المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عبدالهادي الصالح وتغييب المعنى الحقيقي (لآل البيت) عن محبي آل البيت!



المهدى
07-21-2005, 10:31 AM
داود العسعوسي


ان من يقرأ مقالات الكاتب عبدالهادي الصالح يظهر له بوضوح انه يعاني من خلط كبير في تحقيق المسائل العلمية، ومن صور هذا الخلط استشهاده بآيات من القرآن الكريم على قاعدة لم يثبتها اصلا بحديث واحد صحيح كما ذكرنا في المقال السابق يقول الكاتب بعد ذكره لبعض الآيات من كتاب الله تعالى: (ما جاء في حق اهل البيت لترى هل يستحقون فعلا التقديس والاحترام الذي من اقل مصاديقه زيارة مراقدهم الشريفة» (الوطن تاريخ 12/6).

هداك الله يا عبدالهادي ما دخل تلك الآيات التي سردتها في مقالاتك في امر شد الرحال للقبور؟ فهي لا تدل لا لفظا ولا معنى ولا حتى اشارة الى هذا ابدا. خذ مثلا استشهاده بجزء من الآية المباركة (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) (سورة الاحزاب/33) فأنت ترى اخي القارئ كيف ربط الكاتب بين الآيات القرآنية وبين شد الرحال للقبور، عن طريق لي اعناق النصوص وتأويل عجيب من الكاتب بعد ان عجز عن ايراد حديث واحد صحيح حجة في شد الرحال. يا عبدالهادي اين وجه الدلالة من الآية على جواز شد الرحال لقبورهم؟ ان حال الكاتب يذكرني بقصة ذلك الرجل الذي قيل له هل يوجد في القرآن دليل على شدك الرحال الى قبر ابي حنيفة رحمه الله؟ فقال: نعم قوله تعالى (اني وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا) (الانعام: 79).

لكن ان كان الكاتب يقصد بإيراده هذه الآيات شيئا آخر غير شد الرحال للقبور كوجوب محبة آل البيت وذكر مآثرهم وفضائلهم فنحن لا نختلف في هذا ابدا، فآل البيت هم سادتنا وقرة اعيننا وفضائلهم جمة وهم سادة الاولياء، وقدوة الفضلاء فعقيدتي وعقيدة كل مسلم هي وجوب محبة آل البيت والترضي عنهم وذكر محاسنهم وفضائلهم لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم اولا، ولعظم شأنهم وكبير قدرهم ثانيا، وعلى رأسهم امير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة والعباس عم المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وابنه ترجمان القرآن عبدالله وجعفر الطيار وحمزة وفاطمة الزهراء سيدة نساء اهل الجنة وعائشة أم المؤمنين حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزوجاته امهات المؤمنين والامام زيد بن علي وابن الحنفية وزين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وغيرهم من سادة آل البيت رضي الله عنهم جميعا.

لكن هناك الكثير من الاشكالات التي يجب ان نلفت النظر اليها فيما ذكره الكاتب في تعريفه لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ابرزها تجاهله الواضح للفضائل المذكورة للعباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وابنه عبدالله ترجمان القرآن، وكذلك فضائل جعفر الطيار، وحمزة اسد الله، وامهات المؤمنين وغيرهم من آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا لا شك يحتم علينا تأصيل اصل مهم وهو من هم آل البيت رضي الله عنهم؟
فأهل البيت هم من حرمت عليهم الصدقة وهم بنو هاشم ونساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهن من آل البيت بالتبعية لا بالاصالة، وذلك انهن قبل اقترانهن بالنبي لم يكن من آل البيت كما دلت عليه عشرات النصوص الثابتة الصريحة.

واستدلال الكاتب بحديث الكساء لا شك انه اختزال لنعمة الله ورحمته التي وسعت كل شيء. ولنا وقفات مع آية التطهير حديث الكساء العظيم الذي استهل بذكره الكاتب في مقاله السابق.
1 - آية التطهير عامة يدخل فيها نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما على القارئ الكريم الا ان يفتح المصحف ويقرأ الآية رقم 28 من سورة الاحزاب الى الآية رقم 35 من السورة نفسها ليرى حقيقة الامر ولمن وجه الخطاب الإلهي، فإن قال قائل: لماذا ذكرت ميم الجمع بدلا من نون النسوة في قوله (عنكم) و(يطهركم) في الآية؟ وجواب هذا ان الخطاب في بداية الآيات هو للنساء فقط، ثم جاء بميم الجمع لدخول الرجال فيه فإذا دخل الرجل مع النساء انقلبت هذه النون الى ميم الجمع للتغليب، ومسألة الخطاب اذا جاء بصيغة التذكير وانه يشمل الذكور والاناث لا يحتاج الى مزيد بيان وتفصيل فهو مشهور ذكره ائمة اللغة العربية والتفسير وغيرهم انظر تفسير القرطبي (14/183)، ويدل على ذلك نصوص كثيرة منها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث (الإفك) الذي برأ منه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: (من يعذرني من رجل قد بلغ اذاه في اهل بيتي، فو الله ما علمت على اهلي الا خيرا (صحيح مسلم رقم 7020). والمقصود بإجماع اهل العلم عائشة رضي الله عنها، وهي التي روت حديث الكساء في فضائل اهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع ذلك يتهمونها بمعاداة اهل البيت.

2 - اجمع اهل اللغة على ان اول من يدخل في لفظ (اهل) هم زوجات الرجل لدلالة القرآن على ذلك، كقوله تعالى عن موسى عليه السلام (وسار بأهله) ولم يكن معه الا امرأته وقوله عن ابراهيم الخليل عليه السلام (رحمة الله وبركاته عليكم اهل البيت) أي زوجته، فكذلك يدخل زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم في اهل بيته بدليل سياق آيات التطهير في سورة الاحزاب حيث صدرت بخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم وصفهن (بأهله) ولا يعارض ذلك بلغة من له اولى معرفة القرآن انظر مقاييس اللغة لأبن فارس (1/150) ولسان العرب لابن منظور (11/29). والمفردات للراغب الاصفهاني (29). وقد سئل المرجع الخوئي: من هم الاهل، هل تعتبر الزوجة منهم؟ فأجاب: نعم الزوجة من الاهل. (صراط النجاة ج2/سؤال رقم 1328).

3 - حديث الكساء العظيم هو عبارة عن ادخال بعض سادة آل البيت كعلي وفاطمة والحسن والحسين وهم من اقرباء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذين لم يكونوا يساكنونه في بيته الكريم في حكم الآية الكريمة، فلا يفهم لا من قريب ولا من بعيد من هذا الحديث قصر مفهوم آل البيت على علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم وحشرنا معهم، ولا يفهم من الحديث كذلك دخول البعض وخروج الآخر فليس من شرط دخول هؤلاء خروج امهات المؤمنين منه رضي الله عنهم جميعا ورحمة الله وسعت كل شيء فلن تضيق بأحد من اجل احد، فمثلا لو قال رجل له عشرة اخوة: عمر وعلي وخالد اخوتي، فهل يعني هذا ان السبعة الباقين ليسوا اخوة له؟ وهذا يرد في كلام العرب بكثرة بل حتى في القرآن خذ مثلا قوله تعالى: (ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والارض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم) (التوبة: 36) أي ذلك من الدين القيم وليس الدين القيم مقصورا على عدة شهور وكون اربعة منها حرما، فكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الكساء (هؤلاء اهل بيتي) أي من اهل بيتي كما بينا.

4 - ولنا كذلك ان نقول: اذا كان حديث الكساء يمنع دخول احد من بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع هؤلاء الاربعة رضي الله عنهم، فكيف دخل علي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وغيرهم من الائمة الكرام الكبار، وهؤلاء بلا شك لم يكونوا موجودين اصلا عندما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك في حديث الكساء.
انظر (آية التطهير لعبدالهادي الحسيني/20).

5 - هناك قاعدة معروفة منتشرة يبدو ان الكاتب عبدالهادي لا يعلمها تقول هذه القاعدة (الاختصاص بالمكرمة لا يعني نفيها عن الغير) انظر (حوار مع فضل الله لهاشم الهاشمي/116 والامام المهدي لمحمد كاظم القزويني/527 الطبعة الثالثة وغيرها الكثير من المراجع والكتب) فلو قلنا ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في حق علي رضي الله عنه (لأعطين هذه الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) صحيح متفق عليه، فهل نفهم من هذا الحديث ان هذه المكرمة منتفية وممنوعة عن الباقين من آل البيت وان الحسن والحسين لا يحبهما الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم! لا ابدا بل هما سيدا شباب اهل الجنة ولا شك في محبة الله ورسوله لهما، فكذلك القول في حديث الكساء.

اخيرا نحن نملك بل نتفوق على الكاتب في منهجيته وطريقته في الاستدلال من الكتب والمصادر من انتفاء أو اختزال، وحتى يعلم الكاتب ان التوافق الذي ينشده ويدندن حوله هو بالاخذ بما اتفق عليه الطرفان لا بما يريد اثباته فقط.

روى ابن بابويه القمي الملقب بالصدوق شهادة ولدي مسلم بن عقيل والتي قالا فيها: (فنحن من عترة نبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونحن من ولد مسلم بن عقيل بن ابي طالب) (الأمالي للصدوق 143 حديث رقم 145).
وروى محمد بن سليمان الكوفي ان حصين بن عقبة سأل زيد بن ارقم (من اهل بيته؟ أليس نساؤه من اهل بيته؟ قال: ان نساءه من اهل بيته ولكن اهل بيته من حرم عليهم الصدقة بعده، فقال له حسين من هم يا زيد؟ قال: هم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس) (مناقب امير المؤمنين رضي الله عنه) 2/116).

واشار الى هذا الاربلي في كشف الغمة وانظر (بحار الانوار للمجلسي 25/237).
وكذلك الحافظ الحلي ذكر ذلك وقال عند قوله تعالى (ولذي القربى) قال: يعني قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: وهم آل علي عليه السلام وآل العباس رضي الله عنه وآل جعفر وآل عقيل رضي الله عنهما ولم يشرك بهم غيرهم، وهذا وجه صحيح يطرد على الصحة لأنه موافق لمذهب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم يدل عليه ما هو مذكور عندهم) (عمد عيون صحاح الاخبار للحلي 6 - 7).

وغيرها من المصادر الكثيرة وروى الصدوق ان عليا عليه السلام قال: يا رسول الله انك لتحب عقيلا، قال أي والله، اني لاحبه حبين حبا له وحبا لحب ابي طالب له وان ولده لمقتول في محبة ولدك... الى ان قال: الى الله اشكو ما تلقى عترتي من بعدي فأدخل عقيل وولديه في مسمى العترة الطاهرة. (امالي الطوسي 191 وبحار الانوار للمجلسي 22/288 - 44/287).
وكذلك الحسين ادخل اخوته في مسمى العترة كأبي بكر وعمر ابني علي بن ابي طالب وغيرهما والذين استشهدوا معه رضي الله عنهم وقال بعد ان جمعهم واهل بيته (اللهم انا عترة نبيك) (بحار الانوار 44/383) وحيثما سأل احدهم زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنه يا بن رسول الله، ألست صاحب الامر؟ قال: (انا من العترة) (بحار الانوار 46/202) ونختم بما ختم به الكاتب فنقول: اعلم اخي القارئ ان هذه الروايات وغيرها الكثير موجودة ومسندة في مئات من المصادر الاسلامية - اكرر مئات المصادر - ومن اراد نماذج منها يراسلنا على البريد الالكتروني.