لمياء
07-04-2005, 09:18 AM
المحامي خالد حسين الشطي
يقال ان المؤمن كيس فطن، وان المطلوب ان تكون حركته واعية و ذكية، لا يخدع ولا ينجر لجبهات ظاهرية تخفي خلفها مالا يعرفه، فيمضي في طريق ما تحت لافتات براقة ومقدسة، ثم يكتشف انه كان مستغلا ومستغفلا..
لا يختلف اثنان في ادانة الجريمة التي اقدم عليها بعض حراس السجن في معتقل غوانتانامو في اهانة المصف الشريف، حتى الامريكان انفسهم، سواء سلطة وادارة أو شعب وأمة، ادانوا هذا الحدث وطالبوا بمعاقبة مرتكبيه.. وأنا شخصيا اعتقد انهم سيذوقون وبال فعلتهم في هذه الدنيا قبل الآخرة، فالقرآن محفوظ وستجد كيف ينزل الغضب الإلهي على الفاعلين، سواء بمرض عضال او بفاقة وفقر، أو أى بلاء آخر، المهم انهم لن يسلموا من تبعات هذه الجريمة.
ولكن ما هي حقيقة القضية وما هي خلفيات هذا التصعيد الذي بلغ حد الحملة الاعلامية؟
هل المسألة قدسية المصحف الشريف والحكم الشرعي في وجوب توقيره وحرمة اي فعل يشكل اهانة ونيلا من منزلته؟ ام ان وراء الاكمة وما راءها؟
من الامور الفقهية التي تتسالم عليها جميع المذاهب الاسلامية وتتفق، نجاسة الدم، وانه قذرارة يجب ازالتها عن البدن والثوب للصلاة والطواف وجملة من العبادات.. ومما يتفق عليه ايضا حرمة اهانة المصحف الشريف ناهيك بتنجيسه.
لقد اقدم صدام في اواخر عهده البائد على كتابة جميع المصحف بالدم! اي انه لوث جميع آيات القرآن الكريم وغمرها بالنجاسة! ومما يقال ان سر هذا الفعل هو انه من مستلزمات بعض ضروب السحر الاسود، ويقال ايضا ان بعض الشياطين لا يمكن تسخيرها الا بكتابة الآيات القرآنية الكريمة معكوسة، او بطريقة مشهوهة تستصحب التوهين والتحقير والعياذ بالله، ومن الشياطين ما لن يرضى حتى بهذا المقدار، حتى تكتب الآيات بالعذرة او غيرها من النجاسات!
اقدم صدام على فعلته النكراء هذه جهارا نهارا، وأخذ يتباهى ويفتخر! ولم نسمع إلا إدانات خجولة، واستنكارات لم تتجاوز مقالات محدودة في الصحافة الكويتية وصحف المعارضة العراقية آنذاك.. لم ينبس الاسلاميون ببنت شفة، لم يتحرك الخصاونة ولا علقت الجزيرة ولا انتنفضت المستقلة، ولعليّ لا ابالغ ان زعمت ان رد الفعل آنذاك لم يبلغ عشر معشار رد الفعل الحالي.
كنت قد ناقشت في حينها احد الاخوة المتطرفين التكفيريين وابديت له عجبي من سلبيته واستخفافه بهذه الجريمة النكراء، فرد بما معناه ان القرآن ليس بالجلد والورق الذي دوّن عليه، وراح في بحث متناقض اقرب الى اللف والدوران، وخلص الى ان المصحف شيء والقرآن شيء اخر، وان لا قيمة للاثر والمادة وكل محسوس ملموس هنا، وان تعظيم المصحف لا يبعد ان يكون ضربا من ضروب الوثنية! وصرح لي بوقاحة ان حساسيتي من الموضوع لها جذور قبورية، وان مردّها هو النهج الشركي الذي ينغمس فيه مذهبي! واخذ يسخر من بعض مظاهر توقير المصحف الشريف كتقبيله والتمسح به طلبا للبركة!
دعونا عما يفعل الغير ويقدم عليه الاخرون، خصوصا اذا كنا نصنفهم اعداء، وتعالوا الى ما نفعله نحن بانفسنا، وموقع القرآن ومكانته عندنا، حرمة المصحف الشريف ووجوب توقيره وتعظيمه تعالوا الى جملة من الاسقاطات لنعالجها، ونخرج مما يترتب عليها، ثم لنعتب او نغضب او نشجب وندين ما يفعله الاخرون من اهل الملل والنحل التي لا يرون القرآن كتابا منزلا من عند الله..
ما هي القضية؟ هل الامر محسوم من الناحية الشرعية ام هو خاضع للاجتهادات؟ واذا كان الرأي الفقهي للجماعة التفكيرية بهذا الشكل فلماذا هذه الغضبة والحملة الاعلامية؟ ام تراها من قبيل تلك التناقضات التي شكلت بعض الانشقاقات في صفوفهم حين نشرت صور الملا عمر وهو يلوح بعباءة منسوبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والجموع من حوله يتهافتون للتبرك بها؟
لا اظن هذا ولا ذاك، ما الامر الا استغلال اية ثغرة للدفاع عن الارهابيين المعتقلين في غوانتانامو، واقتناص اية ذريعة وحجة لتأليب الشارع العربي والاسلامي على الامريكان ووجودهم في العراق وغير العراق.
ان هذه المفارقات ينبغي ان تدعو المتحمسين والمجروحين في مشاعرهم من عامة المسلمين للتساؤل عن حقيقة الفزعة الحالية: هل هي للقرآن والمصحف الشريف، فلماذا لم تكن نفس الفزعة عندما نجس صدام القرآن واهان المصحف الشريف؟ ام هي لمعتقلي غوانتانامو... أحباً في صدام وبغضاً في امريكا؟
انها ثغرات في داخلنا، واشكالات فكرية وسلوكية علينا معالجتها والتخلص منها قبل ادانة امريكا او لنقل مع ادانتها.
يقال ان المؤمن كيس فطن، وان المطلوب ان تكون حركته واعية و ذكية، لا يخدع ولا ينجر لجبهات ظاهرية تخفي خلفها مالا يعرفه، فيمضي في طريق ما تحت لافتات براقة ومقدسة، ثم يكتشف انه كان مستغلا ومستغفلا..
لا يختلف اثنان في ادانة الجريمة التي اقدم عليها بعض حراس السجن في معتقل غوانتانامو في اهانة المصف الشريف، حتى الامريكان انفسهم، سواء سلطة وادارة أو شعب وأمة، ادانوا هذا الحدث وطالبوا بمعاقبة مرتكبيه.. وأنا شخصيا اعتقد انهم سيذوقون وبال فعلتهم في هذه الدنيا قبل الآخرة، فالقرآن محفوظ وستجد كيف ينزل الغضب الإلهي على الفاعلين، سواء بمرض عضال او بفاقة وفقر، أو أى بلاء آخر، المهم انهم لن يسلموا من تبعات هذه الجريمة.
ولكن ما هي حقيقة القضية وما هي خلفيات هذا التصعيد الذي بلغ حد الحملة الاعلامية؟
هل المسألة قدسية المصحف الشريف والحكم الشرعي في وجوب توقيره وحرمة اي فعل يشكل اهانة ونيلا من منزلته؟ ام ان وراء الاكمة وما راءها؟
من الامور الفقهية التي تتسالم عليها جميع المذاهب الاسلامية وتتفق، نجاسة الدم، وانه قذرارة يجب ازالتها عن البدن والثوب للصلاة والطواف وجملة من العبادات.. ومما يتفق عليه ايضا حرمة اهانة المصحف الشريف ناهيك بتنجيسه.
لقد اقدم صدام في اواخر عهده البائد على كتابة جميع المصحف بالدم! اي انه لوث جميع آيات القرآن الكريم وغمرها بالنجاسة! ومما يقال ان سر هذا الفعل هو انه من مستلزمات بعض ضروب السحر الاسود، ويقال ايضا ان بعض الشياطين لا يمكن تسخيرها الا بكتابة الآيات القرآنية الكريمة معكوسة، او بطريقة مشهوهة تستصحب التوهين والتحقير والعياذ بالله، ومن الشياطين ما لن يرضى حتى بهذا المقدار، حتى تكتب الآيات بالعذرة او غيرها من النجاسات!
اقدم صدام على فعلته النكراء هذه جهارا نهارا، وأخذ يتباهى ويفتخر! ولم نسمع إلا إدانات خجولة، واستنكارات لم تتجاوز مقالات محدودة في الصحافة الكويتية وصحف المعارضة العراقية آنذاك.. لم ينبس الاسلاميون ببنت شفة، لم يتحرك الخصاونة ولا علقت الجزيرة ولا انتنفضت المستقلة، ولعليّ لا ابالغ ان زعمت ان رد الفعل آنذاك لم يبلغ عشر معشار رد الفعل الحالي.
كنت قد ناقشت في حينها احد الاخوة المتطرفين التكفيريين وابديت له عجبي من سلبيته واستخفافه بهذه الجريمة النكراء، فرد بما معناه ان القرآن ليس بالجلد والورق الذي دوّن عليه، وراح في بحث متناقض اقرب الى اللف والدوران، وخلص الى ان المصحف شيء والقرآن شيء اخر، وان لا قيمة للاثر والمادة وكل محسوس ملموس هنا، وان تعظيم المصحف لا يبعد ان يكون ضربا من ضروب الوثنية! وصرح لي بوقاحة ان حساسيتي من الموضوع لها جذور قبورية، وان مردّها هو النهج الشركي الذي ينغمس فيه مذهبي! واخذ يسخر من بعض مظاهر توقير المصحف الشريف كتقبيله والتمسح به طلبا للبركة!
دعونا عما يفعل الغير ويقدم عليه الاخرون، خصوصا اذا كنا نصنفهم اعداء، وتعالوا الى ما نفعله نحن بانفسنا، وموقع القرآن ومكانته عندنا، حرمة المصحف الشريف ووجوب توقيره وتعظيمه تعالوا الى جملة من الاسقاطات لنعالجها، ونخرج مما يترتب عليها، ثم لنعتب او نغضب او نشجب وندين ما يفعله الاخرون من اهل الملل والنحل التي لا يرون القرآن كتابا منزلا من عند الله..
ما هي القضية؟ هل الامر محسوم من الناحية الشرعية ام هو خاضع للاجتهادات؟ واذا كان الرأي الفقهي للجماعة التفكيرية بهذا الشكل فلماذا هذه الغضبة والحملة الاعلامية؟ ام تراها من قبيل تلك التناقضات التي شكلت بعض الانشقاقات في صفوفهم حين نشرت صور الملا عمر وهو يلوح بعباءة منسوبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والجموع من حوله يتهافتون للتبرك بها؟
لا اظن هذا ولا ذاك، ما الامر الا استغلال اية ثغرة للدفاع عن الارهابيين المعتقلين في غوانتانامو، واقتناص اية ذريعة وحجة لتأليب الشارع العربي والاسلامي على الامريكان ووجودهم في العراق وغير العراق.
ان هذه المفارقات ينبغي ان تدعو المتحمسين والمجروحين في مشاعرهم من عامة المسلمين للتساؤل عن حقيقة الفزعة الحالية: هل هي للقرآن والمصحف الشريف، فلماذا لم تكن نفس الفزعة عندما نجس صدام القرآن واهان المصحف الشريف؟ ام هي لمعتقلي غوانتانامو... أحباً في صدام وبغضاً في امريكا؟
انها ثغرات في داخلنا، واشكالات فكرية وسلوكية علينا معالجتها والتخلص منها قبل ادانة امريكا او لنقل مع ادانتها.