المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكاتب الأمريكي توماس فريدمان : لدينا رئيس يروج لعلاج المشعوذين بدلا من الأطباء



صاحب اللواء
06-18-2020, 09:48 AM
17 يونيو 2020

توماس فريدمان: هل يحاول ترامب نشر «كوفيد - 19»؟

ترامب : ما هو علاج المشعوذين الذي يمكنني الترويج له اليوم؟


https://d1wnoevxju5lec.cloudfront.net/storage/attachments/5781/38095587_601471_highres.jpg

امرأة تجري اختبار مصل الدم في واشنطن مع استمرار تفشي «كورونا» في أميركا (رويترز)


محمد أمين - عندما يتم الانتهاء من تدوين السجل الكامل لفيروس «كورونا» في أميركا، قد يذهب المؤرخون إلى أن أكبر خطأ ارتكبه الرئيس دونالد ترامب لم يكن ما فشل في القيام به في أوائل عام 2020، عندما كانت الإستراتيجية الصحيحة لمكافحة الفيروس صعبة وغير مثبتة ويدور حولها جدل واسع، بل ما فشل في القيام به في يونيو 2020، عندما كانت الإستراتيجية الصحيحة واضحة ومثبتة وسهلة نسبيا.

لا شك أن هذا الفيروس غامض، ولكن هناك الكثير مما نعرفه الآن، الذي يمكن أن يجعل مرحلة ما بعد الإغلاق أقل خطورة بكثير وأكثر جدوى من الناحية الاقتصادية.

لقد أشار كبير خبراء الحكومة الدكتور أنتوني فوشي إلى أن اتخاذ خطوات مواجهة الفيروس سهلة نسبيا، بالإضافة إلى أن الاختبار، وتتبع سلاسل انتقال الفيروس، وتطبيق الحجر الصحي على المصابين، من شأنه أن يقضي -على ما يبدو- على إمكانية عودة المرض ما بعد الإغلاق ويحد من عدد الأشخاص الذين هم بحاجة إلى دخول المستشفى اثناء فترة انتظار تطوير لقاح.

أمر شيطاني ولكن، لدينا رئيس يقوم بدلاً من ارتداء قناع بتحويل ارتداء القناع إلى تحدٍ بطولي ضد الليبراليين.

رئيس يجبر 1100 من طلاب «ويست بوينت» على العودة إلى الحرم الجامعي والحجر الصحي لمدة أسبوعين، حتى يتمكن من التقاط صورة في حفل تخرجهم.

رئيس يخطط لتظاهرة حاشدة في مدينة تولسا بولاية أوكلاهوما، السبت، شرط أن توقع على تعهد بإعفاء الرئيس من المسؤولية القانونية ذات الصلة بمخاطر الإصابة بمرض «كوفيد- 19».

رئيس يشيد بحكام الولايات الذين أصدروا القرار بفتح الحانات والمطاعم للناس للتجمع معا. إنه أمر شيطاني تماما،

مثل أن يستيقظ ترامب كل صباح ويسأل نفسه: ما هي نصيحة خبير الصحة التي يمكنني تحديها اليوم؟

ما هي الوصفة البسيطة لتقليل احتمالات استمرار انتشار الفيروس بعد عمليات الإغلاق، هل يمكنني تجاهلها اليوم؟

ما هو علاج المشعوذين الذي يمكنني الترويج له اليوم؟

لقد جادلت منذ بداية هذا الوباء بأن هدفنا يجب أن يكون إستراتيجية مستدامة تزيد من إنقاذ الأرواح وسبل العيش الى الحد الأقصى، وقد ذهلت من الانتقادات التي تقول إن أي شخص يتحدث عن إنقاذ الأرواح والوظائف في الوقت نفسه هو رأسمالي عديم الشعور.. هذا جنون. فلدينا الآن 40 مليون أميركي عاطلون عن العمل. وستكون العواقب الصحية والنفسية مدمرة، إذا استمر الوضع لمدة ستة أشهر أخرى. سلوك عبثي لكن ترامب يريد عودة أكبر عدد من الأميركيين إلى العمل الآن، وأن ترتفع سوق الأسهم الآن، دون أن يُطلب من الأميركيين اتخاذ الاحتياطات، حتى السهلة منها.

هذا السلوك ليس عبثياً فقط، إنه غباء على نحو لا يصدق. لأن الناس لن يعودوا إلى العمل ولن يخرجوا لتناول العشاء إذا رأوا الكثير من أفراد الأسرة وزملاء العمل والأصدقاء يمرضون ويموتون، بغض النظر عما يقوله الرئيس. إننا نحتاج إستراتيجية للتكيف المجتمعي تجاه الفيروس ولتعظيم الحياة وسبل العيش، تعتمد على الكيمياء والبيولوجيا والفيزياء، بدلاً من السياسة والأيديولوجيا ومواعيد الانتخابات.

مناعة مجتمعية وعمليات الإغلاق لا تعني شيئاً، تختفي الفيروسات فقط إذا كان بإمكانك تطوير لقاح أو ما يكفي من الأشخاص الذين يطورون مناعة مجتمعية من خلال اكتساب العدوى وبناء أجسام مضادة طبيعية لها.

ترامب، للأسف، لا يحترم الفيروس. إنه لا ينسق استجابة متماسكة للصحة العامة، ولا تقوم الاستجابة التي ينسقها على الكيمياء والبيولوجيا والفيزياء، ولكن على احتياجاته السياسية الخاصة. وإذا تزامنت عودة «كوفيد-19» في جميع أنحاء البلاد مع التظاهرات المزدحمة والمكثفة ضد عمليات القتل التي تقوم بها الشرطة، خاصة من قبل الأميركيين السود الذين تضرروا أيضا بشكل غير متناسب من «كورونا»، ومع بطالة جماعية عالية، ومع أمة منهكة تجد نفسها مطالبة بمواجهة جولة ثانية من عمليات الإغلاق، فاحذر من العواقب. يقول خبير الصحة العامة الدكتور ديفيد كاتز إن «لدينا بيانات هائلة، من هنا في الولايات المتحدة ومن جميع أنحاء العالم، تشير الى أن هذه العدوى تمثّل تهديدا خطيرا للمسنين والمصابين بأمراض مزمنة، ولكنها خفيفة على الأصغر سنا والأصحاء بشكل عام».

توقعات مثيرة للقلق

وأضاف أنه «تم تأكيد العديد من التوقعات المثيرة للقلق بشأن المحددات الاجتماعية للصحة وعواقب البطالة الجماعية. لقد شهدنا بالفعل ارتفاع معدلات الإدمان والعنف المنزلي والضغوط النفسية».

وتابع: «نحن نعرف الآن الكثير عن مخاطر التعرض للفيروس. فهذا الفيروس لا ينتقل بسهولة، ولا يصاب الكثير من الناس بالعدوى من أشخاص يعانون من الاصابة المؤقتة العابرة أو المنخفضة أو إذا كانت لديهم مقاومة جزئية لهذا العامل المرضي، أو كليهما». وجادل كاتز بأن كل هذا يوفر معلومات استخبارية قابلة للتنفيذ. ويمكننا، بل يجب علينا القيام بعمل أفضل بكثير لحماية الضعفاء والمسنين، وخاصة في دور رعاية المسنين، وجميع المصابين بأمراض مزمنة خطيرة. وأضاف: «بعد ذلك، يمكن لبقية أفراد المجتمع ممارسة نشاطهم، مع اتخاذ الاحتياطات المعقولة، مثل ارتداء الأقنعة والالتزام بالتباعد الجسدي وتجنب الأماكن الداخلية المزدحمة».

طريقتان ويمكننا أيضا أن نرى الآن، مع ارتفاع عدد الحالات في بعض الاماكن في جميع أنحاء البلاد التي لم تشهد موجة مبكرة من العدوى وهي الآن تفتح بشكل عشوائي «مدى صحة التحذير من مخاطر مجرد تسوية المنحنى دون إستراتيجية لتقييم المخاطر. فالمنحنى المسطح يؤخر الإصابة، ولا يمنعها، لأنه لم يتم تطوير مناعة بعد». والعودة إلى الحياة الطبيعية تتطلب مناعة واسعة النطاق ضد الفيروس، التي لا تتأتى الا بطريقتين: الأولى، لقاح آمن وفعال ومنتج بكميات كبيرة وموزع عالميا. سيكون هذا هو الحل الأفضل، وسيتم انتاج اللقاح في الخريف ويمكن للجميع العودة إلى العمل بأمان في الأشهر اللاحقة. ولكن قد لا يحدث ذلك، ولا يمكننا أن نبقي الاقتصاد متوقفاً.

الثانية، هي «المناعة المجتمعية الطبيعية، حققها أولئك منا الذين يتعرضون لمخاطر منخفضة للإصابة الشديدة، والذين يمكنهم العودة بأمان إلى العمل والمدرسة والحياة كما عرفناها، مع أخذ الحماية المناسبة والمعقولة. وفي الوقت نفسه، يجب أن نحرس أولئك الأكثر ضعفًا حتى ينجلي المرض.

فقط هذا النوع من النهج المدروس ومحسوب المخاطر يمكن أن يؤدي الى المناعة المجتمعية مع أقصى درجات الأمان وأدنى حدود الضرر من العدوى وعواقب الإغلاق لفترة طويلة، معاً».

أما نهجنا العشوائي الراهن، فلا يجلب سوى الضرر.

للمزيد: https://alqabas.com/article/5780859