المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : براءة بعد عشرين عاما! .....أنيس منصور



فاتن
07-20-2005, 10:27 AM
لم أكد أخطو إلى داخل المركز حتى شعرت بدوخة، وتساندت على أحد اساتذة مركز (الرازي للسموم) في إحدى ضواحي مدينة طهران، قال لي: مالك؟

ولكنه لم يصدقني وقال لي: إنه مزيج من الخوف والقرف، ومن النادر أن يحدث لأحد ذلك، فأنا أعيش من عشر سنوات داخلا خارجا.

وظل يصف الأفاعي والعناكب والعقارب ويطيل، وكأنه يصف ملكات الجمال، وبمنتهى المتعة واللذة راح يقارن بين العيون والألسنة والرؤوس وألوان الجلود، ولم أجد كل هذه الصفات الجميلة في الأفاعي التي تبعد وتقترب وترفع اعناقها.. وبسبب صوت غريب يخرجه من فمه كانت الأفاعي تزداد اقترابا وترفع رؤوسها كأنها تصغي إليه باهتمام شديد ـ على فكرة الأفاعي ليست لها أذان وإنما تلتقط الموجات الصوتية بلسانها!

وبعض الأفاعي لا ترى أو ضعيفة النظر ولذلك تعتمد على درجات حرارة المكان عن طريق خلايا ضوئية على جانبي الرأس.

اما مهمة هذا المعهد فهي جمع أكبر كمية من السموم وتحويلها إلى مسحوق لشركات الأدوية العالمية، وهي تستخدم السموم في علاج أوجاع الروماتيزم والذبحة الصدرية، ولذلك فالذين يعملون في تربية النحل لا يصابون بأية أوجاع في المفاصل ولا يصابون بالربو، وذلك بسبب السموم في لسعات النحل أيضا.

وكان في نيتي أن أحكي عن الخرافات في الريف المصري، ولكن لم تطاوعني نفسي أن أفتح فمي وأقول. فلم أقل اننا في الريف نعتقد أن هناك أنواعا من الأفاعي أسمها «ذات الجوهرة»، فهي تخفي في حلقها جوهرة مضيئة، فإذا أرادت الأفاعي أن تصيد العصافير أو الفئران أخرجت الجوهرة من حلقها وراحت على ضوئها تصيد ضحاياها، فإذا ابتلعت وامتلأت أعادت الجوهرة إلى مكانها ومضت إلى أوكارها.

وأخيرا جدا وجدت تفسيرا لهذه الدوخة التي أصابتني ولم يصدقني أحد علماء المركز، فقد قرأت في مقال نشرته «نيويورك تايمس» أن بعض الأفاعي الهندية تنفخ في الهواء بالقرب من فريستها فإذا هي ساقطة على الأرض في حالة إغماء فكأن الأفعى قد وفرت سمومها لما هو أخطر واكتفت بتدويخ الضحية، فإذا تصورت أن في معهد الرازي أكثر من ألف ثعبان كلها تنفخ في هواء المركز ليلا ونهارا، فمن الطبيعي أن أدوخ، ومن الطبيعي أن الذي أعتاد على سموم الأفاعي وأنفاسها لا يدوخ.

براءة بعد عشرين عاما. وغلطان يا أستاذ يا بتاع الأفاعي.