الإنساني إلى سلوك مشابه للسلوك الحيواني المتعامل به في الغابة , حيث لا بقاء لضعيف ولا إحتكام إلا للغة القوة الوحشية دونما مراعاة لخلق قويم أو لسلوك فاضل أو ضمير متيقظ .
الكثير يمر في مرحلة من مراحل حياته بتجربة قاسية حيث كشفت إحصائيات حديثة لليونسكو أن ربع مليار طفل في المدارس يتعرضون للتنمر من إجمالي مليار طفل يدرسون حول العالم وأجريت الدراسة على 19 دولة، وأسفرت نتائجها عن نسب مذهلة منها أن 34% من الطلاب تعرضوا للمعاملة القاسية و أن 8% منهم يتعرضون للبلطجة يوميا.
ومن الملاحظ أن ظاهرة التنمر تكون ذات أثر عميق وخطير إذا كان منبعها لأساسي أسلوب التربية داخل الأسرة ، كتدليل الأطفال منذ الصغر وعدم تعويدهم على مراعاة مشاعر الآخرين في البيت، حيث إنه إذا بدأ من البيت سرعان ما تنتشر عدواه إلى البيئة المدرسية، فهناك دراسة للدكتورة «دوريس ريا كوي» بعنوان «التنمر في المدارس»، أجرتها عام 2001 كشفت فيها النتائج بأنه هناك حوالي 160 ألف طالب يهربون يومياً بسبب التنمر الذي يلاقونه من زملائهم، أو مُدرِّسيهم، وقد اعتُبِرت هذه الظاهرة مُدمِّرة ؛ لما تُسبِّبه من آثار السلبية على الصحة النفسيّة للأشخاص، ولما قد تُؤدّي إليه في بعض الحالات كالإنتحار و الإكتئاب .
تتعدد أسباب التنمر إلا أن أبرزها يتمثل في أسلوب التربية الخاطئة للأبناء وانعكاساتها على الإعداد الاجتماعي للطفل وغياب التوجيه والإرشاد السلوكي والإفتقار إلى السياسات التأديبية من قبل الوالدين وعدم إحساس الأبناء بالأمن والاستقرار العاطفي داخل الأسرة بسبب النزاع المستمر بين الأب والأم ، و إنشغالهما عن القيام بدورهما الأساسي في تربية الأبناء و تحسين أو تقويم سلوكهم، وإهتمامهم فقط بالجانب المادي و جني الأموال ، بالإضافة إلى التفكك الأسري والمعاملة السلبية التي تتسم بالقسوة، والإهمال، واللامبالاة، والتسلط، والتساهل، والرفض والحرمان العاطفي، إضافةً إلى مشاهدة العنف في المنزل و الذي يعتبر من أهم أسباب التنمر ، فالطفل الذي ينشأ في جو أسري مشحون بالعنف سواء بين الزوجين أو تجاه الأبناء أو الخدم ، لابد أن يتأثر بما شاهده أو ما مورس عليه .
وهكذا فإن الطفل الذي يتعرض للعنف في الأسرة ، يميل إلى تفريغه بممارستة على الطلبة الأضعف في المدرسة . كذلك الحماية الزائدة عن الحد تعيق نضج الأطفال و تجعلهوم يشعرون انهم ليسوا عاجزين إلى هذا الحد الذي يتصوره ذويهم، و لذا يناضلون للتخلص من ذلك لتحقيق الإستقلال.
وتكمن خطورة التنمر في أن بعض الأسر تشجع أبناءها على السلوك العدواني ، بذريعة أن الإحترام لا يجلب سوي مزيد من الإهانة وإهدار الحقوق ، و إساءة المعاملة و استعراض القوة يضمن له الحصانة بين زملائه، ويعتبرون ذلك دلالة على تفوق ابنائهم وقدرتهم على قيادة الاخرين و فرض السيطرة عليهم، ما ينذر بتحول البيئة المدرسية لساحة حرب، سواء بين الطلاب وبعضهم أو الطلاب والمدرسين، وحتى إدارات المدارس وأولياء الأمور، مما إرتقى بالعنف في المدارس المعاصرة إلى مستويات غير مسبوقة ، وصلت حد الإعتداء اللفظي و الجسدي على المدرسين سواء من طرف الأولياء أو الطلاب ، حيث إندثرت حدود الإحترام الواجب بين الطالب ومعلمه ، مما أدى إلى فقدان المعلمين لمكانتهم في المجتمع و ضياع هيبتهم و تأثيرهم على الطلاب ، الأمر الذي يخلق جو تربوي يتميز بالحقد و الكراهية مما يشجع بعض الطلبة على التسلط و التنمر على البعض الآخر .
إلى جانب ذلك يمكن أن يؤدي التدريس بالطرق التقليدية الإلقائية التي تعتمد مركزية المدرس كمصدر وحيد للمعلومات و للمعرفة و كمالك للسلطة المطلقة داخل الفصل الدراسي ، إلى دفع هذا الأخير إلى إعتماد العنف والتحيز و الإقصاء كمنهج لحل المشكلات داخل الفصل ، مما يخلق بيئة مناسبة لنمو ظاهرة التنمر. هذا بالإضافة إلى عدم تفعيل الحياة المدرسية و غياب الأنشطة الموازية المندمجة داخل المدارس ، والإقتصار على الأنشطة الرسمية التي تمارس داخل الفصل في إطار تنزيل البرامج والمناهج الدراسية .
وعدم وجود برامج لحل النزاعات تتبناها المدرسة يدرب عليها أعضاء هيئة التدريس و الأطر الإدارية وضعف التوجيه والإرشاد الطلابي وعدم مناسبة منهاج عمل الأخصائي الإجتماعي المدرسي مع الواقع الذي يشهده النظام التعليمي وضعف فعالية دوره في مواجهة الظاهرة.
إلى جانب ذلك هناك إستغلال التكنولوجيا الرقمية بشكل سلبي مما يؤدي إلى زرع التنمر داخل أبنائنا في المدارس والجامعات والمجتمع ،من خلال استخدامهم الألعاب الإلكترونية العنيفة الفاسدة وانتشار أفلام العنف بين أطفالنا وأفلام الرسوم المتحركة العنيفة ،بالإضافة الإتصالات والرسائل التي تسعى للترهيب والإيذاء والتخويف والتلاعب والقمع وتشويه السمعة أو إذلال المتلقي أو تعديل صور الأشخاص على الإنترنت ونشرها أو قد يكون التنمر الإلكتروني من خلال إنتحال الشخصية، أو استبعاد الشخص من مجموعة إلكترونية.
أو بغرض إيذاء أشخاص آخرين بطريقة متعمدة ومتكررة وعدائية، حيث عززت مجتمعة على تحفيز مشاعر الأطفال نحو العنف ضد الآخر إلى جانب الآثار الناتجة من هذا التنمر الإلكتروني بحيث إن الطفل يكبر ويكبر بداخله التنمر فيصبح ضحية وإنساناً مشحون بالاضطرابات النفسية والجسدية و تمتد عواقبها إلى سن الرشد و الكهولة .
لحماية أطفالنا من التنمر أو من التحول إلى متنمرين، ينبغي بذل جهد كبير لزيادة وعي المدارس و أعضاء المجتمع حول هذه الظاهرة و السلوك الغير مقبول، إنطاقا من الأسرة باعتبارها اللبنة في سلامة الإفراد والمجتمع من التنمر، والتي يجب ان تكون واعية تمام الوعي بضرورة طفولة آمنة للأبناء ، وأن يتبادل الأبوان أدوار القوة داخل البيت ، مع حرصهما على تطبيق العدل بين الأبناء ونشر مشاعر الحب والعطف والحنان و التواصل و الحوار بين جميع الأبناء وتلبية الرغبات جميعها بدرجات متكافئة ، و تأمين الأمان النفسي للطفل بما يتيح له التعبير عن إنفعالاته بحرية بشكل لا يؤثر سلباً على إحترام الآخرين.
ويأتي دور المدرسة في تعزيز ثقافة المشاركة الفعالة و التعاون والحوار والتسامح والتعايش مع الإختلاف، و بث القيم الإنسانية الحميدة لدى الدارسين، وتكريس الأنشطة الفنية و الثقافية و الرياضية الجماعية التي تحبب في العمل الجماعي ، بجانب منع التمييز بين الطلاب في قاعات الدرس ،وسن قوانين صارمة لحماية الأشخاص الذين يتعرضون للتنمر لردع المتنمرين بكافة أنواعهم .
ثم تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية والنفسية و أللإعلامية والثقافية حول موضوع مناهضة التنمر، من خلال وضع خطط لبرامج عملية توعوية بمخاطر التنمّر وخطورته وتوضيح سبل الحماية والتعامل معه، وبرامج أخرى لتوعية الضحايا ووقايتهم من أن يكونوا هم المتنمرون أيضاً. ومساعدتهم على تجاوز أي أزمات نفسية يمكن أن تنتج عن التنمر،و تشجيعهم على الخروج من حالات الإنهزامية وتقوية ثقتهم بأنفسهم وقوة شخصياتهم ودفعهم لإستشعار مناطق قوتهم الداخلية التي تعطيهم قدرات مميزة وإستنفارها كسلاح في مواجهة مواقف التنمر .
https://www.raialyoum.com/index.php/%d8%a8%d8%b4%d8%b1%d9%89-%d9%83%d9%86%d9%88%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%91%d8%b1-%d8%af%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b5%d8%b1/
بشرى كنوز
أصبحت ظاهرة التنمّر اليوم قضية عامة تشكل محط أنظار جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية ،بحيث كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ فهي ظاهرة منتشرة و متفشية على نطاق واسع في شتى مجالات الحياة، في المدارس والبيوت والعمل والمجال الإلكتروني وحتى بين الدول، مع إختلاف آثارها وصورها المتباينة إلا أنها واحدة في جوهرها، وفي التطبيق الصحيح لمعناها بأنها أقبح معاني قانون الغاب بحيث يبتلع الكبير الصغير ويفتك الوحش الضاري بالضعيف الصاغر مما أوجد ظاهرة التنمر والفهم الخاطئ للقوة.
عرّفها الطبيب النفسي والباحث النرويجي في مجال التنمر المدرسي دان ألويس على أنها تعرض شخص بشكل متكرر وعلى مدار الوقت إلى الأفعال السلبية من جانب واحد أو أكثر من الأشخاص الآخرين.”
ويرى ألويس أن التنمر لا يكون إلا في حالة عدم التوازن في القوة، وأن التنمر حتى يأخذ معناه يجب أن يكون متعمدا ومتكررا، مع وجود فرق بالقوة بين الطرفين سواء جسديا أو نفسيا أو اجتماعيا وهذا ما يميزه عن المزاح.
إن مصطلح التنمّر يعني استخدام التهديد لإلحاق الأذى والضرر على فرد أو أكثر نفسيًا أورمزيًا أوبدنيًا أولفظيًا أو عاطفيًأ ، والتخويف والقوة والسخرية من أجل فرض السيطرة والهيمنة على الآخر والتقليل من شأنه بطرق شرسة وعدوانية، فهو أشرس أشكال السلوك العدواني ومايكسبه صفة (التنمر) هو تحول هذا السلوك الإنساني إلى سلوك مشابه للسلوك الحيواني المتعامل به في الغابة , حيث لا بقاء لضعيف ولا إحتكام إلا للغة القوة الوحشية دونما مراعاة لخلق قويم أو لسلوك فاضل أو ضمير متيقظ .
الكثير يمر في مرحلة من مراحل حياته بتجربة قاسية حيث كشفت إحصائيات حديثة لليونسكو أن ربع مليار طفل في المدارس يتعرضون للتنمر من إجمالي مليار طفل يدرسون حول العالم وأجريت الدراسة على 19 دولة، وأسفرت نتائجها عن نسب مذهلة منها أن 34% من الطلاب تعرضوا للمعاملة القاسية و أن 8% منهم يتعرضون للبلطجة يوميا.
ومن الملاحظ أن ظاهرة التنمر تكون ذات أثر عميق وخطير إذا كان منبعها لأساسي أسلوب التربية داخل الأسرة ، كتدليل الأطفال منذ الصغر وعدم تعويدهم على مراعاة مشاعر الآخرين في البيت، حيث إنه إذا بدأ من البيت سرعان ما تنتشر عدواه إلى البيئة المدرسية، فهناك دراسة للدكتورة «دوريس ريا كوي» بعنوان «التنمر في المدارس»، أجرتها عام 2001 كشفت فيها النتائج بأنه هناك حوالي 160 ألف طالب يهربون يومياً بسبب التنمر الذي يلاقونه من زملائهم، أو مُدرِّسيهم، وقد اعتُبِرت هذه الظاهرة مُدمِّرة ؛ لما تُسبِّبه من آثار السلبية على الصحة النفسيّة للأشخاص، ولما قد تُؤدّي إليه في بعض الحالات كالإنتحار و الإكتئاب .
تتعدد أسباب التنمر إلا أن أبرزها يتمثل في أسلوب التربية الخاطئة للأبناء وانعكاساتها على الإعداد الاجتماعي للطفل وغياب التوجيه والإرشاد السلوكي والإفتقار إلى السياسات التأديبية من قبل الوالدين وعدم إحساس الأبناء بالأمن والاستقرار العاطفي داخل الأسرة بسبب النزاع المستمر بين الأب والأم ، و إنشغالهما عن القيام بدورهما الأساسي في تربية الأبناء و تحسين أو تقويم سلوكهم، وإهتمامهم فقط بالجانب المادي و جني الأموال ، بالإضافة إلى التفكك الأسري والمعاملة السلبية التي تتسم بالقسوة، والإهمال، واللامبالاة، والتسلط، والتساهل، والرفض والحرمان العاطفي، إضافةً إلى مشاهدة العنف في المنزل و الذي يعتبر من أهم أسباب التنمر ، فالطفل الذي ينشأ في جو أسري مشحون بالعنف سواء بين الزوجين أو تجاه الأبناء أو الخدم ، لابد أن يتأثر بما شاهده أو ما مورس عليه .
وهكذا فإن الطفل الذي يتعرض للعنف في الأسرة ، يميل إلى تفريغه بممارستة على الطلبة الأضعف في المدرسة . كذلك الحماية الزائدة عن الحد تعيق نضج الأطفال و تجعلهوم يشعرون انهم ليسوا عاجزين إلى هذا الحد الذي يتصوره ذويهم، و لذا يناضلون للتخلص من ذلك لتحقيق الإستقلال.
وتكمن خطورة التنمر في أن بعض الأسر تشجع أبناءها على السلوك العدواني ، بذريعة أن الإحترام لا يجلب سوي مزيد من الإهانة وإهدار الحقوق ، و إساءة المعاملة و استعراض القوة يضمن له الحصانة بين زملائه، ويعتبرون ذلك دلالة على تفوق ابنائهم وقدرتهم على قيادة الاخرين و فرض السيطرة عليهم، ما ينذر بتحول البيئة المدرسية لساحة حرب، سواء بين الطلاب وبعضهم أو الطلاب والمدرسين، وحتى إدارات المدارس وأولياء الأمور، مما إرتقى بالعنف في المدارس المعاصرة إلى مستويات غير مسبوقة ، وصلت حد الإعتداء اللفظي و الجسدي على المدرسين سواء من طرف الأولياء أو الطلاب ، حيث إندثرت حدود الإحترام الواجب بين الطالب ومعلمه ، مما أدى إلى فقدان المعلمين لمكانتهم في المجتمع و ضياع هيبتهم و تأثيرهم على الطلاب ، الأمر الذي يخلق جو تربوي يتميز بالحقد و الكراهية مما يشجع بعض الطلبة على التسلط و التنمر على البعض الآخر .
إلى جانب ذلك يمكن أن يؤدي التدريس بالطرق التقليدية الإلقائية التي تعتمد مركزية المدرس كمصدر وحيد للمعلومات و للمعرفة و كمالك للسلطة المطلقة داخل الفصل الدراسي ، إلى دفع هذا الأخير إلى إعتماد العنف والتحيز و الإقصاء كمنهج لحل المشكلات داخل الفصل ، مما يخلق بيئة مناسبة لنمو ظاهرة التنمر. هذا بالإضافة إلى عدم تفعيل الحياة المدرسية و غياب الأنشطة الموازية المندمجة داخل المدارس ، والإقتصار على الأنشطة الرسمية التي تمارس داخل الفصل في إطار تنزيل البرامج والمناهج الدراسية .
وعدم وجود برامج لحل النزاعات تتبناها المدرسة يدرب عليها أعضاء هيئة التدريس و الأطر الإدارية وضعف التوجيه والإرشاد الطلابي وعدم مناسبة منهاج عمل الأخصائي الإجتماعي المدرسي مع الواقع الذي يشهده النظام التعليمي وضعف فعالية دوره في مواجهة الظاهرة.
إلى جانب ذلك هناك إستغلال التكنولوجيا الرقمية بشكل سلبي مما يؤدي إلى زرع التنمر داخل أبنائنا في المدارس والجامعات والمجتمع ،من خلال استخدامهم الألعاب الإلكترونية العنيفة الفاسدة وانتشار أفلام العنف بين أطفالنا وأفلام الرسوم المتحركة العنيفة ،بالإضافة الإتصالات والرسائل التي تسعى للترهيب والإيذاء والتخويف والتلاعب والقمع وتشويه السمعة أو إذلال المتلقي أو تعديل صور الأشخاص على الإنترنت ونشرها أو قد يكون التنمر الإلكتروني من خلال إنتحال الشخصية، أو استبعاد الشخص من مجموعة إلكترونية.
أو بغرض إيذاء أشخاص آخرين بطريقة متعمدة ومتكررة وعدائية، حيث عززت مجتمعة على تحفيز مشاعر الأطفال نحو العنف ضد الآخر إلى جانب الآثار الناتجة من هذا التنمر الإلكتروني بحيث إن الطفل يكبر ويكبر بداخله التنمر فيصبح ضحية وإنساناً مشحون بالاضطرابات النفسية والجسدية و تمتد عواقبها إلى سن الرشد و الكهولة .
لحماية أطفالنا من التنمر أو من التحول إلى متنمرين، ينبغي بذل جهد كبير لزيادة وعي المدارس و أعضاء المجتمع حول هذه الظاهرة و السلوك الغير مقبول، إنطاقا من الأسرة باعتبارها اللبنة في سلامة الإفراد والمجتمع من التنمر، والتي يجب ان تكون واعية تمام الوعي بضرورة طفولة آمنة للأبناء ، وأن يتبادل الأبوان أدوار القوة داخل البيت ، مع حرصهما على تطبيق العدل بين الأبناء ونشر مشاعر الحب والعطف والحنان و التواصل و الحوار بين جميع الأبناء وتلبية الرغبات جميعها بدرجات متكافئة ، و تأمين الأمان النفسي للطفل بما يتيح له التعبير عن إنفعالاته بحرية بشكل لا يؤثر سلباً على إحترام الآخرين.
ويأتي دور المدرسة في تعزيز ثقافة المشاركة الفعالة و التعاون والحوار والتسامح والتعايش مع الإختلاف، و بث القيم الإنسانية الحميدة لدى الدارسين، وتكريس الأنشطة الفنية و الثقافية و الرياضية الجماعية التي تحبب في العمل الجماعي ، بجانب منع التمييز بين الطلاب في قاعات الدرس ،وسن قوانين صارمة لحماية الأشخاص الذين يتعرضون للتنمر لردع المتنمرين بكافة أنواعهم .
ثم تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية والنفسية و أللإعلامية والثقافية حول موضوع مناهضة التنمر، من خلال وضع خطط لبرامج عملية توعوية بمخاطر التنمّر وخطورته وتوضيح سبل الحماية والتعامل معه، وبرامج أخرى لتوعية الضحايا ووقايتهم من أن يكونوا هم المتنمرون أيضاً. ومساعدتهم على تجاوز أي أزمات نفسية يمكن أن تنتج عن التنمر،و تشجيعهم على الخروج من حالات الإنهزامية وتقوية ثقتهم بأنفسهم وقوة شخصياتهم ودفعهم لإستشعار مناطق قوتهم الداخلية التي تعطيهم قدرات مميزة وإستنفارها كسلاح في مواجهة مواقف التنمر .
https://www.raialyoum.com/index.php/%d8%a8%d8%b4%d8%b1%d9%89-%d9%83%d9%86%d9%88%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%91%d8%b1-%d8%af%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b5%d8%b1/