المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور سيد القمني يتبرأ من أفكاره تحت وطأة التهديد بقتله



سمير
07-17-2005, 11:32 AM
أعلن توبته وتوقفه عن الكتابة وتفرغه لأبنائه

نبيل شرف الدين

فجّر الباحث والكاتب المصري الشهير الدكتور سيد القمني قنبلة من العيار الثقيل، عبر مكالمة هاتفية تلقتها (إيلاف) منه شخصياً، قال فيها أنه قرر التوقف عن الكتابة والحديث لوسائل الإعلام والنشر في الصحف، و المشاركة في الندوات، ليس هذا فحسب، بل و أعلن "براءته" من كل ما سبق له نشره من كتب ومقالات وبحوث، قائلاً إنه تلقى تهديدات جدية بقتله إذا لم يقدم على هذه الخطوة، و لأنه " ليس راغباً في الموت على هذه الطريقة"، فقد قرر الامتثال للتهديدات التي تلقاها عبر عدة رسائل في بريده الإليكتروني، ومن هنا فقد آل على نفسه أن يتوقف عن الكتابة والإدلاء بأية تصريحات صحافية، و يرجو الذين هددوه أن يقبلوا موقفه، ويعدلوا عن تهديدهم إياه.

لم يمنحني القمني أي فرصة لمناقشته في الأمر، رغم أنه بدا خلال الاتصال الهاتفي هادئاً متماسكاً، وإن كان أيضاً حاسماً في ما وصل إليه من قرار، يتوقع أن يكون موضع جدل واسع خلال الأيام المقبلة، واكتفى بوعد بأن يرسل لي ما لديه من رسائل وتهديدات، والبيان الذي أكد أنه سيكون آخر ما يكتبه، ويعلن فيه "براءته وتوبته" من كل ما كتبه من قبل، و حتى حين حاولت إثارته بالإشارة إلى أن الرضوخ لابتزاز التهديد ليس حلاً خاصة لمن كان الفكر صناعتهم، كانت سخريته المعهودة كفيلة بإنهاء الأمر، إذ أنه سرعان ما بادر إلى القول إن ما تبقى له من عمر ليس من حقه وحده، بل من حق أبنائه أولاً أن يرعاهم، وأحالني إلى ما يعرفه القاصي والداني في مصر عن المأساة التي يعيشها ابن المرحوم فرج فودة، الذي لقي مصرعه على يد أصولي مسلح، كان يعمل "سماكاً"، قبل أن ينخرط بإحدى المنظمات الإرهابية المحلية في مصر، و يبدأ "جهاده" بقتل فودة، و بقية القصة معروفة لكافة المعنيين بالشأن العام في مصر .

و سيد القمني كاتب وباحث ذائع الصيت في مجال الإنسانيات عموماً، وله اهتمام خاص بالتاريخ والتراث والأديان والإسلاميات، و هو من مواليد العام 1947 في مدينة الواسطى من أعمال محافظة "بني سويف" في مصر الوسطى، وحاصل على إجازته الجامعية في الفلسفة من جامعة عين شمس، ثم درجة الدكتوراه، وله العشرات من الكتب والمؤلفات التي أثارت جدلاً واسعاً في مصر، منها "موسى وآخر أيام تل العمارنة"، ( 3أجزاء)، " الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية"، و"النبي إبراهيم والتاريخ المجهول"، و"رب الزمان"، و"حروب دولة الرسول"، وآخر كتبه المنشورة هو "شكراً بن لادن"، كما ينشر مقالاً أسبوعياً بمجلة "روز اليوسف" .

خطاب التوبة
و في بيانه المثير الذي تلقته (إيلاف) يقول القمني : "تصورت خطأ في حساباتي للزمن انه بإمكاني كمصري مسلم أن أكتب ما يصل إليه بحثي، وأن أنشره على الناس، ثم تصورت خطأ مرة أخرى أن هذا البحث و الجهد هو الصواب، أني أخدم به ديني ووطني، فقمت أطرح ما أصل إليه على الناس متصورا أني على صواب وعلى حق فإذا بي على خطأ وعلى باطل، كنت أقصد الخير ولا أفرض رأيا ولا أتعسف موقفاً، أخذ به من أخذ، ورفضه من رفض، وهاجمه من شاء دون مشاكل" .

ويضيف القمني : "كنت أتصور وأنا مهموم بأمتي في زمن و ظرف استثنائي على كل المستويات، أنني أساعد الناس بهز غفوتهم، وأحيانا كنت أمعن في النقد قصدا حتى يفيقوا، كنت أظن أني نافع أنبه للأخطار التي كثيرا ما تحققت معها نبؤاتي بحكم قراءة الأحداث بحياد وليس عن كثير ذكاء، وكنت أتمني أن أكون عاملا مساعدا للحاق بآخر قوافل الحضارة، وما ظننت أني سأتهم يوما في ديني، لأني لم أطرح بديلا لهذا الدين، ولا أرضى بالإسلام بديلا، ولكن لله في خلقه شئون، ولم يبق لي إلا أن أودع قرائي، وهم أهلي و عشيرتي وناسي وأحبائي من القلب" .
ومضى القمني قائلاً : "أعترف سيكون الموت بكسر الأقلام موتا بطيئا فقلمي هو مناط حياتي ونفسي الذي أتنفسه، لكن إقدامي على هذه الخطوة سيبقي لي من العمر ما يكفي لرعاية من يستحق رعايتي فلذات كبدي، هذا في حال قبول هذا البيان" .

واختتم القمني بيانه المثير بالقول : "من ثم أكرر خلف البيان التحذيري "أنني أعلن براءة صريحة من كل ما سبق وكتبته "ولم أكن أظنه كفرا فإذا به يفهم كذلك، لهذا أعلن ـ كما نص البيان ـ "توبتي وبراءتي" من كل "الكفريات" التي كتبتها في مجلة "روزاليوسف" وغيرها، "براءة تامة صادقة يؤكدها عزمي على اعتزال الكتابة نهائيا من تاريخ نشر هذا البيان" .

خطاب التهديد
أما التهديدات التي تلقاها سيد القمني فهي كثيرة، و ليست وليدة اليوم، لكن ما جرى حسب روايته في الأيام الأخيرة أنه تلقى عدة رسائل عبر بريده الإليكتروني، كانت أكثرها صرامة ووضوحاً، تلك التي أعاد إرسالها إلينا للاطلاع عليها كوثيقة توضح مبررات انسحابه من مضمار الفكر والكتابة، وهذه الرسالة معنونة بكلمتين فقط هما "رسالة تحذيرية"، وتقول كلماتها بالحرف الواحد :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

اعلم ايها الشقي الكفور المدعو سيد محمود القمني، أن خمسة من اخوة التوحيد وأسود الجهاد قد انتدبوا لقتلك، ونذروا لله تعالى ان يتقربوا إليه بالإطاحة برأسك، وعزموا ان يتطهروا من ذنوبهم بسفك دمك، وذلك امتثالا لأمر جناب النبي الأعظم صلوات ربي وتسليماته عليه، إذ يقول "من بدل دينه فاقتلوه" .

أيها الدعي الأحمق :
نحن لا نمزح .. صدق ذلك او لا تصدقه، ولكننا لن نكرر تهديدنا مرة أخرى .
لن ينفعك إبلاغ المباحث بامر هذا التهديد، فلن يفلحوا في حمايتك إلا بصورة وقتية وبعدها سيتركوك فريسة لليوث الاسلام، هذا ان حموك اصلاً .

ولن تنفعك أي حراسة خاصة أو اجراءات أمن، فالحارس لن يمسك الرصاصة التي تنطلق من سيارة مسرعة او سطح منزل مجاور، واجراءات الامان لن توقف انفجار القنبلة في سيارتك ... أو أي وسيلة اغتيال أخرى .. فاعتبر بمن سبقوك ممن ارسلناهم إلى القبورمع انهم كانوا اصعب منك منالاً، والسعيد من وعظ بغيره .

وإبراءاً للذمة وامعانا في اقامة الحجة عليك، فإننا نمهلك أسبوعا واحدا لتعلن توبتك وبراءتك من كل الكفريات التي كتبتها براءة صريحة لا مواربة فيها، وتنشر ذلك في مجلة "روز اليوسف" كما نشرت فيها كفرك .

فإن أصررت ايها الجاهل المغرور على ركوب مركب العناد، وأبيت إلا الاستمرار فيما أنت فيه من الردة والإلحاد، ووسوس لك الشيطان اللعين بأنك ستعجز أهل الجهاد، فاعلم حينئذ ان سيوف الموحدين ستنال منك المراد، وانك ميت يمشي على قدميه بين العباد، فابحث لنفسك عن جحر فان المؤمنين لك بالمرصاد .
هذا بلاغ لكم، والبعث موعدنا، وعند ذي العرش يدري الناس ما الخبر .

التوقيع
جماعة الجهاد
مصر
ولا تعليق

سمير
07-17-2005, 11:38 AM
من مقالات الدكتور القمنى السابقة

---------------------------------------------


سيد القمني: فأين ذهب الإرهاب؟!

GMT 21:00:00 2005 الأربعاء 4 مايو

الاتحاد الاماراتية


لقد تم تطبيق مبدأ الجهاد وما يترتب عليه حسب الكيف والمصالح عبر التاريخ، فما هي مصالح المسلمين اليوم في جزّ رقاب الخراف الآدمية وتفجير المصلين في الحسينيات وفي الكنائس العراقية؟ وما هي المكاسب التي حققها "المجاهدون" بغزواتهم المباركة؟ فقط لم يحققوا سوى القتل، وإذا كان القتل هدفاً في حد ذاته، فهو ما يعني أننا قد هبطنا إلى ما دون الحيوانات المفترسة التي تفترس لتأكل، ولهذا خلقت، فلماذا خلقنا؟!

الشيخ يوسف القرضاوي منزعج أشد الانزعاج ممن قال عنهم "من يسعون إلى تفكيك الإسلام فيريدونه إسلاماً بلا جهاد ومصحفاً بلا سيف". دون أن يوضح لمتابعيه ماذا حقق هذا السيف حتى الآن وماذا فعل الجهاد بالمسلمين؟

أما الشيخ علي جمعة المفتي المصري فقد دعا العالم كله إلى استبدال كلمة "إرهاب" بكلمة "إرجاف"؟ وكيف سيقولونها يا مولانا؟! وهل للإرجاف معنى معلوم حتى لدى المسلمين؟ ولماذا كل هذه المشقة؟ ما العيب في كلمة "إرهاب" الواضحة البسيطة والتي تعني ترويع الآمنين والاعتداء عليهم؟ السبب أن الكلمة وردت في القرآن "ترهبون به عدو الله وعدوكم"، ولا يفهم المسلم هل سننزع عن الآية معناها المقصود والواضح، أم سنظل نستخدمها، لكن نستخدم لذات المعنى كلمة أخرى هي الإرجاف في حال حدوث إرهاب اليوم؟ ويرى السيد المفتي أن كلمة إرجاف هي التعبير الصحيح، كما أرجفت المدينة بعد غزوة أحد وأثناء غزوة الخندق، عندما ارتفع صوت المعارضين أو المنافقين في حال ضعف الإسلام المؤقت، والذي كان يقابل بروع مسلح سريع وقوي تم فيه اغتيال عدة رؤوس من أهل المدينة لمجرد أن واحداً شبب بنساء المسلمين أو أن آخر قال قصيدة هجاء أو تحريض. إن بن لادن والزرقاوي لا يشببان بنساء أميركا ولا يقولان قصائد هجاء حتى تسمى فعلتهم إرجافاً كما تقول كتب التراث (وأرجفت المدينة) أي تكلم أهلها وعلا صوتهم بالمعارضة والنقد. إن الزرقاوي وبن لادن وميليشيات الإرهاب لا تقف عند حد الكلام الذي كان يتم إخراسه في زمنه بالسيف، إنما هي تحرق وتذبح وتسلخ وتدمر أهلنا بالعراق، والإنسانية في أي مكان.

طالب فضيلته باصطلاح الإرجاف بدلاً من الإرهاب في ندوة بمسجد النور بالقاهرة، وأكد أن "الحضارة والثقافة الإسلامية باقية وصامدة ولم تمت، وإنما نامت لبعض الوقت وهي الآن بحاجة لمن يوقظها لمصلحة البشرية". الدكتور جمعة مهموم بالبشرية المحرومة من أنوارنا، وأنها بحاجة لأمتنا النائمة بـ"تعبيره"، وعلى أحد ما أن يهز الأمة أو يسكب عليها عارها حتى تصحو من النوم لتأخذ بيد البشرية نحو النهضة المباركة.

لا زال هؤلاء يعتقدون أنهم مناديب السماء وأن علينا واجباً ربانياً لهداية البشرية، ولا يفهمون أبداً أن للآخرين أديانهم وأنهم يحبونها ويحترمونها وأن علينا أن نحترم ذلك.

الدكتور محمد زيدان تلقف "الإرجاف" ليشرح كيف أرجفت المدينة والمرجفون "الذين يزعزعون الاستقرار والمثبطين" أي المعارضين في يثرب... المعارضة بالكلام هي الإرهاب، أما الرد على المعارضة حسبما قال زيدان -أكثر الله أمثاله- "لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم".. الأحزاب، أي سنغرينك بقلتهم.

ولا يكتفي سادتي أهل الدين بهذا التعريف للإرهاب، إنما يضيفون لمفهوم كلمة إرجاف معاني جديدة معاصرة، فالمرجفون أيضاً "هم الذين يسيرون وراء كل ناعق، الذين يشنون على الأمة حروباً معنوية ليدفعوها للتبعية للغرب"... هذا إذاً هو الإرجاف، فأين ذهب الإرهاب؟!.

سمير
07-17-2005, 11:42 AM
د. سيد القمني: كراهية حتى الموت


GMT 22:30:00 2005 الأربعاء 20 أبريل

الحياة اللندينية


بات معتاداً مشهد الدماء العراقية تلطخ الوجه العربي كله بل والإسلامي، وأمسينا اليوم ننام على الكوابيس ونصحو على الكوارث، بأيدي المسلمين في كل مكان بالعالم، بفضل رعاية مشايخنا لا أسكت الله لهم حساً ودعايتهم للفضيلة التي كانت غائبة وحضرت، وأسموها الفريضة الغائبة حسب كتاب الإرهابي المصري شكري مصطفى. رافعين للعالم رايات الإسلام خفاقة بإنجازات الصحوة الإسلامية على ردم من الخراب وبحيرات من دماء الأبرياء في كل مكان، وقتلى من كل الألوان والعناصر والملل، تحت ما أسموه "فريضة الجهاد".

تعالوا نحاول أن نفهم ما تقدمه ميليشيات المسلمين المسلحة لنا وللعالم بحسبانه فضيلة وفريضة على المسلمين. تعالوا نتصور بعض ما يحدث عندما ينادي منادينا: حيّ على الجهاد، وماذا ستكون ردود فعل بعضنا؟ بعضنا سيتجه فوراً إلى رئيس الجمهورية لقتله كما حدث مع السادات ومع الصحابيين عثمان وعلي وغيرهم، وبعضنا الآخر سيتجه إلى مدينة الأقصر ليقتل فيها السائحين ويمثل بجثثهم ويضرب اقتصاد بلاده الوطني في مقتل، وبعضنا سيتسلل إلى العراق ليفخخ أسواقها ويفجر المصلين العراقيين عند صلاة الجمعة أو يفجر أنابيب النفط فيها لإيقاف عجلة التنمية، وبعضنا ستعجبه مدريد فيفجر محطة القطارات فيها أثناء الزحام، وبعضنا يحب العروبة والإسلام فيفجر في الرياض.. أما بعضنا ممن يعشق الموت الفضائي فسيخطف طائرة ويفجر بها أبراج نيويورك.

فأي لون من هذه الألوان هو الجهاد؟ إن الجهاد عند مشايخنا وميليشياتنا المسلحة له ألف تفسير، لكن أشيعه وأسوأه هو ما يحمله من عداء لكل الأمم. بل أيضاً لمسلمين مثلنا لكنهم يختلفون عنا في المذهب أو الرأي. إنه الكراهية حتى الموت، وهو ما لا نعتقد أنه من إسلامنا في شيء.

المشكلة عندنا أننا نستدعي مبدأ وقيمة من زمانها منذ ما يفوق ألفاً وأربعمائة عام، ومن مكانها في جزيرة العرب، ومن ظرفها التاريخي الذي استدعى من القوة الطالعة في الجزيرة أن تحل محل فراغ القوى الذي حدث بعدما أنهكت القوتان العظميان نتيجة صراعهما الطويل. كان ظرفاً وتاريخاً له أسبابه وظروفه التي حددت خط سير الأحداث حينذاك، وكانت الظروف مواتية لعرب ذلك الزمن للغزو والفتح والاحتلال، بينما تغير الوضع اليوم بالكلية وأصبحنا في معادلة القوة والضعف نحن الطرف الذي هو دون الضعف بمراحل، لأننا أصلاً لسنا داخل المعادلة!

وضمن ذلك المبدأ القديم الذي استخدمته القوى الإسلامية لتوحيد جزيرة العرب، واحتلال دول المحيط، تقوم مبادئ أخرى ترتبط به وتنتج عنه تم تقنينها في كتبنا الفقهية بقواعد شرعية، وضمن تلك القواعد ما يقنن السلب والنهب والقتل وسبي نساء المهزوم، وهي القواعد التي تجاوزها الزمن بعدما حدث من تطور إنساني على كل المستويات وضمنها المستوى الأخلاقي الذي وضع للحروب أخلاقيات ومعاهدات يتم العقاب على مخالفتها دولياً كما في نصوص الأمم المتحدة ومعاهدات جنيف، وبموجبها تم التدخل في البوسنة والهرسك، وبموجبها يحاكم رئيس الدولة لأنه سمح باغتصاب النساء والإبادة الجماعية. لم يعد مفهوم الجهاد ملائماً لزماننا يا سادتنا المشايخ.

وغني عن التوضيح إن ما يقع خارج وطن كل منا هو شأن يخص المجتمع الدولي ولا يخص دعاة الجهاد، لأنهم ليسوا مجلس الأمن ولا هم الأمم المتحدة ليتبنوا قضايا دولية الطابع، خاصة بعد أن قفل الجهاد بابه يوم قفلنا عائدين من الأندلس، ويوم أصبحنا مطاردين بعد أن كنا مهاجمين، وإن هناك دولاً كبرى لديها العلم ولديها الحضارة إن غضبوا على دولة حاصروها بمنع التعامل معها لتموت جوعاً وتخلفاً. إن المقصد الشرعي من الجهاد هو نشر الإسلام وحماية المسلمين وفتح البلدان، فهل يحقق الزرقاوي ذلك أم سيده بن لادن؟ إن الجهاد عندما لا يحمي المسلمين بل يؤذيهم أشد الأذى فإنه يتحول إلى إجرام.

سمير
07-17-2005, 11:46 AM
د. سيد القمني: مقاومة المقاومة


GMT 0:30:00 2005 الخميس 24 فبراير

الاتحاد الاماراتية


أبهر العراقيون المراقبين من شتى أنحاء الدنيا بهذا الإقبال المبهج على صناديق الاقتراع، وقال العراقيون كلمتهم في إعلان للعالم أنهم مع الحرية والديمقراطية، وأنهم ضد ديكتاتورية الطوائف أو المذاهب أو الفرد أو النصوص الدينية التي سلّوها عليهم. ذهب العراقيون إلى صناديق الاقتراع ليعمدوها بالدم قائلين لا لأعداء الحرية والديمقراطية، ولا لمن قاطع الانتخابات، ولا كبيرة لقاطعي الرؤوس، ولا أكبر لمن عينوا أنفسهم علماء دين وسياسة وقتال في العراق، أما اللا الأكبر فكانت لكل المتاجرين بقضايا الشعوب ما بين فلسطين والعراق من "قومجية" و"إسلامجية"، حتى دفع الشعبان أفدح ضريبة للعروبة المأسوف على شبابها. عندما ذهب العراقيون ليقولوا نعم لانتخابات حرة فقد قالوا لا لكل ما عداها.


وقال أيضاً: إن القوات الأجنبية الموجودة في أرضه قد حدث بشأنها إجماع وطني انعقد أمره على اعتبارها قوات صديقة وحليفة تؤدي دوراً في وقت مأزوم، وأن لهذا الحلف ضرورته وأثره الكبير في الحفاظ على الأمن القومي للعراق، بل ولكل ما يحيط بالعراق. وهو أمر يصبح مشروعاً عندما تقره الشعوب، وتحدده أطر قانونية وبروتوكولية، وهو حال القواعد الأميركية في البلاد العربية والإسلامية وفي اليابان وشرق آسيا، أو كما سوريا في لبنان. عندما صوت العراق بهذا الزخم العظيم قلب كل الموازين وضبط كل المفاهيم لتصبح للمصطلحات دلالات جديدة حددها لنا شعب العراق عندما اقترع على الحرية.

فهل ستظل "المقاومة" التي طالما طبل لها الفاشيون الطائفيون رغم بشاعتها رأياً ومنهجاً وفعلاً على كل المستويات، هل ستظل تحمل دلالة المقاومة الوطنية؟ إن المقاومة كعمل عسكري غرضه مصلحة الوطن والمواطنين، كي توصف بأنها وطنية فلابد أن تقرها كل أطياف ومفردات الوطن التشكيلية، وتكون بهذا المعنى مساحة يتبارى فيها أبناء الوطن لكسب شرف الدفاع عنه ضد أجنبي يحتل ترابه.

ولكن ماذا عن هذا المعنى بعد الاقتراع الشعبي العراقي الجارف؟ اقتراع نضالي عمده الدم بالصدق والإصرار، ضد ما ظل زمناً يحمل في نشراتنا الإخبارية عنوان "المقاومة في العراق"، تلك المقاومة التي قاومت الحرية، وقاومت وصول الناس إلى حيث يعلنون صوتهم تحت تهديد القتل بالمتفجرات، ومع ذلك ذهب العراقيون، ليحولوا قوات التحالف إلى قوات حليفة موجودة بالتراضي بين الأطراف، وليحولوا ما أسماه الإعلام العربي مقاومة إلى إرهاب علني مجرم يشرع سلاحه ضد الوطن والمواطنين ومصالح الوطن.

لقد أثبت العراقيون نضجهم السياسي الذي دفعوا ثمنه قهراً عظيماً تباعد بهم عن شعارات العروبة الفخمة التي كانت السبيل الأقوم للهزائم. ورغم الدمار، ورغم تكالب كل فضائيات أهل الإسلام والعروبة على أكل لحم أخيهم جريحاً وقبل حتى أن يموت، ورغم استيلاد هذه القنوات لمزيد من مشايخ الإرهاب والكراهية، وتحفيز مزيد من الشباب للموت والقتل، ورغم حملة الكراهية من على منابر الوعظ والإرشاد ضد الأميركان، وضد الحكومة المؤقتة، في كل مساجد المسلمين، كل هذا فشل في إقناع المواطن العراقي بمصداقية أشباح الماضي، لأن العراقيين عاينوا كل الحدث وتسلسلت بينهم العذابات وما سال من دماء، كرّس في ضميرهم اليقين برفض الفاشية، أرضية كانت أم سمائية، فرفضوا العودة إلى ما هو وراء التاريخ واختاروا المستقبل. لقد اختار العراق أن يبصق في وجه كل ذيول الفاشية العربية من متكهنين وأحبار و"قومجية" و"إسلامجية".

وأن يسقط كلمة المقاومة عما تقوم به قاعدة الفرق لتتحول إلى إرهاب لا يحتاج فذلكة عربية لتحديد المصطلح، ويبدأ الشعب العراقي بشكل حضاري مقاومته ضد المقاومة. مقاومة جديدة ضد الإرهاب المتسلل إليه عبر الحدود المتحالفة مع رفاق الدم في الداخل من خونة.

آن للغريب أن يرحل، والغريب لم يعد كما كان في مفاهيم العربان غريب العنصر أو الدين أو القبيلة، إنما هو اليوم الغريب الذي يضر بمصلحة الوطن ويشن عليه حملات الكراهية والقتل. على من أسموا أنفسهم بالمقاومة العراقية أن يرحلوا عن العراق بعد أن قال العراقيون كلمتهم وحددوا موقفهم. وعلى كل ذيول الفاشية في الإعلام العربي أن تحاول اليوم مداراة سوءتها بعد أن كشفتها الكرامة العراقية. فإن استمرت الهجمات الإرهابية وفضائياتها العربية فإن العراق اليوم لن يقف وحده ومعه دول التحالف، بل سيقف معه العالم أجمع وضمير العالم كله في ملحمة بدأها ووضع شروطها شعب العراق عندما بدأ مقاومة المقاومة بصناديق الاقتراع المطهرة بدمه.

سمير
07-17-2005, 11:58 AM
سيّد القمني: بئس المفكر الجبان أنت!


شاكر النابلسي


-1- الساقط في بئر الخوف
قال الباحث والكاتب المصري سيّد القمني ، عبر مكالمة هاتفية تلقتها منه (إيلاف،16/7/2005) ، أنه قرر التوقف عن الكتابة والحديث لوسائل الإعلام والنشر في الصحف، و المشاركة في الندوات. ليس هذا فحسب، بل و أعلن "براءته" من كل ما سبق له نشره من كتب ومقالات وبحوث، قائلاً إنه تلقى تهديدات جدية بقتله إذا لم يقدم على هذه الخطوة، ولأنه " ليس راغباً في الموت بهذه الطريقة"، فقد قرر الامتثال للتهديدات التي تلقاها عبر عدة رسائل في بريده الإليكتروني، ومن هنا فقد قرر أن يتوقف عن الكتابة والإدلاء بأية تصريحات صحافية، ويرجو الذين هددوه أن يقبلوا موقفه، ويعدلوا عن تهديدهم إياه.



-2- المفكر الجبان
بمرارة وحسرة وألم شديد، نقول أنه كان بودنا، وكنا نرحب، بأن يتخلّى سيّد القمني عن افكاره السابقة عن قناعة شخصية ومعطيات فكرية جديدة تثبت لنا وله أنه كان على خطأ، لا أن يكون هذا التراجع وهذه "التوبة" تحت ضغط وتهديد الجماعات الأصولية الإرهابية. والتراجع والمراجعة الفكرية عن قناعة ونتيجة لفكر جديد وتصوّر جديد، عمل محمود ومشروع وخطوة مباركة. وعبد الخالق حسين سبق وساق عدة أمثلة على ضرورة التغير الفكري. حيث لا يتغير إلا الحجر الذي هو بدوره يتغير أيضاً بفعل عوامل الطبيعة. فالفيلسوف الألماني نيتشه يقول: "الحية التي لا تغيِّر جلدها تهلك، وكذلك البشر الذين لا يغيِّرون أفكارهم يهلكون." والفيلسوف البريطاني برتراند راسل يقول: " أنا لست مستعداً أن أموت في سبيل أفكاري لأنها قد تتغير." (يا ليت القمني غيرّ أفكاره، لأنها تغيرت من ذاتها فعلاً، لا لأنه تحت تهديد الإرهاب الأصولي، لكنا رفعنا له القبعة تبجيلاً). والمفكر الاجتماعي العراقي علي الوردي يقول : "الأفكار كالأسلحة تتبدل بتبدل الأيام. والذي يريد أن يبقى على آرائه العتيقة هو كمن يريد أن يحارب الرشاش بسلاح عنترة بن شداد".

-3- سيّد القمني: بئس المفكر الجبان أنت
سيّد القمني: لقد كنت مثالاً للمفكر الجبان، وتركت لدى الإرهابيين الأصوليين المجرمين انطباعاً كاذباً، بأنهم انتصروا على الليبراليين، ولو شددوا علينا التهديد فمن الممكن أن نتخلّى عن أفكارنا وآرائنا كما تخلّيت أنت جبناً وضعفاً وحباً في الحياة. وهذا من حقك الشخصي ومن حق عائلتك وأطفالك عليك. ولكنك بهذا نصرت الإرهاب الأصولي على الفكر العقلاني الشجاع بتصرفك هذا. لقد انتصر الإرهاب على التنوير. انتصرت الغوغاء على الفكر العربي الحر.
ولكن لا بأس، فلست أول وآخر من تخلّى عن أفكاره في مصر المحروسة، تحت التهديد والوعيد الغوغائي من خفافيش الظلام، ومن كارهي التنوير، وأعداء المستقبل من السلفيين الارهابيين.
الشيخ علي عبد الرازق صاحب الكتاب القنبلة المدوية ( الإسلام وأصول الحكم، 1924) الذي قطع فيه، أن لا دولة في الإسلام، قال محمد عمارة بأن عبد الرازق قد ندم على كتابة هذا الكتاب. وأن ابنه (محمد علي عبد الرازق) قد شهد أمام محمد عمارة بأن أباه كان قد قرر قبل موته 1970 أن يكتب كتاباً ينكر فيه كل ما جاء في كتابه (الإسلام وأصول الحكم) ولكن الموت لم يمهله. وهذا مثال على "عقدة الذنب الدينية" التي تميّز بها الفكر المصري في القرن العشرين.

كذلك فعل طه حسين في كتابه (في الشعر الجاهلي، 1926) حين استجاب لتهديد الغوغاء من الإرهابيين السلفيين، وألغى فصلاً كاملاً من كتابه التنويري، وأعاد نشره من جديد تحت اسم (الأدب الجاهلي). وكتب بعدها مجموعة من الكتب الدينية: (الفتنة الكبرى)، (علي وبنوه)، (على هامش السيرة)، و( في مرآة الإسلام) .. الخ. تكفيراً عن "ذنبه" وإرضاءً للغوغاء وتخلصاً من شرورهم كما فعل الآن سيّد القمني. وهذا مثال ثانٍ لـ "عقدة الذنب الدينية" التي تميّز بها الفكر المصري في القرن العشرين.

كذلك فعل الشيخ خالد محمد خالد حين أصدر كتابه (الدولة في الإسلام، 1981) واعتبر ذلك مراجعات وليس تراجعات، عمّا كتبه من انكار للدولة الدينية في كتابـه التنويري (من هنا نبدأ ،1950) تحت تهديد الجماعات الإسلامية التي قتلت السادات 1981، وهو نفس عام صدور (الدولة في الإسلام)، كما كان مثالا ثالثاً على "عقدة الذنب الدينية" التي تميّز بها الفكر المصري في القرن العشرين.
وكنت أنت يا سيّد الرابع في هذه القائمة للأسف الشديد، ولن تكون الأخير في مصر، في ظني واعتقادي نتيجة لتحكم "عقدة الذنب الدينية" في الفكر المصري.

-4- سيّد: لست وحدك
هل تعتقد يا سيّد بأنك أنت الوحيد، الذي يتلقى تهديدات بالقتل والسحل كل يوم. كلنا نحن معشر المفكرين الليبراليين، نتلقى كل يوم مثل هذه التهديدات. بل انهم حاولوا قتلنا فلم نخبر ولم نكتب ولم نخف ولم نتراجع. وأنا أكشف هنا سراً لأول مرة. لقد سبق للارهابيين أن كسّروا لي بيتي ليلاً على مدار يومين كاملين 3- 4/7/2003، واضطررت أن أرحل منه إلى بيت آخر. والبوليس الأمريكي في دينفر لديه سجل كامل بهذه الحادثة. وقد سبق وهُدد من قبلنا طوابير من المفكرين الليبراليين، فلم ينثنوا، ولم يخافوا، ولم يجزعوا، واستمروا في رسالتهم حتى النهاية.

فرج فودة المفكر المصري، لم يتخلَّ عن أفكاره، وقضى نحبه شهيداً
للفكر الليبرالي على يد الإرهابيين السلفيين.
حسين مروة المفكر اللبناني، لم يتخلَّ عن أفكاره، وقضى نحبه شهيداً
للفكر الليبرالي على يد الإرهابيين السلفيين.
مهدي عامل المفكر اللبناني، لم يتخلَّ عن أفكاره وقضى نحبه شهيداً
للفكر الليبرالي على يد الإرهابيين السلفيين.
محمود طه المفكر السوداني، علّقه حسن الترابي على مشنقة جعفر النميري (أمير المؤمنين)، ولم يتخلَّ عن أفكاره.

صادق جلال العظم المفكر السوري، لم يتخلَّ عن أفكاره، ولم ينكر ما كتبه في (نقد الفكر الديني)، ولم يستجب لتهديد الإرهابيين السلفيين.
أحمد البغدادي المفكر الليبرالي الكويتي، لم يتخلَّ عن أفكار في (تجديد الفكر الديني)ه وسُجن وعوقب من قبل الإرهابيين السلفيين.

العفيف الأخضر المفكر التونسي الليبرالي، لم يتخلَّ عن أفكاره، وطُرد من جريدة "الحياة"، وكاد أن يموت جوعاً ومرضاً، ويتعرض كل يوم للتهديد حتى الآن على يد الإرهابيين السلفيين ، وكان آخر تهديد جاءه من راشد الغنوشي زعيم "حركة النهضة" التونسية.
نصر حامد أبو زيد المفكر الليبرالي المصري، لم يتخلَّ عن أفكاره وكتبه، وهرب من مصر إلى هولندا، خوفاً من تهديد الإرهابيين الأصوليين بتطبيق الحسبة عليه وعلى زوجته.

-5- لماذا لا تكون شهيداً يا سيّد؟
لماذا لا تسير يا سيّد على خطى شهداء الفكر والرأي الحر كأبي ذر الغفاري، وابن المقفع، والجعد بن درهم، وغيلان الدمشقي، والسهروردي الإشراقي، وفرج فودة، وحسين مروة، ومهدي عامل، ومحمود طه، وأحمد البغدادي وغيرهم؟
لماذا أعدت سيرة المتراجعين عن أفكارهم التائبين عن قيمهم الليبرالية من المصريين، كعلي عبد الرازق، وطه حسين، وخالد محمد خالد، ومحمد عمارة وغيرهم؟

كلنا يا سيّد نطلب الشهادة في سبيل فكر الحرية الآن، في هذا الزمن المالح التعيس، وفي مدن الملح القاحلة من الحرية والديمقراطية والكرامة التي نعيش فيها؟

كلنا ينتظر الساعة التي يقطع فيها الإرهابيون السلفيون رؤوسنا جزّاً كالشياه ، كما سبق أن جزَّ الوالي خالد القسري في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك رأس الجعد بن درهم صباح عيد الأضحى في أسفل منبر المسجد. أو الشواء في الفرن كما شوى الخليفة المنصور ابن المقفع. أو الذبح كما ذبح الملك الظاهر الأيوبي (ابن صلاح الدين الأيوبي) الفيلسوف الإشراقي السهروردي في حلب. أو التعليق شنقاً على بوابة المدينة كما تمَّ تعليق غيلان الدمشقي. أو الموت في الصحراء جوعاً وعطشاً كما مات أبو ذر الغفاري في "الربذة" قرب المدينة المنورة، حين سجنه الخليفة عثمان بن عفان.

كيف لنا أن نبني عصر النهضة دون هذه الشهادة، يا سيّد؟
كيف لفجر التنوير العربي أن يبزغ دون دماء المفكرين الليبراليين فداءً له، يا سيّد؟
فلننظر الى شهداء الفكر في أوروبا الذين فجروا عصر التنوير الأوروبي ماذا فعلوا، يا سيّد؟


-6- العرب الآن في القرن الثامن عشر
يعيش العرب الآن في القرن الثامن عشر الذي عاشته أوروبا، ولكن بوجهه القبيح المظلم، وليس بوجهه الجميل المنير المشرق. فهذا القرن الذي كان عصر التنوير الأوروبي، لم يكُ طريقاً ثقافياً مفروشاً بالحرير والزهور، بل كان طريقاً شاقاً دفع فيه فلاسفته ومفكروه حياتهم ثمناً غالياً. ولا بُدَّ أن نعلم أن عدم استمرارية عصر السحرة والمشعوذين والدراويش وتكاياهم وزواياهم في أوروبا في القرن الثامن عشر (وهو العصر العربي الآن، حيث يصرف العرب مليارات الدولارات سنوياً على السحر والشعوذة)

وسيادة عصر العلم والعقل، جاء نتيجة للتضحية الكبرى والمقاومة العنيفة التي أبداها رجال الفكر والعقل في عصر النهضة. فلم تكن أنوار عصر النهضة كلها أنواراً بهية مُرحباً بها. ولم تكن طرقات ومعارج هذه النهضة مفروشة بالحرير وفرو السمّور الذي كان يتدثر به شيوخ الإسلام في العهد العثماني، بل تخلل عصر النهضة هذه، دماء أُريقت، ومجازر نُصبت، وأبرياء قُتلت، وفرسان فكر سُحقت، وكل هؤلاء كانوا فداءً لعصر العقل المنير.

صحيح أن الكنيسة في القرن الثامن عشر، كفّت يدها عن حرق المفكرين وشوائهم على السفود (السيخ) كما فعلت في الماضي مع جاليلو وسافونارلاو، إلا أنها لم تكُ متهاونة مع المفكرين والفلاسفة. فظلت تلاحقهم من حين لآخر (كما يفعل الأزهر الآن) وتقوم بحرق كتبهم ومصادرتها ومنع تداولها. فكانت كتب فولتير وروسو وديدرو وهلفتيوس ودولباخ وغيرهم، من أحرار الفكر في قائمة الكتب المحرمة التي لا يُسمح بقراءتها إلا بإذن من البابا نفسه (ول ديورانت، قصة الحضارة، جزء40، ص 170). ولم يقتصر الاعتداء على حرية الفكر من قبل الكنيسة والدولة، ولكن تعداه إلى المجتمع نفسه الذي كانت بعض فئاته تناصب حرية الفكر والمفكرين الأحرار العداء. ففي انجلترا اشتد الهجوم على العالم بريستلي (1733-1804) لتأييده الثورة الفرنسية. فأحرق الرعاع الانجليز بيته في برمنجهام وكسّروا مختبره، وظلوا يجوبون الشوارع ثلاثة أيام، وهم يقسمون أنهم سيقتلونه، ويقتلوا كافة الفلاسفة. إلى درجة أن أهالى برمنجهام علقوا على أبواب بيوتهم خوفاً ورعباً من الإرهابيين لافتة تقول: "لا يوجد لدينا فلاسفة"(ول ديورانت، قصة الحضارة، جزء 35، 91).

وأحرقت الكنيسة في روما العالم الايطالي برونو على سيخ الشواء في العام 1600 عقاباً له على أفكاره التي كانت ضد تعاليم الكنيسة.

وحاكمت الكنيسة في روما العالم الايطالي الفلكي جاليلو، وطلبت منه التخلّي عن أفكاره وسجنته وعذبته إلى أن أُصيب بالعمى. وسجن الملك هنري الثامن المفكر والفيلسوف الانجليزي توماس مـور (1478-1535) صاحب الكتاب المشهور (المدينة الفاضلة Utopia ( ثم أعدمه وعلق رأسه فوق جسر لندن،. وقتل الرعاع الفرنسيون الفيلسوف الفرنسي بيير راموس (1515-1572) في بيته رمياً بالرصاص، ثم ألقوا بجثته من نافذة مكتبه بالدور الخامس في باريس، حيث جرّها خصومه من الطلبة وألقوا بها في نهر السين، ثم أخرجه فريق آخر من النهر، وقطعوه إرباً إرباً. ( ج. د. برنال، موجز العلم في التاريخ، ص90).

وأعدمت محاكم التفتيش المئات من المثقفات وأحرقت الكنيسة 13 رجلاً وامرأة دفعة واحدة بتهمة الزندقة في مدينة مودينا الايطالية ، وهي التهمة الموجهة الآن لسيّد القمني، والتي قرر على إثرها الاستسلام للأصوليين الارهابيين للأسف الشديد، والسقوط في بئر الصمت والخوف، معلناً توبته عن الفكر الليبرالي وقيمه، على النحو الذي جاء في الخبر السابق.

Shakerfa@worldnet.att.net

سمير
07-17-2005, 12:03 PM
وترك الفارس الحصان وحيدا.. كلمات الى سيد القمني


سعد صلاح خالص


ترجل سيد القمني عن حصانه وتركه وحيدا، حيث لا ماء ولا مرعى سوى مزابل الماضي العطنة.. ترجل بارادته منسحبا الى ذاته وعائلته، تاركا الميدان الذي طالما صال فيه وجال، واثخن في عقول المنحرفين والظلاميين والسوداويين من كل الملل والنحل.

لم يجبن الدكتور القمني وهو من حمل لواء التنوير بشجاعة مقارعا كل انواع التطرف والإظلام فاسقط خرافات الاسلام السياسي الذي تعكز على الدين لتحويل الشعوب الى قطيع يخدم حضرة الخليفة السماك أوالجزار، وخزعبلات اسرائيل التاريخية التي اختلقت تاريخا كاملا لتبتلع به اراضي الآخرين، وتخاريف الفاشية التي اذلت العباد تحت لواء القومية فخسرت الارض تلو الارض وانتهكت العرض تلو العرض. دافع القمني عن مصرية مصر العظيمة وعن عراقية العراق العريق من اختزال تاريخها الى الف عام فقط وعن حق كل مواطن في هذه الاوطان في ان يرفع رأسه في مجتمعات حرة كريمة تبنى بالحريات والحقوق وليس بسنابك الخيل ورؤوس الرماح في عصر الفضاء..

لن يلوم احد سيد القمني اذ تراجع الى معتزله العائلي أمام رسائل التهديد الحقيرة تلك ، فليس في مجتمعاتنا من يحمي المفكر الحر، فلا دول ولا نخب ولا أمن ولا قضاء ولا مجتمع.. كل بين مغيب (بكسر الياء) ومغيب (بفتح الياء)، فلم يحم احد المرحوم فرج فودة، ولا نجيب محفوظ حين اوشكنا على فقدانه، ولا نصر حامد ابوزيد حين كفروه وطردوه، ولا الصفوف الطويلة من مثقفي الجزائر ونخب العراق التي نحرت فداء لنعال الجلابيب، ولا سمير قصير الذي جعلوه اشلاء، ولا ضيف الغزال الذي دفنوه في رمال الصحراء بعد ان قطعوا انامله، ولا قاسم عبد الأمير عجام عندما ملأ الرصاص قلبه الناصع البياض، والكثيرون غيرهم ممن نذكر او لا نذكر، فنحن بين دول تداهن الارهاب وتنتجه وتستخدمه حين تشاء، وشعوب أمية لا مبالية، ومثقفين منافقين مسمومين بفتات موائد السلاطين والقادة التاريخيين ، فمن تراه يحمي سيد القمني من جماعات تقتل الاطفال، ومثقفين وشعوب تهلل للقتلة وتسحق البراءة يوميا باسم الله تحت مختلف اللافتات، وانظمة تحارب الارهاب نهارا وتعاشره في غرف النوم ليلا..

هجر سيد القمني كل مدن الخوف والصمت، والنفاق والكذب، وصلاة النهار وبغاء الليل.. مدن القتل صبرا أو كمدا، مدن العقل المسطح، مدن أضحت بلا لون اوطعم اورائحة اذ اجتاحها الجراد القادم من ظلمات السراديب.
ذهب القمني الى احضان عائلته واولاده ليحميها ويحميهم من حثالات تسحق الانسان كما تسحق الحشرة، لا تفرق بين كبير وصغير، وبين طفل ورجل، وأمراة وكهل، وعالم وجاهل، انما هو الموت الجماعي والذل الجماعي..

أهو جبننا الجماعي الذي جعل من هؤلاء اسودا ، أهو سكوتنا الطويل ونفاقنا وخداعنا وخوفنا ، أهو عجزنا عن ان نرفع السلاح لندافع عن انفسنا ونسائنا واطفالنا ضد تتار العصر الجديد ، مكتفين بحملات جمع التواقيع التي لا تغني ولا تسمن من جوع؟ أم هو العصر الردئ الذي يجعل السفاحين ابطالا والمنحرفين مناضلين والمختلين قادة.. بل هو هذا وذاك معا.

نعم ، ترجل الدكتور العالم، الذي جاء في زمان غير زمانه ومكان غير مكانه، تاركا خلفه اشلاء التخلف والخرافة والخداع والافك والتاريخ المزور بعد ان مزقها تمزيقا، بسلاح الفكر الحصيف ومنطق العلم السهل الممتنع الذي تتهاوى امام سطوته كل قلاع الوهم، عبر مؤلفات هي نجوم في سماء فكر التنوير العربي، ولا بد من يوم آت تجد هذه المؤلفات فيه مكانها بين ايدي الجميع، فلا يمكن حجب نور الشمس بغربال، ولا تلبث عواصف الغبار ان تتلاشى بعد هطول المطر وعودة الروح الى الجذوع الخاوية. يوم ربما لن تتمتع بنوره اجيالنا الخائبة المقهورة ، أو الاجيال التالية كذلك، الا ان الأمل باق ما دام الانسان وما دام نور الشمس وضحكات الاطفال وزهور الجنائن.

الى اللقاء ايها الرجل المحترم الكبير.. الى حين يجد آخرون الطريق الى حصانك، الذي تركته وحيدا.