JABER
07-20-2005, 10:40 AM
قراءة نقدية في المنهج التراثي (3)
محمد يوسف المليفي
في كتاب نفيس للغاية كتب العلامة بكر بن عبدالله ابو زيد حفظه الله كتاباً عنونه »تصنيف الناس بين الظن واليقين« وقد كتب الشيخ بكر حفظه الله في مقدمة كتابه كلاماً غاية في الروعة.. ومن بعض ما قال: »تصنيف الناس« ظاهرة عجيبة نفوذها هي »رمز الجراحين« او »مرض التشكيك وعدم الثقة« حملة فئام غلاظ من الناس ألقوا جلباب الحياء, وشغلوا به اغرارا التبس عليهم الامر فضلوا, واضلوا, فلبس الجميع اثواب الجرح والتعديل, وتدثروا بشهوة التجريح, ونسج الاحاديث والتعلق بخيوط الأوهام فبهذه الوسائل ركبوا ثبج التصنيف للآخرين, للتشهير, والتنفير.. ومن هذا المنطلق الواهي, غمسوا ألسنتهم في ركام من الأوهام والآثام, ثم بسطوها باصدار الاحكام عليهم, والتشكيك فيهم, وخدشهم, والصاق التهم بهم, وطمس محاسنهم والتشهير بهم, وتوزيعهم اشتاتاً ..
وأخذوا يجرحون في عقائدهم, وسلوكهم, ودواخل اعمالهم, وخلجات قلوبهم, وتفسير مقاصدهم ونياتهم .. فترى وتسمع كيف انهم رموا ذاك, او هذا بأنه: خارجي .. اشعري .. اخواني .. تبليغي .. متطرف .. متزمت .. رجعي اصولي .. الخ وان نقبوا في البلاد, وفتشوا عنه العباد, ولم يجدوا عليه اي عثرة او زلة, تصيدوا له العثرات واوجدوا له الزلات مبنية على شبه واهية, وألفاظ محتملة الى غير ذلك من ضروب تطاول سعاة الفتنة والتفرق وتمزيق الشمل والتقطع .. انتهى بتصرف وجيز.
سبق وان اشرت في الجزء الاول من هذه السلسلة عما اسميته »إشكالية التصنيف« والتي اصابت بعضاً من اخواننا المنتمين الى تلك الجمعية المباركة »جمعية احياء التراث الاسلامي« وقد عرضت بعضاً من نماذج التصنيف الذي مارسه بعضهم على احد ابرز ائمة مساجد الكويت والقارئ الاول بالبلد وأعني به الشيخ الفاضل حمد سنان, فرموه بأنه مروج للشرك الاكبر والعياذ بالله وانه صوفي محترق وانه يدعو لعبادة القبور والطواف حولها.. الخ تلك التهم والتخريصات التي هو بريء منها كبراءة العذراء البتول مريم من فاحشة الزنا.
ومما يدلك اخي القارئ على ان مرض التصنيف قد بلغ اطنابه في بعضهم هو قوله جزافاً ومن دون حتى تثبت ولا بينة ظاهرة على ان الرجل يطوف حول القبور او يدعو للطواف حول القبور..! فهذا الشيخ حمد سنان امام مسجد البشر في منطقة مشرف قد اقسم لي بالايمان المغلظة انه ما طاف حول قبر قط ولا دعا يوماً للطواف حول اي قبر سواء أكان قبر نبي او رجل صالح .. ومسجد البشر مكانه ظاهر معروف والشيخ لا يفتر يوماً في امامة المصلين هناك, ومن اراد التثبت بنفسه فدونه المسجد هناك وليصل الفجر عنده او العصر وليسأله بنفسه عن صحة تلكم التهم المرذولة.
المشكلة والبلية العظمى لا تكمن في مجرد »التصنيف« ولكن ما يتبع هذا التصنيف من بخس حقوق الناس وحرق سمعتهم بالباطل وتشويهها وتنفير الناس منهم بغير حق .. ولا يعلم هؤلاء الناس انهم بفعلهم المشين هذا قد اوقعوا انفسهم بقصد منهم او بغير قصد تحت طائلة الحديث الصحيح الذي رواه الامام احمد والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنه قال »روى الامام احمد والطبراني في الحديث الصحيح عن ابن عمر قال: قال صلى الله عليه وسلم »من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع, ومن قال في مؤمن ما ليس فيه اسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج« ومعنى ردغة الخبال هي عصارة أهل النار من القبح والصديد والعياذ بالله تعالى من ذلك.
معاشر السادة النبلاء
الشيخ حمد سنان ليس هو محور الاختلاف والنقد في هذه السلسلة النقدية على بعض المنتمين لجمعية احياء التراث, وانما قصدت منه ان اضرب مثالاً مصغراً لما بات يعانيه بعض المنتمين لجمعية التراث.. وننبه بأنه اذا كان رسل الله قد نهوا عن الغلو بالصالحين لانه يفضي في النهاية الى تقديسهم واضفاء العصمة عليهم.. ومن ثم عبادتهم من دون الله كما حدث مع الرجال الصالحين وداً وسواعاً ويغوث ونسراً.. فانه ايضاً تصنيف الناس سيؤدي في النهاية الى ما هو اعظم من مجرد التصنيف .. حيث سيصل الامر في النهاية الى اخراج الناس من الملة المحمدية وتكفيرهم بل وجعلهم اعظم شراً واكثر خطراً من عمرو بن لحي وأبي لهب وزوجته حمالة الحطب ..! وهذا الذي نخشى منه ونحذر منه وقع بالحرف الواحد..!
في الحلقة القادمة بإذن الله سنستعرض معكم بعضاً من أقوال ابرز المشايخ الذين تحتفي بهم جمعية التراث وسنورد لكم رأيه في جموع المنتمين الى اهل السنة لتروا بأنفسكم كيف ان بعض المنتمين للجمعية ما هم الا ضحايا لكبرائهم الذين ورطوهم بهذا المنهج الخطير .. فانتظرونا.
* كاتب كويتي
mlaifi@maktoob.com
محمد يوسف المليفي
في كتاب نفيس للغاية كتب العلامة بكر بن عبدالله ابو زيد حفظه الله كتاباً عنونه »تصنيف الناس بين الظن واليقين« وقد كتب الشيخ بكر حفظه الله في مقدمة كتابه كلاماً غاية في الروعة.. ومن بعض ما قال: »تصنيف الناس« ظاهرة عجيبة نفوذها هي »رمز الجراحين« او »مرض التشكيك وعدم الثقة« حملة فئام غلاظ من الناس ألقوا جلباب الحياء, وشغلوا به اغرارا التبس عليهم الامر فضلوا, واضلوا, فلبس الجميع اثواب الجرح والتعديل, وتدثروا بشهوة التجريح, ونسج الاحاديث والتعلق بخيوط الأوهام فبهذه الوسائل ركبوا ثبج التصنيف للآخرين, للتشهير, والتنفير.. ومن هذا المنطلق الواهي, غمسوا ألسنتهم في ركام من الأوهام والآثام, ثم بسطوها باصدار الاحكام عليهم, والتشكيك فيهم, وخدشهم, والصاق التهم بهم, وطمس محاسنهم والتشهير بهم, وتوزيعهم اشتاتاً ..
وأخذوا يجرحون في عقائدهم, وسلوكهم, ودواخل اعمالهم, وخلجات قلوبهم, وتفسير مقاصدهم ونياتهم .. فترى وتسمع كيف انهم رموا ذاك, او هذا بأنه: خارجي .. اشعري .. اخواني .. تبليغي .. متطرف .. متزمت .. رجعي اصولي .. الخ وان نقبوا في البلاد, وفتشوا عنه العباد, ولم يجدوا عليه اي عثرة او زلة, تصيدوا له العثرات واوجدوا له الزلات مبنية على شبه واهية, وألفاظ محتملة الى غير ذلك من ضروب تطاول سعاة الفتنة والتفرق وتمزيق الشمل والتقطع .. انتهى بتصرف وجيز.
سبق وان اشرت في الجزء الاول من هذه السلسلة عما اسميته »إشكالية التصنيف« والتي اصابت بعضاً من اخواننا المنتمين الى تلك الجمعية المباركة »جمعية احياء التراث الاسلامي« وقد عرضت بعضاً من نماذج التصنيف الذي مارسه بعضهم على احد ابرز ائمة مساجد الكويت والقارئ الاول بالبلد وأعني به الشيخ الفاضل حمد سنان, فرموه بأنه مروج للشرك الاكبر والعياذ بالله وانه صوفي محترق وانه يدعو لعبادة القبور والطواف حولها.. الخ تلك التهم والتخريصات التي هو بريء منها كبراءة العذراء البتول مريم من فاحشة الزنا.
ومما يدلك اخي القارئ على ان مرض التصنيف قد بلغ اطنابه في بعضهم هو قوله جزافاً ومن دون حتى تثبت ولا بينة ظاهرة على ان الرجل يطوف حول القبور او يدعو للطواف حول القبور..! فهذا الشيخ حمد سنان امام مسجد البشر في منطقة مشرف قد اقسم لي بالايمان المغلظة انه ما طاف حول قبر قط ولا دعا يوماً للطواف حول اي قبر سواء أكان قبر نبي او رجل صالح .. ومسجد البشر مكانه ظاهر معروف والشيخ لا يفتر يوماً في امامة المصلين هناك, ومن اراد التثبت بنفسه فدونه المسجد هناك وليصل الفجر عنده او العصر وليسأله بنفسه عن صحة تلكم التهم المرذولة.
المشكلة والبلية العظمى لا تكمن في مجرد »التصنيف« ولكن ما يتبع هذا التصنيف من بخس حقوق الناس وحرق سمعتهم بالباطل وتشويهها وتنفير الناس منهم بغير حق .. ولا يعلم هؤلاء الناس انهم بفعلهم المشين هذا قد اوقعوا انفسهم بقصد منهم او بغير قصد تحت طائلة الحديث الصحيح الذي رواه الامام احمد والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنه قال »روى الامام احمد والطبراني في الحديث الصحيح عن ابن عمر قال: قال صلى الله عليه وسلم »من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع, ومن قال في مؤمن ما ليس فيه اسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج« ومعنى ردغة الخبال هي عصارة أهل النار من القبح والصديد والعياذ بالله تعالى من ذلك.
معاشر السادة النبلاء
الشيخ حمد سنان ليس هو محور الاختلاف والنقد في هذه السلسلة النقدية على بعض المنتمين لجمعية احياء التراث, وانما قصدت منه ان اضرب مثالاً مصغراً لما بات يعانيه بعض المنتمين لجمعية التراث.. وننبه بأنه اذا كان رسل الله قد نهوا عن الغلو بالصالحين لانه يفضي في النهاية الى تقديسهم واضفاء العصمة عليهم.. ومن ثم عبادتهم من دون الله كما حدث مع الرجال الصالحين وداً وسواعاً ويغوث ونسراً.. فانه ايضاً تصنيف الناس سيؤدي في النهاية الى ما هو اعظم من مجرد التصنيف .. حيث سيصل الامر في النهاية الى اخراج الناس من الملة المحمدية وتكفيرهم بل وجعلهم اعظم شراً واكثر خطراً من عمرو بن لحي وأبي لهب وزوجته حمالة الحطب ..! وهذا الذي نخشى منه ونحذر منه وقع بالحرف الواحد..!
في الحلقة القادمة بإذن الله سنستعرض معكم بعضاً من أقوال ابرز المشايخ الذين تحتفي بهم جمعية التراث وسنورد لكم رأيه في جموع المنتمين الى اهل السنة لتروا بأنفسكم كيف ان بعض المنتمين للجمعية ما هم الا ضحايا لكبرائهم الذين ورطوهم بهذا المنهج الخطير .. فانتظرونا.
* كاتب كويتي
mlaifi@maktoob.com