أمير الدهاء
08-12-2020, 11:45 AM
"ميدل إيست آي": سعد الجبري.. السعودي الذي يستطيع إسقاط محمد بن سلمان
الكاتب: ديفيد هيرست
المصدر: ميدل إيست آي
12/8/2020 الأربعاء
https://media.almayadeen.tv/archive/image/2020/8/12/813abf6d-19f1-4571-a21f-bc74d68e7716.jpg?preset=w750
أصبح حليف محمد بن نايف أكثر خطورة على محمد بن سلمان مما كان يمكن أن يكون عليه خاشقجي ولهذا السبب أصبح مستهدفاً.
كتب ديفيد هيرست، الصحافي البريطاني المعروف ورئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي"، مقالة في الموقع تناول فيها أهمية المسؤول السابق في الاستخبارات السعودية سعد الجبري، الذي يزعم أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد أرسل فرقة موت إلى كندا لاغتياله.
وقال هيرست إنه عندما اختفى أشهر صحافي سعودي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من تشرين الأول / أكتوبر 2018، كان الغرب متردداً في البداية في تصديق التسريبات الصادرة عن الرئاسة التركية بأن جمال خاشقجي قد قُتل وقطع جسده. ومر أسبوعان كاملان قبل أن تتهم كارلوتا غول، مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان باستخدام تسريبات انتقائية في وسائل إعلامية مملوكة للدولة للضغط على السعوديين.
وشككت غول في التفاصيل المروعة لقتل خاشقجي، وكتبت في 19 تشرين الأول / أكتوبر من ذلك العام: "لم تحصل أي صحيفة في الواقع على التسجيل الصوتي [للقتل] أو حتى استمعت إليه، مما يسمح للحكومة ليس فقط بالحفاظ على مصدرها ولكن أيضاً بالحفاظ على السيطرة على مقدار ما يكشف – ومتى".
لماذا نصدق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن مصير الصحافي؟ وكتبت غول: "المفارقة الدائمة في قضية السيد خاشقجي هي أنه أثناء دفع تفاصيل القضية إلى وسائل الإعلام المختارة، كانت حكومة أردوغان نفسها معادية بشكل علني للصحافيين المستقلين".
وأضاف الكاتب أنه قبل أربعة أيام من إلقاء صحيفة "نيويورك تايمز" بظلال من الشك على تفاصيل اختفاء خاشقجي، نعلم الآن أن طاقم القتل الثاني من "فرقة النمر" السعودية قد هبطوا جميعهم في تورنتو - 50 فرداً، بمن في ذلك خبير في الطب الشرعي لمسح الآثار.
وأوضح الكاتب أن طريدهم كان أكثر خطورة على ولي العهد السعودي محمد بن سلم مما كان يمكن أن يكون عليه خاشقجي. كان سعد الجبري الذراع اليمنى للأمير محمد بن نايف في وزارة الداخلية. كان برتبة وزير. كان يعرف كل الأسرار المحرجة لوزارته، بما في ذلك أن الملك سلمان وابنه مدا أيديهما في صندوق مكافحة الإرهاب التابع للوزارة، بما يصل إلى عشرات الملايين من الريالات السعودية شهرياً.
وأضاف "أن هذا بالطبع ليس سوى جزء بسيط من عوائد الملك سلمان الشهرية. وأخبرني جمال خاشقجي ـ بناءً على مصدر جيد أن الراتب الشهري للملك يبلغ 3 مليارات ريال أو 800 مليون دولار. هذه المبالغ مذهلة. لا عجب في أن ميزان المدفوعات السعودي ينزلق إلى حافة الهاوية".
كان الجبري، ولا يزال بالفعل، شخص من الداخل. بعد الفترة التي قضاها كسمؤول إعلامي لوزير الأمن السابق، لم يكن خاشقجي أكثر من صحافي ذي علاقات جيدة. لكن بحلول ذلك الوقت كان خارج الديوان الملكي.
لقد سقط المطلعون الآخرون على النظام. لكن على عكسهم، فإن الجبري على استعداد لمواجهة النظام بشكل كامل. لم يكن هذا هو الحال مع الأمير أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر للملك سلمان. ألمح أحمد إلى عدم رضاه عن طريقة خوض الحرب في اليمن، عندما اقترب من متظاهرين يمنيين وبحرينيين خارج منزله في لندن. لكنه لم يذهب أبعد من ذلك. كما أن إبن نايف لم يقل شيئاً عن الإذلال الذي عانى منه. كما لم يتحدث أمراء آخرين تم تجريدهم من أصولهم في فندق ريتز كارلتون.
وقال هيرست إن الجبري ليس لديه ما يخسره. وبحسب دعواه، فقد حاولوا استدراجه إلى المملكة لكنه رفض. لقد حاولوا استدراجه إلى ولايات حيث يمكن القبض عليه. كان لديهم عملاء يبحثون في الولايات المتحدة عن مكان وجوده. أرسلوا له فرقة قتل لكن ذلك فشل. ثم انقلبوا على عائلته. رفضوا السماح لإبنه وابنته بالسفر ثم قبضوا عليهما. لكنه لم ينثنِ. لقد زرعوا قصة في صحيفة وول ستريت جورنال تفيد بأن مليارات الدولارات من أموال مكافحة الإرهاب فقدت في عهد الجبري، وأنه مطلوب إعادته.
وانتهت شكوك صحيفة "نيويورك تايمز" بشأن ما قاله الأتراك عن اختفاء خاشقجي عندما وصلت جينا هاسبل، رئيسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إلى أنقرة للاستماع إلى تسجيل صوتي لعملية القتل داخل القنصلية. ووفقًا لمصادري، يقول هيرست، فإن هاسبل الناطقة بالتركية، وهي ضابطة عانت من فضيحة الإغراق، بكت عندما سمعت آلام وفاة خاشقجي.
عندما خرجت وكالة الاستخبارات المركزية لتقول بشكل لا لبس فيه إنها تعتقد أن محمد بن سلمان هو من وجّه جريمة القتل، قامت واشنطن بدور مكبح اليد. يتضح الآن أن أحد عناصر تصميم وكالة المخابرات المركزية كان الجبري نفسه.
وتؤكد الدعوى ما كشفه "ميدل إيست آي" لأول مرة عن فرقة النمر، وتقرير دانيا العقاد عن الجبري نفسه. لكنها تضيف مزيداً من التفاصيل، بما في ذلك الادعاء بأن فرقة النمر قد تشكلت كفريق اغتيال شخصي لمحمد بن سلمان بعد أن رفض الجبري طلبه باستخدام القوات السرية داخل وزارة الداخلية، التي كان يسيطر عليها الجبري ومحمد بن نايف، لتسليم أمير سعودي يعيش في أوروبا. وكان الأمير قد انتقد الملك سلمان والد محمد بن سلمان على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف الكاتب أن "محمد بن سلمان قد شجع سراَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التدخل في سوريا، على الرغم من دعم السعودية العلني للمتمردين. وهذا يفسر أيضاً سبب دفع معلّم محمد بن سلمان، ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لاحقاً للرئيس السوري بشار الأسد لكسر وقف إطلاق النار في إدلب لإثارة المتاعب للترك". وقال إن الازدواجية السعودية في التعامل في سوريا وفي ليبيا، تدور حول مواجهة السعودية والإمارات لتركيا، المنافس الإقليمي الرئيسي للإمارات. إذ إنهما لا تهتمان بسوريا أو ليبيا.
وأوضح هيرست أن الصورة الكبيرة التي يكشف عنها الجبري هي: معركة القوة التي بدأت عندما تمت الإطاحة برئيس الجبري، محمد بن نايف، من منصبه كولي للعهد ثم تعرض للعار كمدمن للمخدرات قبل ثلاث سنوات، لم تنته بعد. فمحمد بن سلمان، الذي تولى منصب بن نايف، لم ينجح منذ ذلك الحين في تحقيق النصر ونيل الشرعية. وهذا هو سبب اهتمامه الشديد بإقصاء كل المقربين من إبن نايف - خاشقجي أولاً، والآن الجبري.
ووفقاً للدعوى القضائية، قبل أن يتخذ محمد بن سلمان خطوته تجاه إبن نايف، استشار مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر. وتم عزل الجبري نفسه من منصب وزير بعد أن علم محمد بن سلمان بحقيقة أن الجبري التقى بمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق جون برينان مرتين وأثار معه مكالمة محمد بن سلمان مع بوتين بشأن سوريا.
غادر الجبري البلاد عندما بدأ رئيسه حملة ضغط في واشنطن، وأخبرت وكالة الاستخبارات المركزية الجبري أنه أصبح الآن هدفاً.
لكن هاسبل ووكالة الاستخبارات المركزية لن تبقيا على هامش الحرب المفتوحة بين الجبري وولي العهد. إذ يبذل الجبري قصارى جهده ليقول في دعواه القضائية إنه ووكالة الاستخبارات المركزية قريبان جداً من بعضهما البعض.
وتنص الدعوى على أن "قلة من الأحياء لديهم شراكة أوثق مع أجهزة الاستخبارات والأمن الأميركية ... من الدكتور سعد. من خلال عقود من التعاون الوثيق مع كبار المسؤولين الأميركيين في مشاريع مكافحة الإرهاب أثناء خدمته للحكومة السعودية، أصبح الدكتور سعد شريكاً موثوقاً تم طلب معلوماته واستشاراته قبل اتخاذ قرارات مصيرية بشأن الأمن القومي للولايات المتحدة."
وزعم الجبري أن أشخاصاً قليلين على قيد الحياة لديهم قذارة أكثر من محمد بن سلمان. وترك الجبري تعليمات بأن الأشرطة التي سجلها ستُنشر إذا مات. إنها بوليصة التأمين على حياته.
وعلى غير العادة، يتم دعم الجبري أميركياً علناً. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لموقع "ميدل إيست آي" يوم الجمعة: "سعد الجابري كان شريكاً مهماً للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب. ساعد عمل سعد مع الولايات المتحدة في إنقاذ حياة الأميركيين والسعوديين. العديد من المسؤولين الحكوميين الأميركيين، الحاليين والسابقين، يعرفون سعد ويحترمونه".
هذه التصريحات الرسمية بشأن دعم الولايات المتحدة لقضية منشق سعودي مهمة. وكما تشير استطلاعات الرأي، في الأشهر الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب، قال خليفته المحتمل، جو بايدن، إنه سيعاقب القادة السعوديين على مقتل خاشقجي، وإنهاء مبيعات الأسلحة، وجعلهم "منبوذين كما هم".
وعلى أقل تقدير، هذا يعني أنه في حالة رحيل ترامب، ستستعيد وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية الأميركيتان قرارات السياسة الخارجية للبيت الأبيض. ثم تهب رياح باردة عبر قصر محمد بن سلمان في الرياض، حتى لو كان قد نصب نفسه ملكاً بحلول ذلك الوقت.
الأمل الوحيد لملك المستقبل لتجنب الكارثة هو فوز ترامب. إذا خسر ترامب، فإن كل شيء تقريباً حول ترامب سيتحطم معها. سيكون محمد بن سلمان محظوظاً حقاً في البقاء على قيد الحياة، لأنه مهما فعل، فهو بحاجة إلى دعم عسكري أميركي. هذا ليس شيئاً يمكن استبداله بين عشية وضحاها بدعم بوتين أو دعم الصين.
المعركة التي بدأها محمد بن سلمان بإطاحة إبن نايف قبل ثلاث سنوات لم تنتهِ بعد. ربما ظن محمد بن سلمان أنه دفن إبن نايف في المنزل، لكنه لم ينجح في قطع صلات الأخير بالمؤسسة الأمنية الأميركية. إنهم يرفعون رؤوسهم مرة أخرى لصالح الجبري وعائلته وإبن نايف الذي يقبع في السجن.
الجبري يخوض معركة حتى النهاية مع محمد بن سلمان. حتى الآن، وبعد عدة محاولات لإسكاته، لا يزال محمد بن سلمان يرسل عملاء إلى تورونتو لإنهاء المهمة. أفادت صحيفة "غلوب آند ميل" أن الجبري الآن تحت حماية ضباط "مدججين بالسلاح" من شرطة الخيالة الكندية الملكية، بالإضافة إلى حراس خاصين.
ماذا سيفعل محمد بن سلمان إذا دُعي الجبري للإدلاء بشهادته أمام الكونغرس، حتى في جلسة مغلقة، وبدأ في الكشف لهم عن جرائم الملك المقبل؟ بدأ أعضاء مجلس الشيوخ على جانبي الانقسام السياسي بالفعل في حض ترامب على ضمان حرية أبناء الجبري.
رفض شبح خاشقجي الموت، والجبري مصمم على منع القاتل من الاستمتاع بغنائم القوة. كل هذا يقود إلى استنتاج واحد: محمد بن سلمان يواجه الآن أكبر تحدٍ خارجي لمحاولته الاستيلاء على التاج.
ترجمة بتصرف: الميادين نت
https://www.almayadeen.net/press/foreignpress/1415725/-%d9%85%d9%8a%d8%af%d9%84-%d8%a5%d9%8a%d8%b3%d8%aa-%d8%a2%d9%8a---%d8%b3%d8%b9%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%a8%d8%b1%d9%8a---%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%b9%d9%88%d8%af%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%8a-%d9%8a%d8%b3%d8%aa%d8%b7%d9%8a%d8%b9-%d8%a5%d8%b3%d9%82%d8%a7%d8%b7-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af
الكاتب: ديفيد هيرست
المصدر: ميدل إيست آي
12/8/2020 الأربعاء
https://media.almayadeen.tv/archive/image/2020/8/12/813abf6d-19f1-4571-a21f-bc74d68e7716.jpg?preset=w750
أصبح حليف محمد بن نايف أكثر خطورة على محمد بن سلمان مما كان يمكن أن يكون عليه خاشقجي ولهذا السبب أصبح مستهدفاً.
كتب ديفيد هيرست، الصحافي البريطاني المعروف ورئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي"، مقالة في الموقع تناول فيها أهمية المسؤول السابق في الاستخبارات السعودية سعد الجبري، الذي يزعم أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد أرسل فرقة موت إلى كندا لاغتياله.
وقال هيرست إنه عندما اختفى أشهر صحافي سعودي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من تشرين الأول / أكتوبر 2018، كان الغرب متردداً في البداية في تصديق التسريبات الصادرة عن الرئاسة التركية بأن جمال خاشقجي قد قُتل وقطع جسده. ومر أسبوعان كاملان قبل أن تتهم كارلوتا غول، مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان باستخدام تسريبات انتقائية في وسائل إعلامية مملوكة للدولة للضغط على السعوديين.
وشككت غول في التفاصيل المروعة لقتل خاشقجي، وكتبت في 19 تشرين الأول / أكتوبر من ذلك العام: "لم تحصل أي صحيفة في الواقع على التسجيل الصوتي [للقتل] أو حتى استمعت إليه، مما يسمح للحكومة ليس فقط بالحفاظ على مصدرها ولكن أيضاً بالحفاظ على السيطرة على مقدار ما يكشف – ومتى".
لماذا نصدق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن مصير الصحافي؟ وكتبت غول: "المفارقة الدائمة في قضية السيد خاشقجي هي أنه أثناء دفع تفاصيل القضية إلى وسائل الإعلام المختارة، كانت حكومة أردوغان نفسها معادية بشكل علني للصحافيين المستقلين".
وأضاف الكاتب أنه قبل أربعة أيام من إلقاء صحيفة "نيويورك تايمز" بظلال من الشك على تفاصيل اختفاء خاشقجي، نعلم الآن أن طاقم القتل الثاني من "فرقة النمر" السعودية قد هبطوا جميعهم في تورنتو - 50 فرداً، بمن في ذلك خبير في الطب الشرعي لمسح الآثار.
وأوضح الكاتب أن طريدهم كان أكثر خطورة على ولي العهد السعودي محمد بن سلم مما كان يمكن أن يكون عليه خاشقجي. كان سعد الجبري الذراع اليمنى للأمير محمد بن نايف في وزارة الداخلية. كان برتبة وزير. كان يعرف كل الأسرار المحرجة لوزارته، بما في ذلك أن الملك سلمان وابنه مدا أيديهما في صندوق مكافحة الإرهاب التابع للوزارة، بما يصل إلى عشرات الملايين من الريالات السعودية شهرياً.
وأضاف "أن هذا بالطبع ليس سوى جزء بسيط من عوائد الملك سلمان الشهرية. وأخبرني جمال خاشقجي ـ بناءً على مصدر جيد أن الراتب الشهري للملك يبلغ 3 مليارات ريال أو 800 مليون دولار. هذه المبالغ مذهلة. لا عجب في أن ميزان المدفوعات السعودي ينزلق إلى حافة الهاوية".
كان الجبري، ولا يزال بالفعل، شخص من الداخل. بعد الفترة التي قضاها كسمؤول إعلامي لوزير الأمن السابق، لم يكن خاشقجي أكثر من صحافي ذي علاقات جيدة. لكن بحلول ذلك الوقت كان خارج الديوان الملكي.
لقد سقط المطلعون الآخرون على النظام. لكن على عكسهم، فإن الجبري على استعداد لمواجهة النظام بشكل كامل. لم يكن هذا هو الحال مع الأمير أحمد بن عبد العزيز، الشقيق الأصغر للملك سلمان. ألمح أحمد إلى عدم رضاه عن طريقة خوض الحرب في اليمن، عندما اقترب من متظاهرين يمنيين وبحرينيين خارج منزله في لندن. لكنه لم يذهب أبعد من ذلك. كما أن إبن نايف لم يقل شيئاً عن الإذلال الذي عانى منه. كما لم يتحدث أمراء آخرين تم تجريدهم من أصولهم في فندق ريتز كارلتون.
وقال هيرست إن الجبري ليس لديه ما يخسره. وبحسب دعواه، فقد حاولوا استدراجه إلى المملكة لكنه رفض. لقد حاولوا استدراجه إلى ولايات حيث يمكن القبض عليه. كان لديهم عملاء يبحثون في الولايات المتحدة عن مكان وجوده. أرسلوا له فرقة قتل لكن ذلك فشل. ثم انقلبوا على عائلته. رفضوا السماح لإبنه وابنته بالسفر ثم قبضوا عليهما. لكنه لم ينثنِ. لقد زرعوا قصة في صحيفة وول ستريت جورنال تفيد بأن مليارات الدولارات من أموال مكافحة الإرهاب فقدت في عهد الجبري، وأنه مطلوب إعادته.
وانتهت شكوك صحيفة "نيويورك تايمز" بشأن ما قاله الأتراك عن اختفاء خاشقجي عندما وصلت جينا هاسبل، رئيسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إلى أنقرة للاستماع إلى تسجيل صوتي لعملية القتل داخل القنصلية. ووفقًا لمصادري، يقول هيرست، فإن هاسبل الناطقة بالتركية، وهي ضابطة عانت من فضيحة الإغراق، بكت عندما سمعت آلام وفاة خاشقجي.
عندما خرجت وكالة الاستخبارات المركزية لتقول بشكل لا لبس فيه إنها تعتقد أن محمد بن سلمان هو من وجّه جريمة القتل، قامت واشنطن بدور مكبح اليد. يتضح الآن أن أحد عناصر تصميم وكالة المخابرات المركزية كان الجبري نفسه.
وتؤكد الدعوى ما كشفه "ميدل إيست آي" لأول مرة عن فرقة النمر، وتقرير دانيا العقاد عن الجبري نفسه. لكنها تضيف مزيداً من التفاصيل، بما في ذلك الادعاء بأن فرقة النمر قد تشكلت كفريق اغتيال شخصي لمحمد بن سلمان بعد أن رفض الجبري طلبه باستخدام القوات السرية داخل وزارة الداخلية، التي كان يسيطر عليها الجبري ومحمد بن نايف، لتسليم أمير سعودي يعيش في أوروبا. وكان الأمير قد انتقد الملك سلمان والد محمد بن سلمان على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف الكاتب أن "محمد بن سلمان قد شجع سراَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التدخل في سوريا، على الرغم من دعم السعودية العلني للمتمردين. وهذا يفسر أيضاً سبب دفع معلّم محمد بن سلمان، ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لاحقاً للرئيس السوري بشار الأسد لكسر وقف إطلاق النار في إدلب لإثارة المتاعب للترك". وقال إن الازدواجية السعودية في التعامل في سوريا وفي ليبيا، تدور حول مواجهة السعودية والإمارات لتركيا، المنافس الإقليمي الرئيسي للإمارات. إذ إنهما لا تهتمان بسوريا أو ليبيا.
وأوضح هيرست أن الصورة الكبيرة التي يكشف عنها الجبري هي: معركة القوة التي بدأت عندما تمت الإطاحة برئيس الجبري، محمد بن نايف، من منصبه كولي للعهد ثم تعرض للعار كمدمن للمخدرات قبل ثلاث سنوات، لم تنته بعد. فمحمد بن سلمان، الذي تولى منصب بن نايف، لم ينجح منذ ذلك الحين في تحقيق النصر ونيل الشرعية. وهذا هو سبب اهتمامه الشديد بإقصاء كل المقربين من إبن نايف - خاشقجي أولاً، والآن الجبري.
ووفقاً للدعوى القضائية، قبل أن يتخذ محمد بن سلمان خطوته تجاه إبن نايف، استشار مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر. وتم عزل الجبري نفسه من منصب وزير بعد أن علم محمد بن سلمان بحقيقة أن الجبري التقى بمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق جون برينان مرتين وأثار معه مكالمة محمد بن سلمان مع بوتين بشأن سوريا.
غادر الجبري البلاد عندما بدأ رئيسه حملة ضغط في واشنطن، وأخبرت وكالة الاستخبارات المركزية الجبري أنه أصبح الآن هدفاً.
لكن هاسبل ووكالة الاستخبارات المركزية لن تبقيا على هامش الحرب المفتوحة بين الجبري وولي العهد. إذ يبذل الجبري قصارى جهده ليقول في دعواه القضائية إنه ووكالة الاستخبارات المركزية قريبان جداً من بعضهما البعض.
وتنص الدعوى على أن "قلة من الأحياء لديهم شراكة أوثق مع أجهزة الاستخبارات والأمن الأميركية ... من الدكتور سعد. من خلال عقود من التعاون الوثيق مع كبار المسؤولين الأميركيين في مشاريع مكافحة الإرهاب أثناء خدمته للحكومة السعودية، أصبح الدكتور سعد شريكاً موثوقاً تم طلب معلوماته واستشاراته قبل اتخاذ قرارات مصيرية بشأن الأمن القومي للولايات المتحدة."
وزعم الجبري أن أشخاصاً قليلين على قيد الحياة لديهم قذارة أكثر من محمد بن سلمان. وترك الجبري تعليمات بأن الأشرطة التي سجلها ستُنشر إذا مات. إنها بوليصة التأمين على حياته.
وعلى غير العادة، يتم دعم الجبري أميركياً علناً. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لموقع "ميدل إيست آي" يوم الجمعة: "سعد الجابري كان شريكاً مهماً للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب. ساعد عمل سعد مع الولايات المتحدة في إنقاذ حياة الأميركيين والسعوديين. العديد من المسؤولين الحكوميين الأميركيين، الحاليين والسابقين، يعرفون سعد ويحترمونه".
هذه التصريحات الرسمية بشأن دعم الولايات المتحدة لقضية منشق سعودي مهمة. وكما تشير استطلاعات الرأي، في الأشهر الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب، قال خليفته المحتمل، جو بايدن، إنه سيعاقب القادة السعوديين على مقتل خاشقجي، وإنهاء مبيعات الأسلحة، وجعلهم "منبوذين كما هم".
وعلى أقل تقدير، هذا يعني أنه في حالة رحيل ترامب، ستستعيد وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية الأميركيتان قرارات السياسة الخارجية للبيت الأبيض. ثم تهب رياح باردة عبر قصر محمد بن سلمان في الرياض، حتى لو كان قد نصب نفسه ملكاً بحلول ذلك الوقت.
الأمل الوحيد لملك المستقبل لتجنب الكارثة هو فوز ترامب. إذا خسر ترامب، فإن كل شيء تقريباً حول ترامب سيتحطم معها. سيكون محمد بن سلمان محظوظاً حقاً في البقاء على قيد الحياة، لأنه مهما فعل، فهو بحاجة إلى دعم عسكري أميركي. هذا ليس شيئاً يمكن استبداله بين عشية وضحاها بدعم بوتين أو دعم الصين.
المعركة التي بدأها محمد بن سلمان بإطاحة إبن نايف قبل ثلاث سنوات لم تنتهِ بعد. ربما ظن محمد بن سلمان أنه دفن إبن نايف في المنزل، لكنه لم ينجح في قطع صلات الأخير بالمؤسسة الأمنية الأميركية. إنهم يرفعون رؤوسهم مرة أخرى لصالح الجبري وعائلته وإبن نايف الذي يقبع في السجن.
الجبري يخوض معركة حتى النهاية مع محمد بن سلمان. حتى الآن، وبعد عدة محاولات لإسكاته، لا يزال محمد بن سلمان يرسل عملاء إلى تورونتو لإنهاء المهمة. أفادت صحيفة "غلوب آند ميل" أن الجبري الآن تحت حماية ضباط "مدججين بالسلاح" من شرطة الخيالة الكندية الملكية، بالإضافة إلى حراس خاصين.
ماذا سيفعل محمد بن سلمان إذا دُعي الجبري للإدلاء بشهادته أمام الكونغرس، حتى في جلسة مغلقة، وبدأ في الكشف لهم عن جرائم الملك المقبل؟ بدأ أعضاء مجلس الشيوخ على جانبي الانقسام السياسي بالفعل في حض ترامب على ضمان حرية أبناء الجبري.
رفض شبح خاشقجي الموت، والجبري مصمم على منع القاتل من الاستمتاع بغنائم القوة. كل هذا يقود إلى استنتاج واحد: محمد بن سلمان يواجه الآن أكبر تحدٍ خارجي لمحاولته الاستيلاء على التاج.
ترجمة بتصرف: الميادين نت
https://www.almayadeen.net/press/foreignpress/1415725/-%d9%85%d9%8a%d8%af%d9%84-%d8%a5%d9%8a%d8%b3%d8%aa-%d8%a2%d9%8a---%d8%b3%d8%b9%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%a8%d8%b1%d9%8a---%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%b9%d9%88%d8%af%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%8a-%d9%8a%d8%b3%d8%aa%d8%b7%d9%8a%d8%b9-%d8%a5%d8%b3%d9%82%d8%a7%d8%b7-%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af