المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأكراد يتهمون المرجعية الدينية للشيعة بعرقلة الفيدرالية وحل مسألة كركوك



زوربا
07-16-2005, 07:08 AM
أزمة ثقة بينهما الى التفاقم

دبي - نجاح محمد علي

دخلت أزمة الثقة بين الأكراد والشيعة منعطفا ينذر بفرط تحالفهما الذي أوصلهما الى تقاسم السلطة حين تسلم الدكتور ابراهيم الجعفري رئاسة الوزراء، واصبح جلال الطالباني أول رئيس كردي للعراق، ووزعت باقي المناصب وفق نظام المحاصصة.. الطالباني وجه مؤخرا رسالة شديدة اللهجة الى الجعفري، واتهمه بخرق الاتفاق الذي وقعه مع التحالف الكردستاني عند تشكيل الحكومة، ودعاه إلى احترام ذلك الاتفاق.

وخاطب الطالباني الجعفري قائلا «لا يمكن السكوت بعد الآن عن تصرفاتك ومواقفك» واتهمه بالتفرد في اتخاذ القرارات، وعرقلة تسوية قضية كركوك،وتهميش دور الأكراد في الحكومة والجمعية الوطنية.
الأزمة اندلعت منذ بدايات تشكيل الحكومة،بل وقبلها عندما خطف الأكراد لذة انتصار الشيعة «في الانتخابات»، وأطالوا في أمد مفاوضاتهم معهم لتشكيل الحكومة، ولوحوا بتحالفات جانبية مع الأحزاب والتنظيمات والشخصيات العلمانية، قد تبرز الى العلن في الانتخابات القادمة،ولسان حالهم يقول لأمريكا وبريطنيا ودول المنطقة: «احذروا الاسلاميين الشيعة ، ونحن من يقدر على كبح انتصارهم».

ولاتستبعد أوساط الشيعة أن يستثمر وزير الخارجية هوشيار زيباري موقعه، لتحذير دول المنطقة ومصر تحديدا من «الخطر الشيعي»، وإن مجرد الاطلاع على تصريحات الأوساط الرسمية والشعبية في كردستان العراق، يؤكد أن التحالف الكردي الشيعي مهدد بالانفراط، خصوصا وأن بعض قادة الأكراد أخذ يصف حكومة الجعفري بأنها مشكلة من «أحزاب لا تزال تتسلم رواتبها من دول الجيران»، هي اشارة قوية الى ايران، وهذا الأمر يعكس تداعيات الوضع الراهن على مستقبل العلاقة بين الطرفين.

حاليا فان العلاقة بين الشيعة والأكراد تشبه زواج المتعة الذي لايحتاج الى طلاق، أو أنه زواج مؤقت مع بقاء العصمة بيد الأكراد، واذا تطور، فقد يؤدي إلى انهيار الحكومة في بغداد، وبالتالي الى تفتيت العراق في مرحلة لاحقة.

الأكراد أحصوا على الجعفري «أخطاء الحكم» في اللحظة التي أدت الحكومة العراقية الجديدة اليمين الدستورية، وحذفه لعبارة تشير إلى أن العراق بلد فيدرالي وديمقراطي، واضطرت الحكومة، بعد خمسة أيام، الى إعادة أداء اليمين بالشكل الذي يرضي الأكراد، بعد احتجاجات شديدة. الجعفري برر فعلته بـ «خطأ غير مقصود»، لكن حلفاءه لم يقتنعوا..ورضوا! واعتبروا قبل ذلك أن حذف عبارة «العراق الفيدرالي الديمقراطي» يهدد التحالف بين الجانب الكردي والائتلاف العراقي الموحد، علما أنه بدونپمقاعد الأكراد الـ 77 لا يمكن للشيعة تحقيق أغلبية الثلثين في الجمعية الوطنية وتشكيل الحكومة.

وأيضا فان موقف الكتلة الكردية في حكومة الجعفري، أكد أن لدى الأكراد ثوابت لا يمكن المساومة عليها ،بما دفع الى الاعتقاد أن من شأن مشاكل من هذا النوع أن تعقد مهمة حكومة الجعفري في الشهور المتبقية من عمرها .

وزاد في اتساع الهوة ، رفضُ الطالباني عددا من الاجراءات الحكومية التي اتخذها الجعفري، منها الافراج عن معتقلين ايرانيين، وتعيين الدكتور خضير فاضل عباس وزير الصحة الاسبق في منصب امين عام ديوان رئاسة الوزراء،لكن الخلاف حول مسألة تطبيع الأوضاع في مدينة كركوك، يعد المفصل الرئيس في هذا النزاع الذي دفع بالطالباني الى القول في رسالته الى الجعفري» لا يمكننا السكوت والقبول بفرض الامر الواقع علينا .ولوّح الأكراد بالانسحاب من الحكومة، وسط تصاعد النعرات المذهبية على خلفية التفجيرات والاغتيالات والتصفيات، وتبني الطالباني بشكل لافت، مهمة الدفاع عن «السنة» بالرغم من علمانيته المفرطة، إذ ينظر قانون إدارة الدولة الذي سينبثق منه الدستور الدائم للبلاد، الى الأكراد كقومية لامذهب لها، في نظام المحاصصة.وهذا مايثير قلق الشيعة في الانتخابات القادمة.

منذ تأسيس مجلس الحكم بعد سقوط النظام السابق، أخذ الأكراد يهددون باستمرار، بالانسحاب من العملية السياسية كلما واجهوا مشكلة في تمرير «الفيدرالية» مع شركائهم. وقد أرسل الزعيمان الكرديان مسعود البارزاني وجلال الطالباني رسالة مشتركة الى الرئيس الأمريكي جورج بوش عبرا فيها عن قلقهما بشأن «الفيدرالية» وطلبا أن يدعم بوش قانون إدارة الدولة الذي أوجد مناخا للفيدرالية، جديدا لم يألفه العراقيون من قبل.

يعتقد الأكراد أن المرجعية الدينية هي من يعرقل تطبيق الفيدرالية وحسم مسألة كركوك، بعد دورها المفصلي في الانتخابات أواخر كانون ثاني الماضي، ولهذا فقد يمم الطالباني وجهه صوب النجف الأشرف والتقى المرجعيات الدينية فيها وعلى راسها آية الله العظمى علي السيستاني ، وغازلهم بأهمية أن يبقى التحالف الكردي الشيعي، لمواجهة «خطر العلمانيين»، وفي نفس الوقت، يحذر الأكراد من تفرد الشيعة بالحكم ، ويتهمونهم بالولاء لدولة اقليمية هي ايران.!.

المادة 58 من قانون إدارة الدولة
يطالب الأكراد الجعفري بتفعيل المادة الـ (58) من قانون ادارة الدولة العراقية المؤقت والتي تلزم حكومة الجعفري الانتقالية حل النزاعات الملكية العقارية وغيرها من الجهات ذات العلاقة، وعلى وجه السرعة، باتخاذ تدابير، من اجل رفع الظلم الذي سببته ممارسات النظام السابق والمتمثلة بتغيير الوضع السكاني لمناطق معينة بضمنها كركوك ، من خلال ترحيل ونفي الافراد من اماكن سكناهم ، ومن خلال الهجرة القسرية من داخل المنطقة وخارجها، وتوطين الأفراد الغرباء عن المنطقة ، وحرمان السكان من العمل ، ومن خلال تصحيح القومية.
ولمعالجة ذلك يلح الأكراد على الجعفري العمل من أجل رفع هذا الظلم ، عبر اتخاذ الخطوات التالية :

فيما يتعلق بالمقيمين المرحلين والمنفيين والمهجرين والمهاجرين، وانسجاماً مع قانون الهيئة العليا لحل النزاعات الملكية العقارية، والإجراءات القانونية الأخرى، على الحكومة القيام خلال فترة معقولة، بإعادة المقيمين إلى منازلهم وممتلكاتهم، وإذا تعذر ذلك على الحكومة تعويضهم تعويضا عادلا.

بشأن الافراد الذين تم نقلهم الى مناطق و اراض معينة، وعلى الحكومة البت في امرهم حسب المادة 10 من قانون الهيئة العليا لحل النزاعات الملكية العقارية، لضمان امكانية اعادة توطينهم، اولضمان امكانية تلقي تعويضات من الدولة، او امكانية تسلمهم لأراض جديدة من الدولة قرب مقر اقامتهم في المحافظة التي قدموا منها، او امكانية تلقيهم تعويضاً عن تكاليف انتقالهم الى تلك المناطق .

بخصوص الاشخاص الذين حرموا من التوظيف او من وسائل معيشية اخرى لغرض اجبارهم على الهجرة من اماكن اقامتهم في الاقاليم والاراضي، على الحكومة ان تشجع توفير فرص عمل جديدة لهم في تلك المناطق والاراضي .
اما بخصوص تصحيح القومية فعلى الحكومة الغاء جميع القرارات ذات الصلة، والسماح للاشخاص المتضررين، بالحق في تقرير هويتهم الوطنية وانتمائهم العرقي بدون اكراه او ضغط.

(ب)- لقد تلاعب النظام السابق ايضاً بالحدود الادارية وغيرها بغية تحقيق اهداف سياسية . على الرئاسة والحكومة العراقية الانتقالية تقديم التوصيات الى الجمعية الوطنية وذلك لمعالجة تلك التغييرات غير العادلة. وفي حالة عدم تمكن الرئاسة الموافقة بالإجماع على مجموعة من التوصيات، فعلى مجلس الرئاسة القيام بتعيين محكم محايد و بالاجماع لغرض دراسة الموضوع وتقديم التوصيات . وفي حالة عدم قدرة مجلس الرئاسة على الموافقة على محكم، فعلى مجلس الرئاسة أن يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين شخصية دولية مرمـوقة للقيام بالتحكيم المطلوب.

(ج)- تؤجل التسوية النهائية للاراضي المتنازع عليها ، ومن ضمنها كركوك ،الى حين استكمال الاجراءات أعلاه، وإجراء إحصاء سكاني عادل وشفاف والى حين المصادقة على الدستور الدائم. يجب ان تتم هذة التسوية بشكل يتفق مع مبادىء العدالة، آخذاً بنظر الاعتبار ارادة سكان تلك الاراضي.

¾ مستقبل التحالف

يراقب الأكراد موقف الجعفري وأعلنوا أنهم سينسحبون اذا أقر الدستور أن العراق جزء من الامة العربية، وقرنوا دخول القوات العراقية إلى كردستان بموافقة برلمان الإقليم، ولم يتأخروا حين فتحوا قناة اتصال مع الجناح البعثي في المقاومة، وتسرب هنا أن الأمريكان كلفوا وزيرا كرديا (في حكومة صدام حسين) بنقل رسائل الى أطراف بعثية في «المقاومة»، وجرت اتصالات كردية- بعثية من وراء ظهر الجعفري، وحكومته وأثار الأمر موجة من القلق عن طبيعة تحالفات المرحلة المقبلة، لازاحة الشيعة عن الحكم، أو اضعافهم، وأن يمارسوا السلطة على «عكازة» الأكراد كما هو الحال.

ولايستبعد المطلعون أن تشهد الخارطة السياسية في العراق اصطفافات جديدة تتمثل في تحالف «السنة» و«الأكراد»، وكتلة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي الذي قام مؤخرا بتحرك اقليمي ودولي لافت، للحصول على الدعم المطلوب والعودة مجددا للحكم في الانتخابات المقبلة.
ويعتمد مستقبل «الائتلاف» على قوة تحالفاته الداخلية أولا، وعلى أداء الحكومة الحالية بالنسبة لـ «كركوك»، رغم أن قانون إدارة الدولة المؤقت ينص على تأجيل جميع النزاعات الخاصة بمدينة كركوك لحين اجراء احصاء سكاني وإقرار دستور دائم للبلاد.

وكان الجعفري اعتبر أن مشكلة كركوك التي يسكنها عرب وأكراد وتركمان، معقدة وقد يستغرق حلها وقتا طويلا، وندد حزب الطالباني بهذا الموقف وهدد بتقويض حكومته وباللجوء الى مواقف تتسم بـ «رد فعل عنيف» قد يفضي الى الانسحاب من الحكومة، ما يشير الى ان التحالف الكردستاني - الشيعي، يواجه بالفعل معضلة كبيرة.

وأخيرا فان حال الجعفري لايحسد عليه ، لأن بعض حلفائه الشيعة أيضا أجروا مؤخرا مشاورات فيما بينهم للانسحاب من «الائتلاف» احتجاجا على ما وصفوه باستئثار رئيس الحكومة في اتخاذ القرارات والمواقف دون التشاور معهم.

وتفاديا لاحتمال انهيار«لائتلاف»، نجح السيد عبدالعزيز الحكيم عضو الجمعية الوطنية ورئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق في اجراء مشاورات مع الشخصيات والاطراف المعنية، اسفرت عن تكليف الشيخ خالد ابا ذر لتولي مهمة تشكيل لجنة استشارية للجعفري تتألف من اربعة اعضاء في الجمعية الوطنية يمثلون كلا من: المجلس الاعلى، التيار الصدري، حزب الدعوة الاسلامية، حزب الفضيلة، وتحدثت مصادر إن الجعفري طلب فقط أن لايزداد عدد الاعضاء في هذه اللجنة، بما يعرقل قدرته في اتخاذ بعض القرارات.