المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلاقات العراقية الايرانية مرحلة جديدة أم زيارات للمجاملة؟



فاطمي
07-10-2005, 11:04 AM
كتب زهير الدجيلي

تحليل اخباري

زيارة وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي الاربعاء الماضي الى ايران وما سيتبعها من زيارة لوفد حكومي عراقي كبير برئاسة رئيس الوزراء الجعفري الى طهران الثلاثاء القادم، جاءت ملفتة لانتباه المراقبين السياسيين، بعد عامين من الاتهامات العراقية والاميركية لايران، بانها وراء زعزعة الامن في العراق. وكانت اشد الاتهامات حدة تلك التي وجهها وزير الدفاع العراقي السابق حازم الشعلان الذي اتهمها بتحويل العراق الى محمية ايرانية من خلال دعمها للائتلاف الشيعي الفائز بالانتخابات وتمويلها عمليات ارهابية داخل العراق.

وقد تلمست طهران في هذه الزيارة الفارق الكبير بين وزير الدفاع السابق وبين وزير الدفاع الحالي الذي يزورها وهو يكيل المديح لها ويعرض عليها صفحة جديدة مكتوبة بالتعاون والصداقة والتنسيق بين البلدين. واهم تصريح قاله الوزير الذي يعتبر اول وزير دفاع عراقي يزور طهران بعد حرب ضروس دامت ثماني سنوات هو قوله: «لن تقوم بعد الآن حرب بين البلدين». وبالطبع هذا الامر منوط بالتاريخ. لكن التصريح كان ضروريا في سياق المجاملات التي تطبعت بها الزيارة، وكان رد الوزير الايراني علي شامخاني هو: «نريد ان ننسى الماضي ونبدأ عهدا جديدا مع جارنا». وهي العبارات نفسها التي قيلت حين بدأت صفحة جديدة من الدبلوماسية بين ايران والعراق في عهد النظام السابق اتسمت بالزيارات المتبادلة وتشكيل لجان لحل الخلافات. لكنها لم تستمر طويلا.

وبالطبع لا يمكن الميل الى التشكيك في ما اسفرت عنه زيارة الدليمي وهو الوزير السني في وزارة ذات اغلبية شيعية تميل اليها طهران، ولا يمكن التشكيك ايضا في ما ستستفر عنه زيارة الوفد الحكومي العراقي برئاسة الجعفري وهو اكبر وفد يزور العاصمة الايرانية منذ سقوط نظام صدام. لكننا نقول ان هاتين الزيارتين جاءتا في اواخر عهد الرئىس خاتمي، حيث مازالت مفاهيم خاتمي عن حسن الجوار لغة طهران وسياستها ازاء جيرانها. وكثير من المراقبين يشاركوننا الامل في ضرورة استمرار هذه السياسة في عهد الرئيس الجديد احمدي نجاد والتمني في ان لا تطغى العقائدية الثورية الايرانية على الاعتدال السياسي المطلوب.

لقد كان هناك صراع بين تيارين في الزعامة العراقية، الاول يميل الى تصعيد الموقف مع ايران والضغط عليها بكل الوسائل لكي تكف عن تدخلها في العراق وهذا كان يتوافق مع سياسة واشنطن ازاء طهران. والثاني يميل الى الحوار معها لكي تتفهم حاجات العراق الامنية وضرورة دور ايراني يدعم استقرار العراق حتى لو كانت تختلف معه في قضية وجود القوات الاجنبية. وقد افلح هذا التيار المعتدل المتمثل بحكومة «الطالباني - الجعفري - الحكيم) في اخذ زمام الاعتدال والحوار مع ايران، ذلك لان الثلاثة يحتفظون بعلاقات ود مميزة مع طهران.

وحسب مصادر مطلعة فان الجعفري بحث هذا الامر مع الرئيس بوش في زيارته الاخيرة لواشنطن وطلب من واشنطن ان تساير هذا الحوار لفائدته السياسية للعراق. وان تخفف من اتهاماتها نحو طهران، وفعلا لاحظنا ان ايران غابت عن صحائف الاتهامات التي اعتادت واشنطن توجيهها الى سوريا وايران بشأن العراق. طبعا هذا لا يعني ان الجعفري طلب الاذن من واشنطن في زيارة طهران والحوار معها لحل الكثير من الخلافات. انما يمكن القول ان الوضع الحالي في العراق يتطلب التنسيق بين واشنطن وبغداد. واذا كان الرئيس بوش قد اناط الملف الايراني وبالاخص اوراقه المتعلقة بالعراق الى الجعفري، فان هذه الخطوة جيدة، وعلى ايران ان تتجاوب مع الجهد العراقي وان تكون خطوة تدريب منتسبي الجيش العراقي تتبعها خطوات تعاون خالية من نشاطات مخابراتية سرية تجعل الوضع الطائفي في العراق متأزما. وبعيدا عن شروط تعجيزية كتصريحات شامخاني بانه طلب من العراق سحب القوات الاجنبية والوفد العراقي مازال في بغداد.