تركي
08-11-2020, 11:53 AM
https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1572278830597625900/1572278850000/640x480.jpg
11-08-2020
كتب المقال د.نجم عبدالكريم
في فترة عيد الأضحى زارتنا في باريس قادمة من أمستردام شقيقة زوجتي السيدة نورا عمور، التي أمضت في هولندا أكثر من ثلاثين عاماً، وأصبحت ترأس مؤسسة إنسانية تُعنى بالفقراء والمساكين والأيتام والمشردين من مختلف الأديان والجنسيات... وتمتد خدمات هذه المؤسسة إلى رعاية كبار السن وتعليم الصغار، إضافة إلى قيامها بنشاط اجتماعي للأسر المغتربة كتوكيل المحامين لمتابعة القضايا القانونية الناتجة عن الخلافات الأسرية.
ويساعد السيدة نورا في هذه المؤسسة، إلى جانب الموظفين، عدد من السيدات المتبرعات المسلمات ومعظمهن من المحجبات اللواتي لفتت خدماتهن نظر أجهزة الإعلام الهولندية، ففُسح لهنَّ المجال بالحديث عبر شاشات الفضائيات، ولم يُكتفَ بهذا فحسب، بل أصبحت صور النساء المسلمات المحجبات تُعلَّق على حافلات المواصلات العامة في شوارع أمستردام، وقد كُتب عليها "ملائكة رحمة مسلمات".
السيدة نورا روت لي حكاية مؤلمة هي التي دفعتني إلى كتابة هذا المقال.
***
• من بين أنشطة هذه المؤسسة الإنسانية زيارة دور العجزة لإدخال السرور والفرحة عليهم وتقديم بعض الهدايا المناسبة... وقد لوحظ خلال إحدى الزيارات أن الجميع كان سعيداً بالهدايا، ما عدا سيدة كانت شديدة الاكتئاب ومنطوية على نفسها، وبُذل جهد كبير لمعرفة ما تعانيه، فتبين أن أحداً لم يزرها منذ سنوات... وبعد البحث والاستقصاء اتضح أن لها بنتاً تعيش في إسبانيا، وولداً في الأربعين من عمره في سويسرا، فتم الاتصال بهما، وبعد جهد كبير التقت المؤسسة بهما وقادتهما السيدة نورا إلى والدتهما فكانت سعادة هذه السيدة المكتئبة لا توصف... وتعددت الزيارات، وفي إحداها اعترفت الأم لابنها وابنتها بأن لديها رصيداً مالياً لا بأس به في أحد البنوك، إضافة إلى امتلاكها عدة عقارات.
***
• في هذه الأثناء دخل على المشهد أحد العاملين في دار العجزة ليخبر الابن والبنت بأن نظام الدار يسمح، في حالة عدم رغبة أهل النزيل في استمراره في الدار، بالتخلص منه بتعجيل موته، بعد موافقة أهله على ذلك، فطلب الابن وشقيقته من مدير الدار مهلةً حتى تنتهي إجراءات تحويل العقارات والمبالغ المالية من البنك إلى اسميهما، وبعد ذلك يصبح للدار الحق في تطبيق قانون التعجيل بموت أمهما... وانتهت حياة المرأة بعد أن اتُّخذت إجراءات تخفيف الأدوية عنها كالأنسولين وغيره من الأدوية الأخرى.
***
• ولما علمت المؤسسة الإنسانية بما حدث للسيدة أخذت كل واحدة من العاملات بها تلوم نفسها، وأصبن جميعاً بالوجوم... بل كتبت إحداهن: "ليتنا لم نسع إلى جمعها بابنها وابنتها"... ولما ذهبن إلى الدار ليستوضحن الأمر قيل لهن: "إذا لم تمت السيدة اليوم فستموت غداً، وإذا لم تمت هذه السنة فستموت السنة المقبلة، وهذا قانون يُعمل به في كل دور العجزة للخلاص من كبار السن لإراحتهم".
***
• أمام هذا المنطق البشع، قالت السيدة نورا: أدعو الله صادقةً أن يغفر لي ذنبي؛ لأنني كنت سبباً في كارثةٍ كهذه، وأنا مسلمة علمني القرآن أنه "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا"... وأنا قمت بواجبي، ولكن الجشع وانعدام الروح الإنسانية عند الابن والبنت جعلاهما يقتلان أمهما.
https://www.aljarida.com/articles/1597082880860987200/
11-08-2020
كتب المقال د.نجم عبدالكريم
في فترة عيد الأضحى زارتنا في باريس قادمة من أمستردام شقيقة زوجتي السيدة نورا عمور، التي أمضت في هولندا أكثر من ثلاثين عاماً، وأصبحت ترأس مؤسسة إنسانية تُعنى بالفقراء والمساكين والأيتام والمشردين من مختلف الأديان والجنسيات... وتمتد خدمات هذه المؤسسة إلى رعاية كبار السن وتعليم الصغار، إضافة إلى قيامها بنشاط اجتماعي للأسر المغتربة كتوكيل المحامين لمتابعة القضايا القانونية الناتجة عن الخلافات الأسرية.
ويساعد السيدة نورا في هذه المؤسسة، إلى جانب الموظفين، عدد من السيدات المتبرعات المسلمات ومعظمهن من المحجبات اللواتي لفتت خدماتهن نظر أجهزة الإعلام الهولندية، ففُسح لهنَّ المجال بالحديث عبر شاشات الفضائيات، ولم يُكتفَ بهذا فحسب، بل أصبحت صور النساء المسلمات المحجبات تُعلَّق على حافلات المواصلات العامة في شوارع أمستردام، وقد كُتب عليها "ملائكة رحمة مسلمات".
السيدة نورا روت لي حكاية مؤلمة هي التي دفعتني إلى كتابة هذا المقال.
***
• من بين أنشطة هذه المؤسسة الإنسانية زيارة دور العجزة لإدخال السرور والفرحة عليهم وتقديم بعض الهدايا المناسبة... وقد لوحظ خلال إحدى الزيارات أن الجميع كان سعيداً بالهدايا، ما عدا سيدة كانت شديدة الاكتئاب ومنطوية على نفسها، وبُذل جهد كبير لمعرفة ما تعانيه، فتبين أن أحداً لم يزرها منذ سنوات... وبعد البحث والاستقصاء اتضح أن لها بنتاً تعيش في إسبانيا، وولداً في الأربعين من عمره في سويسرا، فتم الاتصال بهما، وبعد جهد كبير التقت المؤسسة بهما وقادتهما السيدة نورا إلى والدتهما فكانت سعادة هذه السيدة المكتئبة لا توصف... وتعددت الزيارات، وفي إحداها اعترفت الأم لابنها وابنتها بأن لديها رصيداً مالياً لا بأس به في أحد البنوك، إضافة إلى امتلاكها عدة عقارات.
***
• في هذه الأثناء دخل على المشهد أحد العاملين في دار العجزة ليخبر الابن والبنت بأن نظام الدار يسمح، في حالة عدم رغبة أهل النزيل في استمراره في الدار، بالتخلص منه بتعجيل موته، بعد موافقة أهله على ذلك، فطلب الابن وشقيقته من مدير الدار مهلةً حتى تنتهي إجراءات تحويل العقارات والمبالغ المالية من البنك إلى اسميهما، وبعد ذلك يصبح للدار الحق في تطبيق قانون التعجيل بموت أمهما... وانتهت حياة المرأة بعد أن اتُّخذت إجراءات تخفيف الأدوية عنها كالأنسولين وغيره من الأدوية الأخرى.
***
• ولما علمت المؤسسة الإنسانية بما حدث للسيدة أخذت كل واحدة من العاملات بها تلوم نفسها، وأصبن جميعاً بالوجوم... بل كتبت إحداهن: "ليتنا لم نسع إلى جمعها بابنها وابنتها"... ولما ذهبن إلى الدار ليستوضحن الأمر قيل لهن: "إذا لم تمت السيدة اليوم فستموت غداً، وإذا لم تمت هذه السنة فستموت السنة المقبلة، وهذا قانون يُعمل به في كل دور العجزة للخلاص من كبار السن لإراحتهم".
***
• أمام هذا المنطق البشع، قالت السيدة نورا: أدعو الله صادقةً أن يغفر لي ذنبي؛ لأنني كنت سبباً في كارثةٍ كهذه، وأنا مسلمة علمني القرآن أنه "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا"... وأنا قمت بواجبي، ولكن الجشع وانعدام الروح الإنسانية عند الابن والبنت جعلاهما يقتلان أمهما.
https://www.aljarida.com/articles/1597082880860987200/