مجاهدون
07-24-2005, 11:49 PM
وسام الدويك
كان "جيمس الثاني" –قبل أن يصبح آخر ملك يحكم بريطانيا قبل ثورة "كرومويل البيوريتانية"- يدعى "دوق يورك"، وقد أطلق المستعمرون الإنجليز اسمه على المدينة التي انتزعوها من الهولنديين الذين بنوها فوق الغابات الخضراء وبين الأنهار والتلال وقرب المحيط، وسموها "نيو أمستردام".
وكان "هنري هدسون" قد اكتشف المدينة في بداية القرن السابع عشر، ولهذا فقد أطلق اسمه على النهر الكبير بها، وكان الهولنديون قد اشتروا جزيرة "مانهاتن" بما لا يزيد عن 24 دولارًا، دفعوها للهنود الحمر على شكل عقود من الخرز الرخيص.
وكما هو الحال في كل الولايات المتحدة، فقد توافدت الهجرات الأوروبية إلى المدينة بدءًا بالهولنديين والسويديين إلى الإنجليز إلى كل الباحثين عن مهرب خارج أوروبا التي كانت –آنذاك- قد مزقتها الحروب الداخلية.
عاصمة الولايات المتحدة
وكانت "نيويورك" عاصمة للولايات المتحدة الأمريكية لفترة من الزمان تزيد عن عام كامل، كما كانت –ولا زالت- معبر البلاد الذي يستقبل كل وافد إليها وتقوم المدينة على جزيرتي "مانهاتن" و"ستاتن آيلاند" إضافة إلى "بروكلين" و"كوينز" و"برونكسن"، وبهذا تعد المدينة خمسة مدن، أشهرها جزيرة "مانهاتن" حيث إنها سوق هذه المدن، بل ومركزها التجاري والثقافي والفني والاجتماعي.
ويقوم على الجزء البحري من المدينة تمثال الحرية الأخضر اللون، الذي يحمل شعلته الشهيرة والتي تم تجديدها في 4 يوليو عام 1986، كما (كان) قائمًا على جزيرة "مانهاتن" الطولية الشكل برجا مركز التجارة العالمي الذي كان يبلغ ارتفاع كل منهما 110 أدوار.
كما يوجد بها مبنى "الإمباير ستيت" المشهور، الذي (عاد) أعلى مباني نيويورك بعد انهيار برجي مركز التجارة في 11 سبتمبر، ويوجد بها أيضًا مبنى الأمم المتحدة وشارع "وول ستريت" الشهير، وبورصة نيويورك، والحي الصيني، وحديقة "سنترال بارك" وشارع "برودواي"، ومركز "لنكولن"، ومتحف "المنيروبوليتان"، وحي "هارلم"، وغيرها الكثير من الشوارع والجامعات والأحياء والمباني التي ضاقت بها أرض "مانهاتن"، فارتفعت مبانيها إلى عنان السماء.
أما "مانهاتن" فهي تعني –بلغة السكان الأصليين للبلاد (الهنود الحمر) – "أرض التلال"، وكان هؤلاء السكان يتراجعون أمام الغزو الأوروبي، فتتم مصادرة أرضهم أو شراؤها بالفتات، إلا أن السكان الجدد كانوا يبقون –فقط- على الأسماء القديمة مثل "ماساتشوستس" و"الموهوك" وغيرها.
مركز التجارة العالمي
أما مبنى مركز التجارة العالمي المكون من برجين، والذي تم الانتهاء من بنائه عام 1973، فقد كان حاصلاً على الأرقام التالية:
* بلغ ارتفاع المبنى 1350 قدمًا، استُخدم في بنائه حوالي 425 ألف ياردة مربعة من الأسمنت المسلح و200 ألف طن من الحديد.
* فتحت فيه 43600 نافذة، وكان يعمل في مكاتبه نحو 50 ألف شخص، ويؤم المبنى يوميًا 80 ألف زائر لقضاء مصالحهم وأعمالهم.
* ومن فوق سطحه تستطيع رؤية أماكن تبعد حوالي 53 ميلاً، كما يمكن رؤية مدينة "فيلادفيا" إذا كان الجو صحوًا.
وعلى الرغم من كل هذه البنايات الشاهقة الكثيرة، فقد بقيت من ذكريات اللون الأخضر من نيويورك القديمة حديقة "سنترال بارك" الشهيرة بكونها إحدى أكبر وأضخم حدائق العالم، والممتدة في نهاية جزيرة "مانهاتن".
الشارع العريض
وفي نيويورك أيضًا أطول شارع في العالم، شارع المسارح والأضواء؛ تلك المسارح التي لا تشغل سوى جزء بسيط من شارع "برودواي" الذي يعني "الشارع العريض"، والذي يذكر اسمه أذهاننا بمسارح أمريكا الاستعراضية المبهرة خلال عقود الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين.
"قسمت" اسم عربي صار عنوان مسرحية تدور أحداثها في عصور العرب القديمة عُرضت لأول مرة على مسارح "برودواي" في عشرينيات القرن الماضي؛ حيث لم تكن صورة العربي كإرهابي أو بدوي جاهل قد انتشرت في سينما هوليود، ولكن كانت الأجواء العربية في المسرح –بل والسينما أيضًا- عبارة عن سحر وغموض وقصور فخمة، أو خيام منصوبة في الصحراء، وفي جو رومانسي صافٍ رقيق.
نيويورك ليست كلها بيضاء
* حي هارلم أحد أشهر أحياء نيويورك، أخرج أعظم عازفي موسيقى "الجاز" في بداية القرن العشرين، وراقصي ديسكو الشوارع، وفريق "هارلم" العجيب لكرة السلة.
ويوجد اثنان "هارلم"؛ سوداء وأسبانية، وفي الحالتين يوجد بؤس كبير وضجيج موسيقى صاخبة وبيئة مصدرة للجريمة غير المنظمة.
إلا أن "حي هارلم" كان في بداية القرن الماضي خاصًا بأثرياء اليهود والإيطاليين المرتبطين بالمافيا، أما العجيب فإنه على الرغم من كل هذا الفقر وهذه الجرائم، فإنه يضم إحدى أعرق جامعات نيويورك "يونيفيرسيتي"، وكذلك جامعة كولومبيا التي رأس قسم اللغة الإنجليزية في ثمانينيات القرن الماضي فيها الدكتور إدوارد سعيد الفلسطيني الأصل.
يوم انفجرت الفقاعة
عنوان كتاب "جوردون توماس وماكس مورجان" الذي يصف بالتفصيل يوم 29 أكتوبر عام 1929، يوم الانهيار الضخم في بورصة نيويورك التي تقوم وسط شارع "وول ستريت" الشهير.
ويصف الكاتبان الشارع يومها بأنه بدا كبيت تسكنه الأرواح الشريرة؛ حيث أدرك ألف سمسار وألف موظف في البورصة أن هذا اليوم هو يوم مذبحة أصحاب الملايين.
وكان هذا اليوم بداية كساد عظيم ساد أمريكا والعالم الرأسمالي كله، وهنا انتشرت مقولة الأديب الأمريكي "مارك توين" على لسان إحدى شخصياته: "إن أكتوبر شهر في غاية الخطورة بالنسبة للمضاربة على الأسهم، أما الشهور الخطرة الأخرى فهي: يوليو ويناير وسبتمبر وإبريل ونوفمبر ومايو ومارس ويونيو وديسمبر وأغسطس وفبراير".
ولدوا في نيويورك
وعلى الرغم من كل هذا فإن لنيويورك وجهًا آخر رقيقًا يفيض "شاعرية"، إذ أنجبت المدينة –في القرن الماضي- شعراء، نذكر منهم:
* "مورييل روكيسر"، ولدت عام 1913، ودرست في "فاسار" وكولومبيا، وكانت محررة وصحفية، كافحت في سبيل الحريات المدنية، وكانت تتحدث في أغلب شعرها عن مشاكل الأمريكيين الذين يولدون لآباء مهاجرين من أوروبا.
* "بيتر فيريك"، ولد عام 1916، ودرس في جامعتي "هارفارد" و"أكسفورد" درس فترة في إيطاليا، وحارب في إيطاليا وشمال أفريقيا.
* "وليم مرديث"، ولد عام 1919، درس في جامعة "برنيستون"، حارب في كوريا. شعره واضح صافٍ.
* "لورنس فرلنجيتي"، ولد عام 1919، كان من المؤثرين في حركة Beat Generation جيل الإيقاع التي ظهرت في سان فرانسيسكو.
المصادر:
1 - مجلة العربي الكويتية – العدد 344 – يوليو 1987.
2 - 50 قصيدة من الشعر الأمريكي المعاصر – توفيق صايغ، مؤسسة فرانكلين، بيروت – نيويورك 1963.
كان "جيمس الثاني" –قبل أن يصبح آخر ملك يحكم بريطانيا قبل ثورة "كرومويل البيوريتانية"- يدعى "دوق يورك"، وقد أطلق المستعمرون الإنجليز اسمه على المدينة التي انتزعوها من الهولنديين الذين بنوها فوق الغابات الخضراء وبين الأنهار والتلال وقرب المحيط، وسموها "نيو أمستردام".
وكان "هنري هدسون" قد اكتشف المدينة في بداية القرن السابع عشر، ولهذا فقد أطلق اسمه على النهر الكبير بها، وكان الهولنديون قد اشتروا جزيرة "مانهاتن" بما لا يزيد عن 24 دولارًا، دفعوها للهنود الحمر على شكل عقود من الخرز الرخيص.
وكما هو الحال في كل الولايات المتحدة، فقد توافدت الهجرات الأوروبية إلى المدينة بدءًا بالهولنديين والسويديين إلى الإنجليز إلى كل الباحثين عن مهرب خارج أوروبا التي كانت –آنذاك- قد مزقتها الحروب الداخلية.
عاصمة الولايات المتحدة
وكانت "نيويورك" عاصمة للولايات المتحدة الأمريكية لفترة من الزمان تزيد عن عام كامل، كما كانت –ولا زالت- معبر البلاد الذي يستقبل كل وافد إليها وتقوم المدينة على جزيرتي "مانهاتن" و"ستاتن آيلاند" إضافة إلى "بروكلين" و"كوينز" و"برونكسن"، وبهذا تعد المدينة خمسة مدن، أشهرها جزيرة "مانهاتن" حيث إنها سوق هذه المدن، بل ومركزها التجاري والثقافي والفني والاجتماعي.
ويقوم على الجزء البحري من المدينة تمثال الحرية الأخضر اللون، الذي يحمل شعلته الشهيرة والتي تم تجديدها في 4 يوليو عام 1986، كما (كان) قائمًا على جزيرة "مانهاتن" الطولية الشكل برجا مركز التجارة العالمي الذي كان يبلغ ارتفاع كل منهما 110 أدوار.
كما يوجد بها مبنى "الإمباير ستيت" المشهور، الذي (عاد) أعلى مباني نيويورك بعد انهيار برجي مركز التجارة في 11 سبتمبر، ويوجد بها أيضًا مبنى الأمم المتحدة وشارع "وول ستريت" الشهير، وبورصة نيويورك، والحي الصيني، وحديقة "سنترال بارك" وشارع "برودواي"، ومركز "لنكولن"، ومتحف "المنيروبوليتان"، وحي "هارلم"، وغيرها الكثير من الشوارع والجامعات والأحياء والمباني التي ضاقت بها أرض "مانهاتن"، فارتفعت مبانيها إلى عنان السماء.
أما "مانهاتن" فهي تعني –بلغة السكان الأصليين للبلاد (الهنود الحمر) – "أرض التلال"، وكان هؤلاء السكان يتراجعون أمام الغزو الأوروبي، فتتم مصادرة أرضهم أو شراؤها بالفتات، إلا أن السكان الجدد كانوا يبقون –فقط- على الأسماء القديمة مثل "ماساتشوستس" و"الموهوك" وغيرها.
مركز التجارة العالمي
أما مبنى مركز التجارة العالمي المكون من برجين، والذي تم الانتهاء من بنائه عام 1973، فقد كان حاصلاً على الأرقام التالية:
* بلغ ارتفاع المبنى 1350 قدمًا، استُخدم في بنائه حوالي 425 ألف ياردة مربعة من الأسمنت المسلح و200 ألف طن من الحديد.
* فتحت فيه 43600 نافذة، وكان يعمل في مكاتبه نحو 50 ألف شخص، ويؤم المبنى يوميًا 80 ألف زائر لقضاء مصالحهم وأعمالهم.
* ومن فوق سطحه تستطيع رؤية أماكن تبعد حوالي 53 ميلاً، كما يمكن رؤية مدينة "فيلادفيا" إذا كان الجو صحوًا.
وعلى الرغم من كل هذه البنايات الشاهقة الكثيرة، فقد بقيت من ذكريات اللون الأخضر من نيويورك القديمة حديقة "سنترال بارك" الشهيرة بكونها إحدى أكبر وأضخم حدائق العالم، والممتدة في نهاية جزيرة "مانهاتن".
الشارع العريض
وفي نيويورك أيضًا أطول شارع في العالم، شارع المسارح والأضواء؛ تلك المسارح التي لا تشغل سوى جزء بسيط من شارع "برودواي" الذي يعني "الشارع العريض"، والذي يذكر اسمه أذهاننا بمسارح أمريكا الاستعراضية المبهرة خلال عقود الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين.
"قسمت" اسم عربي صار عنوان مسرحية تدور أحداثها في عصور العرب القديمة عُرضت لأول مرة على مسارح "برودواي" في عشرينيات القرن الماضي؛ حيث لم تكن صورة العربي كإرهابي أو بدوي جاهل قد انتشرت في سينما هوليود، ولكن كانت الأجواء العربية في المسرح –بل والسينما أيضًا- عبارة عن سحر وغموض وقصور فخمة، أو خيام منصوبة في الصحراء، وفي جو رومانسي صافٍ رقيق.
نيويورك ليست كلها بيضاء
* حي هارلم أحد أشهر أحياء نيويورك، أخرج أعظم عازفي موسيقى "الجاز" في بداية القرن العشرين، وراقصي ديسكو الشوارع، وفريق "هارلم" العجيب لكرة السلة.
ويوجد اثنان "هارلم"؛ سوداء وأسبانية، وفي الحالتين يوجد بؤس كبير وضجيج موسيقى صاخبة وبيئة مصدرة للجريمة غير المنظمة.
إلا أن "حي هارلم" كان في بداية القرن الماضي خاصًا بأثرياء اليهود والإيطاليين المرتبطين بالمافيا، أما العجيب فإنه على الرغم من كل هذا الفقر وهذه الجرائم، فإنه يضم إحدى أعرق جامعات نيويورك "يونيفيرسيتي"، وكذلك جامعة كولومبيا التي رأس قسم اللغة الإنجليزية في ثمانينيات القرن الماضي فيها الدكتور إدوارد سعيد الفلسطيني الأصل.
يوم انفجرت الفقاعة
عنوان كتاب "جوردون توماس وماكس مورجان" الذي يصف بالتفصيل يوم 29 أكتوبر عام 1929، يوم الانهيار الضخم في بورصة نيويورك التي تقوم وسط شارع "وول ستريت" الشهير.
ويصف الكاتبان الشارع يومها بأنه بدا كبيت تسكنه الأرواح الشريرة؛ حيث أدرك ألف سمسار وألف موظف في البورصة أن هذا اليوم هو يوم مذبحة أصحاب الملايين.
وكان هذا اليوم بداية كساد عظيم ساد أمريكا والعالم الرأسمالي كله، وهنا انتشرت مقولة الأديب الأمريكي "مارك توين" على لسان إحدى شخصياته: "إن أكتوبر شهر في غاية الخطورة بالنسبة للمضاربة على الأسهم، أما الشهور الخطرة الأخرى فهي: يوليو ويناير وسبتمبر وإبريل ونوفمبر ومايو ومارس ويونيو وديسمبر وأغسطس وفبراير".
ولدوا في نيويورك
وعلى الرغم من كل هذا فإن لنيويورك وجهًا آخر رقيقًا يفيض "شاعرية"، إذ أنجبت المدينة –في القرن الماضي- شعراء، نذكر منهم:
* "مورييل روكيسر"، ولدت عام 1913، ودرست في "فاسار" وكولومبيا، وكانت محررة وصحفية، كافحت في سبيل الحريات المدنية، وكانت تتحدث في أغلب شعرها عن مشاكل الأمريكيين الذين يولدون لآباء مهاجرين من أوروبا.
* "بيتر فيريك"، ولد عام 1916، ودرس في جامعتي "هارفارد" و"أكسفورد" درس فترة في إيطاليا، وحارب في إيطاليا وشمال أفريقيا.
* "وليم مرديث"، ولد عام 1919، درس في جامعة "برنيستون"، حارب في كوريا. شعره واضح صافٍ.
* "لورنس فرلنجيتي"، ولد عام 1919، كان من المؤثرين في حركة Beat Generation جيل الإيقاع التي ظهرت في سان فرانسيسكو.
المصادر:
1 - مجلة العربي الكويتية – العدد 344 – يوليو 1987.
2 - 50 قصيدة من الشعر الأمريكي المعاصر – توفيق صايغ، مؤسسة فرانكلين، بيروت – نيويورك 1963.