فاطمي
07-09-2005, 12:04 AM
أزور تايلاند للمرة الثالثة. في العادة لا أقصدها متعمدا, ولكنني أجد نفسي دوما في خضمها, فهي ليست فقط نقطة محورية وسط كل خطوط السفر إلى آسيا, ولكنها ظاهرة من النادر أن تجد مثيلا لها. هي مكشوفة أمام زائرها لحد العري, ومخفية وغامضة كعمق أحراش غاباتها وبحارها المظلمة, دولة متفجرة بالفرح, يحرص أهلها على جذب كل أنواع الزائرين, بأدب دمث واستكانة زائدة. ولكنها أيضا بلد الأسرار والمخاطر والغواية, وحتى اقتصادها الذي يبدو قويا وهشا في الوقت نفسه , يخفي تحت سطحه البراق, أعماقًا أخرى رمادية, غير شرعية, إنها ليست نموذجا لآسيا الغامضة فحسب, ولكنها تعبير عن عالمنا المعاصر بما فيه من تعقيدات.
لعقد من الزمن, كانت تايلاند واحدة من أسرع الدول نموّا في العالم. وهو أمر لم يكن يتوقعه أحد. فمنذ الستينيات وقد انقسم الاقتصاد الآسيوي إلى قسمين, أولهما هو النمور الأربعة: كوريا, تايوان, هونج كونج , سنغافورة. وهي الدول التي اندفعت إلى الصناعة والتصدير, وغمرت العالم بالملابس الرخيصة والأحذية والإلكترونيات. بينما كان القسم الآخر يتحرك ببطء, وكانت تايلاند في مؤخرته. كانت الفلبين التي ترتبط بالولايات المتحدة تتقدم عنها, وماليزيا التي كانت تمتلك بعض الصناعات من أيام الاستعمار البريطاني, وكذلك إندونيسيا التي تنام على آبار من النفط.
يستعيد عالم الاقتصاد فون جبياشيت الأستاذ بجامعة بانكوك , هذه الفترة, وهو يشير إلى مجموعة من الصور بالأبيض والأسود, تمثل هذه الفترة, كنا نجلس في مكتبه بالجامعة, تطل علينا من بعيد القمة المدببة للمعبد الذهبي الذي لا تكف أفواج الزوار عن التوافد إليه, يقول: (كانت تايلاند أقل عصرية من أن تستطيع أن تقفز إلى الأمام, يحكمها نظام سياسي خليط من الحاشية الملكية وجنرالات الجيش. واقتصادها مثل بقية العالم الثالث يعتمد على الزراعة والسياحة. وبالرغم من أنه ازدهر في سنوات الستينيات, فإن بعضهم كان يعتقد أن ذلك كان بفضل القوات الأمريكية التي كانت تحتاج إليها كمرفأ للراحة والمتعة, إبان حرب فيتنام, وازداد الأمر سوءا مع مطلع الثمانينيات عندما انخفض معدل النمو وقضت الزيادة في أسعار النفط على كل ما في البلاد من احتياطي العملة الأجنبية).
ولكن في قلب كل أزمة توجد فرصة, كما يقولون, وقد جاءت الفرصة من أقصى الشرق, من اليابان, إذ كانت تواجه أزمة ارتفاع أسعار البترول للمرة الثانية, ولم تكن تريد أن ترفع أسعار منتجاتها التي كانت تغمر أسواق أوربا والولايات المتحدة, لذلك كانت تبحث باستمرار عن أماكن أرخص لإنتاج سلعها. فعلت ذلك في أزمة البترول الأولى مع النمور الأربعة, ثم توجهت بعد ذلك إلى تايلاند.
في بداية التسعينيات كانت اليابان تستثمر في دول آسيا حوالي 74 بليون دولار. وكانت تدرك أن قوة الاقتصاد الياباني سوف يشع منها إلى دول آسيا, كما شعت الثورة الصناعية من بريطانيا إلى كل أوربا. لم تكن نمورا في ذلك الوقت, بل كانت أشبه بسرب من البجع. تطير اليابان في مقدمته وتتبعها بقية الطيور, تضاعفت الاستثمارات اليابانية إلى تايلاند عشر مرات في بداية التسعينيات, ولكن المعجزة أن الناتج المحلي لتايلاند ارتفع أيضًا, فقد تضاعفت استثمارات الصناعات المحلية في المجوهرات والجلود والأخشاب والكمبيوتر وقطع الغيار, وفي خلال عشر سنوات فقط, زادت صادرات تايلاند حوالي 21 ضعفا, أجل.. كانت طفرة أشبه بالمعجزة, حتى أن البنك الدولي تنبأ في تقرير له أنها سوف تكون ثاني أقوى اقتصاد في العالم مع حلول عام 2020, ثم فجأة حدث الانهيار, وكان مفاجئًا أكثر من الصعود.
لماذا حدث الانهيار?
في عام 1996 تراجع معدل التصدير, الذي كان يواصل ارتفاعه بمعدل 20% سنويا ليصبح صفرا كبيرًا, وبعدها بعام واحد انهارت السوق المالية, بفعل المضاربات, وأفلست كبرى الشركات المالية. وتم تعليق حوالي ثلثي المؤسسات المالية, وبدأت الأزمة تزحف على بقية دول آسيا, وتبدلت الصور الزاهية, فأصبحت البجعات مريضة, والنمور مضطربة, والتنانين واهنة.
ومثل الصعود, كان للهبوط أسبابه العالمية, فقد كان الاقتصاد الياباني يقاوم الركود منذ سبعة أعوام, وقد أثر ذلك على حجم استثماراته في آسيا. كما بدأ الاقتصاد الأوربي يقوى ويصبح أكثر ازدهارًا نتيجة للسوق المشتركة. وأعادت أمريكا جزءًا من استثماراتها الخارجية إلى الداخل بل إن منطقة (النافتا), التي تضم أمريكا وكندا والمكسيك قد أوصدت الأبواب أمام أي فرص لتوسيع صادرات آسيا, التي كانت تتدفق إليها. بل وظهرت دول آسيوية أخرى تحلق في سرب جديد وتبيع صادراتها بسعر أرخص ومعدل أكثر جودة مثل الصين والهند وإندونيسيا.
وبالرغم من أن جنوب آسيا كله قد تأثر بهذا الانهيار الاقتصادي, فإن تايلاند كانت الأكثر حزنًا, فقد أثر على الأجهزة البيروقراطية والسياسية أيضًا, وحتى البنك المركزي الذي كان صخرة الاقتصاد أصابه الانهيار أيضًا, وأخذ السياسيون يتبادلون الاتهامات, وأصبحت الأبراج النقدية التي كانت تعلو في سماء بانكوك خالية من الحركة والموظفين. وأحسّ الجميع أن تايلاند قد تحولت مرة أخرى إلى بلد نامٍ, ووجد سكان الريف الذين توافدوا على المدينة أنفسهم بلا عمل.
في وسط هذا الجو المضطرب وغير المستقر, تقدمت آليات (الاقتصاد الرمادي) لتفرض طابعه وتحكم قوانينه, هذا إذا كانت تعترف بأي قانون.
المخدرات تحت الطلب
في أحد الأندية الليلية, جلس بجانبي زائر عربي, أخذ يحدق في أجساد البنات الراقصات في صخب, وهو يحمل في يده كأسا فيه مزيج من الأشربة التي من الصعب معرفتها, قال منتشيا: (يا له من بلد, إنه ليس جنة الجنس فقط, ولكنه جنة المخدرات أيضا), ولم تكن هذه حالة عربية واحدة أقابلها, ولكنها كانت سمة غالبة على العديد منهم, خاصة الشباب. ومنذ سنوات منعت دولة عربية كبرى مواطنيها الشباب من السفر إلى تايلاند بعد أن مات اثنان منهم بسبب الإفراط في المخدرات, فهي مثل الجنس في بانكوك يتم الإعلان عنها على قارعة الطريق, ويمكن لأي سائق تاكسي أن يقودك ببساطة إلى أكثر الأوكار سرية,حيث تجد أمامك كل أنواع المخدرات, المسألة سهلة ومرعبة في الوقت نفسه.
طبقًا لإحصاءات الأمم المتحدة, فإن حجم الاقتصاد غير القانوني يصل إلى حوالي 600 بليون دولار سنويًا, تحتل تجارة المخدرات في هذا الاقتصاد المركز الأول, بما يعادل 400 بليون, وفي تايلاند وحدها, فإن الإحصاءات تتحدث عن أرباح تصل إلى 85 بليونًا منها, كما ذكرت العديد من الصحف والمصادر المحلية, وهذا يمثل 12% من أرباح تجارة المخدرات حول العالم.
وأنواع المخدرات في تايلاند كثيرة, ولكن يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع رئيسة, الأول: هو إدمان المخدرات الطبيعية - غير المصنعة - مثل الأفيون والماريجوانا (اسمها في تايلاند جانيا gonia ), والميتراجوانا والكوكايين, وبعض هذه الأنواع يتم تحويله بواسطة بعض العمليات الكيميائية إلى مخدرات أقوى, مثل الأفيون الذي يستخرج منه المورفين والهيروين. أما النوع الثاني فهو المخدرات المصنّعة مثل البيثدين وغيره. والنوع الأخير هو المخدرات التي يتعود عليها المرء بعد طول استخدام مثل المهدئات والمقويات وأنواعها, مثل: التراكيليز والباريتورات. كما أنه يوجد في تايلاند نوع من المنشطات يطلق عليه (ياما) أو حبة الحصان, و(يابا) أو حبة الجنون.
والأفيون هو المخدر الأول الذي يتم تداوله في سوق تايلاند, يأتي بعد ذلك الهيروين والماريجوانا, وكذلك بعض مذيبات الأصباغ التي يتم شمّها. وكما نعرف جميعًا فإن تايلاند هي جزء من المثلث الذهبي, الذي يضم أيضًا كلاً من بورما ولاوس, وهو مازال المكان الأكبر لإنتاج الأفيون. ويعتقد أن 60% من الأفيون الذي يورد للولايات المتحدة يأتي من هذه المنطقة. وواحد من أهم أسباب ازدهار هذه التجارة هو حاجة الجماعات المسلحة والمتمرّدين في هذه المنطقة لاستبدال الأفيون والهيروين بالسلاح, خاصة في بورما, وينتج في هذه المنطقة وحدها 75% من الأفيون الذي يوزع عبر العالم.
إن إنتاج تايلاند من الأفيون ضئيل, ويتم استهلاك معظمه بواسطة زارعيه من ساكني التلال. ولكنها تعد الطريق الرئيسة لانتقال المخدرات من بورما ولاوس إلى بقية أنحاء العالم, كما أنها تدخل في جزء كبير من صناعته. فحتى يتحول الأفيون إلى هيروين يحتاج إلى معالجة بواسطة هيدرات الاستيان وكلوريد الاسيتال. ولإنتاج كيلو واحد من الهيروين, فإن الأمر يحتاج إلى عشرة كيلوات من الأفيون, وكمية من هذه المواد الكيميائية, وتوفر تايلاند المواد اللازمة والمعامل لهذه الصناعة السرية. كما أن هناك معامل خاصة بها تنتج المواد الكيميائية اللازمة التي لا يقدر على إنتاجها كل من بورما ولاوس. كما تزرع كميات كبيرة من الأفيون على الحدود بين هذه البلاد الثلاثة لتسهيل تهريبها.
وقد بدأ دور تايلاند الشرير في تجارة المخدرات أثناء حرب فيتنام, وكانت جذورها موجودة في قواعد الجيش الأمريكي, حيث أقيمت شبكة نشطة بين هذه القواعد والمهربين في إندونيسيا, وبعد نهاية الحرب, ومع تحسن شبكة الطرق في تايلاند, أصبحت هذه الشبكة تمر من خلالها. وقد أبدت الحكومة التايلاندية, استعدادها للتعاون مع أمريكا لوقف هذه التجارة, ولكن حجم هذه التجارة ازداد ولم ينخفض نتيجة لزيادة التعاون بين الجماعات المسلحة والمهربين والتجار.
وحتى لا نظلم تايلاند كثيرًا, فهي ليست وحدها المتورطة في هذه التجارة, فالصين قد دخلت المشهد العالمي أخيرًا. فبعد سقوط بعض الشبكات المهمة في أيدي الشرطة التايلاندية تحوّل طريق التجارة شمالاً إلى الصين, وغربًا إلى فيتنام. ولكن طريق تايلاند ظل دائما هو الأكثر أمنًا, فالبضائع تغادر جوًا وهي معبأة في داخل صناديق تحمل أسماء بضائع أخرى, وأحيانًا تخبأ في أحشاء الركاب في مطار دون موغ. وقد أعلنت أمريكا أن تايلاند هي الطريق الأخطر للمخدرات.
ومن أصل 150 طنًا من الأفيون يتم إنتاجها في المثلث الذهبي, يتم تهريب حوالي 50 طنًا من خلال تايلاند, بعضها يذهب للاستهلاك المحلي, وبعضها يذهب إلى الخارج. ويقال إن حوالي 99% من سكان التلال في شمال تايلاند من مدمني الأفيون, ولم يسلم شباب تايلاند من الإصابة بهذا الوباء الذي يجري عبر أراضيهم بطبيعة الحال, ففي منتصف التسعينيات, انتشرت المخدرات المعروفة بالأمفيتانينات, خاصة بين طلاب المدارس, وقد بلغ عدد الأقراص المخدرة ـ حسب الإحصاءات المحلية نفسها ـ التي وزعت في عام 1997 - وهو عام الأزمة الاقتصادية الشهير - حوالي 1.25 بليون قرص. ولم تتسع شبكات التهريب فقط, ولكن أصحابها ازدادوا ثراء وأصبحوا يحتلون مركزًا متميزًا في المجتمع التايلاندي, بل وأقاموا علاقات قوية مع رجال السياسة المؤثرين مما يجعلهم طبقة فوق القانون.
تجارة السلاح
هل تريد أن تشتري أحدث أنواع الأسلحة?
هل تريد أن تستأجر قاتلا محترفا , يمكن أن يقضي على ضحيته دون أن يسأل!
هل تريد أن تدبر انقلابا صغيرا?
كل ذلك متوافر في تايلاند, وبسعر التكلفة أحيانا, فهذا البلد الهادئ يخفي أعماقا مضطرمة, وتحيط به حدود متوترة, تشاركه فيها دول قلقة مثل كمبوديا وبورما ولاوس, وهادئة نسبيًا مثل ماليزيا. ومنذ الخمسينيات, أي منذ بداية الحرب الباردة دخلت تايلاند ضمن السياسة الأمريكية التي تسعى لمحاربة الشيوعية, وقد جعل هذا منها دولة شبه محايدة ومستقرة. وفي الوقت نفسه انعكست عليها الأزمات ونزاعات الجماعات المتصارعة في الدول المجاورة. كما أن ازدياد سطوة رجال الأعمال في المناطق الموازية للحدود, جعل من تجارة السلاح تجارة رائجة ومربحة.
إن سوق السلاح يمتد من داخل تايلاند إلى خارجها أيضًا. فالسلاح الذي يتم بيعه داخل تايلاند يذهب للقناصة والمهربين وسفن القراصنة, التي تقوم بالسطو أو بتهريب المخدرات. في عام 1990 أعلنت مصادر الشرطة أن هناك حوالي 735 قاتلاً محترفًا في تايلاند. وهناك أكثر من جماعة مسلحة تمارس نشاطها على الحدود. كما يتم تهريب مسلحين يأتون من إندونيسيا للمحاربة مع الجماعات المتمردة في بورما. ومن المعروف أن هناك توترًا تاريخيًا بين أي نظام حاكم في بورما وتايلاند. لذلك فهي تقوم دومًا بتشجيع الأقليات العرقية والسياسية على التمرّد حتى تضعف, وتقيم منطقة عازلة بينها وبين السلطة المركزية.
والأمر نفسه بالنسبة لكمبوديا التي كانت تايلاند تود دومًا أن تجعل منها منطقة عازلة بينها وبين فيتنام, لذلك فقد ساندت حركة الخمير الحمر التي كانت تعارض فيتنام نظرًا لدعمها للنظام الحاكم في كمبوديا, وأصبح لهم قوة إضافية على الحدود بين البلدين, بحيث ازدهرت تجارة السلاح وتهريب المخدرات, بالرغم من أن الحكومة التايلاندية ظلت تنكر هذا الأمر.
لقد خاضت تايلاند حروبًا مع المتمردين الشيوعيين على أراضيها استمرت من عام 1960 حتى مطلع السبعينيات. وهو صراع امتد إلى مساحة كبيرة من البلاد, وكانت هذه الجماعات تتلقى السلاح من الصين بشكل أساسي, بينما كانت الحكومة تستورد سلاحها من الولايات المتحدة. وقد ترك هذا الصراع كمية كبيرة من الأسلحة المخبأة تحت الأرض, أو داخل الغابات في التلال الشمالية, ومنه كانت بداية تجارة السلاح. وقبل أن توقع بعض الجماعات المسلحة داخل كمبوديا اتفاق وقف إطلاق النار مع الحكومة, كان يصل عددها إلى 72 جماعة مسلحة قوامها 60 ألف مقاتل, وكانت كلها تستورد سلاحها عن طريق تايلاند. وعلى الحدود الغربية, فإن بقايا الخمير مازالت موجودة بحوالي 35 ألف مقاتل يحكمون عددًا كبيرًا من القرى الحدودية, وهم يقدمون الأحجار الكريمة وكميات كبيرة من أخشاب البخور, في مقابل السلاح الذي يحضره لهم من الصين ضباط في الجيش التايلاندي. ويقوم رجال الأعمال بتزويدهم بالطعام والثياب والأدوية. وبالطبع يحتاج رجال الأعمال إلى معونة البوليس التايلاندي المشرف على هذه المنطقة.
الأموال تصبح أكثر بياضًا
ازدهر الاقتصاد الرمادي جنبًا إلى جنب مع ازدهار الاقتصاد التايلاندي منذ منتصف الثمانينيات. وكان غسيل الأموال على رأس أنشطة هذا الاقتصاد, والمثير هنا أن هذا النشاط كان جديدًا عليها, ولكنه أصبح مفهومًا ومقبولاً بسرعة, وأصبح تعبير (التبييض) يطلق على ظواهر أخرى مثل (تبييض السياسيين) و(تبييض الأراضي) التي يتم الاستيلاء عليها. وكلها تعني تحويل الأعمال القذرة إلى نظيفة ومقبولة.
وتبييض الأموال هو عملية تحويل الأموال التي يتم كسبها بطريقة غير مشروعة - عن طريق الدعارة أو المخدرات أو تهريب السلاح - إلى أموال شرعية. وبالطبع فكل شيء نسبي, وهناك طرق أكثر قذارة من أخرى, فالمخدرات غير مشروعة في كل مكان, ولكن أموال القمار يمكن أن تكون مشروعة في دولة ومحرمة في أخرى.
ونصف الأموال التي يتم تبييضها حول العالم تأتي من تجارة المخدرات, أما النصف الآخر فيأتي من مصادر متعددة مثل الرشاوى, السياسيين الفاسدين, التزييف, تجارة السلاح, القمار. وتستفيد تجارة تبييض الأموال من التطور التكنولوجي الحديث, فهي تتحول من مكان إلى آخر بسرعة البرق, وتعبر الحدود دون أن يتمكن أحد من وقفها.
لعقد من الزمن, كانت تايلاند واحدة من أسرع الدول نموّا في العالم. وهو أمر لم يكن يتوقعه أحد. فمنذ الستينيات وقد انقسم الاقتصاد الآسيوي إلى قسمين, أولهما هو النمور الأربعة: كوريا, تايوان, هونج كونج , سنغافورة. وهي الدول التي اندفعت إلى الصناعة والتصدير, وغمرت العالم بالملابس الرخيصة والأحذية والإلكترونيات. بينما كان القسم الآخر يتحرك ببطء, وكانت تايلاند في مؤخرته. كانت الفلبين التي ترتبط بالولايات المتحدة تتقدم عنها, وماليزيا التي كانت تمتلك بعض الصناعات من أيام الاستعمار البريطاني, وكذلك إندونيسيا التي تنام على آبار من النفط.
يستعيد عالم الاقتصاد فون جبياشيت الأستاذ بجامعة بانكوك , هذه الفترة, وهو يشير إلى مجموعة من الصور بالأبيض والأسود, تمثل هذه الفترة, كنا نجلس في مكتبه بالجامعة, تطل علينا من بعيد القمة المدببة للمعبد الذهبي الذي لا تكف أفواج الزوار عن التوافد إليه, يقول: (كانت تايلاند أقل عصرية من أن تستطيع أن تقفز إلى الأمام, يحكمها نظام سياسي خليط من الحاشية الملكية وجنرالات الجيش. واقتصادها مثل بقية العالم الثالث يعتمد على الزراعة والسياحة. وبالرغم من أنه ازدهر في سنوات الستينيات, فإن بعضهم كان يعتقد أن ذلك كان بفضل القوات الأمريكية التي كانت تحتاج إليها كمرفأ للراحة والمتعة, إبان حرب فيتنام, وازداد الأمر سوءا مع مطلع الثمانينيات عندما انخفض معدل النمو وقضت الزيادة في أسعار النفط على كل ما في البلاد من احتياطي العملة الأجنبية).
ولكن في قلب كل أزمة توجد فرصة, كما يقولون, وقد جاءت الفرصة من أقصى الشرق, من اليابان, إذ كانت تواجه أزمة ارتفاع أسعار البترول للمرة الثانية, ولم تكن تريد أن ترفع أسعار منتجاتها التي كانت تغمر أسواق أوربا والولايات المتحدة, لذلك كانت تبحث باستمرار عن أماكن أرخص لإنتاج سلعها. فعلت ذلك في أزمة البترول الأولى مع النمور الأربعة, ثم توجهت بعد ذلك إلى تايلاند.
في بداية التسعينيات كانت اليابان تستثمر في دول آسيا حوالي 74 بليون دولار. وكانت تدرك أن قوة الاقتصاد الياباني سوف يشع منها إلى دول آسيا, كما شعت الثورة الصناعية من بريطانيا إلى كل أوربا. لم تكن نمورا في ذلك الوقت, بل كانت أشبه بسرب من البجع. تطير اليابان في مقدمته وتتبعها بقية الطيور, تضاعفت الاستثمارات اليابانية إلى تايلاند عشر مرات في بداية التسعينيات, ولكن المعجزة أن الناتج المحلي لتايلاند ارتفع أيضًا, فقد تضاعفت استثمارات الصناعات المحلية في المجوهرات والجلود والأخشاب والكمبيوتر وقطع الغيار, وفي خلال عشر سنوات فقط, زادت صادرات تايلاند حوالي 21 ضعفا, أجل.. كانت طفرة أشبه بالمعجزة, حتى أن البنك الدولي تنبأ في تقرير له أنها سوف تكون ثاني أقوى اقتصاد في العالم مع حلول عام 2020, ثم فجأة حدث الانهيار, وكان مفاجئًا أكثر من الصعود.
لماذا حدث الانهيار?
في عام 1996 تراجع معدل التصدير, الذي كان يواصل ارتفاعه بمعدل 20% سنويا ليصبح صفرا كبيرًا, وبعدها بعام واحد انهارت السوق المالية, بفعل المضاربات, وأفلست كبرى الشركات المالية. وتم تعليق حوالي ثلثي المؤسسات المالية, وبدأت الأزمة تزحف على بقية دول آسيا, وتبدلت الصور الزاهية, فأصبحت البجعات مريضة, والنمور مضطربة, والتنانين واهنة.
ومثل الصعود, كان للهبوط أسبابه العالمية, فقد كان الاقتصاد الياباني يقاوم الركود منذ سبعة أعوام, وقد أثر ذلك على حجم استثماراته في آسيا. كما بدأ الاقتصاد الأوربي يقوى ويصبح أكثر ازدهارًا نتيجة للسوق المشتركة. وأعادت أمريكا جزءًا من استثماراتها الخارجية إلى الداخل بل إن منطقة (النافتا), التي تضم أمريكا وكندا والمكسيك قد أوصدت الأبواب أمام أي فرص لتوسيع صادرات آسيا, التي كانت تتدفق إليها. بل وظهرت دول آسيوية أخرى تحلق في سرب جديد وتبيع صادراتها بسعر أرخص ومعدل أكثر جودة مثل الصين والهند وإندونيسيا.
وبالرغم من أن جنوب آسيا كله قد تأثر بهذا الانهيار الاقتصادي, فإن تايلاند كانت الأكثر حزنًا, فقد أثر على الأجهزة البيروقراطية والسياسية أيضًا, وحتى البنك المركزي الذي كان صخرة الاقتصاد أصابه الانهيار أيضًا, وأخذ السياسيون يتبادلون الاتهامات, وأصبحت الأبراج النقدية التي كانت تعلو في سماء بانكوك خالية من الحركة والموظفين. وأحسّ الجميع أن تايلاند قد تحولت مرة أخرى إلى بلد نامٍ, ووجد سكان الريف الذين توافدوا على المدينة أنفسهم بلا عمل.
في وسط هذا الجو المضطرب وغير المستقر, تقدمت آليات (الاقتصاد الرمادي) لتفرض طابعه وتحكم قوانينه, هذا إذا كانت تعترف بأي قانون.
المخدرات تحت الطلب
في أحد الأندية الليلية, جلس بجانبي زائر عربي, أخذ يحدق في أجساد البنات الراقصات في صخب, وهو يحمل في يده كأسا فيه مزيج من الأشربة التي من الصعب معرفتها, قال منتشيا: (يا له من بلد, إنه ليس جنة الجنس فقط, ولكنه جنة المخدرات أيضا), ولم تكن هذه حالة عربية واحدة أقابلها, ولكنها كانت سمة غالبة على العديد منهم, خاصة الشباب. ومنذ سنوات منعت دولة عربية كبرى مواطنيها الشباب من السفر إلى تايلاند بعد أن مات اثنان منهم بسبب الإفراط في المخدرات, فهي مثل الجنس في بانكوك يتم الإعلان عنها على قارعة الطريق, ويمكن لأي سائق تاكسي أن يقودك ببساطة إلى أكثر الأوكار سرية,حيث تجد أمامك كل أنواع المخدرات, المسألة سهلة ومرعبة في الوقت نفسه.
طبقًا لإحصاءات الأمم المتحدة, فإن حجم الاقتصاد غير القانوني يصل إلى حوالي 600 بليون دولار سنويًا, تحتل تجارة المخدرات في هذا الاقتصاد المركز الأول, بما يعادل 400 بليون, وفي تايلاند وحدها, فإن الإحصاءات تتحدث عن أرباح تصل إلى 85 بليونًا منها, كما ذكرت العديد من الصحف والمصادر المحلية, وهذا يمثل 12% من أرباح تجارة المخدرات حول العالم.
وأنواع المخدرات في تايلاند كثيرة, ولكن يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع رئيسة, الأول: هو إدمان المخدرات الطبيعية - غير المصنعة - مثل الأفيون والماريجوانا (اسمها في تايلاند جانيا gonia ), والميتراجوانا والكوكايين, وبعض هذه الأنواع يتم تحويله بواسطة بعض العمليات الكيميائية إلى مخدرات أقوى, مثل الأفيون الذي يستخرج منه المورفين والهيروين. أما النوع الثاني فهو المخدرات المصنّعة مثل البيثدين وغيره. والنوع الأخير هو المخدرات التي يتعود عليها المرء بعد طول استخدام مثل المهدئات والمقويات وأنواعها, مثل: التراكيليز والباريتورات. كما أنه يوجد في تايلاند نوع من المنشطات يطلق عليه (ياما) أو حبة الحصان, و(يابا) أو حبة الجنون.
والأفيون هو المخدر الأول الذي يتم تداوله في سوق تايلاند, يأتي بعد ذلك الهيروين والماريجوانا, وكذلك بعض مذيبات الأصباغ التي يتم شمّها. وكما نعرف جميعًا فإن تايلاند هي جزء من المثلث الذهبي, الذي يضم أيضًا كلاً من بورما ولاوس, وهو مازال المكان الأكبر لإنتاج الأفيون. ويعتقد أن 60% من الأفيون الذي يورد للولايات المتحدة يأتي من هذه المنطقة. وواحد من أهم أسباب ازدهار هذه التجارة هو حاجة الجماعات المسلحة والمتمرّدين في هذه المنطقة لاستبدال الأفيون والهيروين بالسلاح, خاصة في بورما, وينتج في هذه المنطقة وحدها 75% من الأفيون الذي يوزع عبر العالم.
إن إنتاج تايلاند من الأفيون ضئيل, ويتم استهلاك معظمه بواسطة زارعيه من ساكني التلال. ولكنها تعد الطريق الرئيسة لانتقال المخدرات من بورما ولاوس إلى بقية أنحاء العالم, كما أنها تدخل في جزء كبير من صناعته. فحتى يتحول الأفيون إلى هيروين يحتاج إلى معالجة بواسطة هيدرات الاستيان وكلوريد الاسيتال. ولإنتاج كيلو واحد من الهيروين, فإن الأمر يحتاج إلى عشرة كيلوات من الأفيون, وكمية من هذه المواد الكيميائية, وتوفر تايلاند المواد اللازمة والمعامل لهذه الصناعة السرية. كما أن هناك معامل خاصة بها تنتج المواد الكيميائية اللازمة التي لا يقدر على إنتاجها كل من بورما ولاوس. كما تزرع كميات كبيرة من الأفيون على الحدود بين هذه البلاد الثلاثة لتسهيل تهريبها.
وقد بدأ دور تايلاند الشرير في تجارة المخدرات أثناء حرب فيتنام, وكانت جذورها موجودة في قواعد الجيش الأمريكي, حيث أقيمت شبكة نشطة بين هذه القواعد والمهربين في إندونيسيا, وبعد نهاية الحرب, ومع تحسن شبكة الطرق في تايلاند, أصبحت هذه الشبكة تمر من خلالها. وقد أبدت الحكومة التايلاندية, استعدادها للتعاون مع أمريكا لوقف هذه التجارة, ولكن حجم هذه التجارة ازداد ولم ينخفض نتيجة لزيادة التعاون بين الجماعات المسلحة والمهربين والتجار.
وحتى لا نظلم تايلاند كثيرًا, فهي ليست وحدها المتورطة في هذه التجارة, فالصين قد دخلت المشهد العالمي أخيرًا. فبعد سقوط بعض الشبكات المهمة في أيدي الشرطة التايلاندية تحوّل طريق التجارة شمالاً إلى الصين, وغربًا إلى فيتنام. ولكن طريق تايلاند ظل دائما هو الأكثر أمنًا, فالبضائع تغادر جوًا وهي معبأة في داخل صناديق تحمل أسماء بضائع أخرى, وأحيانًا تخبأ في أحشاء الركاب في مطار دون موغ. وقد أعلنت أمريكا أن تايلاند هي الطريق الأخطر للمخدرات.
ومن أصل 150 طنًا من الأفيون يتم إنتاجها في المثلث الذهبي, يتم تهريب حوالي 50 طنًا من خلال تايلاند, بعضها يذهب للاستهلاك المحلي, وبعضها يذهب إلى الخارج. ويقال إن حوالي 99% من سكان التلال في شمال تايلاند من مدمني الأفيون, ولم يسلم شباب تايلاند من الإصابة بهذا الوباء الذي يجري عبر أراضيهم بطبيعة الحال, ففي منتصف التسعينيات, انتشرت المخدرات المعروفة بالأمفيتانينات, خاصة بين طلاب المدارس, وقد بلغ عدد الأقراص المخدرة ـ حسب الإحصاءات المحلية نفسها ـ التي وزعت في عام 1997 - وهو عام الأزمة الاقتصادية الشهير - حوالي 1.25 بليون قرص. ولم تتسع شبكات التهريب فقط, ولكن أصحابها ازدادوا ثراء وأصبحوا يحتلون مركزًا متميزًا في المجتمع التايلاندي, بل وأقاموا علاقات قوية مع رجال السياسة المؤثرين مما يجعلهم طبقة فوق القانون.
تجارة السلاح
هل تريد أن تشتري أحدث أنواع الأسلحة?
هل تريد أن تستأجر قاتلا محترفا , يمكن أن يقضي على ضحيته دون أن يسأل!
هل تريد أن تدبر انقلابا صغيرا?
كل ذلك متوافر في تايلاند, وبسعر التكلفة أحيانا, فهذا البلد الهادئ يخفي أعماقا مضطرمة, وتحيط به حدود متوترة, تشاركه فيها دول قلقة مثل كمبوديا وبورما ولاوس, وهادئة نسبيًا مثل ماليزيا. ومنذ الخمسينيات, أي منذ بداية الحرب الباردة دخلت تايلاند ضمن السياسة الأمريكية التي تسعى لمحاربة الشيوعية, وقد جعل هذا منها دولة شبه محايدة ومستقرة. وفي الوقت نفسه انعكست عليها الأزمات ونزاعات الجماعات المتصارعة في الدول المجاورة. كما أن ازدياد سطوة رجال الأعمال في المناطق الموازية للحدود, جعل من تجارة السلاح تجارة رائجة ومربحة.
إن سوق السلاح يمتد من داخل تايلاند إلى خارجها أيضًا. فالسلاح الذي يتم بيعه داخل تايلاند يذهب للقناصة والمهربين وسفن القراصنة, التي تقوم بالسطو أو بتهريب المخدرات. في عام 1990 أعلنت مصادر الشرطة أن هناك حوالي 735 قاتلاً محترفًا في تايلاند. وهناك أكثر من جماعة مسلحة تمارس نشاطها على الحدود. كما يتم تهريب مسلحين يأتون من إندونيسيا للمحاربة مع الجماعات المتمردة في بورما. ومن المعروف أن هناك توترًا تاريخيًا بين أي نظام حاكم في بورما وتايلاند. لذلك فهي تقوم دومًا بتشجيع الأقليات العرقية والسياسية على التمرّد حتى تضعف, وتقيم منطقة عازلة بينها وبين السلطة المركزية.
والأمر نفسه بالنسبة لكمبوديا التي كانت تايلاند تود دومًا أن تجعل منها منطقة عازلة بينها وبين فيتنام, لذلك فقد ساندت حركة الخمير الحمر التي كانت تعارض فيتنام نظرًا لدعمها للنظام الحاكم في كمبوديا, وأصبح لهم قوة إضافية على الحدود بين البلدين, بحيث ازدهرت تجارة السلاح وتهريب المخدرات, بالرغم من أن الحكومة التايلاندية ظلت تنكر هذا الأمر.
لقد خاضت تايلاند حروبًا مع المتمردين الشيوعيين على أراضيها استمرت من عام 1960 حتى مطلع السبعينيات. وهو صراع امتد إلى مساحة كبيرة من البلاد, وكانت هذه الجماعات تتلقى السلاح من الصين بشكل أساسي, بينما كانت الحكومة تستورد سلاحها من الولايات المتحدة. وقد ترك هذا الصراع كمية كبيرة من الأسلحة المخبأة تحت الأرض, أو داخل الغابات في التلال الشمالية, ومنه كانت بداية تجارة السلاح. وقبل أن توقع بعض الجماعات المسلحة داخل كمبوديا اتفاق وقف إطلاق النار مع الحكومة, كان يصل عددها إلى 72 جماعة مسلحة قوامها 60 ألف مقاتل, وكانت كلها تستورد سلاحها عن طريق تايلاند. وعلى الحدود الغربية, فإن بقايا الخمير مازالت موجودة بحوالي 35 ألف مقاتل يحكمون عددًا كبيرًا من القرى الحدودية, وهم يقدمون الأحجار الكريمة وكميات كبيرة من أخشاب البخور, في مقابل السلاح الذي يحضره لهم من الصين ضباط في الجيش التايلاندي. ويقوم رجال الأعمال بتزويدهم بالطعام والثياب والأدوية. وبالطبع يحتاج رجال الأعمال إلى معونة البوليس التايلاندي المشرف على هذه المنطقة.
الأموال تصبح أكثر بياضًا
ازدهر الاقتصاد الرمادي جنبًا إلى جنب مع ازدهار الاقتصاد التايلاندي منذ منتصف الثمانينيات. وكان غسيل الأموال على رأس أنشطة هذا الاقتصاد, والمثير هنا أن هذا النشاط كان جديدًا عليها, ولكنه أصبح مفهومًا ومقبولاً بسرعة, وأصبح تعبير (التبييض) يطلق على ظواهر أخرى مثل (تبييض السياسيين) و(تبييض الأراضي) التي يتم الاستيلاء عليها. وكلها تعني تحويل الأعمال القذرة إلى نظيفة ومقبولة.
وتبييض الأموال هو عملية تحويل الأموال التي يتم كسبها بطريقة غير مشروعة - عن طريق الدعارة أو المخدرات أو تهريب السلاح - إلى أموال شرعية. وبالطبع فكل شيء نسبي, وهناك طرق أكثر قذارة من أخرى, فالمخدرات غير مشروعة في كل مكان, ولكن أموال القمار يمكن أن تكون مشروعة في دولة ومحرمة في أخرى.
ونصف الأموال التي يتم تبييضها حول العالم تأتي من تجارة المخدرات, أما النصف الآخر فيأتي من مصادر متعددة مثل الرشاوى, السياسيين الفاسدين, التزييف, تجارة السلاح, القمار. وتستفيد تجارة تبييض الأموال من التطور التكنولوجي الحديث, فهي تتحول من مكان إلى آخر بسرعة البرق, وتعبر الحدود دون أن يتمكن أحد من وقفها.