المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لن نتقدم ......أحمد البغدادي



مجاهدون
07-18-2005, 04:30 PM
أحمد البغدادي

* نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية

في عام 1981 وافق البرلمان والحكومة على قانون عنصري يمايز بين الناس بسبب الدين حيث تقرر اقتصار حق التجنس على المسلم. يومها لم تكن حقوق الإنسان قضية, ولنتخيل لو أن الولايات المتحدة ومعها اوروبا أقرت قانونا يمنع نصرة من ليس مسيحياً مثلاً, ماذا كان سيحدث للكويتيين, أو البوسنيين من قبلهم, والعراقيين من بعدنا? سنكون عندئذ إما موتى أو لاجئين. ولكن تحضرهم وإنسانيتهم وعلمانيتهم تأبى عليهم ذلك لإيمانهم بإنسانية الإنسان, وحقه المطلق في ممارسة إنسانيته بما يوفر له حياة كريمة, ومثل هذه المفاهيم غائبة عن الجماعات الدينية وكذلك الحكومات التي تحتضنها مثل حكومتنا.

الأسبوع الماضي نشرت الصحف اقتراح النائب الاسلامي د. فيصل المسلم القاضي بسحب جنسية المواطن الذي يصدر بحقه حكم نهائي لادانته (بسب النبي »ص« او زوجاته او صحابته, أو الإساءة إلى أي منهم, أو التقليل من شأنهم أو مكانتهم أو الحط من قدرهم أو كرامتهم) كما ورد حرفيا في »السياسة« يوم الخميس الماضي. والسؤال:»أين هي الذات الإلهية? أم أن روح الكراهية والطائفية هي التي أملت مثل هذا الاقتراح? سؤال نوجهه إلى ممثل الأمة وعليه أن يجيب عنه إذا كان صادقاً في دعواه. كيف تنسى الذات الإلهية?

وبالمناسبة أتحدى هذا النائب أن يذكر قضية واحدة تضمنت سباً للنبي »ص« وأن ينتبه جيداً للسؤال ولا يحرف الحقائق. ومن الواضح أيضاً أن دكتوراه التاريخ التي لدى السيد النائب لم تنفعه بشيء في العلم بأحداث التاريخ الاسلامي! وأما تفسير القرآن فليس له, فيا عجباً له كيف يتجرأ على الخوض في ما لا يعرفه?! ولا شك أنه سيفعل ما فعله زميله د. وليد الطبطبائي حين عدل في قانون العقوبات الإسلامي بعد انتقاد رجال القانون له, وسيعود بعد مقالنا إلى إضافة الذات الإلهية, وإذا لم يقم بالتعديل وأصر على قانونه كما هو, ستكون مصيبة أكبر.
الحكومة الكويتية التي يديرها التيار الديني في مثل هذه القضايا ستوافق على هذا القانون, فالذي يوافق على عنصرية التجنيس, يوافق على ما هو أسوأ منه! سحب الجنسية في القضايا ذات النفس الديني. وهذا القانون ستستفيد منه الحكومة كثيرا إذ لن يجرؤ أي كاتب بعدها على الخوض في قضايا التاريخ الإسلامي أو تفسير القرآن تجنبا لمثل هذه العقوبة, إذ ليس من السهل مواجهة مثل هذا القانون الإجرامي الذي يشبه نظام العقوبة الجماعية في إسرائيل, لأن سحب الجنسية ممن يصدر بحقه مثل هذا الحكم سيؤذيه بل ويهلك أهله, وسيضيع أولاده بعد فقده عمله ومنزله الحكومي, وسيعجز عن سداد الديون التي عليه, وسيكون شعار الكتاب يومها: إنجُ سعد فقد هلك سعيد.

إن هذا القانون يتعارض مع أبسط حقوق الإنسان. ونقول لمتوسطي الذكاء إن الأمر لا علاقة له بالدين, بل بحق الإنسان في أن يكون مواطناً يكتسب حقوق المواطنة من خلال الجنسية التي يحصل عليها حين يستحقها وفقا للقانون, ثم يأتي قانون آخر لا علاقة له بالدين ينسف حق المواطنة, والقانون المقترح للنائب فيصل المسلم لا علاقة له بالدين واتحداه ان يقدم نصاً من القرآن أو حديثاً نبوياً يقرر مثل هذه العقوبة المبتدعة التي توصف - دينياً - بالضلالة .. ومكانها النار إن شاء الله.

إن صدور مثل هذا القانون, وهو ما سيحدث سيضع الكويت مرة أخرى في صدارة الدول التي تنتهك حرية التعبير, فمعايير الغرب ليست هي معاييرنا, والحرية - خاصة التعبير - لديهم مقدسة, وليست مهانة كما هو الحال عندنا.

سيقول البعض من مداهني التيار الديني والذين يتجاهلون الدين إذا ما انتهكت حرماته حين يتم على أيدي الكبار كما حدث مع حفل نانسي عجرم الذي ظهرت خلفه كلمة (الله) وهي تتنطط وتغني في حفل »الوطن« ولم ينبس فيصل المسلم أو غيره من المتدينين بكلمة, حتى حين تسألهم عن مدى حرمته, وما هو حكم الشرع فيمن قام بتمويله وحضوره, سيقول هؤلاء: هل تريد ان نسمح بسب النبي »ص« وصحابته وازواجه? وأقول لهم: كفى خداعا وتضليلاً وافتراء لأن ذلك ليس من خلق الإنسان فضلاً عن المؤمن, واكرمونا بسكوتكم وكفوا عن المجتمع أذاكم.