المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لست صوفيا ولكن ...... المحامي خالد حسين الشطي



فاطمي
07-11-2005, 11:11 AM
المحامي خالد حسين الشطي

منذ ان تولى الدكتور عبدالله المعتوق حقيبة الاوقاف، وهناك حملة منظمة من التيار الاسلامي المطبق على الوزارة تستهدف الوزير شخصيا.

وهي حركة تعبوية معروفة، تلجأ اليها الاحزاب والمنظمات، سواء السياسية ام الدينية، تشخص وتعين هدفا وتتخذه مرمى، فتشحن الاجواء وتؤلبها ضده، وتكيل التهم والافتراءات، و تلاحق الزلات وتكبر الصغائر وتصنع منها مصائب وتصورها عظائم.. والهدف هو الضغط النفسي الذي يربك الوزير عن اية خطوة اصلاحية في وزارته! فيبقى منشغلا في الرد على هذه الفرية، واطفاء تلك الفتنة، ومعالجة هذه المشكلة المفتعلة، واقناع الرأي العام بأن الامر ليس كما يصوره هذا التيار الذي يتلاعب بكم! وقد اشتدت الحملة واستعرت كونها اقترنت بتعيين الدكتور محمد عبدالغفار الشريف امينا عاما للامانة العامة للاوقاف.

الوزير والامين العام للاوقاف يهدفان في استراتيجتهما اعادة السمة الكويتية الأصيلة للمرجعية الدينية الرسمية للبلاد، وهي مرجعية سرقها التيار التكفيري بتسلله وتوغله، ثم تمكنه وهيمنته، ثم اطباقه التام على المؤسسات الدينية الرسمية. مما اخرج الكويت كنظام وحكومة من وضعها التقليدي الذي نشأت عليه وعرفت به محليا وعالميا.

ولا اقصد من هذا ولا اريد نبذ التيار السلفي والقضاء عليه، كلا فأنا مع التعددية، ومع حق الجميع في تعبد ربهم بما اقتنعوا به، ولكني لا اريد لهذا المذهب ان يمثل بلدي ويكون المرجعية الدينية لحكومتي، اريد المرجعية الدينية للكويت ان تكون متسامحة تحنو على جميع المذاهب، وتحترم جميع الاجتهادات، لا تحارب وتكفر وتقصي وتدمر..

المعتوق والشريف يريدان ان يرجعا الوضع الى حالته الطبيعية الصحية المفترضة، والتي كانت قائمة قبل ان يتسلم السلف الوزارة يريدان ان يكون الوضع مثلما هو في بقية البلاد العربية والاسلامية، هناك تيارات اسلامية وتوجهات دينية مختلفة ومتعارضة ومتضادة، تعود لمذاهب او احزاب وما الى ذلك وكل بلاد وفقا للهامش الذي تسمح به.. ولكن من يمثل الدولة دينيا، ومن يعكس رأي السلطة والنظام تجاه القضايا الاسلامية تراه مستقلا غير تابع لمذهب معين، وليس خاضعا لتيار حزبي معين!

ثم ان الامكانيات الهائلة التي توفرها الوزارة، لماذا تكون حكرا على تيار واحد؟

لماذا يهاجم الوزير ويشهّر به ويهان، لمجرد ان الوزارة في عهده وجهّت دعوة لرجل دين من غير المذهب السلفي؟ بينما الحق ان يسأل الوزير السابق عن عدم دعوة امثال هؤلاء العلماء؟!
لست صوفيا، ولكن هل يصح هذا الهجوم القاسي على وزير الاوقاف لان الوزارة استضافت الشيخ الجفري؟ هل يليق بالمخالف ان يقذف المسلم الآخر بالشرك وعبادة القبور لمجرد اختلاف في الرأي والاجتهاد؟ بأي حق يهان ويكفر الشيخ الجفري الذي يقطر سماحة ويفيض اعتدالا ووسطية؟

ووجوده ثروة عظمى على مستوى العالم الاسلامي، بما يمثله من آلية علمية وشرعية وروحية لمحاربة الارهاب وثني الشباب عن التطرف وهديهم والأخذ بأيديهم وانقاذهم من الهاوية التي القاهم فيها بن لادن والملا عمر والزرقاوي واضرابهم اكثر من ان تحويهم مقالة؟!

ايها الاخوة الكرام، الاسلام اكبر من ان يحصر في طريق ضيقة حرجة، ويدس في جيب رئيس الحزب وقائد الجماعة، يخرجه ويوظفه ويلعب به ورقة على طاولة مصالحة الشخصية ومناوراته السياسية او فهمه المحدود واجتهاده الذي يقابله مئات الاجتهادات الاجود والافضل.
الطريق الى الله بعدد انفاس الخلائق، انتم احرار في فهم القرآن والسنة، وفي تصحيح ما ترونه صحيحا من الاحاديث فاتركوا لغيركم ان يتعبد ربه بما يفهمه من القرآن والسنة ايضا، ويصحح احاديث ترونها غير صحيحة ويسقط احاديث ترونها صحيحة، هذا هو الاجتهاد، وهذه هي الحرية.. ما دام المرء يستند الى آية ورواية واجتهاد فقهي ومرتكز شرعي، فلا يحق لاحد ان يكفره ويرميه بالشرك، غاية ما هناك ان تقولوا: هذا غير صحيح وفقا لمذهبنا فيرد عليك: لكنه صحيح وفقا لمذاهب ومدارس اخرى.

بالله عليكم هل هناك مسلم يعبد قبرا؟

صحيح انهم يتبركون بالقبور ويتخذونها وسيلة، ولكن ليس من دون الله ولا ضير ولا غضاضة، فهي قبور لاولياء الله، فتوقر وتعظم لذلك، لاحظ الاضافة فهي التي تبيح وتحبب، مثلما يصبح البيت الذي هو من حجر مقدسا ومعظما ومحجا للمسلمين، حين يضاف الى لفظ الجلالة فتقول بيت الله «والله جل جلاله لا يسكن البيوت ولا تظلله السقوف ولا يحويه مكان ولا زمان»، وهكذا ينقلب الورق والجلد الى حرز وبركة حين تنقش عليه آيات القرآن ويغلف بالجلد او الكرتون ليكون مصحفا.. كذلك القفص الحديدي، لا قيمه له الا لانه على قبر رسول الله او قبر ولي الله، فمن يتمسح بهذا الضريح لا يعبده من دون ا لله، بل يتخذه وسيلة، وغاية ما يمكن ان يوجه اليه من اعتراض ان هذا النسك لم تثبت شرعيته، فيرد:

نعم ثبتت شرعيته عندي، وتنتهي المشكلة.

انها امور واضحة تكاد تكون بديهية.. ولولا الافق العقائدي الذي لا يطيق للغير مجرد العيش والحياة «ناهيك بحقوق الانسان!» والخلفية التنظيمية التي تمتد من الفلبين وماليزيا الى افغانستان والعراق لتصل الى الغرب واقصاه في نيويورك، وترى اليوم انها مهددة في مناصبها وامكانياتها في وزارة الاوقاف الكويتية.. لما امكن للمرء ان يفهم سر التشنج والحالة الهستيرية التي يواجه بها الشيخ الجفري لمجرد انه لا يرى بأساً في زيارة القبور؟

khalidـalshatti@khalidـalshatti.com