المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عبد العزيز المسيوي يصف الأحزاب المغربية بالظلامية



مجاهدون
07-06-2005, 08:01 AM
لم يهدأ بال عبد العزيز المسيوي، العضو السابق في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري المغربي (ليبرالي معارض)، الا بعد أن أطلق رصاصة الرحمة على هياكل حزبه، مقترحا حلا خامسا لإعادة بناء حزب جديد يتخطى صعوبات المرحلة، ويعيد البريق الذي كان يحظى به «الاتحاد الدستوري»، الذي أسسه الراحل المعطي بوعبيد عام 1983.

وعاتب المسيوي قيادة حزبه، لعدم تطرقها لقضايا حيوية في البلاد، مثل المسألة الدينية، التي يتحكم فيها الاسلاميون، خصوم التوجه الليبرالي الحداثي، الذي ينادي به حزبه، على حد تعبيره، وكذلك الأمر بالنسبة لمسألة الإصلاحات الدستورية، إذ لاحظ المسيوي أن الرأي العام المغربي يجهل بالمطلق وجهة نظر الحزب في هذه القضية، لكون القيادة كانت تسلك مسلك «التعامل السري مع المؤسسة الملكية حينما جعلت من مبادرات الحزب حول التعديلات الدستورية المرفوعة للملك، سراً لدى عموم المواطنين»، في الوقت الذي يستعمل آخرون مبادراتهم للضغط السياسي، وربح نقاط في جولات الصراع الانتخابي. كما أكد المسيوي، في كتابه الوصية الصادر أخيرا تحت عنوان «الشوط الثاني محاولة في نقد العقل الحزبي»، على ضرورة الحسم في قضية التحالفات مع الأحزاب الفاعلة في الساحة السياسية المغربية على أساس استراتيجي، وليس ظرفياً انتخابياً، مبديا تخوفه أن يظل الحزب، في حالة فشله، «خارج التغطية» وحتى لا يعيد تجربة سابقة لتحالف «الوفاق الوطني» الذي وصفه الزعيم الراحل المعطي بوعبيد بـ «فخ للبلداء».

إذا كان المسيوي، الذي اشتهر في البرلمان، محتجا كمعارض على غياب رئيس الوزراء المغربي السابق عبد الرحمن اليوسفي عن جلسات البرلمان، فإنه حظي باهتمام إعلامي بعد إقالته من الحزب صحبة آخرين، تهييئا لعقد مؤتمره العام بحلة جديدة، فقد فند ما نشرته بعض الصحف المغربية من كون سبب طرده من الحزب، انبنى على قرار يتمثل في تطهير الحزب من الذين وضعهم فيه إدريس البصري وزير الداخلية الأسبق، مؤكدا أنه قدم استقالته.

وشرح المسيوي المنطلقات التي أدت الى إخفاق «الدستوري» في مواصلة احتلاله مكانة متميزة داخل الساحة السياسية المغربية، وعزا الأمر الى بداية التأسيس، متهما أيادي خفية بإلحاق ما أسماه عربات متنافرة ومتناقضة في قطار الحزب أيام تأسيسه.

ويرى المسيوي أن تعثرات الحزب، بدأت عام 1984، حينما لم يتقلد الراحل المعطي بوعبيد رئاسة الحكومة رغم تبوأ الحزب المرتبة الأولى في الانتخابات، مستعيرا عبارة خصم حزبه السياسي: الاتحاد الاشتراكي، الذي انتقد «عدم احترام المنهجية الديمقراطية» وتواصل النزيف بعد رفض الحزب عرضا من قبل الدولة المغربية يتمثل في ترأس مجلس النواب المغربي، كتعويض له، عن ضياع رئاسة الوزراء، رغم مشاركته في العديد من الحكومات بصورة محتشمة أو خجولة، على حد قوله. فكانت بداية القطيعة، وعقد وفاة الحزب. لقد ساهمنا في ثلاثة حكومات، بـ 15 وزيرا من أصل المئات من الوزراء، ناهيك عن الدعاية الاعلامية التي تتهم الحزب بتحمل إرث الماضي المثقل بالجراح والفشل الاقتصادي والاجتماعي، وعدم اعتراف الدولة بمجهودات الحزب في الدفاع عن الاختيارات الليبرالية، ضمنها تطبيق الخصخصة، وتنظيم حرية السوق والمنافسة وإذكاء روح المنافسة بين القطاع الفاعلين الاقتصاديين في القطاع الخاص وجلب الاستثمارات الخارجية. وهي اختيارت، لم يعد أحد يعترض عليها، حتى المناوئون للتوجه الليبرالي، على حد تعبير المسيوي.

ولتجاوز، حالة الجمود، اقترح المسيوي، اختيارا خامسا، سماه الشوط الثاني، لإعادة البناء، تكمن في عناصر عديدة ضمنها ضرورة تكثيف ثقافة الانخراط الحزبي وحفظ قوائم المنخرطين في الحزب ضمن سجلات، وإلا أصبح «حزبا ظلاميا» لا تعرف أطره (كوادره) وخريطة انتشاره جغرافيا، في المناطق، الحزبية، قائلا: «الأحزاب المغربية لا تتوفر على سجلات لمنخرطيها مما يجعل وضعها شبيها الى حد كبير بالتنظيمات السرية والظلامية، والانخراط في الحزب معناه المصادقة على قوانينه والالتزام بها»، مع التأكيد على ضرورة تحديد معايير دقيقة لاختيار المنخرطين، وتفادي ما وصفه المسيوي بمهازل الإنزال العشائري والقبلي والعائلي في هياكل الأحزاب، متسائلا عن كيفية عقد مؤتمر جهوي في جهات (مناطق) لا تتوفر على منخرطين ولا على فروع ولا على مقار حزبية؟

تحدث المسيوي كذلك بإسهاب عن اقتراحاته لإعادة هيكلة الحزب تنظيميا، لتحقيق رغبة منتسبيه في لعب دور مهم على الساحة السياسية المغربية وذلك بالقطع مع الطرق التقليدية في تدبير الشأن الحزبي، مدمجا رسوما كاريكاتورية، بين دفتي الكتاب، تعبر عن سقوط الرموز التي عرف بها الحزب داخل الساحة السياسية المغربية، ورفعها شعارات في الانتخابات التشريعية والبلدية، مثل البرتقال الساقط على الأرض، من شجرة ذبلت أوراقها الى حصان جائع تائه، لم يبق منه سوى الهيكل العظمي.