مقاتل
07-17-2005, 10:12 AM
كتابات - مهدي قاسم
أنني أرى الأمور المتعلقة بالأحزاب الدينية العراقية ، و خاصة الحاكمة منها أو المهيمنة و المتسلطة على إرادة الناسب منطق القوة ، على عكس ما يراه البعض . فأن هذا البعض الكثير غاضب و ناقم على الأحزاب الدينية ، شاعرا بالخيبة و الإحباط من سلوك و نهج هذه الأحزاب ، و نحن هنا عندما نتحدث عن بعض الكتَّاب و القراء و أكثرية المواطنين المحبطين فأننا نقصد أكثرية المجتمع العراقي المحبطة الآن فعلا و حقيقة ، و لحد اليأس و اللعنة ، مودعة أمالها و أحلامها مرة واحدة ، و إلى الأبد !.
أما لماذا أنني أرى الأمور على عكس من هؤلاء البعض الكثير ؟؟! ، فالسبب يرجع ،إلى أننا لو دققنا النظر في هذه المسألة فسوف نجد أن هذه الأحزاب الدينية و الطائفية ، قد وفرت لنا جهدا كبيرا ، ووقتا ثمينا كان من الممكن إهداره ، لفضحها و تعريتها ، و تسليط الضوء على جوهرها الإدعائي القدسي المزيف ، و عن نزوعها الطغياني والقمعي ، و عن كونها في حقيقة الأمر لا تختلف إلا قليلا ، عن حزب البعث النازي ، من حيث التسلط و الشمولية ، و الضحك على ذقون الفقراء و البسطاء من الأكثرية الصامتة ــ و لكونها مازالت تخطو أولى خطواتها على صعيد ممارسة السلطة و الحكم و التحكم بمصائر العراقيين ــ و خاصة على صعيد مصادرة حرية و حقوق الآخرين ، معاملة المواطنين كما لو كانوا قطيعا من العبيد و الخرفان ، و تعبئة و حشو أذهان العراقيين بالخزعبلات و الخرافات و الأساطير الهزيلة ، الغيبيات المستهلكة لحد التهرؤ ، و كأن ( التثقيف ) البعثي العفلقي للمواطن العراقي ، الذي أستمر لعقود طويلة من الزمن لا يكفي لتشويه شخصية العراقي روحيا و فكريا و نفسيا و اجتماعيا ! . و ذلك من خلال السعي إلى تعطيل آلية التفكير الحر ، وشل و سحق تكوينات و نوات الإرادة المستقلة ، و تسخيف و تسطيح فكرة الحرية ، و زرع محلها فكرة الخنوع ، و سلوك العبودية ، ناهيك عن المحاولات الجارية لتقبيح جمالية الحياة و اعتبارها أثما و خطيئة ، و عديم المعنى و الجدوى ، بالتالي يجب التضحية بها من أجل الآخرة !! .
يجب أن نكون ممتنين لهذه الأحزاب الدينية و الطائفية لكونها قد فضحت نفسها بنفسها ، سواء من ناحية سلوكها و تفكيرها القمعي ، أو من ناحية كونها لم تستطع أن توفر الحد الأدنى ، من الأمن و الاستقرار و إمكانيات و مجالات العمل ، و لقمة الخبز و الرعاية الصحية ، و غير ذلك من أمور حيوية أخرى : بل أن الأمور قد ساءت أكثر فأكثر : فكثرت و تصاعدت أعمال العنف و الإرهاب ، و تزايد العدد اليومي للضحايا العراقيين المسالمين ، بتواز مع تصاعد عمليات السرقة و الاختفاء ، ل( حصة التموين ) المقدمة لفقراء العراق الجياع ، تلك الحصة المهمة التي كانت توفر الحد الأدنى من العيش المضمون للعراقيين الفقراء ، و للعاطلين العمل، وهي التي كانت تشكل ضمانة وحيدة لهؤلاء الفقراء ، لكي لا يهلكوا جوعا ، و يُقال أن بعض الفقراء المعوزين ، أخذوا الآن ، يبيعون دمهم لكي يبقوا على قيد الحياة ! .
أن سقوط و انحدار هذه الأحزاب و التنظيمات و الحركات و التيارات الدينية المهيمنة في مناطق جنوب العراق حتى بغداد ، و فقدانها لهالتها المزوقة و المزيفة ، قد بات واضحا و ملموسا ، بالنسبة للمواطن العراقي، الذي بدأ يحس و يشعر من خلال معاناته و همومه اليومية و خيبته الكبيرة ، كم أن هذه الأحزاب و التنظيمات و التيارات في واد و الشعب العراقي في واد أخر ، و خاصة عندما تم إهمال مناطق الجنوب الغنية بالثروات النفطية و غيرها ، و حرمانها من عمليات الأعمار و البناء و تشغيل الأيدي العاملة العاطلة ، على الرغم من وجود الأمن والاستقرار اللذين كانا مخيمين نسبيا ، و يسمحان بالبدء و المباشرة بمثل هذه المشاريع الإنشائية و الأعمارية و التنموية ، و تقديم خدمات مهمة و حيوية عامة للمواطن العراقي ، الذي أصبح بأوج حاجة إليها .. لم يحدث أي إنجاز مهم من هذا القبيل على الرغم من مرور سنتين على انهيار النظام السابق .
و لكن الاهتمام و الانهماك بالسرقات و الاختلاسات و نهب و سلب و فرهدة الأموال العامة ، و كذلك استغلال السلطة و المناصب و توزيعها على أساس القرابة و المحاباة و الحزبيات ، كان أقوى و أكثر إغراء ، و طغيانا ، من الاهتمام بهموم و شؤون الوطن و المواطن العراقي المخدوع و المضلل و المستخدم دائما ، ككبش فداء لأهداف و مصالح فئوية و شخصية !.
فهؤلاء السادة و من شدة تدينهم و إيمانهم و طهارتهم الشديدة و العميقة !!!!!، لم يفطنوا إلى مثل هذه الهموم و الشؤون ( التافهة ) ، و لأنهم صرفوا جل اهتمامهم و أوقاتهم على مراقبة سلوك و أخلاق المواطنين : مثلا مَن يغني و يرقص في الحدائق العامة ، و مَن يلبس بناطيل الجينز و يطلق شعره طويلا ، و مَن من النساء و الفتيات ــ حتى ولو كن غير مسلمات !!ــ لا تلبس الحجاب و الجبة ، و أي حلاق لا يمارس مهنته وفقا ، و طبقا للتعاليم الإسلامية ، و خاصة بما تتعلق باللحية و الشوارب و الحواجب و العانة ، و الخ ، و الخ من واجبات و فروض كثيرة جدا ، جدا تتعلق بسلوك و أخلاق ، و أنماط تفكير للمواطن العراقي الذي يصرون على إعادة تربيته ، تربية دينية جديدة ، كتواصل فعال مع الحملة الإيمانية الصدامية السابقة ، ولكن عبر ( رؤية أخرى) ؟!
وهي مهمات شاقة و عاجلة ، ينبغي على ( قديسينا ) الجدد المطهرين ، أن يتفرغوا لها بالدرجة الأولى و الأخيرة ، بدلا من التشييد و التعمير و البناء ، و تزويد المواطن بالتيار الكهربائي الدائم ، وبالمياه الصالحة للشرب ، و بتشغيل ملايين العاطلين عن العمل ، و القضاء على وباء الإرهاب ، و الفساد الإداري ، ووقف عمليات النهب و السلب و الفرهدة التي تتعرض لها الأموال و الممتلكات العامة على قدم و ساق . فبالنسبة لهؤلاء ( القديسين و المطهرين الأبرار ) الجدد ، أن هذه الأمور الدنيوية ( التافهة ) لا تستحق العناية و الرعاية ، و لا اهتماما أو إهدارا للوقت ، و خاصة أن الآخرة أهم بكثير من هذه الدنيا الفانية ؟!!!! .. بالطبع أن الشعور بكون هذه الدنيا ( فانية ) لا تمنع هؤلاء السادة من حشو جيوبهم بالمال ( الحلال ؟؟)
و السطو على ممتلكات الدولة و الشعب و الاستمتاع بمباهج السلطة و الحكم و استغلالهما على احسن وجه ما يكون ، و بأسرع وقت ممكن ، ليستمتعوا بهذه الحياة الفانية ! .. وما دمنا عند الدنيا الفانية ، فلا يسعنا إلا أن ندعو الرب الذي يرزق من يشاء ، بأن تبقى جيوبكم المحشوة عامرة ب(المال الحلال ؟؟ ) و خالدة و منتفخة كمخدة الملوك حتى يوم القيامة !! .. و ندعو أنفسنا إلى توديع الأمل و الحلم ، على صعيد رؤية عراقنا متعافيا و جميلا و مصدر فخر و اعتزاز ! .. إذ أنتم قد أجهزتم على ما تبقى من القليل ، القليل من العراق : أي على ما تبقى ، و على ما فلت من معاول صدام .. و لكن ما أسرع ، ما أضحيتم مرئيين ، كملوك عراة أمام معظم العراقيين ، على الرغم من قلة فترة وجودكم في السلطة ! . و لعل كل هذا سيعطينا مجددا بصيصا من أمل جديد.
Qasim3@gawab.com
أنني أرى الأمور المتعلقة بالأحزاب الدينية العراقية ، و خاصة الحاكمة منها أو المهيمنة و المتسلطة على إرادة الناسب منطق القوة ، على عكس ما يراه البعض . فأن هذا البعض الكثير غاضب و ناقم على الأحزاب الدينية ، شاعرا بالخيبة و الإحباط من سلوك و نهج هذه الأحزاب ، و نحن هنا عندما نتحدث عن بعض الكتَّاب و القراء و أكثرية المواطنين المحبطين فأننا نقصد أكثرية المجتمع العراقي المحبطة الآن فعلا و حقيقة ، و لحد اليأس و اللعنة ، مودعة أمالها و أحلامها مرة واحدة ، و إلى الأبد !.
أما لماذا أنني أرى الأمور على عكس من هؤلاء البعض الكثير ؟؟! ، فالسبب يرجع ،إلى أننا لو دققنا النظر في هذه المسألة فسوف نجد أن هذه الأحزاب الدينية و الطائفية ، قد وفرت لنا جهدا كبيرا ، ووقتا ثمينا كان من الممكن إهداره ، لفضحها و تعريتها ، و تسليط الضوء على جوهرها الإدعائي القدسي المزيف ، و عن نزوعها الطغياني والقمعي ، و عن كونها في حقيقة الأمر لا تختلف إلا قليلا ، عن حزب البعث النازي ، من حيث التسلط و الشمولية ، و الضحك على ذقون الفقراء و البسطاء من الأكثرية الصامتة ــ و لكونها مازالت تخطو أولى خطواتها على صعيد ممارسة السلطة و الحكم و التحكم بمصائر العراقيين ــ و خاصة على صعيد مصادرة حرية و حقوق الآخرين ، معاملة المواطنين كما لو كانوا قطيعا من العبيد و الخرفان ، و تعبئة و حشو أذهان العراقيين بالخزعبلات و الخرافات و الأساطير الهزيلة ، الغيبيات المستهلكة لحد التهرؤ ، و كأن ( التثقيف ) البعثي العفلقي للمواطن العراقي ، الذي أستمر لعقود طويلة من الزمن لا يكفي لتشويه شخصية العراقي روحيا و فكريا و نفسيا و اجتماعيا ! . و ذلك من خلال السعي إلى تعطيل آلية التفكير الحر ، وشل و سحق تكوينات و نوات الإرادة المستقلة ، و تسخيف و تسطيح فكرة الحرية ، و زرع محلها فكرة الخنوع ، و سلوك العبودية ، ناهيك عن المحاولات الجارية لتقبيح جمالية الحياة و اعتبارها أثما و خطيئة ، و عديم المعنى و الجدوى ، بالتالي يجب التضحية بها من أجل الآخرة !! .
يجب أن نكون ممتنين لهذه الأحزاب الدينية و الطائفية لكونها قد فضحت نفسها بنفسها ، سواء من ناحية سلوكها و تفكيرها القمعي ، أو من ناحية كونها لم تستطع أن توفر الحد الأدنى ، من الأمن و الاستقرار و إمكانيات و مجالات العمل ، و لقمة الخبز و الرعاية الصحية ، و غير ذلك من أمور حيوية أخرى : بل أن الأمور قد ساءت أكثر فأكثر : فكثرت و تصاعدت أعمال العنف و الإرهاب ، و تزايد العدد اليومي للضحايا العراقيين المسالمين ، بتواز مع تصاعد عمليات السرقة و الاختفاء ، ل( حصة التموين ) المقدمة لفقراء العراق الجياع ، تلك الحصة المهمة التي كانت توفر الحد الأدنى من العيش المضمون للعراقيين الفقراء ، و للعاطلين العمل، وهي التي كانت تشكل ضمانة وحيدة لهؤلاء الفقراء ، لكي لا يهلكوا جوعا ، و يُقال أن بعض الفقراء المعوزين ، أخذوا الآن ، يبيعون دمهم لكي يبقوا على قيد الحياة ! .
أن سقوط و انحدار هذه الأحزاب و التنظيمات و الحركات و التيارات الدينية المهيمنة في مناطق جنوب العراق حتى بغداد ، و فقدانها لهالتها المزوقة و المزيفة ، قد بات واضحا و ملموسا ، بالنسبة للمواطن العراقي، الذي بدأ يحس و يشعر من خلال معاناته و همومه اليومية و خيبته الكبيرة ، كم أن هذه الأحزاب و التنظيمات و التيارات في واد و الشعب العراقي في واد أخر ، و خاصة عندما تم إهمال مناطق الجنوب الغنية بالثروات النفطية و غيرها ، و حرمانها من عمليات الأعمار و البناء و تشغيل الأيدي العاملة العاطلة ، على الرغم من وجود الأمن والاستقرار اللذين كانا مخيمين نسبيا ، و يسمحان بالبدء و المباشرة بمثل هذه المشاريع الإنشائية و الأعمارية و التنموية ، و تقديم خدمات مهمة و حيوية عامة للمواطن العراقي ، الذي أصبح بأوج حاجة إليها .. لم يحدث أي إنجاز مهم من هذا القبيل على الرغم من مرور سنتين على انهيار النظام السابق .
و لكن الاهتمام و الانهماك بالسرقات و الاختلاسات و نهب و سلب و فرهدة الأموال العامة ، و كذلك استغلال السلطة و المناصب و توزيعها على أساس القرابة و المحاباة و الحزبيات ، كان أقوى و أكثر إغراء ، و طغيانا ، من الاهتمام بهموم و شؤون الوطن و المواطن العراقي المخدوع و المضلل و المستخدم دائما ، ككبش فداء لأهداف و مصالح فئوية و شخصية !.
فهؤلاء السادة و من شدة تدينهم و إيمانهم و طهارتهم الشديدة و العميقة !!!!!، لم يفطنوا إلى مثل هذه الهموم و الشؤون ( التافهة ) ، و لأنهم صرفوا جل اهتمامهم و أوقاتهم على مراقبة سلوك و أخلاق المواطنين : مثلا مَن يغني و يرقص في الحدائق العامة ، و مَن يلبس بناطيل الجينز و يطلق شعره طويلا ، و مَن من النساء و الفتيات ــ حتى ولو كن غير مسلمات !!ــ لا تلبس الحجاب و الجبة ، و أي حلاق لا يمارس مهنته وفقا ، و طبقا للتعاليم الإسلامية ، و خاصة بما تتعلق باللحية و الشوارب و الحواجب و العانة ، و الخ ، و الخ من واجبات و فروض كثيرة جدا ، جدا تتعلق بسلوك و أخلاق ، و أنماط تفكير للمواطن العراقي الذي يصرون على إعادة تربيته ، تربية دينية جديدة ، كتواصل فعال مع الحملة الإيمانية الصدامية السابقة ، ولكن عبر ( رؤية أخرى) ؟!
وهي مهمات شاقة و عاجلة ، ينبغي على ( قديسينا ) الجدد المطهرين ، أن يتفرغوا لها بالدرجة الأولى و الأخيرة ، بدلا من التشييد و التعمير و البناء ، و تزويد المواطن بالتيار الكهربائي الدائم ، وبالمياه الصالحة للشرب ، و بتشغيل ملايين العاطلين عن العمل ، و القضاء على وباء الإرهاب ، و الفساد الإداري ، ووقف عمليات النهب و السلب و الفرهدة التي تتعرض لها الأموال و الممتلكات العامة على قدم و ساق . فبالنسبة لهؤلاء ( القديسين و المطهرين الأبرار ) الجدد ، أن هذه الأمور الدنيوية ( التافهة ) لا تستحق العناية و الرعاية ، و لا اهتماما أو إهدارا للوقت ، و خاصة أن الآخرة أهم بكثير من هذه الدنيا الفانية ؟!!!! .. بالطبع أن الشعور بكون هذه الدنيا ( فانية ) لا تمنع هؤلاء السادة من حشو جيوبهم بالمال ( الحلال ؟؟)
و السطو على ممتلكات الدولة و الشعب و الاستمتاع بمباهج السلطة و الحكم و استغلالهما على احسن وجه ما يكون ، و بأسرع وقت ممكن ، ليستمتعوا بهذه الحياة الفانية ! .. وما دمنا عند الدنيا الفانية ، فلا يسعنا إلا أن ندعو الرب الذي يرزق من يشاء ، بأن تبقى جيوبكم المحشوة عامرة ب(المال الحلال ؟؟ ) و خالدة و منتفخة كمخدة الملوك حتى يوم القيامة !! .. و ندعو أنفسنا إلى توديع الأمل و الحلم ، على صعيد رؤية عراقنا متعافيا و جميلا و مصدر فخر و اعتزاز ! .. إذ أنتم قد أجهزتم على ما تبقى من القليل ، القليل من العراق : أي على ما تبقى ، و على ما فلت من معاول صدام .. و لكن ما أسرع ، ما أضحيتم مرئيين ، كملوك عراة أمام معظم العراقيين ، على الرغم من قلة فترة وجودكم في السلطة ! . و لعل كل هذا سيعطينا مجددا بصيصا من أمل جديد.
Qasim3@gawab.com