فيثاغورس
06-25-2020, 09:34 AM
https://www.skynewsarabia.com/images/v1/2020/06/01/1348914/800/450/1-1348914.jpg
25 يونيو 2020
الكاتب:ايليا ج. مغناير
صاغت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما، «قانون قيصر» العام 2016 لإخضاع سورية، لكنها أبقتْه في الدرج. فنفض الرئيس دونالد ترامب الغبار عنه بغية تطبيقه ليقع في أحضان إيران ويساهم بتقوية موقعها في الشرق الأوسط.
وها هي بدأتْ بتطبيق سلسلة من الخطوات لبيع نفطها وتمويل حلفائها في «محور المقاومة» لتتجاوز الصرف من احتياطها من العملات الأجنبية.
«محور المقاومة» أفاد من سياسات أميركا وإسرائيل الخاطئة في الشرق الأوسط. فبعد غزو إسرائيل للبنان العام 1982 وُلد «حزب الله»، وتمنّعت أميركا عن دعم العراق عندما احتلّ «داعش» أجزاء منه العام 2014 ولم تسلّمه السلاح المدفوع ثمنه، فأنتج العراق «الحشد الشعبي» الموالي في جزء كبير منه لإيران، وبسبب الحرب شبه العالمية على سورية لإزاحة الرئيس بشار الأسد، فتحت دمشق الباب للقوات الإيرانية وقواعدها على نحو لم تكن تحلم به طهران أبداً.
وأقفلت العقوبات الأوروبية - الأميركية على سورية البابَ أمام الشركات العربية وخصوصاً بعدما أقنعت واشنطن دولاً في الشرق الأوسط بعدم إعادة فتح سفاراتها في سورية. فتوجهت دمشق نحو إيران التي دعمتْها بعشرات آلاف المقاتلين والمستشارين العسكريين وشحنت عشرات الملايين من براميل النفط وقدّمت عشرات المليارات من الدولارات لدفْع رواتب الجيش والموظفين ولسدّ الاحتياجات الأساسية في سورية.
وبعدما أعلن ترامب نيته السيطرة على النفط والغاز في مناطق الشمال - الشرقي من سورية، وبعد إعلان تطبيق قانون «قيصر»، أرسلتْ واشنطن لائحة بمطالبها إلى دمشق وعلى رأسها إخراج إيران و«حزب الله» من سورية، في وقت لم يكن ليأتي هؤلاء ويتموْضعوا في سورية، كما هو الوضع اليوم، لولا الحرب التي تُشن لتغيير نظام الأسد.
وتَعتبر إيران أن سورية بلاد «خصبة» للاستثمار ما يتيح لها توسيع تجارتها. كما أوجدت طهران طريقة لدعم العملة السورية المحلّية لتمكين دمشق من تَجَنُّب استخدام احتياطها من العملة الأجنبية، كما تَجَنُّب التعامل بالدولار الأميركي. وهكذا تلتفّ إيران وسورية على العقوبات الأميركية.
بالإضافة إلى ذلك، زودت طهران حليفتها دمشق بصواريخ دقيقة وصواريخ مضادة للطائرات، رغم تدمير إسرائيل العدد الكبير منها خلال مئات الغارات التي شنتها على مدى أعوام الحرب. فتل أبيب فشلت في إزالة التهديد ضدها واستطاعت سورية بناء الترسانة التي تحتاجها مستقبلاً.
وأرسلت إيران وفوداً إلى سورية مباشرة بعد صدور «قانون قيصر» ووقّعت عقوداً تجارية مع دمشق وعرضت خبراتها في كسْر العقوبات الأميركية وخصوصاً أنها تعيش منذ العام 1979 في حالة حصار. وكذلك لحقت بها روسيا، إذ أعلن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف «أن بلاده لا تدعم العقوبات غير القانونية وأنها ستزوّد سورية بكل ما تحتاجه».
وتهدف العقوبات الأميركية إلى عزْل سورية وكذلك لبنان الذي يرتبط معها بحدود برية وحيدة مفتوحة على العالم العربي. وإذا تجاهل لبنان مفاعيل «قيصر» فستُفرض عقوبات على مسؤوليه ما يؤدي إلى تعليق مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي ووقف جميع المشاريع الدولية الغربية التي لم ترَ النور بعد. وهذا يدفع به أكثر إلى أحضان إيران التي تقف على أهبة الاستعداد لتزويد لبنان بالوقود والأدوية التي يحتاج إليها.
ولا تمانع إيران في قبض ثمن نفطها بالعملة اللبنانية لتجنّب استخدام الدولار الأميركي تجارياً. وهذا يجنّب أيضاً المصرف المركزي اللبناني استخدام القليل من احتياط الدولار الذي ما زال يناور به لشراء احتياجاته الأساسية، ولكن هذا يساعد طهران أيضاً عبر عدم مدّ يدها إلى احتياطها من العملة الأجنبية لدفع ما تنفقه شهرياً من عشرات ملايين الدولارات على حلفائها في لبنان.
ولإيران حلفاء أيضاً في سورية حيث أثبتت قدرتَها على تَجاوُز العقوبات الأميركية بإرسالها ناقلات نفط إلى دمشق. وهي مستعدّة لقبول الثمن بالليرة السورية بغية دفْعها لحلفائها وأصدقائها المنتشرين على طول الخريطة السورية، وتالياً فإنها لن تستسلم للعقوبات كما لم تفعل منذ 1979. وستستخدم خبرتها لتمكين حلفائها من الالتفاف على هذه العقوبات.
وما يجري الآن يعيدنا إلى قرار أوباما الجلوس إلى طاولة المفاوضات في الملف النووي مع إيران لأن سببه الرئيسي كان فشل الحصار والعقوبات وأن نتيجة أعوام الحصار الطويلة أجبرت طهران على الاكتفاء الذاتي في مجالات متعددة وطرق متنوعة للبقاء والتسلّح. وقد انخفضت صادراتها النفطية من 119 مليار دولار سنوياً إلى 9 مليارات ولكنها حقّقت 41 مليار دولار من الصادرات غير النفطية من خلال تصديرها إلى الصين والعراق وتركيا والإمارات.
ولأن إيران غنية بالنفط، فإنها تستطيع استخدام ثروتها لدعم «محور المقاومة» كما فعلت في الأشهر الأخيرة. وقد تضطر أميركا لتخفيف الضغط على سورية والعراق ولبنان وقبول فشل «حربها الناعمة»، خصوصاً أنها كشفت أنها لم تعد تريد تغيير الرئيس الأسد، ما يتناقض مع العقوبات المبنية على اتهامه بالتعذيب وضرورة محاسبته.
وقلبتْ إيران «الحرب الناعمة» على أميركا وحوّلتْها فرصةً لها، مستفيدة من أخطاء الولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق الأوسط. وتتحضر لتقديم مشروع السكة الحديد من سورية إلى العراق وإيران (ويمكن أن يشمل لبنان أيضاً) لنقل نفطها مستقبلاً بأقلّ الكلفة وبأكبر كمية ممكنة.
https://www.alraimedia.com/Home/Details?id=c0be92cc-3604-4643-9b62-83825de27676
25 يونيو 2020
الكاتب:ايليا ج. مغناير
صاغت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما، «قانون قيصر» العام 2016 لإخضاع سورية، لكنها أبقتْه في الدرج. فنفض الرئيس دونالد ترامب الغبار عنه بغية تطبيقه ليقع في أحضان إيران ويساهم بتقوية موقعها في الشرق الأوسط.
وها هي بدأتْ بتطبيق سلسلة من الخطوات لبيع نفطها وتمويل حلفائها في «محور المقاومة» لتتجاوز الصرف من احتياطها من العملات الأجنبية.
«محور المقاومة» أفاد من سياسات أميركا وإسرائيل الخاطئة في الشرق الأوسط. فبعد غزو إسرائيل للبنان العام 1982 وُلد «حزب الله»، وتمنّعت أميركا عن دعم العراق عندما احتلّ «داعش» أجزاء منه العام 2014 ولم تسلّمه السلاح المدفوع ثمنه، فأنتج العراق «الحشد الشعبي» الموالي في جزء كبير منه لإيران، وبسبب الحرب شبه العالمية على سورية لإزاحة الرئيس بشار الأسد، فتحت دمشق الباب للقوات الإيرانية وقواعدها على نحو لم تكن تحلم به طهران أبداً.
وأقفلت العقوبات الأوروبية - الأميركية على سورية البابَ أمام الشركات العربية وخصوصاً بعدما أقنعت واشنطن دولاً في الشرق الأوسط بعدم إعادة فتح سفاراتها في سورية. فتوجهت دمشق نحو إيران التي دعمتْها بعشرات آلاف المقاتلين والمستشارين العسكريين وشحنت عشرات الملايين من براميل النفط وقدّمت عشرات المليارات من الدولارات لدفْع رواتب الجيش والموظفين ولسدّ الاحتياجات الأساسية في سورية.
وبعدما أعلن ترامب نيته السيطرة على النفط والغاز في مناطق الشمال - الشرقي من سورية، وبعد إعلان تطبيق قانون «قيصر»، أرسلتْ واشنطن لائحة بمطالبها إلى دمشق وعلى رأسها إخراج إيران و«حزب الله» من سورية، في وقت لم يكن ليأتي هؤلاء ويتموْضعوا في سورية، كما هو الوضع اليوم، لولا الحرب التي تُشن لتغيير نظام الأسد.
وتَعتبر إيران أن سورية بلاد «خصبة» للاستثمار ما يتيح لها توسيع تجارتها. كما أوجدت طهران طريقة لدعم العملة السورية المحلّية لتمكين دمشق من تَجَنُّب استخدام احتياطها من العملة الأجنبية، كما تَجَنُّب التعامل بالدولار الأميركي. وهكذا تلتفّ إيران وسورية على العقوبات الأميركية.
بالإضافة إلى ذلك، زودت طهران حليفتها دمشق بصواريخ دقيقة وصواريخ مضادة للطائرات، رغم تدمير إسرائيل العدد الكبير منها خلال مئات الغارات التي شنتها على مدى أعوام الحرب. فتل أبيب فشلت في إزالة التهديد ضدها واستطاعت سورية بناء الترسانة التي تحتاجها مستقبلاً.
وأرسلت إيران وفوداً إلى سورية مباشرة بعد صدور «قانون قيصر» ووقّعت عقوداً تجارية مع دمشق وعرضت خبراتها في كسْر العقوبات الأميركية وخصوصاً أنها تعيش منذ العام 1979 في حالة حصار. وكذلك لحقت بها روسيا، إذ أعلن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف «أن بلاده لا تدعم العقوبات غير القانونية وأنها ستزوّد سورية بكل ما تحتاجه».
وتهدف العقوبات الأميركية إلى عزْل سورية وكذلك لبنان الذي يرتبط معها بحدود برية وحيدة مفتوحة على العالم العربي. وإذا تجاهل لبنان مفاعيل «قيصر» فستُفرض عقوبات على مسؤوليه ما يؤدي إلى تعليق مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي ووقف جميع المشاريع الدولية الغربية التي لم ترَ النور بعد. وهذا يدفع به أكثر إلى أحضان إيران التي تقف على أهبة الاستعداد لتزويد لبنان بالوقود والأدوية التي يحتاج إليها.
ولا تمانع إيران في قبض ثمن نفطها بالعملة اللبنانية لتجنّب استخدام الدولار الأميركي تجارياً. وهذا يجنّب أيضاً المصرف المركزي اللبناني استخدام القليل من احتياط الدولار الذي ما زال يناور به لشراء احتياجاته الأساسية، ولكن هذا يساعد طهران أيضاً عبر عدم مدّ يدها إلى احتياطها من العملة الأجنبية لدفع ما تنفقه شهرياً من عشرات ملايين الدولارات على حلفائها في لبنان.
ولإيران حلفاء أيضاً في سورية حيث أثبتت قدرتَها على تَجاوُز العقوبات الأميركية بإرسالها ناقلات نفط إلى دمشق. وهي مستعدّة لقبول الثمن بالليرة السورية بغية دفْعها لحلفائها وأصدقائها المنتشرين على طول الخريطة السورية، وتالياً فإنها لن تستسلم للعقوبات كما لم تفعل منذ 1979. وستستخدم خبرتها لتمكين حلفائها من الالتفاف على هذه العقوبات.
وما يجري الآن يعيدنا إلى قرار أوباما الجلوس إلى طاولة المفاوضات في الملف النووي مع إيران لأن سببه الرئيسي كان فشل الحصار والعقوبات وأن نتيجة أعوام الحصار الطويلة أجبرت طهران على الاكتفاء الذاتي في مجالات متعددة وطرق متنوعة للبقاء والتسلّح. وقد انخفضت صادراتها النفطية من 119 مليار دولار سنوياً إلى 9 مليارات ولكنها حقّقت 41 مليار دولار من الصادرات غير النفطية من خلال تصديرها إلى الصين والعراق وتركيا والإمارات.
ولأن إيران غنية بالنفط، فإنها تستطيع استخدام ثروتها لدعم «محور المقاومة» كما فعلت في الأشهر الأخيرة. وقد تضطر أميركا لتخفيف الضغط على سورية والعراق ولبنان وقبول فشل «حربها الناعمة»، خصوصاً أنها كشفت أنها لم تعد تريد تغيير الرئيس الأسد، ما يتناقض مع العقوبات المبنية على اتهامه بالتعذيب وضرورة محاسبته.
وقلبتْ إيران «الحرب الناعمة» على أميركا وحوّلتْها فرصةً لها، مستفيدة من أخطاء الولايات المتحدة وإسرائيل في الشرق الأوسط. وتتحضر لتقديم مشروع السكة الحديد من سورية إلى العراق وإيران (ويمكن أن يشمل لبنان أيضاً) لنقل نفطها مستقبلاً بأقلّ الكلفة وبأكبر كمية ممكنة.
https://www.alraimedia.com/Home/Details?id=c0be92cc-3604-4643-9b62-83825de27676