المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواقف‏!‏ .....أنيس منصور



مقاتل
07-01-2005, 03:23 PM
بقلم‏:‏ أنيس منصور

النصيحة


أتردد عشرين مرة قبل أن أنصح أي إنسان‏.‏ فقد علمتني النصيحة ألا أنصح أحدا‏.‏ لأن النصيحة تدل علي أنك أكثر تجربة وفهما للدنيا‏.‏ ولما كان ذلك غير صحيح فلا داعي للنصيحة‏.‏ والنصيحة لها شكل الدواء ومذاقه‏.‏ فما حرصك علي أن تكون مرا علي لسان أي إنسان‏.‏
والنصيحة لها شكل العصا يرفعها المدرس والأب ـ وإن كان أحد لا يفعل ذلك ـ ولكن لايزال لها هذا الشكل ـ فليس من حقي أن أجعل يدي عصا وأصابعي أظافر وأسناني أنيابا لمن لا يحب ذلك ولا ينتظره‏.‏ ومعه حق‏.‏

ثم إن النصيحة لها هذا الشكل‏:‏ إنك جالس علي مقعد مرتفع وأنك‏(‏ منجعص‏)‏ وترفع رأسك إلي فوق‏..‏ وتترك الكلام ينزل كالدبش علي دماغ صغير يمنعه الحياء أن يقول لك‏:‏ لا‏..‏ أو لا يمنعه فيخرج لك لسانه‏..‏ فما هي إذن متعتك في أن يكون كلامك مثل أعقاب السجائر‏,‏ بقايا كلام وأن يكون مثل قشر اللب‏,‏ نفاية تسلية‏..‏ لماذا تتطوع بأن تجعل نفسك شخصا غير محترم وغير مسموح وغير مطلوب ؟‏!‏

فقط لا أتردد لحظة واحدة في أن أنصحك بالقراءة‏.‏ وليكن رأيك ما يكون‏.‏ فأنا قرأت وكتبت وأستمتعت قارئا وكاتبا‏.‏ وأعرف أكثر من كثيرين من هؤلاء الذين أتطوع بنصحهم‏..‏ ثم إنه لايوجد دليل علي سخافة النصيحة وعدم جدواها‏.‏ خصوصا إذا لم أحدد الكتب التي‏(‏ يجب‏)‏ أن تقرأها مع عدم استعمالي لكلمة‏(‏ يجب‏)..‏ وإنما أدعوك إلي وليمة فخمة متنوعة الطعام والشراب‏.‏ وكلها لك‏..‏ ولي شرط واحد‏.‏ هو ألا تقرأ من الكتب بأية لغة إلا التي تبسطك وتمتعك‏..‏ فقط التي يفتح شهيتك عليها وعلي غيرها‏.‏

ورأيي أن شرط القراءة أن تكون مستمتعا‏.‏ في البداية وفي النهاية‏.‏ وألا تمضي في القراءة إذا فترت رغبتك‏.‏ ولهذا الفتور علاج‏:‏ هو تنويع ما تقرأ أو الأوقات التي تقرأ فيها دون أن تسمع مني كلمة‏:‏
اسمع يا ابني فلا أنا أبوك ولا أنت ابني‏..‏ أو ضعها حلقا في أذنيك‏..‏ أو ذنبك علي جنبك‏..‏ إلي آخر التعليمات الكريهه عند الصغار‏.‏
فنصيحتي أن تقرأ ما يبسطك‏!‏