مشاهدة النسخة كاملة : وفاة المستشار في الديوان الأميري ووزير المالية السابق عبدالرحمن العتيقي
12 يونيو 2020
توفي، اليوم، المستشار عبدالرحمن سالم العتيقي
هذه مقابلته مع مجلة الرجل السعودية سنة 2015 يتحدث فيها عن نفسه
https://www.arrajol.com/sites/default/files/styles/800x530/public/2016/10/17/3-3-scan0003%20%284%29.jpg?itok=egMxANN9
عبد الرحمن العتيقي
مارس /اذار 1995
بعد 14 عاما من الصمت يتحدث السياسي ورجل الاعمال الكويتي عبد الرحمن سالم العتيقي فيروي لـ "الرجل " قصته المرتبطة كثيرا بتاريخ الكويت و المنطقة الخليجية ككل.
والمستشار عبد الرحمن العتيقي يعتبر اول من مثل بلاده في الامم المتحدة يوم نالت استقلالها. وبالاضافة الى خبرته السياسية كوزير ورجل دولة عاصر ثلاثة من امراء الكويت فهو رجل اعمال ناجح يدير مؤسسات مالية خارج بلده الكويت ايمانا منه باهمية الحيادية وعدم الجمع بين منصب ومكانة سابقة و مركز حالي يمثله .
لو سألنا عبد الرحمن العتيقي عن نفسه، فماذا يقول؟
انا من مواليد 1928. في السادسة من عمري ادخلنا والدي، رحمه الله، المدارس الموجودة في ذلك الوقت، حيث كان التعليم ينصب في على القرآن الكريم والحساب، فالتحقت بمدرسة عبدالله عبد اللطيف العثمان واخوانه لمدة سنتين. وفي عام 1936 بدأ التعليم النظامي، وبعدها انتقلت الى المدرسة المباركية. ورغم صغر سني، فإنني بدأت في الصف الرابع، لأن تحصيلي في السنتين السابقتين، اهلني لأتجاوز ثلاثة فصول. وبسبب اعتلال صحتي المستمر، في ذلك الوقت، حيث كنت أعاني مرضاً في عينيّ، جعلني اترك الدراسة واتوقف عنها في عام 1942.
واستقررت في المنزل لمدة عام كامل، وقد كنت احاول ان استفيد وان اعلم نفسي اثناء توقفي عن الدراسة، وقد وفقت في هذه الناحية وسبقت زملائي الذين اتيحت لهم الفرصة الذهاب الى الخارج لاستكمال الدراسة الثانوية والجامعة، من خلال البعثات الدراسية. ولازمت احد المدرسين الكويتيين المتخصصين، وهو هاشم بدر القناعي، رحمه الله، الذي علمني اللغة الانجليزية والطباعة على الالة الكاتبة. لازمت استاذاً آخر من اهل الكويت، هو عبد الله سنان، وهو اديب وشاعر، حيث تعلمت على يده الحساب ومسك الدفاتر التجارية. الا ان ظروف الحياة والسعي وراء طلب الرزق، جعلاني اعمل في تمويل الاطعمة، بعد الحرب العالمية الثانية. وفي عام 1944 انتقلت إلى قسم يسمّى "تمويل الاقمشة"، لمدة عام واحد.
العمل مع "الأوبك"
معروف عنك انك احد المبرّزين في النفط، فكيف دخلت هذا المجال؟
التحقت بعد عملي في الاقمشة، بشركة النفط عام 1949. واعتمدت في ذلك على اللغة الانكليزية التي كنت أتميّز بها على من معي من المتقدمين.
وعُيّنت في وظيفة مشرف عام على العمال في جميع مناطق التنقيب عن النفط. وبعد ان تزوجت وجدت انه لا بدّ ان اعمل في عمل اضافي لأحسّن دخلي.
وكانت الفرصة شبه جاهزة، حيث كان هناك توجه لدى التجار الكويتيين، بعد انتهاء الحرب، للاتصال مباشرة بالشركات المصدّرة للمنتجات التي كان يستهلكها السوق الكويتي. وعملت مع بعض التجار الكبار، وكان دوري معهم كتابة الرسائل وطباعتها باللغة الانكليزية، وترجمة ما يصلهم من رسائل من تلك الشركات.
ولم يطل بي المقام في العمل في شركة النفط فتركتها عام 1949، وبدأت العمل مع المغفور له أمير الكويت الشيخ صباح السالم في العام نفسه في ادارة الشرطة. وعُيّنت فيها في وظيفة مترجم.
ولكن لتعودي العمل لساعات طويلة، تتجاوز 13 ساعة يومياً، خاصة في الشركات، طلبت من الشيخ صباح، أعدّ مشروعاً لتنظيم دائرة الشرطة، فسمح لي، وهو ما ترك اثراً طيباً في نفسي لأعبر عن طاقاتي المخزونة. واستمررت بالعمل في ادارة الشرطة 10 سنوات، بعدها انتقلت مع الشيخ صباح الى دائرة الصحة، ولم يطل المقام بالمدير العام هناك لكبر سنه.
فبعد ثلاثة شهور من تولي الشيخ صباح، قدم استقالته، فكلفني بأن اكون مديراً عاماً للصحة والخدمات الطبية. واستمررت فيها قرابة سنتين ونصف السنة، حتى عام 1961.
بعد ذلك انتدبت للعمل مندوباً دائماً في الأمم المتحدة وكنتُ أول من مثل الكويت فيها. وبعد ذلك بعام قدمت اوراق اعتمادي سفيراً لدولة الكويت لدى الولايات المتحدة، في عهد الرئيس كيندي.
وبعد ذلك بعامين أمر الامير الراحل عبدالله السالم، بأن اعود الى الكويت واعمل وكيلاً لوزارة الخارجية.
لعبت دوراً سياسياً في تسوية الحدود قديماً مع العراق، فما حدود إسهامك؟
قبل رجوعي، اغتيل عبد الكريم قاسم الذي كان مصدر ازعاج للكويت، حيث عرض عليّ عدد من الشخصيات العراقية المخلصين بأن أعرض على الحكومة الكويتية إعادة العلاقات مع العراق. وعرضت ذلك على الحكومة، فشاركت في الوفد الكويتي، برئاسة الشيخ المرحوم صباح السالم، وكان رئيساً للوزراء وولياً للعهد. فسافرت الى العراق للتهنئة بالحكومة الجديدة وبداية المفاوضات لحل مشكلة الحدود، حتى توصلنا الى اتفاقية اكتوبر 1963، التي اقرت من خلالها الحكومة العراقية جميع الاتفاقيات السابقة مع الكويت.
استمر عملي بعد ذلك في وزارة الخارجية، حتى عيّنت وزيراً للمالية والنفط عام 1967. وكانت الوزارة تقتصر في عملها على جباية الاموال من عائدات النفط والجمارك.
ولكن بعد ان ازدهرت اسعار النفط، وخاصة في عام 1970، حيث حصلت الكويت على حصة اكبر في تصدير النفط، ووجدنا ان المستقبل سيؤول للمشاركة النفطية حتماً عاجلاً أم آجلاً، وأن هناك عملاً كثيراً للنفط ومشتقاته، سواء التكرير او تصنيع الغاز، وتحتاج تلك المنتجات الى تسويق، وكانت امكانياتنا البشرية والفنية غير مهيّأة لتولي هذه المهمة كاملة، فبدأنا نبحث عن الشريك، الا ان مشروع المشاركة غير محبب لدى الدول العربية، لأن هناك نقمة عارمة على الاستثمار ولدتها الثورات العربية، الى درجة ان قسموا الشارع العربي بما سمّوه بالتقدميين والرجعيين، ونحن ابناء الخليج عدّونا من الرجعيين، فكان المجال الوحيد الخصب هو الضغط على هذه المنطقة فيما يتعلق بالمصالح النفطية التي كانت في اغلبها تسمّى المصالح الامريكية والاوروبية، فلجأت بعض الدول الثروية إلى تأميم مواردها الاقتصادية، مثل قناة السويس وما شابهها. وفي اعتقادي انه من خلال التأميم وقع ضرر على تلك الدول العربية التي تدعو الآن الشريك الاجنبي إلى أن يستثمر امواله مباشرة على اراضيها. اما نحن في الخليج فقد سلكنا طريق المشاركة، لأننا لا نستطيع مجابهة تلك الدول الكبرى، خاصة أننا حديثو العهد في اعمال الادارة وهندسة البترول والتسويق وغيرها، الى ان توصلنا الى وضع دراسات من خلال "الاوبك". وكان للكويت والمملكة العربية السعودية دور كبير في اقناع اعضاء الأوابك بمشاركة الشريك الاجنبي، فقدمنا ورقة المشروع في عام 1967 فرُفضت وقدمناها ثانية في السنة التالية، فوافقت الأوبك، وقبلت مبدأ دراسة الموضوع وجندت لها كفاءات من خارج الأوبك مستشارين، خرجوا من بعد سنتين بالدراسة وأوصوا بدخول المشاركة الاجنبية التي لا تتعدى 20% وتتدرج فيما بعد الى نسب اعلى وصلت بعد ذلك الى 25%.
كانت السعودية والعراق والكويت، التي كنت امثلها تقوم بالمفاوضات. وحققنا نتائج لا بأس بها في عام 72- 1973 حيث بلغت نسبة المشاركة 25%، ولأن مجلس الامة كان منشغلاً فقد اجل نقاشها الى وقت آخر، لأنه كان يناقش ميزانية الدولة. وهنا أتيحت لنا الفرصة لإعادة المفاوضات في تلك الاتفاقيات وكانت سرية ونجحت الكويت في المشاركة بأن تكون نسبتها 60% مملوكة لها، و40% للشريك الاجنبي، على ان تتملك حكومة الكويت النسبة المتبقية بعد اربع سنوات اذا طلبت ذلك. وعلى ان يكون التعويض بالنسبة نفسها. وبعد مرور ثلاث سنوات امتلكت الكويت حصتها كاملة في منشآتها النفطية وحقولها، وأعتقد انه اصبح منطقاً عقلانياً في سبيل الوصول الى الهدف المنشود، وهو مايسمى بالتكتيك عن طريق التدرج في تاميم المنشات الوطنية بخلاف المجابهات الثورية.
وألقيت محاضرة عن الشريك الاجنبي في نيوورك، وكان لها صدى كبير، وهاجمتني الصحف الامريكية هجوماً شديداً، وخرجت مانشتاتها، متهمة الكويت بأنها تطالب بالمصادرة وليس المشاركة.
وقد كسبت المملكة العربية السعودية والكويت بهذه الخطوة علاقات متميزة مع الدول المستوردة للنفط. اما في العراق الذي تأخر عن الركب، فقد اعلن احمد حسن البكر بقصد المشاركة مع الشركات الاجنبية عن طريق المجابهة، ما دفع تلك الدول المالكة للشركات إلى فرض الحصار النفطي عليه وعلى منتجاته وتجميد مدخراته. ونتج عن ذلك خسائر كبيرة للعراق ودول الخليج، حيث وقفت معه موقفاً مشرفاَ، وقدمت له دعماً مالياً كبيراً الى ان ينتهي الحصار عنه بل تدخلت بحكم علاقاتها لدى الشركات المتضررة محاولة منها لرفع الحصار عن العراق ونجحنا في ذلك.
ثم تقدّمت باقتراح للامير الراحل صباح السالم، ورئيس الوزراء ولي العهد الأمير جابر احمد الصباح، بفصل وزارة النفط عن المالية. وتم ذلك في عام 1974. وكان وزيرها زميلي عبداللطيف الكاظمي. واستمررت في وزارة المالية حتى عام 1981، وكانت الخاتمة في العمل الحكومي.
بعدها صدر مرسوم اميري في العام نفسه، وأنا خارج الكويت بتعييني مستشاراً للأمير. وقبل صدور ذلك المرسوم كنت قد اتفقت مع زملاء لي في الكويت بأن أرأس بنك البحرين والشرق الأوسط، وبنك الاستثمار العربي أيضاً. وعرضت ذلك على الامير الذي بارك هذه الخطوة وخاصة انها خارج دولة الكويت.
ولماذا لم يكن نشاطك التجاري داخل الكويت؟
بحكم منصبي مستشاراً للامير لا احب ان يكون هناك اي احتكاك او ربط مع عمل آخر داخل الكويت، حتى ابعد كل البعد عن المجاملات والوساطة، مع العلم بان ابني يعمل في السوق وعلاقته بي علاقة الاب بالابن فقط، ولا اتدخل في عمله البتة، وله مطلق الحرية في التصرف للاعتماد على النفس.
من خلال توليك حقيبة وزارة المالية والبترول، كانت لك إسهامات كبيرة في ارساء دعائم الاستثمارات الخارجية للكويت وتأمين المواطن الكويتي في الداخل من خلال التأمينات الاجتماعية.
لا اريد ان ادعي لنفسي شيئاً، لأن الانسان قليل بنفسه كثير بإخوته. وأي انسان يدعى لنفسه شيئاً هوو يعمل من خلال منظومة، هو إنسان قاصر، لأن الفرد لا يقيم شيئاً وحده، خاصة انه لا شيء خاص به، ولست ممسكاً بقيادة البلاد، حتى أدّعي شيئاً لنفسي، فأنا أعمل من خلال منظومة، والمنظومة هي الحكومة ورئيس وزرائها. صحيح اذا كان الانسان جاداً في عمله راغباً في تطويره وحسن أدائه، يعطي من وقته وجهده ما يكفي للنجاح، ولكن لا يدعيه لنفسه لأنه لولا زملاؤه ورئيسه في العمل، لما استطاع أن يتفوّق.
وما أستطيع ان اقوله، وهو ليس من باب المجاملة او الاطرا، وإنما اقرار حقيقة؛ فأميرنا الحالي، لا أقول عنه الآن شاب ولكن كان شاباً وصادقاً، مع الله ومع نفسه، وكان موضع ثقة امير الكويت الراحل عبدالله السالم، فأولاه ادارة المالية، وكان اشد الناس حرصاً وأمانة، ولم تكن الواردات من ذلك الحجم الذي يكفي للاستثمار، لكن مع مرور الوقت بدأ يتكون رصيد من المال، فكان التوجه اولاً نحو الاستثمار في داخل الكويت وبناء البنية الاساسية، وكان اهم شيء عنده الحرص على سلامة الصرف من الداخل، وبدأ رئيس المالية في مطلع الخمسينات بإنشاء دوائر الدولة. فرسم السياسة المالية، التي لم تكن لها قواعد ولا وجود. فجمع الخبراء ليضعوا السياسة المالية وسياسة الصرف وقواعد الميزانية. وفي ذلك الوقت لم تكن هناك وزارات وانما دوائر كان يرأسها افراد الاسرة الحاكمة لا يعرفون التقيد بشيء - وتحولت هذه الدوائر الى وزارات في مطلع عام 1968، وبدأ ينمو رصيد وزارة المالية التي توجهت للاستثمار في الداخل بإنشاء المؤسسات التي يعجز القطاع الخاص عن انشائها.
وعندما تسلّمتُ وزارة المالية في 1967 لم تكن الاحتياطيات تزيد على 200 مليون دولار، ومعظمها مستثمر من الداخل. ولكن الذي اسس قواعد الاستثمار في الخارج هو الشيخ جابر الاحمد الصباح، وهو في منصب وزير المالية وهو صاحب فكرة انشاء صندوق الكويت للتنمية الاقتصادية الذي اسهم في مساعدة الدول العربية.
ومن الافكار التي طرحتُها على مجلس الامة، قبل ان يحل في عام 1976، يتلخص في امرين: اما خفض الانتاج او رفع حصيلة الزيادة التي تحصلنا عليها، وهي مليونان ونصف المليون برميل، ووضعها في حساب يسمى "حساب الاجيال القادمة". وكان من مؤيدي هذه الفكرة الشيخ جابر الاحمد. وظلت الفكرة في مجلس الامة قرابة ست سنوات، حتى اصبح لدينا احتياطيان: احتياطي عام واحتياط الاجيال القادمة، متمثلة في استثمارات خارجية وداخلية كبيرة جداً. وعندما تركتُ وزارة المالية كان لديها احتياط اجيال قادة وصل الى 100 مليار دينار كويتي. ولكن هذا الاحتياط ضاع الآن، بسبب العراق وحربه مع ايران. والجزء الباقي ضاع مع الغزو واحتلال الكويت.
والبقية الباقية التي كوّنت خلال 14 عاما من 1976 الى 1990 استُخدمت في اعادة الإعمار بعد التحرير.
اما مؤسسة التأمينات الاجتماعية، فهي من الافكار الجيدة التي قامت في عهدي، وترأستها في بدايتها حتى شبّ عودها واستوت على ساقيها شامخة تبشر بخير عميق ومستقبل طيب لمصلحة الموظفين لدى الدولة.
تعرضت الاستثمارات الكويتية الى هزات كثيرة، آخرها على ايدي بعض الأفراد الذين عملوا فيها، فهل هذا صحيح؟
لا؛ أقول لا. والصحيح انه حصلت تجاوزات، وهذه التجاوزات تافهة ضُخّمت لأغراض سياسية. فأي مؤسسة عملاقة معرضة للخسارة. والاسواق العالمية معرضة للتقلبات مع تذبذب الطلب والعرض.
ومع ذلك تبقى العملية تافهة وصادرة عن اناس تافهين، لأن الانسان لا يمدّ يديه إلى قشور. ومما زاد من هذه الخسائر الضجيج. وعندما تنهار مؤسسات قائمة بالتبعية، تنهار معها طبقة كبيرة من العمال والموظفين. والتضخيم الذي صاحب تلك التجاوزات التافهة لأغراض سياسية شارك في هدم الثقة.
ولو طلب مني الاشراف على الاستثمارات الآن، لرفضت.
حلم بعيد
الدول الأوروبية بصدد توحيد عملتها، مارأيك في هذه الخطوة لو طبقت بين دول مجلس التعاون الخليجي؟
هذا أمر بعيد المنال، لأن الرغبة غير موجودة وما خططنا له اصبح على الورق. وما انفقنا من مال الى يومنا هذا لا يساوي ما وصلنا اليه. وليس هناك امل الا بتغيير جذري كامل. هذا واقعنا لا اقتصاد لا سياسة ولا تعاون.
متى تستعيد الكويت عافيتها الاقتصادية؟
لا بدّ ان تحل مسألة المديونيات اولاً، مهما كلف ذلك ومهما استفاد اشخاص على حساب الاخرين، وأن يصرف الموضوع من قائمة "السياسة" وينظر اليه من زاوية اقتصادية بحتة، ولا تسترجع الدولة الا النزر القليل وهي مسؤولة عن الخطأ اساساً، لأنها تدخلت في عملية سوق المناخ عام 1982.
وكان يجب على الحكومة ان تقف موقفاً واحداً، وتضمن اموال المودعين حتى لا تنهار ثقة الناس.
كنت ضمن من اسس جمعية المعاقين الكويتية، فهل تحدثنا عن هذا الدور؟ وما الذي وصلت اليه الجمعية لخدمة اعضائها؟
دوري هو واحد من ضمن مجموعة من المؤسسين الذين اوجدوا هذه الفكرة وأسسوها. وبدأنا العمل سنة 1971 باستئجار مقر للجمعية. وترأست المجموعة الى يومنا هذا. ونحن الآن بصدد انشاء مركز جديد ميزانيته تقترب من نصف مليون دينار.
لو عدنا إلى قضية الاستثمار، فهل أسهمت الصحافة الكويتية في خسائر هذا الاستثمار؟
ما يسمى بحرية الصحافة ليس بحرية عندنا، بل هو "تخبيص". والصحافة استغلال لهدم بعضنا لبعض، وليس هناك قوانين.
كيف تقيّمون الاستثمارات الكويتية، بعدما أسميتموه بالضجيج الذي أسهم في النيل من ثقتها لدى المستثمرين؟
الآن موجود ادارة قائمة بذاتها تتمثل بخطى الصالحين ممن سبقوها. تستعيد الاستثمارات الخارجية الكويتية عافيتها بصورة طبيعية ولا تضيع في خضم التعقيدات التي وجدت من قوانين. ولا تدخل من ضمن زمرة الخائفين، فتنطلق في كل عمل تجاري يتعرض للخسارة والربح.
والذي لا يخسر لا يربح. ولا يوجد عمل مضمون ربحه مئة في المئة. وعلى سبيل المثال البنوك اليابانية، قبل سنتين، وضعت 60 مليار دولار خسائر، في عقارات استثمارية، فنحن عندما خسرنا سوق المناخ 3-4 مليارات دينار، تضخمت في سوق المناخ هذه الخسارة حتى انها قلبت الدينار عام 82 الى يومنا هذا ولم نصل الى الاسلوب الامثل لحل هذه المشكلة التي قد تعيق عودة الاقتصاد الكويتي الى وضعه الطبيعي، وانعكست على تصرف الناس ورغبتهم في الاستثمار داخل بلادهم. ما دفعهم الى الخروج بأموالهم خارج البلاد وانقسمت الى لصوص ونصابين، حسب ما اسماه الاخوان في مجلس الامن. وأنا لا اقول إنه لا يوجد لصوص، ولكن هذا لا يعني ان اهل الكويت كلهم كذلك.
ذكرتم أن الاستثمار يريد رجلاً شجاعاً، وأنه لا بدّ ان توضع قوانين تحدّ من التسيّب والتجاوزات للاستثمارات الكويتية؟
في أثناء الاحتلال، غفل المسؤول عن متابعة الاختصاص فتصرف من تحته تصرفات غير لائقة، وهذا لا يعني ان كل من يعمل في هذا المجال مشكوك فيه، وفي صلاحيته. بدليل ان من عليهم اصابع الاتهام لا يتجاوزون اصابع اليد الواحدة. وكان بإمكاننا القبض عليهم واسترجاع الاموال التي اخذت في هدوء في اسبانيا دون الاساءة الى دولة صديقة او الى اشخاص.
بعد توقفك عن العمل الحكومي انخرطت في العمل الخاص، فهل تحدثنا عن ذلك؟
انا الآن أرأس مؤسستين. وهذا يعطيك فكرة ان التوفيق ليس دائما حليفك، حيث ان احدى المؤسستين غير موفقة، بنك البحرين والشرق الاوسط. لأنها انشئت لأغراض معينة وفي ظروف خاصة، وهو يعتمد على الوديعة والاقراض ورأس المال. والفترة السيئة التي بدا فيها عام 1982 كان يتوقع التطورات التي حدثت في الحرب العراقية الايرانية، وبدأ الآن يستعيد عافيته. بينما بنك الاستثمار العربي، المؤسسة الموفقة، أنشئت لأغراض لا تعتمد على الاقراض، ولكنها تعمل في ميادين شراء شركات قائمة تحتاج لتطوير.
كيف تستطيع التوفيق في عملك بين مؤسستين استثماريتين؟
لا تعارض اطلاقَاً، لأن الاثنتين تتعاونان ولكل واحد مصلحة عند الاخرى. ولا اتدخل بينهما لأن لكل واحدة مجلس ادارة يحدد سياسة عملها وتصرف كل منهما ليس مسؤوليتي ولست رقيباً عليهما.
ماذا تعني لك الوساطة؟
انت تعلم، دائماً نتحدث في امورنا حينما نريد ان نغطي فشلنا وأنا انظر إلى الوساطة، اذا تدخلت في امور تنتزع فيها حق شخص لتعطيها إلى شخص آخر، هذا لا يجوز اما اذا كانت الوساطة تذكيراً او توضيحاً او مساعدة انسان غير قادر على الوصول الى حق من حقوقه؛ فإن "المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً".
علاقتك بالأمير كيف تتحدث عنها؟
أريد أن أحتفظ بها لنفسي.
كيف تقضي وقت فراغك؟
عندي متسع من الوقت اقضي اغلبه في القراءة الشاملة، لأحضر نفسي في شيء معين من القراءات. ولكن شيئاً واحداً أجد نفسي فيه هو قراءة القصة.
كيف هي علاقتك بأبنائك؟
علاقة الصديق في اعمالهم. اما علاقتي معهم في البيت فعلاقة الاب بأبنائه الذين تربوا على الاحترام. وبعد ذلك تبقى الحرية متاحة، مستنداً الى المثل العربي "اذا كبر ولدك خاويه" فلم يعد هناك مجال للسيطرة على الابناء وإلا اعدمت شخصيتهم، ولكن تبقى هناك صورة مرسومة لا تهتز وهي الاحترام المتبادل.
كم عدد أولادك؟
عندي ثلاثة اولاد، اثنان يعملان وواحد مايزال يدرس، وخمس بنات متزوجات، وأصبح لدي 22 حفيداً وبانتظار مزيد.
قبل أن نختم حديثنا، هل هناك شيء تودعنا به؟
اني احب جريدة "الشرق الاوسط" وأعشق مجلة "المجلة"، لأن لهما مكانة سامية في تحقيقاتهما وكتاباتهما، وأتابع مجلة "الرجل"، اما المجلات النسائية فليس لها نصيب عندي. وأحب ان اذكر ثلاثة اشخاص يدخلون السرور في نفسي: خالد القشطيني في مربعه الصغير، وعبدالله باجبير في عموده، والأخ عبدالرحمن الراشد في افتتاحيته، فأنا أطرب لعبد الرحمن وهو يكتب في السياسة، ولعبدالله باجبير، وهو يجلب لنا برشامة من الثقافة والمعرفة، ليقدمها لنا من خلال قهوة الصباح.
موقف طريف
احداث كثيرة احيانا تجر المرارة وأحيانا تجر الابتسامة. مثلاً علاقاتنا بعضنا ببعض، قد ترى الصراخ والعويل داخل المجلس، ولكن عندما يخرج الجميع تتغير الصورة لأن البلد صغير وليس هناك مجال للعداء. وأذكر عندما كنت وزيراً عام 1974 وفي يوم من الايام، كنت قد جئت الى المجلس متأخرا وأحد الاخوة خارج مع ابنه الصغير يتجاوز الثلاثة عشر سنة، وقلت له خير اليوم معاك ابنك، تبغي ندربه على العمل؟". فقال لا، الحق قد اتيت به كي يتعرف إليك حتى يأتي يوم من الايام، ويكون عضواً في مجلس الامة يقوم بالدور الذي اقوم به الان في الهجوم عليك. فقلت له هذا خبر طيب معناه انك سوف تموت انشاء الله عما قريب، وابنك يحل محلك، وأنا سوف استمر مدة طويلة حتى يكبر ابنك، فقال انا اردت ان اهاجمك وأنت ارجعت الموضوع علي.
وهناك موقف آخر، عضو في المجلس كان يتكلم في موضوع يخصني، وكان هجومه عنيفاً، وبمجرد ان انتهى من كلامه قال ان من حق الوزير ان يردّ قبل اي تعليق آخر. فرددت عليه بكل هدوء وفندت كلامه، فأسقط في يده وفي يد النواب الآخرين، واكتفوا بما قلت، وكان هذا النائب له أخ نائب ايضاً، كتب ورقة يقول فيها:
"أخي أبو أنور صدق المثل القائل "كذب مصفصف خير من صدق مخربط".
https://www.arrajol.com/content/62431/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA/%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AA%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A7%D 8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AE%D9%86%D8%A9
مع الرئيس الأمريكي جون كنيدي
https://img.alayam.com/upload/imagebrowser/files/1053571.jpg
مسافر
06-12-2020, 09:43 PM
إنا لله وإنا إليه راجعون
الله يرحمه
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir