مجاهدون
07-18-2005, 03:45 PM
محمد حمود البغيلى
بدأ العالم في صباح كل يوم يشهد حدثا اجراميا يهدد الامن العالمي، ويمس الافراد قبل المؤسسات والسلطات، وغالبا ما يكون وراء هذه الاحداث افراد وجماعات تنتمي إلى الإسلام، والمضحك المبكي انه كلما اكتُشف منفذو الاحداث، واتضحوا انهم من المسلمين نادى وعاظنا بأن هؤلاء فعلوا ما فعلوا باسم الإسلام، وهو بريء منهم.
ويتناسى هؤلاء الوعاظ او المفكرون الإسلاميون، كما يطلقون على انفسهم انهم دائما ما كانوا يدعون في خطبهم ومنابرهم الى استخدام القوة في مواجهة اليهود والنصارى من دون استثناء، ولكن بما ان القوة غير متوافرة بعد في مقابل ضعف اسلامي وتشرذم وتخلف يكتفي اولئك الوعاظ بالدعاء الى الله عز وجل على اليهود والنصارى بالقتل والتدمير تارة، وتارة اخرى تكفر الارهابيين المحليين، وتخرجهم عن الملة اذا هددوا السلطة التي ترعاهم.
هذا ما يمكن ان نسميه بـ «الانفصام الفكري»، لأن اولئك الوعاظ يفقهون ما يقولون ويعرفون حدودهم، وما حولهم، ولهذا تجدهم احيانا يشتمون الدولة التي تستضيفهم، وتؤمن على حياتهم وارزاق اولادهم، ويدعون على اهلها لأنهم على ثقة بإيمانهم المطلق بالحرية التي هم لا يؤمنون بها اصلا رغم ان الإسلام سبق الغرب في تشريعها وتحديد معاييرها وحدودها.
لا يمكن فصل السياسة عن الإسلام، ولكنه يمكن القول ان السياسة لا تصب في قالب الإسلام ابدا، وهذا يعني ان الإسلام، كما يشمل اسس كل شيء في الحياة، فإنه يحوي على جزء مهم من الخطوط العريضة للسياسة، ولكنها مبادئ عامة خالية من التفصيل الا في حالات نادرة.
يعبر الفكر الديني عن ثوابت الهية نابعة من التجارب التاريخية، بينما السياسة لا ثوابت فيها وتعبر عن متغيرات او واقع دائم التبدل والتطور للأحسن او الاسوأ، فكيف تصديق تفصيلات «المنفصمين» السياسيين والاطمئنان إلى رؤاهم وتصوراتهم حول الإسلام في ظل آلياتهم المغلقة ونماذجهم الفاشلة، حيث لا وجود لنظام او تيار سياسي اسلامي الا ولطخ يديه بالدماء ضد الذين ارادوا مجرد التعبير عن آرائهم؟ ان الإسلام هو دين الحقيقة، وليس غير الحقيقة، بينما السياسة هي فن الممكن والخروج بأقل الخسائر هذا ما قد يدعو الى تلويث الإسلام اذا ما استخدم كغطاء للمصالح الشخصية والقومية، وقد يؤدي الى تراجع الصحوة الإسلامية الفاشلة اكثر من تراجعها الحالي مواكبة مع رفض الغرب لكل ما هو اسلامي والحذر منه مع تراجع نسبة الداخلين في الإسلام بسبب المسلمين انفسهم وامرهم عند الله الحسيب على كل شيء.
لا سبيل لتغيير الواقع الا بتغيير مسبباته، وبما ان الإسلام والسياسة هما المحوران الاساسيان في حل الازمة الاخلاقية والانسانية بشكل عام، فلا بد من وضع اسس خطة جديدة لتجديد الفكر السياسي الإسلامي، ولا يعني التجديد، اضافة عناصر مستحدثة كما تصور الإسلاميون الذين رفضوا ما يسمى «الإسلام المدني»، مصرحين بأن الغرب يسعى دائما الى تحطيم تصوراتهم لأنها الانجح والافضل، ولا يعرفون ان الغرب انما يريد ان تنشط عقولهم وتنتبه لعناصر وجوانب الإسلام الاخرى لما فيها من عدل وتسامح لا يتعارضان مع المجتمعات المدنية المعاصرة القائمة على ارضية علمانية بحتة.
ينطلق التجديد من نقطة الاصلاح في الفكر عن طريق النقد الحر، ويمر على التيارات باستخدام السياسة العملية الواضحة والفكر الواقعي والتعامل السلمي مع النظام، وهذا لا يتأتى الا بإصلاح الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشعوب لاستقرارها وتنميتها لتخفيف حدة التوترات الداخلية المولدة للعنف، وتحقيق الامة، وقدر معقول من الرخاء المعيشي ليحققا الاستقرار النفسي والتفكير المتوازن، وهذه الاسباب هي ما تدعو البعض الى عدم ظلم المفكرين الإسلاميين لأنهم صنيعة انظمتهم وظلامهم حتى ولو ادى الى مخالفة فطرتهم الانسانية.
من المقترحات القديمة المتجددة مع الاحداث الارهابية لا بد من عقد المؤتمرات الإسلامية الدولية على مستوى شعبي، وتشكيل اللجان المتخصصة في مختلف مجالات الإسلام اطول فترة ممكنة للتباحث والتشاور واصدار التوصيات، ويتمخض عنه اعلان تأسيس مركز للدراسات الإسلامية الشاملة المعتمدة على الموضوعية والمنهجية في الدراسة، فحتى ينجح الإسلام السياسي (ان كان موجودا) بالفعل فلا بد من تنمية الجوانب الإسلامية الاخرى في الاقتصاد والتنمية البشرية، وان يكون هذا المركز وما يصدره من دراسات وكتب ومجلات دورية مدعومين من قبل الدول والهيئات والافراد.
هذه المقترحات لا يمكن ان تنهض على ارض الواقع بشكلها الشامل والدولي نظرا لتسخير الدول والانظمة الاحزاب والمفكرين الإسلاميين لتوجهاتهم وطروحاتهم والدليل ان «اسلام» ايران مختلف عن «اسلام» السعودية، الذي بدوره مختلف عن «اسلام» مصر، او «اسلام» العراق الدموي او الكويت الحكومي، او لبنان الطائفي او طالبان الرجعي.
ان الانسان الذي لا يعتبر من تجاربه غافل جاهل، ومن لم يتخذ من التاريخ تجربة يفهم بها حاضره دار عليه المستقبل بما يكره وقس ذلك على الانظمة التي ما زالت تلاعب السياسيين الإسلاميين الذين لوثوا سمعة الاقلية المؤمنة بفكر سياسي اسلامي متسامح.
بدأ العالم في صباح كل يوم يشهد حدثا اجراميا يهدد الامن العالمي، ويمس الافراد قبل المؤسسات والسلطات، وغالبا ما يكون وراء هذه الاحداث افراد وجماعات تنتمي إلى الإسلام، والمضحك المبكي انه كلما اكتُشف منفذو الاحداث، واتضحوا انهم من المسلمين نادى وعاظنا بأن هؤلاء فعلوا ما فعلوا باسم الإسلام، وهو بريء منهم.
ويتناسى هؤلاء الوعاظ او المفكرون الإسلاميون، كما يطلقون على انفسهم انهم دائما ما كانوا يدعون في خطبهم ومنابرهم الى استخدام القوة في مواجهة اليهود والنصارى من دون استثناء، ولكن بما ان القوة غير متوافرة بعد في مقابل ضعف اسلامي وتشرذم وتخلف يكتفي اولئك الوعاظ بالدعاء الى الله عز وجل على اليهود والنصارى بالقتل والتدمير تارة، وتارة اخرى تكفر الارهابيين المحليين، وتخرجهم عن الملة اذا هددوا السلطة التي ترعاهم.
هذا ما يمكن ان نسميه بـ «الانفصام الفكري»، لأن اولئك الوعاظ يفقهون ما يقولون ويعرفون حدودهم، وما حولهم، ولهذا تجدهم احيانا يشتمون الدولة التي تستضيفهم، وتؤمن على حياتهم وارزاق اولادهم، ويدعون على اهلها لأنهم على ثقة بإيمانهم المطلق بالحرية التي هم لا يؤمنون بها اصلا رغم ان الإسلام سبق الغرب في تشريعها وتحديد معاييرها وحدودها.
لا يمكن فصل السياسة عن الإسلام، ولكنه يمكن القول ان السياسة لا تصب في قالب الإسلام ابدا، وهذا يعني ان الإسلام، كما يشمل اسس كل شيء في الحياة، فإنه يحوي على جزء مهم من الخطوط العريضة للسياسة، ولكنها مبادئ عامة خالية من التفصيل الا في حالات نادرة.
يعبر الفكر الديني عن ثوابت الهية نابعة من التجارب التاريخية، بينما السياسة لا ثوابت فيها وتعبر عن متغيرات او واقع دائم التبدل والتطور للأحسن او الاسوأ، فكيف تصديق تفصيلات «المنفصمين» السياسيين والاطمئنان إلى رؤاهم وتصوراتهم حول الإسلام في ظل آلياتهم المغلقة ونماذجهم الفاشلة، حيث لا وجود لنظام او تيار سياسي اسلامي الا ولطخ يديه بالدماء ضد الذين ارادوا مجرد التعبير عن آرائهم؟ ان الإسلام هو دين الحقيقة، وليس غير الحقيقة، بينما السياسة هي فن الممكن والخروج بأقل الخسائر هذا ما قد يدعو الى تلويث الإسلام اذا ما استخدم كغطاء للمصالح الشخصية والقومية، وقد يؤدي الى تراجع الصحوة الإسلامية الفاشلة اكثر من تراجعها الحالي مواكبة مع رفض الغرب لكل ما هو اسلامي والحذر منه مع تراجع نسبة الداخلين في الإسلام بسبب المسلمين انفسهم وامرهم عند الله الحسيب على كل شيء.
لا سبيل لتغيير الواقع الا بتغيير مسبباته، وبما ان الإسلام والسياسة هما المحوران الاساسيان في حل الازمة الاخلاقية والانسانية بشكل عام، فلا بد من وضع اسس خطة جديدة لتجديد الفكر السياسي الإسلامي، ولا يعني التجديد، اضافة عناصر مستحدثة كما تصور الإسلاميون الذين رفضوا ما يسمى «الإسلام المدني»، مصرحين بأن الغرب يسعى دائما الى تحطيم تصوراتهم لأنها الانجح والافضل، ولا يعرفون ان الغرب انما يريد ان تنشط عقولهم وتنتبه لعناصر وجوانب الإسلام الاخرى لما فيها من عدل وتسامح لا يتعارضان مع المجتمعات المدنية المعاصرة القائمة على ارضية علمانية بحتة.
ينطلق التجديد من نقطة الاصلاح في الفكر عن طريق النقد الحر، ويمر على التيارات باستخدام السياسة العملية الواضحة والفكر الواقعي والتعامل السلمي مع النظام، وهذا لا يتأتى الا بإصلاح الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية للشعوب لاستقرارها وتنميتها لتخفيف حدة التوترات الداخلية المولدة للعنف، وتحقيق الامة، وقدر معقول من الرخاء المعيشي ليحققا الاستقرار النفسي والتفكير المتوازن، وهذه الاسباب هي ما تدعو البعض الى عدم ظلم المفكرين الإسلاميين لأنهم صنيعة انظمتهم وظلامهم حتى ولو ادى الى مخالفة فطرتهم الانسانية.
من المقترحات القديمة المتجددة مع الاحداث الارهابية لا بد من عقد المؤتمرات الإسلامية الدولية على مستوى شعبي، وتشكيل اللجان المتخصصة في مختلف مجالات الإسلام اطول فترة ممكنة للتباحث والتشاور واصدار التوصيات، ويتمخض عنه اعلان تأسيس مركز للدراسات الإسلامية الشاملة المعتمدة على الموضوعية والمنهجية في الدراسة، فحتى ينجح الإسلام السياسي (ان كان موجودا) بالفعل فلا بد من تنمية الجوانب الإسلامية الاخرى في الاقتصاد والتنمية البشرية، وان يكون هذا المركز وما يصدره من دراسات وكتب ومجلات دورية مدعومين من قبل الدول والهيئات والافراد.
هذه المقترحات لا يمكن ان تنهض على ارض الواقع بشكلها الشامل والدولي نظرا لتسخير الدول والانظمة الاحزاب والمفكرين الإسلاميين لتوجهاتهم وطروحاتهم والدليل ان «اسلام» ايران مختلف عن «اسلام» السعودية، الذي بدوره مختلف عن «اسلام» مصر، او «اسلام» العراق الدموي او الكويت الحكومي، او لبنان الطائفي او طالبان الرجعي.
ان الانسان الذي لا يعتبر من تجاربه غافل جاهل، ومن لم يتخذ من التاريخ تجربة يفهم بها حاضره دار عليه المستقبل بما يكره وقس ذلك على الانظمة التي ما زالت تلاعب السياسيين الإسلاميين الذين لوثوا سمعة الاقلية المؤمنة بفكر سياسي اسلامي متسامح.