جابر صالح
12-23-2019, 06:53 AM
https://www.kuna.net.kw/NewsPictures/2007/5/1/4c26d15d-a1f4-44da-b8fa-648e2d366608_top.jpg
عبدالله بشارة - القبس
22 ديسمبر 2019
أجراس التحذير في مجتمع مشحون
مثل طائرات اليوم، حلّق سمو رئيس الوزراء عالياً، حاملاً معه تشكيلة وزارية اختارها بصبر، وبحث عنها بتأنٍّ، وفتش عن المواهب في واقع ليس سخياً بالتفريط بأصحابها، فالفائض فيها غير موجود، ومع واقعية سمو الشيخ صباح الخالد، انسجم مع المتوافر الذي استجاب لرغبة فيها خدمة وطن لا تخلو من المتاعب، إغراءاتها قليلة، وازعاجاتها أكثر. وبودي أن أسجل بعض الملاحظات لعلها تصل، معتمداً على تجاربي مع سمو الرئيس، في تقبل النقد الحلال:
أولاً: يجب أن يتذكر سمو الرئيس أن اختياره كرئيس للوزراء، حفّز المجتمع الكويتي، وأدخله في سخونة التعبئة بآمال عريضة في شن حرب قاتلة على الفساد، وفتح سكة اليقين بأن المعركة انطلقت ولن تتوقف، تتميز بالعلنية في أسلوبها، والجدية في حسمها، والاقتتالية في اندفاعها، ولم يأت ذلك من توجهاته فقط، وإنما من أمر قاطع من سمو الأمير، الذي حول المساحة السياسية والاجتماعية إلى مهمة حرب يتولى سمو الشيخ صباح الخالد، في هذا الميدان، قيادة الطريق، حيث اختاره سمو الأمير عوناً وشريكاً في معارك الفساد.
ثانياً: يدرك سمو الرئيس أن معارك الفساد لا تتوقف عند منهزم مستسلم يرفع أعلام الهزيمة، وإنما هي مسار حياة سترافقه، لأن الفساد لا يموت، قد يختفي وقد يتضاءل، وقد يتجمد انتظاراً للبيئة التي تسترخي فيها المعارك، ويعني ذلك أن الرئيس سيظل ماشياً على أصابع رجليه جاهزاً للمواجهة في أي وقت، وباحثاً عن خلايا الفساد التي تنتعش مع التراخي، والقصد أن حروب الفساد ستظل ترافق الرئيس في مساعيه لعلاج قضايا المجتمع الأخرى من دون هدنة.
ثالثاً: فتح سمو رئيس الوزراء أبواب التوقعات في فصل مختلف، تتميز بالالتزام بالقانون وتطبيق قواعده في كل زوايا الدولة، توظيفاً وسلوكاً، مراعياً الجدارة ومحترماً شروط الاستحقاق، في تواصل حواري مع المجتمع من أجل الاستهداء بتوجهات النبض الشعبي، وأجزم بأن سمو رئيس الوزراء مدرك أنه أشعل التفاؤل الذي دخلت موجاته كل بيت، وحولتنا إلى مجتمع مشحون تفاؤلاً بخيرات الزمن القادم، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وفيه أوزان دقيقة للعدالة والمساواة. ولا يستطيع سمو الرئيس التحلل من عبء هذا الشحن التفاؤلي، لأن تبعات انحسار الأمل كبيرة، تصيب مؤسسات الدولة كلها بصدمات الخيبة..
رابعاً: أرتاح شخصياً للوعي الأمني المرتفع الذي يحمله سمو الرئيس، وربما أوجز ذلك بتغريدة إليه، بأن المجتمع مشحون بالأمل القادم، وأن الوطن مسكون بضرورات الأمن الراسخ، وهذا مؤشر لثقل المسؤوليات التي يتحملها هو وفريقه، التي تستلزم مؤازرة وطنية جماعية من أجل تحقيقها.
أشرت في صدر هذا المقال إلى التعبئة الوطنية الجماعية، التي لا تكتمل دون تناغم برلماني ايجابي، ودون ملاحقة تشخيصية إعلامية، ودون جهد تثقيفي يشرح المسارات وبشفافية كاملة تحدد فيها المطلوب من مختلف الهيئات، فالرئيس يحمل برنامج عمل واسع لا يتحقق من دون شراكة مجتمعية شاملة.
خامساً: سيتعب الرئيس دون حملة تأييد مؤثرة من مجلس الأمة، ومن رئيسها، الذي بنى شراكة غير مسبوقة بين السلطتين، تتميز بالتفاهم والتعاون، فيها تبادلية الاحترام وتقدير العطاء الايجابي لكل منهما.
وهذه الحقيقة تتطلب مقاربة جديدة في العلاقات بين السلطتين، فلا مجال لإضاعة الجهد على خطوات انتخابية وتعديلات ترقيعية، وتسابق للاستئثار بمزايا مادية فيها اختراقات للقوانين، فمن أهم أولويات الفصل الجديد أن يكون سمو الرئيس قائداً، متحدثاً ومدافعاً بقوة وبوضوح عن برامجه، ويتحصن بقوة القناعة وباليقين بأن الشعب مسانده، ويتحدث كمحام يترافع بلا تردد، فالتجديد في النهج والإصرار على الحسم له سعر علينا تقبله، والطموح له ثمن علينا توفيره.
سادساً: وكما أشرت الى أن الوطن مسكون بضرورات الأمن المستدام، وأن أفراح الحصاد الاقتصادي لا تكتمل من دون يقين أمني، وأجزم بأن دروس العمل التي مر بها الرئيس، بما فيها تجربته في الأمم المتحدة، وفرت له الخبرة في تشخيص الآليات، التي لا مفر منها لغرس أعمدة الاستقرار وضرورات الاطمئنان في المجتمع، هناك أربع ساحات لا مجال لتجاهلها مع الإيمان بها كيقين لترسيخ الأمن في الوطن المسكون بأعبائه،
فأولها: القاعدة الداخلية الوطنية وصلابتها كصخرة محصنة بالتعانق التاريخي للمجتمع الكويتي، وليس هناك في هذا الموقف ما أخشاه،
وثانيها: مجلس التعاون، الظهر الاستراتيجي والساحة الجغرافية الممتدة إلى بحر العرب في وحدته وتأثيره ومكانته العالمية،
وأقول بكل ثقة ان موقع مجلس التعاون في خزينة الاهتمام العالمي ظل مؤثراً ومرتفعاً رغم السنوات العجاف التي مر بها المجلس، ونأمل أن تكون في آخر فصولها، ويكفي أن أشير إلى أن المملكة العربية السعودية الآن هي بيت مجموعة العشرين، وهي مجموعة النخبة في الارستقراطية الاقتصادية،
وثالثها: ضرورات بناء السلم والتفاهم الاقليمي العربي، فمهما كانت نشافة الرؤوس فإن أحكام المصالح وبريق المنافع كفيلان بإزالة هذه النشافة،
ورابعها: دور الشركاء الاستراتيجيين، وسمو الرئيس مشارك في الحوارات مع هؤلاء الشركاء الاستراتيجيين، وعلى علم بمحتوياتها من تفاهم والتزام وتداخل في المصالح، والترابط معها يضيف عاملاً مهماً في خزينة المدخرات الأمنية.
سابعاً: أشير إلى الفوضوية الإقليمية والاضطرابات السياسية والاجتماعية، وما تفرزه من موجات بشرية تبحث عن ملجأ يحميها من المخاطر، ويزداد بريق الخليج كمكان مستهدف لهذه الأمواج، فلا مفر من ترابط أجهزة الخليج الأمنية احترازاً واستعداداً، لكي لا نقع ضحايا المفاجآت، فما نراه لا يحتمل التساهل.
ثامناً: نقدر حسن الاختيار لمجموعة المحاربين، مشاركي الرئيس في طموحه، وعلينا التعبير عن مشاعر التقدير والشكر لقبولهم المسؤوليات الثقيلة، فهم مجموعة من الكوماندوز في جيش يقوده رئيس الوزراء، وعليهم العبء في تحمل أثقال المسؤولية الجسيمة والتصدي لتحدياتها، فنحيي أريحيتهم ومشاعرهم الوطنية التي دفعتهم للقبول، ونذكرهم بأنهم في فصل المواجهة مع توقعات عالية وبأسلوب مغاير يتميز بالحسم.
عبدالله بشارة
للمزيد: https://alqabas.com/article/5736793
عبدالله بشارة - القبس
22 ديسمبر 2019
أجراس التحذير في مجتمع مشحون
مثل طائرات اليوم، حلّق سمو رئيس الوزراء عالياً، حاملاً معه تشكيلة وزارية اختارها بصبر، وبحث عنها بتأنٍّ، وفتش عن المواهب في واقع ليس سخياً بالتفريط بأصحابها، فالفائض فيها غير موجود، ومع واقعية سمو الشيخ صباح الخالد، انسجم مع المتوافر الذي استجاب لرغبة فيها خدمة وطن لا تخلو من المتاعب، إغراءاتها قليلة، وازعاجاتها أكثر. وبودي أن أسجل بعض الملاحظات لعلها تصل، معتمداً على تجاربي مع سمو الرئيس، في تقبل النقد الحلال:
أولاً: يجب أن يتذكر سمو الرئيس أن اختياره كرئيس للوزراء، حفّز المجتمع الكويتي، وأدخله في سخونة التعبئة بآمال عريضة في شن حرب قاتلة على الفساد، وفتح سكة اليقين بأن المعركة انطلقت ولن تتوقف، تتميز بالعلنية في أسلوبها، والجدية في حسمها، والاقتتالية في اندفاعها، ولم يأت ذلك من توجهاته فقط، وإنما من أمر قاطع من سمو الأمير، الذي حول المساحة السياسية والاجتماعية إلى مهمة حرب يتولى سمو الشيخ صباح الخالد، في هذا الميدان، قيادة الطريق، حيث اختاره سمو الأمير عوناً وشريكاً في معارك الفساد.
ثانياً: يدرك سمو الرئيس أن معارك الفساد لا تتوقف عند منهزم مستسلم يرفع أعلام الهزيمة، وإنما هي مسار حياة سترافقه، لأن الفساد لا يموت، قد يختفي وقد يتضاءل، وقد يتجمد انتظاراً للبيئة التي تسترخي فيها المعارك، ويعني ذلك أن الرئيس سيظل ماشياً على أصابع رجليه جاهزاً للمواجهة في أي وقت، وباحثاً عن خلايا الفساد التي تنتعش مع التراخي، والقصد أن حروب الفساد ستظل ترافق الرئيس في مساعيه لعلاج قضايا المجتمع الأخرى من دون هدنة.
ثالثاً: فتح سمو رئيس الوزراء أبواب التوقعات في فصل مختلف، تتميز بالالتزام بالقانون وتطبيق قواعده في كل زوايا الدولة، توظيفاً وسلوكاً، مراعياً الجدارة ومحترماً شروط الاستحقاق، في تواصل حواري مع المجتمع من أجل الاستهداء بتوجهات النبض الشعبي، وأجزم بأن سمو رئيس الوزراء مدرك أنه أشعل التفاؤل الذي دخلت موجاته كل بيت، وحولتنا إلى مجتمع مشحون تفاؤلاً بخيرات الزمن القادم، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وفيه أوزان دقيقة للعدالة والمساواة. ولا يستطيع سمو الرئيس التحلل من عبء هذا الشحن التفاؤلي، لأن تبعات انحسار الأمل كبيرة، تصيب مؤسسات الدولة كلها بصدمات الخيبة..
رابعاً: أرتاح شخصياً للوعي الأمني المرتفع الذي يحمله سمو الرئيس، وربما أوجز ذلك بتغريدة إليه، بأن المجتمع مشحون بالأمل القادم، وأن الوطن مسكون بضرورات الأمن الراسخ، وهذا مؤشر لثقل المسؤوليات التي يتحملها هو وفريقه، التي تستلزم مؤازرة وطنية جماعية من أجل تحقيقها.
أشرت في صدر هذا المقال إلى التعبئة الوطنية الجماعية، التي لا تكتمل دون تناغم برلماني ايجابي، ودون ملاحقة تشخيصية إعلامية، ودون جهد تثقيفي يشرح المسارات وبشفافية كاملة تحدد فيها المطلوب من مختلف الهيئات، فالرئيس يحمل برنامج عمل واسع لا يتحقق من دون شراكة مجتمعية شاملة.
خامساً: سيتعب الرئيس دون حملة تأييد مؤثرة من مجلس الأمة، ومن رئيسها، الذي بنى شراكة غير مسبوقة بين السلطتين، تتميز بالتفاهم والتعاون، فيها تبادلية الاحترام وتقدير العطاء الايجابي لكل منهما.
وهذه الحقيقة تتطلب مقاربة جديدة في العلاقات بين السلطتين، فلا مجال لإضاعة الجهد على خطوات انتخابية وتعديلات ترقيعية، وتسابق للاستئثار بمزايا مادية فيها اختراقات للقوانين، فمن أهم أولويات الفصل الجديد أن يكون سمو الرئيس قائداً، متحدثاً ومدافعاً بقوة وبوضوح عن برامجه، ويتحصن بقوة القناعة وباليقين بأن الشعب مسانده، ويتحدث كمحام يترافع بلا تردد، فالتجديد في النهج والإصرار على الحسم له سعر علينا تقبله، والطموح له ثمن علينا توفيره.
سادساً: وكما أشرت الى أن الوطن مسكون بضرورات الأمن المستدام، وأن أفراح الحصاد الاقتصادي لا تكتمل من دون يقين أمني، وأجزم بأن دروس العمل التي مر بها الرئيس، بما فيها تجربته في الأمم المتحدة، وفرت له الخبرة في تشخيص الآليات، التي لا مفر منها لغرس أعمدة الاستقرار وضرورات الاطمئنان في المجتمع، هناك أربع ساحات لا مجال لتجاهلها مع الإيمان بها كيقين لترسيخ الأمن في الوطن المسكون بأعبائه،
فأولها: القاعدة الداخلية الوطنية وصلابتها كصخرة محصنة بالتعانق التاريخي للمجتمع الكويتي، وليس هناك في هذا الموقف ما أخشاه،
وثانيها: مجلس التعاون، الظهر الاستراتيجي والساحة الجغرافية الممتدة إلى بحر العرب في وحدته وتأثيره ومكانته العالمية،
وأقول بكل ثقة ان موقع مجلس التعاون في خزينة الاهتمام العالمي ظل مؤثراً ومرتفعاً رغم السنوات العجاف التي مر بها المجلس، ونأمل أن تكون في آخر فصولها، ويكفي أن أشير إلى أن المملكة العربية السعودية الآن هي بيت مجموعة العشرين، وهي مجموعة النخبة في الارستقراطية الاقتصادية،
وثالثها: ضرورات بناء السلم والتفاهم الاقليمي العربي، فمهما كانت نشافة الرؤوس فإن أحكام المصالح وبريق المنافع كفيلان بإزالة هذه النشافة،
ورابعها: دور الشركاء الاستراتيجيين، وسمو الرئيس مشارك في الحوارات مع هؤلاء الشركاء الاستراتيجيين، وعلى علم بمحتوياتها من تفاهم والتزام وتداخل في المصالح، والترابط معها يضيف عاملاً مهماً في خزينة المدخرات الأمنية.
سابعاً: أشير إلى الفوضوية الإقليمية والاضطرابات السياسية والاجتماعية، وما تفرزه من موجات بشرية تبحث عن ملجأ يحميها من المخاطر، ويزداد بريق الخليج كمكان مستهدف لهذه الأمواج، فلا مفر من ترابط أجهزة الخليج الأمنية احترازاً واستعداداً، لكي لا نقع ضحايا المفاجآت، فما نراه لا يحتمل التساهل.
ثامناً: نقدر حسن الاختيار لمجموعة المحاربين، مشاركي الرئيس في طموحه، وعلينا التعبير عن مشاعر التقدير والشكر لقبولهم المسؤوليات الثقيلة، فهم مجموعة من الكوماندوز في جيش يقوده رئيس الوزراء، وعليهم العبء في تحمل أثقال المسؤولية الجسيمة والتصدي لتحدياتها، فنحيي أريحيتهم ومشاعرهم الوطنية التي دفعتهم للقبول، ونذكرهم بأنهم في فصل المواجهة مع توقعات عالية وبأسلوب مغاير يتميز بالحسم.
عبدالله بشارة
للمزيد: https://alqabas.com/article/5736793