المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مجنون ليلى



مرتاح
07-12-2005, 08:05 AM
كان قيس بن الملوح شابا جميل الوجه ابيض اللون وكانت ليلى ابنة عمه المهدي من اجمل النساء واظرفهن واحسنهن جسما وعقلا وافضلهن ادبا واملحهن شكلا وحديثا. احبها قيس وهام بحبها وعشقها عشقا لا مثيل له، واندلعت في قلب ليلى نيران الحب ولكن أباها منعها من الخروج لرعي الغنم خاصة عندما كبرت واصبحت عروسا تخطب ولهذا حجبت ليلى عن قيس ولم يعد يراها كما كان يراها كل يوم وهما يرعيان الغنم ولهذا أنشد قيس يقول:

تعلقت ليلى وهي ذات ذؤابة
ولم يبد للاتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت اننا
الى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم

جن جنون قيس لاحتجاب ليلى فأخذ يهيم حول منزلها يتطلع الى رؤيتها والتحدث اليها.. فعلم اهلها وتأكدوا من عشقه لها فمنعوه من اتيانه الى بيتها أو محاولة التحدث اليها، فزاد جنونه واخذ يبكي بكاء جعل اهله يعزونه عنها وعرضوا عليه ان يزوجوه انفس فتاة من عشيرتهم الا انه ابى الا ليلى واخذ يهذي بها وقد لازمه البكاء، وترك الطعام والشراب فأشفقت عليه امه ومضت على ليلى فقالت لها ان قيسا قد ذهب عشقه لك بعقله وترك المطعم والمشرب فلو جئتيه لترجوه ان يثوب ويعود الى بعض عقله.. فقالت ليلى اما نهارا فلا لأني لا آمن قومي على نفسي ولكن سآتيه ليلا.. فجاءت فقالت له: يا قيس ان امك تزعم انك جننت من اجلي وتركت المطعم والمشرب فاتق الله في نفسك وابق عليها.. فبكى وانشد يقول:

قالت جننت على رأسي فقلت لها
الحب اعظم مما بالمجانين
الحب ليس يفيق الدهر صاحبه
وانما يصرع المجنون في الحين

فبكت ليلى معه وتحدثا حتى كاد الصبح ان يسفر ثم ودعته وانصرفت فكان آخر عهده بها.
هام قيس على وجهه في فيافي نجد وكان يتردد على جبل التوباد وهو الجبل الذي شهد حبهما وهما يرعيان الغنم.. وكان بعض سكان حي بني عامر يشفقون عليه ويرسلون اليه بالطعام وكان يذهب ويجيء في شوارع ودروب الحي عله يرى ليلى وتراه.

وذات يوم وبينما هو جالس في الطريق منتظرا طلة ليلى عليه سنحت له ظبية تعدو فوثب خلفها حتى غاب عن الناظرين وعندما جاءوا له بالطعام حيث اعتاد ان يجلس لم يجدوه، بحثوا عنه في كل مكان حتى وجدوه في واد كثير الحجارة وهو ميت فاحتملوه وغسلوه وكفنوه ودفنوه.
جنت ليلى لوفاته وظلت تندبه اياما وتمادت في حزنها لدرجة ان زوجها ورد أبو هالة غضب منها فقالت له اني والله ما تزوجتك رغبة فيك.. ولكنني تزوجتك نزولا على رغبة ابي فإني كنت قد آليت على نفسي ألا أتزوج غير قيس ابدا.

وظلت ليلى تتردد على قبر قيس اياما تمكث عنده باكية الى الغروب وظلت هكذا اربعين يوما كاملة حتى اذا كان اليوم الاخير زادت في البكاء والعويل وألصقت خدها بالقبر وعانقته ثم شهقت شهقة مديدة وصمتت الى الابد.. لقد ماتت وهي محتضنة قبر حبيبها قيس.