بو عجاج
01-03-2020, 08:24 PM
https://www.alraimedia.com/articlefiles/attachments/2008/8/23/2821120170828083513535.jpg
أبومهدي المهندس يحمل في طهران عدداً لـ «الراي» الذي تناول قضيته قبل أكثر من سنة (تصوير أحمد أمين)
«الراي» تخرج أبومهدي المهندس عن صمته: لم أكن في الكويت حين تعرض الشيخ جابر لمحاولة اغتيال
23 أغسطس 2008
|طهران - من أحمد أمين|
«ما نشر في صحيفة «الراي» في البداية حول وصمي بالارهاب، اصبح كرة ثلج، ووصل الامر الى حد تصريح لناطق باسم البيت الابيض، ما يعني ان هذه العملية كانت مدروسة ومبرمجة وليست عملية عشوائية»... هكذا بدأ النائب العراقي ابو مهدي المهندس، واسمه الحقيقي جمال جعفر محمد علي حديثه إلى «الراي» في طهران بعد صمت سنوات طويلة اتهمته فيها أكثر من جهة بتنفيذ نشاطات إرهابية وعدائية في الكويت في الثمانينات، بينها محاولة اغتيال الأمير الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد، كما اتهمته الولايات المتحدة قبل أشهر «بتوفير قناة تهريب الأسلحة من إيران إلى العراق وتأمين نفوذ سياسي لها هناك»، الأمر الذي جعله واحداً من أهم المطلوبين لأميركا.
وأكد المهندس، الذي لم ينجح اي جهاز اعلامي او عدسة في الحديث معه او تصويره، خلال السنوات الاخيرة لـ «الراي» (شرط عدم حذف أي كلمة) انه لم يسجن في الكويت، قال ردا على سؤال حول الشكوك التي كانت تحوم حول تورطه في محاولة اغتيال المغفور له الشيخ جابر الأحمد، في العام 1985، «انا في تلك الفترة لم اكن موجودا في الكويت بالاساس، انها مزاعم اعلامية، واعلنت المحكمة الكويتية لائحة باسماء متهمين، ولم يتم ادراج اسمي، لا من قريب ولا من بعيد في هذه القضية، حتى ان وسائل الاعلام التي تناولت هذه القضية بالبحث والتحليل ونشر الوقائع واسماء المتهمين لم تشر اطلاقا الى اسمي، وهذه القضية متأخرة، وفي تقديري ان جهات اعلامية ومخابراتية تحاول العمل عليها في هذه المرحلة».
واعلن انه دخل الكويت، في 20 مايو 1980، بسبب الملاحقات التي كان يقوم بها نظام صدام ضد الاسلاميين، خصوصا الاعضاء في «حزب الدعوة»، وعمل مهندسا في القطاعين الخاص والحكومي، الى ان وقعت الهجمات الارهابية التي تعرضت لها السفارتان الفرنسية والاميركية العام 1983. وقال «وانا من ضمن الالاف الذين غادروا الكويت بعد هذه الاحداث، وسمعت كما سمع الكثيرون باسمي يوضع في قائمة المتهمين بهذه العمليات».
ولماذا لم يطعن امام القضاء الكويتي بهذه الاتهامات في ما لو كان بريئا؟ أجاب: «لم تتوافر الاجواء التي اطمئن لها من اجل الدخول في محاكمة، لم اكن مطمئنا بتوافر المناخ المناسب في حال قام الشخص بتسليم نفسه للدفع ببراءته، وكانت الاجواء التي سادت الكويت بعد التفجيرات ملبدة، اجواء يرى أي عاقل انها لا توفر له مقومات المثول امام القضاء وان تكون لديه القدرة على الدفاع عن نفسه والرد على التهم الموجهة اليه، لذلك خرجت من الكويت كما فعل الاخرون، وسمعت وقرأت الكثير مما قيل في شأني وتم نشر صوري، ولم اكن امتلك امكانية الدفاع عن نفسي في تلك الاجواء».
وردا على سؤال اخر، بان بعض السياسيين العراقيين زعموا ان المخابرات العراقية كانت وراء هذه القضية، رد: «لا اعلم، لكن المخابرات العراقية كانت موجودة في الكويت، وكان لدى العراقيين الذين يعيشون في هذا البلد قلق حقيقي من جهاز المخابرات العراقي في الكويت، وبان جليا اثناء الغزو الصدامي لدولة الكويت العام 1990 الدور الخبيث لعناصر هذا الجهاز، والمؤسف ان الجو الذي كان سائدا في الكويت حتى على مستوى الاعلام الكويتي في تلك السنوات، كان مؤيدا او مواليا تقريبا لنظام صدام ضد ايران، ويتذكر الاخوة في الكويت حملة الاعتقالات الواسعة التي حصلت حينها، لذلك اضطر الكثيرون الى المغادرة لان الاجواء ما كانت تسمح ان يقوم الشخص باختيار محام، هذا الى جانب عدم وجود القدرة المالية التي تساعد على تعيين محام لينبري للدفاع عنا، المناخ كان قاسيا ولا خيار امامك سوى المغادرة».
واشار المهندس الى «الدور الاجرامي» الذي كان يلعبه جهاز مخابرات صدام حسين في الكويت مطلع الثمانينات، ومحاولات هذا الجهاز الانتقام من العناصر الاسلامية العراقية التي اتخذت من الكويت ملاذا آمنا لها. كما اشار الى الجهود المضنية التي بذلها عناصر «فيلق بدر» في تقصي المعلومات الخاصة بالاسرى الكويتيين في السجون العراقية، وان معظم المعلومات التي قدمها السيد محمد باقر الحكيم عن هؤلاء الى الحكومة الكويتية، كان مصدرها الاساس عناصر «بدر».
وتحدث عن الشعب الكويتي قائلا «انهم اهلنا واخوتنا، وانا عشت في داخل هذا الشعب، ونحن في البصرة والكويت كنا بمثابة الجسد الواحد، الشعب الكويتي معطاء ومقاوم، انه من نماذج المقاومة للظلم، اذ قاوم الغزو الصدامي وذاق ظلم صدام مثلما ذقناه نحن».
ورأى ان الحكومة الكويتية، «قطعا ستسعى الى حل وتسوية الملفات القديمة والقضايا العالقة بين الكويت والعراق. واعتقد ان على الطرفين مراقبة الجهات المسيئة والمثيرة للازمات، سواء في الكويت او العراق او الاطراف الخارجية التي تريد ابقاء ملفات ساخنة وجروح مفتوحة بين الطرفين، هي قابلة للعلاج اساسا».
وماذا لو تلقى دعوة برلمانية لزيارة الكويت؟ قال: «حاضر وسأقوم بتلبيتها، فأنا عشت في الكويت». وتابع مازحا: كان عندي شقة وأغراض، وعلى أقل تقدير أشوف أغراضي وين راحت».
وشرح المهندس اسباب تواريه عن الانظار في العراق، وعدم المشاركة في اجتماعات البرلمان، واكد ان العامل الاساس وراء ذلك هو «التهم التي وجهتها القوات الاميركية إلي، خصوصا ان الحكومة والبرلمان غير قادرين على حمايتي من اي خطوة تقوم بها القوات الاميركية ضدي»، لافتا إلى ان «الاميركيين يخططون لتنفيذ اغتيال سياسي للكوادر الفاعلة على الساحة ولا سيما التي كان لها تاريخ نضالي»، ووصف الاتهامات الاميركية الموجهة اليه بانها «مسرحية».
كما نفى ان يكون مطلوبا من قبل الشرطة الدولية (الانتربول)، باي تهمة، وقال «من خلال صحيفتكم اعلن في شكل رسمي استعدادي التام للمثول امام اي محكمة، تتوافر فيها الضمانات المطلوبة وان اطمئن لها، للرد على كل ما يقال».
ونفى ان يكون له اي دور في التقريب بين الايرانيين والاميركيين، خلال محادثاتهم في بغداد بخصوص الحالة الامنية في العراق، وقال «صنعوا مني شخصية خيالية».
وعن اتهامه بانه ضابط ارتباط في «فيلق القدس»، ومهمته التنسيق مع المتطرفين السنة، اي «القاعدة»، والمتطرفين الشيعة، اي «جيش المهدي»، رد «هذه مزاعم كاذبة، فانا لا اعرف اي شخص في القاعدة ولم التق بأي عضو في هذا التنظيم، ولم تناط بي هكذا مهمة مطلقا».
حوار / أبو مهدي المهندس: لم يرد اسمي ضمن لائحة المتهمين
ولم اكن موجودا في الكويت حينما تعرض الامير الراحل لمحاولة اغتيال
| طهران - من أحمد أمين |
على مدار ساعة ونصف الساعة، رد النائب العراقي ابو مهدي المهندس، واسمه الحقيقي جمال جعفر محمد علي، على الاتهامات الموجهة اليه بتنفيذ انشطة ارهابية وعدائية في الكويت في الثمانينات، في اطار حوار مطول وغير مسبوق مع «الراي» في طهران، بعد تواريه عن الانظار في العراق، والنأي بنفسه عن الرد على الاتهامات التي وجهها هذا الطرف او ذاك اليه، اذ ولم ينجح اي جهاز اعلامي او عدسة في الحديث معه او تصويره، خلال السنوات الاخيرة.
المهندس اشار الى «الدور الاجرامي» الذي كان يلعبه جهاز مخابرات صدام حسين في الكويت مطلع الثمانينات، ومحاولات هذا الجهاز الانتقام من العناصر الاسلامية العراقية التي اتخذت من الكويت ملاذا آمنا لها، بعد ما بدأت آلة القتل في العراق تحصد هذه العناصر، التي قال انها «لم تكن تمارس سوى نشاطا توعويا فكريا»، من خلال توجيه الاتهامات اليها بضلوعها في انشطة ارهابية في هذا البلد او ذاك.
وشدد على انه كان يرغب في المثول امام القضاء الكويتي حينذاك للدفاع عن نفسه مقابل التهم الموجهة اليه، لكنه في الوقت نفسه كان يخشى الا يتمكن القضاء من انصافه. واشار الى الدور التخريبي الذي مارسه جهاز مخابرات صدام حين تم غزو الكويت، منتقدا في شدة جريمة الغزو. كما اشار الى الجهود المضنية التي بذلها عناصر «فيلق بدر» في تقصي المعلومات الخاصة بالاسرى الكويتيين في السجون العراقية، وان معظم المعلومات التي قدمها السيد محمد باقر الحكيم عن هؤلاء الى الحكومة الكويتية، كان مصدرها الاساس عناصر «بدر».
كما رأى ان جهاز المخابرات العراقي الحالي، ونظرا لارتباطه بجهاز الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي اي)، يقوم بمتابعة القيادات الشيعية، وفتح الملفات لها، مؤكدا ان هذا الجهاز يضم حاليا افرادا من مخلفات النظام السابق.
وشرح المهندس اسباب تواريه عن الانظار في العراق، وعدم المشاركة في اجتماعات البرلمان، واكد ان العامل الاساس وراء ذلك هو «التهم التي وجهتها القوات الاميركية اليه، خصوصا ان الحكومة والبرلمان غير قادرين على حمايته من اي خطوة تقوم بها القوات الاميركية ضده»، لافتا ان «الاميركيين يخططون لتنفيذ اغتيال سياسي للكوار الفاعلة على الساحة ولاسيما التي كان لها تاريخ نضالي»، ووصف الاتهامات الاميركية الموجهة اليه بأنها «مسرحية».
كما نفى ان يكون مطلوبا من قبل الشرطة الدولية (الانتربول)، بأي تهمة، وقال ان «الامر برمته عار من الصحة، ومن خلال صحيفتكم اعلن في شكل رسمي استعدادي التام للمثول امام اي محكمة، تتوافر فيها الضمانات المطلوبة وان اطمئن لها، للرد على كل ما يقال».
ورد المهندس، برحابة صدر على الاسئلة المتعلقة بالمهام المناطة به من قبل الحرس الثوري الاسلامي، و«قوات القدس» على وجه التحديد، الى جانب دوره في ترتطيب الاجواء حين احتقنت بين التيارين الصدري والبدري، ولاسيما بعد صراع النفوذ الذي حصل بين الجانبين في بعض المدن الشيعية.
ونفى ان يكون القضاء على زعيم «القاعدة» في العراق ابو مصعب الزرقاوي تم وفق صفقة بين القوات الاميركية والحرس الثوري، كما رفض الفكرة القائلة بان العناصر العربية التي نفذت عمليات مسلحة في العراق، «هم مسلمون مجاهدون»، واصفا هؤلاء بـ «الارهابيين التكفيريين».
وتحدث عن الشعب الكويتي، قائلا «انهم اهلنا واخوتنا، وانا عشت في داخل هذا الشعب، ونحن في البصرة والكويت كنا بمثابة الجسد الواحد، ولنا في البصرة علاقات شخصية وحميمة وتاريخية مع الشعب الكويتي، وانا اكن كل الاحترام لهذا الشعب، انه شعب معطاء ومقاوم، انه من نماذج المقاومة للظلم، اذ قاوم الغزو الصدامي وذاق ظلم صدام مثلما ذقناه نحن، واعتقد ان هذا الواقع حدد معالم تعامله مع الشعب العراقي، ورأينا بعد الغزو كيف اصبح تعامله مع الشعب العراقي، واستقبالاته الحارة للفقيد السيد الحكيم، نموذجا لذلك التعامل».
كما اشار الى الحكومة الكويتية، ورأى «انها قطعا ستسعى الى حل وتسوية الملفات القديمة والقضايا العالقة بين الكويت والعراق، وبكل تأكيد ان حل هذه الملفات بحاجة الى وقت، الى جانب الحاجة للحكمة والتعقل واقل مقدار ممكن من التشنج».
وفيما اكد المهندس، انه لم يسجن في الكويت، قال ردا على سؤال حول الشكوك التي كانت تحوم حول تورطه في المحاولة الاغتيال التي تعرض لها الامير الراحل المغفور له الشيخ جابر الاحمد، في العام 1985، «انا في تلك الفترة لم اكن موجودا في الكويت بالاساس، انها مزاعم اعلامية، واعلنت المحكمة الكويتية لائحة بأسماء متهمين، ولم يتم ادراج اسمي، لا من قريب ولا من بعيد في هذه القضية، حتى ان وسائل الاعلام التي تناولت هذه القضية بالبحث والتحليل ونشر الوقائع واسماء المتهمين لم تشر اطلاقا الى اسمي، وهذه القضية متأخرة، وفي تقديري ان جهات اعلامية ومخابراتية تحاول العمل عليها في هذه المرحلة».
وتابع ان «ما نشر في صحيفة «الراي» في البداية حول وصمي بالارهاب، اصبح كرة ثلج، ووصل الامر الى حد تصريح لناطق باسم البيت الابيض، ما يعني ان هذه العملية كانت مدروسة ومبرمجة وليست عملية عشوائية».
وسألت «الراي»، المهندس، ما اذا كان سيزور الكويت في حال تلقيه دعوة برلمانية، فرد «سأكون مستعدا وحاضرا، فانا عشت في الكويت». واضاف ممازحا «كان عندي شقتي وأغراضي، وعلى اقل تقدير اشوف أغراضي وين راحت».
وفي ما يلي نص الحوار:
• هل لك ان تقدم لنا نبذة عن حياتك؟
- انا جمال جعفر محمد علي، مواليد 1954 مدينة البصرة، خريج الجامعة التكنولوجية في بغداد العام 1977، مهندس مدني، البناء والمنشآت.
• وما خلفياتك السياسية؟
- بدأت نشاطي السياسي مطلع السبعينات، حيث اصبحت عضوا في حزب الدعوة الاسلامي، وحينذاك كان حزبا تربويا اسلاميا، ولم يكن هناك مشروع سياسي واضح، انما مشروع توعوي من خلال المساجد والحسينيات ومكاتب آية الله سيد محسن الحكيم، وفي الثمانينات وبعد خروجنا من العراق، او هروبنا منه في الواقع، التحقت بالقوى المجاهدة المعارضة لصدام واصبحت احد افراد ومسؤولي «فيلق بدر»، التحقت بالفيلق بعد تأسيسه وبقيت فيه حتى العام 2002، وكنت عضوا في «المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق».
• وكم هي الفترة التي كنت فيها قائدا لهذه القوات؟
- منذ العام 1986 الى 2002 كنت احد القادة في «بدر»، وفي نحو السنوات الاربع او اقل الاخيرة اصبحت قائدا لـ «فيلق بدر»، وقبلها كنت لمدة 8 سنوات رئيسا لاركان هذه القوات.
• يقال انك كنت في حزب الدعوة جناح البصرة بقيادة عز الدين سليم «ابو ياسين» (اغتيل في العراق العام 2004 بعد ان تم اختياره رئيسا دوريا لمجلس الحكم)؟.
- رحم الله الشهيد ابا ياسين، كان استاذا ومعلما وصديقا، وكنا في «المجلس الاعلى» سوية، اذ كنت نحو 18 سنة عضوا في هذا المجلس وتم اختياري عضوا في «شورى المجلس» خلال السنوات الاربع التي سبقت سقوط نظام صدام حسين، كنت واياه عضوين في الشورى في ذلك الوقت، وانا خرجت مبكرا من الحزب، اي حينما لجأت الى ايران مطلع الثمانينات، ولم اكن منتميا لاي خط من خطوط الحزب.
• وهل كنت من ضمن القوى التي تركت المجلس العام 2002؟
- في الدورة الاخيرة للمجلس (العاشرة) عام 2002، ترك المجلس، حزب الدعوة بكل اطيافه، بما في ذلك الشهيد عز الدين سليم، وكذلك منظمة العمل خط الفقيد الشيخ محسن الحسيني الى جانب بعض المستقلين، والمجلس الاعلى كان متشكلاً من قوى سياسية، لكن انا ونحو 4 او 5 اشخاص كنا مستقلين، وبقيت على هذه الاستقلالية حتى نهاية عمر المجلس في ايران، وانا لم اتركه كما فعل الاخرون، اذ لم يكن لدي موقف مع هذه الجهة او تلك الجهة وكانت لدي قناعتي، ولم اشترك في الدورة الاخيرة، ولم اشترك في المجلس حتى بعد تطورات سقوط النظام.
• ننتقل الى الكويت، انك متهم بالمشاركة في الهجمات الارهابية التي تعرضت لها السفارتان الفرنسية والاميركية العام 1983؟
- انا كنت في الكويت، وقد دخلتها في 20/5/1980، بسبب الملاحقات التي كان يقوم بها نظام صدام ضد الاسلاميين، خصوصا الاعضاء في حزب الدعوة، ومعظم اصدقائي والاخوة الذين كانوا في العراق شملوا بحملة الاعتقالات ومن ثم الاعدامات، وانا من الافراد الذين هربوا الى دولة الكويت، وكنت احمل جواز سفر قانونيا. ويجب ان الفت الى ان نظام صدام كان يعدم الدعاة فقط كونهم يمارسون نشاطا تثقيفيا توعويا في الجامعات والمساجد، ولم يكن لدينا اي نشاط عسكري مسلح، وربما كان عدد قليل جدا من الاعضاء في الحزب يحملون السلاح بدافع شخصي، اذ لم يكن لدى الحزب اي قرار بحيازة اعضائه للاسلحة، وان حملة الاعتقالات التي انتهت بالاعدام طاولت العام 1979 الاف الدعاة، من دون ان تكون لهم معارضة سياسية للنظام ولم نمتلك حتى صحيفة سياسية، وحتى لم يكن لدينا موقف سياسي ضد النظام بذلك المعنى، وانما كان هناك نشاط ديني واسلامي وفكري، وبعد ان تعرضنا لضربة قوية بدأنا مرحلة العمل السياسي، وكان النظام يتحسس من اي تحرك فكري ثقافي، وكما هو معروف ان هذا التحرك الفكري كان يقوده السيد الشهيد محمد باقر الصدر.
وحينما دخلت الكويت عملت مهندسا في مجالات مختلفة، في القطاعين الخاص والحكومي، الى ان وقعت هذه الاحداث، وانا من ضمن الالاف الذين غادروا الكويت بعد هذه الاحداث، وسمعت كما سمع الكثيرون باسمي يوضع في قائمة المتهمين بهذه العمليات.
• لِمَ لم تطعن امام القضاء الكويتي بهذه الاتهامات في ما لو كنت بريئا؟
- لم تتوافر الاجواء التي اطمئن لها من اجل الدخول في محاكمة، لم اكن مطمئنا بتوافر المناخ المناسب في حال قام الشخص بتسليم نفسه للدفع ببراءته، وكانت الاجواء التي سادت الكويت بعد التفجيرات ملبدة، اجواء يرى أي عاقل انها لا توفر له مقومات المثول امام القضاء وان تكون لديه القدرة على الدفاع عن نفسه والرد على التهم الموجه اليه، لذلك خرجت من الكويت كما فعل الاخرون، وسمعت وقرأت الكثير مما قيل في شأني وتم نشر صوري، ولم اكن امتلك امكانية الدفاع عن نفسي في تلك الاجواء.
• تقول ان اعدادا كبيرة خرجت من الكويت، لماذ اصابع الاتهام وجهت لك تحديدا من بين كل اولئك الناس؟ ولم تم اختيارك انت؟
- والله لا اعرف لماذا، لماذا وقع اختيار الجماعة علي ونشروا اسمي ونشروا ادلة واثباتات، فانا لم ادخل في محكمة حتى افهم ملابسات هذا الامر وما الدوافع والاسباب.
• بعض السياسيين العراقيين زعموا ان المخابرات العراقية كانت وراء هذه القضية؟
- لا اعلم، لكن المخابرات العراقية كانت موجودة في الكويت، وكان لدى العراقيين الذين يعيشون في هذا البلد قلق حقيقي من جهاز المخابرات العراقي في الكويت، وبان جليا اثناء الغزو الصدامي لدولة الكويت العام 1990 الدور الخبيث لعناصر هذا الجهاز، والمؤسف ان الجو الذي كان سائدا في الكويت حتى على مستوى الاعلام الكويتي في تلك السنوات، كان مؤيدا او مواليا تقريبا لنظام صدام ضد ايران، وكان هذا التأييد ينعكس على الشيعة، ونحن كنا وما زلنا شيعة، ولذلك فان الانسان الذي لا تسانده دولة او جماعة قوية لا يجد من سبيل غير الهروب، فكما هربت من العراق خرجت من الكويت حالي حال الاخرين، ويتذكر الاخوة في الكويت حملة الاعتقالات الواسعة التي حصلت حينها، لذلك اضطر الكثيرون الى المغادرة لان الاجواء ما كانت تسمح ان يقوم الشخص باختيار محام، هذا الى جانب عدم وجود القدرة المالية التي تساعد على تعيين محام لينبري للدفاع عنا، المناخ كان قاسيا ولا خيار امامك سوى المغادرة.
• في العام 1985 تعرض الامير الراحل المغفور له الشيخ جابر الاحمد لمحاولة اغتيال، الشكوك كانت تحوم حول تورطك في هذه المحاولة؟
- انا في تلك الفترة لم اكن موجودا في الكويت بالاساس، انها مزاعم اعلامية، وقد اعلنت المحكمة الكويتية لائحة باسماء متهمين، ولم يتم ادراج اسمي، لا من قريب ولا من بعيد في هذه القضية، حتى ان وسائل الاعلام التي تناولت هذه القضية بالبحث والتحليل ونشر الوقائع واسماء المتهمين لم تشر اطلاقا الى اسمي، وهذه القضية متأخرة، وفي تقديري ان جهات اعلامية ومخابراتية تحاول العمل عليها في هذه المرحلة.
• هل سجنت في الكويت؟
- كلا لم اسجن.
• انك مطلوب حاليا من قبل الشرطة الدولية (الانتربول)، بأي تهمة؟
- هذه كذبة، ولاصحة لذلك، ولم اسمع بهذه المزاعم المفبركة، وحتى في العراق لا يوجد أي شيء من هذا القبيل.
• الم تبلغ من القادة العراقيين بوجود مذكرة اعتقال ضدك من «الانتربول»؟
- كلا، الامر برمته عار من الصحة، ومن خلال صحيفتكم اعلن في شكل رسمي استعدادي التام للمثول امام اي محكمة، تتوافر فيها الضمانات المطلوبة وان اطمئن لها، للرد على كل ما يقال.
• يقال ان ولاء «قوات بدر» كان لايران ولـ «الحرس الثوري، اكثر ما كان لـ «المجلس الاعلى»، هل ما زال هذا الولاء؟
- ان «فيلق بدر» منذ تشكل سراياه وكتائبه الاولى، كان عبارة عن تجمع للمجاهدين، ومعظمهم من الناس الذين طردوا او هربوا من العراق لاسباب مختلفة، بعضهم تم تهجيره قسرا عن العراق والاخر هرب من الاعتقال ومن حمامات الدم التي كانت تقام من قبل نظام صدام. وسمحت اجواء الحرب العراقية – الايرانية، وفي ظل وجود لاجئين عراقيين في ايران، بتشكيل تجمع بمشاركة مجاميع من الشباب الراغبين القيام بدورهم في اسقاط النظام، وهي عملية مقاومة للنظام لكن من خارج الحدود، وطبعا تم تشكيل المجلس الاعلى، وكان يضم في بداية التشكيل مجموعة من الاطياف والقوى السياسية، طيف السيد الحكيم وحزب الدعوة وبقية الاطياف المعروفة، وان تشكيل النواة الاولى لبدر تزامن مع تشكيل المجلس، ولم يكن تشكيل هذه النواة لاحقا لتشكيل المجلس، هذه حقيقة تاريخية، وان بعض الاخوة المؤسسين ما زالوا على قيد الحياة ويمكن الرجوع اليهم في هذا الشأن.
وكان صاحب انشاء هذه الفكرة هو الشهيد الحاج ابو زينب الخالصي (توفي العام 2007 بمرض عضال ناجم عن اصابته بالاسلحة الكيماوية التي استخدمها نظام صدام في الحرب العراقية - الايرانية)، وقطعا سعى لدى المسؤولين الايرانيين من اجل دعمهم لهذه الفكرة وهذه القوات. والمجلس الاعلى حينما بدأ يشكل دعم هذه الفكرة ايضا. اذاً نشأ في داخل ايران تشكيلان، الاول سمي «المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق»، وتشكيل آخر سمي لاحقا «قوات بدر» التي كانت عبارة عن افواج من المجاهدين، ثم اصبح هناك نوع من العلاقة بين المجلس وبدر، هذه العلاقة اصبحت سياسية، فالمجلس لم يكن يزود بدر، لا بالسلاح ولا بالاموال ولا بالامكانات، لانه يفتقر اليها. ان نوع الامكانات التي تحتاجها قوات بدر في القتال لم يكن المجلس يمتلكها، والمجلس كان في طهران وبدر كانت في الجبهات ثم دخلت في العمق العراقي.
ولنحكي بالمكشوف، من الطبيعي ان تعتمد قوات بدر منذ بداية تشكيلها ولسنوات على القوات المسلحة الايرانية، ولايمكن القول ان بدر كانت ترتبط بالحوزة العلمية مثلا او في شخص بعينه... الامكانات التي كانت القوات تحتاجها كبيرة، امكانات لا يمتلكها المجلس، لكن بقيت هناك علاقة سياسية بين المجلس وبدر، وتطورت هذه العلاقة لاحقا، ثم تم تعيين السيد الحكيم في سنوات متقدمة، اعتقد العام 1990، قائدا لهذه القوات بشخصه وليس بصفته رئيسا للمجلس الاعلى، وبقي منذ ذلك الوقت يمارس دورا قياديا اشرافيا على قوات بدر، وبقيت لنا علاقة مع المجلس، وانا كنت عضوا في المجلس، واعتقد ان اربعة من الكوادر القيادية في فيلق بدر كانوا في الوقت نفسه كوادرا في المجلس الاعلى، وبالطبع كانوا محسوبين على الكوادر المستقلة.
• اذا «قوات بدر» تشكيل مستقل بذاته و«المجلس الاعلى» تشكيل آخر مستقل بذاته ايضا؟
- هذا صحيح، واصبح المجلس الذي بطبيعة الحال كان يضم معظم الاطياف السياسية العراقية في المهجر، الغطاء السياسي لهذا العمل، فبدر لم تكن تمارس نشاطا سياسيا، اما الادعاء، بأن بدر كانت تأخذ اموالها واسلحتها وامكاناتها من المجلس الاعلى، فتاريخيا هذا الادعاء لا صحة له.
• وكيف كانت علاقة «بدر» بالسيد الحكيم؟
- السيد الحكيم كان ابرز شخصية سياسية، وكذلك من ابرز الشخصيات العلمائية العراقية، لكن كما تعرف ان قوات بدر تشكلت من اطياف مختلفة وفي بداية التشكيل كانت الاحزاب ترسل عناصرها وكوادرها وانصارها للعمل في داخل القوات في اطار سقف زمني محدد او في شكل دائم، وكان لدينا في القوات مفهوم عدم الولاء لأي جهة، وحينما اصبح السيد الحكيم قائدا للقوات، اصبح بواقع الحال المسؤول السياسي، اما ولاء قلبي لهذا الشخص او ذاك، فانا لا استطيع ان اجزم بذلك، لكن في شكل عام ان القوات كانت تحب السيد الحكيم.
• وهل كانت تتلقى الاوامر والتوجيهات العسكرية منه ام من الحرس الثوري؟
- اثناء الحرب لم يكن هناك توجيه، وانما كان عندنا دور عسكري في الجبهة، هذا الدور لم يكن محسورا بالمجلس الاعلى او بقرارات من السيد الحكيم، وانما كان حسب الحاجة والامكانية على الجبهة. فمثلا العمل في داخل العمق العراقي، كان هناك رأي في داخل المجلس الاعلى، يقول بضرورة ان تعمل قوات بدر في داخل هذا العمق، في حين كان نسبة النشاط والعمل في العمق العراقي قليلة جدا خلال الحرب العراقية - الايرانية، لكون صدام كان باسطا سيطرته على الداخل، اما بعد انتهاء الحرب، فاصبح لنا حضور واسع في داخل العراق، والتوجيهات كانت توضع وتنفذ عمليا في الداخل حسب ما هو متوافر من امكانات، وكان للسيد الحكيم حضور وتأثير، لكن لقوات بدر كان لها ايضا انشطتها وخططها حسب الظروف والامكانات المتاحة في داخل العراق.
• هذه الانشطة كانت تتم بالتنسيق مع الحرس الثوري الاسلامي؟
- طبعا، لانك تتحرك على ارض غير ارضك، حتى على صعيد المقاومة الكويتية فحينما هاجم صدام الكويت وغزاها على مدار تلك الاشهر السوداء، فان هذه المقاومة التي كانت تتحرك من الاراضي السعودية مثلا او من اماكن اخرى، كانت تنسق مع اصحاب الارض والحكومة التي لها السيادة على تلك الارض، ولا يمكن التحرك دون وجود مثل هذا التنسيق.
• يقال ان ابو مهدي المهندس وبعد انتخابه عضوا في البرلمان العراقي، همس للبعض عن قيام دولة الكويت بغض الطرف عما قام به من انشطة معادية على الاراضي الكويتية، وانه لا توجد ضده ملاحقات قانونية؟
- هذا الكلام لا صحة له، ولم يكن هذا الموضوع على بالي اطلاقا، مضى ربع قرن عليه، وانه امر مثير للاستغراب ان يقوم البعض بمتابعة قضية مضى عليها ربع قرن، ولم اكن اتصور ان الجماعة يثيرون مثل هكذا مواضيع. وانا ايضا عندي قضايا في الكويت، فقد تضررت كثيرا. والدي سجن وسفر من الكويت وبعد ذلك اصيب بالشلل جراء التعذيب في سجون صدام، وعندي اصدقاء واخوة حصل معهم الشيء نفسه، لكني لم اثر هذا الموضوع الذي مضى عليه ربع قرن، اعتقادا مني ان اثارة مثل هذه المواضيع ليس في مصلحة احد.
• هل انخرطتم في المقاومة ضد القوات الاميركية في العراق؟
- اعترف بانني عملت في المعارضة لاكثر من ربع قرن، واعترف انني رغم كوني مهندسا الا انني عملت في المقاومة، بعد ان اجبرنا صدام بسبب الاوضاع التي خلقها هو على مقاومته وان نشتغل في العمل العسكري، واعترف ايضا بان غزو اي بلد من قبل قوات بلد آخر سيجد معارضة في داخل ذلك البلد. وفي العراق كان موقف المقاومة العام 2003 هو عدم التصدي للقوات الغازية، لان الشعب العراقي كان محصورا بين ظلم داخلي دام لعشرات السنين وتم دعمه من اطراف اقليمية ودولية.
حكم صدام العراق بقبضة من حديد نحو ثلاثة عقود بدعم دولي وآخر من بلدان المنطقة، لذلك لم يقاوم الشعب العراقي القوات الاميركية حينما دخلت بلاده، لذا نرى ان الاميركيين استطاعوا الوصول بسهولة الى بغداد واسقاط صدام، والشعب العراقي كان ليشكر هذه القوات لو انها خرجت مثلما خرجت من الكويت، اسقطت الوجود الصدامي في الكويت وخرجت، وبقي بعض منها في اطار اتفاقية كويتية - اميركية، وما يجري الان في داخل العراق، انه ما زال هناك قوات اميركية تتصرف في شكل مطلق، وحسب قرارات مجلس الامن مازال العراق يعاني من قرارات مجحفة بحقه، واي مواطن الان اذا كان في الكويت او السعودية والجزائر او اي بلد آخر، يعيش هاجس حضور عسكريين بدباباتهم وطائراتهم مع شركات امنية تقوم بارتكاب جرائم قتل من دون ان تتعرض للمساءلة، تقتل الناس بدم بارد، فانه يلجأ الى المقاومة، وخلال الاشهر الاخيرة فقط، قتل الجنود الاميركيون نحو 1300 عراقي، وتمت محاصرة شرق بغداد بالكامل وقتل من قتل، والجيش الاميركي يقوم بعمليات عسكرية في شكل يومي، لذلك فان المواطن وجراء شعوره بثقل هذه العمليات وهذا الحضور، يلجأ الى المقاومة.
أبومهدي المهندس يحمل في طهران عدداً لـ «الراي» الذي تناول قضيته قبل أكثر من سنة (تصوير أحمد أمين)
«الراي» تخرج أبومهدي المهندس عن صمته: لم أكن في الكويت حين تعرض الشيخ جابر لمحاولة اغتيال
23 أغسطس 2008
|طهران - من أحمد أمين|
«ما نشر في صحيفة «الراي» في البداية حول وصمي بالارهاب، اصبح كرة ثلج، ووصل الامر الى حد تصريح لناطق باسم البيت الابيض، ما يعني ان هذه العملية كانت مدروسة ومبرمجة وليست عملية عشوائية»... هكذا بدأ النائب العراقي ابو مهدي المهندس، واسمه الحقيقي جمال جعفر محمد علي حديثه إلى «الراي» في طهران بعد صمت سنوات طويلة اتهمته فيها أكثر من جهة بتنفيذ نشاطات إرهابية وعدائية في الكويت في الثمانينات، بينها محاولة اغتيال الأمير الراحل المغفور له الشيخ جابر الأحمد، كما اتهمته الولايات المتحدة قبل أشهر «بتوفير قناة تهريب الأسلحة من إيران إلى العراق وتأمين نفوذ سياسي لها هناك»، الأمر الذي جعله واحداً من أهم المطلوبين لأميركا.
وأكد المهندس، الذي لم ينجح اي جهاز اعلامي او عدسة في الحديث معه او تصويره، خلال السنوات الاخيرة لـ «الراي» (شرط عدم حذف أي كلمة) انه لم يسجن في الكويت، قال ردا على سؤال حول الشكوك التي كانت تحوم حول تورطه في محاولة اغتيال المغفور له الشيخ جابر الأحمد، في العام 1985، «انا في تلك الفترة لم اكن موجودا في الكويت بالاساس، انها مزاعم اعلامية، واعلنت المحكمة الكويتية لائحة باسماء متهمين، ولم يتم ادراج اسمي، لا من قريب ولا من بعيد في هذه القضية، حتى ان وسائل الاعلام التي تناولت هذه القضية بالبحث والتحليل ونشر الوقائع واسماء المتهمين لم تشر اطلاقا الى اسمي، وهذه القضية متأخرة، وفي تقديري ان جهات اعلامية ومخابراتية تحاول العمل عليها في هذه المرحلة».
واعلن انه دخل الكويت، في 20 مايو 1980، بسبب الملاحقات التي كان يقوم بها نظام صدام ضد الاسلاميين، خصوصا الاعضاء في «حزب الدعوة»، وعمل مهندسا في القطاعين الخاص والحكومي، الى ان وقعت الهجمات الارهابية التي تعرضت لها السفارتان الفرنسية والاميركية العام 1983. وقال «وانا من ضمن الالاف الذين غادروا الكويت بعد هذه الاحداث، وسمعت كما سمع الكثيرون باسمي يوضع في قائمة المتهمين بهذه العمليات».
ولماذا لم يطعن امام القضاء الكويتي بهذه الاتهامات في ما لو كان بريئا؟ أجاب: «لم تتوافر الاجواء التي اطمئن لها من اجل الدخول في محاكمة، لم اكن مطمئنا بتوافر المناخ المناسب في حال قام الشخص بتسليم نفسه للدفع ببراءته، وكانت الاجواء التي سادت الكويت بعد التفجيرات ملبدة، اجواء يرى أي عاقل انها لا توفر له مقومات المثول امام القضاء وان تكون لديه القدرة على الدفاع عن نفسه والرد على التهم الموجهة اليه، لذلك خرجت من الكويت كما فعل الاخرون، وسمعت وقرأت الكثير مما قيل في شأني وتم نشر صوري، ولم اكن امتلك امكانية الدفاع عن نفسي في تلك الاجواء».
وردا على سؤال اخر، بان بعض السياسيين العراقيين زعموا ان المخابرات العراقية كانت وراء هذه القضية، رد: «لا اعلم، لكن المخابرات العراقية كانت موجودة في الكويت، وكان لدى العراقيين الذين يعيشون في هذا البلد قلق حقيقي من جهاز المخابرات العراقي في الكويت، وبان جليا اثناء الغزو الصدامي لدولة الكويت العام 1990 الدور الخبيث لعناصر هذا الجهاز، والمؤسف ان الجو الذي كان سائدا في الكويت حتى على مستوى الاعلام الكويتي في تلك السنوات، كان مؤيدا او مواليا تقريبا لنظام صدام ضد ايران، ويتذكر الاخوة في الكويت حملة الاعتقالات الواسعة التي حصلت حينها، لذلك اضطر الكثيرون الى المغادرة لان الاجواء ما كانت تسمح ان يقوم الشخص باختيار محام، هذا الى جانب عدم وجود القدرة المالية التي تساعد على تعيين محام لينبري للدفاع عنا، المناخ كان قاسيا ولا خيار امامك سوى المغادرة».
واشار المهندس الى «الدور الاجرامي» الذي كان يلعبه جهاز مخابرات صدام حسين في الكويت مطلع الثمانينات، ومحاولات هذا الجهاز الانتقام من العناصر الاسلامية العراقية التي اتخذت من الكويت ملاذا آمنا لها. كما اشار الى الجهود المضنية التي بذلها عناصر «فيلق بدر» في تقصي المعلومات الخاصة بالاسرى الكويتيين في السجون العراقية، وان معظم المعلومات التي قدمها السيد محمد باقر الحكيم عن هؤلاء الى الحكومة الكويتية، كان مصدرها الاساس عناصر «بدر».
وتحدث عن الشعب الكويتي قائلا «انهم اهلنا واخوتنا، وانا عشت في داخل هذا الشعب، ونحن في البصرة والكويت كنا بمثابة الجسد الواحد، الشعب الكويتي معطاء ومقاوم، انه من نماذج المقاومة للظلم، اذ قاوم الغزو الصدامي وذاق ظلم صدام مثلما ذقناه نحن».
ورأى ان الحكومة الكويتية، «قطعا ستسعى الى حل وتسوية الملفات القديمة والقضايا العالقة بين الكويت والعراق. واعتقد ان على الطرفين مراقبة الجهات المسيئة والمثيرة للازمات، سواء في الكويت او العراق او الاطراف الخارجية التي تريد ابقاء ملفات ساخنة وجروح مفتوحة بين الطرفين، هي قابلة للعلاج اساسا».
وماذا لو تلقى دعوة برلمانية لزيارة الكويت؟ قال: «حاضر وسأقوم بتلبيتها، فأنا عشت في الكويت». وتابع مازحا: كان عندي شقة وأغراض، وعلى أقل تقدير أشوف أغراضي وين راحت».
وشرح المهندس اسباب تواريه عن الانظار في العراق، وعدم المشاركة في اجتماعات البرلمان، واكد ان العامل الاساس وراء ذلك هو «التهم التي وجهتها القوات الاميركية إلي، خصوصا ان الحكومة والبرلمان غير قادرين على حمايتي من اي خطوة تقوم بها القوات الاميركية ضدي»، لافتا إلى ان «الاميركيين يخططون لتنفيذ اغتيال سياسي للكوادر الفاعلة على الساحة ولا سيما التي كان لها تاريخ نضالي»، ووصف الاتهامات الاميركية الموجهة اليه بانها «مسرحية».
كما نفى ان يكون مطلوبا من قبل الشرطة الدولية (الانتربول)، باي تهمة، وقال «من خلال صحيفتكم اعلن في شكل رسمي استعدادي التام للمثول امام اي محكمة، تتوافر فيها الضمانات المطلوبة وان اطمئن لها، للرد على كل ما يقال».
ونفى ان يكون له اي دور في التقريب بين الايرانيين والاميركيين، خلال محادثاتهم في بغداد بخصوص الحالة الامنية في العراق، وقال «صنعوا مني شخصية خيالية».
وعن اتهامه بانه ضابط ارتباط في «فيلق القدس»، ومهمته التنسيق مع المتطرفين السنة، اي «القاعدة»، والمتطرفين الشيعة، اي «جيش المهدي»، رد «هذه مزاعم كاذبة، فانا لا اعرف اي شخص في القاعدة ولم التق بأي عضو في هذا التنظيم، ولم تناط بي هكذا مهمة مطلقا».
حوار / أبو مهدي المهندس: لم يرد اسمي ضمن لائحة المتهمين
ولم اكن موجودا في الكويت حينما تعرض الامير الراحل لمحاولة اغتيال
| طهران - من أحمد أمين |
على مدار ساعة ونصف الساعة، رد النائب العراقي ابو مهدي المهندس، واسمه الحقيقي جمال جعفر محمد علي، على الاتهامات الموجهة اليه بتنفيذ انشطة ارهابية وعدائية في الكويت في الثمانينات، في اطار حوار مطول وغير مسبوق مع «الراي» في طهران، بعد تواريه عن الانظار في العراق، والنأي بنفسه عن الرد على الاتهامات التي وجهها هذا الطرف او ذاك اليه، اذ ولم ينجح اي جهاز اعلامي او عدسة في الحديث معه او تصويره، خلال السنوات الاخيرة.
المهندس اشار الى «الدور الاجرامي» الذي كان يلعبه جهاز مخابرات صدام حسين في الكويت مطلع الثمانينات، ومحاولات هذا الجهاز الانتقام من العناصر الاسلامية العراقية التي اتخذت من الكويت ملاذا آمنا لها، بعد ما بدأت آلة القتل في العراق تحصد هذه العناصر، التي قال انها «لم تكن تمارس سوى نشاطا توعويا فكريا»، من خلال توجيه الاتهامات اليها بضلوعها في انشطة ارهابية في هذا البلد او ذاك.
وشدد على انه كان يرغب في المثول امام القضاء الكويتي حينذاك للدفاع عن نفسه مقابل التهم الموجهة اليه، لكنه في الوقت نفسه كان يخشى الا يتمكن القضاء من انصافه. واشار الى الدور التخريبي الذي مارسه جهاز مخابرات صدام حين تم غزو الكويت، منتقدا في شدة جريمة الغزو. كما اشار الى الجهود المضنية التي بذلها عناصر «فيلق بدر» في تقصي المعلومات الخاصة بالاسرى الكويتيين في السجون العراقية، وان معظم المعلومات التي قدمها السيد محمد باقر الحكيم عن هؤلاء الى الحكومة الكويتية، كان مصدرها الاساس عناصر «بدر».
كما رأى ان جهاز المخابرات العراقي الحالي، ونظرا لارتباطه بجهاز الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي اي)، يقوم بمتابعة القيادات الشيعية، وفتح الملفات لها، مؤكدا ان هذا الجهاز يضم حاليا افرادا من مخلفات النظام السابق.
وشرح المهندس اسباب تواريه عن الانظار في العراق، وعدم المشاركة في اجتماعات البرلمان، واكد ان العامل الاساس وراء ذلك هو «التهم التي وجهتها القوات الاميركية اليه، خصوصا ان الحكومة والبرلمان غير قادرين على حمايته من اي خطوة تقوم بها القوات الاميركية ضده»، لافتا ان «الاميركيين يخططون لتنفيذ اغتيال سياسي للكوار الفاعلة على الساحة ولاسيما التي كان لها تاريخ نضالي»، ووصف الاتهامات الاميركية الموجهة اليه بأنها «مسرحية».
كما نفى ان يكون مطلوبا من قبل الشرطة الدولية (الانتربول)، بأي تهمة، وقال ان «الامر برمته عار من الصحة، ومن خلال صحيفتكم اعلن في شكل رسمي استعدادي التام للمثول امام اي محكمة، تتوافر فيها الضمانات المطلوبة وان اطمئن لها، للرد على كل ما يقال».
ورد المهندس، برحابة صدر على الاسئلة المتعلقة بالمهام المناطة به من قبل الحرس الثوري الاسلامي، و«قوات القدس» على وجه التحديد، الى جانب دوره في ترتطيب الاجواء حين احتقنت بين التيارين الصدري والبدري، ولاسيما بعد صراع النفوذ الذي حصل بين الجانبين في بعض المدن الشيعية.
ونفى ان يكون القضاء على زعيم «القاعدة» في العراق ابو مصعب الزرقاوي تم وفق صفقة بين القوات الاميركية والحرس الثوري، كما رفض الفكرة القائلة بان العناصر العربية التي نفذت عمليات مسلحة في العراق، «هم مسلمون مجاهدون»، واصفا هؤلاء بـ «الارهابيين التكفيريين».
وتحدث عن الشعب الكويتي، قائلا «انهم اهلنا واخوتنا، وانا عشت في داخل هذا الشعب، ونحن في البصرة والكويت كنا بمثابة الجسد الواحد، ولنا في البصرة علاقات شخصية وحميمة وتاريخية مع الشعب الكويتي، وانا اكن كل الاحترام لهذا الشعب، انه شعب معطاء ومقاوم، انه من نماذج المقاومة للظلم، اذ قاوم الغزو الصدامي وذاق ظلم صدام مثلما ذقناه نحن، واعتقد ان هذا الواقع حدد معالم تعامله مع الشعب العراقي، ورأينا بعد الغزو كيف اصبح تعامله مع الشعب العراقي، واستقبالاته الحارة للفقيد السيد الحكيم، نموذجا لذلك التعامل».
كما اشار الى الحكومة الكويتية، ورأى «انها قطعا ستسعى الى حل وتسوية الملفات القديمة والقضايا العالقة بين الكويت والعراق، وبكل تأكيد ان حل هذه الملفات بحاجة الى وقت، الى جانب الحاجة للحكمة والتعقل واقل مقدار ممكن من التشنج».
وفيما اكد المهندس، انه لم يسجن في الكويت، قال ردا على سؤال حول الشكوك التي كانت تحوم حول تورطه في المحاولة الاغتيال التي تعرض لها الامير الراحل المغفور له الشيخ جابر الاحمد، في العام 1985، «انا في تلك الفترة لم اكن موجودا في الكويت بالاساس، انها مزاعم اعلامية، واعلنت المحكمة الكويتية لائحة بأسماء متهمين، ولم يتم ادراج اسمي، لا من قريب ولا من بعيد في هذه القضية، حتى ان وسائل الاعلام التي تناولت هذه القضية بالبحث والتحليل ونشر الوقائع واسماء المتهمين لم تشر اطلاقا الى اسمي، وهذه القضية متأخرة، وفي تقديري ان جهات اعلامية ومخابراتية تحاول العمل عليها في هذه المرحلة».
وتابع ان «ما نشر في صحيفة «الراي» في البداية حول وصمي بالارهاب، اصبح كرة ثلج، ووصل الامر الى حد تصريح لناطق باسم البيت الابيض، ما يعني ان هذه العملية كانت مدروسة ومبرمجة وليست عملية عشوائية».
وسألت «الراي»، المهندس، ما اذا كان سيزور الكويت في حال تلقيه دعوة برلمانية، فرد «سأكون مستعدا وحاضرا، فانا عشت في الكويت». واضاف ممازحا «كان عندي شقتي وأغراضي، وعلى اقل تقدير اشوف أغراضي وين راحت».
وفي ما يلي نص الحوار:
• هل لك ان تقدم لنا نبذة عن حياتك؟
- انا جمال جعفر محمد علي، مواليد 1954 مدينة البصرة، خريج الجامعة التكنولوجية في بغداد العام 1977، مهندس مدني، البناء والمنشآت.
• وما خلفياتك السياسية؟
- بدأت نشاطي السياسي مطلع السبعينات، حيث اصبحت عضوا في حزب الدعوة الاسلامي، وحينذاك كان حزبا تربويا اسلاميا، ولم يكن هناك مشروع سياسي واضح، انما مشروع توعوي من خلال المساجد والحسينيات ومكاتب آية الله سيد محسن الحكيم، وفي الثمانينات وبعد خروجنا من العراق، او هروبنا منه في الواقع، التحقت بالقوى المجاهدة المعارضة لصدام واصبحت احد افراد ومسؤولي «فيلق بدر»، التحقت بالفيلق بعد تأسيسه وبقيت فيه حتى العام 2002، وكنت عضوا في «المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق».
• وكم هي الفترة التي كنت فيها قائدا لهذه القوات؟
- منذ العام 1986 الى 2002 كنت احد القادة في «بدر»، وفي نحو السنوات الاربع او اقل الاخيرة اصبحت قائدا لـ «فيلق بدر»، وقبلها كنت لمدة 8 سنوات رئيسا لاركان هذه القوات.
• يقال انك كنت في حزب الدعوة جناح البصرة بقيادة عز الدين سليم «ابو ياسين» (اغتيل في العراق العام 2004 بعد ان تم اختياره رئيسا دوريا لمجلس الحكم)؟.
- رحم الله الشهيد ابا ياسين، كان استاذا ومعلما وصديقا، وكنا في «المجلس الاعلى» سوية، اذ كنت نحو 18 سنة عضوا في هذا المجلس وتم اختياري عضوا في «شورى المجلس» خلال السنوات الاربع التي سبقت سقوط نظام صدام حسين، كنت واياه عضوين في الشورى في ذلك الوقت، وانا خرجت مبكرا من الحزب، اي حينما لجأت الى ايران مطلع الثمانينات، ولم اكن منتميا لاي خط من خطوط الحزب.
• وهل كنت من ضمن القوى التي تركت المجلس العام 2002؟
- في الدورة الاخيرة للمجلس (العاشرة) عام 2002، ترك المجلس، حزب الدعوة بكل اطيافه، بما في ذلك الشهيد عز الدين سليم، وكذلك منظمة العمل خط الفقيد الشيخ محسن الحسيني الى جانب بعض المستقلين، والمجلس الاعلى كان متشكلاً من قوى سياسية، لكن انا ونحو 4 او 5 اشخاص كنا مستقلين، وبقيت على هذه الاستقلالية حتى نهاية عمر المجلس في ايران، وانا لم اتركه كما فعل الاخرون، اذ لم يكن لدي موقف مع هذه الجهة او تلك الجهة وكانت لدي قناعتي، ولم اشترك في الدورة الاخيرة، ولم اشترك في المجلس حتى بعد تطورات سقوط النظام.
• ننتقل الى الكويت، انك متهم بالمشاركة في الهجمات الارهابية التي تعرضت لها السفارتان الفرنسية والاميركية العام 1983؟
- انا كنت في الكويت، وقد دخلتها في 20/5/1980، بسبب الملاحقات التي كان يقوم بها نظام صدام ضد الاسلاميين، خصوصا الاعضاء في حزب الدعوة، ومعظم اصدقائي والاخوة الذين كانوا في العراق شملوا بحملة الاعتقالات ومن ثم الاعدامات، وانا من الافراد الذين هربوا الى دولة الكويت، وكنت احمل جواز سفر قانونيا. ويجب ان الفت الى ان نظام صدام كان يعدم الدعاة فقط كونهم يمارسون نشاطا تثقيفيا توعويا في الجامعات والمساجد، ولم يكن لدينا اي نشاط عسكري مسلح، وربما كان عدد قليل جدا من الاعضاء في الحزب يحملون السلاح بدافع شخصي، اذ لم يكن لدى الحزب اي قرار بحيازة اعضائه للاسلحة، وان حملة الاعتقالات التي انتهت بالاعدام طاولت العام 1979 الاف الدعاة، من دون ان تكون لهم معارضة سياسية للنظام ولم نمتلك حتى صحيفة سياسية، وحتى لم يكن لدينا موقف سياسي ضد النظام بذلك المعنى، وانما كان هناك نشاط ديني واسلامي وفكري، وبعد ان تعرضنا لضربة قوية بدأنا مرحلة العمل السياسي، وكان النظام يتحسس من اي تحرك فكري ثقافي، وكما هو معروف ان هذا التحرك الفكري كان يقوده السيد الشهيد محمد باقر الصدر.
وحينما دخلت الكويت عملت مهندسا في مجالات مختلفة، في القطاعين الخاص والحكومي، الى ان وقعت هذه الاحداث، وانا من ضمن الالاف الذين غادروا الكويت بعد هذه الاحداث، وسمعت كما سمع الكثيرون باسمي يوضع في قائمة المتهمين بهذه العمليات.
• لِمَ لم تطعن امام القضاء الكويتي بهذه الاتهامات في ما لو كنت بريئا؟
- لم تتوافر الاجواء التي اطمئن لها من اجل الدخول في محاكمة، لم اكن مطمئنا بتوافر المناخ المناسب في حال قام الشخص بتسليم نفسه للدفع ببراءته، وكانت الاجواء التي سادت الكويت بعد التفجيرات ملبدة، اجواء يرى أي عاقل انها لا توفر له مقومات المثول امام القضاء وان تكون لديه القدرة على الدفاع عن نفسه والرد على التهم الموجه اليه، لذلك خرجت من الكويت كما فعل الاخرون، وسمعت وقرأت الكثير مما قيل في شأني وتم نشر صوري، ولم اكن امتلك امكانية الدفاع عن نفسي في تلك الاجواء.
• تقول ان اعدادا كبيرة خرجت من الكويت، لماذ اصابع الاتهام وجهت لك تحديدا من بين كل اولئك الناس؟ ولم تم اختيارك انت؟
- والله لا اعرف لماذا، لماذا وقع اختيار الجماعة علي ونشروا اسمي ونشروا ادلة واثباتات، فانا لم ادخل في محكمة حتى افهم ملابسات هذا الامر وما الدوافع والاسباب.
• بعض السياسيين العراقيين زعموا ان المخابرات العراقية كانت وراء هذه القضية؟
- لا اعلم، لكن المخابرات العراقية كانت موجودة في الكويت، وكان لدى العراقيين الذين يعيشون في هذا البلد قلق حقيقي من جهاز المخابرات العراقي في الكويت، وبان جليا اثناء الغزو الصدامي لدولة الكويت العام 1990 الدور الخبيث لعناصر هذا الجهاز، والمؤسف ان الجو الذي كان سائدا في الكويت حتى على مستوى الاعلام الكويتي في تلك السنوات، كان مؤيدا او مواليا تقريبا لنظام صدام ضد ايران، وكان هذا التأييد ينعكس على الشيعة، ونحن كنا وما زلنا شيعة، ولذلك فان الانسان الذي لا تسانده دولة او جماعة قوية لا يجد من سبيل غير الهروب، فكما هربت من العراق خرجت من الكويت حالي حال الاخرين، ويتذكر الاخوة في الكويت حملة الاعتقالات الواسعة التي حصلت حينها، لذلك اضطر الكثيرون الى المغادرة لان الاجواء ما كانت تسمح ان يقوم الشخص باختيار محام، هذا الى جانب عدم وجود القدرة المالية التي تساعد على تعيين محام لينبري للدفاع عنا، المناخ كان قاسيا ولا خيار امامك سوى المغادرة.
• في العام 1985 تعرض الامير الراحل المغفور له الشيخ جابر الاحمد لمحاولة اغتيال، الشكوك كانت تحوم حول تورطك في هذه المحاولة؟
- انا في تلك الفترة لم اكن موجودا في الكويت بالاساس، انها مزاعم اعلامية، وقد اعلنت المحكمة الكويتية لائحة باسماء متهمين، ولم يتم ادراج اسمي، لا من قريب ولا من بعيد في هذه القضية، حتى ان وسائل الاعلام التي تناولت هذه القضية بالبحث والتحليل ونشر الوقائع واسماء المتهمين لم تشر اطلاقا الى اسمي، وهذه القضية متأخرة، وفي تقديري ان جهات اعلامية ومخابراتية تحاول العمل عليها في هذه المرحلة.
• هل سجنت في الكويت؟
- كلا لم اسجن.
• انك مطلوب حاليا من قبل الشرطة الدولية (الانتربول)، بأي تهمة؟
- هذه كذبة، ولاصحة لذلك، ولم اسمع بهذه المزاعم المفبركة، وحتى في العراق لا يوجد أي شيء من هذا القبيل.
• الم تبلغ من القادة العراقيين بوجود مذكرة اعتقال ضدك من «الانتربول»؟
- كلا، الامر برمته عار من الصحة، ومن خلال صحيفتكم اعلن في شكل رسمي استعدادي التام للمثول امام اي محكمة، تتوافر فيها الضمانات المطلوبة وان اطمئن لها، للرد على كل ما يقال.
• يقال ان ولاء «قوات بدر» كان لايران ولـ «الحرس الثوري، اكثر ما كان لـ «المجلس الاعلى»، هل ما زال هذا الولاء؟
- ان «فيلق بدر» منذ تشكل سراياه وكتائبه الاولى، كان عبارة عن تجمع للمجاهدين، ومعظمهم من الناس الذين طردوا او هربوا من العراق لاسباب مختلفة، بعضهم تم تهجيره قسرا عن العراق والاخر هرب من الاعتقال ومن حمامات الدم التي كانت تقام من قبل نظام صدام. وسمحت اجواء الحرب العراقية – الايرانية، وفي ظل وجود لاجئين عراقيين في ايران، بتشكيل تجمع بمشاركة مجاميع من الشباب الراغبين القيام بدورهم في اسقاط النظام، وهي عملية مقاومة للنظام لكن من خارج الحدود، وطبعا تم تشكيل المجلس الاعلى، وكان يضم في بداية التشكيل مجموعة من الاطياف والقوى السياسية، طيف السيد الحكيم وحزب الدعوة وبقية الاطياف المعروفة، وان تشكيل النواة الاولى لبدر تزامن مع تشكيل المجلس، ولم يكن تشكيل هذه النواة لاحقا لتشكيل المجلس، هذه حقيقة تاريخية، وان بعض الاخوة المؤسسين ما زالوا على قيد الحياة ويمكن الرجوع اليهم في هذا الشأن.
وكان صاحب انشاء هذه الفكرة هو الشهيد الحاج ابو زينب الخالصي (توفي العام 2007 بمرض عضال ناجم عن اصابته بالاسلحة الكيماوية التي استخدمها نظام صدام في الحرب العراقية - الايرانية)، وقطعا سعى لدى المسؤولين الايرانيين من اجل دعمهم لهذه الفكرة وهذه القوات. والمجلس الاعلى حينما بدأ يشكل دعم هذه الفكرة ايضا. اذاً نشأ في داخل ايران تشكيلان، الاول سمي «المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق»، وتشكيل آخر سمي لاحقا «قوات بدر» التي كانت عبارة عن افواج من المجاهدين، ثم اصبح هناك نوع من العلاقة بين المجلس وبدر، هذه العلاقة اصبحت سياسية، فالمجلس لم يكن يزود بدر، لا بالسلاح ولا بالاموال ولا بالامكانات، لانه يفتقر اليها. ان نوع الامكانات التي تحتاجها قوات بدر في القتال لم يكن المجلس يمتلكها، والمجلس كان في طهران وبدر كانت في الجبهات ثم دخلت في العمق العراقي.
ولنحكي بالمكشوف، من الطبيعي ان تعتمد قوات بدر منذ بداية تشكيلها ولسنوات على القوات المسلحة الايرانية، ولايمكن القول ان بدر كانت ترتبط بالحوزة العلمية مثلا او في شخص بعينه... الامكانات التي كانت القوات تحتاجها كبيرة، امكانات لا يمتلكها المجلس، لكن بقيت هناك علاقة سياسية بين المجلس وبدر، وتطورت هذه العلاقة لاحقا، ثم تم تعيين السيد الحكيم في سنوات متقدمة، اعتقد العام 1990، قائدا لهذه القوات بشخصه وليس بصفته رئيسا للمجلس الاعلى، وبقي منذ ذلك الوقت يمارس دورا قياديا اشرافيا على قوات بدر، وبقيت لنا علاقة مع المجلس، وانا كنت عضوا في المجلس، واعتقد ان اربعة من الكوادر القيادية في فيلق بدر كانوا في الوقت نفسه كوادرا في المجلس الاعلى، وبالطبع كانوا محسوبين على الكوادر المستقلة.
• اذا «قوات بدر» تشكيل مستقل بذاته و«المجلس الاعلى» تشكيل آخر مستقل بذاته ايضا؟
- هذا صحيح، واصبح المجلس الذي بطبيعة الحال كان يضم معظم الاطياف السياسية العراقية في المهجر، الغطاء السياسي لهذا العمل، فبدر لم تكن تمارس نشاطا سياسيا، اما الادعاء، بأن بدر كانت تأخذ اموالها واسلحتها وامكاناتها من المجلس الاعلى، فتاريخيا هذا الادعاء لا صحة له.
• وكيف كانت علاقة «بدر» بالسيد الحكيم؟
- السيد الحكيم كان ابرز شخصية سياسية، وكذلك من ابرز الشخصيات العلمائية العراقية، لكن كما تعرف ان قوات بدر تشكلت من اطياف مختلفة وفي بداية التشكيل كانت الاحزاب ترسل عناصرها وكوادرها وانصارها للعمل في داخل القوات في اطار سقف زمني محدد او في شكل دائم، وكان لدينا في القوات مفهوم عدم الولاء لأي جهة، وحينما اصبح السيد الحكيم قائدا للقوات، اصبح بواقع الحال المسؤول السياسي، اما ولاء قلبي لهذا الشخص او ذاك، فانا لا استطيع ان اجزم بذلك، لكن في شكل عام ان القوات كانت تحب السيد الحكيم.
• وهل كانت تتلقى الاوامر والتوجيهات العسكرية منه ام من الحرس الثوري؟
- اثناء الحرب لم يكن هناك توجيه، وانما كان عندنا دور عسكري في الجبهة، هذا الدور لم يكن محسورا بالمجلس الاعلى او بقرارات من السيد الحكيم، وانما كان حسب الحاجة والامكانية على الجبهة. فمثلا العمل في داخل العمق العراقي، كان هناك رأي في داخل المجلس الاعلى، يقول بضرورة ان تعمل قوات بدر في داخل هذا العمق، في حين كان نسبة النشاط والعمل في العمق العراقي قليلة جدا خلال الحرب العراقية - الايرانية، لكون صدام كان باسطا سيطرته على الداخل، اما بعد انتهاء الحرب، فاصبح لنا حضور واسع في داخل العراق، والتوجيهات كانت توضع وتنفذ عمليا في الداخل حسب ما هو متوافر من امكانات، وكان للسيد الحكيم حضور وتأثير، لكن لقوات بدر كان لها ايضا انشطتها وخططها حسب الظروف والامكانات المتاحة في داخل العراق.
• هذه الانشطة كانت تتم بالتنسيق مع الحرس الثوري الاسلامي؟
- طبعا، لانك تتحرك على ارض غير ارضك، حتى على صعيد المقاومة الكويتية فحينما هاجم صدام الكويت وغزاها على مدار تلك الاشهر السوداء، فان هذه المقاومة التي كانت تتحرك من الاراضي السعودية مثلا او من اماكن اخرى، كانت تنسق مع اصحاب الارض والحكومة التي لها السيادة على تلك الارض، ولا يمكن التحرك دون وجود مثل هذا التنسيق.
• يقال ان ابو مهدي المهندس وبعد انتخابه عضوا في البرلمان العراقي، همس للبعض عن قيام دولة الكويت بغض الطرف عما قام به من انشطة معادية على الاراضي الكويتية، وانه لا توجد ضده ملاحقات قانونية؟
- هذا الكلام لا صحة له، ولم يكن هذا الموضوع على بالي اطلاقا، مضى ربع قرن عليه، وانه امر مثير للاستغراب ان يقوم البعض بمتابعة قضية مضى عليها ربع قرن، ولم اكن اتصور ان الجماعة يثيرون مثل هكذا مواضيع. وانا ايضا عندي قضايا في الكويت، فقد تضررت كثيرا. والدي سجن وسفر من الكويت وبعد ذلك اصيب بالشلل جراء التعذيب في سجون صدام، وعندي اصدقاء واخوة حصل معهم الشيء نفسه، لكني لم اثر هذا الموضوع الذي مضى عليه ربع قرن، اعتقادا مني ان اثارة مثل هذه المواضيع ليس في مصلحة احد.
• هل انخرطتم في المقاومة ضد القوات الاميركية في العراق؟
- اعترف بانني عملت في المعارضة لاكثر من ربع قرن، واعترف انني رغم كوني مهندسا الا انني عملت في المقاومة، بعد ان اجبرنا صدام بسبب الاوضاع التي خلقها هو على مقاومته وان نشتغل في العمل العسكري، واعترف ايضا بان غزو اي بلد من قبل قوات بلد آخر سيجد معارضة في داخل ذلك البلد. وفي العراق كان موقف المقاومة العام 2003 هو عدم التصدي للقوات الغازية، لان الشعب العراقي كان محصورا بين ظلم داخلي دام لعشرات السنين وتم دعمه من اطراف اقليمية ودولية.
حكم صدام العراق بقبضة من حديد نحو ثلاثة عقود بدعم دولي وآخر من بلدان المنطقة، لذلك لم يقاوم الشعب العراقي القوات الاميركية حينما دخلت بلاده، لذا نرى ان الاميركيين استطاعوا الوصول بسهولة الى بغداد واسقاط صدام، والشعب العراقي كان ليشكر هذه القوات لو انها خرجت مثلما خرجت من الكويت، اسقطت الوجود الصدامي في الكويت وخرجت، وبقي بعض منها في اطار اتفاقية كويتية - اميركية، وما يجري الان في داخل العراق، انه ما زال هناك قوات اميركية تتصرف في شكل مطلق، وحسب قرارات مجلس الامن مازال العراق يعاني من قرارات مجحفة بحقه، واي مواطن الان اذا كان في الكويت او السعودية والجزائر او اي بلد آخر، يعيش هاجس حضور عسكريين بدباباتهم وطائراتهم مع شركات امنية تقوم بارتكاب جرائم قتل من دون ان تتعرض للمساءلة، تقتل الناس بدم بارد، فانه يلجأ الى المقاومة، وخلال الاشهر الاخيرة فقط، قتل الجنود الاميركيون نحو 1300 عراقي، وتمت محاصرة شرق بغداد بالكامل وقتل من قتل، والجيش الاميركي يقوم بعمليات عسكرية في شكل يومي، لذلك فان المواطن وجراء شعوره بثقل هذه العمليات وهذا الحضور، يلجأ الى المقاومة.